أمضي وتبقى صورتي

هذا البيت الذي كتبه الشيخ ناصيف اليازجي تحت رسمه سيكون غدًا لسان حال من يتعثرون بأذيال الخيبة، ستبقى صورهم مصلوبة هنا وهناك لتجدد الأحزان وسوف تبقى حتى يأكل النور والهواء آخر خط من خطوطها، وهكذا تتلاشى نفسًا في نفس، ستصير مجلبة للمرارة والآلام بعدما كانت للاعتداد والاعتزاز، سينظر إليها الأنصار والأصحاب نظرة الأم المفجوعة إلى ثياب ابنها الوحيد.

نزعت الحكومة اللافتات بعدما تردت ثياب الدعوة حمرًا، أما الصورة فأبقتها عملًا بقول ابن الرومي لصاحب تلك اللحية المبروكة:

أو فقصر منها، فحسبك منها
نصف شبر علامة التذكير

الانتخابات حرة، وهذا أمر لم يخامرني فيه ريب منذ قيام الساعة، ولكن هل عندنا الناخب الحر؟ وأين يكون هذا؟! هل أنا حر؟! أشك حتى في نفسي.

رحم الله الدكتور فانديك، أما أكل خمس كبات في صيدا بعد الشبع، وكل واحدة شبر! أكل واحدة إكرامًا للبنت التي شفاها طبه وأقيمت المأدبة على شرفه وسلامتها، وأكل كبة ثانية لعيون أمها الناعستين، وثالثة إكرامًا لشوارب أبيها، ورابعة إكرامًا لأخيها، وخامسة إكرامًا للمدعوين.

ولما بدأ بطن الدكتور يتقدم عليه في المجلس خف إلى حيث حماره القبرصي، وركبه قبل أن يصير في الشهر التاسع … ولكنه ما قطع بعض الطريق حتى أدركه المخاض فاستلقى تحت زيتونة، ولما أفاق وهم بالمسير عرض المكاري حماره على الماء فشرب حتى اكتفى، فتقدم منه الدكتور وهز رأسه قائلًا له: «كرمال» البنت اشرب، «كرمال» أمها اشرب، فأبى الحمار، وكان في كل مرة يومئ برأسه أن لا، فصاح به فانديك عندئذ: أنت أذكى مني يا حمار!

هذي حالنا يا سادة، والوعي الذي تمجَّدون حديث خرافة … عبثًا نترجى انتخاب يبيِّض الوجه ما دام فينا أناس تُشترى وتباع، وما دام هنالك أناس رءوسهم خفيفة يدورون مع أقل نسمة كدواليب الهواء.

أجل ما دام في لبنان أناس يبيعون نفوسهم، ونفوس غيرهم بجراية فلا ننتظر نتائج باهرة! بلى فلننتظر، فلننتظر أن يقال غدًا: انتخابات مزورة.

الناخبون يكذبون مرة كل أربع سنوات على من يكذبون عليهم كل يوم مرة في أربع سنين … ولكنها كذبة واحدة بألف.
figure

وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ، تلك هي حال الناخبين مع المرشحين، صدق الله العظيم.

١٤  /  ٤  /  ٥١

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤