حمدي درويش

لم تختلف الروايات حول شخصية ما، كما اختلفت حول شخصية البكباشي حمدي درويش.

لا أحد تحدَّث — بيقين — عن تاريخ مولده، ولا المكان الذي وُلد فيه، ولا أين عاش طفولته. تباينت الروايات، فلم يطمئن الناس إلى رواية محددة. ما عرفوه أن أول ظهور البكباشي حمدي درويش في بحري، حين ظهر مع حاشية الخديو إسماعيل في جولاته — وقت الأصيل — حول سراي رأس التين.

أخذ الموت من رافقوا صباه. حتى فترة الشباب مات مَن أُتيح لهم العيش فيها. توالت الأعوام. تساقطت أوراق كثيرة من شجرة منتصف شعبان. لم يَعُد سوى حمدي درويش شاهدًا وحيدًا على مراحل متعاقبة من الحياة في بحري.

انتقل — بعد عزل إسماعيل — إلى وظيفة ياوران في حاشية الخديو توفيق. ينظم طالبي الدخول إلى الحضرة الخديوية. يُنهي المقابلة في الموعد المحدد.

شاهد أحداث مذبحة الإسكندرية.

يروي أنه حاول إنهاءها، فلا تبلغ ما بلغته. القوى الشريرة (لا يحدِّدها) أصرَّت على النفخ في الرماد. لا ينكر انحيازه إلى المحافظ عمر لطفي فهو ممثل سلطة الخديو توفيق. يثق أن دمار الإسكندرية كان يمكن تجنُّبه لو أن العصاة (وصْفه للعرابيِّين) رضخوا لإنذار الإنجليز.

عمل مأمورًا لقسم الجمرك عقب هزيمة الثورة العرابية (يسمِّيها الهوجة). اللورد كرومر هو الذي اختاره للوظيفة.

حضر حمدي درويش خطبة مصطفى كامل — بإعلان قيام الحزب الوطني — في مسرح زيزينيا ٢٢ أكتوبر ١٩٠٧م، وأشرف على تحقيقات كشف الفاعلين في حادثة إلقاء القنبلة على موكب السلطان حسين كامل، وبعد قيام الحرب العالمية الأولى، وجد في تطبيق قانون الطوارئ فرصةً للقبض على كلِّ مَن يشك في ولائه للسلطان، أو اشتغاله بالعمل السياسي. أطلق ضباطه ومخبريه للقبض على كلِّ مَن يجعل نفسه في موضع الاشتباه. ورتَّب إجراءات الأمن في مظاهرات ثورة ١٩١٩م. تصدَّى لانفلات أعداد قليلة من المتظاهرين في ذلك العام، وفي أحداث ١٩٣٥م، حتى لا يتكرر دمار الإسكندرية.

نسب لنفسه الفضل في القبض على المئات من تجار المخدرات ومزيفي العملة والبغايا والجالسات على الكورنيش والقوَّادين والبلطجية ومدعي الفتونة والمشردين والمشبوهين والمتسولين، وباعة زريعة السمك والسلع التافهة، ولمامي السبارس، والمهيجين السياسيِّين، والمتآمرين لقلب نظام الحكم، وموزِّعي المنشورات، والمتهامسين في الأركان المظلمة، والمتقاربين في حلقات، والمجاذيب بلا طريقة صوفية. لا تُفلت منه جريمة، مهما بدَت غامضة.

نسب لنفسه الفضل — كذلك — في القبض على القاتلتَين ريا وسكينة، وزوجَيهما حسب الله وعبد العال. قتلت المرأتان الكثيرَ من النساء، ساعدهما الرجلان. جريمة تغلَّفت بالغموض والأسرار. هاجمت الصحف والإذاعات الأهلية حكومة عدلي يكن باشا لتقاعسها في القبض على الفاعل. هل هو فرد أو مجموعة؟

خشيَ حمدي درويش على وظيفته، بعد أن طالبت الصحف والإذاعات الأهلية بتغيير قيادات البوليس في الإسكندرية، واستبدال قيادات جديدة بها.

لم يفطن البكباشي مصطفى عطا الله مأمور قسم اللبان إلى بيت القتل وراء القسم. أمر حمدي درويش مخبريه بإجادة البحث والسؤال والتحري. تابع بنفسه إجراء التحقيقات، وجمع الأدلة، وتقصِّي الاحتمالات، واستخلاص النتائج.

لما جاءه المخبرون بطرف الخيط، كرَّه حتى استوقفَته ملاحظة الجيران عن الصمت الذي تعيشه البناية رقم خمسة بشارع مكاريوس. تقطعه — في فترات متباعدة — دقات دفوف، إيقاعات زار، أغنيات تخاطب الجان. إذا أقامت امرأة من أهل البيت زارًا، كي يخرج الجن من جسدها، فهو ما يحدث مرة، أو اثنتين. أما التكرار في بيت لا يُعرف عن أهله التكسب من الزار، فذلك ما أيقظ الريبة.

أطل — ذات عصر في مايو ١٩٢١م — من ردهة البيت، على جثث القتلى، ٣٥ امرأة. نفى أن يكون عمال بلدية الإسكندرية قد سبقوه في اكتشاف عشرات الجثث، أسفل بيت شارع مكاريوس، خلف قسم اللبان. دُفنت بعد أن قُتلت بطريقة واحدة، هي حز العنق بسكين.

زاد في استيائه، أن البناية السر تقع خلف قسم اللبان.

هل تحتمي الجريمة بمن يحاربها؟!

أزعجه الفتوةُ الجديد في منطقة الميناء. ظل الفتوات خارج أسوار الجمرك حتى ظهر موسى أبو سبعة، وأعلن الفتونة. يفرض الإتاوات على عربات النقل، والشاحنات التي تنقل البضائع إلى الميناء، أو تخرج بها. كل مَن يدخل الميناء، يجب أن يدفع الإتاوة التي يطلبها صبيان الفتوة. لا فارق بين ما إذا كان صاحب باخرة، أو بلانس، أو فلوكة، أو شاحنة، أو عربة نقل. جاوزت سطوته المسافة بين البواخر والأرصفة، إلى كل ما في الميناء: المستودعات، المخازن، شركات النقل والاستيراد. دفعته جرأتُه لأن يصعد إلى باخرة، ويطلب من قبطانها ذي البشرة السوداء، أن يدفع لقاء رسو الباخرة في الميناء.

حين يستدعيه البوليس، أو النيابة، لسؤاله عن حادثة سرقة، أو اعتداء، فإنه يُنكر معرفته بأي شيء، ويستنكر ما حدث.

لم يشغله — ذات صباح — أن البضائع التي تحملها الشاحنة تابعة لشركة بواخر البوستة الخديوية. أهمل ما قيل إن لأحمد عبود باشا نفوذَه الذي يشمل الميناء، وخارجه، ويبدِّل الحكومات. ثقب خزانَ السولار، وأسقط فيه عود كبريت. قدم عبود باشا من القاهرة إلى الميناء. أشرف على التحقيق بنفسه. هدد بفصل البكباشي حمدي درويش إن لم يكتشف الفاعل.

شعر حمدي درويش أنه مهدَّد في منصبه ما لم يكسر شوكة موسى أبو سبعة، يقتله، أو يسجنه، أو يُبعده عن الميناء، وعن بحري.

لجأ إلى حميدو شومة.

واجه الرجل — ذات ضحى — في وقفته أمام الترسانة البحرية. ومضت المطواة — بالفهم — في يد موسى أبو سبعة.

هوى حميدو بقبضته على ساعد أبو سبعة. أطار المطواة من يده. عاجله بركلات متلاحقة، ترنَّح أبو سبعة لها، وارتجفَت ساقاه، وسقط. واصل حميدو توجيهَ ركلاته ولكماته إلى الرجل في تكوُّمه على الأرض، حتى غطَّت الدماء جسده وملابسه، وبدا أنه لا يقوى على التقاط أنفاسه.

قال حميدو وهو يتجه إلى الناحية المقابلة: إذا عدت إلى الميناء فاقرأ الفاتحة على روحك!

شدَّد حمدي درويش قبضتَه على منطقة الميناء. منع المظاهرات والإضرابات التي تشهدها الإسكندرية من أن تنتقل إلى داخل الميناء. واجه — بأقسى درجات العنف — مَن حاولوا التحريض، أو تهامسوا بالشائعات.

•••

حين تسلَّم معهد الأحياء المائية أولَ عروس بحر لتحنيطها، وعرضها في قاعة العرض، طرأت في ذهن خليفة كاسب فكرة، فنفذها. أشرف على خطوات تحنيط العروس، ثم أمر بنقلها إلى سراي رأس التين.

تحسبًا لأخطار الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، اقترح حمدي درويش أن يُخلى معهد الأحياء المائية من كل ما يُخشى تدميره أو فقده: أدوات العمل، والملفات، والكتب، والأجهزة العلمية. طلب نقل مقتنيات المعهد من الأسماك إلى سراي رأس التين.

قال لنظرات الاستياء في أعين موظفي المعهد: قصر ملك البلاد هو المكان الأكثر أمانًا لحفظ ثروة المعهد!

•••

رُوي أنه بعد أن اعتزل حميدو شومة الفتونة، ظل معظم صبيانه يمارسون البلطجة وأفعال الشَّر. اقتصروا على حبك الدسائس والمؤامرات، لأنفسهم، ولمن يخالطونهم، وإثارة المعارك فيما بينهم. غابت الرأس، فتطلعوا إلى احتلال المكانة وفرض السيطرة. لم يحاولوا عراك السلطة، ولا مواجهة القوة التي لا يُطيقون صدَّها. يتسللون إلى الأماكن الخالية، أو الساكنة، أو المظلمة. يأخذون — قبل اختفائهم — ما يستطيعون الحصول عليه.

دخل روبة الفشني حجرةَ الشيخ عبد الستار، على يمين الباب الرئيس لجامع علي تمراز. كان الشيخ مشغولًا بالتلاوة من مصحف، على حامل بين يديه.

سكت الشيخ عن التلاوة لرؤية التماع نصل الخنجر.

قال دون أن يغادر هدوءه: خذ ما شئت، واتركني لتلاوة القرآن!

تابع مدين خادم الجامع ما جرى منذ دخول الفشني حجرة الإمام. المطواة الوامضة، الكلمات التي لم يتبيَّنها، تعبيرات الأيدي، تنقُّل الفشني في الحجرة، اتجاهه نحو الباب الخارجي، وفي يده ما لم يرَه الخادم.

قبل أن يميل الفشني إلى شارع رأس التين، لحقه صوتُ الخادم بالاستغاثة.

تصدَّى له بقايا صبيان الأبجر، قبل أن يعتزل بنصائح سيدي أبي الحسن الشاذلي.

أَنِس روبة الفشني في نفسه القدرةَ على أن يحلَّ موضع حميدو شومة في الفتونة. يُحيط نفسه بصبيان يحملون العصيَّ والشوم والسيوف والسنج والمطاوي والخناجر.

يضرب الفشني، ويتلقَّى صبيانُه الضربات. تتوالى الانتصارات بما يجعله فتوة على بحري. قد تمتد سيطرته إلى الأحياء المجاورة.

نصره — لأنه زميلهم القديم — بقايا صبيان حميدو شومة. لم يسألوا عن باعث فراره من الجامع، ولا تصدِّي صبيان الأبجر له. تفرَّقوا إلى أعمال أخرى، وإن ظل بعضهم على مهنة الفتونة.

اقتصرت المعركة — بعد دقائقها الأولى — على مَن بقيَ في البلطجة من صبيان الفتوات. تطايرَت الكراسي، ارتطمَت الشوم بالشوم، وبالرءوس والأجساد، علَت النداءات والصيحات والصرخات، تناثرت الأشلاء وبُقَع الدم.

دخل شفيع عبد المقصود مناصرًا لبكير عبد البديع فتوة اللبان في معركة ميدان «الخمس فوانيس». يشغله تحريض البكباشي حمدي درويش أن يُفاجئ روبة الفشني بما لا يتوقعه.

تلقَّى — في البداية — ضربات بكير عبد البديع ومساعديه. تحوَّل — في احتدام المعركة — إلى الناحية المقابلة. بلغت ضرباتُه كتفَ الفشني وظهرَه. كاد يشجُّ رأسه لولا سقوط شومة عبد البديع — في اللحظة نفسها — على وجه الفشني.

تردَّد شفيع في عيادة الفشني. خشيَ أن يكون قد فطن لما فعل. أن يكون لمحَه — وسط المعركة — وهو يبدل مواضع ضرباته.

وجد البكباشي حمدي درويش في معركة الخمسة فوانيس فرصةً لتصفية بقايا الفتوات. أزعجه أن معاركهم امتدَّت إلى ميادين الحي وشوارعه. حتى الحواري والأزقة والمقاهي والوكالات اخترقتها المعارك. أعلن محمدي الزنط صبي حميدو شومة تحدِّيَه من تحت منبر أبي العباس.

نقلت عربة البوكس بقايا الفتوات إلى تخشيبة قسم الجمرك. دفع الناس إلى العساكر شعلان صبي الأبجر. عجز عن الفرار، فتكوَّر على نفسه داخل عربة يد. أغراه صمتُ الميدان، فأطل برأسه. سحبَته الأيدي من العربة ميتًا من الخوف.

تعدَّدت حملات جنود حمدي درويش ومساعديه على البيوت والمقاهي وشاطئ البحر وظل المراكب، يبحثون عن مساعد فتوة، يصحبونه إلى قسم الجمرك، لا يتركونه إلا بعد أن يُعلن توبته.

ظلت الحملات، حتى اطمأن حمدي درويش إلى تلاشي زمن الفتوات.

قال جودة هلال: دفع الفتوات وجودهم في بحري ثمنًا لغياب المصارحة.

وحرك المنشة، يذبُّ إلحاح الذباب: سكت كل فتوة عن أفعال صبيانه فحصدهم البكباشي، ودفع الفتوات الثمن!

•••

سكن حمدي درويش إلى الرياسة والتعظيم.

مال إلى إضفاء الاحترام في علاقاته، فلا تبسُّط ولا ميل إلى الدعابة أو المزاح. ردُّ السلام على أحد بأكثر من إيماءة رأس، أو إبداء التأثر تجاه ظرف إنساني ما، ضعفٌ يُقلل من هيبته.

عُنيَ بالمحافظة على مسافة — يحددها — بينه وبين محدِّثه. يمنح نفسه قدرًا هائلًا من الهيبة والتعالي على مَن يلتقيه. يرفض أن يُناقشه أحد في قول أو تصرُّف. ما يخطر في باله يقول أو يفعله. لا يعنيه أن يستشير حتى أقرب معاونيه.

لم يكن يُعلن أفكاره، ولا تبين عنها ملامحه. يثق أن ما يفعله لن يُحاسب عليه.

كسا وجهَه بقناع من الهدوء. لا يبدو عليه انفعال من أي نوع. لا شيء يُدهشه، أو يخيفه، أو يُثيره. نظراته حيادية، لا تعبِّر عمَّا يشغله، وإن حرص على أن يكون لصوته طبيعة مسرحية. اصطنع صوتًا ظل يستخدمه حتى صار صوته الذي ينطق به.

تتدلَّى من جيبه سلسلة ذهبية، تنتهي بساعة ذهبية مستديرة، استقرت في جيب الصديري.

كان يدسُّ رجالَه في فرق الصوفية ومريدي الأولياء. ينقلون ما يختلف عن طقوس الجماعة. الإشارات والإيماءات التي تحمل المغايرة، أو تستعصي على الفهم. للطقوس حركاتها المعروفة، وكلماتها التي لا تتبدل. إذا تبين ما يتلفت، نقله كما رآه أو سمعه.

اشتهر عنه قدرته على انتزاع الاعتراف والتعذيب: الجلد، الضرب بالعصا على القدمين، التعرية من الثياب، إجبار الوقوف على قدم واحدة ساعات متواصلة، التغطيس في الماء المخلوط بالجير، وضع العصا في فتحة الشرج، الإجبار على أكل الزبالة، وعلى تناول السمك المملح لمعاناة العطش، لا يقدم له الماء إلا بعد أن تشيَ حشرجته باقتراب الموت.

عُرف عنه صبره الذي يُشبه صبر الصياد. يطول انتظاره — بلا ملل — لجذبة السنارة. لا يشغله حتى ما يبدو حشرجة الموت.

كانت الحكومات تُعيد إليه ما تتلقاه من عرائض تتهمه بالتستر خلف القانون لأفعال الشر.

فطن حلمي كراوية التاجر بشارع الميدان إلى الأمر. رفع عريضة إلى مقام الملك. لما أغلقت وكالته — ثالث يوم — وأحيل إلى المحاكمة بتهمة بيع أطعمة فاسدة، أدرك أن السراي أحالت العريضة إلى حمدي درويش.

كان يسكن في منطقة الرمل. لا أحد يعرف له أسرة. شوهد — مرات كثيرة — يتردَّد على المعبد اليهودي بشارع النبي دانيال. قيل إنه على صداقة بحاخام في المعبد. وقت فراغه يُمضيه في نادي المكابي. وكان يجالس رجال الحكم ورجال المال والاقتصاد في كافيتريا سيسل والتريانون وأتينيوس والأكسلسيور.

في أثناء إقامة الملك بسراي رأس التين، كان حمدي درويش يطلب من معلِّمي الحلقة — بواسطة مخبريه — أن يحتفظوا للسراي بأجمل ما في محصول البلانسات. وكان يتولَّى التأكيد على الشيخ جميل أبو نار، إمام أبي العباس. يقف وسط جماعة من أساتذة المعهد الديني، بعد حضور الملك صلاة الجمعة، في اليوم التالي. يرددون الأدعية التي يراجع كلماتِها بنفسه. يوافق على ما يراه مناسبًا، ويحذف ما لا يحقق المعنى.

اكتسب عند مقام الملك سمعة طيبة، ببراعته في تنظيم التشريفة، وحشد الجماهير للاستقبال، وتوزيع الهتافات المنادية بحياة الملك، وعزف الموسيقى، وبث العساكر ومخبري المباحث في النقط المهمة، وضمان الحماية للموكب الملكي، ونظافة الشوارع، ورفع الأعلام وأقواس النصر، وفرش السجاجيد الحمراء، من وقفة الموكب إلى مكان الاحتفال.

•••

لأن الشرَّ يؤذي بعضه، فقد لجأ شحاتة عبد الكريم إلى علمه، ووسائل تحريضه للجن على بلوغ ما يريده.

كتب عملًا — بضغط خصومة شخصية بينه وبين حمدي درويش — كتب فيه مفردات في مثلث، تحتها حروف ترابية، وتحت ذلك كتب: «عقدتُ لسان البكباشي حمدي درويش، وأفقدتُه عقله، وجعلته هزؤًا يسخر منه الناس.»

انعكس تأثير العمل في ترك حمدي درويش عمله بقسم الجمرك، وهجر البيوت التي يستأجرها لدواعي المتعة.

قال إن ما فعله طبيعي بعد رحيل الملك. سكت عما رُوي أنه استولى على الكثير مما بقصر رأس التين من التحف والمجوهرات.

تحدثت روايات عن انتقاله للعمل في موقع مهم بالقاهرة، وعن زياراته المتباعدة للإسكندرية، وجلوسه إلى سامي بهاء الدين في التريانون والأكسلسيور وديليس ومدخل فندق سيسل. يشي تقاربهما وأحاديثهما الهامسة بصداقة حميمة.

لم يَعُد الناس يرونه في الزيِّ الحكومي ذي الأزرار الصفراء، وعلى الكتفين تاج ونجمة. استبدل به أزياء مدنية على أحدث المودات.

قال خليل الفحام: إذا كان عهد الفتوات قد انقضى منذ معركة الخمسة فوانيس، فإن سلطة البكباشي حمدي درويش لا تنتهي!

•••

انظر: الأبجر، أبو الحسن الشاذلي، جودة هلال، حميدو شومة، خليفة كاسب، خليل الفحام، سامي بهاء الدين، شحاتة عبد الكريم، فاروق الأول، عبد الستار.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤