زهرة للحب، زهرة للحرب

(١) تأسيس

لعل أجمل كواكب المجموعة الشمسية التسعة في رؤية الإنسان القديم، كان هو ذاك الكوكب اللامع الذي عادة ما يظهر مع مشرق الشمس ومغربها؛ مما حدا بالإنسان القديم إلى الاهتمام بأمره ومراقبته، حتى أُطلق عليه «كوكب الحسن»، وكما تغنت الأشعار والأساطير بالقمر، فقد تغنت بالزهرة أيضًا، حتى حفت بهما الأساطير من كل لون، ولم يكن يخطر بالبال آنذاك أنه سيأتي اليوم الذي ينتزع فيه العلم الحديث عن مثل هذه الكواكب تلك الهالة العظمى من الجمال والتبجيل، حتى أصبح من فساد الذوق وصفها بالجمال.

وقد كان للرافديين القدماء، وبخاصة البابليين، باع واهتمام خاص بعلم الفلك، ووصلت اكتشافاتهم إلى رصد ومعرفة أحوال خمسة من كواكب المجموعة الشمسية السيارة التسعة، هي «عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل»، ثم أضافوا إليهم النيرين الكبيرين «الشمس والقمر» ليصبحوا سبعة،١ ليصبح الرقم «٧» من يومها رقمًا مقدسًا، إذْ إنهم جمعوا بين علومهم وبين عقائدهم الدينية، حتى إن المعابد كانت دور عبادة وعلم، كما كانت في الوقت نفسه مراصد فلكية،٢ وكانت المعبودات في هذه الدُّور هي أجرام السماء وأفلاكها، وعلى رأسها هذه الأجرام والكواكب السبعة.
ويبدو لنا مما جاء في اللوح الخامس من أسطورة الخلق البابلية: «أن النجوم هي صورة الآلهة … هي رموزها»،٣ إن العقل البشري إبان تطوره ارتفع نحو مزيد من التجريد لآلهته، فتمثل لها رموزًا في السماء، جاعلًا لكل إله من آلهته رمزًا يتمثل في نجم أو كوكب أو مجموعة أجرام، لكن أعظم هذه الآلهة شأنًا تلك التي رمزوا لها بالمجموعة «٧» سالفة الذكر، ومن بين هذه السبعة المقدسات كان لعبادة كوكب الزهرة بالذات مكان ومكانة، وأثر بعيد امتد في مده الزمكاني، أو المكاني والزماني، حتى دخل في صلب عقائد ما زال يعتقدها الإنسان في قرنه العشرين!

(٢) الزهرة بين الأرض والسماء

عندما كان العقل البشري لم يزل على مدارج بدائيته الفكرية يدرج حبوًا إبان مسيرته التطورية، انتقل بخطوة تجريدية بسيطة من عبادة تربة الأرض عرفانًا بها كأم رءوم كبرى، ومن تعفير جبهته في ترابها، إلى فصل روح الخصوبة عنها، وتمثلها في إلهة تختص بحمل روح الخصوبة. بحيث لم تعد الخصوبة تتركز في التربة، وإنما في قوة كونية اختص بها معبود جسَّده العقل الرافدي القديم في إلهة أنثى باعتبار الإخصاب والعطاء والميلاد من خواص الأنثى، ولأن الأرض والأنثى محور حياة الإنسان؛ لذا فقد أصبحت هذه الآلهة قوى أساسية ومحركًا كونيًّا لأحداث العالم، ثم تمثل لها رمزًا في السماء هو كوكب الزهرة لما تميز به من حسن وبهاء؛ ومِن ثَمَّ تحول نحو السماء عابدًا؛ ليردف سجوده على الأرض برفع يديه نحو السماء، تاركًا لنا رسومها فيما تركه من آثار رافدية (على هيئة نجمة ذات ثمانية إشعاعات، وأحيانًا ستة عشر شعاعًا).٤
وفي مدينة الوركاء السومرية نشأت عبادة كوكب الزهرة ونمت، إذ أطلق عليها اللسان السومري «إينانا» الذي يعني «سيدة السماء»،٥ ففي اللسان السومري «إن» تعني سيدة، و«آن» تعني السماء، وبدخول الساميين إلى الرافديين وتأسيس الدولة الأكادية تحول اسمها من «إينانا» إلى «عشتار».
ومما لا شك فيه أن عبادة «الربة الأم» من أقدم العبادات؛ لأن عملية التوالد العجيبة — في نظر الإنسان القديم — كانت من خصائص المرأة وحدها.٦ ولما كان التناسل من الأسرار الغريبة؛ فقد شخص هذه الإلهة في البداية بتربة الأرض؛ نظرًا لأن إخصاب التربة ليس سوى نوع من الميلاد المتجدد للمحصول، ولتفسير دورة الحياة النباتية ما بين الخصب والجدب حسب التنوع الفصلي، فقد خطت يد الإنسان أول ملحمة في التاريخ عن إلهة الخصب، هي الملحمة السومرية «هبوط إينانا إلى العالم السفلي» التي أعاد البابليون صياغتها في ملحمة «هبوط عشتار إلى العالم الأسفل».
وفي هذا الزمان البعيد، لم يكن الإنسان قد وصل بعد إلى اختراع فكرة عالم آخر فيه بعث ثم ثواب أو عقاب، ترغيبًا وترهيبًا، وكل ما استطاع عقله أن يصل إليه حول مصير الموتى، أنهم يهبطون إلى عالم أسفل سطح الأرض، لا فرق في ذلك بين صالح وطالح، أطلقوا عليه اسم «كور» أو «أرالو». وقد تصوره عالمًا موحشًا مقبضًا رهيبًا مليئًا بكل المفزعات من وحوش وأفاعٍ وحيات، يعيش فيه الميت على الرغام والطين، ولا فكاك من هذا المصير الشقي لأي ميت أيًّا كانت مكانته.٧
وتقول الملحمة إن إلهة الخصب «إينانا» أو «عشتار» أو «الزهرة» قد قامت بتضحية اختيارية، وذلك بنزولها إلى عالم الموتى السفلي، وبغيابها عن عالم الأحياء — وهي روح الخصوبة — جفت الأرض وتوقف النسل وتعطل العطاء النباتي والحيواني وكل مظاهر الحياة المتجددة على الأرض؛ لتفسر الأسطورة فصل الجفاف، وكي تفسر فصل الخصب؛ كان لا بد أن تعود الزهرة من عالم الموتى، إلا أن الحبكة الدراماتيكية استدعت أن يوضع لعودتها شرط، تمثل في ضرورة حلول بديل محلها. وتصل الدراما التراجيدية إلى ذروتها عندما نجدها ترشد زبانية العالم السفلي إلى عشيقها المفضل «تموز» — صاحب الشهر المعروف باسمه في التقويم حتى الآن — ليأخذوه معهم بديلًا، نظير الإفراج عنها، رغم ما كان بينهما من قصص غرام وهيام مشبعة بالفعل الجنسي، تم سردها بالأسلوب الصريح المكشوف، بوضوح وبساطة وسذاجة شديدة، تعبيرًا عن الاعتقاد في مسألة الخصب وأهميتها.٨ أما مدخل العالم السفلي الرهيب، فكان في بابل نفسها، وبالتحديد في فتحة بئر يقع في مدينة الوركاء نفسها، حسبما جاءنا في ملحمة رافدية أخرى هي «ملحمة جلجامش».٩

(٣) الزهرة ربة الحب والحرب

مع بدء «الآشوريين» على صفحة التاريخ، وتكوُّن الدولة الإمبراطورية الآشورية، لم تَعُد الزهرة ربة اللذة والحب الشهواني فقط، وإنما أصبحت أيضًا ربة حرب هلوك، إذا ما أخذنا بالحسبان طبيعة الشعب الآشوري الدموي وهو شعب محارب بفطرته، لم يشهد العالم القديم مثيلًا له في البشاعة والقسوة. وقد وجد الآشوريون لطبعهم واعتقادهم الجديد سندًا في طبيعة الزهرة نفسها، فهي تظهر في اليوم مرتين، صباحًا مع الشروق ومساءً مع الغروب، ومن هنا «اعتبروها إلهة الحب واللذة حين تكون إلهة المساء … ولكنها إلهة الحرب والقتل حين تكون إلهة الصباح»،١٠ حتى لقبوها بلقب «سيدة الحرب» فأصبحت مع بداية العهد الآشوري سيدة الحرب إلى جوار كونها سيدة السماء وربة اللذة.
ويؤكد «د. فاضل عبد الواحد» أن فترة سيادة الآشوريين كانت من دون شك من أشهر الفترات التي بلغت فيها الإلهة عشتار منزلة عظيمة باعتبارها إلهة للحرب١١ ويضيف د. نجيب ميخائيل أنها عُبدت «… كإله ذكر في الصباح يشرف على الحروب والمذابح، وأنثى في المساء ترعى الحب والشهوة، فهي ربة هلوك تسعى وراء اللذة والإغواء».١٢ والحب الجسدي هبة عشتار، هي «ربة العشق»، وهي «ملكة اللذة»، وهي «التي تحب المتعة والفرح»، وترتبط عبادتها بالعاهرات المقدسات المعروفات باسم «عشتاريتو» أي «العشتاريات» … ولا يخضع البشر وحدهم لنزواتها بل الحيوان كذلك، ولقد استطاعت أن تطغى على اختصاصات غيرها من المعبودات في «سومر» و«أكد» و«آشور»، وهي زوجة لكبار الآلهة.١٣
ويفسر «د. ميخائيل» مسألة العهر أو البغاء المقدس التي رافقت عبادة الزهرة بقوله: «وكانت عبادة عشتار تتطلب طبقة أخرى من النساء حول هيكلها، ينذرن أنفسهنَّ لمطالبها ونزواتها؛ ومِن ثَمَّ يطلق عليهنَّ اسم عشتاريتو، وهنَّ بنات الهوى … «الحريماتي» … وهناك كذلك طبقة المنذورات … وهنَّ مَن يقدمهنَّ ساداتهنَّ أو آباؤهنَّ نذرًا للمعبد للخدمة فيه.»١٤ ولعله من الواضح البين أن هذا الطقس الذي تمجه أعرافنا وأذواقنا اليوم، إنما كان رمزًا من رموز الخصب، يؤكد أهمية الجنس لإدامة الحياة وخلق مظاهرها المختلفة، وقد بقي هذا الطقس إلى عهد متأخر، فقد أسهب في ذكره المؤرخ اليوناني الرحالة «هيردوت» حوالي عام ٥٠٠ق.م.
ونجد لدى الباحث «فراس السواح» تفسيرًا أوضح قربًا من واقع عقلية هذه العصور الغابرة، فيقول في معرض حديثه عن الإلهة الأم الكبرى، أو إلهة الجنس كعبادة عامة عرفتها أغلبية شعوب العالم القديم: «وهذه الإلهة إما أنها مخصبة ذاتيًّا دونما حاجة لقوة خارجية، كما هو الأمر في الميثولوجيا اليونانية، إذ أنجبت الأرض «جيا» إلهًا جديرًا بها هو «أورانوس السماء» الذي غطاها تمامًا من جميع جهاتها، أو أنها بحاجة لقرين يساعدها على الإنجاب، وهذا الدور يؤديه إله السماء نفسه، حيث يقوم الإلهان بفعل القران الأول، الذي يقلده الأحياء منذ تلك الأيام: «أنا السماء وأنت الأرض» (هذا ما يهمس به العريس الهندوسي ليلة زواجه في أذن عروسه)؛ لهذا السبب فقد رافقت في أحيان كثيرة طقوس واحتفالات الإلهة الأم، ممارسات الجنس الجماعي، الذي من شأنه في هذه المناسبة المقدسة تحريض القوى الإخصابية الكامنة في الأرض، اعتمادًا على مبدأ السحر التشاكلي، حيث الشبيه ينتج الشبيه.»١٥
ونظن أن مسألة المنذورات قد جاءت في مرحلة متأخرة نسبيًّا وأكثر ارتقاءً كنوع من التخصص الكهنوتي، بعد أن كانت هذه العبادة الداعرة. مسألة عامة ومتفشية بشكل وبائي حاد لدى عباد الزهرة، حتى اعتُقد أن أفضل قربان يقدم للزهرة هو بكارة الأنثى، وفي هذا يقول «ول ديورانت»: «… ولم تكن التضحية بالبكارة في الهياكل عملًا يتقرب به إلى عشتروت وحسب، بل كان فوق ذلك مشاركة لها في التهتك، الذي يرجى منه أن يوحي إلى الأرض إيحاءً قويًّا لا تستطيع مقاومته، وأن يضمن تكاثر النبات والحيوان والإنسان.»١٦ ويرى «د. أنيس فريحة» أن هذا البغاء الذي وصل حد «بيع النساء أجسادهنَّ في أيام معدودات، وشراء ذبائح لعشتروت بأجورهنَّ بقايا عادات قديمة سابقة للتاريخ، عندما لم يكن هناك زواج بالمعنى الذي نفهمه الآن، بل عندما كان الزواج اجتماعيًّا مشتركًا، النساء للرجال والرجال للنساء في القبيلة الواحدة.»١٧
ورغم كل هذا الشبق الحاد الذي تميزت به إلهة كوكب الزهرة، ومع كل قصص الغرام وتعدد عشاقها وفتكها المستمر بهؤلاء العشاق كما حدث مع «تموز» — كما لو كانت بقايا من غريزة حيوانية في اللاشعور الإنساني؛ لسابقة كانت الأنثى تفتك فيها بالذكر بعد الجماع، كما نجد في بعض الكائنات الحية اليوم — رغم كل ذلك نجد «… عبادها كثيرًا ما كانوا يخاطبونها بقولهم: العذراء، العذراء المقدسة، الأم العذراء.»١٨ ويعلق «السواح» على ذلك بقوله: «والعذراء لقبها، والعذرية جوهرها، رغم أنها ترمز للجنس والحب والإخصاب، فهذا الجوهر، لا يبدده لقاء عابر ولا حمل ولا ولادة، وتبقى عذريتها رغم إخصابها الأبدي الذي لا يمسه عرض زائل، ولعشتار عشاق وأزواج، أشهرهم تموز التعيس.»١٩
ويقدم «جون. م. أليكارو» تفسيرًا لهذا التناقض الغريب في شخصية الزهرة بقوله: «إن خلق الجنين في الرحم في اعتقاد القدماء يعتمد على ثلاثة عناصر: الروح، دم الحيض، مني الرجل. أما الروح فمن عند الله، والدم تقدمه المرأة، والمني للرجل، ولما كان دم الحيض عند العذراوات أغزر منه بكثير لدى المتزوجات، وخاصة بعد الولد الأول، فقد اعتقد الأقدمون أن مقدرة العذراء الإخصابية أكثر بكثير من غيرها. وخصوصًا أن انتهاء الحيض يعني عدم القدرة على الإنجاب، وذلك عند تجاوز المرأة لسن اليأس. ومن هنا فإن عشتار وهي رمز الإخصاب لا يمكن أن تكون عذريتها إلا بهذا المعنى للكلمة، أي المخصبة أبدًا، الغزيرة دم الحيض، الخالق للحياة.»٢٠
ومن الجدير بالذكر أن العذراء كلمة سامية مشتركة في مختلف اللغات السامية، فمنطوقها الأكادي في الرافدين هو «بتلت»، وفي الأوجاريتية «الكنعانية» «بتلت» أيضًا، وفي الآرامية «بتولتا»، وفي العبرية «بتولا»، وفي العربية «بتول».٢١

(٤) الزهرة معبودة الجماهير

ومع الفتوحات البابلية والآشورية لبلاد شرقي المتوسط، رحلت الزهرة مع الرافدين تفرض عبادتها على القلوب. ففي كنعان حطت رحالها باسم «عنات» — باللسان الكنعاني — أو «إناث» بمعنى الأنوثة وما ينطوي عليه. وفي فينيقيا شمالًا ظلت باسمها الآشوري «إستار». ومن هناك عبرت البحر مع التجارة الفينيقية إلى اليونان، حيث أصبحت هناك «أثينا» أو «أفروديت»، بل إنها وصلت روما لتعبد هناك تحت الاسم «فينوس».٢٢ وقد كان الفضل في انتشارها بالقارة الأوروبية إنما يعود في المقام الأول إلى أهل الساحل اللبناني الفينيقيين، الذين تمكنوا من السيطرة على البحر، كما كانوا شعبًا تجاريًّا من الطراز الأول، حتى إن تمكنهم البحري والتجاري لا يزال يُعَدُّ أعجوبة ومثلًا تاريخيًّا نادرًا، ولم يقتصر توسعها على الغرب فقط، وإنما اتجهت أيضًا نحو الشرق، حيث عيلام (إيران القديمة) لتعرف هناك باسم «سيدة عيلام» التي تسكن سوسة «عاصمة عيلام».٢٣ ولم يسلم من فتنتها أي من شعوب المنطقة، حتى من ينعتهم المؤرخون بالموحدين، أقصد الشعب العبري أو اليهودي، قد وقعوا في فتنة الزهرة فعبدوها ومارسوا طقوسها الرافدية نفسها.
ومن الجدير بالذكر في هذا المقام الإشارة إلى أن عبادة الزهرة اشتملت على طقوس متعددة، أبرزها طقس موسمي للبكاء على الإله «تموز» التعس والنواح عليه لميتته في العالم السفلي بعد أن أسلمته «عشتار» للزبانية بديلًا عنها، وهذا الطقس بالذات يرويه لنا النبي «حزقيال» في سفره بالكتاب المقدس، حيث يقول: إنه قد شاهد من بين اليهود عند «… مدخل بيت الرب … نسوة جالسات يبكين على تموز … وإذا عند باب الهيكل بين الرواق والمذابح، نحو خمسة وعشرين رجلًا، ظهورهم نحو الهيكل ووجوههم نحو الشرق وهم ساجدون …»٢٤
كما أن سفر نشيد الإنشاد المنسوب للنبي «سليمان»، لا يتسم بأية صفة دينية، ولا يمت للمعتقدات العبرية بصلة، كما لا تنسجم محتوياته أصلًا مع طبيعة الكتاب المقدس، فهو أناشيد غزلية مكشوفة تمامًا تنضح بالتعابير الجنسية، تدور كحوار بين عشيق وعشيقته، يصف فيها العاشق مفاتن عشيقته واقتدارها الجنسي. وهو بالمقارنة مع طقس عشتار «الزهرة الرافدية» المسمى ﺑ «الزواج المقدس» بين الكاهنة الكبرى للبغايا المقدسات، وبين الملك الذي كان يُعَدُّ كبيرًا للكهنة في الوقت نفسه، لتحريض القوى الإخصابية على العطاء، نجد نشيد الإنشاد يكاد يكون نسخة منقولة، وخاصة أن الفتى العاشق في الأناشيد ينعت بكلمتي: ملك راع، وهما من نعوت «تموز» في الرواية الرافدية، والفتاة في الأناشيد توصف مرة بأنها زوجة ومرة بكونها أختًا، وهما صفتا الزهرة في أساطيرها الرافدية، ومن هذه الغزليات العبرية السليمانية نقتطع بعض المقاطع مثل:
  • ليقبلني بقبلات فمه؛ لأن حبك أطيب من الخمر …

  • في الليل، على فراشي، طلبت من تحبه نفسي …

  • شفتاك يا عروس تقطران شهدًا، تحت لسانك عسل ولبن …

  • دوائر فخذيك مثل الحلي … سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب مزوج …

ثدياك خشفتا توءمي ظبية … وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات، قامتك هذه شبيهة بالنخلة، وثدياك بالعناقيد، قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذوقها، وتكون ثدياك كعناقيد الكرم، ورائحة أنفك كالتفاح.٢٥
وقد أشار أكثر من باحث من ذوي المكانة العلمية إلى تسرب عبادة الزهرة وطقوسها إلى الديانة اليهودية، فيؤكد «ول ديورانت» أن العهر المقدس والمنذورات كانت طقوسًا تمارس في هيكل بني إسرائيل.٢٦ كما نجد في الأعياد اليهودية نسخًا أخرى من أعياد الزهرة في صيغتها الكنعانية، وهناك لم يكن خلال السنة الواحدة ما يمكن اعتباره فصلي خصب وجدب؛ لأن أغلبية الأراضي كانت تعتمد في ريِّها على الأمطار والمياه الجوفية، ويشير «جوردون» إلى أنه لم يكن هناك شيء أبعث للرعب في نفوس الكنعانيين مما أسموه بالسنوات العجاف إذا تلاحقت، وقد جاء في الأساطير المكتشفة في أوجاريت أنها تستمر سبع سنوات، يليها سنوات سبع أخرى كلها خيرات وهكذا دواليك.٢٧ ولنا أن نعلق هنا بأن الأمر لم يكن يسير في حقيقته على هذا المنوال، إنما هو الخيال الأسطوري المشبع بتقديس الرقم «٧». وغني عن الإيضاح أن ما جاء في قصة يوسف بالكتاب المقدس، يشير إشارة واضحة إلى الأثر الكنعاني في العقائد اليهودية، ويقول «موسكاتي»: إن هذا الاعتقاد قد ترك أثره في عيد «شابوعوت» اليهودي، وقياسًا على قصة إلهة الخصب، كان يجب أن تستريح تربة الأرض سنة كل سبع سنوات تُسَمَّى سنة «السبت» ولم يكن يبذر أو يحصد فيها شيء.٢٨
و«شابوعوت» أو عيد الأسابيع كما يسمى في الكتاب المقدس٢٩ هو عيد الحصاد، فهو عيد قيامة الزهرة للحياة وعودة الخصب إلى الأرض، كذلك عيد الفصح، هو في أصله كما يؤكد «لودز» ليس سوى بقايا العبادة الرافدية القديمة.٣٠ وذلك بالنظر إلى أنه كان يحتفل به في مستهل الربيع؛ لأنه موسم إنتاج الأرض والماشية فيما يقول «سميث»،٣١ حتى إن اسم عيد الفصح سواء عند اليهود أم المسيحيين هو في الإنجليزية «إيستر»، وفي الألمانية «أوستيرن»، وفي التوتونية Eastra أو Ostara، وكما هو واضح في النطق أن الاسم ليس سوى ترديد مختلف اللكنات لاسم الإلهة «عشتار».
ومن اليهودية ينقلنا «السواح» إلى المسيحية، حيث يقول: «أما الأم الكبرى أو القوة الإخصابية الكونية المتمثلة بإلهة الحب العذراء، فقد حلت محلها السيدة مريم العذراء، التي دعيت بسيدة السماء، وهو اللقب الرئيسي للإلهة عشتار، وحتى وقت قريب كانت السيدة مريم تدعى في بعض المناطق الريفية في إيطاليا الجنوبية ﺑ «أفروديتا» نسبة إلى أفروديت (وهو اسم الزهرة عند الرومان)، كما كانت تماثيل الإلهة ديمتر (اسم الزهرة عند اليونان) الباقية في بعض الخرائب العتيقة، تعبد على أنها السيدة مريم ذاتها.»٣٢
والغريب حقًّا أننا إذا تتبعنا اسم السيدة «مريم Mary» سنجده لقب كوكب الزهرة عند الرومان، فقد اعتبرها هؤلاء — نقلًا عن الفينيقيين — إلهة للبحر، وكلاهما كان شعبًا بحريًّا، وأطلقوا على «أفروديت» الزهرة اللقب البحري «ستيلا ماري»،٣٣ أي كوكب البحر، والبحر في اللاتينية واللغات المشتقة منها هو، Maria Meer MaryMare، ويشير «عباس العقاد» إلى أن الاسم «مريم Mary» كان اسمًا عامًّا يطلق على إلهات الخصب،٣٤ فهو في سوريا القديمة Mirhe واليونان Maia وفي الهند Marya، وجميعها كما نرى تبدأ بميم الأمومة التي تنادي بها الأم في مختلف اللغات، وهو اللقب نفسه الذي حازته الزهرة في الرافدين، حيث رمز الأمومة الأكبر، فكانوا ينادونها ماما Mama وأما Ama.٣٥ مع ملاحظة جانبية هي أن السيدة «مريم» قد تربت في بيئة يهودية متأثرة تمامًا ومشبعة بأفكار وعقائد إلهات الخصب، بل إنها كانت إحدى المنذورات للهيكل! وكان المعتقد — في تلك الأيام — أن المنذورة إذا حملت فإن حملها يكون من الإله، وهو الاعتقاد المسيحي فيما حدث لها بميلاد المسيح. ورغم أنها أنجبت المسيح، ومن بعده أنجبت عددًا آخر من إخوته فيما تزعم الأناجيل،٣٦ فإنها ظلت تحظى بلقب الزهرة الشائع «البتول العذراء»!

(٥) الزهرة بين اليهود والعرب

ومن الرافدين إلى بلاد العرب، انتقلت المعارف الفلكية وعلم التنجيم، حتى إننا نجد لدى العرب تقسيمات للبروج والأجرام والكواكب، لم تزل أسماؤها العربية معمولًا بها حتى اليوم، ومع هذه المعارف الفلكية انتقلت أيضًا معرفة الأجرام والكواكب السبعة «الشمس، القمر، عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل»، وبينما اعتبروا الشمس والقمر النيرين الكبيرين، فقد عرفوا أن الكواكب الأخرى ليست كالشمس والقمر، وإنما هي كواكب سيارة؛ لذلك أطلقوا على الكواكب الخمسة اسم «الخُنَّس الكُنَّس»، والاسم «خنس» يعود لكونهم لاحظوها تسير في البروج والمنازل الفلكية سير النيرين الكبيرين، لكنها ترجع، وترجع هي «تخنس»، أما «كُنَّس» فتعود لكونها تستتر كما تستتر الظباء في كناسها بالجبال، وتستر الظباء هو «كنس الظباء». وهي تعابير تعكس طبيعة البيئة العربية وتتسق معها، ويذهب الباحث «محمود الحوت» إلى احتمال أن يكون انتقال هذه العلوم إلى جزيرة العرب قد جاء على يد الصابئة، ومن المعروف أن صائبة الجزيرة كانوا تلامذة للكلدانيين من أهل الرافدين، وقد انتهى بعض الباحثين مؤخرًا إلى أن مذهب صابئة الجزيرة كان من مذهب أهل الرافدين الكلدانيين القدماء؛ مما يرجح هذا الاحتمال.٣٧
ويبدو أن الزهرة عندما انتقلت مع «الخُنَّس الجواري الكُنَّس» إلى جزيرة العرب، أخذت معها أيضًا صفاتها وخصائصها، ولربما بعض طقوس عباداتها، وفي هذا يقول «د. خليل أحمد»: «ومن أبرز الكواكب التي حظيت بالاحتفالية الأسطورية عند العرب: الزهرة: وهي إلهة الجمال والحب التي قدسها بعض العرب في البداية، ثم شملت عرب الشمال بأجمعهم. هذا وقد أطلق عليها المنجمون اسم السعد الأصغر … وأضفى عليها العرب صفات مجتمعهم القبلي الترفيهية، كالطرب واللهو والسرور … كما اعتقدوا أنها تهيج الغريزة الجنسية عند الضجاع بين المتآلفين من شدة الحب.»٣٨ ويضيف «د. الجوزو» أن العرب عبدوا الزهرة وصاغوا حولها الأساطير، وأهمها أسطورة تقول: «إنها كانت امرأة حسناء أغرت ملكين، وتعلمت منهما الكلمة التي يصعدان بها في السماء، إلى حيث ارتقت ومُسخت هناك كوكبًا.»٣٩

ويحتمل — فيما نرى — أن تكون قصتها مع الإله التعس «تموز» قد وصلت إلى الجزيرة فيما وصل، ولربما تكون قصة هذين الملكين هي تكرار أو صورة أخرى لما حدث مع «تموز»، خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان أن الأسطورة العربية تنتهي بالملاكين للنهاية التعسة نفسها، فبعد أن أغوتهما الزهرة، ونالت منهما مشتهاها، أودت بها، فقد نكسا في بئر في بابل، وهو ما يشبه إلى حد كبير مصير «تموز» ونزوله من بئر بلاد بابل إلى عالم الموتى السفلي. أما التغيرات الطفيفة التي لحقت بالأسطورة فمن الممكن عزوها إلى عامل الزمن ودوره في تطور المعتقدات، أما كون الأسطورة العربية تعتبر من وقع أسير فتنة الزهرة ملاكًا (أو ملاكين) وليس إلهًا كما هو حال «تموز»، فيعود فيما نعتقد إلى نزوع العقل البشري خلال هذه القرون الطويلة نحو التوحيد، كما نعتقد أنه كان للشعب العبري دور لا يُغفل في هذا الأمر، فاليهود أو العبريون قد عاشوا في الأسر البابلي حوالي أربعة قرون أو يزيد، ولا جدال أنهم نقلوا — فيما يرى معظم الباحثين — جل آلهة الرافدين معهم إلى فلسطين، وعلى رأسهم الإله الجبار «إيل»، وأضافوا إليها عددًا من الآلهة الفرعونية والكنعانية.

ويبدو أنه مع اتجاههم نحو إلههم القومي «يهوه» وتفضيله دون غيره على بقية الآلهة، عز عليهم أن يتركوا هذا الجم الغفير من الآلهة باعتباره ثروة وتراثًا قوميًّا بدوره، فحولوها من آلهة إلى أتباع للإله القومي «يهوه». واعتبروها أقل منه شأنًا. لكن هذه الآلهة العديدة ظلت تحمل الطابع الإلهي هو هو لم يتغير، فهي مثل الإله نورانية التكوين، وهي مثله خالدة، ولها قدرات كقدراته، ولها أجنحة كأجنحة آلهة الرافدين، التي ما يزال بعض تماثيلها المجنحة قائمًا في العراق إلى اليوم، وبما أنها أصبحت تابعة للإله الأكبر أو من أملاكه، فقد أطلق عليها اللسان العبري — معبرًا عن هذا المعنى — اسمها الجديد «الملائكة»، ولما كان الإله الجبار «إيل» هو من أعظم الآلهة القديمة شأنًا لدى جميع الشعوب السامية الأصل، ولدى اليهود بوجه خاص، فقد أخذ وضعه اللائق به بين الآلهة المساعدة أو الملائكة، فأصبح كبير الملائكة وسيدها، باسمه القديم الإله الجبار «جبرا إيل» أو «جبريل» وقد تخلفت الكلمة «جبرا» بمعنى الجبروت والقوة في كل اللغات السامية عن النطق الرافدي، بما في ذلك اللغة العربية.٤٠
وقد ذهب بعض الباحثين مذهبنا هذا في تحول آلهة الرافدين إلى ملائكة عند اليهود، ولكن في إشارات سريعة ولمحات خاطفة دون تفصيل، مثلًا جاء في قول «ديورانت»: «… ولعل اليهود قد صاغوا ملائكتهم من هذا الحشد العظيم من الآلهة.»٤١ وسيرًا وراء تدعيم مذهبنا نتناول صفحات الكتاب المقدس، فيطالعنا سفر حزقيال برؤياه لطائفة من الملائكة تسمى الكروبيين أو الكروبيم يصفها قائلًا: «… لكل منها أربعة أوجه، وجه إنسان ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر، ولكل منها أربعة أجنحة تحتها أيدي إنسان.»٤٢ ويعلق «د. السيد بكر» على هذه الرؤيا بقوله: «وحزقيال متأثر في هذا الوصف — ولا ريب — بتماثيل وصور الكائنات الجنية المجنحة التي كانت تحرس معابد بابل وقصورها، والتي شهدها حزقيال قطعًا إبان المنفى.»٤٣ ويؤكد ذلك أن في سفر حزقيال إشارات مباشرة إلى الصور المحفورة على الجدران في بابل.٤٤
وتبعًا لهذا التطور الذي تحول بمجموعة الآلهة القديمة إلى أتباع للإله الأكبر الخالق، فقد سار العرب على السُّنة نفسها، وقالوا إن لله ملائكة يملكها، والصابئة (وهم يعودون بأصلهم وبعقيدتهم إلى بابل فيما يزعم بعض الباحثين) من العرب، كانوا يدينون للعقيدة القديمة فيعبدون الملائكة. وكانوا مع بقية العرب ينظرون إليها على أنها شفعاء إلى الله. وغني عن التعريف أن الإسلام قال أيضًا بهذه الملائكة وبنفس الاسم «ملائكة»، واعتبرها كائنات نورانية مجنحة … جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (فاطر: ١)،٤٥ وعلى رأسها يقف جبريل سيدًا؛ لأنه من طائفة الكروبيين أو الكروبيم، وهم في الزمخشري سادة الملائكة،٤٦ وهم حملة العرش، ومما يروى أن النبي محمدًا قد صادق على بيت من الشعر الجاهلي لأمية بن عبد الله يصف فيه هذه الطائفة الملائكية يقول:
رجل وثور تحت يمنى رجله
والنسر لليسرى وليث ملبد٤٧
وجاء التصديق من النبي على هذا الوصف لجبريل وطائفته، في قول النبي عن ابن عباس: «صدق أمية في قوله.»٤٨

(٦) الزهرة في بلاد العرب

أصبح من المسلَّم به إذن أن العرب قبل الإسلام قد عرفوا عبادة كوكب الزهرة، لكن المشكلة التي نواجهها الآن فيما بين أيدينا من مصادر تتضارب فيها الآراء هي: هل كان للزهرة علاقة بالربات الثلاث المعبودات في الجاهلية: اللات ومناة والعزى؟ وإذا كانت هناك علاقة، فأي الربات الثلاث كانت تمثل كوكب الزهرة؟

يُعد «فلهاوزن» من بين أكثر المستشرقين اهتمامًا بعقائد شبه الجزيرة، وكان له اهتمام خاص بالإلهة العربية «العزى»، وهو ينقل عن المؤرخ الروماني «بروكيبوس» المتوفى ٥٦٢م، أن «العزى» العربية هي نفسها الإلهة «أفروديت»، وأن ذلك قد ورد صراحة من قبل في قول مؤرخ سرياني مرتين،٤٩ ولما كنا قد عرفنا آنفًا أن «أفروديت» هو الاسم الروماني لربة الزهرة، فيكون مقصد «فلهاوزن» أن الزهرة هي العزى العربية، ونظرًا لما يتمتع به هذا الرأي من وجاهة — في رأينا — فإننا بالتقصي يمكن أن نجد كثيرًا مما يؤيد رأي «فلهاوزن»، وإليك بعض ما وجدناه أو استنتجناه مما ورد في المصادر من مؤيدات، سواء بطريق مباشر أم بطريق غير مباشر أم مقصود:
  • (١)
    جاء في قول «إسحاق الأنطاكي – ق ٥ق» أن العرب كانوا في هذا الوقت يعبدون من تسمى «بلتي»، كما يقول «علي» في معجمه (٤٢٨٠) هي الزهرة (فينوس في النطق اليوناني) وهي عنده تحمل أيضًا اسم العزى.٥٠ ولا يفوتنا هنا الإشارة إلى احتمال أن يكون ﻟ «بلتيس» علاقة بما جاء في الأساطير عمن تسمى الملكة «بلقيس»، خاصة مع ما حيك حول شخصيتها من قصص تقول إنها خلبت لب الملك «سليمان الحكيم» بفتنتها. فكان أن أتاها وأنجب منها سلسلة من الأباطرة حكموا الحبشة. كان آخرهم الإمبراطور «هيلاسلاسي» — كما في الأساطير الحبشية — وما جاء في الكتاب المقدس أنه كان لها أرجل ماعز، والماعز يذكرنا بعشيق الزهرة الرافدية «تموز» الراعي، وأنه في الأسطورة الرافدية حاول أن ينجو من زبانية العالم السفلي فتحول إلى ماعز، لكنهم قبضوا عليه في النهاية، إضافة إلى حقيقة تاريخية تتعلق بطبيعة اللغات السامية، وبخاصة اللغة العربية، وهي «أن العرب كانوا يكتبون بلا نقاط، فإذا قرءوا التبس عليهم الأمر» وأحيانًا كانت العين تحسب ميمًا أو تحسب القاف تاء، حتى إنك لتجد هذا اللبس حتى اليوم في كلمات كثيرة، ومثلًا لذلك اختلاف كتابة اسم الملك البيزنطي في المصادر ما بين «يعفور، ونعفور، ونقفور». وغير ذلك كثير في المصادر اللغوية.٥١ ولما كانت هذه المسألة تخرج على نطاق موضوعنا، فإننا نتركها كعلامة لمن يريد بحثها وتأصيلها من الباحثين.
  • (٢)

    مما يؤيد رأي «فلهاوزن» في كون الزهرة هي «العزى»، أن «العزى» كانت تعبد في شكل شجرات ثلاث مقدسات، والشجر هو علامة الخصب وهو خاصية إلهة الزهرة.

  • (٣)
    كان للعزى تمثال أو رمز تحمله قريش في حروبها، فهي فيما يقول «الحوت» «من الإلهات التي كانت تشترك في الحروب».٥٢ وهذه الخاصية بدورها كانت إحدى خصائص الزهرة.
  • (٤)
    كان من بين آلهة الصفويين الإله «عزيزو» أو اﻟ «عزيز» وهو كوكب الصباح وكان إلهًا مذكرًا، وكوكب المساء وكان مؤنثًا، فدعوه «العزى» تأنيثًا ﻟ «العزيز»، وكوكبا الصباح والمساء هما الزهرة عندما تكون إلهة حرب أو إلهة حب.٥٣
  • (٥)
    إن لقب إلهة الزهرة كنجمة صباح في المجتمع الإغريقي الروماني كان «آزيزوس»،٥٤ وهو كما نرى تصحيف للعزى الشرقية.
  • (٦)
    من بين آلهة تدمر توءمان هما «عزيز» المشار إليه آنفًا كنجم صباح معبود لدى الصفويين، و«أرصو» أو «أرض» كنجم مساء،٥٥ مع ملاحظة أن أرص هي «أرض»، والأرض كانت إلهة الخصب أو الإلهة الأم التي شخصت فيما بعد في كوكب الزهرة.
  • (٧)
    إن «د. خليل أحمد» يقول: إن «العزى» رمزت عند العرب لكوكب الحسن. أما اللات فرمزت إلى الزهرة.٥٦ وهو كلام فيه سوء فهم وخلط واضح؛ لأن الزهرة ليست غير كوكب الحسن ذاته، ولكن ما يعنينا هو إشارته إلى أن «العزى» كانت ترمز إلى كوكب الحسن أي الزهرة (وقد يعني بقوله أن اللات أيضًا كانت رمزًا للزهرة، لكن تعبيره وموضوعه لم يفد ذلك المعنى، رغم أن هذا المعنى من وجهة نظرنا فيه صحة كبيرة كما سنرى لاحقًا).
هذا ما ذهب إليه «فلهاوزن»، ومع ما رأيناه ينسجم مع وجهة نظره ويؤيدها، وهكذا يكون «العزى» الاسم الذي كان يشير إلى كوكب الزهرة عند العربي الجاهلي، إلا أن «فلهاوزن» يتطرق بعد ذلك إلى «اللات» فيقول إنها كانت رمزًا للشمس٥٧ ويذهب مع هذا الزعم بعض المؤرخين والباحثين العرب، فيقول «د. جواد علي»: «إن … اللت هو «اليلت» … الإله الرئيسي عند العرب في أيام المؤرخ هيرودوت … وهو اللت … من نصوص الحجر … ويظن أن اللات هي الشمس بدليل أن الشمس أنثى.»٥٨ كذلك يذهب المذهب نفسه الباحث «محمود الحوت» مستندًا إلى رأي «فلهاوزن» وتأييد «نولدكه» في مذهبه؛ ليستنتج أن اللات هي الشمس.٥٩

ورغم أننا قد بحثنا فيما بين أيدينا من مصادر عما يؤيد مذهب «فلهاوزن» من كون أن العزى هي الزهرة، فإننا نخالفه في اعتباره اللات هي الشمس — مع علمنا بقدر «فلهاوزن» وحفظنا لثقله ولقدره — والاختلاف مرجعه إلى رؤية خاصة، تستند إلى رأي آخر ذهب إليه «رينيه ديسو»، مدعمًا بالتصديق والتأييد من كل من «ريكمانزوستاركي»، بل إننا نزعم — زعمًا ابتدائيًّا — أن الإلهات الثلاث مجتمعات «اللات والعزى ومناة» لم تكن سوى رموز لكوكب الزهرة وحده دون أي معبود آخر من أجرام الفضاء، وهذا ما سنحاول إقامة الدليل عليه الآن.

(٧) الزهرة والإلهات الثلاث

بالعودة إلى النصوص القديمة في بلاد الشام، حيث انتقلت إلى هناك عبادة ربة الزهرة من الرافدين، نجد الكنعانيين قد عبدوا إلى جوار الإله الرافدي الجبار «إيل» زوجة أيضًا، واعتبروها الأم الكبرى والمخصبة الكونية، وأطلقوا عليها لقب التأنيث من «إيل» وهو «إيلات»، أما اسمها فكان «عشيرة» ولقبوها ﺑ «سيدة البحر»، ولم يزل لقبها كزوجة للإله «إيل» وكسيدة للبحر علمًا على الخليج المعروف باسمها في البحر الأحمر إلى اليوم.٦٠ ولا يخفى أن «عشيرة» من «عشتار»، ولقبها «سيدة البحر» من أسماء وألقاب إلهة كوكب الزهرة، ولما كانوا قد أسموها «إيلات» من المذكر «إيل»، فإن ذلك يدعونا إلى القول بأن «إيلات» لم تكن سوى الزهرة، مع ملاحظة أن اللفظ «إيلات» هو «اللات» نفسه.
كذلك جاء في النصوص الأوجاريتية النص التالي: «ربت أثرت يم – ألت»٦١ وبالترجمة يكون: «أثرت = عشيرة»، «ربت = ربة» «يم = البحر» «ألت = إيلات أو اللات»، ومجمله «عشيرة ربة البحر، إيلات» وهو يؤيد ما ذهبنا إليه.
وقد ذكر هيردوت (حسب لغته) أن العرب كانوا يعبدون الزهرة ويدعونها آليتا Ailita أو Alilat.٦٢ إضافة إلى أن «اللات» التي عدها التدمريون غالبًا ما كانت تذكر باسم «أثينا» وقد سُمي ابن «أذينة» و«زنوبيا» «وهب اللات». وجاء اسمه من اليونانية Athenodors٦٣ أي «هبة أثينا» أي إن «اللات» التدمرية كانت هي أثينا، وأثينا ليست سوى الزهرة.
وعليه: فإن اللات بدورها — إلى جوار «العزى» — إنما كانت رمزًا لكوكب الزهرة، وهو ما ارتآه «ديسو»، وأيده فيه بشدة كلٌّ من «ريكمانز»٦٤ و«ستاركي».٦٥ والآن: أين «مناة» من كل هذا؟
يمكنني هنا العودة للاستناد إلى اللبس والخلط الذي حدث بين اللغة العربية وذاتها، ما بين الكتابة غير المنقطة وبين نطقها من جهة، وما بينها وبين بقية اللغات السامية الأخرى، فأضع افتراضًا مؤداه أن «مناة» ليست سوى «عناة» روح الخصوبة عند الكنعانيين، المشتقة أصلًا من «عشتار» اسم الزهرة في الرافدين. علمًا بأن «عناة» كانت تلقب بالعذراء، وباسمها الرافدي صراحة «عشتارت»،٦٦ هذا إضافة إلى ما جاء عن عبادات عرب الشمال، فقد عبد هؤلاء كما أسلفنا الإلهة الأم الأرض (أرض أو أرص أو أرصو أو رضى)، وقد أسموها «مناة»، واعتبروها ممثلة الزهرة من حيث هي نجمة المساء، بينما كان «عزيز» أو «العزى» إلهة الحرب والقتال من حيث هي نجمة الصباح، وأن «مناة» الزهرة كوكب المساء و«العزى» الزهرة كوكب الصباح ليستا سوى إلهتهم الكبرى «اللات» في صورتها عندما تريد أن تكون إلهة للحرب أو إلهة للحب.٦٧
وهنا نصل إلى ما قاله «ديسو»: إن اللات العربية أخذت عند العرب صورتين هما «العزيان» مثنى «العزى»، ويفسرها بأن «العزى الأولى نجمة الصباح إلهة الحرب. والعزى الثانية هي نجمة المساء».٦٨ وهذا فهم يؤدي بالضبط إلى ما افترضناه — أو زعمنا — مسبقًا، وهو أن «اللات والعزى ومناة» كلها كانت رموزًا لكوكب الزهرة وحده دون غيره.
ولعل آخر ما بين أيدينا من أدلة ندعم بها ما ذهبنا إليه، هو ما جاء في زعم جاهلي يقول: «إن بنات الله الثلاث مناة واللات وعزى هن إلهات القمر.»٦٩ فالعرب في الجاهلية اعتقدوا أنهن بنات الله، وأنهن إلهات القمر، ولو عدنا للأساطير الرافدية سنجد «إينانا» أو «عشتار» أو الزهرة ابنة القمر.٧٠ إضافة إلى ما ذكره «أمير علي» في حديثه عن بنات الله: «إن عبادة هذه الأصنام كانت بالدرجة الأولى تمثيلًا للقوى المولدة في الطبيعة، وهي تشبه في مميزاتها ديانة الساميين القدماء والفينيقيين والبابليين.»٧١ ولا يفوتنا الإشارة إلى أن الزهرة بصفتها إلهًا ذكرًا محاربًا «نجم الصباح» قد عبرت الجزيرة إلى جنوبها لتعبد هناك باسم «عثتر»٧٢ — لاحظ اشتقاق الاسم من عشتار — ومن هنا انتقلت إلى بلاد الحبش باسم «عستر» الذي صار هناك بالتدرج إلهًا للسماء، ويقول «موسكاتي» إنه: «… إلى جانب عستر كان هناك الإله «مُدر» إله أمنا الأرض … ويلحق بها أيضًا «بُحير» الذي يعده بعض العلماء إله البحر.»٧٣ وهذا الثالوث بدوره يمثل كوكب الزهرة.

(٨) الزهرة في الإسلام

سبق أن تحدثنا عن تسرب عبادات البابليين وعلومهم إلى العرب في الجاهلية عبر الصابئة، وتقديسهم للأجرام السماوية السبعة، والرقم «٧»، بما فيها الكواكب السيارة الخمسة، حتى إنهم قدسوا يوم الزهرة المقدس، وكان يوم الجمعة في التقويم البابلي، وكان مكرسًا في الرافدين لعبادة كوكب الزهرة، وما زال لتسميتهم لهذا اليوم باسم الزهرة أثر في اللسان الأوروبي، ﻓ: Vendred «الجمعة» هو في الأصل من Venus فينوس الزهرة، وDies-Vaneris هو يوم الزهرة أو الجمعة.٧٤
وغني عن البيان أن يوم الزهرة «الجمعة» الذي أسماه الجاهليون اعتزازًا «يوم العروبة» أصبح في المأثور الإسلامي يومه الأسبوعي المقدس، إضافة إلى أنه قد جاء في الآيات القرآنية تقديس واضح للكواكب الخمسة السيارة، في قول الله: فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (التكوير: ١٥-١٦).٧٥ وفي تفسير «محمد فريد وجدي» «الخنس: أي الكواكب الرواجع من خنس يخنس، ويخنس رجع وتنحى، الجوار: أي الجواري بمعنى الجاريات، والكنس: يقال كنس الوحش يكنس، استتر في كناسه أي في جحره، والسيارات الكنس هي التي تختفي تحت ضوء الشمس.»٧٦
ويذكر «ابن الكلبي» أن النبي (محمد بن عبد الله ) ذكر العزى «الزهرة» يومًا فقال: «لقد أهديت للعزى شاة عفراء وأنا على دين قومي.»٧٧ ويعلق «ابن هشام» على أكل النبي من ذبحه لنصب الزهرة قبل بعثه، بقوله: «إن رسول الله إن كان يأكل مما ذبح على النصب، فإنما فعل أمرًا مباحًا.»٧٨
وغني عن الإيضاح أن الرقم «٧» قد نال حظوته القدسية في الإسلام، والقرآن الكريم ثري بالآيات التي تجعل لهذا الرقم مكانة خاصة، (طبقات السماء، والأرض، ودرجات الجنة، وأبواب العالم الآخر، وكذلك السنابل السبع، والبقرات السبع … إلخ). كذلك نجد في التفاسير الإسلامية القرآنية صدًى لما اعتقده البابليون في قدرات الزهرة الجنسية وتمكنها من ملكاتها الجسدية الإغوائية. وقد جاء في سورة البقرة: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ.٧٩ ومن التفاسير الحديثة تفسير «وجدي» يقول فيه: «فتنة: أي اختبار وابتلاء، والفتنة أيضًا الضلال والإثم والكفر والفضيحة … وفتنه الشيء أعجبه، وأفتن فلانًا أوقعه في الفتنة.»٨٠ وفي التفاسير القديمة تفسير «الطبري» الذي يورد قصة تشرح هذه الآيات، يمكن إيجازها في الآتي:
إنه لما وقع الناس من بعد «آدم» في الضلال، شرعت الملائكة تطعن في أعمالهم، فأراد الله أن يبتلي الملائكة أنفسهم، فأمرهم باختيار ملكين من أعظم الملائكة علمًا وزهدًا وديانة، فاختاروا «هاروت» و«ماروت»، وأُهبطا إلى الأرض بعدما ركبت فيهما شهوات الإنس، وأُمرا أن يعبدا الله ولا يشركا به أحدًا، ونُهيا عن قتل النفس والزنى وشرب الخمر وغير ذلك من المعصيات. وفي الأرض عرضت لهما امرأة هي الزهرة، فغلبت عليهما الشهوة، فأقبلا عليها وراوداها عن نفسها، فأبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها، وأخرجت لهما صنمًا يعبدانه ويسجدان له، فامتنعا وصبرا ردحًا. ثم أتياها وراوداها عن نفسها، فأبت ثانية واشترطت عليهما إحدى ثلاثة، إما عبادة الصنم أو قتل النفس أو شرب الخمر، فقالا كل ذلك لا ينبغي، ثم احتدمت بهما الشهوة فآثرا أهون المطالب وهو شرب الخمر، فسقتهما حتى أخذت الخمر منهما ووقعا بالزهرة، وهنا مر بهما إنسان فخشيا الفضيحة فقتلاه، ويشاءان الصعود إلى السماء بعد أن عرفا وقوعهما في الخطيئة فلا يستطيعان، ويُكشف الغطاء بينهما وبين الملائكة في السماء. فتنظر الملائكة إلى ما وقع فيه هاروت وماروت من الذنب، فيعجبون كل العجب، ويأخذون في الاستغفار لمن في الأرض من البشر. ويروى أنها طلبت منها تعليمها الكلام الذي يصعدان به إلى السماء فعلماها، وعرجت بهذا الكلام السرِّي إلى السماء، وهناك نسيت الكلام الذي تنزل به فبقيت مكانها، وجعلها الله هذا الكوكب الجميل. أما «هاروت» و«ماروت» فخُيِّرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا لأنه ينقطع فجُعِلا ببابل يعذبان منكوسين في بئر إلى يوم القيامة.٨١
ويروى عن «عبد الله بن عمر» أنه كان كلما رأى الزهرة يلعنها ويقول: «هذه التي فتنت هاروت وماروت.»٨٢ وفي الحديث عن «عبد الله بن عمر»: أن النبي إذا رآها كان يقول: «طلعت الحمراء فلا مرحبًا ولا أهلًا.»٨٣
ويزعم «ديسو» أن قومًا مسلمين ظلوا على عبادة الزهرة سرًّا، حتى بعد هدم معبدها — الممثل في معبد «اللات» — وإقامة مسجد مكانه؛ وذلك لأن «ابن الكلبي» كان يعلم أن مئذنة المسجد اليسرى في المكان الذي كان يشغله هذا الصنم،٨٤ بل ويزعم «د. أنيس فريحة» أن عشيقها «تموز» قد بقي حيًّا في المأثورات الإسلامية وأنه هو الولي الخضر.٨٥ ولنا أن نلاحظ اشتقاق «الخضر» من الخضرة، والخضرة هي الخصب خاصية تموز والزهرة، إضافة إلى ما ذكره «خليل أحمد» أن اسم الخضر، يرجع إلى حدث تحولي: جلس مرة على فروة بيضاء فإذا هي تحته خضراء، وهو حاضر غائب يظهر من وقت لآخر.٨٦ ولو ربطنا كلام «خليل» بما علمناه عن حالتي الغياب والحضور عند الزهرة وتموز لتفسير التنوع الفصلي بين الخصب والجفاف، أمكننا الزعم أن كلام «د. فريحة» يحتمل الترجيح. أما مآذن المساجد اليوم، فكثير منها — إضافة إلى رمز القمر «الهلال» — يحمل داخل دائرة الهلال نجمة ذات ثمانية إشعاعات!

لوحة رقم ١١: لاحظ هيئة الأسد وأجنحة النسر ووجه الرجل وقوائم الثور. إنه الفن الرافدي الذي أبهر حزقيال، فسماه الكروب وجمعها كروبين. وإذا أخذنا بظاهرة القلب في اللغات السامية تتحول كروب أو قروب إلى «برق».

رجل وثور تحت يمنى رجله
والنسر لليسرى وليث ملبد
أمية بن عبد الله
figure
لوحة رقم ١٢: وصدق أمية في قوله.
١  جيمس هنري برستد: انتصار الحضارة، ترجمة د. أحمد فخري، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ص٢٣٣.
٢  محمود سليم الحوت، في طريق الميثولوجيا عند العرب، دار النهار، بيروت، ط٢، ١٩٦٩م، ص٨٧.
٣  جان بوتيرو، الديانة عند البابليين، ترجمة وليد الجادر، جامعة بغداد، ١٩٧٠م، ص٨٨.
٤  هوامش الحقها د. السيد يعقوب بكر بترجمته لكتاب سبتينو موسكاتي «الحضارات السامية القديمة»، دار الكتاب العربي للطباعة، القاهرة، ١٩٥٧م، ص٢٥٦.
٥  د. نجيب ميخائيل، مصر والشرق الأدنى القديم، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦١م، ج٦، ص١٣٠.
٦  د. أنيس فريحة، دراسات في التاريخ، دار النهار، بيروت، ١٩٨٠م، ص٤٨، ٤٩.
٧  ول ديورانت، قصة الحضارة، ترجمة محمد بدران، الإدارة الثقافية بالجامعة العربية، القاهرة، ط٣، ١٩٦١م، المجلد الأول، ج٢، ص٢٢١.
٨  للمزيد حول هذه الأسطورة ارجع إلى د. فاضل عبد الواحد علي في مؤلفه: عشتار ومأساة تموز، وزارة الإعلام العراقية، بغداد، ١٩٧٣م.
٩  السومريون تاريخهم وحضارتهم وخصائصهم، صمويل نوح كريمر، ترجمة د. فيصل الوائلي، وكالة المطبوعات، الكويت، ص١٧٨؛ انظر أيضًا مغامرة العقل الأولى فراس السواح، دار الكلمة، بيروت، ١٩٨٠م، ص١٢٢١، ويمكن الرجوع لملحمة جلجامش كاملة في مصر والشرق الأدنى القديم لنجيب ميخائيل، ص٦، ص٣١٦–٣٦٤.
١٠  هوامش د. بكر على كتاب موسكاتي ص١٠؛ انظر أيضًا: الشرق الخالد: د. عبد الحميد زايد. دار النهضة العربية، القاهرة، ص١٤٧، ٢٩٢.
١١  د. فاضل، عشتار ومأساة تموز، ص٥٠.
١٢  ميخائيل، المصدر السابق، ص١٣٠.
١٣  نفسه، ص١٣٣.
١٤  نفسه، ص١٧٥.
١٥  السواح، المصدر السابق، ص٢٤٦.
١٦  ديورانت، المصدر السابق، ص٣٨.
١٧  فريحة، المصدر السابق، ص٤٩.
١٨  ديورانت، سبق ذكره، ص١٨.
١٩  السواح، ص٢٤٧.
٢٠  اقتبسها السواح، ص٢٤٧، عن The Scared MaShroomos the cross.
٢١  د. بكر، هوامشه في المصدر السابق، ص١٤٧.
٢٢  زايد، المصدر السابق، ص١٤٧.
٢٣  ميخائيل، ص١٣٤.
٢٤  الكتاب المقدس، سفر حزقيال، الإصحاح ٨، آيات ١٤–١٨.
٢٥  نفسه، سفر نشيد الإنشاد، الإصحاحات ١–٧.
٢٦  ديورانت، ٢٣٠.
٢٧  Gordon C. H. Ugaritic Lierature Roma, 1949, p. 35.
٢٨  الحضارات السامية القديمة لموسكاتي «السابق»، ص١٤٩.
٢٩  الكتاب المقدس، انظر سفر الخروج، ٣٤: ٢٢؛ والتثنية، ١٦: ١٠؛ وأخبار الأيام الثاني، ٨: ١٣.
٣٠  Lods. A. lsrael From its beginnings to the middle of Eightcentiory translated by S. H. hooke. London 1932, p. 91.
٣١  Smith w. R. Lectures on the Relgion of the semites 3rd. ed London 1927, p. 485.
٣٢  السواح، ص٢٩٢.
٣٣  عباس محمود العقاد، الله، دار الهلال، القاهرة، سبتمبر ١٩٥٤م.
٣٤  الموضع نفسه.
٣٥  بوتيرو، المصدر السابق، ص٣٨.
٣٦  ارجع إلى آية ٢٩، الإصحاح الأول، إنجيل متى؛ وإلى آيات ٤٦–٤٩، الإصحاح ١٢، متى أيضًا؛ وإلى آية ٤٢، إصحاح ٦، إنجيل يوحنا؛ وإلى آيات ٣٠٢، إصحاح ٦، إنجيل مرقس.
٣٧  الحوت، المصدر السابق، ص٨٢.
٣٨  د. خليل أحمد خليل، مضمون الأسطورة في الفكر العربي، دار الطليعة، بيروت، ط٢، ١٩٨٠م، ص٤١، ٤٢.
٣٩  د. مصطفى الجوزو: من الأساطير العربية والخرافات، دار الطليعة، بيروت، ط٢، ١٩٨٠م، ص١٧.
٤٠  انظر في معنى جبرا: الساميون ولغاتهم: د. حسن ظاظا، مطبعة المصري، الإسكندرية، ١٩٧١م، ص١١.
٤١  ديورانت، ص٢١٤.
٤٢  الكتاب المقدس، سفر حزقيال، الإصحاح ١، الآيات ٤–٢٨.
٤٣  هوامش د. بكر على موسكاتي، ٣٠١.
٤٤  الكتاب المقدس، سفر حزقيال، ٢٣-٢٤.
٤٥  القرآن الكريم، سورة فاطر، آية ١.
٤٦  الزمخشري، طبعة محمد أبو الفضل وعلي البجاوي، ج٢، القاهرة، ١٩٤٧م، ص٤٠٨.
٤٧  القزويني: عجائب المخلوقات، جوتنجن، ١٨٤٩م، ص٥٦.
٤٨  الأصبهاني: الأغاني، بولاق، ١٢٨٥ﻫ، ج٣، ص١٩٠.
٤٩  هوامش د. بكر، ٤٣٤.
٥٠  للمزيد ارجع للهوامش نفسها، ص٣٧٤، ٣٧٥.
٥١  الحوت، ص٥٨، وأمثلة كثيرة لهذا الخلط أوضحها د. حسن ظاظا في: الساميون ولغاتهم، ص١٧، ١٨.
٥٢  الحوت، ص٧٤.
٥٣  رينيه ديسو: العرب في سوريا قبل الإسلام ترجمة عبد الحميد الدواخلي، لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة، ١٩٥٩م، ص١٣٦.
٥٤  نفسه، ١٢٤.
٥٥  هوامش: د. بكر على موسكاتي، ص٣٨٦.
٥٦  د. خليل، المصدر السابق، ص٤٤.
٥٧  Wellhawen Rcste Arabichen Heiden tumb’s 2nd, Berlin and Leipzig p. 33.
٥٨  د. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج٥، ص٩١.
٥٩  الحوت، ص٦٧.
٦٠  السواح، ٨٨؛ انظر أيضًا زايد، ص٢٨٨.
٦١  هوامش د. بكر، ٢٧٣.
٦٢  الحوت، ٦٩.
٦٣  ديسو، ١٢٢.
٦٤  Ryck mans (Jacques) Le noms prepres and Semitiques 3vol Lauvain 1934—Les Reiligions Areabes pre-lslamiques 2ed Louvian وانظر أيضًا بهذا الصدد p. 3, 1963.
٦٥  Stareky paimigreniens nabateen set Arebes du nord a vont lslam dans Histoire de Religiens 4 (pubilesaus La direction de Maurice Brillant et Rene Algrian) Tohrin 1956, pp. 201–237.
٦٦  السواح، ص٨٨.
٦٧  هوامش بكر، ص٣٦٢.
٦٨  ديسو، ص١٢٥.
٦٩  خليل، ص٤٢.
٧٠  السواح، ص٢٩٩.
٧١  الحوت، ص١٢٣.
٧٢  الجوزو، ص١٧.
٧٣  موسكاتي، ص٢١٧.
٧٤  فريحة، ص١١٣.
٧٥  القرآن: سورة التكوير، الآيات ١٥-١٦.
٧٦  محمد فريد وجدي، القرآن المفسر، دار الشعب، القاهرة، ص٧٩٤.
٧٧  اقتبسها د. بكر في هوامشه من «أصنام» ابن الكلبي (ابن الكلبي، ص١٧–٢٤).
٧٨  سيرة ابن هشام، ج١، ص٢٠٧.
٧٩  سورة البقرة: الآية ١٠٢.
٨٠  تفسير وجدي، ص٢٠.
٨١  تفسير الطبري، ص٣٤٣–٣٤٦.
٨٢  نفسه، ص٣٤٥.
٨٣  نفسه، ص٣٤٦.
٨٤  ديسو، ص١١٢.
٨٥  فريحة، ٥٨.
٨٦  خليل، ٩٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤