الفصل الرابع

العهد السلجوقي (٤٤٧–٥٥٢)

السلاجقة ينتسبون إلى جدِّهم سلجوق، وهو ينتمي إلى قبيلة كريمة كانت تقطن تركستان، وسلجوق هو أول من آمن من رجالها. وأول من استولى على بغداد من هذه الأسرة طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق على أثر اختلال حكم البويهيين فيها؛ وذلك أنَّ مملوكًا تركيًّا من مماليك الديلم يُقَال له أبو الحارث أرسلان البساسيري عاث في العراق فسادًا وكاتَبَ الفاطميين في مصر؛ فالتجأ الخليفة القائم إلى مهارش بن المجلي أمير العرب، فحمله إلى عانة، فبقي فيها حولًا كاملًا.

وفي ذلك العهد دخل طغرلبك بغداد، وقتل البساسيري، وأعاد القائم إليها، ولم يتخذ ملوكهم بغداد مقرًّا لهم، وكانوا يكتفون بإرسال من ينوب عنهم.

وقد عانت بغداد في عهدهم هذا حصارين؛ الأول: سنة ٥٣٠ في عهد الخليفة الراشد بأمر الله، دام نحو شهرين، وانتهى بفرار الخليفة إلى الموصل، وكان القائم بهذا الحصار السلطان مسعود السلجوقي. والثاني: في خلافة المقتفي سنة ٥٥١، والقائم به محمد بن أخي السلطان مسعود، ودام أكثر من ثلاثة أشهر، وفي هذا الحصار أبلى البغداديون بلاءً حسنًا، فردُّوا السلطان ومن معه بغيظهم لم ينالوا خيرًا.

ومن أعظم ملوك السلاجقة الذين زاروا بغداد ملكشاه بن ألب أرسلان، زارها مع وزيره الأعظم الحسن بن علي الملَقَّب بنظام الملك، الذي حاول أن يصل البيت العباسي بالبيت السلجوقي بأواصر المصاهرة، فعقد للخليفة المقتدي على ابنة السلطان ملكشاه.

ولهذه المصاهرة مَثَلٌ سابق، فإن السلطان طغرلبك زوَّج ابنته للخليفة القائم، وحاول أن يتزوج هو نفسه من ابنة الخليفة، فكان له ما أراد بعد ممانعات ومراجعات كادت تؤدِّي إلى مخاصمات لا يعلم مدى أثرها إلا الله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤