الفصل الثامن عشر

محمد علي وأخوه شوكت

جهاد محمد علي قبيل وفاته

في ٤ يناير سنة ١٩٣١ توفي إلى رحمة الله المغفور له مولانا محمد علي الزعيم الهندي الشهير وأحد أبطال الاستقلال العالمي في العصر الحاضر، وكانت وفاته في منتصف الساعة العاشرة من صباح الأحد ٤ يناير، وقد وصفته برقية روتر من لندن بأنه

المندوب الهندي المسلم إلى المؤتمر الهندي العام، وأحد الأخوين علي المشهورَين، وقد اشتركا اشتراكًا وثيقًا مع غاندي في حركة عدم التعاون الأولى في الهند، ولكنه عارض حركة العصيان المدني الحالية، وسينقل جثمانه إلى الهند، ولكن جثمانه دفن بالمسجد الأقصى ببيت المقدس.

وكان محمد علي زعيمًا لثمانين مليونًا من المسلمين، فكان لنعيه مأتم عام في جميع أنحاء الشرق عامةً والعالم الإسلامي خاصةً، وأرسل غاندي إلى أخيه يعزيه من سجنه ببرقية هذا نصها:
مصابكم مصابنا.

ويجب علينا أن ننوه بالفرق العظيم بينه وبين أخيه.

وقد جاهد هذا البطل الراحل في سبيل جميع الشعوب المظلومة، فناضل عن الهند وعن تركيا وعن فلسطين وعن كل أمة مسلمة أو شرقية واقعة تحت نِير الظلم الأجنبي، وقد وصفه بعض عارفيه بأنه كان أخطب مسلم في الدنيا باللغة الإنجليزية، وهو يعد من أكبر علماء المسلمين وأزهدهم وأطهرهم يدًا وأعفهم نفسًا.

وقد سافر إلى مؤتمر لندن وهو مريض وحالته الصحية سيئة، ونهاه أطباؤه عن السفر وأنذروه بالخطر فلم يكترث وشد رحاله وأخذ معه أخاه وأهله في انتظار الموت، ولما وصل نعيه إلى فلسطين أُعلن خبره على المنائر والمآذن في جميع مساجدها وأقيمت عليه صلاة الغائب، وفي بومباي قررت المدينة وقف دولاب العمل وأُغلقت مخازن التجارة، وقد وافقت وفاته مضيَّ ثمانية أشهر على سجن غاندي فأُغلق خمسون مصنعًا من مصانع القطن يعمل فيها مائة ألف عامل.

وكان لنعي الزعيم الراحل في مصر أثر لا يقل عن أثره في فلسطين، لأن الرجل كان معروفًا للعالم الإسلامي والشرق كله وكان متصلًا بجميع أركان الحركة القومية في العالم.

وبادر المجلس الفلسطيني الأعلى الذي يرأسه السيد أمين الحسيني مفتي القدس إلى تعزية أهل الفقيد ودعوتهم إلى قبول دفنه في المسجد الأقصى، فلُبِّيت تلك الدعوة. وكان لهذا القبول أجمل أثر في العالم الإسلامي، فإن وجود جثمان الفقيد في فلسطين وفي إحدى البقعتين الطاهرتين المقدستين للإسلام رابطةٌ بين مسلمي الهند وبين مسلمي العرب لا تزول ولا تنفصم عُروتها وتوثيقٌ للصداقة بين المؤمنين.

وهي فكرة سياسية بديعة جاءت بها قريحة السيد أمين الحسيني نابغة فلسطين ورافع لوائها، وقد خدمت الشرق العربي أجلَّ خدمة، وهي أكبر دليل على تمام الاتحاد والألفة بين المسلمين في أنحاء العالم، وقد قال شوكت علي لبعض المعزين العبارة الآتية:

لقد أحببنا العرب من صميم أفئدتنا، وقد عزمنا على أن نعطيهم أخانا ليرقد بينهم.

وإنها في الوقت نفسه عاطفة تكريم جليلة للفقيد، فإنه طبعًا كان يجد مرقدًا كريمًا في وطنه وكان قبره يكون كعبة للقاصدين من مقدِّريه من المسلمين والهندوس، ولكن مثواه في جوار المسجد الأقصى إحدى الكعبتين ومهبط الوحي حيث قبة الصخرة وحيث مربط البراق الذي دافع عنه في حياته؛ لَأمرٌ ينطوي على أجمل الرموز وأسماها. وقد وُفِّق السيد المفتي في إيجاد الفكرة وتنفيذها، كما وُفِّق إلى المكان الجميل الذي جادت به أسرة الخطيب من أوقافها.

وقد فطن فحول اليهود إلى خطورة هذه الفكرة، فاحتجوا واعترضوا وأرسلوا برقيات المقاومة إلى سادتهم الإنجليز الذين أعطوهم وعد بلفور، ثم رأوا أن صوتهم قد غرق في الزوبعة ولم يعد مسموعًا، فرأوا أن يتقهقروا وهم يتقنون التقهقر عند اللزوم، فلزموا الصمت أولًا ثم أخذوا يرسلون برسائل التعزية لمولاه شوكت علي، عملًا بالمثل المنسوب للأتراك «اليد التي لا تملك قطعها قبِّلها».

وهكذا مثلوا أيضًا في هذه الفاجعة الإسلامية دورًا دنيئًا لا يصدر عن قوم يريدون المسالمة.

ترجمة حاله

وقد كان تاريخ حياة محمد علي وأخيه شوكت … الله في أجله تاريخ كل مجاهد مستنير في الشرق المستعمَر المغلوب على أمره، فإن الشاب الشرقي يولد وينمو فيتعلم ويتيقظ فيرى الويلات المنصبة على وطنه ويرى الهوة التي تفصل بينه وبين أصدقائه من قومه الممالئين لأعدائه فيقاطعهم ويناصبونه العداء، ثم إذا كبر شأنه ناوأته السلطة الأجنبية وضيقت عليه الخناق، فإذا سنحت الفرصة شنقته أو نفته من وطنه أو سجنته وهذا أضعف العذاب فيقضي الأعوام في غَيَابَة السجن معتلَّ الصحة أو مشرفًا على الهلاك وأهله وبنو قومه الذين يدافع عنهم لا يحركون ساكنًا في سبيل خلاصه إلى أن يموت، فيذهب من هذا العالم بعد أن ذاق مرارة العيش ولم تكتحل عينه برؤية وطنه في بحبوحة الحرية أو في هناء الاستقلال.

هذه حوادث تتكرر منذ نهض هذا الشرق البائس، تتكرر في جميع أنحائه سواءً في ذلك الشرق العربي أو التركي الإسلامي أو الوثني، ولكن كان نصيب المسلمين من البلاء والعذاب أعظم لأن بلواهم مزدوجة، فالزعيم الإسلامي أو المصلح الإسلامي يجاهد جهادًا ضد أعداء وطنه وآخر ضد أعداء دينه.

وهكذا كانت حياة المرحوم محمد علي الذي قضى وهو لا يزال كهلًا في العقد الخامس من عمره ولا يزال أقرانه في أكسفورد على قيد الحياة وعلى أتم ما يكون من الصحة والعافية، ولكن جهاده هو أضناه وأضعفه وحياة السجن سبع سنين أدنت أجله.

أما ترجمته فهو من أكبر السلالات الإسلامية في الهند ذات التاريخ الحافل بالمفاخر. وقد ولد في ولاية رامبور وكان أبوه يومئذ يشغل وظيفة عالية في الحكومة وذلك في ١٨٧٨، فقد مات إذن في الثانية والخمسين من عمره. وقد توفي والده وهو طفل فكفلته أمه التي كانوا يسمونها «أم الهنود» لأنها أنجبت ولدين اشتركا في خدمة الإسلام والهند أعظم خدمة وكانت تخطب في الجماهير وتحثهم على النهضة، وكلما سجن أحد ولديها أو كلاهما معًا فرحت وشجَّعتهما وجعلتهما نموذجًا وقدوة لغيرهما من أبناء الهند، ويلوح لي أنني قرأت في إحدى الصحف خبر اعتقالها حينًا أو تهديد السلطة لها في إبان اشتداد الثورة. ولما ماتت الأم منذ بضع سنين كان لوفاتها رنَّة أسى في جميع أنحاء الهند ورُثِيَت من جميع الخطباء ورجال السياسة في شتى المحافل والمجامع، اعترافًا بفضلها وفضل ولديها على الهند والعالم الإسلامي.

وكانت الأم امرأة فاضلة وَرِعة، ويرجع الفضل إليها فيما شب عليه الفقيد الشهيد من الورع والتقوى والغيرة الدينية والوطنية.

وعندما شب كانت كلية عليكره قد ظهرت في الوجود فالتحق بها وأتم دروسه الثانوية في معاهدها، ثم صنع كما يصنع أعيان الهنود فشد رحاله إلى أكسفورد لإتمام دراسته الإنجليزية على النمط السكسوني. وقد روى مولانا شوكت علي في خطبة ألقاها في شهر رمضان في جمعية الشبان المسلمين أنه بعد أن عاد هو من أكسفورد وكان يكفل أخاه محمدًا أرسله إلى أكسفورد ليُتِمَّ علومه ثم التحق بلنكولنزاين حيث يتخرج رجال القانون وعاد حائزًا لأعلى الدرجات في الأدب والتاريخ.

ومن تهكُّم القدر أنه التحق بخدمة الحكومة في الهند فقُلِّد منصبًا رفيعًا في ولاية بارودا أعظم ولايات الهند الوثنية وأغناها وأرقاها! وقد أحبه راجاه بارودا وقربه وفضله على الوزراء الوثنيين، وصارت الكلمة كلمة محمد علي والرأي له إلى أن حدث خلاف بينه وبين الراجا فاستقال وأنشأ الصحف. وكان كاتبًا قديرًا باللغة الإنجليزية، فكتب المقالات الضافية في عدة صحف وأسس جريدة الرفيق «كومراد» فنالت من النجاح ما لم تنله جريدة قبلها.

وكانت غايته الشريفة بادية من خلال سطوره، وكان شعاره التوفيق بين طوائف الهندوس والحكومة والأهالي.

وقد صادف وقت جهاده وقت جهاد المرحوم مصطفى كامل، وكانت بينهما مكاتبات اطَّلعت على بعضها بينه وبين المرحوم مصطفى كامل في سنتي ١٩٠٦ و١٩٠٧، وكان يرسل مكاتيب التشجيع والمحبة إلى البطل المصري ولا سيما عَقِيب عودته من لندن بعد دفاعه المجيد في حادثة دنشواي، وكانت جريدة الكومراد ترد اللواء وتنقل عنها مقالات كثيرة في تلك الفترة.

مسلمو الهند بين الإنجليز والترك

وفي سنة ١٩٠٦ أُلِّفت الجامعة الإسلامية المذكورة في الهند، ويرجع الفضل في الشهرة التي نالتها الجامعة الإسلامية لصيانة مصالح المسلمين إلى همة المرحوم محمد علي وجهوده. كما أنه ساعد في إنشاء مسجد كونبور وأسس جمعية الهلال الأحمر لإعانة منكوبي حروب البلقان، وقام بأعمال كثيرة أخرى في الإصلاح مما جعله محبوبًا ومعروفًا في العالم الإسلامي بأسره. وكان دائبًا على العمل في ترقية شئون المسلمين بعد أن أدرك بثاقب فكره أن طائفته كانت متلكِّئة في الرقي العصري، فمضى يعمل بلا كلال في سبيل إنهاضها وإذكاء نار الحماسة الوطنية في قلوب بنيها.

وعندما نشبت الحرب العظمى شعر مسلمو الهند بتنازع الولاء في نفوسهم ووقعوا بين عاملَين: فكانوا من جهة يشعرون بأنهم مرتبطون بالخلافة في تركيا، ويشعرون من الجهة الأخرى بأن الواجب يقضي عليهم بأن يعترفوا بسيادة إنجلترا وإعانتها في الحرب والانضمام إلى صفها في مقاتلة دولة الإسلام الكبرى، وأخيرًا اضطُرُّوا اضطرارًا للانضمام إلى إنجلترا. ولكن الصحف الاستعمارية كالمورننج بوست والتيمس اندفعت في القذف في تركيا ووصف الأتراك بأنهم مطايا الألمان وخَدَمهم، فرأى محمد علي أن تلك الحملة لا تطاق وأنها ليست من الإنصاف في شيء فانبرى للمنتقدين بقلم من نار وأخذ يحرض المسلمين على عدم محاربة الأتراك جِهَارًا، فصودرت جريدتا «الكومراد» و«هواداراه» واعتُقل محمد علي نفسه في شهر مايو سنة ١٩١٥ لاعتباره خطرًا على الأمن، ولم يستطيعوا أن يوجهوا إليه تهمة الخيانة أو المروق من الوطنية، وقد سار أخوه شوكت علي على خطته فاعتقلوه هو أيضًا وقد بقيا في السجن من مايو سنة ١٩١٥ إلى عيد الميلاد سنة ١٩١٩، أي بعد الهدنة بعام وشهر.

ولما وضعت الحرب الكبرى أوزارها وظهر الحلفاء بمظهر عدم الوفاء بوعودهم، اشتد سخط المسلمين في الهند وعظم تبرمهم بالحالة وزادت نقمة محمد علي على الإنجليز، فاتفق هو والزعيم غاندي وشرع في نشر الدعوة للخلافة الإسلامية في طول البلاد وعرضها، وسافر في سنة ١٩٢٠ إلى لندن من أجل النزاع الذي شَجَر في سبيل الخلافة، ولما رأى أن لا خير يرجى للإسلام من الإنجليز قَفَل راجعًا وانضم إلى حزب غاندي، وطاف البلاد يدعو السكان إلى عدم المعاونة فاعتقلته السلطة الإنجليزية في سنة ١٩٢١ وبقي في السجن سنتين يقاسي أشد الآلام، لأن الحكومة في هذه المرة وجهت إليه تهمة تحريض الجيش الهندي على العصيان، وأُخلي سبيله في سنة ١٩٢٣. وكان اعتقاله هذه المرة أثناء سياحته مع المهاتما غاندي في نيزجاباتام في جنوب الهند وحوكم في كراتشي، وكانت لمحاكمته ضجة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الهند وكان أخوه معه في المحاكمة والحكم، ونحن ننوه بفضل شوكت أثناء إخلاصه.

ولم تكن المدة التي قضاها في السجن إلَّا لتزيده تمسكًا بمبادئه الوطنية. وبعد خروجه من السجن اتخذت الحركة الوطنية شكل المجلس الوطني وخَطَت خطوة كبيرة في سبيل التقدم. وفي هذه الآونة طلب بعضهم إليه أن يرأس مجلس الأمة في دلهي، فأدرك بفطنته مبلغ التطور مدةَ اعتقاله فاجتنب خطأ العثور وقاد النهضة الوطنية بهمة وحكمة فسارت في سبيل النجاح، وفي العام التالي رأس مجلس الأمة الذي عُقد في كوكندا للمرة الثانية وقبلت جميع الأحزاب خطابه وأجمع الكل على أن خطبته كانت من أبلغ الخطب وأشدها تأثيرًا في شئون الهند السياسية. ومنذ ذلك اليوم بات محمد علي الصديق الحميم والحكيم المرشد لغاندي، وأعاد إصدار جريدتي «كومراد» و«هواداراه» في دلهي فكانتا شعلة الإيمان الوطني ومثال الحمية المتوقدة.

محمد علي بعد عودته إلى وطنه

وكان في المباحث الخاصة بالتاريخ والاقتصاد والاجتماع فردًا متوحِّدًا وأنداده نادرون، وليس في البلاد من يفوقه في رجاحة العقل ولِين العريكة وحسن السياسة، وكان يعرف الناس وشئون الحياة حق المعرفة ولذلك وجد السبيل إلى قلوب الرجال في القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا.

وقد ساءت صحته في السنتين الأخيرتين من عمره فاعتزل السياسة وخَفَت صوته إلى أن ذُكرت أسماء المدعوين إلى المؤتمر الهندي فورد اسمه في طليعة المندوبين. وكان هو يشعر بالمرض بل بالموت وقد أخذ يسير نحوه حثيثًا، وأنذره أطباؤه وأصدقاؤه بالخطر ولكنه لم يبالِ بحياته في سبيل خدمة وطنه فسافر وربما كان يشعر بأنه لن يعود إلى وطنه حيًّا.

ولما افتتح المؤتمر جلسته التمهيدية ألقى المرحوم محمد علي خطابًا هاج النفوس ولمس أعماق الأفئدة فطلب استقلال بلاده بعبارة مؤثرة وقال: «إنني لسوء حظي لن أعود إلى الهند المستقلة، ولعلني أموت قبل أن أرى حرية بلادي ولعلكم تخطون لي قبرًا في بلادكم.»

وقد صدق ظنه وصحت نبوءته، وكانت أعماله في المؤتمر ختام حياته وتاج جهاده.

ومن البديهي أن رجلًا مثله عاش عهودًا طويلة في بلاد الحرية أصبح لا يرضى العيش في غير آفاق الاستقلال، وهو إذ كان يعمل لخلاص وطنه من الاستعمار الأوروبي لم ينسَ إخوانه المسلمين في الهند، بل جعل خلاص بلاده وإسعاد طائفته وكفالة حقوقها أمرَيْن متلازمَيْن في جهاده الدائم المستمر. على أن الذين اختاروا أخيرًا أن يثوى مثواه الأخير في القدس وهم السيد أمين الحسيني وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى إنما نفذوا إرادة الله الذي أراد أن يكرمه بهذا الجوار الطاهر في تلك البقعة المباركة، كما نفذوا إرادته لأنه كان من أنصار الوحدة العربية الإسلامية، وكانت كل أمانيه وآماله أن يجتمع العالم الإسلامي والعالم العربي على قلب رجل واحد. وقد هب العالمان العربي والإسلامي لتشييع جنازته إلى مقره الأخير، وهما لا يصنعان أكثر من أنهما يوفِّيانه بعض الجزاء على ما بذل في حياته من جهود أكبر من أن يوفيها جزاء، ثم هما بعد ذلك يجتمعان على قبر رجل كان يعمل لأن يجتمع العالمان العربي والإسلامي في صعيد واحد.

وقد وصل جثمان المرحوم محمد علي إلى بورت سعيد صباح الأربعاء ٢٠ يناير سنة ١٩٣١ (٢ رمضان ١٣٤٩) في الساعة السادسة صباحًا ومعه أخوه وزوجته وابنته وابن أخيه، وقد أُنزل الجثمان في السادسة صباحًا بمسعى بعض رجال الطرق المشهورين، وساء مصر كلها أن النعش نُقل إلى المسجد وشُيِّع من المسجد تشييعًا حكوميًّا محضًا في الساعة العاشرة صباحًا في رمضان، وقبل أن يستيقظ أهل بورت سعيد الذين لم يتمكنوا من الاشتراك في تشييع الجنازة، ولم يكن هناك ما يدعو إلى السرعة لأن النعش وصل إلى المحطة في الساعة الحادية عشرة من صباح الأربعاء وبقي بها إلى مساء الخميس ٢١ يناير حيث نُقل في القطار إلى القدس، وكان يمكن تأجيل التشييع إلى ظهر اليوم أو بعد الظهر بساعة ولكن هكذا شاء المتحالفون على عدم إشراك الشعب المصري في تشييع جنازة الفقيد الراحل.

وقد رويت عن السيد عبد العزيز الثعالبي الزعيم التونسي الشهير في خطبة رثائه في ظهر الجمعة ٢٢ يناير سنة ١٩٣١ بالمسجد الأقصى نبذة من تاريخ حياته كما شهدها بنفسه، قال:

كنت نزيلًا عليه أيام إقامتي في دلهي سنة ١٩٢٥، وكان يعالج بياض نهاره وهَزِيعًا من الليل بالكتابة والخطابة والتفاهم مع الأحزاب وملاقاة الزعماء ومحادثة رجال الهند وأقطابها، ولكن كان له عمل آخر لا يشغله عنه شاغل في الهزيع الأخير من الليل هو تزكية القلب وتصفية الروح فقد كان ينقطع للتهجد وقراءة القرآن حتى مطلع الشمس ثم يعود إلى استئناف عمله، وهكذا دواليك.

وختم الثعالبي رثاءه بقوله:

إن محمد علي كان عظيمًا بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ، وسر عظمته كان في عقيدته وفي إيمانه وإخلاصه. لقد مات الرجل الذي وضع أساس تحرير الشرق، ولكن هذا لا يعني أن العمل الذي بدأ فيه سوف يتوقف، إن المُعَوَّل على الإخلاص! لم تكن مواهبه في ذكائه وخطابته وعلمه ولكنها كانت على الأخص في إيمانه ويقينه وإخلاصه.

ولا يقل فضل شوكت علي عن فضل أخيه، فقد كان مربيه وصديقه وقد خطب في جمعية الشبان المسلمين ٣٠ يناير سنة ١٩٣١ باللغة الإنجليزية، فذكر فتوح الإسلام وهمة العرب ونهضة الشرق، ثم قال: «إنني ربيت أخي ثم صرت له تلميذًا، وكنا نعيش في بداية أمرنا كما يعيش الإنجليز نحلق لحانا وشواربنا ونلبس الثياب الأجنبية ونشترك في الألعاب السكسونية ونتقنها، وقد بنينا دارًا على الطراز الإنجليزي وأثَّثناها على الطريقة البريطانية وأخذنا نستقبل أضيافنا من الأجانب فكانوا يأكلون طعامنا ويشربون شرابنا ويطعنون في شعبنا أمامنا ثم يحتقروننا في قلوبهم، فلما بانت لنا الحقيقة خلعنا ثيابهم وأرخينا لحانا لتكون احتجاجًا على الظلم الأجنبي ورضينا بالثياب الوطنية التي تستر أجسامنا وتقينا البرد، وهي أقل في مظهرها من الثياب الإفرنجية الفاخرة ولكنها صنع أيدينا وبضاعتنا التي نفتخر بها. ومنذ صار لنا هذا المظهر الإسلامي الشرقي أخذ الإنجليز ينظرون إلينا بعين الاحترام والاعتبار ويعتبروننا أشخاصًا نمثل الإسلام والشرق فكفُّوا عن احتقارنا، ونحن كفَفْنا عن مظاهر الثروة ورضينا بالكفاف والزهد في العيش.

ومن أغرب ما حدث أنه في صبيحة إلقاء هذه الخطبة البريئة انبرت سيدة سورية تنتمي إلى العقيدة المارونية في إحدى الصحف السورية الموالية لفرنسا في الشرق تنتقد وتُرْغِي وتُزْبِد وادَّعت باطلًا أن خطبة شوكت علي تعني وجوب مقاطعة كل فكرة جديدة وكل أسلوب مستحدث والاكتفاء بما خلفه الماضي من الأفكار والأساليب ووسائل المعيشة، ولم تكن تلك الآنسة أو السيدة قد حضرت الاجتماع أو سمعت الخطاب الذي ألقاه مولانا شوكت علي ولم تكن قرأته في الصحف ليدلها على حقيقة أفكاره، ولكنها كانت آلة في يد أعداء الشرق والإسلام الذين أوعزوا إليها أن تهاجم شوكت علي وتتهمه باطلًا بأنه يدعو إلى الرجعية والقهقرى وينشر فكرة المقاطعة والرجوع إلى الماضي واحتقار أوروبا ومدنيتها، وهذه شنشنة عرفناها من أخزم.

وفي الحق أن تلك الكاتبة المسترزقة وسادتها وأساتذتها ليس لهم دخل في شئون الإسلام كما أننا لا دخل لنا في شئون الموارنة أو الكثالكة، ولكنها سلاطة وإسفاف وغدر مبيَّت تظهر بوادره كلما سنحت من المصلحين سانحة، فهؤلاء القوم الذين آواهم الإسلام وفرش لهم وأنامهم وأسعدهم في كنفه، يفتئون يحاربونه بكل سلاح ولا يخجلون أن يسخِّروا صبيانهم ونساءهم لمناوأته. ومما يدل على جهل تلك الكاتبة وتعصبها وعدم فهمها الخطابَيْن اللذين ألقاهما الثعالبي وشوكت علي في ذلك الاجتماع أنها خلطت بين الخطابين خلطًا مدهشًا.

فقد كان موضوع الثعالبي «انتشار الإسلام بغير حرب ولا سلاح»، وكانت خطبة شوكت علي شكرًا للذين احتفلوا به وعزوه في أخيه، فسرد الثعالبي وقائع تاريخية تؤيد نظريته وهي نظرية جاء بها كثيرون من المؤرخين الإفرنج في كتبهم، مثل G.H. Wells وستودارد ومؤلف تاريخ عبد الحميد وغيرهم، وكلام شوكت خاص بتاريخ أخيه وأعماله في الهند. ومع هذا التباين العظيم في الموضوعين ومع حضور مئات من العلماء والأدباء لدى إلقاء الخطابين المختلفين، فإن السيدة الكاتبة المارونية الملة والمتعصبة النزعة قالت في استهلال مقالتها:

ومع أن خطاب الأستاذ الثعالبي كما نشرته الصحف في وصف الاجتماع الذي أقامته جمعية الشبان المسلمين أوفر إسهابًا، فإنه في الجوهر وفي طائفة غير يسيرة من التفاصيل متوافق وخطابَ مولانا شوكت علي، فحمدنا للأستاذ الثعالبي بيانه عن روح السلم والسماحة في الإسلام كما حمدنا لكل من الزعيمين الكبيرين محبتهما لهذا الشرق العظيم ورغبتهما في إنهاضه وتحريره وإسعاده باستعادة مجده السالف.

ولكن هذه مقدمة، ولين مدخل، واستدراج للقارئ ليتناول السم المدسوس في الدسم، وهذه طريقة تنبئ بحسن القصد وسلامة النية والتجرد عن الهوى ولكن وراءها الغدر والنكاية وإيغار صدر أوروبا والسلطات الحاكمة في الشرق على هذين الزعيمين، فإنها بعد أن نبهت إلى أنهما زعيمان يرميان على إنهاض الشرق حذرت أوروبا منهما لأنهما رجعيَّان ومتعصبان يقولان بمقاطعة أوروبا في أفكارها وبضائعها. قالت:

وقد استوقفنا من خطابَي الزعيمين القول الواحد الذي يعني وجوب مقاطعة كل فكرة جديدة وكل أسلوب مستحدث والاكتفاء بما خلفه الماضي من الأفكار والأساليب ووسائل المعيشة.

واستمرت على هذه النغمة تنسج خيوطها وحبائلها للوقيعة والفتنة، وهذا من أشنع أنواع التجسس والاختلاق والبلاغ الكاذب والنميمة التي يجب على كل عاقل أن يتبينها قبل أن يأخذ بها أو يصدقها، عملًا بنصوص القرآن الكريم وأحكام القوانين.

وفي يوم الأربعاء ٢ فبراير سنة ١٩٣١ ألقى مولانا شوكت علي خطابًا على نخبة فاضلة من سيدات القاهرة فقال إنه مدين بكل ما هو فيه من حب الإسلام والشهرة المكتسبة هو وأخوه لامرأة وهي أمهما التي كوَّنتهما وثقَّفتهما ولم تكن متعلمة ولكنها سيدة علمها الزمن، وكان لها عقل راجح وصدر رحب فعلَّمت ولديها حب دينهما وأهله، وكل ما قاما به من جهاد في سبيل الإسلام والمسلمين إنما هو ثمرة لهذا الغرس الذي غرسته أمهما في نفسيهما. وكان محمد علي عمره سنة واحدة عندما توفي والده، وكان عمر الخطيب (شوكت) سبع سنين وكانت تركة أبيهما مستغرَقة بالديون، فقلبه مفعم بالحب لأمه العظيمة التي جاعت كيلا تبيع أرضهما المرهونة وباعت كل ما كانت تملك حتى ربتهما هذه التربية التي نشأا عليها، ومن أجلها هو يقدس المرأة ويعمل كل ما يمكنه في خدمتها إكرامًا لأمه.

ثم تكلم عن حجاب المرأة الهندية وهو المسمى بنظام البوردا (ولعله مأخوذ من كلمة بردة أي ثوب)، فقال إن سببه فتوح الموغول فأصبح الهنود محكومين بعد أن كانوا حاكمين فاضطر المسلمون إلى حجب النساء وقاية لهن من التعدي والأذى، وإن الذي ساعد والدته على تربيته وتربية أخيه وأخواتهما الأربع إنما هو الحجاب، لأنها اقتصدت ولم ترَ بذخ السيدات ولم تتأثر بأفكارهن بالعدوى، فكان ذلك معينًا لها على الانصراف إلى تكوين أسرتها بالطريقة المجدية النافعة، وإن أول واجب على المرأة المسلمة أن تكوِّن الأسرة تكوينًا يخرج الناشئة على جميع الأخلاق الفاضلة.

ثم قال: إننا وقفنا مكتوفي الأيدي والروح الإسلامي يضعف شيئًا فشيئًا وخصوم الإسلام يعملون على هدمه والاستيلاء على مقدساته ويحاربون المسلمين في دينهم وأعز شيء عليهم، وإن الأخطار التي تحوط جميع الأمم الإسلامية اليوم يجب التفكير الجدي في وسائل صدها ودفعها عنها.

لا ينبغي أن نبكي إذا أُخذ وطننا منا، ما دمنا نصرف أوقاتنا في التافه من الشئون ونضن على الله ببعض أوقاتنا.

لا نريد أن نتصوف ولا أن نتقشف، ولكن نلبس زينة الله ونتمتع برزقه في حدود الضرورة. ولكن علينا أن نعطي أرواحنا قسطًا من التربية والتهذيب النفسي كما أعطيناها من الملاذِّ والشهوات.

التفكير في الدفاع عن الشرق واجب

ولم يكد المرحوم محمد علي تجف دموع الباكين عليه حتى أطلق سراح غاندي وتوفي المرحوم متولال نهرو أحد عظماء الهنود وقد خرج من السجن إلى القبر. وانتهى مؤتمر لندن، والتقى غاندي بلورد إروين الحاكم العام في الهند واتفقا في النهاية على منهاج الهدنة ووقف الحرب السياسية ريثما تتم خطة الاتفاق النهائي التي تنيل الهند أمانيها المقدسة.

وربما كان هذا من المصادفات ولكن من العجيب حدوثها عقيب وفاة الزعيم الراحل، فقد صدق من قال إن دماء الشهداء تغذي شجرة الحرية، وهذا الشهيد قد سقط في ميدان الوغى يدافع عن وطنه وعن دينه وعن الشرق أجمع، وقد تحقق بعد موته أمله الذي كان يسعى إليه طول حياته وكاد يتحقق عن قريب بإذن الله.

إن الذي حدث وظهر فيما يتعلق بإخواننا الهنود المسلمين أمر على أعظم جانب من الخطورة، وقد سبَّب دهشتنا وغيَّر مجرى أفكارنا. إنه من المبالغة أن نقول إننا واقفون على أحوال المسلمين في الهند، وكل ما يمكننا أن نقول به هو ما ظهر لنا من نهضتهم بسبب إنشاء كلية عليكره التي أسسها سيد أحمد خان الزعيم الهندي المسلم وكانت جريدة المؤيد تدعو للاكتتاب لتلك الكلية، وقد جمعت مبالغ لا بأس بها من كرام المصريين. وفي ظني أن فكرة الوطنية أو الاستعمار لم تكن هي الحافز لنا في ذلك العهد على مدِّ يد المعونة لتلك الكلية، بل كان الحافز لنا هو الرابطة الدينية بين المسلمين الهنود وبين المصريين، وأخذ بعض الهنود المسلمين المتعلمين لا سيما الذين ختموا دراستهم في بلاد الإنجليز يمرون بالقطر المصري فيلقون إكرامًا وعنايةً واحترامًا من رجالنا العموميين، ومن هؤلاء ضياء الدين أحمد الذي مر بمصر في سنة ١٩٠٧ وغيره، وكان بعض العظماء أمثال أبو الكلام والسهروردي وسير شافعي وبعض رجال حيدرآباد الدكن يمرون بمصر فيكرمون على اعتبار أنهم مسلمون. ولم تكرم مصر هنديًّا وثنيًّا على اعتبار أنه وطني قبل برمشاور لال المحامي الهندوكي البنغالي الذي زار مصر في سنة ١٩٠٨، وكان من أهل النبوغ والفطنة والإخلاص لوطنه وللشرق.

ولم يكن جميع المصريين قاطبةً ما عدا أفرادًا يعدون على أصابع اليد الواحدة يعلمون أي شيء عن الحركة الهندية قبل سنة ١٩٠٩ عندما اتصل بعضهم ببعض زعماء الهنود الذين كانوا يجاهدون في سبيل وطنهم في أوروبا، أمثال كريشنا ڤارما بلندن وباريس ومدام كاما بباريس وجنيڤ وساڤاركار بلندن وباريس، وهارديال وشاتوبادايا.

وكانت الهند مرموقة بعين الاحتقار في الشرق ولا سيما في القرن التاسع عشر، فكانوا يضربون الأمثال بمذلتها للإنجليز، وكان بعض المصريين يظنون أن الإنجليز يُسْرِجون الهنود ويتخذونهم مطايا، وينذرون بعضهم بحظ سيئ لا يقل عن حظ الهنود. وقد تحققنا من صدق هذه الأقوال إلى حد ما وإن كان فيها بعض المبالغة، فإن الإنجليز حقيقةً يسيئون إلى الهنود في بلادهم ويهينونهم كما هي عادة كل فاتح أجنبي قليل العدد في البلاد المفتوحة فهو يستعين على قلته بالقسوة والإرهاب. ولكن يظهر أن الهنود الذين سافروا إلى أوروبا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر وتلقوا العلوم الحديثة في إنجلترا وألمانيا وأمريكا تمكنوا من استرجاع مكانتهم في أوطانهم، ويرجع الفضل في النهضة الأخيرة إلى بضعة رجال من الهندوس والمسلمين، وإلى قسط من الحرية أُرغمت إنجلترا على إعطائه للهنود؛ فكانوا يجمعون في كل عام مؤتمرهم الوطني، وكانوا ينشرون في بلادهم وفي الخارج جرائد ومجلات متطرفة في الحرية ساعدت على تشجيع الهنود وهدم صروح الأوهام القديمة التي كانت قائمة في وجوههم. وربما كان أعظم رجال النهضة الحديثة قبل «جاندهي» الأستاذ المرحوم تيلاك الزعيم الهندي الشهير الذي حوكم في سنة ١٩٠٦ وحكم عليه بالسجن ست سنوات، وهو يعد بحق مؤسس حركة «سواراج» أو الاستقلال التي قامت في الهند في الثلاثين سنة الأخيرة … ومن المسلمين سير شافعي الذي توفي اليوم.١

أصول المسلمين الهنود وخططهم

وأخبار النهضة الهندية الحديثة تهمنا في مجموعها كما يهمنا أمر المسلمين في تلك البلاد، فإنهم يبلغون ثمانين مليونًا، وقد رأينا منهم في العهد الأخير عددًا وفيرًا، وكلما حادثنا أحدهم أبهم الأمر علينا لكثرة ما نراه من التناقض في مقاصدهم، ولكن يمكننا الاستنتاج بالإجمال أن معظم المسلمين الهنود جهال كغيرهم من المسلمين في جميع أنحاء العالم، وأن المتعلمين منهم أقلية، والذين يتعلمون منهم يتمايزون على غيرهم وتظهر كفايتهم ونبوغهم بدرجة مدهشة. وليس كل المسلمين في الهند من أصول عربية أو تترية أو موغولية أو فارسية، بل معظمهم من الهنود الأصليين الذين انتحلوا الإسلام عند دخول المسلمين فاتحين إلى بلادهم، وربما كان الكثيرون منهم من الطبقات المقصيَّة أو القليلة المجد والتي وجدت في الإسلام حرية وإخاء ومساواة وضمانًا لحقوق الضعيف والمظلوم فاتخذته درعًا ضد اضطهاد البراهمة.

غير أن هؤلاء المسلمين مهما كانت أصولهم فقد احتفظوا بكثير من شجاعتهم وسلطتهم الأدبية، حتى ترى بعضهم يقول مفاخرًا:

نحن فاتحون ونحن حكام، ونعرف وسائل الحكم والسلطة والسيادة في هذه البلاد وهذا وجه خوف الهندوك منا، فهم يخشون جانبنا لأننا سادة البلاد.

وكان أعظم المصرحين بهذه السخافة السياسية الرجل المدعو شوكت علي، الذي ثبت لنا كما ثبت لكل شرقي متصل بالحياة العامة أنه يعمل للاستعمار ويخدم الدول الأجنبية في بلاده، وقد اتخذ الإسلام والخلافة ستارًا يعمل وراءه لمصلحته الشخصية، لأنه لو سلمنا جدلًا بصحة هذه النظرية وبصدق قولهم بأنهم سادة البلاد وحكامها، فقد آن لهم أن يتنزلوا عن هذه الدعوى ويتخلَّوْا عنها لمصلحة الوطن، وهي أعظم من مصلحة فئة من فئاته أو طائفة من طوائفه. فإن العالم المتحضر يسير في طريق المساواة لا في طريق الاستبداد، وإن هذه الدعوى الباطلة لا تفيد مطلقًا الآن لأن المسلمين أقلية والهندوك يزيدون على ثلاثمائة مليون، فأين يذهب سبعون أو ثمانون مليونًا في بحر هذه الأغلبية؟ فضلًا عن أن الهنادك متعلمون ومنوَّرون ومنهم الشعراء والفلاسفة ورجال السياسة والاقتصاد والقانون. وقيام حرب بين الطائفتين الآن مستحيلة، ولو قامت فإنها تدور دائرتها على المسلمين لا محالة. ثانيًا: إن المسلمين بالاستمرار على إذاعة هذه النعرة السخيفة يعطون للإنجليز سلاحًا قويًّا جدًّا يتقربون به لدى الهندوس ويهددونهم به بعد أن يعيِّروهم بالتفريق الكائن بينهم وبين المسلمين، والهندوس أنفسهم إذا سمعوا ذلك القول تأخذهم العزة ويبغضون المسلمين ويضمرون لهم السوء ولا يأمنون جانبهم مطلقًا، وقد يعملون على أذاهم بكل الوسائل إما بنزع ملكية أراضيهم أو بإذلالهم أو بغوايتهم ليعودوا إلى حظيرة الوثنية، وقد حدث شيء من هذا فعلًا، وهذا نفس ما ترغبه إنجلترا لأنه عين الشقاق الذي يمكنها من السيادة والحكم المطلق في الهند. فنحن وإن لم يكن لنا أن نلقي على الهنود درسًا إلا أننا نرى وجوب الاتحاد بين طوائف البلاد الشرقية جميعًا حيالَ العدو الأجنبي، ويسوءنا عزلة المسلمين عن غاندي.

وقد قابلنا كثيرين من الهنود المسلمين وغيرهم في طريقهم إلى مؤتمر المائدة المستديرة، وقابلنا غاندي ومن معه من الأبطال والزعماء والقادة والشعراء والفلاسفة، وحادثناهم فكانوا جميعًا متفقين فيما بينهم على تمام الوفاق مع المسلمين. وقد رأينا من شوكت علي بعد أن جمَعْنا بينه وبين غاندي وتعانقا على ظهر الباخرة «راجبوتانا» نفورًا وتكبرًا ظنناه في أول الأمر تهوُّسًا بالعظمة، فإذا به تعلُّقٌ بحكم الإنجليز الذي كان شوكت علي يدافع عنه بحياته حتى في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في القدس في ديسمبر سنة ١٩٣١.

وقد سرَّنا أن رأينا أفضل عناصر الإسلام منضمة إلى غاندي ولم يمكِّنوا الإنجليز من أن يقولوا لهم: «اتفقوا فيما بينكم أولًا ثم تعالوا إلينا لتتفقوا معنا.»

محمد علي جناه سياسي حذر «حر دستوري»

وقد قابلنا من المسلمين الهنود شبانًا متعلمين في طريقهم إلى لندن وهم من تلاميذ كلية عليكره التي أسسها السيد أحمد خان، وحادثناهم على انفراد فإذا بعضهم متمسك بالفكرة الإسلامية وحجته في ذلك أن الهنادك قد اضطهدوا المسلمين جملة قرون وقاطعوهم واعتبروهم من الأنجاس تقريبًا والذين لا تجوز معاشرتهم، وقد تعطلت مصالح المسلمين في البلاد وزاد جهلهم وصاروا في بلادهم أذلاء، وكان الهندوس يبغضونهم بظن أنهم معادون للوطنية الهندية، فلما ظهر نوابغ من المسلمين ومن الهنادك تمكن الفريقان من جمع الكلمة ولمِّ شمل الفريقين. وأخذ الجميع يعملون للمصلحة المتحدة في الهند وإنجلترا، وعلى رأسهم المغفور له سير أمير علي الذي ألف كتبًا جليلة في تاريخ الإسلام والشريعة والحضارة الإسلامية، ومن فضلائهم المرحوم أبو الكلام وسير إقبال وسير شافعي وظفر علي خان وعباس طبيجي.

وممن لقيناهم في العهد الأخير محمد علي جناه وهو محامٍ هندي مسلم متعلم ذكي وسياسي محنك، ويكاد يكون إنجليزي النزعة في هيئته وحديثه وعاداته ولكنه وطني مخلص وهو شديد الحذر سيئ الظن برجال السياسة في الشرق والغرب، ولكنه يتلهَّب غيرةً على بلاده، وهو قليل العلم بأحوال الشرق والإسلام وإن كان قد انقطع لدرس المسألة الهندية. وهذا الرجل وضع منهاجًا مؤلفًا من أربع عشرة نقطة (تذكرنا بأربع عشرة نقطة وضعها ويلسون منذ أربع عشرة سنة)، ومعظمها خاص بحقوق الانتخاب وامتيازات المسلمين في الولايات التي يكثر عددهم فيها. ومن آرائه التي تلقيناها عنه مباشرةً في ١٢ سبتمبر سنة ١٩٣١ أن المسلمين والهنادك لا يجوز لهم أن يذهبوا إلى مؤتمر المائدة المستديرة قبل أن يتفقوا فيما بينهم. وهو قليل الثقة بغاندي ويتهمه بأنه يخدم طبقته وهي طبقة أرباب المتاجر الصغيرة، ولا يظن أن الهند تنال استقلالًا على يديه لأنه لابس «لانجوته» أي سراويل قصيرة، إشارةً إلى الزي الذي اتخذه غاندي. أما محمد علي جناه نفسه فهو يلبس الملابس الإفرنجية والقبعة الإنجليزية ويدخن الجحشة على طريقة السكسون، وهو يقدر ما حصل عليه الهنود من الإنجليز حتى الآن بثلث حقوقهم وينتظر الحصول على الثلثين الباقيين. وقد علمنا أن محمد علي جناه أشبه الناس في السياسة بالأحرار الدستوريين، وهو زعيم له أنصار من طبقة المتنوِّرين، وهو طبعًا يرفض زعامة شوكت علي وأمثاله، لأنه يعتبر نفسه أرقى منه عقلًا وعلمًا ولا يقل عنه إخلاصًا وانتسابًا للإسلام. وهذا النوع من الرجال نحترمه ونقدره قدره، ولكنه ينفع وطنه بعد حصوله على الاستقلال المنشود، أما الآن فإنه يثير الشكوك وقد يخيب الآمال، لأنه محامٍ حريص أكثر منه زعيمًا وطنيًّا، ولعله مساوم أكثر من سياسيًّا، وقد قيل لنا إنه خطيب قدير بلغته وهو يجيد الإنجليزية.

ولكن ليس بالدرجة التي يجيدها سير محمد إقبال الذي سموه بحق شاعر الهنود المسلمين وفيلسوفهم، فإنه يمثل نوعًا آخر من الرجال، فهو كهل في منتصف العقد السادس أسمر اللون حسن التقاطيع سليم القلب صادق النظر، مملوء بالعواطف الكريمة والآمال العالية. وقد تلقى علومه في ألمانيا وفي إنجلترا، واشتغل بالمحاماة والأدب والفلسفة في بلده لاهور. وهذا الرجل كان صديقًا حميمًا لمحمد علي المتوفَّى في العام الماضي ١٩٣١، وكان على ما ظهر لنا لا يحب أن يتحد محمد علي مع غاندي، ولا يزال يجاهر بهذا الرأي لاعتبارات طويلة وجيهة في نظره، ولكنه لا يرفض الاتحاد معه ولا يأبى العمل في كنفه، ولكن له وجهة نظر قد تختلف عن وجهة نظر غاندي.

ويهمني قبل كل شيء أن أقول إنه ليس من نوع شوكت علي وليس على مبادئه ولا علاقة بينهما في شيء، وقد قال لنا: «لقد كان من سوء الحظ أن سافرنا من إنجلترا إلى مصر على مركب واحد.» وقد رأيناه في أثناء إقامته القصيرة في مصر يتهرب من مقابلة الرجل ويحسن التخلص من فرصة الاجتماع به، ويصرح بأنه ليس على رأيه في شيء. وقد نزل في مكان غير الذي نزل به شوكت علي، وسافر بمفرده إلى القدس لحضور المؤتمر، ولم ينضم إلى الرجل المذكور في فكرة أو رأي.

وعندنا أن إقبال من نوع تاغور الشاعر الفيلسوف، وهو مسلم بمعنى الكلمة، ولعله من سلالة الفاتحين، وهو أديب في اللسان الفارسي الذي يتقنه إتقانه للغة الهندوستاني والأوردي، والإنجليزي والألماني، وهو عظيم الأمل في نهضة الإسلام ومستقبله وظهوره بمدنيته ومجده كما كان في سالف الزمان. وهو يرفض الوطنية الجنسية والفكرة القومية ويعتبر الإسلام رابطة ووطنًا وجامعة أقوى من كل تلك الروابط. ويقول إن أوروبا أفسدت الشرق بأن أدخلت عليه فكرة الوطنية بالقومية أو بالانتساب إلى بقعة معينة، فإن الشرق تجمعه الروابط الروحية والدينية أكثر من الروابط الأخرى. وقد صرح لنا أنه عندما أراد محمد علي الانضمام إلى غاندي سنة ١٩٢٢ أو ١٩٢٣ زاره في لاهور وعرض عليه الفكرة فعارضها إقبال وقدم حججه على رفضها، ولكن محمد علي أصر عليها.

وبعد حين عاد محمد علي إليه وهو مريض قبيل سفره إلى مؤتمر المائدة المستديرة ١٩٣١، وقال لإقبال إنه آسف على أنه خالف رأيه وقد رأى خطأه بالاختبار ولكنه يرى نفسه مضطرًّا للسفر إلى لندن، حيث لقي منيته. وقال إقبال عن نفسه إنه لم يكن سياسيًّا ولم يكن مشتغلًا بالسياسة وكان يعيش دائمًا بعيدًا عن الأوساط السياسية، وهو يحب أن يخدم قومه بالفكر والكتب والفلسفة والشعر، وله نظريات جديدة في تجديد التفكير في الإسلام وفي استنباط أساليب حديثة في الفقه والحديث وعلم الكلام وفتح باب الاجتهاد لأنه عدو للجمود، ويعتقد أن القرآن ينطوي على كل شيء يؤدي إلى تقدم المسلمين ونهوضهم، ويجاهر بأن الإسلام خدم المدنية والإنسانية والعلوم الحديثة. فهو زعيم إسلامي أو مفكر إسلامي من طبقة أرقى من طبقة سيد أمير علي المؤرخ، لأن إقبال ينظر إلى الإسلام باعتباره كائنًا حيًّا قابلًا للتطور والتحول نحو التقدم والإصلاح والنهوض بعد الركود والحياة بعد طول الرقاد والمرض. وربما كان هذا النوع من الرجال لا يكترث كثيرًا للحياة السياسية العملية، لأنه ليس رجل كفاح فهو لا يحارب الإنجليز جهارًا ولا يُشهر في وجوههم سلاحًا، ويكفي دلالة على ذلك أنه يحمل لقبًا من ألقاب شرفهم، ولكن هذا اللقب في اعتقادي لا يقدم ولا يؤخر ولا يقلل من وطنية الرجل فإن كثيرين من الزعماء في الشرق باشوات دون أن يكون لتلك الباشوية أو الميرميرانية شأن في أخلاقهم أو في تقليل وطنيتهم. بيد أننا بعد أن عاشرنا إقبال وأحببناه واحترمناه لا يسعنا إلا الأسف على أن لا يكون لرجل مثله في خدمة بلاده نصيب أكبر، ولعل سياحته الأخيرة في الغرب والشرق تساعده قليلًا على الخلاص من موقفه الحالي. ومن أمثاله ذو الفقار علي خان وجاودري ظفر الله خان وشفاعت أحمد خان وسردار سليمان قاسم الحاج ميتا وغيرهم.

ومن الرجال الذين رأيناهم شفيع داودي، وهو محامٍ هندي مسلم وشاعر، وهو شيخ أشيب ولكنه محتفظ بقوة الشباب وحرارته وحياته. وقد كان في اجتماعنا به في نفس الوقت الذي التقينا فيه بمحمد علي جناه تناقض غريب بين ذلك الشيخ الصريح الوطني المخلص الصادق النزعة المتمسك بالزي الشرقي في وقار واحتشام المملوء بالثقة في مستقبل الإسلام الواضح الحديث الجليِّ الرأي، وبين الكهل النحيف الجاف المتفرنج الذي أخذ يساوم محادثه المصري (وهو دكتور فاضل) وينظر إليه شزرًا ولا يبوح له بكلمة إلا إذا استدرجه في عشر كلمات. ولكن شفيع داودي من نوع أصدق معدنًا وأرقى جوهرًا وهو من مندوبي الشعب، وقد اشتغل بالحركة الوطنية منضمًّا إلى جمعيات الخلافة التي تأسست وتطورت واندثرت ثم بُعثت. ولكنها تمثل دائمًا فكرة واحدة وهي وجود دولة إسلامية قوية ينضوي تحت لوائها جميع شعوب الإسلام، وهي فكرة سليمة في ذاتها وليس عليها غبار ولكن الذي يضعفها ويؤذيها هو دسائس المشتغلين بها وفتنتهم، أمثال شوكت علي الذي تلوَّن وتلوَّى واتخذ جملة صور وأشكال في بضعة أشهر. فقد كان أول ما رأيناه في تشييع جنازة أخيه محمد علي ودفنه فقد كان وطنيًّا هنديًّا مخلصًا يقول بقول أخيه الذي انضم إلى مطالب غاندي إلى آخر لحظة من حياته، وسافر من الشرق ونحن نعتقده زعيمًا عظيمًا، وما زلنا على اعتقادنا حتى عاد من الهند في صيف عام ١٩٣١ يقصد مؤتمر الدائرة المستديرة، فكان أول ما سمعناه منه من الحط من شأن غاندي والتقليل من مكانته في الهند وأوروبا فدُهشنا من ذلك وحُذِّر من التصريح بهذا الرأي، ثم ظهر الرجل بمظهر المصلح والموفِّق بين الأحزاب المصرية فقوبل في بعض الأوساط بالاستهزاء والاحتقار فعذرناه وأُعيد له النصح. وجمعنا بينه وبين غاندي على ظهر الباخرة فظهر إخلاص غاندي، وإن كان غاندي ماكرًا وماهرًا في إخفاء ما يبطن فيجب على الأقل أن ننتهز فرصة ظهوره بالإخلاص لنا والعمل على الاتحاد. ولكن شوكت علي كان يضمر الغل، ولما سافر إلى إنجلترا لم يُسمع له صوت في المؤتمر سوى صوت الدسيسة والتفريق، ولا غرابة فقد كان هو وبعض المندوبين الآخرين ضيوفًا على حكومة دوننج ستريت ونزلاء سانت جيمس.

ولما عاد من المؤتمر بعد فشله كان من الفرحين بهذا الفشل ومن المباهين بأنه كان من أدوات فشله، وظهر في القدس بمظهر الدساس صاحب الفتن فحارب الاتحاد ونصر الانتداب والاستعمار وتلاعب بالأفكار وتظاهر بجملة ألوان وعند اللزوم بكى بكاءً مرًّا مثل النساء، ووصف المعارضين بأنهم أعظم الشرفاء وخالف أصدقاءه في كثير من الأمور، وانتهت الحال باكتشاف حقيقته وتسجيل فضيحته. والرجل في ظاهره أشبه الناس بصورة سانتا كلوز أو نويل، وهو الشخص الخيالي الذي يمثل الشيخ الذي يأتي للأطفال بالهدايا في عيد الميلاد.

ومن سوء حظ الهندان شوكت علي أو سانتا كلوز الهندي سيعود إليها في عيد الميلاد يحمل في جعبته بدلًا من الهدايا بضع مصائب وفتن وحيل دنيئة تؤدي إلى إذلال الهند واعتقال الزعماء وضيعة آمال تلك الأمة العظيمة. وقد لعب الرجل دورًا مخزيًا وهو دور الخاطب أو الخاطبة بين أميرين من حيدرآباد وأميرتين من سلالة عثمانية، وقال بعضهم إنه يرمي بذلك إلى تجهيز سلالة جديدة تتولى الخلافة الإسلامية تحت إشراف سادته الإنجليز لا حقَّقَ الله له أملًا ولا أسعده برؤية هذا البلاء! وترى هذا الرجل الغريب الأطوار يحيط نفسه في حله وترحاله ﺑ «زيطة وزنبليطة» من الإعلان عن نفسه في الصحف ونشر الإشاعات الكاذبة عن حركاته وسكناته كأنه يقول إنه سيقابل الملوك والأمراء والوزراء والبابا وشيخ الإسلام ومصطفى كمال والخليفة المعزول في سياحة واحدة! كما يصنع سائح إنجليزي في زيارة الآثار! وشوكت لا يبالي بالتناقض في خططه ولا بالشخصيات التي يجمع بينها في رحلة واحدة. ونحن نمحو هنا كل ما أثبتناه في هذا الكتاب من الثناء عليه مما كتبناه عنه عقيب وفاة أخيه فقد كنا كغيرنا نحسن الظن به، ولكن هذا الظن الحسن لم تطل مدته وقد أبقينا ما كتبناه في فترة انخداعنا به ليكون حجة عليه وعلى أمثاله في تقلبهم وتلاعبهم. وقد أشاع بعد عودته من القدس كعادته أن سيقابل «فلان وعلان وترتان» وأنه ذاهب إلى بلاد اليمن تلبيةً لدعوة الإمام يحيى خليفة اليمن،٢ ولعله ذاهب لينقل أخبار الرجل إلى أعدائه، أو ليحاول بَلْف «الزيود» كعادته في بلاد الشرق والإسلام. ولكن أهل اليمن أحرص وأعقل من أن يدخل مثل هذا المهرج المهوش في «زوارقهم» وهم الذين لم تنطلِ عليهم حيل الإنجليز والروس والطليان. وإذا كان أهل الهند المسلمون لم ينخدعوا بهذا الرجل بعد ظهور حقيقة أمره وبرأوا إلى شعوب الأرض منه في جرائدهم وصحفهم وعلى منابرهم وأعلنوا أنهم كانوا يطلقون عليه لقب أسد الإسلام، ولكنهم نزعوا عنه هذه الصفة وخلعوه بعد أن رأوا ما رأوا.

وحقيقة الأمر تلخص في كلمتين وهما أن محمد علي كان هو الرجل الصحيح العقل والقلب السليم التفكير الصادق النظر، وأنه كان الروح المحرك وكان شوكت علي بمثابة الشبح له فمات الروح وبقي الجسم أو الشبح، والأشباح عادةً تكون دميمة ومزعجة، والموت نُقَاد على كفه وقد اختار الأفضل وترك الجَعْجَاع والدوشن فلا حول ولا قوة إلا بالله! ولا يجوز لنا أن نسيء الظن بمسلمي الهند لأجل شوكت علي أو عشرة من السخفاء أمثاله.

١  لم يلبث أن يعود إلى الهند من مؤتمر المائدة حتى مات بذات الرئة.
٢  وقد نفذ هذا البرنامج في الوقت الذي اعتقل فيه غاندي وغيره من الزعماء (٤ يناير سنة ١٩٣٢)، وعين شفيع داودي سكرتير اللجنة الوطنية الإسلامية، فانظر الفرق بينه وبينهم!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤