حبذا النوم

إلى صاحبة مجلة «الفجر»

قل لنَجْلا — نجلا أبي اللمْع — إني
عاشقٌ نورَ فجرها الوضاحِ
هو للعلم خير فجرٍ تجلَّى
مستنيرًا بأشهر الأوضاح
وصرير الأقلام في الطِّرس منه
كصياح الديوك في الإصباح
كم تصفَّحت فيه من صفحات
عَطرتني بنشرها الفيَّاح
فكأني في النفس والطرس منها
ناظر في بنفسَج وأقاحي
ثم إني قرأت فيه لأسما
كلمات بديعة الإفصاح
أيقظتنا بها إلى أنَّ في النَّو
م ارتياحًا لنا وأيَّ ارتياح!
صدقت في الذي تقول ففحوَى
قولها في غِنًى عن الإيضاح

•••

حبَّذا النومُ فهو للروح رَوْح
من عناء الهموم والأتراح
وهو تجديد قوة ونشاط
لجسومٍ روازح أطلاح
حبذا النومُ ترتقي النفس فيه
عالمًا فوق عالم الأشباحِ
«تِلِفُونٌ» به إلى الغيب نُصغي
و«تلسكوبُنا» إلى الأرواح
حبذا النومُ إنه شرَكٌ يمـ
ـتدُّ في الجسم لاصطياد ارتياح
فهو للنفس من مراقي المعالي
وهو للجسم من دواعي الصلاح
حبَّذا النومُ فهو كالزيت للرو
ح به تستضيءُ كالمصباح
وهو مِعراجنا إلى أفق غيب
لن تَناهى أبعاده والنواحي
حبذا النومُ واصلًا بين حيٍّ
ذي ثَواءٍ وميِّتٍ ذي بَراح
حبذا النوم جامعًا بين معشو
قٍ مقيم وعاشق ذي انتزاح
إن للنَّوم لذَّةً هي في الأنـ
ـفس أشهَى من لذة الأفراح
أدركْتها النفوس بالفعل واستغـ
ـنت بإدراكها عن الإيضاح
أيها القومُ إنَّ للنوم سلطا
نًا قويًّا لا يُتَّقى بسلاح
نافذ الحكم والقضاء على الإنـ
ـسان في حزنه وفي الأفراح
وعلى الأسْد وهي في الغاب تدأى
وعلى الطير وهي في الأدواح١
١  دأى له يدأى دأيًا ودأوًا: إذا ختله، والذئب يدأى للغزال، وهي مشية شبيهة بالختل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤