المسألة التاسعة: مسألة طبيعية

ما سبب من يدَّعي العلم وهو يعلم أنه لا علم عنده؟
وما الذي يحمله على الدعوى، ويُدنيه من المكابرة، ويُحوجه إلى السفه والمهاترة؟

الجواب

قال أبو علي مسكويه، رحمه الله:

سبب ذلك محبة الإنسان نفسه وشعوره بموضع الفضيلة فهو لأجل المحبة يدَّعي لها ما ليس لها؛ لأن صورة النفس التي بها تحسُن وعليها تحصُل ومن أجلها تسعد هي العلوم والمعارف، وإذا عريت منها أو من جُلها حصَّلت له من المقابح ووجوه الشقاء بحسب ما يفوتها من ذلك.

ومن شأن المحبة أن تغطي المساوئ، وتُظهر المحاسن إن كانت موجودة، وتدَّعيها إن كانت معدومة؛ فإن كان هذا من فعل المحبة معلومًا، وكانت النفس محبوبة لا محالة، عرض لصاحبها عارض المحبة، فلِمَ يُنكَر ادعاء الإنسان لها المعارف التي هي فضائلها ومحاسنها وإن لم يكن عندها شيء من ذلك؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤