الفصل الحادي والعشرون

الظلم

قال الإمام علي: اختر أن تكون مغلوبًا وأنت منصف، ولا تحزن أن تكون غالبًا وأنت ظالم. زمان الجائر من السلاطين والولاة أقصر من زمان العادل؛ لأن الجائر مفسد والعادل مصلح، وإفساد الشيء أسرع من إصلاحه. يا عجبًا للناس قد مكنهم الله من الاقتداء به، فيدعون ذلك إلى الاقتداء بالبهائم.

وقال مركوس أوريليوس: من أساء فقد أساء إلى نفسه، ومن ظلم فقد ظلم نفسه؛ لأنه صيَّر نفسه رديئًا.

وقال لارشفوكول: أكثر الناس يحبون العدل خوفًا من أن يظلموا.

وقال بولانو: من لا يظلم الذين يظلمونه، ومن يصمت على الأذى، ومن يعمل خيرًا لأجل الخير، ومن يكن بشوشًا في الشدة؛ أولئك هم خلان الله. ليحذر الرجل إبكاء النساء؛ لأن الله يعد دموعهن. من كان سببًا لعقاب أحد ظلمًا، كان بعيدًا عن أبواب الجنة.

وقال شكسبير: الخطيئة الواحدة تجر إلى أخرى.

وقال مصلح الدين سعدي: لا تظلم الفقير الذي لا ناصر له وتنسى ضيق القبر. لا تسرع وتَجُر على أحد؛ لأن غضب الله سيدركك بغتة. لا تقهر المسكين؛ لأن الظالم هالك ولا محالة.

خف دعوة المظلوم فهي سريعة
طلعت فجاءت بالبلاء النازل

وقال تنيسن: التوبة في الفكر، فيجب ألَّا تفكر بالآثام التي كانت نفسك تُسر بها. ما أقسى قلوب الرجال، فإنهم لا يبلغون مبلغ النساء في إيثارهن.

وقال محمود الشاعر: الناس بعضهم لبعض عدو حتى الأصدقاء. الظلم جنون. أفضل الجهاد جهاد الظلم.

الظلم في الناس طبعٌ
والعدل منهم تكلف

وقيل إن الرشيد حبس أبا العتاهية، فكتب على حائط الحبس:

أما والله إن الظلم لؤم
وما زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضي
وعند الله تجتمع الخصوم
ستعلم في المعاد إذا التقينا
غدًا عند المليك مَن الظلوم

فأُخبر الرشيد بذلك، فبكى بكاءً شديدًا، ودعا أبا العتاهية فاستحله، ووهب له ألف دينار، وأطلقه.

وقالت الإنكليز: درهم الفقير إذا غُصِب كان جمرة نار في كيس الغني. دواء الضرر الإغضاء عنه. أنفع دواء للضرر النسيان. يضر نفسه من يضر غيره.

وقالت العرب: إياك ودمعة اليتيم ودعوة المظلوم، فإنها تسري في الليل والناس نيام.

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا
فالظلم آخره يأتيك بالندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم

•••

وما من يد إلا يد الله فوقها
ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤