للتاريخ

بقلم  المؤلف 
فبراير سنة ١٩٣٩

هذه ثالث رواية وضعتها وكان ذلك في سنة ١٩١٥ مطاوعة لشعور ابتعثه هَمُّ المصريين يومئذ لتغيير القوم عاهليتهم بالرغم منهم، وإيقاظا لنفسية كاد يتلفها ما كانوا يلقونه من المذلة والعبث.

ولقد حاولت ما حاولت ليأذن الرقيب بتمثيلها فلم أفلح إلا في ١٩١٨، فقد تضافر موظفو قلم المطبوعات على رفضها والنيل مني ومنها عند رجال السلطة السياسية والعسكرية، فنالوا الحظوة لديهم كما أرادوا، وباءوا بعد ذلك بخزي من الله والوطن.

وأخيرًا مثلتها فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي لأول مرة في المنصورة، تكريمًا للمدينة التي حدثت فيها واقعة التاريخ الذي أدونه لأبطالها في هذه القصة بقلم التجلة والإكبار بعد أن دونوه لأنفسهم بأثلات السيوف والرماح، وجعلوا صحيفته نورًا للمستنيرين في الحق والوطنية، بَيْدَ أنها كانت مرة واحدة مثلت فيها، ثم رأيت من واجبي أن أنقل حق تمثيلها إلى فرقة ترقية التمثيل العربي التي كانت في مجرى الإنشاء يومئذ فتولت إخراجها في دارها بحديقة الأزبكية وأحسنت تمثيلها، ولكن لم تكن هذه الدار حرة يومئذ في العمل؛ إذ كانت هناك عوامل تزيغ الدراما لتحل محلها الروايات الغنائية، فاختفت هذه الرواية من الجو المسرحي المحترف، وإن لم تختف من مسارح الجماعات الهاوية.

وإذ كان من واجبي أن أنوه بحسنات المحسنين، فبفضل زعيم مصر الاقتصادي العظيم محمد طلعت حرب باشا؛ لأنه قدَّر الرواية قدرها وغالى بها، وبفضل معالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا، «وكان يومئذ مديرا لتحرير السياسة»؛ إذ عهدتْ إليه إدارة الشركة بقراءتها ودرسها، فأحسن الرأي فيها وأثنى واستحث على تمثيلها والاستزادة من أمثالها لتغذية الروح الوطنية في البلاد، وإمدادها بما هي في حاجة إليه من المثل والعظات. فلهما شكري ودعائي وتحيتي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤