W

أليس ووكر WALKER, Alice (١٩٤٤م–…)

من أكثر الكُتَّاب الأمريكيين تنوُّعًا وإنتاجًا؛ فقد كتبت القصة القصيرة، والرواية، والنقد، وقِطعًا من سيرتها الذاتية، والشعر. وهي كذلك ذات صوت متميِّز في عالم السياسة منذ أواخر القرن العشرين. وكثير من أعمالها يتناول الحالة في الجنوب الأمريكي، وحركة الحقوق المدنية في الستينيات، وتاريخ الشتات للأمريكيين السود. وتتسم أعمالها كذلك بتأكيد حقوق المرأة السوداء؛ وقد دعاها ذلك إلى صك كلمة Womanist لتصف بها نفسها بوصفها امرأةً سوداء أو ملوَّنة تدعو إلى حركة النسوية Feminism.

ورغم أن روايات وقصص «ووكر» تنحو نحو الواقعية، فكثير منها يتعلَّق بالروحانية أو الظواهر فوق الطبيعية. وهي صوفية أيضًا، تؤمن بأن كل شيء ما هو إلا جزء من خلق الله، والإرادة الإلهية، والطبيعة.

ويظهر في كتبها ضرورة أن يحتفظ المرء بنفسه سليمًا متكاملًا في مواجهة أي عدوان.

وقبل أن تبدأ «ووكر» كتاباتها، أدركت ضرورة الاطلاع على الأمثلة التي تعبِّر عن أفكارها في الأدب الأمريكي والإنجليزي، فطالعت كتابات «فلانري أوكونور»، و«فرجينيا وولف»، و«زورا هيرستون» التي أصبحت مثالًا لها وراعيتها الروحية. وكانت أول رواياتها «الحياة الثالثة لجرانج كوبلاند» (١٩٧٠م) عن العنف الذي ساد أجيالًا ثلاثة من الرجال في أسرة من السود. أمَّا أشهر رواياتها فهي «اللون الأرجواني» (١٩٨٢م) التي نالت جائزة بوليتزر للرواية، والتي تحوَّلت من فورها إلى فيلم سينمائي ناجح، عن شقيقتَين من السود وعلاقتهما عن طريق تبادل الرسائل، فإحداهما تعيش في ولاية جورجيا، بينما رحلت الأخرى لتعيش في أفريقيا. وتصف الرواية الحياة المأساوية التي مرَّت بها «سِلِلي» التي تعرضَت للاغتصاب من زوج أمها، ثم للسُّخرة من الزوج الذي اضطرَّها أبوها بالتبني إلى الزواج منه. وتصوِّر «ووكر» كيف تخرج تلك المرأة من المحن التي صادفتها إلى حياة روحانية في مجتمع ليس فيه تمييز عنصري أو استغلال.

وفي روايتها «معبد أليفي» (١٩٨٩م) تحاول «ووكر» تصوير رواية هائلة عبر مئات الآلاف من السنوات من حياة السود في الأمريكتَين وأوروبا وأفريقيا خلال اﻟ ٥٠٠٠٠٠ سنة الماضية! وقد اشتهرت الرواية ولكنها لم تلقَ ما لاقته «اللون الأرجواني» من نجاح.

وقد تضامنت «ووكر» مع الناشطة النسوية «براتيبها بارمار» في تأليف كتاب نثري عن الأضرار الجنسية التي تُصادف المرأة وعلى رأسها تشويه أعضائها التناسلية. وهي ما زالت تصدر كتبها للدفاع عن المستضعفين في كل الأنحاء، مركِّزةً على المرأة وعلى السود.

نوح وبستر WEBSTER, Noah (١٧٥٨–١٨٤٣م)

figure

عالم لغويات ومعجمي مشهور من أهل ولاية كونيتيكت. بدأ عمله بعد أن تخرَّج في جامعة ييل في ١٧٧٨م بنشر «تأسيس أجرومي للغة الإنجليزية» (١٧٨٣-١٨٨٥م). وقد أصبح القسم الأول من هذا الكتاب مؤلَّفه المشهور «كتاب الهجاء»، الذي قام بدورٍ هامٍّ في المدارس والجامعات لتثبيت قواعد الهجاء التي اختلفت في أمريكا عنها في إنجلترا. وقد بلغ من انتشاره أنه بحلول عام ١٨٩٠م كان قد باع ستين مليون نسخة! وقد كافح «وبستر» سياسيًّا من أجل الحصول لأول مرة على حقوق التأليف والنشر لكتابه على المستوى الفيدرالي للولايات الثلاث عشرة التي كانت في الاتحاد عند ذلك.

وكتب «وبستر» كذلك المقالات المطوَّلة عن العلوم والاقتصاد والسياسة، قبل أن ينشر قاموسه «العمدة»: «قاموس أمريكي للغة الإنجليزية» في مجلدين (١٨٢٨م). وعند صدوره كانت الحرب مشتعلةً بينه وبين المعجمي الآخر «جوزيف وُرسِسْتر»، بَيد أن قاموس «وبستر» — إذ أضاف ما يقرب من خمسة آلاف كلمة لم ترِد من قبلُ في أي قاموس إنجليزي — أصبح هو القاموس المعتمد في أمريكا. وفي عام ١٨٤٠م، أصدر قاموسًا فريدًا ضم ٧٠ ألف كلمة بدلًا من الطبعة السابقة التي ضمت ٣٨ ألف كلمة فقط.

وما يزال قاموس «وبستر» مرجعًا معتمدًا بالطبعات المزيدة المُنقَّحة التي صدرت بعد وفاة مؤلِّفه وحتى اليوم.

إيودورا وِلتي WELTy, Eudora (١٩٠٩–٢٠٠١م)

figure

تتميَّز كتبها باتخاذ المنطقة التي عاشت فيها (المسيسبي) مسرحًا لها، مثل كتابها «ستارة خضراء» (١٩٤١م)، و«الشبكة العريضة» (١٩٤٣م) و«التفاحات الذهبية» (١٩٤٩م)، و«بحيرة القمر» (١٩٨٠م). وهي قصص تقدِّم شخوصًا — غريبة في معظمها — تفشل في التعرُّف على أنفسها أو على جيرانها.

ومن قصصها الأطول: «العريس اللص» (١٩٤٢م)، وهي حكاية تمزج بين قصص الجن بصيغة المواويل الشعبية. وقد فازت روايتها «ابنة المتفائل» (١٩٧٢م) بجائزة بوليتزر، وتصوِّر الصراع بين ابنة قاضٍ في «نيو أورليانز» وزوجته الثانية.

وقد كتبت «وِلْتي» كتبًا للأطفال، وتحوَّلت روايتها «ابنة المتفائل» إلى مسرحية غنائية مُثِّلت على مسرح برودواي عام ١٩٧٣م.

ناثانَيِل وِسْت WEST, Nathanael (١٩٠٣–١٩٤٠م)

figure

روائي أصدر خلال عمره القصير أربع روايات، أشهرها «يوم الجرادة» (١٩٣٩م) التي أنتجت منها هوليوود فيلمًا ناجحًا.

لم تلقَ روايات «وست» الأولى نجاحًا عند ظهورها؛ إذ كان كاتبًا اجتماعيًّا، يكتب عن الأشياء كما يراها أمامه. ولمَّا كانت روايته الأولى «الحياة الحُلمية لبالسو سنيلي» قد صدرت عام ١٩٣١م، وسط الكساد الاقتصادي الرهيب الذي ضرب أمريكا منذ عام ١٩٢٩م، فقد قابل القراء جوها الكئيب المزري وكوميديتها السوداء بعدم القَبول. وروايته الثانية «الآنسة الوحدانية» (١٩٣٣م) عن رجل يحرِّر عمودًا في إحدى الصحف بهذا العنوان، يرد فيه على مشاكل الناس الذين يراسلونه، بالنصح والإرشاد، وهو يبذل كلَّ جهدِ كلِّ تلك المشاكل بجدية، برغم سخرية زملائه من محاولاته. وتنتهي الرواية بأن يقوم أحد من كان يحاول إزجاء النصح له بإطلاق النار عليه، فيما يبدو المؤلف كأنما يريد القول بأن هذا هو قدر الفنان.

وفي روايته المشهورة «يوم الجرادة»، يعالج «وست» موقف الفنان الذي يبغي أن يساعد الناس اليائسين، ولكنه يصاب بالإحباط نتيجة شرور الناس وخياناتهم. ويجد أنه قد أصبح مثلهم؛ فحين لا يستطيع الانتهاء من فيلم له، يثير شغبًا دون قصد ينتهي به إلى اللجوء إلى العنف كيما يحمي نفسه من عنف الناس.

إديث وارتون WHARTON, Edith (١٨٦٢–١٩٣٧م)

figure

سليلة عائلة أمريكية أرستقراطية، أثارت عجب النُّقاد حين دخلت مجال الأدب، بيد أنه كان لديها عاملان يجعلان منها كاتبة؛ طفولة شقية، وموهبة أدبية.

نشأت «وارتون» في أسرة ثرية في نيويورك، وتلقَّت تعليمها في البيت، خلافًا لإخوتها الذكور الذين تعلَّموا في هارفارد. وقد توفَّرت على مكتبة والدها وعمدت إلى اختراع القصص بدلًا من اللعب مع صاحباتها؛ ولذلك ساد «وارتون» دائمًا الشعور بأنها «غريبة» عن وسطها. ورغم أنها تزوَّجت صديقًا لأحد إخوتها، فهي لم تكن سعيدةً معه طول مدة الزواج، وانتهى الأمر بالطلاق. وانتقلت بعد وفاة أمها إلى باريس ١٩٠٧م، حيث جمعت حولها كوكبةً من الأدباء والفنانين هناك.

من رواياتها المعروفة: «بيت المراح» (١٩٠٥م) عن سيدة من نيويورك تحاول أن تجعل من زواجها شيئًا ناجحًا، فتلاقي الإقصاء بسبب خروجها على التقاليد. ووارتون هنا تماثل هنري جيمس في تصوير القيم الخاصة التي تؤدِّي بصاحبها أو صاحبتها إلى المأساة.

وفي فرنسا، تكتب روايتها القصيرة «إيثان فروم» (١٩١١م) التي تُصوِّر أناس نيو إنجلاند، وبطلها «فروم» رجل غير فاعل، يَجْبن أمام طغيان زوجته «زينا» عن طلاقها ليتزوَّج من ابنة عمها التي تعيش معهما ويقع في حبها. ولكن المؤلفة تُصوِّر ابنة العم «ماتي» مُتردِّدة، حيث إنها لا تُشجِّع فروم على ترك زوجته من أجلها، وتقوم معه برحلة انزلاق على زحافة جليد، تنقلب بهما فيصاب فروم بالعرج وتُصاب هي بالشلل، ويصبح الاثنان في نهاية الأمر عالةً على الزوجة القاسية.

ومن خلال روايات «وارتون»، يمكن للقارئ أن يتبيَّن مشاعرها العاطفية والجنسية المِثلية، وهي واضحة في اختيار شخصياتها النسائية، حتى وإن لم يبدين هذا الاتجاه. ويظهر هذا التحليل النسائي المركَّب في روايات مثل «سن البراءة» (١٩٢٠م) التي نالت عنها جائزة بوليتزر للرواية، والتي تُصوِّر فيها تقاليد العصر الفيكتوري الإنجليزي كما تتبدَّى في نيويورك وسط الطبقات الراقية.

ومن رواياتها الأخرى العديدة: «النوم عند الغسق» (١٩٢٧م)، «الأطفال» (١٩٢٨م)، «وصول الآلهة» (١٩٣٢م).

وقد نشرت «وارتون» أيضًا ديوانَين من الشعر، ولكن أكثر ما كتبت بعد الرواية، القصص القصيرة التي أصدرت منها الكثير من المجموعات؛ منها «شينجو وقصص أخرى» (١٩١٦م) و«الطبيعة الإنسانية» (١٩٣٣م). وكتبت «الكتابة الروائية» (١٩٢٥م) التي يستبين منها مدى إعجابها بهنري جيمس وتأثُّرها به.

جيمس ويسلر WHISTLER, James (١٨٣٤–١٩٠٣م)

من مواليد ولاية ماساشوستس. قضى سنواته الأولى في روسيا وإنجلترا وأمريكا. وفي عام ١٨٥٥م رحل خارج الولايات المتحدة حتى وفاته، فذهب أولًا إلى باريس، ثم لندن حيث اشتهر بلوحاته، وطريقته في طباعة الألوان. وقد أزعجت طريقته المعتمِدة على نظرية الفن للفن جماعات الفنانين في ذلك الوقت الذين كانوا ينتمون إلى مدارس مختلفة عن مدرسته. وقد دخل عالم الكتابة والنقد الفني حين هاجمه الناقد الإنجليزي المشهور «جون رسكن»، فأقام «ويسلر» دعوى قضائيةً ضده، ومع أنه كسبها فإنه أنفق عليها أكثر من التعويض الهزيل الذي حُكم له به؛ فجعله ذلك يكتب عن الموضوع كتابًا ساخرًا بعنوان «ويسلر ضد رسكن: الفن والنقد الفني» (١٨٧٨م). ثم كتب «الفن الجميل في اكتساب الأعداء» (١٨٩٠م). وقد صدرت ترجمة لحياته عام ١٩٠٨م، ويومياته عام ١٩٢١م.

والت ويتمان WHITMAN, Walt (١٨١٩–١٨٩٢م)

أكبر شاعر أمريكي في القرن التاسع عشر، ويُلقَّب بشاعر الشعب الأمريكي لتناوله في قصائده الموضوعات والمسائل التي تتعلَّق بآمال الشعب وطموحاته في بناء دولة ديمقراطية يقوم كل فرد فيها بالعمل والحياة في يسرٍ ورخاء.

كان مولد الشاعر في ٣١ مايو ١٨١٩م في ضاحية «لونج أيلاند» بنيويورك، التي كانت آنذاك مزارع ريفية، فأُغرِم منذ صباه بالتجوال في الحقول والهُيام بالطبيعة الجميلة هناك. ولم يواصل حياة الدراسة، بل هجر المدرسة ليعمل في مهن كثيرة وهو بعدُ صبي، ولكنه عكف في الوقت نفسه على القراءة عن طريق المكتبات المتنقِّلة التي كانت منتشرةً في أيامه. وذكر أن كتاب «ألف ليلة وليلة» قد ترك أبلغ الأثر في وجدانه وخياله. وتشرَّب «ويتمان» منذ طفولته ما شهده من أفراد أسرته من الإيمان بالديمقراطية وحرية التفكير وحب الإنسانية جمعاء. ثم حبَّبه عمله في كثير من الصحف، في الكتابة والأدب، وبعد أن طالع قصائد عدد كبير من الشعراء، من بينهم دانتي وشكسبير وشيللي وكيتس، بدأ في تدبيج قصائده التي نشرها بعد ذلك في ديوان صغير عام ١٨٥٥م نشره على نفقته الخاصة باسم «أوراق العشب». ولمَّا قرأ الكاتب الكبير المعاصر لويتمان «رالف والدو إمرسون» الديوان، أثار إعجابه الشديد وأرسل خطاب تقريظ للشاعر كان من أهم العوامل التي شجَّعت «ويتمان» على المضيِّ في طريق الشِّعر. وتمثَّل نشاط «ويتمان» الشعري فيما بعدُ في إصدار طبعات جديدة لنفس الديوان مضافًا إليها كل مرة قصائد جديدة، حتى وصل عدد الطبعات إلى ما يقرب العشر. وقد عاصر الشاعر الحرب الأهلية الأمريكية (١٨٦١–١٨٦٥م) وكتب عنها قصائد كثيرةً بعنوان «دقات الطبول»، ثم كتب مرثيات للرئيس أبراهام لنكولن بعد اغتياله في عام ١٨٦٥م، وضمَّ كل ذلك في الطبعة الرابعة من «أوراق العشب». وقد ذاع صيت ويتمان في بلاده حيث أطلقوا عليه لفظ «الشاعر الأغبر الحميد»، وفي إنجلترا كذلك، حيث امتدحه شعراء وكتَّاب الإنجليز من معاصريه: روزيتي، وكارلايل، وسوينبرن، وتنيسون، وأوسكار وايلد.

وقد تكالبت الأمراض على «ويتمان»، ولكن ذلك لم يمنعه من مواصلة إنتاجه؛ فإلى جانب الطبعات المزيدة من «أوراق العشب»، أصدر عدة دواوين منفصلة أخرى؛ منها «نُهيران» (١٨٧٤م) و«أغصان نوفمبر» (١٨٩١م)، كما صدر له كثير من الكتب النثرية التي تضم مقالاته التي كان ينشرها في الصحف. وتُوفي الشاعر العظيم في ٢٦ مارس ١٨٩٢م، وفي جنازته جرت تلاوة نصوص من كونفوشيوس وبوذا، والكتاب المقدس، والقرآن الكريم.

جون وِتْيير WHITTIER, John (١٨٠٧–١٨٩٢م)

figure
شاعر من منطقة نيو إنجلاند، من أسرة من طائفة الكويكرز الدينية، فاستمدَّ معظم تأثيراته الفكرية من الدين ومن الكتب التي قرأها في طفولته وخصوصًا شِعر الإنجليزي «روبرت بيرنز»؛ ممَّا جعله يرى الرومانسية التي تكمن في الحياة اليومية في ريف نيو إنجلاند. نشر قصائده الأولى في صحف محلية، حتى أفرد له «جاريسون» وظيفة محرِّر في جريدة ببوسطن في عام ١٨٢٩م. ثم أصدر أول كتبه بعنوان «أساطير نيو إنجلاند نثرًا وشعرًا» (١٨٣١م). وبعدها نقل جهوده إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وأصبح نصيرًا نشطًا لقضية إلغاء الرق، ونشر الكثير من الكُتيبات والقصائد عن تلك القضية. وقد أنشأ حزب «الحرية» وأصدر صحفًا تعبِّر عنه. ولم يمنعه ذلك من الاستمرار في اتجاهاته الأدبية السابقة، فأصدر روايةً عنوانها «صفحات من يوميات مارجريت سميث في مقاطعة خليج ماساشوستس من ١٦٧٨–١٦٧٩م» (١٨٤٩م) التي اعتمد فيها على وثائق محاكمات الساحرات في بلدة «سالم»، وهي تكشف أعمال «التطهُّريون» في نيو إنجلاند كما فعل «ناثانييل هوثورن» بعد ذلك.

وقد كتب الشعر وعبَّر في قصائده من عواطفه الإنسانية. وفي ديوانه الأول «قصائد» (١٨٤٩م) يقول إنه برغم عدم قدرته على مجاراة المستويات الغنائية القديمة لقصائد «سبنسر» وسيدني، فهو يعوِّض عن مواطن ضعفه الفنية بكراهيته الشديدة للطغيان، وتعاطفه مع آلام إخوته من البشر.

واستمرَّ «وتيير» في الكتابة ضد الرق قبل الحرب الأهلية وفي أثنائها بحسب ما كان يقع من أحداث، ويُسَن من قوانين تتعلَّق بذلك الأمر. وبعد انتهاء الحرب وإلغاء الرق، عاد «وتيير» إلى كتابة الشعر، وكتب قصائد طويلةً على نهج «لونجفلو»؛ منها «الخيمة على الشاطئ» (١٨٦٧م)، وفيها قصيدة «الخير الأبدي» التي يمجِّد فيها الذات الإلهية وحبها لمخلوقاتها.
وتقع كتابات «وتيير» في ثلاث مراحل؛ فالقصائد التي كتبها حتى عام ١٨٣٣م، كان فيها تابعًا رومانسيًّا للشاعر «بيرنز». ومن عام ١٨٣٣م حتى ١٨٥٩م، يبدو فيها من نشطاء الكويكرز في معتقداتهم الإنسانية والسياسية الليبرالية. أمَّا بعد ذلك وحتى وفاته، فيبدو في قصائده شاعر الطبيعة ومفكرًا ثابتًا في عقيدته الدينية التي دفعته إلى التسامح الديني والنزعة الإنسانية والعدالة الديمقراطية، ويستبين ذلك في أجلى صورة في قصيدته «نحو الجليد».

وقد نُشرت رسائل «وتيير» في ثلاث مجلدات في عام ١٩٧٥م.

ريتشارد وِلْبِر WILBUR, Richard (١٩٢١م–…)

عمل أستاذًا في هارفارد بعد حصوله على درجة الماجستير منها، ثم عمل بجامعة «وسليان» منذ عام ١٩٥٥م. بدأ حياته الأدبية بديوان «تغيُّرات جميلة» (١٩٤٧م) ذي القصائد الناضجة المصقولة. وبرغم تأثُّره بالرمزيين الفرنسيين، وماريان مور، و«والاس ستيفنز»، جاء شعره أصيلًا في صفته الفكرية واحتوائه على السخرية اللماحة. وقد حاز ديوانه «قصائد» (١٩٥٧م) جائزة بوليتزر في الشعر، ونال بوليتزر أخرى عام ١٩٨٨م عن ديوانه «قصائد جديدة ومجموعة». وقد كتب أيضًا في نقد الشعر، وترجم عددًا من المسرحيات الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية.

ثورنْتون وايلدر WILDER, Thornton (١٨٩٧–١٩٧٥م)

figure
من أبرز كتَّاب المسرحية والرواية في القرن العشرين. وقد عُرضت مسرحيته «بلدتنا» (١٩٣٨م) أكثر من أي مسرحية أمريكية أخرى، ومسرحيته «منغصات حياتنا» (١٩٤٢م) Under Our Skin تقدِّم أكثر الابتكارات الفنية في تاريخ المسرح الأمريكي.
تلقَّى «وايلدر» تعليمه الأوَّلي في كاليفورنيا وفي الصين، حيث عمل والده قنصلًا هناك، ثم حقَّق رغبته في الالتحاق بجامعة ييل عام ١٩١٧م. وبعد تخرُّجه ذهب ليدرس منهجًا في علم الآثار في روما، ممَّا ألهمه موضوع روايته الأولى «الكابالا» (١٩٢٦). ثم نالت روايته «جسر سان لويس ريي» (١٩٢٧م) نجاحًا عظيمًا وحصل بها على جائزة بوليتزر للرواية. وبعد أن كتب عدة مسرحيات من فصل واحد، كتب مسرحيته «بلدتنا» التي حصل بها على جائزة بوليتزر للمسرحية عام ١٩٣٨م، ويصوِّر فيها التقاليد التي يرتبط بها سكان بلدة صغيرة في نيو إنجلاند. وقد تُرجمت المسرحية إلى عديد من اللغات، ومُثِّلت على مسارح بلدان كثيرة، منها مصر، وكذلك اقتُبست لتماثل الأجواء المحلية في لغات أخرى.

وقد كتب «وايلدر» مسرحيةً فكاهية عن مسرحية سابقة له، وسمَّى الجديدة «الخاطِبة» (١٩٥٤م)، وهي التي تحوَّلت إلى الفيلم الغنائي المشهور «هاللو دوللي» (١٩٦٣م) بطولة بربارا ستريزاند.

أمَّا مسرحيته «منغصات حياتنا» فقد ذكر بعض النُّقاد أنه تأثَّر فيها برواية جيمس جويس «فنيجانز ويك». وفي المسرحية، يمثِّل البطل والبطلة رمزَين لآدم وحواء، وابنهما «هنري» يقابل «قابيل»، ولهما ابنة، وتعيش الأسرة في نيو جرزي، وتصادف أهوالًا سيريالية؛ منها جبل جليد كاسح، وحرب كبيرة يقودها الابن، وتنجح خادمة الأسرة في إغواء الأب وإبعاده عن زوجته. وبعد الحرب، يعود التفاؤل حين يعتزم الأب إعادة بناء الأسرة معتمدًا على الكتب كيما تغيِّر له طريقه.

ومن رواياته الأخيرة: «اليوم الثامن» (١٩٦٧م) التي تؤكِّد على قيم وواقع المعاناة الإنسانية.

وأسلوب «وايلدر» كلاسيكي مصقول ترفده الموضوعية والمفارقات الساخرة؛ ففي رواياته، تغلب عليه النبرة الأخلاقية المتفائلة، وفي مسرحياته تظهر ابتكاراته التقنية وتحليلاته للحقائق الإنسانية العامة.

تينيسي وليامز WILLIAMS, Tennessee (١٩١١–١٩٨٣م)

شارك «وليامز» في كتابة المسرحية والشعر والقصة القصيرة. أوَّل مسرحياته الناجحة «مجموعة الحيوانات الزجاجية» (١٩٤٥م)، وهي مسرحية يستبين فيها أثر «تشيكوف»، تحكي عن أم محبطة تقع ضحية أوهام، وعلاقتها المضطربة بابنتها، وفيها سمات من السيرة الذاتية لوليامز نفسه. ومسرحيته الثانية هي «عربة اسمها الرغبة» (١٩٤٧م) التي وثَّقت شهرته وأصبحت من أهم المسرحيات في «ريبرتوار» المسرح الأمريكي والعالمي. وهي عن «بلانش ديبوا» التي كانت حياتها مأساويةً قبل بداية أحداث المسرحية، فتذهب للعيش مع أختها الصغرى — ستيلا — في «نيو أورليانز»، فتُفاجأ بأنها تعيش في العشوائيات مع زوجها «ستانلي». وتدور الأحداث بين الشخصيات الثلاث في سلسلةٍ من الوقائع الفضائحية التي تنتهي بلجوء بلانش إلى مستشفًى للأمراض العقلية. ورغم المآسي التي تُصوِّرها المسرحية، تلقَّفها النقاد بقَبول حسن، وراحوا يُبيِّنون الرموز التي توجد بها، والسبك الرائع لحبكتها والتصوير الواقعي لشخصياتها.

ثم توالت مسرحيات «وليامز» الرائجة: «صيف ودخان» (١٩٤٨م)، «وشم الوردة» (١٩٥٠م)، «قطة على سطح من الصفيح الساخن» (١٩٥٥م) التي حاز عنها جائزة بوليتزر في المسرحية، «فجأةً في الصيف الماضي» (١٩٥٨م)، «ليلة الإجوانا» (١٩٦٢م).

ومن الجدير بالذكر أن جميع المسرحيات التي ذكرناها سابقًا قد تحوَّلت إلى أفلام ناجحة فنيًّا وتجاريًّا، مثَّل فيها المشهورون مثل «مارلون براندو» و«إليزابيث تيلور».

وفي مسرحية «طائر الشباب العذب» (١٩٥٩م) يُصوِّر ممثلةً سينمائية وقد تقدَّمت في السن وهي تبحث عن حبيبها الشاب السابق، الذي نراه في آخر المسرحية وهو على شفا الإخصاء.

ورغم العنف الذي يسود أعمال «وليامز»، وأكثره عنف جنسي، كالاغتصاب وأكل لحم البشر والإخصاء، فقد اعتُبر واحدًا من أفضل الكُتاب المسرحيين في العالم.

وكتب وليامز القصة، فله رواية قصيرة بعنوان «ربيع مسز ستون في روما» (١٩٥٠م)، وعدد من القصص القصيرة، وروايات قصيرة قوطية ومن الخيال العلمي. وكتب الشعر، ومذكراته التي يقص فيها ظروف كتابته لمسرحياته. وقد انتهت حياة وليامز نهايةً مأساوية كذلك؛ إذ اختنق في فندق كان يقيم فيه بنيويورك عقب ابتلاعه غطاء زجاجة دواء كان يحاول فتحها بأسنانه.

وليام كارلوس وليامز WILLIAMS, William Carlos (١٨٨٣–١٩٦٣م)

figure
درس الطب ومارس عمله طبيبًا للأطفال في نيو جرزي. تعرَّف على عزرا باوند وﻫ. د وتأثَّر بقصائدهما «التصويرية». وبدأ في نشر دواوينه الشعرية منذ عام ١٩٠٩م بديوان «قصائد». وكتب عدة دواوين في قصائدها سمات المدرسة التصويرية، قبل أن يتحوَّل إلى التعبيرية في قصائده التالية. وقد تأخَّر الاعتراف الواسع بشعره مقارَنةً بزملائه ت. س. إليوت وعزرا باوند ووالاس ستيفنز، إلى أن نشر قصيدته الضخمة «باترسون» في خمسة أجزاء في الفترة من ١٩٤٦م إلى ١٩٥٨م، وهي قصيدة تحتوي على الكثير من الاقتباسات النثرية، تتعلَّق بالتاريخ الحقيقي والخيالي لنشأة مدينة في ولاية نيو جرزي وعن شخص فيها، نصفه سيرة ذاتية له والآخر أسطوري.

وكتب وليامز النثر؛ فله كتاب «الرواية الأمريكية العظمى» (١٩٢٣م) وهي مقالات انطباعية عن الرواية، و«مقالات مختارة» (١٩٥٤م). كما أنه كتب عدة روايات منها ثلاثية مُكوَّنة من «بغل أبيض» (١٩٣٧م)، و«في المال» (١٩٤٠م)، و«البناء» (١٩٥٢م) عن أسر مهاجرة تحاول التوافق مع الحياة في أمريكا. ونشر في ١٩٥١م سيرةً ذاتية، ثم «خطابات مختارة» في ١٩٥٧م.

إدموند وِلْسون Wilson, Edmund (١٨٩٥–١٩٧٢م)

figure
ناقد وأكاديمي، وُلد في ولاية نيو جرزي وخدم في الحرب العالمية الأولى، ثم تخرَّج في جامعة «برنستون». وعمل بعد ذلك في مَناحٍ أدبية وصحفية عديدة، ولكنه حرص أن يكون مستقلًّا عن أي مؤسسة أو جماعة. ومن أعماله المشهورة كتاب «قلعة آكسل» (١٩٣١م) الذي بحث فيه عدة أعمال أدبية من ناحية رموزها، ومنها قصيدة «الأرض الخراب» لإليوت، وقصيدة «المقبرة البحرية» للفرنسي بول فاليري، وأحداث رواية «عوليس» لجيمس جويس، ورواية «مارسيل بروست» الضخمة «البحث عن الزمن الضائع». ونقده لهذه الأعمال يعتمد على الشرح والتفسير وتقريب تلك الإبداعات الأدبية للقارئ. وفي كتابه الهام الآخر «الجرح والقوس» (١٩٤١م) يمضي قُدمًا في الاعتماد على سِير حياة الأدباء لتفسير عملهم، وقد تناول فيه «تشارلز ديكنز» و«رديارد كيلنج» و«إديث وارتون» و«إرنست همنجواي» وغيرهم. ويظهر في كتابه ذاك تحليلات نفسية وإلماحات عن أثر الطبقية في قصص ديكنز. وقد أراد بعنوان الكتاب أن الإنتاج الفني والموهبة الإبداعية تَنتُجان عن العناء والألم في نفس المبدع؛ أي الجرح. وقد أسهم أيضًا في مجال القصة والرواية والشعر. وكان من أوائل الذين كتبوا عن اكتشاف لفائف البحر الميت في فلسطين وعن أهميتها التاريخية والدينية.

ومن كتبه البارزة الأخرى: «إلى محطة فنلندا» (١٩٤٠م) «هِزَّة التعرُّف» (١٩٤٣م)، «مذكرات مقاطعة هيكيت» (١٩٤٦م).

توماس وولف WOLFE, Thomas (١٩٠٠–١٩٣٨م)

figure
هو الكاتب الذي قال عنه «فوكنر» أنه أفضل من همنجواي وفتزجيرالد، بل ومنه هو نفسه. وقد بنى «فوكنر» حكمه على إمكانيات «وولف» وعلى جُرأته والمجال الواسع لفنه، أكثر من إنجازاته.

بدأ «وولف» بكتابة عدد من القصص القصيرة، تمَّ نشر روايات قصيرة منها «صورة لباسكوم هوك» (١٩٣٢م). ولكنه اشتهر بروايته «عُدْ إلى بيتك أيها الملاك» (١٩٢٩م). ولمَّا كان «وولف» قد قضى في سن صغيرة، تاركًا خلفه الكثير من الأعمال غير الكاملة والشذرات والقصص، فقد عمد محرِّره «إدوارد آسويل» وزميل ناشره «مكسويل بركنز» إلى جمع هذه الأشتات وإصدار أعمال منها، بعضها رائع والآخر ليس على شيء، ولذلك لا يعرف الدارسون لهذه الأعمال ما الذي منها من وَضع «وولف» وما الذي هو من تدخُّل «آسويل».

وبرغم كل ذلك، يبقى مكان «وولف» في تاريخ الأدب الأمريكي الحديث واضحًا، ونال احترام زملائه الروائيين لعلو شأنه في لغته وفي التركيب الروائي، واعتبره البعض ضمن «الجيل الضائع» مع همنجواي وفتزجيرالد. وقد تخرَّج «وولف» في جامعة نورث كارولَينا عام ١٩٢٠م، ودرس الدراما في هارفارد، وكتب مسرحيات لم تنشر إلا بعد وفاته بكثير. وعمل أستاذًا في جامعة نيويورك في الفترة من ١٩٢٤م إلى ١٩٣٠م، ثم تفرَّغ للكتابة بعد نجاح روايته التي سبق ذكرها «عُدْ إلى بيتك أيها الملاك»، وبها انطباعات من حياته، صوَّرها بأصالة وتركيز وفيها ملامح من درايزر وسنكلير لويس وجويس. ثم كتب لها روايةً ملحقة بعنوان «لا يمكنك العودة»، نُشرت بعد وفاته عام ١٩٤٠م وهي دعوة إلى التقدُّم إلى الأمام لا العودة إلى الوراء.

وقد جُمعت رسائله الموجَّهة إلى امرأتَين، ونُشرت عام ١٩٨٣م.

توم وولف WOLFE, Tom (١٩٣١م–…)

figure

اشتهر بوصفه عاملًا أساسيًّا فيما يُطلق عليه «الصحافة الأدبية» الأمريكية، ورمزها ما كانت تحتوي عليه مجلة «نيويوركر» من: البحث المتين، والنثر المركَّز، وموضوعية الكاتب وحياده في الموضوع الذي يكتب عنه. وقد اتَّبع «وولف» هذه العوامل، إلا أن أسلوبه اتجه نحو التعبيرية وإبراز آرائه ككاتب؛ فكان ذلك من أسباب نجاحه. وقد كتب «وولف» في كل الموضوعات، مُحلِّلًا كل جوانب الحياة الأمريكية، من أكثرها جماهيريةً إلى أكثرها نُخبوية. وقد جمع مقالاته في كتب كثيرة ذات عناوين غريبة. وقد عمد «وولف» إلى تطبيق تقنيات مأخوذة من الفن الروائي على النثر غير القصصي، وشرح طريقته تلك في الكتاب الذي أشرف على تحريره بعنوان «الصحافة الجديدة» (١٩٧٣م).

وقد أثارت نزعته المعارضة للراديكالية والحركات الحداثية في الفن عداوة الكثير من الفنانين، وكذلك إعجاب المحافظين الذين كانوا يعترضون على غموض الفنون الحديثة في الرسم. وأصدر «وولف» «الكلمة المرسومة» (١٩٧٥م) الذي يُصر فيه على أن الفن الحديث هو فن يتعلَّق أساسًا بالموضوع، والتركيز فيه لا على الشيء المرئي، بل على النظرية التي أنتجته.

وفي الثمانينات تحوَّل «وولف» إلى كتابة الرواية، فأصدر «محرقة الغرور» في ١٩٨٧م التي نالت نجاحًا جعلها تتحوَّل إلى فيلم مشهور. ثم عزَّز «وولف» نجاحه الروائي برواية أخرى هي «رجل كامل» (١٩٩٨م).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤