جغرافيتها

هذه الجزيرة أشهر جزائر بحر إيجه، وهو الجزء الشرقي من البحر المتوسط المُنحصر بين آسيا الصغرى ومملكة اليونان، ويعرف ببحر الأرخبيل، وفي هذا الجزء جزر كثيرة تنقسم بحسب وضعها الجغرافي إلى قسمين كبيرين، أحدهما يشتمل على الجزائر الواقعة في الجانب الشرقي منه، ويطلق على مجموعها اسم «أسبوراد» أي المتفرقة، والثاني على جزائر الجانب الغربي وتسمى «سيكلاد»، ومعناها الدائرة، ورودس من جزائر القسم الشرقي المعروفة بالأسبوراد، وهي مستطيلة الشكل كالسفينة، كما ترى في الخريطة، وطولها ٧٧ كيلومترًا، ويختلف عرضها باختلاف شكلها، معظمه بين رأس «لاردوس» ورأس «مونوليتوس»، ويبلغ نحو ٣٧ كيلومترًا، ومساحتها ١٤٠٤ كيلومترات مربعة، وتخترقها طولًا سلسلة جبال متعرجة متشعبة أعلاها جبل «تايروس»، علوُّه ١٢١٦ مترًا، وكان عليه هيكل عظيم لزفس «جوبتير» كبير الآلهة، ولا تزال آثاره باقية إلى الآن، ويليه في الارتفاع جبل «اكراميتى» وارتفاعه ٨٢٠ مترًا، ثم جبل النبي إيليا وعلوُّه ٧٩٠ مترًا. وهذه الجزيرة صخرية، لكن فيها أودية خصبة وعيون عذبة وغابات واسعة، وبعض جداول تصبُّ في البحر، وهي معتدلة الإقليم صافية الجو، نقية الهواء لا ينقطع عنها النسيم اللطيف لا صيفًا ولا شتاءً، وأقصى درجات الحر فيها أيام الصيف ٢٨ درجة مئينية «سنتجراد»، وفي الشتاء لا تتجاوز الصفر غالبًا، وغاية ما تصل إليه ٥ درجات تحت الصفر، وذلك في النادر جدًّا. ومهما تربَّدَت السماء وتكاثفت الغيوم، فلا تلبث أن تنقشع وتتبدَّد فلا يمر فيها يوم إلا وترى الشمس ساطعة والجوَّ صافيًا، وجبالها لا يغشاها الثلج ما عدا جبل تايروس، فقد تتجمع على قمته الثلوج، ولكنها لا تلبث أن تذوب متى اشتدت حرارة الشمس.

وقد تغنى الشعراء بمحاسن هذه الجزيرة ووصفوها بالمنيرة والجميلة ووردة الجزائر، وقال عنها أبقراط إن الصيف والشتاء فيها معتدلان، فلا يعرف فيها حرٌّ ولا برد، وسبب اعتدال إقليمها وصفاء جوِّها وقوعها في الجنوب الغربي من آسيا الصغرى، فهي بهذا الوضع في مأمن من الرياح الشمالية الشرقية؛ لأن جبال الأناضول تحول بينها وبينَ مهابِّ هذه الرياح ومدارجها، وقد وصفها المتأخرون بما يؤيد أقوال المتقدمين، وحسبنا ما كتبه عنها «لامارتين»،١ فقد قال إنه لم يَرَ مثلها في صفاء جوها وخصب تربتها، وأنها جمعت من محاسن الطبيعة ما لم يجتمع في غيرها.

وفي هذه الجزيرة من أنواع النبات ما يفوق الحصر، ومن الحيوانات الأليفة والبرية أجناس كثيرة، وفيها مناجم رخام ومغاصٌ للإسفنج والمرجان، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٤٥٠٠٠، واللغات المتداولة فيها اليونانية والتركية والإسبانية، وأكثر اليونانيين يعرفون التركية، والترك يعرفون اليونانية، أما الإسبانية فهي خاصة بالإسرائيليين وأصلهم من جالية إسبانيا.

١  من أكبر كتَّاب فرنسا، وأشهر شعرائها، وُلد سنة ١٧٩٠ وتُوفِّي سنة ١٨٣٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤