الفصل الثاني

العهد الجلائري (٧٤٠–٨١٣)

وجلائر إحدى قبائل المغول الكبرى، نشأ فيها قُوَّاد معروفون، اتصل بعضهم بآل جنكيزخان، ومن أشهر الذين ارتقوا مكانًا عليًّا على عهد الدولة الإيلخانية الشيخ حسن بن الأمير حسين الذي انتهز فرصة الضعف في الدولة الإيلخانية؛ فوثب على ملكها واستولى على بغداد سنة ٧٤٠.

ومن أشهر ولاة بغداد على عهد هذه الأسرة أمين الدين مرجان بن عبد الله مملوك أويس، وأصله من بلاد الروم، وهو منشئ المدرسة والجامع المعروف اليوم بجامع مرجان.

وعلى عهد هذه الأسرة غزا تيمورلنك بغداد أكثر من مرة، أولاها سنة ٧٩٥، وكانت وطأته عليها هذه المرة خفيفة على خلاف ما عُهِدَ فيه من القسوة والغلظة، قيل: إنما فعل ذلك ليستميل إليه البغداديين الذين ضجروا من عسف الشيخ أحمد الجلائري، بل زعم بعض المؤرخين أن البغداديين هم الذين راسلوا تيمور وطلبوا إليه القدوم ليخلصهم من جور السلطان أحمد. ثم عاد إليها السلطان أحمد بعد ابتعاد تيمور عنها، فغزاها تيمور ثانية سنة ٨٠٣، وفتحها عنوةً، وفتك بأهلها هذه المرَّة فتكًا ذريعًا، واستحل جنده المدينة أسبوعًا كاملًا اقترفوا فيه من المنكرات ما يقشعر له جلد الإنسانية.

ولما تُوفِّي تيمورلنك سنة ٨٠٧ عاد السلطان أحمد الجلائري إلى بغداد فملكها سنة ٨٠٨، وكانت بين السلطان أحمد وبين السلطان قره يوسف التركماني في أول الأمر أُلْفَة انقلبت بعد ذلك إلى وحشة، انتهت بقتل السلطان أحمد واستيلاء قره يوسف على ملكه سنة ٨١٣، فأرسل السلطان يوسف ابنه محمدًا للاستيلاء على بغداد، فسُدَّت أبوابها في وجهه، وكان يدبر أمرها دوندي خاتون بنت السلطان حسين بن أويس الجلائرية، فلما علمت أن لا قِبَل لها بمحمد شاه احتالت للخروج من بغداد خلسة، ولما علم البغداديون بذلك فتحوا أبواب المدينة للفاتح الجديد سنة ٨١٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤