الموسيقى أشرف العُلوم وَألطف الفُنون

الحمد لله الذي شرف الإنسان بنطق اللسان، وفضَّله في اختلاف الألفاظ والألحان، وصرفه بتفضيل البيان والتبيان، وجعل طبعه لقيام الأوزان كالميزان، أحمده حمدًا متلائم الأجزاء، وأصلي وأسلم على نبيه محمد الذي شرف بوطء قدمه ظهر البراق، وافتخر به الحجاز على العراق، وعلى آله وأصحابه الضاربين عند الإيقاع بالكفار، والآخذين من ذوي الشرك بموجب الأوتار، وصلى الله عليه وعليهم ما ضجت بصحيح مثلث ومثنى، وما اضجعت الحجيج مثلث ومثنى.١

أما بعدُ، فلما كان علم الموسيقى من أشرف العلوم الرياضية، وألْطف الفنون الواجبية، وهو حديث النفس وجلاء القلب ومجلِّي الكرب، ومحرِّك الهوى، ومسكِّن ومنشئ الأفراح، ومنفى الأتراح؛ لعظم موقعه الصحيح الطبيعي، وأخذه بمجامع القلب، وكنت تطلَّعتُ إلى معرفة هذا العلم وأتقنتُه علمًا وعملًا وتدقيقًا وتحقيقًا، ورأيت من تقدم قد أشار إلى هذا العلم بإشارات ورموز، وسلك به طريق السيميا والكيميا وطلب الكنوز، فأبهم وما أفهم، فانقطع لذلك كثير من ذوي الأذهان الجامدة، ولم يصلوا إلى قليل من الفائدة، فأردت أن أوضح لهم هذا الطريق، وأسلك بهم نهج البيان والتحقيق والتصديق، فأقول، وبالله التوفيق: إن فن الموسيقى يفتقر إلى نغمات وضروب، وجعلتها نهاية للطالب والمطلوب.

(١) الباب الأول

في ماهيته وموضوعه واشتقاق اسمه وفضله وبرهانه، ولِمَ يوضع، ومن أخذ به من المتقدمين، وآراء الحكماء فيه وآدابه، وفيه فصول: الأول في ماهية الموسيقى وموضوعه، قال الفلاسفة: الموسيقى حكمة عجزت النفوس عن إظهارها في الألفاظ فأظهرتها الأصوات البسيطة، فلما أدركتها عشقتها فاسمعوا من النفس حديثها. وقال أفلاطون: الموسيقى معشوق النفس، وهو منها، فلا ينبغي أن تمنع من معاشقة بعضها بعضًا، وقال أيضًا: الموسيقى مدرج أبناء الفلاسفة والفلسفية إلى عالم العقل لأن ظاهره لهو الحواس، وباطنه لهو الحق، وسألت عن تفسير هذا التدريج فقيل: إن الموسيقى تحدث في النفس الفاضلة بالفعل ما كان عندها بالقوة، وهي كالصقال للثوب والوشي.

الثاني في اشتقاق لفظ الموسيقى والغناء واللحن، ويضاف إلى الفصل الأول لفظة الموسيقى يونانية ومعناها «علم الألحان»، وسماها المتأخرون: الغناء لأن النفس تستغنى به عن غيره من الملاذِّ البدنية في حال سماعه، واللحن ما رُكِّب من نغمات، ورتِّب ترتيبًا عجيبًا وموزونًا مقرونًا ببيت من الشعر أو ما يوافقه من الكلام المسجع والقراءة باصطلاح العارف.

فضل الموسيقى ومنافعه

قال فيثاغورس: إن فضل الغناء على الكلام كفضل النطق على الخرس، والدينار المنقوش على القطعة من الذهب، وزعم أهل الطب أن الصوت الحسن والنغم الصحيح يسري ويجري في العروق؛ فيصفو له الدم وتنقى له النفس ويرتاح إليه القلب، وتهتزُّ له الجوارح وتخفُّ له الحركات، ولا يخفى أنه ما ينبغي لأم الطفل أن تنومه إثر البكاء حتى تغني له، وترقصه وتطربه ثم تنومه على الصوت الشجي؛ خوفًا من انقباض الروح الروحاني وتولد سوء الأخلاق، وقد ورد في ذلك غرائب شتى نختصر في ذكرها، منها ما ذكره ابن عبد ربه في «العقد» عن ليلى الأخيلية أنها قالت للحجاج بن يوسف حين سألها عن ولدها وقد رأى ما أعجبه من حسنه وذكائه: والله ما حملته سهوًا، ولا وضعته بينًا، ولا أرضعته غيلًا، ولا أغنيه حنقًا، قولها: ما حملته سهوًا؛ أي: في بقايا الحيض، وقولها: ما وضعته بينًا؛ أي: منكسًا، ولا أرضعته غيلًا؛ أي: ترضعه لبنًا فاسدًا وهي حامل بغيره، وقولها: ولا أغنيه حنقًا؛ أي: باكيًا.

وقيل: إن منافع الصوت والأنغام الشجية أنها يتوصل بها إلى نعيم الدنيا والآخرة؛ لأن منها ما يبعث على الشجاعة ويُحدِث النشاط ويؤنس الوحيد، ويريح التعبان ويسلي الكئيب ويبسط الأخلاق، ويحضُّ على اصطناع المعروف.

ومنها ما يشوق إلى نعيم الآخرة والصلة بالعالم العلوي، ويحضُّ على الورع والعبادة والتجرد عن تبعات الدنيا وعلائقها وغير ذلك؛ فأما ما يبعث على الشجاعة، فإنا لا ندري طائفة إلا ولها عند حروبها شيء من آلات الأنغام يجرونها مجرى السلاح في الحركات، كالرباب عند العرب، والكمنجا للكرد، والبوقات للفرنج وغير ذلك، وأما ما يحدث من النشاط فيكفي من ذلك ما نشاهده من نشاط الإبل بالحداء مما لا يشك فيه أحد فما ظنك بالبشر.

وأما ما يؤنس الوحيد فإن كل من استوحش في بر أو جدار يترنم أو يغني فيأنس بصوته، وها هنا دلائل أُخر يضيق الوقت عنها، وأما ما يريح التعبان فإن سائر أرباب الصنائع إذا تعب أحدهم غنى فاستراح إلى صوته، ومنهم من لا يسكت أبدًا كالبنَّاء والقصاب.٢

وأما ما يسلي الكئيب فإنا نرى العاشق إذا ذكر أحبابه استشط، وكادت الحسرات والزفرات تحرق قلبه فيغني أو يترنم؛ فيبرد ما يجده حتى إنه لو أدام ذلك مدة نهاره وليله لم يشبع.

وأما ما يبسط الأخلاق ويحضُّ على اصطناع المعروف فذلك شائعٌ جدًّا، ولو بسطت ذلك لاستوعب معظم الأوراق.

وأما ما يشوق إلى نعيم الآخرة فأحوال سماعات المشايخ والصوفية والنساك والعلماء، فمن ذلك قول أحمد بن أبي دؤاد: إني كنت لأسمع الغناء عند «المعتصم» من «مخارق» فيقع عليَّ البكاء، وأمثل في نفسي الملكوت. وكان أبو يوسف القاضي يحضر مجلس الرشيد وفيه الغناء فيجعل مكان السرور بكاء يتذكر فيه نعيم الآخرة.

وقد رُوي في هذا النمط كثير مما أورده ابن الجوزي وغيره في مصنفاتهم وفي اليسير منه كفاية، ومن فضل السماع أنه ليس في الأرض لذة تكتسب من أكل ومشرب وملبس ومنْكح وصيد إلا وفيه مغبات على البدن وتعب للجوارح، ما خلا السماع فإنه لا تعب فيه للجوارح ولا مغبات للبدن. ولما توفي الإسكندر وجد أرسطاطاليس ما خشي على نفسه منه، فدعا بعض تلاميذه وأمره بإصلاح العود وملازمته في كل يوم يضرب به نوبة يذكر فيها مرثية الإسكندر تعزية لأرسطاطاليس؛ فزال ما كان يجده. ومن أحسن فضائلها أنها تحرك الهوى الساكن وتسكن الهوى المتحرك، ومن برهان فضل الموسيقى وتأثير فعله في الأنفس وقوف الطير صافات لنغم داود عليه السلام، مما لا يمكن جحوده مع النص والأثر، حدثني جماعة ثابتو العدالة مسموعو القول من أهل زماننا هذا، أنهم حضروا مع الشيخ الإمام العالم قدوة أهل هذه الصناعة أولًا وآخرًا «صفي الدين عبد المؤمن» مجلسًا ببستان بغداد وهو يضرب بالعود، وأن هزارًا أتى لحسن النغم حتى سقط على غصن مقابله، ثم طار ونزل إلى الأرض مقابل الجماعة وهو يرفرف بجناحيه ويصيح، ولم يزل يفعل ذلك ويقرب منه قليلًا حتى صار بين الجماعة، ومعظم الجماعة باقون إلى يومنا هذا.

وحدثني آخرون من أعيان بغداد أنهم حضروا بستان الصاحب «مجد الدين ابن الأثير» بقرية أبي حريم من نواحي بغداد، في خدمة الشيخ العلامة فريد عصره «شمس الدين السهروردي» فضرب بالعود مقابل غصن ورد، وبين أيديهم ساقية فجاء بلبل وأصغى لصوت العود، ثم دنا منهم حتى قعد على الساقية التي بين أيديهم، ولم يزل كلما ضرب بالعود أصغى وحرك جناحيه، وكلما سكت صاح … إلى أن مضى من النهار عشر ساعات وتفرقت الجماعة حتى فارق موضعهم.

وأخبرني جماعة آخرون بالسلطانية أنهم شاهدوا مطربًا جنكيًّا، وقد جرى له قريبًا من ذلك لأن البلبل سقط على رأس جنكه، وهذا حال العجماوات، فأما حال البشر فكفى من ذلك أنَّا لا نجد إنسانًا كائنًا من كان إلا ويطرب من صوت نفسه ويعجبه طنين رأسه ويستريح لذلك وإن أتعب غيره كأصحاب الفلاحات، وقد ذكروا من ذلك في كتبهم أن النحل لتطرب للغناء، وأن أفراخها تستبرك بالصوت الحسن، وقد تقدم في الفصل الذي أمام هذه البراهين ما يدمج طي هذه النعوت مثل: استراحة أرباب الصناعات بأصواتهم، والإبل بالحداء، ونشاط الشجعان بالنغم، ونوم الطفل على النغم والصوت الحسن، وعلى ذلك دلائل كثيرة لا يخامرها شك، ومن أوضح هذه الدلائل شرب الخيل بالصفير.

فصل في أصل من وضع الموسيقى ومن ولع به عملًا

ووجدت في أحد الكتب القديمة أن أول من أظهر العود واستنطقه وأخرج منه الأنغام نوح عليه السلام، وأنه عدم عند الطوفان، ثم في عهد داود عليه السلام استخرج وهذب وضرب به، وأما إجماع أهل هذه الصناعة أن أول من أحدث العود داود عليه السلام لم يثبت، وذكر العلماء أن العود الذي كان يضرب به لم يزل بعد وفاته معلقًا ببيت المقدس إلى حين دخول بختنصر وإخرابه البيت.

وقيل: إن الإسكندر كان في صحبته عود، لما كان يطوف بالبلاد يضرب به تلميذ لأرسطاطاليس مؤدب الإسكندر، وكان الإسكندر إذا كان عنده ما يُغيِّر مزاجه من انقباض، أو حدث له كسل، دعا التلميذ فأحضر له العود وضرب به؛ فيزول عنه ما يجده.

وأما من غنى به من الحكماء فكثير جدًّا، مثل: أرسطاطاليس وبقراط وجالينوس وفيثاغورث، وهؤلاء أعنى به من غيرهم، ومن خلفاء بني أمية: يزيد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك، ومن بني العباس: إبراهيم بن المهدي، وله فيه تصانيف، وأبو عيسى بن الرشيد، وعبد الله بن الأمين، وصالح بن الرشيد، وعبد الله بن موسى الهادي، وإبراهيم بن عيسى بن جعفر المنصور، ومحمد بن جعفر المقتدر، وأبو أيوب الرشيد، وعبد الله المعتصم، وعبد الله بن إبراهيم المهدي، والمتوكل وولده المؤيد، وطلحة الموفق، والطائع والمقتدر، وأحمد المعتصم، رحمة الله عليهم أجمعين.

وقال أفلاطون: إن أهل العلم والحكماء لم تضع الموسيقى للهوى ولا اللهو بل للمنافع الذاتية، ولذة الروح الروحانية، وبسط النفس، وترطيب اليبوسات، وتعديل السوداء، وترويق الدم، وبنوه على الطبائع والاستقصات الأربعة والأمزجة، وزعموا أن ذلك مستخرج من البروج الاثني عشر.

وأما المنكرون لهذا العلم فذلك لأنهم لم يسمعوه إلا في الحانات والمسافر، وقد حرموه شرعًا لظنهم أنه عُمِل لهذا فقط، ولم يقفوا على أصوله ومعانيه وقصد ما وضع له، فمن ذلك ما رواه «أبو نصر الفارابي»: أن هذا العلم استخرج من علم الهيئة وعلم الحكمة وعلم الطبيعة، فإن له تعلقًا بجميع هذه العلوم … فالمقاسات الاثنا عشر التي هي رأس هذه الصناعة: (الأول): راست، وله من البروج «الحمل»، (الثاني): العراق، وله من البروج «الثور»، (الثالث): أصفهان، وله من البروج «الجوزاء»، (الرابع): الزير افكند، وله من البروج «السرطان»، ومنهم من يسميه: كوجك، ومنهم من يسميه: زوركند، (الخامس): بزرك، وله من البروج «الأسد»، (السادس): زنكوله، وله من البروج «السنبلة»، (السابع): رهاوي، وله من البروج «الميزان»، (الثامن): الحسيني، وله من البروج «العقرب»، (التاسع): الحجاز، وله من البروج «القوس»، (العاشر): بوسليك، وله من البروج «الجدي»، (الحادي عشر): نوى، وله من البروج «المريخ»، (الثاني عشر): عشاق، وله من البروج «الحوت».

وأما الأوزات فهي عنده سبعة؛ الأول: كوشت، كوكبه (زحل) وهو بارد يابس، الثاني: نوروز، كوكبه (المشتري) وهو حار رطب، الثالث: سلمك، كوكبه (المريخ) وهو حار يابس، الرابع: شهناز، كوكبه (الشمس) وهو حار رطب، الخامس: الماياه، كوكبه (الزهرة) وهو بارد رطب، السادس: كردان، كوكبه (عطارد) وهو ممتزج، السابع: حصار، كوكبه (القمر) وهو بارد رطب.

وأما المقاسات فهي أربعة: الأول: يك كاه، طبعه «الصفرا» حار، يابس، الثاني: دوكاه، طبعه «الدَّم» حار رطب، الثالث: سيكاه، طبعه «البلغم» بارد رطب، الرابع: جاركاه، طبعه «السودا» بارد يابس.

وأما ما ذكره شيخ هذه الصناعة الشيخ صفي الدين بن عبد المؤمن فعما يقال من ذلك في الأوقات المناسبة لكلِّ مقام، وذلك أن «الماياه» يناسب وقت الشروق، فإذا ارتفعت ناسبها «الراست»، فإذا صار ربع النهار ﻓ «العراق» لأنه ما في المقامات أوسع منه ولا ألطف، وقيل وقت الظهر أيضًا: «الراست»، وعند دخول وقت الظهر: «مخالف راست»، وبعد الزوال: «بوسليك» لكونه أسفل الطبقات، ومطلعه أوَّل الهبوط، وأول البرودة كذلك إلى القرب من أول النهار، وقبل الغروب: «العشاق»، وبعد الغروب: «النواة» لأنه ما في الأوقات ألطف ولا أرطب ولا أروح ولا أفضل ولا أطيب من هذا الوقت، وكذلك هذا المقام موافق لهذا الوقت، وإذا انقضى «النصف الأول من الليل» ففي تلك الساعة: (أصفهان)، «وعند السحر»: (زنكلاه) فإنه موافق، ورُوي أن الرسول كان يقرأ القرآن وقت السحر من هذا المقام، وإذا «قرب الصباح»: (رهاوي)، «وعند الصباح»: (حسينى).

فصل فيما ذكره أهل الفلسفة من أهل هذه الصناعة

اللون «الأبيض» يوافقه من الأنغام مثل: (المخالف والأشبه).

«واللون الأسمر» يوافقه مثل: (العراق، ومثل: مخالف راست، ومثل: مرعك)، و«الحنطي اللون» و«الحسن الوجه» يوافقه: (الراست)، «والمشايخ الصوفية» يوافقهم: (بحر الثقيل)، «والشباب والصبيان» يوافقهم (بحر الخفيف) لموافقته طبعهم، والله سبحانه وتعالى أعلم …

فصل في شرح الدائرة

(الأول: الرصد) وهو كما قال الشيخ صفي الدين بن عبد المؤمن مأخذه من: (السيكاه)، وقال غيره: إنما مآخذه من (غير السيكاه)، وهو غليظ، والأصح أن مأخذه من (السيكاه) ويعلو (بحصار الرهاوي) ويحسن (بالرمل)، ومحطه على (الدوكاه)، ومنهم من قال: مأخذه من (السيكاه)، وهو حسن، وممن وافق على شيله من السيكاه ابن عروة، والمارديني، وغيرهما من أهل العلم والفن، وقالوا: إنه يكون مقدمًا على (الأصفهان)، الأصل التالي: (أصفهان) وشيله من (الرصد) ثم يعلو (بالههفتكاه) ويحسن (بالجاركاه) ويحط على (راست)، ومنهم من قال بأنه يحط على (الدوكاه) ولا فرق بينهم؛ لأن الدوكاه، تحط: (راست). وقال بعضهم: بتقديم: (الزايرافكند؛ لقربه من الرست «الرصد» في الشيل والحط).

فصل في الثماني بردات التي هي فروع الأصول الأربعة

  • الأول: (عشاق يعلو «بالنوروز»، ويحسن بالجاركاه، ويحط على الراست).
  • الثاني: (زنكوله، ومثيلها: «الجاركاه»، ويعلوها «بالحجاز بوسليك»، ويحسن «بالسلمك»، ويحط على «الراست»).
  • الثالث: (ماياه، وهي تعلو «بالزركشي»، ويحسن «بالنوا»، ويحط على «الراست»، ومن علماء هذا الفن من يحسن موضع: «النوار للحجاز»، وهو صواب).
  • الرابع: (بوسليك، يعلو «بالماياه» ويحسن «بالعشاق» ومثيله محطه، فإن لم يعلُ «بالماياه» كان: «دوكاه» ناطقة).
  • الخامس: (بزرك، ومثيله من «السيكاه»، ومخالفه: «الحجاز»، ومحطه: «الزيرافكند»).
  • السادس: (رهاوي، ويشيل من «الزيرافكند» ويعلو «بالحسيني»، ويحسن «بالحجاز» ويحط على «السيكاه»).
  • السابع: (حسيني، ومثيله من الأصفهان؛ لأنه فرعه، ويعلو «بالماياه» وتحسينه «بالجاركاه» ومحطه على «الراست»).
  • الثامن: (نوا، وشيله من الأصفهان، ويعلوه «بالماياه» ومحطه على «الراست» ويحسن به في العمل).

واعلم أن كل نغمتين من هذه البردات فرعان لكل أصل من الأصول المتقدم ذكرها؛ فالعشاق والزنكوله فرعا: (الراست)، والماياه، وبوسليك فرعا: (العراق)، والبزرك، والرهاوي فرعا: (الزيرافكند)، والحسيني والنواه فرعا: الأصفهان؛ تمت الفروع.

فصل في ذكر الست أوازات

  • الأول: النوروز، وهو الرمل، عند بني العرب، وهو أواز الرست والعراق، ومأخذه عراق ويحسن بالرهاوي ثم يعلو بالسيكاه والحجاز ومحطه على الدوكاه، ومنهم من قال: يحط راست، ولا فرق بينهم.
  • الثاني: الشهناز وهو أواز الزيرافكند والأصفهان، ويشيل من الزيرافكند ومحطه على الأصفهان.
  • الثالث: السلمك وهو أواز الزنكوله والبرزك، قال الشيخ صفيُّ الدين بن عبد المؤمن: إن شيله من الزنكوله ويحسن البزرك ويعلو بالرهاوي وشيله محطه.
  • الرابع: الزركشي، وهو أواز الحسيني والرهاوي، فإن مأخذه من الحسيني ويعلو بالنوروز ويحسن بالأصفهان ومحطه الرهاوي، وهو حسن.
  • الخامس: الحجاز، وهو أواز الماياه وبوسليك، فإن مأخذه من الماياه، ويعلو بالعشاق ويحسن بالرهاوي ومحطه على دوكاه بوسليك.
  • السادس: الكوشت، وهو أواز العشاق، محطه نوى.

فضل في ذكر أجزاء السبعة بحور

  • البحر الأول: السيكاه، ومأخذه من: الراست، ويعلو: بالأصفهان والحجار ثم يحط على: الراست.
  • البحر الثاني: الدوكاه، ومأخذها من: الراست، ثم تعلو: بالحسيني وتحسن بالرهاوي وتحط على: الراست.
  • البحر الثالث: السيكاه، وتعلو بالزيرافكند، ويحسن بالحجاز ومحطه على: الراست.
  • البحر الرابع: الجاركاه، وهي تعلو: بالهفتكاه، وتحسن: بالأصفهان، ومحطها على: الراست.
  • البحر الخامس: البنجكاه، ومآخذها من الأصفهان، وتحسن: بالرهاوي، ومحطها على: الراست.
  • السادس: السيكاه، وشيلها من: الزركشي، وتحسن: بالرهاوي، ومحطها على: الراست.
  • البحر السابع: الهفتكاه، وهي تعلو: بالسيكاه، وتحسن: بالأصفهان، ومحطها على الراست.

فصل في ذكر الشواذات

«الهنفة»: يشيل محير، ويحط حجاز حصار. «الزيزافكند»: يشيل من الرهاوي إلى البزرك ومحطه رهاوي. «البستاه»: يأخذ أصفهان ويحط سيكاه. «المحير»: يشيل من النوروز ويعلو بالسيكاه ويحسن بالأصفهان، ومحطه على الحسيني. «العكبري»: وهو الغزل، يأخذ حسيني ويحط حجاز. «الأوج»: وهو الكبرى، يشيل نوروز ويعلو بالحجاز ومحطه بزرك. «ماوزنه»: يشيل من السيكاه ويحط دوكاه. «الغريب»: يشيل من العشاق ومحطه دوكاه. «المبرقع»: يشيل جاركاه ومحطه سيكاه. «المحجوب»: يأخذ نوروز ويهبط إلى الراست ويرجع إلى مأخذه. «الصعيد»: يشيل من النوروز ويعلو بالرهاوي ويحسن بالنوى ومحطه على الدوكاه، «الركبي»: يشيل من الجاركاه ويخالط الرمل ويلوح للزركشي ومحطه على الدوكاه، «الكردانيا»: يشيل من العشاق، ويحسن من الرهاوي ومحطه على الدوكاه، «الأوج راست» بين السيكاه وبين النوروز: يأخذ حجاز ومحطه على راست، «الشاورك»: يأخذ من الحجاز ويعلو بالحسيني ويحسن بالزيرافكند ومحطه على دوكاه يؤخذ عراق ومحطه على الراست، «نوروز عربان»: يأخذ من رمل ويهبط جاركاه، «نوروز جار» يأخذ نوروز ويهبط على راست، «عراق عجم» يأخذ على كردانيا ويحط رهاوي، «الرهنك»: يشيل من الرهاوي ويحط سلمك، «سكرساز»: يشيل من الزيرافكند، يلائم الحجاز ويحط على الدوكاه، «قوس قزق»: يشيل من النوى ويحسن بالبزرك ويحط على رهاوي، «نغم المخفى»: يشيل من العشاق ويحط على الحسيني.

قاعدة.
أ ن ع ز ب ح ر ع ز ر ب ح
أصفهان نوى عراق زنكر بزرك حجاز راست عشاق زيرافكند رهاوي بوسليك حسيني
تفرقت أحرفها على الاثني عشر نغمًا الأصلية من الدائرة، والله أعلم.٣
١  من رسالةٍ قديمةٍ مخطوطةٍ مجهولة المؤلف، أشار إليها المغفور له العلامة المحقق أحمد تيمور في الخزانة التيمورية بدار الكتب.
٢  النافخ في المزمار.
٣  يجمعها: إن عز بحر عز ربح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤