الفصل الحادي عشر

التعويل على النفس

قال مونتانيه: كان الربان في قديم الزمان يقول لإله البحر: إن هلاكي في يدك، ونجاتي في يدك، ولكن ذلك لا يحول دون إحكامي دفة سفينتي.

وقال يوربيدس: ثق بنفسك ثم استعن بالله، فإنه يعين من يعين نفسه.

وقال يوحنا ستورت مل: قيمة المملكة تتوقف على قيمة أفرادها. إن الاستبداد لا يضر كثيرًا ما دام كل شخص مستقلًّا بنفسه، ولكن كل ما يحطم الاستقلال الشخصي هو استبداد مهما اختلفت أسماؤه.

وقال الإمام علي: من يعجز عن معرفة نفسه فهو عن معرفة خالقه أعجز. من عرف نفسه فقد عرف ربه. إذا أيسرت فكل الرجال رجالك، وإذا أعسرت أنكرك أهلك. اعلم أن الذي مدحك بما ليس فيك إنما هو مخاطب غيرك، وثوابه وجوابه قد سقط عنك. من لم يصلح خلائقه لم ينفع الناس تأديبه.

وقال عمر بن الخطاب: من كتم سره كان الخيار في يده.

وقال شكسبير: إذا كنا في نعمة فهي لا تدوم إلا إذا كتمناها. لا أحد أقوى من نفسك على إرشادها إلى الخير.

وقال تنيسن: فيَّ قوة عشرة رجال؛ لأن قلبي طاهر.

وقال مكماهون: أنا هنا وسأبقى هنا.١

وقال مركوس أوريليوس: طب نفسًا ولا تطلب عونًا أو راحة من أحد؛ فإن المرء يجب أن يقف منتصبًا من تلقاء نفسه، لا مستندًا من غيره. أنا لا أختار قبول معروف لا أقدر على مقابلته بالمثل.

وقال ده سرفنتس: القليل في جيبك خير لك من الكثير في جيب غيرك.

وقال فلوطرخس: على قائد الجيش أن يرى ما أمامه وما وراءه في وقت واحد.

وقال جندي لبلوبيداس: وقعنا بين الأعداء. فقال: لماذا تقول وقعنا بينهم ولا تقول وقعوا بيننا؟

وقال مرقس أنطونيوس: لا تفعل شيئًا على غير رغبتك، ولا تؤثر نفسك، ولا تعتد بها، ولا تدع الظرف يتغلب على أفكارك، لا تكن مهذارًا ولا مشغالًا. ما مضى فات، والمستقبل غيب ولك الحاضر، وهو مثل شعرة من الزمان، فالحياة قصيرة، ومقام الإنسان في الأرض ضيق.

وقال ديوجنس: سُئل طاليس: ما هو أصعب شيء؟ فقال: أن يعرف الإنسان نفسه. وسئل أيضًا: ما هو أسهل شيء؟ فقال: أن ينصح لغيره.

وقال بيليوس: تعلَّم أن ترى في بلايا الغير ما يجب عليك اجتنابه.

وقال لويس الرابع عشر ملك فرنسا: أنا المملكة.٢

وقال يوحنا هنتر: من توهَّن المصاعب عزمه لا يفلح، ومن يتغلب عليها ينجح.

وقال رو الشاعر: إن الحكماء وأولي العزم يغلبون المصاعب، وأما الحمقى والبلداء فيعتريهم الرعب حالمَا ينظرون المشقة والخطر وهم يخلقون المصاعب.

وقال بولانو: إذا كشفت سرك لثلاثة عرفه عشرة.

وقال دزرائيلي: إننا نعتمد على الشرائع أكثر مما يجب، وعلى الإنسان أقل مما يجب. إني شرعت في أمور مختلفة مرارًا كثيرة، ولم أنفك عنها حتى نجحت فيها النجاح المطلوب، فسيأتي وقت تسمعونني فيه برضا.٣

وقالت اليابان: ابحث سبع سنوات قبل أن تصدِّق خبرًا. لا تبُحْ بأسرارك لخادمك.

وقالت الترك: مَنْ عنده الإدام قدر خبزه لا تراه جائعًا.

وقالت الإنكليز: لا تركنن إلى نصرة العظام، ولا إلى مدح الناس. لا تترك نصح نفسك ولو كثر الناصحون لك. ارقب عدوك كأنه أسد ولو كان فأرة. من بُحتَ له بسرِّك فقد صرت له أسيرًا. إذا كثرت المنشورات ارتبك الإنسان. يُقضى على القاضي متى قضى ببراءة المذنب. يجب أن نهتم للمستقبل اهتمامًا لا يحرمنا لذة الحاضر؛ لأنه ليس من الحكمة أن نشقى اليوم مخافة أن نشقى غدًا. لا عار في الاقتصاد؛ لأنه خير للمرء أن يعيش بالقليل من أن يسرف بالكثير. أليس للإنسان أن يحتمل الشدة من أن يحتمل العار؟

وقال الطغرائي:

وإنما رجل الدنيا وواحدها
من لا يُعوِّل في الدنيا على رجل
١  قاله وهو أمام حصن ملاكوف في سباستوبول، وقد حذر من البقاء هناك خوفًا من انفجار الألغام بعد هزيمة الروس.
٢  قاله لقاضٍ كان يكثر من قول الملك والمملكة.
٣  قيل إن هذا الرجل العظيم حبطت كل مساعيه الأولى؛ لأن أول كتاب ألَّفه عدَّه الناس علامة على جنونه، وكذا الكتاب الثاني، فغيَّر نسق تأليفه، وألف ثلاثة كتب أخرى نهج فيها منهج أهل السياسة فنجح، ولما دخل مجلس النواب الإنكليزي وخطب فيهم الخطبة الأولى، ضحكوا على كل جملة عنها هزؤًا بها، ولكنه ختم خطبته بهذه العبارة التي تُحسَب إنباءً بما وصل إليه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤