الجزائر التابعة لدولة إيطاليا

(١) جزيرة استانكوي Cos

سُمِّيت هذه الجزيرة قديمًا «نمفيا» (من إلاهات البحار والغابات) و«ميروبس» نسبة إلى «ميروب» رئيس إحدى القبائل التي استعمرتها في العصور الخالية، و«لانجو» سُمِّيت بذلك، على ما زعمه بعض المؤرخين؛ لأنها مستطيلة الشكل، وأشهر أسمائها «كوس»، وورد ذكرها بهذا الاسم في أعمال الرسل، إصحاح ٢١ عدد ١، وأصله «كو» وهو اسم ابنة «ميروب»، الذي تقدَّم ذكره، ومنه «استانكيو»، وهو من أسمائها القديمة و«استانكوي» الذي عُرفت به عند الترك. وهذه الجزيرة أكبر جزائر إيطاليا في بحر إيجه بعد رودس، واقعة في مدخل خليج بودروم (هاليكارناس) في آسيا الصغرى، وهي مستطيلة الشكل كما ترى في الخريطة، طولها ٤٤ كيلومترًا، ويختلف عرضها باختلاف الجهات، ومساحتها ٢٨٢ كيلومترًا مربعًا، وتخترقها سلسلة جبال أعلاها جبل خريستو، ارتفاعه ٨٧٥ مترًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ١٦١٧٠ نفسًا، واشتهرت بخصب تربتها وجمال مناظرها.

وأهم حاصلاتها العنب والتين والزيتون والليمون والبرتقال، وفيها مياه كبريتية حارة ومياه حديدية، أما تاريخها القديم فتغشاه غياهب القدم، وورد عنها في الميثولوجيا روايات كثيرة يضيق المقام عن ذكرها، وقد استولت عليها الأمم التي أغارت على رودس وغيرها من الجزر القريبة منها، وحكمتها بعد اليونان الدولة الرومانية والمملكة البيزنطية وأمراء البندقية وحكومات جنوى، وافتتحها الفرسان (الشفاليه)، وبقيت في حوزتهم إلى سنة ١٥٢٢م؛ حيث استولت عليها الدولة العثمانية، وقد شاد فيها أولئك الفرسان حصونًا منيعة، وهي باقية إلى الآن، ولا تزال عليها شاراتهم، وكثير من النقوش والرسوم والنصوص التاريخية، وليس لهذه الجزيرة شأن يُذكَر في تاريخ اليونان، ولكنها بلغت أوج الشهرة والفخر بمن نبغ فيها من عظماء الرجال؛ فهي مسقط رأس أبقراط أبي الطب، ووطن أبيل المصور الشهير، وهو أبرع مصوري اليونان على الإطلاق، غير من ظهر فيها من العلماء والفلاسفة مثل أريستون، وهو من أكبر الفلاسفة، وفلياس من أشهر العلماء والشعراء، وكان معلمًا لبطلميوس فيلادلفوس، وفي هذه الجزيرة شجرة دلب ممتدة الأغصان وارفة الظلال، يقال إنها الشجرة التي كان يجلس تحتها أبقراط، ويجتمع حوله تلاميذه لتلقي علوم الطب، ولهذه الشجرة منزلة سامية عند أهل الجزيرة، وقد بلغ من عنايتهم بها وحرصهم عليها أنهم سندوا أغصانها الكبيرة بأعمدة من الرخام؛ لئلا تنكسر من عصف الرياح، ولما كانت شجرة الدلب لا تعيش أكثر من خمسة قرون، كما حققه علماء النبات، وقد مضى من عهد أبقراط١ إلى الآن ٢٣ قرنًا، فيُحتمل أن هذه الشجرة غُرست فيما بعد مكان الشجرة الأصلية إحياءً لذكرى أبقراط، وكان في هذه الجزيرة هيكل عظيم لأسكولاب إله الطب.

(٢) جزيرة نيسيروس Nissyros

ويُسمِّيها الترك «أنجرلي» نسبةً إلى التين، واسمها القديم «بورفيرس» وهو نوع من الرخام لونه ضارب إلى الحمرة بما يشبه الأرجوان. سُمِّي بذلك لأن لفظة «بورفير» باليونانية معناها الأرجوان، وهذه الجزيرة واقعة بين جزيرة استانكوي التي مر ذكرها وجزيرة إيلياكي، وروى المؤرخون أنها كانت متصلة بجزيرة استانكوي في قديم الزمان، وانفصلت عنها بزلزلة هائلة. وفيها بركان خامد من زمن بعيد، وفوهته على ارتفاع ٦٩٠ مترًا، وأرضها خصبة، ومساحتها ٣٩ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٣١٦٠ نفسًا، وهي هرمية الشكل، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٧٢٢ مترًا.

وقد اشتهرت هذه الجزيرة بمياهها المعدنية الحارة؛ لما حوته من الخواص في شفاء كثير من العلل والأمراض، ويقصدها الناس من جميع الأقطار للاستشفاء بهذه المياه من الرَّثْية (الروماتزم)، وأمراض المعدة، والأمعاء، والكبد، والطحال، وداء السكر (الديابيطس) والزلال، والنزلات الصدرية المزمنة وغيرها، ودرجة حرارتها الطبيعية من ٣٧ إلى ٥٠ درجة مئينية (سنتجراد). وقد رأيت أن أذكر هنا ما تحتويه هذه المياه من العناصر لما في ذلك من الفوائد، وخاصةً لمن أراد مقارنتها بمياه المدن المشهورة في أوروبا بحماماتها، وهذا بيانها حسب التحليل الكميائي: كبريتات الصودا، كبريتات البوتاسا، الإيدروجين المكبرت، أوكسيد الحديد، كبريتات المغنيزيا، كلورور البوتاسيوم، كلورور الصوديوم (ملح الطعام)، كلورور المغنيزيا، كلورور الكلسيوم، كبريتات الجير، كاربونات المغنيزيا، طَفْل، حمض بيريتيك.

(٣) جزيرة بطمس Pathmos

ويُسمِّيها الترك «باطنوز»، هي جزيرة صغيرة واقعة على بعد ٢٠ ميلًا من جزيرة ساموس (سيسام)، مساحتها ٣٢ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٢٥٥٠ نفسًا، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٢٩٣ مترًا، وهذه الجزيرة صخرية قاحلة، وهي التي نفي إليها القديس يوحنا الإنجيلي في سنة ٩٤م في عهد الإمبراطور دوميسيانوس، وفيها دير قديم يحتوي على كثير من الكتب اليونانية النادرة، وتحت هذا الدير كهف يُظنُّ أن القديس يوحنا كتب فيه سفر الرؤيا.

(٤) جزيرة كربة Scarpanto

اسمها القديم «كارباتوس»، وبه سُمِّي الجزء الواقعة فيه جميع جزائر الأسبوراد الجنوبية في بحر إيجه، ومنها رودس، ومن أسمائها القديمة «تترابوليس»، ومعناه ذات المدن الأربع، و«هيباتوبوليس» أي المدن السبع، وهذه الجزيرة صخرية ومستطيلة الشكل كما ترى في الخريطة، وفيها غابات كثيرة ومناجم رخام وحديد وآثار قديمة، واختصت في عهد جاهلية اليونان بعبادة «بوسيدون» إله البحار وهو «نبتون» عند الرومان، وتنحصر صناعة أهلها في الزراعة وإنشاء السفن، مساحتها ٢٧٧ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٧٥٠٠٠ نفس، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ١٢٠٤ أمتار.

(٥) جزيرة هركيت Calchi

عرفت هذه الجزيرة عند الإفرنج باسم واحد وهو Calchi، ولكنهم اختلفوا في رسمه، فورد في الكتب التاريخية والجغرافية وفي الخرائط البحرية القديمة (الراهنامج) على صور شتَّى وهي Chalki، Caravi، Charci، Carthi، Charchi، وهي جزيرة صغيرة واقعة غرب رودس، وعلى مسافة قريبة منها، وهي صخرية وكثيرة الأنجاد والوهاد، وكان فيها هيكل لأبولون، وتربتها خصبة، وليس فيها شيء يُذكَر من الصناعات، وقد قاسمت رودس في جميع الحوادث التي وقعت فيها، والدول التي استولت عليها، مساحتها ٣٠ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ١٣٠٠ نفس، وأعلى قمة في جبالها ارتفاعها ٥٧٥ مترًا.

(٦) جزيرة سومبكي Symi

اختلف قدماء المؤرخين في أصل هذا الاسم، فذهب بعضهم إلى أنه اسم ابنة «ياليسوس» التي اختطفها «غلوكوس» من آلهة البحر، وأتى بها إلى هذه الجزيرة، فسُميت باسمها، وقيل إنه اسم زوجة «بوسيدون» إله البحار، وهو نبتون عند الرومان، وورد ذكرها في إيلياذة هوميروس، وتنحصر صناعة أهلها في استخراج الإسفنج، وصيد السمك، وقد اشتهرت هذه الجزيرة قديمًا بعمل السفن المعروفة بالسمبك، وهي سفن صغيرة سريعة السير، ومنها الاسم الذي عرفت به عند الترك وهو سومبكي، وهي من الجزائر التي استولى عليها الفرسان، وقد شادوا فيها حصونًا منيعة ومركزًا للمخابرة بالإشارات مع جزيرة رودس، وقد أنشئ وقتئذٍ هذا المركز لمراقبة السفن التي تمر من الأرخبيل، وبقيت في حوزة الشفاليه إلى أن احتلتها الدولة العثمانية في سنة ١٥٢٣.

ومساحة هذه الجزيرة ٦١ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٧٠٠٠ نفس. وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٥٤٨ مترًا.

(٧) جزيرة قاشوط Casos

واقعة بين جزيرة كربة التي تقدم ذكرها وجزيرة إقريطش (كريد)، وهي جزيرة صغيرة صخرية، معتدلة الإقليم طيبة الهواء، واشتُهرت قديمًا بخمرها وعسلها، وليس فيها شيء يذكر من الصناعات، مساحتها ٦٢ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ١٧٦٠ نفسًا، وأعلى جبالها ارتفاعه ٥٢٠ مترًا.

(٨) جزيرة قاليمنوز Calimno

ورد اسمها في بعض الكتب القديمة والخرائط على صور شتى، وهي Calymnos، Calydna، Calamo، Calmine، وهذه الجزيرة من المراكز التجارية الكبيرة، وفيها بعض آثار قديمة من عهد اليونان والفرسان (الشفاليه) ومغاوص للإسفنج، مساحتها ٩٨ كيلومترًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٢٤٠٠٠، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٦٨٥ مترًا.

(٩) جزيرة لريوز Leros

واقعة بين جزيرة «لبسوس» وجزيرة «كاليمنوز» التي تقدم ذكرها، (انظر الخريطة) وليس لهذه الجزيرة غير اسم واحد وهو «ليروس» ويكتبه الترك «لريوز»، وقد اشتهرت باعتدال إقليمها وطيب هوائها وصفاء جوها وعذوبة مائها وتنوع مناظرها، ويقصدها الناس في الصيف من جميع الأقطار، وقد بُنيَ فيها من عهد قريب فندق كبير على أحسن طرز وأتمِّ نظامٍ، مساحتها ٦٣ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها ٤٠٠٠ نفس، وأعلى قمة في جبالها ارتفاعها ٣٨٠ مترًا.

(١٠) أوسترباليا Slampalia

واقعة غربي جزيرة «استانكوي» التي تقدم وصفها، وذكرت هذه الجزيرة في بعض الكتب القديمة باسم «إستيباليا» و«أستروباليا»، وهي جبلية، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٥٠٠ متر.

استولى عليها أمراء البندقية في سنة ١٢٠٧م. وافتتحتها الدولة العثمانية في سنة ١٥٢٢، وبقيت في حوزتها إلى أن احتلها الطليان، مساحتها ٩٥ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ١٣٧٠ نفسًا.

(١١) جزيرة إيلياكي Piscopi

واقعة بين جزيرة هركيت وجزيرة «أنجرلي» (نيسيروس)، وقد تقدم ذكرهما، وكانت تسمى قديمًا «تيلوس» Telos أو Tilos، وهي جزيرة صغيرة مستطيلة الشكل، وفيها قلعة قديمة قائمة على جبل في الجهة الغربية منها، وحكمها بعض أمراء البندقية في القرن الثالث عشر، ثم استولى عليها الفرسان (الشفاليه) وبقيت في حوزتهم إلى أن افتتحتها الدولة العثمانية، ثم احتلتها إيطاليا. ومساحتها ٦٣ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ١١٦٠ نفسًا، وأعلى قمة في جبالها ارتفاعها ٦٠٠ متر.

(١٢) جزيرة لبسوس Lipsos

واقعة شرقي جزيرة «بطمس» وشمالي جزيرة «لريوز»، وقد تقدم ذكرهما، وكانت تسمى قديمًا «لبسيا» Lepsia وهي جزيرة صغيرة ليس لها شأن يذكر في التاريخ، واشتهر أهلها في فلاحة الأرض وصيد السمك، وأهم حاصلاتها التبغ، مساحتها ١٦ كيلومترًا مربعًا، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٥٦٠ نفسًا، وأعلى قمة فيها ارتفاعها ٢٧٥ مترًا.

(١٣) جزيرة ميس Castellorizo

ويُسمِّيها الطليان Castelrosso، ومعناه القصر الأحمر، وكانت تسمى قديمًا «ماجست» Megiste وهي جزيرة صغيرة قريبة من بر الأناضول، وتنحصر صناعة أهلها في إنشاء السفن واستخراج الإسفنج والملاحة، واستولى العرب على هذه الجزيرة في سنة ٨٨٨م ثم الفرسان (الشفاليه)، وبنوا فيها حصونًا منيعة، وبقيت في حوزتهم إلى أن افتتحها العثمانيون، واحتلتها إيطاليا في سنة ١٩١٢، وترتدي نساؤها ثيابًا من الطِّرْز الشرقي القديم، تشبه ملابس الألبانيين (الأرناؤد)، مساحتها ٩ كيلومترات مربعة، وعدد سكانها حسب الإحصاء الأخير ٢٧٤٠ نفسًا، وأعلى قمة في جبالها ارتفاعها ٢٥٢ مترًا.
١  وُلد أبقراط سنة ٤٦٠ق.م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤