المسألة الثلاثون: مسألة زَجْرِيَّة ولغوية

لِمَ صار الرجل إذا لبس كل شيء جديد قيل له: خذ معك بعض ما لا يُشاكِل ما عليك ليكون وقاية لك؟

ألم تكن المشاكلة مطلوبةً في كل موضع؟

وعلى ذكر المشاكلة، ما المشاكلة والموافقة والمضارَعة والمماثلة والمعادَلة والمناسبة؟

وإذا وضح الكلام في هذه الألفاظ وضح الحق أيضًا في المخالفة والمبايَنة والمنافَرة والمنابَذة.

الجواب

قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:

هذا فعلٌ عاميٌّ يذهب إلى صرف العين، وعند القوم أن الشيء إذا كمل من جهاته أسرعت العين إليه بالإصابة، فإذا كان منه شيءٌ منتقَصٌ أو ظاهرٌ فيه عيب شُغِلت العين به عن الإصابة.

•••

وكان ينبغي ألا تختلط هذه المسائل هذا الاختلاط؛ فإني أرى المسألة الشريفة الصعبة إلى جانب الأخرى التي لا نسبة بينهما قلة وسهولة.

وليس للمجيب أن يقترح السؤال ويُنظِّم الشكوك؛ ولأجل هذا اضْطُرِرْتُ إلى الكلام في جميعها على حسب مراتبها.

•••

ولم أقُل ذلك إبطالًا للعين وأفعالها، ولا زِرَايةً على الأصول التي بنت العامة عليها، ولكن المسألة توجهت عن فعلٍ عامي، وإن كان له أصلٌ بعيد، ورجْعٌ إلى أول، وأُسنِد إلى حقيقة.

فأما المسألة عن المشاكلة والموافقة؛ فإن الشكل المِثْل وهي مفاعلة منه، ولا فرق بينها وبين المماثلة على ما ذكره اللغويون، وأنا أظن المِثْل أعم من الشكل؛ لأن كل شكل مثلٌ وليس كل مِثلٍ شكلًا.

فأما الموافقة فمن الوَفْق في المسألة التالية لهذه المسألة، ونحن نشرحه هناك مع ذكر البخت والجد.

فأما المضارعة: فهي المشابهة، وهي مفاعلة من الضَّرْع، ومنه أصله واشتقاقه.

فأما المعادلة والمناسبة فقد مر ذكرهما مستقصًى في مسألة العدل، والعِدْل لمَّا كان يماثل عِدْله بالموازنة صار قريب المعنى منه، والمعادلة هي مفاعلة منه.

وقلتَ في آخر المسألة: «إنه إذا وضحت لك هذه الألفاظ وضح بها ما بعدها»؛ فلذلك أمسكتُ عنها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤