أجوبة الفتيات

نشرت إحدى صحف اليوم تحت هذا العنوان النبذة التالية: ألقت نشرة امتحانات التعليم الابتدائي الفرنساوية على الفتيات المتقدمات للحصول على الشهادة هذا السؤال: «ما هي غايتكِ من الحياة؟» وبعض الأجوبة جدير بالذكر، منها:
  • «أريد أن أكون من راهبات القديس فرنسيس لأمرِّض المرضى طول حياتي.»

  • «لقد قرَّ رأيي على أن أكون مركيزة.»

  • «أودُّ أن أكون ملكة على فرنسا.»

  • «أشتهي أن أصير أمًّا.»

  • «أودُّ أن أكون راعيةً للغنم.»

  • «أطمع في الحصول على ساعة.»

  • «أريد أن أكون بطلة مثل جان دارك.»

  • «أتمنى أن أسافر وأموت غرقًا.»

  • «أودُّ أن أبرع في أساليب الهزوء والتنكيت … إلخ، إلخ»

•••

فسألت نفسي بعد قراءة هذه النبذة: «وما هي أمنيتك الآن؟» وأغمضت عينيَّ منتظرة الجواب. وما أغمضتهما إلَّا وتلاشت الأصوات حولي، ونسيت محيطي، ورأيتني سابحة فوق الأزرق الوسيع، ورائحة المرارة البحرية وطعمها يخترقان كياني بينما الأهوية والنسائم يتناقلنني. يا لهذا البحر الجميل كم من أرضٍ محبوبةٍ يحول دونها، وكم من وجهٍ عزيزٍ يحجب عن المشوَّق معناه! وما لبثت أن وجدتني مستلقية على الشاطئ البعيد …

أتعرفون تلك البقعة الهادئة المنبسطة على شفة البحر تحت ذياك المكان المدعو ﺑ «وطأ نهر الكلب»؟ أما زالت هناك كما كانت يخاصمها البحر ويصالحها ليل نهار؟ هناك أودُّ أن أنام، شأني وأنا في الثانية عشرة من سنواتي البشرية. هناك الرمال ذهبية نظيفة لا تفتأ الأمواج تغسلها وتظلُّ الأشعة تنشفها. هناك صخور وشقوق أود أن أستريح في فيئها سعيدة بالاختلاء والكآبة، سعيدة بغرز يدي في الرمل الناعم، مُعْرِضة عن كل شيء، مكتفية بمناجاة الأصداف والحصى والذرات حولي، وبإلقاء هذا السؤال على الكون الصامت: «لماذا أوجدتني، أيها الكون، وما تريد مني؟»

•••

أوقات سُجلت في كتاب الحياة، أتمنى رجوعها لحظة ويأسف لانقضائها قلبي، ولكن فكري ليس ليشتهيها؛ لأننا في عالم نشوءٍ وارتقاء. ولئن اكتفى جزء من النفس مرة فهناك جزء آخر يبقى متفلتًا من إظلال الماضي، تائقًا إلى المستقبل المجهول، لا يعرف لذة الارتواء وسعادة الاكتفاء …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤