الباب السادس

طرائف المرأة في حياة الأدباء والشعراء

سنجمع في هذا الباب قليلًا من طرائف المرأة في حياة الأدباء والشعراء الغربيين والشرقيين، وهي تبين على كل حال — بطريق غير مباشر — رأي هؤلاء الأدباء والشعراء في المرأة، إما بطريق النكتة أو النقد.

تزوج «ملتون» الشاعر الإنجليزي الذائع الصيت من امرأة تجيد فن «العكننة»، والمشاكسة، وذات يوم أراد لورد بكنجهام أن يجامله فشبَّهها بالوردة، فقال الشاعر الأعمى: «ولا أستطيع أن أتبيَّن وجه الشبه من حيث اللون، ولكني أرى أن التشبيه صادق فيما أحسه من أشواكها.»

•••

سُئِلَت الكاتبة القديرة ماري کوریلي عن أي النساء جديرة بالاحترام فقالت: «أعتقد أن المرأة الجديرة بالاحترام هي القوية الشخصية، التي تكشف عن عقليتها الجبارة وقوة ذكائها، وليست التي تكشف عن قوة ساقيها، بيد أن الرجال يفضِّلون الساقَين دائمًا.»

•••

كان أديب يلقي محاضرة عن غرور الرجال فقال: إن الرجال أشد غرورًا من النساء، فارتفعت أصوات الحاضرين بالاحتجاج، حتى إن الليدي «آستور» وجدت صعوبة بالغة في التغلب على أصوات الاحتجاج فراحت تقول: «يهتم الرجال العاديون بأناقتهم، بينما لا يعير عظماء الرجال ملبسهم اهتمامًا يُذكر، فهنا يجلس رجل عظيم أرى رباط رقبته غير منتظم كما ينبغي.» عند ذلك ارتفعت أيدي الحاضرين جميعًا تتحسس أربطة رقبتهم، لتصلح من وضعها!

•••

عندما زار أندريه موروا، الكاتب الفرنسي المشهور، الولايات المتحدة الأمريكية من سنوات، ألقى سلسلة من المحاضرات باللغة الفرنسية في أحد أندية السيدات، وسرَّه كثيرًا ما لقيه من إقبال السيدات على محاضرته، وانتظام حضورهن، وعنايتهن بتسجيل مذكرات ضافية في دفاترهن.

وذات صباح، أقبلت السيدات على حجرة المحاضرة في الموعد المألوف، متأبطات دفاترهن وأقلامهن، فدهشن حين لم يجدن موروا، ولبثن ساعة ينتظرنه ولكنه لم يحضر، وأخيرًا اتصلن بسكرتيره …

فأجاب السكرتير مذهولًا: «إن مسيو موروا لن يحاضر اليوم، وقد وضَّح ذلك في محاضرته الأخيرة.»

•••

زعم الكاتب الفرنسي المشهور بلزاك أنه يستطيع التنبؤ بمستقبل الناس من دراسة خطوطهم، فتقدمت إليه إحدى السيدات بورقة مكتوب عليها عدة أسطر وأخبرته أنها خط صبي في العاشرة من عمره.

تمعن بلزاك في الورقة فترة ثم قال: «سيبقى صاحب هذا الحظ حمارًا إلى ما شاء الله.» فضحكت السيدة وقالت له على الفور: «إن هذا الخط، يا أستاذ بلزاك، هو خطك أنت عندما كنتَ في سن العاشرة.»

•••

جلس أحد مؤلفي المسرحيات يقرأ قصة على صاحبة مسرح، ثم التفت إليها فجأةً وقال بدون تفكير: «ما عمرك؟»

فنظرت إليه السيدة ببرود وقالت: ولمَ هذا السؤال؟ فأسرع بالجواب قائلًا: «لكي أعلم بالضبط السن التي تبلغ فيها المرأة أقصى درجات الفتنة.»

•••

وضعت زوجة أحد الأدباء طفلًا، ونشرت الصحف تقريظًا عاطرًا لكتابٍ كانت هذه الزوجة قد وضعَتْه، وعندما ذهب الأديب إلى قاعة المحاضرات لإلقاء محاضرة في نفس ذلك اليوم، وجد مكتوبًا على السبورة عبارة: «أجمل التهاني»، فظنَّ الأستاذ أن تلاميذه يهنئونه على تقريظ الصحف لكتاب زوجته، بينما كان الطلاب يقصدون المولود الجديد.

فقال في تواضع: «أشكركم يا أولادي، وأؤكد لكم أنها وضعَتْه بغير علمي ودون مساعدتي.»

فدوَّى البهو بالضحك، فارتبك الأستاذ وأردف قائلًا: «ما زلت أؤكد لكم أنه لا علاقة لي به، وإذا كان هناك مَن ساعدها على وضعه، فهو الأستاذ جونز …»

•••

حدث مرة أن قضى برنارد شو بأن الرجل أصدق من المرأة رأيًّا، وأعلى، ثم التفت إلى زوجته لتؤيد قوله، فقالت: «لا جدال في ذلك يا عزيزي، ولا أدل على ذلك من أنك اخترتني زوجة، وأنني رضيتُ بك.»

•••

يروى أحد أصدقاء برنارد شو قصة عن سهرة قضاها مع الكاتب وزوجته، فكان شو يسوق النوادر تترى وكانت زوجته تشتغل بحياكة الصوف، فسألها الضيف عما تحيكه، فأجابت هامسة: «لا شيء لا شيء، ولكني سمعتُ نوادره ألف مرة، فلا بد لي من عمل أؤديه بيدي، وإلا خنقتُه.»

•••

كان جورج برنارد شو يدعو إلى حفلة خيرية، فرأى أن يقوم بما يُنتظر منه، فدعا سيدة نبيلة كبيرة السن إلى الرقص، وفي أثناء الرقص سألته، وفي لهجتها مزيج من الدلال والفخر: قل لي يا مستر شو، ما الذي حملك على مراقصة سيدة مسكينة مثلي؟ فجاءها رده في الحال: «أليست هذه حفلة خيرية.»

•••

قبل أن يرفع الستار عن مسرحية جديدة، جلست سارة برنار وأعضاء فرقتها وقد علا الوجوم وجوههم في الحجرة الخضراء، ثم إذا بالمارشال فرنسوا كانروبير يدخل عليهم، وكان المارشال بطل فرنسا في حرب القرم، ولم يكد يدخل الحجرة حتى لاحظ الوجوم السائد بين الممثِّلين، فقال قولًا ردَّت عليه سارة برنار بقولها: «إننا نوشك أن نخوض غمار معركة كبيرة؛ لذا تجدنا خائفين.» فأجاب المارشال متعجبًا: «خائفون؟» فقالت سارة: «معذرة يا سيدي المارشال.» ثم نادت على أحد رجال المسرح وقالت: «بيكار، هاتِ قاموسًا للمارشال!»

•••

في عام ١٨٧٩ زارت إحدى الصحفيات، توماس إديسون، في معمله، وكانت هذه السيدة في ذلك الوقت قد بدأت تنافس الرجل في العمل الصحفي، وطلبت منه أن يشرح لها اختراعاته لكي تكتبها بأسلوب سهل يفهمه الرجل العادي فأبدى إديسون إعجابه بفكرتها، وأثنى على صحيفتها النشيطة، وأخذ يشرح لها بعض اختراعاته ويقول في تعريف الكهرباء: «الكهرباء تيار، أو سيال، يجري من قطب موجب إلى قطب سالب … الكهرباء …» فقاطعَتْه الصحفية قائلة: «ولماذا لا يجري من قطب سالب إلى قطب موجب … لا … لا، هذا كلام لا يستسيغه قرائي، بل هو طلاسم.»

فقال لها إديسون: «اذهبي اليوم، وغدًا أرسل في طلبك لأشرح لكِ معنى الكهرباء شرحًا سأكتبه بنفسي لكِ.»

شكرَتْه الصحفية وانصرفت، وفي الصباح جاءَتْه في المعمل بناءً على دعوته، فأشار إلى كرسي بعيد وقال: «استريحي على هذا المقعد من عناء الطريق.»

فجلست .. ووضع إديسون يده على ضاغط كهربي، فإذا بالصحفية النشيطة تصرخ، وتنهض منطلقة كالقذيفة وهي تولول ذعرًا، ولما عادت إلى وعيها قال لها إديسون: «ألا يمكنك الآن أن تفهمي معنى الكهرباء؟ الكهرباء شيء لا يتحرك، ولكنه يُحدِث الحركة.»

ففهمت السيدة وأحسنت الكتابة عن الكهرباء، ولكنها لم تعلم أن ذلك الكرسي الكهربي سيلعب أكبر دور في إزهاق أرواح المجرمين والسفَّاكين، وأن الفضل في اختراعاته راجع إلى مداعبة إديسون الشاذة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤