مُفتتَح

لأنَّ «آفة حارتنا النِّسيان» كما كتب عمنا نجيب محفوظ، فمن المُهمِّ التعاملُ مع هذه الآفة، وهذا النص محاولة لمواجهة النسيان في حارتنا. الآفة الأخرى التي أراها هي آفة استبعاد الجماهير من المشهد، ويتمُّ اختصار وجودهم فقط في خلفية المشهد؛ تارةً بثنائية الخاصَّة والعامَّة عبر «إلجام العوام»، وتارةً عبر لا صوتَ يعلو فوق صوت الجماهير. والجماهير هنا كائنٌ هُلامي، لا رأس له ولا جسم ولا هيكل عظميًّا أو لسان يُعبِّر عنه ويُمثِّله.

فهذا النص خطوةٌ ضد آفة النسيان وآفة استبعاد الجماهير؛ نص يُوثِّق، ولكن ليس التوثيق التقليدي، بل يُوثِّق حياة؛ حياة «نصر» وحياة التفكير عنده، ليس مَصدرها كلام «نصر» عن نفسه فقط كما تَصوَّر معظم من قرءوا الكتاب من عنوانه؛ ففي الكتاب ثلاثة أصوات؛ صوت «نصر»، وصوت المُؤلِّف، وصوتٌ ثالث عامٌّ يُسجِّل واقعًا ثقافيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا خلال سبعة عقود.

هذا النص ضد استبعاد الجماهير، ليس من خلال نقد مقولة الخاصة والعامة تطبيقيًّا فقط، بل نقدها بمحاولة وضع خريطة لمدينة خطاب «نصر أبو زيد»، عبر محاولة تلخيص وتبسيطِ — بقدر الإمكان في متن الكتاب — كل نص كتبه «نصر أبو زيد» ونشره، سواء مقالةً أو بحثًا أو كتابًا؛ لتكون خريطةً لكل باحثة وباحث في خطاب «نصر أبو زيد».

لعل هذا العمل يكون مقدمةً يُدخِل عليها القارئ والقارئة التعديل والتصويب؛ لكي تستطيع الثقافة أن يُنقَل وعيُها من داخله لخطوةٍ تالية، بهضم القديم وما تم فيه، فنصعد على أكتاف القدماء وعلى جهودهم، فنرى أبعدَ ممَّا رأوا.

يا مسهل
جمال عمر
٢٠ يونيو ٢٠٢١
بارك سلوب، بروكلين

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤