اللغة العربية

أنشدها الشاعر في افتتاح دور الانعقاد الثالث لمجمع اللغة العربية سنة ١٩٣٤م.

مَاذَا طَحَا بِكَ يا صَنَّاجَةَ الأَدَبِ
هَلَّا شَدَوْتَ بِأَمْدَاحِ ابْنَةِ العَرَبِ؟١
أَطَارَ نَوْمَكَ أحْدَاثٌ وَجَمْتَ لَهَا
فَبِتَّ تَنْفُخُ بَيْنَ الهَمِّ والْوَصَبِ٢
وَالْيَعْرُبِيَّةُ أَنْدَى مَا بَعَثْتَ بِهِ
شَجْوًا مِنَ الْحُزْنِ أَوْ شَدْوًا منَ الطَّرَب٣
رُوحٌ مِنَ اللهِ أَحْيَتْ كُلَّ نَازِعَةٍ
مِنَ البَيَانِ وَآتتْ كُلَّ مُطَّلَبِ٤
أَزْهَى مِنَ الأَمَلِ البَسَّامِ مَوْقِعُهَا
وَجَرْسُ أَلْفَاظِهَا أحْلى مِنَ الضَّرَبِ٥

•••

وَسْنَى بِأخْبِيَةِ الصَّحْرَاء يُوقِظهَا
وَحْيٌ مِنَ الشَّمْسِ أَوْ همْسٌ مِنَ الشهبِ٦
تُحْدَى بِهَا اليَعْمَلَاتَ الكُومُ إنْ لَغِبَتْ
فَلَا تُحِسُّ بِإِنْضَاءٍ وَلَا لَغَبِ٧
تَهْتَزُّ فَوْقَ بِحَارِ الآلِ رَاقِصَةً
وَالنَّصْبُ لِلنيبِ يجْلُو كُرْبَةَ النَّصَبِ٨
لَمْ تَعْرِف السَّوْط إلَّا صَوْتَ مُرْتَجِز
كَأَنَّ فِي فِيهِ مزْمارًا مِنَ القَصَبِ٩
تُصْغي إلَى صَوْتِه الأَطْيِارُ صَامِتَةً
إذَا ترَدَّدَ بَيْن القُورِ وَالهِضَبِ١٠
كَأَنَّهُ وَظَلَام اللَّيْل يَكْنُفُهُ
غُثَاءَةٌ قُذِفَتْ فِي مَائِجٍ لَجِبِ١١
قَدْ خَالَطَ الوَحْش حَتَّى مَا يُرَوّعُهَا
إذَا تَعَرَّضَ لَمْ تَنْفِرُ وَلَمْ تَثِبِ١٢
يَرْنُو بِعَيْنٍ عَلَى الظَّلْمَاء صَادِقَةٍ
كَأَعْيُنِ النَّسْرِ أنَّى صُوّبَتْ تُصِبِ
هُوَ الْحَيَاةُ بِقَفْر لا حَياةَ بِهِ
كالمَاء في الصّخْر أَوْ كالمَاء في الْحَطَبِ
يَبِيتُ مِنْ نَفْسِهِ في مَنْزِلٍ خَضِلٍ
وَمِنْ شَبَا بِيْضِهِ في مَعْقَلٍ أَشِبِ١٣
يَهْتَزُّ للجُودِ والمَشْتَاةُ باَخِلَةٌ
وَالقُرُّ يَعْقِدُ رَأْسَ الْكلْبِ بالذَّنَبِ١٤

•••

تهْفُو إلَيْهِ بَناتُ الْحَيّ مُعْجَبَةً
وَالْحبُّ يَنْبُتُ بَيْنَ العُجْبِ وَالْعَجَبِ١٥
إذَا تَنَقَّبْنَ إذْ يَلْقَيْنهُ خَفَرًا
فَشَوْقُهُنَّ إلَيْهِ غَيْرُ مُنْتَقِبِ١٦
تَرَاهُ كُلُّ فَتَاةٍ حِينَ تَفْقِدُهُ
فِي البَدْرِ والسَّيْفِ والضِّرْغَامِ والسُّحُبِ١٧
زَيْنُ الفِناءِ إذَا مَا حَلَّ حَبْوَتَهُ
لِلْقَوْلِ لَبَّاهُ مِنْهُ كُلُّ مُنْتَخَبِ١٨
أَوْ هَزَّ شَيْطَانُهْ أوتارَ مَنْطِقِهِ
فَاخْشَ الأَتِيَّ وَحَاذِرْ صَوْلَةَ العُبُبِ١٩
مَا مَسَّ بِالْكَفِّ أَوْرَاقًا وَلَا قَلَمًا
وَرَأْيُهُ زِينَةُ الأَوْرَاقِ وَالكُتْبِ
يَطِيرُ لِلحَرْبِ خفًّا غَيْرَ مُدرعٍ
في شِدَّةِ البَأْسِ مَا يُغْنِي عَنِ اليَلَب٢٠
إذَا دَعَاهُ صَرِيخٌ كَانَ دَعْوَتَهُ
وَإِنْ دَعَتْهُ دَوَاعِي الذُّعْرِ لَمْ يُجِبِ٢١
لَا تَرْهَبُ الْجَارَةُ الْحَسْنَاءُ نَظْرَتَهُ
كَأَنَّ أَجْفَانَهُ شُدَّتْ إلَى طَنُبِ٢٢

•••

جَزِيرَةٌ أَجْدَبَتْ في كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَأَخْصَبَتْ في نَوَاحِي الْخُلُقِ والأَدَبِ
جَدْبٌ بِهِ تَنْبُتُ الأَحْلَامُ زَاكِيَةً
إنَّ الحِجَارَةَ قَدْ تَنْشَقُّ عَنْ ذَهَبِ٢٣
تَوَدُّ كُلُّ ريَاضِ الأرْضِ لَوْ مُنِحَتْ
أَزْهَارُهَا قُبْلَةٌ مِن خَدِّهَا التَّرِبِ٢٤
وَتَرْتَجِي الغِيدُ لَوْ كَانَتْ لَآلِئُهَا
نظمًا مِنَ الشِّعْرِ أَوْ نَثْرًا مِنَ الْخُطَبِ٢٥

•••

يَا جِيرَةَ الْحَرَمِ المزْهُوِّ سِاكِنُهُ
سَقى العُهُودَ الْخوالِي كُلُّ مُنْسَكِبِ٢٦
لِي بَيْنَكُمْ صِلَةٌ عَزَّتْ أوَاصِرُهَا؛
لِأَنَّهَا صِلَةُ القُرْآنِ وَالنَّسَبِ٢٧
أرى بعَيْنِ خَيالي جاهِليَّتكُمْ
ولِلتَّخَيُّلِ عَيْنُ القَائِفِ الدَّربِ٢٨
وَأَشْهَدُ الْحَشْدَ لِلشُّورَى قَدِ اجْتَمَعُوا
وَلَسْتُ أَسْمَعُ مِنْ لَغْوٍ وَلَا صَخْبِ
مِنْ كُلِّ مُكْتَهِلٍ بِالبُرْدِ مُشْتَمِلٍ
لِلقَوْلِ مُرْتَجِلٍ لِلهُجْرِ مُجْتَنِبِ٢٩
وَأَلْمَحُ النَّارَ فِي الظَّلْمَاء قَدْ نُصِبَتْ
لِطَارِقِ اللَّيْلِ وَالْحَيْرَانِ وَالسَّغبِ٣٠
نَارٌ ولَكِنَّهَا قَدْ صُوِّرَتْ أَمَلًا
بَرْدًا إذَا خَابَتِ الآمَالُ لَمْ يَخِبِ
رَمْزُ الْحَيَاةِ وَرَمْزُ الْجُودِ مَا فَتِئَتْ
فَوْقَ الثَّنِيَّاتِ تَرْمِي الجَوَّ باللَّهَبِ٣١
يَشُبُّهَا أرْيحي كُلَّمَا هَدَأَتْ
أَلْقَى عَلَى جَمْرِهَا جَزْلًا مِنَ الحَطَبِ٣٢
وَأُبْصِرُ القَوْمَ يَوْمَ الرَّوْعِ قَدْ حُشِدُوا
لِلْمَوتِ يَجْتَاحُ، أَوْ لِلنَّصْرِ وَالغَلَبِ٣٣
يَرْمُونَ بالشَّرِّ شَرًّا حِينَ يَفْجَؤُهُمْ
ورَايُهُم فَوْقَهُمْ خَفَّاقَةُ العَذَبِ٣٤
وَأَحْضُرُ الشُّعَرَاء اللُّسْنَ قدْ وَقَفُوا
وَلِلْبَيانِ فِعَالُ الصَّارِمِ الذَّرِبِ٣٥
أَبُو بَصيرٍ لَهُ نَبْرٌ لَوْ اتُّخِذَتْ
مِنْهُ السِّهَامُ لَكَانَتْ أسْهُمَ النُّوَبِ٣٦
إذَا رَمَاهَا كمَا يَخْتَارُ قَافِيَةً
دَارتْ مَعَ الفَلَكِ الدَّوَّارِ فِي قُطْبِ٣٧

•••

وَأُغْمِضُ الْعَيْنَ حِينًا ثُمَّ أَفْتَحُهَا
عَلَى جَلَالٍ بِنُورِ الْحَقِّ مُؤْتَشِبِ٣٨
نُورٌ مِنَ اللهِ هَالَ القَوْمَ سَاطِعُهُ
وَلَيْسَ يُحْجَبُ نُورُ اللهِ بِالْحُجُبِ٣٩
تكَلَّمَتْ سُوَرُ القُرْآنِ مُفْصِحَةً
فَأَسْكَتَتْ صَخْبَ الأرْمَاحِ وَالْقُضُبِ٤٠
وَقَامَ خَيْرُ قُرَيْشٍ وَابْنُ سَادَتِهَا
يَدْعُو إلَى اللهِ فِي عَزْمٍ وفي دَأَبِ٤١
بِمَنْطِقٍ هَاشِميِّ الوَشْي لَوْ نُسِجَتْ
مِنْهُ الأَصَائِلُ لَمْ تَنْصُلْ وَلَمْ تغِبِ٤٢
طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُ الأَيَّامِ وَابْتَهَجَتْ
وَمَرَّ دَهْرٌ وَدَهْرٌ وَهي لَمْ تَطِبِ
وَهُزَّتِ الرَّاسِيَاتُ الشمُّ، وَارْتَعَدَتْ
لِهَوْلهِ البَاتِرَاتُ البيضُ فِي القُرُبِ٤٣
وَأَصْبَحَتْ بِنْتُ عَدْنَانٍ بِنَفْحَتِهِ
تِيهًا تُجَرِّرُ مِنَ أَذْيَالِهَا القُشُبِ٤٤
فَازَتْ بُركُنٍ شَدِيدٍ غَيْرِ مُنْصَدِعٍ
مِنَ البَيَانِ وَحَبْلٍ غَيْرِ مُضْطَرِبِ٤٥

•••

وَلَمْ تَزَلْ مِنْ حِمى الإسْلَامِ فِي كَنَفٍ
سَهْلٍ وَمنْ عِزّهِ في مَنْزِلٍ خَصِب٤٦
حَتَّى رَمَتْهَا اللَّيالي في فَرَائِدِهَا
وَخَرَّ سُلْطَانُهَا يَنْهَارُ مِنْ صَبَبِ٤٧
وَعَاثَت الْعُجْمَةُ الْحَمْقَاءُ ثَائِرَةً
عَلَى ابْنَةِ البِيدِ فِي جَيْشٍ مِنَ الرَّهَبِ٤٨
يَقُودُهُ كُلُّ وَلَّاغٍ أَخِي إحَنٍ
مُضَمَّخٍ بِدِمَاء العُرْبِ مُخْتَضِبِ٤٩
لَمْ يُبْقِ فِيهَا بِنَاءً غَيْرَ مُنْتَقِضٍ
مِنَ الفَصِيحِ وَشَمْلًا غَيْرَ مُنْقَضَبِ٥٠
كَأَنَّ عَدْنَانَ لَمْ تَمْلَأ بَدَائِعُهُ
مَسَامِعَ الكَوْنِ مِنْ نَاءٍ وَمُقْتَرِبِ
مَضَتْ بِخَيْرِ كُنُوزِ الأَرْضِ جَائحِةٌ
وَغَابَتَ اللُّغَةُ الفُصْحَى مَعَ الغَيَبِ٥١
لَوْلَا (فُؤَادٌ) أَبُو الفارُوقِ مَا وَجَدَتْ
إلَى الْحَيَاةِ ابنَةُ الأَعْرَابِ مِنْ سَبَبِ٥٢
أعَزُّ مِنْهَا حِمًى رِيعَتْ كَرَائِمُهُ
وَكَانَ مَمْنُوعُهُ نَهْبًا لِمُنْتَهِبِ٥٣
وَرَدَّ بِالمَجْمَعِ المَعْمُورِ غُرْبَتَهَا
وَحَاطَها بِكَريمِ العَطْفِ وَالْحَدَبِ٥٤

•••

يَا عُصْبَةَ الْخَيْرِ لِلْفُصْحَى وَشِيعَتِها
حَيَّاكِ صَوْبُ الْحَيا يَا خِيرَةَ العُصَبِ!٥٥
هَلمَّ فَالْوَقْتُ أَنْفَاسٌ لَهَا أَمَدٌ
وَلَا أقُولُ بأنَّ الوقْتَ مِنْ ذَهَبِ٥٦
فَإنَّمَا المَرْءُ فِي الدُّنْيَا إقَامَتُهُ
إقَامَةُ الطَّيْفِ والأَزْهَارِ وَالْحَبَبِ٥٧
الدَّهْرُ يُسرعُ وَالأَيَّاُم مُعْجِلَةٌ
وَنَحْنُ لَمْ نَدْر غَيْرَ الوَخْدِ والْخَببِ٥٨
وَالمُحْدَثَاتُ تَسُدُّ الشَّمْسَ كَثْرَتُهَا
وَلَمْ تَفُزْ بِخَيَالِ اسْمٍ وَلَا لَقَبِ
وَالتُّرْجَمَاتُ تَشُنُّ الْحَرْبَ لاقِحَةً
عَلَى الفَصِيح فَيا لِلْوَيْلِ وَالْحَرْبِ٥٩
نَطيرُ لِلَّفْظِ نَسْتَجْدِيهِ مِنْ بَلَدٍ
نَاءٍ وَأَمْثالُهُ منَّا عَلَى كَثبِ
كَمُهْرِقِ الْمَاء فِي الصَّحراء حِينَ بَدَا
لِعَيْنِهِ بَارِقٌ مِنْ عَارِضٍ كَذِبِ٦٠
أَزْرَى بِبِنْتِ قُرَيْشٍ ثُمَّ حَارَبَها
مَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّبْعِ وَالغَرَبِ٦١
وَرَاحَ فِي حَمْلَةٍ رَعْنَاءَ طاَئِشَةٍ
يَصُولُ بِالْخَائِبَيْنِ: الْجَهْلِ وَالشَّغبِ٦٢
أنُتْرُكُ العَرَبِيَّ السَمْحَ مَنْطِقُهُ
إلَى دخِيلٍ مِنَ الأَلْفَاظِ مُغْتَرِبِ؟؟٦٣
وَفِي المَعَاجِمِ كَنْزٌ لا نَفَادَ لَهُ
لِمَنْ يُمَيِّزُ بَيْن الدُّرِّ وَالسُّخُبِ٦٤
كَمْ لَفْظَةٍ جُهِدَتْ مِمَّا نُكَرِّرُهَا
حَتَّى لَقَدْ لَهَثَتْ مِنْ شِدَّةِ التَّعَبِ٦٥
وَلَفْظَةٍ سُجِنَتْ فِي جَوْفِ مُظْلِمَةٍ
لَمْ تَنْظُر الشَّمْسُ مِنْهَا عَيْنَ مُرْتَقِبِ٦٦
كَأَنَّمَا قَدْ تَوَلَّى القَارِظَانِ بِهَا
فَلَمْ يَؤُوبَا إلَى الدُّنْيَا وَلَمْ تَؤُبِ٦٧
يَا شِيخةَ الضَّادِ وَالذِّكْرَى مُخَلَّدَةٌ
هُنَا يُؤَسَّسُ مَا تَبْنُونَ لِلْعَقِبِ٦٨
هُنَا تَخُطُّونَ مَجْدًا مَا جَرَى قَلَمٌ
بِمِثْلِهِ في مَدَى الأدْهَارِ وَالْحِقَبِ٦٩

•••

لَبَّيْكَ يَا مَلِكَ الوَادِي وَمُنْشِئَهُ
يَا حَارِسَ الدِّين وَالآدَابِ وَالْحَسَبِ٧٠
هَذَا غِرَاسُكَ قَدْ مَاسَتْ بَوَاسِقُهُ
تُدَاعِبُ الرِّيحَ فِي زَهْوٍ وَفِي لَعِبِ٧١
الْمُلْك فِي بَيْتِكمْ كَسْبًا وَمَوْهِبَةً
يُزْهَى عَلَى كلِّ مَوْهُوبٍ وَمُكْتَسَبِ٧٢
سَفِينَةٌ أَنْتَ مُجْريهَا وَكَالِئُهَا
مِنَ الزَّعَازِعِ لَا تَخْشَى أَذَى العَطَبِ٧٣
وَأُمَّةٌ أنْتَ مُجْرِيهَا وَحَافِزُهَا
فِي حَلَبَةِ السَّبْقِ لا تُبْقِي عَلَى القَصَبِ٧٤
وَدِيعَةُ اللهِ صِينَتْ في يَدَيْ مَلِكٍ
للهِ مُرْتَقِبِ للهِ مُحْتَسِبِ
بَصِيرَةٌ كَضِيَاءِ الصُّبْحِ لَوْ لَطَمَتْ
غَيَاهِبَ اللَّيْلِ لَمْ يَظْلِمْ وَلَمْ يُهَبِ٧٥
وَعَزْمَةٌ كَحَدِيدِ النَّصْلِ لَوْ طَلَبَتْ
زُهْرَ الكَواكِبِ نَالَتْ غَايَةَ الطَّلَبِ٧٦
قَدْ صَمَّمَتْ فَمَضَتْ عَجْلَى لِمَقْصِدِهَا
تَحْثُو التُّرَابَ بِوَجْهِ الشَّكِّ وَالرِّيَبِ٧٧
فَانْظُرْ تَرَى مِصْرَ هَلْ تَلْقَى لَهَا مَثَلًا
فِي صَوْلَةِ المُلْكِ أَوْ فِي قُوَّةِ الأُهَبِ؟٧٨
فَثَرْوَةٌ مِنْ سَريِّ العِلْمِ وَاسِعَةٌ
وَثَرْوَةٌ مِنْ سريِّ الْجَاهِ وَالنَّشَبِ٧٩
بَنَى (فُؤَادٌ) بِنَاء الْخَالِدِينَ كَمَا
بَنَى الغَطَارِيفُ مِنْ آبَائِه النُّجُب٨٠
إذَا الغمَائِمُ جَافَتْ مِصْرَ وَاحْتَجَبَتْ
فَإنَّ بِرَّ يَدَيْهِ غَيْرُ مُحْتَجِبِ٨١
مَنْ مُبْلِغُ العُرْبِ أَنَّ الضَّادَ قَدْ بَلَغَتْ
بِقُرْبِ صَاحِبِ مِصْرٍ أرْفَعَ الرُّتَبِ؟
أَعَادَ مَجْدًا لَهَا مَالَتْ دَعَائِمُهُ
فَيَا لَهَا قُرْبَةً مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ٨٢
وحَفَّهَا بِسِيَاجٍ مِنْ عِنَايَتِهِ
كَمَا تُحَفُّ جُفُونُ الْعَيْنِ بالهُدُبِ
إنْ عَقَّهَا أهْلُ وَاديها وَجيرَتُهَا
فَأَنْتَ أحْنى عَلَيْهَا مِنْ أَخٍ وَأَبِ
رَأَتْ بِرَبْعِكَ عِزَّ الْمُلْكِ فَانْصَرَفَتْ
عَنْ ذِكْر لُبْنَى وَذِكْرَى رَبْعِهَا الْخَرِبِ٨٣
لَاذَتْ بِأَكْبَرِ مِعْوَانٍ لِذِي أَمَلٍ
نَاءٍ وَأَشْرَفِ عُنْوَانٍ لِمُنْتَسِبِ
عِشْ لِلْكِنانةِ تَبْلُغْ أَوْجَ عِزَّتِهَا
وَللعُلَا وَالنَّدَى وَالعِلمِ وَالأدَبِ٨٤
وَعَاشَ (فارُوق) نَجْمًا في تَأَلُّقِهِ
سَعْدُ السُّعُودِ وَفِيه مُنْتَهَى الأرَبِ

هوامش

(١) طحا بك: صرفك، وذهب بك في كل مذهب. الصناجة: اللاعب بالصنج وهو آلة تتخذ من الصفر. وكان أعشى قيس يلقب بصناجة العرب لحسن رنين شعره. ابنة العرب: اللغة العربية.
(٢) وجمت: سكت حزنًا. تنفخ: ترسل نفسًا طويلًا. الهم: الحزن. الوصب: المرض.
(٣) اليعربية: اللغة العربية نسبة إلى يعرب بن قحطان الذي ينتسب إليه عرب اليمن، وهم العرب العاربة. أندى: أبعد صوتًا. الشجو: الحزن.
(٤) نازعة من البيان: من قولهم: عنده نزعة إلى كذا أي: ميل إليه والمراد عاطفة بيانية. آتت: أعطت. مطلب: مطلوب، وأصله متطلب: أدغمت التاء في الطاء.
(٥) جرس: صوت. الضرب: العسل.
(٦) وسنى: نائمة، من السنة وهي النوم. أخبية. خيام: جمع خباء. الشهب: النجوم. جمع شهاب.
(٧) تحدَى: الحداء هو ضرب من الغناء يكون وراء الإبل. اليعملات: النياق السريعة. الكوم: جمع كوماء، وهي العظيمة السنام. لغبت: تعبت وأعياها السير. إنضاء: هزال.
(٨) الآل: السراب. النصب: ضرب من الحداء. النيب: جمع ناب وهي الناقة المسنة. يجلو: يكشف.
(٩) السوط: ما يضرب به من الجلد. مرتجز: مغن بالأراجيز. والرجز من أوزان الشعر يوافق وقع سير الإبل.
(١٠) القور: جمع قارة وهو الجبل الصغير.
(١١) يكنفه: يحيط به. الغثاءة: الزبد والوسخ ونحوهما مما يجيء فوق السيل. مائج: بحر مضطرب الموج. لجب: لأمواجه جلبة وضوضاء.
(١٢) يروعها: يخيفها. تنفر: تفر مستوحشة. تثب: تند فرقًا ورعبًا.
(١٣) خضل: ند. شبا: جمع شباة وهي حد السيف. والبيض: السيوف. معقل: حصن. أشب: ملتف الشجر كثيره، أي حصين.
(١٤) يهتز: ينشط. المشتاة: زمن الشتاء أو مكانه حيث يقل الخير. القر: البرد. يعقد: يشد.
(١٥) تهفو: تميل. العجْب: الصلف والزهو. العجب: بالتحريك الدهشة والاستغراب.
(١٦) تنقبن: احتجبن. خفرا: حياء.
(١٧) الضرغام: الأسد.
(١٨) الحبوة: أن يجمع الجالس بين ظهره وساقيه بعمامة أو حبل أو نحوهما، وكان ذلك ضروريًّا للعربي لانعدام ما يسند إليه ظهره. لباه: أطاعه.
(١٩) هز: حرك. الأتي: السيل. العبب: المياه المتدفقة، وهي مفرد.
(٢٠) خفا: خفيفًا غير مثقل. مدرع: لابس الدرع. البأس: الشدة والقوة. البلب: الدروع.
(٢١) صريخ: ملهوف مستغيث. الذعر: الخوف.
(٢٢) الطنب: الحبل(المعنى) أنه عفيف النظر.
(٢٣) الأحلام: العقول، جمع حلم. زاكية: نامية متزايدة.
(٢٤) الترب: الكثير التراب.
(٢٥) الغيد: الحسان جمع غادة.
(٢٦) المزهو: المتكبر المفتخر. العهود الخوالي: العصور الماضية.
(٢٧) عزت: قويت. أواصرها: روابطها.
(٢٨) القائف: من يعرف الآثار. الدرب: المتدرب.
(٢٩) المكتهل: من علاه الشيب. مشتمل: ملتحف بالكساء حتى لا تظهر يده. مرتجل: متكلم على البديهة من غير تهيئة للكلام. الهجر: فاحش القول وذميمه.
(٣٠) الطارق: من يأتي ليلًا، السغب: الجائع.
(٣١) رمز: عنوان ودليل. الثنيات: طرق الجبل.
(٣٢) يشبها: يوقدها. أريحي: كريم. جزلًا: حطبًا يابسًا غليظًا.
(٣٣) الروع: الفزع، وهو يوم الحرب. يجتاح: يهلك.
(٣٤) يفجؤهم: يباغتهم. رايهم: أعلامهم. العذب: الأطراف: جمع عذبة.
(٣٥) اللسن: الفصحاء، مفرده لسن. الصارم: السيف. الذرب: الحاد.
(٣٦) أبو بصير: هو الأعشى القيسي صاحب المحلق. النوب: المصائب، جمع نائبة.
(٣٧) القافية: آخر كلمة في البيت، والمراد هنا القصيدة. قطب: مدار.
(٣٨) مؤتشب: ملتف.
(٣٩) هال: أدهش.
(٤٠) صخب: جلبة. القضب: السيوف الدقيقة.
(٤١) خير قريش: كناية عن النبي . دأب: جد.
(٤٢) الوشي: النقش. الأصائل: جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب. تنصل: يتغير لونها.
(٤٣) الراسيات: الجبال. الشم: المرتفعات. الباترات: القاطعات. القرب: الأغماد جمع قراب.
(٤٤) بنت عدنان: كناية عن موصوف هو اللغة العربية. تيهًا: زهوًا وكبرًا. القشب: الجديدة، جمع قشيب.
(٤٥) منصدع: منشق.
(٤٦) كنف: جانب. الخصب: الخصيب.
(٤٧) خر: سقط. صبب: منحدر.
(٤٨) عاثت: أفسدت. ابنة البيد: اللغة العربية. الرهب: الخوف.
(٤٩) ولاغ: شارب شرب الكلب. إحن: أحقاد جمع إحنة. مضمخ: ملطخ.
(٥٠) منتقض: متهدم. منقضب: منقطع.
(٥١) جائحة: مصيبة مبيدة. الغيب: ما غاب، جمع غائب.
(٥٢) ابنة الأعراب: اللغة العربية.
(٥٣) حمى: ما يجب أن يحمى. ريعت: أفزعت.
(٥٤) المجمع: مجمع اللغة العربية الذي أنشئ في عصره، وكان الشاعر من أعضائه. الحدب: العطف.
(٥٥) عصبة: جاعة بين العشرة والأربعين. صوب الحيا: نزول المطر.
(٥٦) هلم: تعالوا: اسم فعل أمر. أمد: نهاية.
(٥٧) الطيف: الخيال الطائف في المنام. الحبب: فقاقيع الماء والخمر.
(٥٨) الوخد: سعة الخطو. الخبب: السرعة.
(٥٩) تشن: تثير. لاقحة: شديدة. الويل: العذاب. الحرب: الهلاك.
(٦٠) كمهرق: كمن يصب الماء. عارض: سحاب معترض في الأفق.
(٦١) أزرى: أهان وعاب. النبع: شجر صلب ينبت على رءوس الجبال. الغرب: نبات رخو ينمو على الأنهار.
(٦٢) رعناء: حمقاء. طائشة: مخطئة. يصول: يحارب. الشغب: التهويش.
(٦٣) السمح: السهل. مغترب: غريب.
(٦٤) المعاجم: كتب اللغة. السخب: جمع سخاب وهو العقد من الودع ونحوه.
(٦٥) لهث: أخرج لسانه تعبًا.
(٦٦) مظلمة: حفرة عميقة مظلمة.
(٦٧) القارظان: رجلان من بني عنترة خرجا في طلب القرظ فلم يرجعا. يثوب: يعود.
(٦٨) الضاد: اللغة العربية. عقب: من يأتون بعدكم.
(٦٩) الحقب: العصور.
(٧٠) لبيك: إطاعة لك وإجابة. الحسب: مفاخر الآباء.
(٧١) ماست: تمايلت زهوًا. بواسقه: طواله.
(٧٢) كسبا: إصابة واجتهادًا. موهبة: منحة من الله.
(٧٣) كالئها: حافظها. الزعازع: العواصف. العطب: الهلاك.
(٧٤) حافزها: دافعها. حلبة السبق: جماعة الخيل في ميدان السباق. القصب: ما يركز عليه الغاية في السباق. والمراد الفوز.
(٧٥) بصيرة: فطنة. غياهب: ظلمات. يهب: يخاف منه.
(٧٦) كحديد النصل: كالسيف الحاد المشحوذ.
(٧٧) صممت: أصرت. تحثو: تثير.
(٧٨) الأهب: جمع أهبة وهي عدة الحرب.
(٧٩) النشب: المال.
(٨٠) الغطاريف، جمع غطريف: السيد الشريف. النجب: الكريم.
(٨١) جفت: بعدت.
(٨٢) دعائمه: عمده جمع دعامة. قربة: بر يتقرب به إلى الله تعالى.
(٨٣) ربعك: دارك. لبنى: من فتيات الجاهلية.
(٨٤) الكنانة: مصر. أوج: علو.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤