المسألة الثامنة والثلاثون والمائة

ما بال خاصة الملِك والدَّانِين منه والمقرَّبين إليه لا يجري من ذِكْر الملِك على ألسنتهم مثل ما يجري على ألسنة الأباعد منه، مثل البوابين والشَّاكِرِيَّة والسَّاسَة؛ فإنك تجد هؤلاء على غاية التشيُّع بذكره ونهاية الدعوى في الإشارة إليه والتكذُّب عليه؟

الجواب

قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:

لسببين: أحدهما أن الأقربين إلى الملوك هم المؤدَّبون المستصلَحون لخدمتهم، وفي جملة الآداب التي أُخِذُوا بها ترك ذِكْر الملِك فإن في ذِكْرهم إياه ابتذالًا له وانتهاكًا لهيبته وهتكًا لحُرْمته، فأما أولئك الطبقة فلسوء آدابهم لا يميِّزون، ولا يأبهون لِما ذكرته، فهم يجرون على طباع العامة اللائقة بهم في الافتخار بما لا أصل له، وادعاء ما لا حقيقة له، ولظنهم أنهم ينالون بذلك كرامةً ومحلًّا عند أمثالهم.

وأما السبب الآخر فخوف حاشية الملك من عقوبته؛ فإن الملك يعاقِب على هذا الذنب ويراه سياسةً له؛ لئلا يتعدى ذاكروه إلى إفشاء سرٍّ وإخراج حديثٍ لا ينبغي إخراجه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤