اللوح السادس

العمود الأول

  • (١) نظف الوسخ (العالق به)، ولمَّع أسلحته،

  • (٢) أسدل خصلة شعره على ظهره،

  • (٣) خلع ملابسه المتسخة، واكتسى ملابس نظيفة،

  • (٤) التف بالعباءة، وربطها بحزام.
  • (٥) لما وضع جلجاميش تاجه (على رأسه)،١
  • (٦) رفعت عشتار الجليلة عينيها (ولمحت) جماله:٢
  • (٧) «تعال يا جلجاميش! كن زوجي!

  • (٨) امنحني، آه امنحني فيض (قوتك)!

  • (٩) فتكون زوجي، وأكون زوجتك.

  • (١٠) سآمر لك بعربة من الذهب واللازورد،

  • (١١) عجلاتها من ذهب، وقرونها من نحاس أصفر،
  • (١٢) تشد إليها العواصف،٣ والبغال العظيمة!
  • (١٣) أدخل بيتنا المعطر بشذا الأرز (الزكي)،

  • (١٤) وعندما تدخل بيتنا،

  • (١٥) سيُقبِّل الكهنة المبجَّلون قدميك،
  • (١٦) وسينحني لك الملوك والرؤساء والأمراء،

  • (١٧) ويقدِّمون لك غلَّة الجبل والسهل.
  • (١٨) ستلد لك العنزات ثلاثًا، والنعجات توائم،

  • (١٩) وحمارك سيفوق البغل في حمله.

  • (٢٠) حصانك (المشدود) إلى العربة سيكون أسرع (الخيول) عَدْوًا،

  • (٢١) وثورك (المربوط) في النثر لن يكون له نظير.»

  • (٢٢) فتح جلجاميش فمه للكلام،

  • (٢٣) وقال لعشتار الجليلة:

  • (٢٤) «ماذا عليَّ أن أعطيك لو اتخذتك (زوجة)؟٤
  • (٢٥) هل تحتاجين دهانًا لجسدك، أم تحتاجين ثيابًا؟
  • (٢٦) هل يعوزك الخبز أو الغذاء؟
  • (٢٧) عندي بالطبع طعام يليق بالآلهة،
  • (٢٨) وعندي شراب يليق بالملوك.
  • ***

  • (٣٠) لكن ما الداعي؟ إن مكانك في الشارع،
  • (٣١) … يمكنك أن ترتدي حُلَّة …٥
  • (٣٢) فينالك مَن يشتهيك!
  • (٣٣) (ما أنت إلا) موقد لا … الثلج،٦
  • (٣٤) باب ناقص، لا يصد الريح وقصف (الصواعق؟)،

  • (٣٥) قصر يُسْحَق فيه البطل،٧
  • (٣٦) فيل يمزق غطاءه،٨
  • (٣٧) قار يلوث حامله،
  • (٣٨) قربة تبلل حاملها،
  • (٣٩) حجر جيري يهد الجدار (الصخري)،٩
  • (٤٠) يشب يجذب بلاد الأعداء،١٠
  • (٤١) حذاء يضايق (قدم) صاحبه!

  • (٤٢) مَنْ مِنْ عشَّاقك حافظت على حبه؟
  • (٤٣) أي طائر (من طيورك الصغيرة) … استطاع أن يحلق في الأعالي؟١١
  • (٤٤) حسنًا! (فَلْأسرد عليك) أسماء أخلص أحبابك:
  • ***

  • (٤٦) تموز حبيب صباك،

  • (٤٧) قضيت عليه بالنواح عامًا في إثر عام.١٢
  • (٤٨) لما عشقت الطائر الملون،

  • (٤٩) (قمت) بضربه وكسر جناحيه،

  • (٥٠) وهو الآن يعيش في الغابات يصرخ: كابي!١٣
  • (٥١) ولما أحببت الأسد الكامل القوة،

  • (٥٢) حفرتِ له من الحفر سبعًا وسبعًا.

  • (٥٣) وحينما أحببت الحصان المرهوب (الجانب) في النزال،١٤
  • (٥٤) سلطت عليه السوط والمهماز والسير (الجلدي)،

  • (٥٥) وحكمتِ عليه بالعَدْو سبع ساعات مضاعفة،

  • (٥٦) والشرب من المياه العكرة.

  • (٥٧) وعلى أمه سيليلي قدرت النواح (والبكاء)،

  • (٥٨) لما أحببت الراعي، الذي يحمي القطيع،
  • (٥٩) والذي لم ينقطع عن تقديم الفطائر،
  • (٦٠) وذبح الجديان (العجول؟) لك كل يوم،

  • (٦١) ضربته ومسخته ذئبًا،

  • (٦٢) وها هم صبيته (الذين عملهم الرعي) يطاردونه،

  • (٦٣) وكلابه تعضه في فخذيه!

  • (٦٤) ولما عشقت «إيشولانو» بستاني نخل أبيك،

  • (٦٥) الذي ظل يحمل سلال التمر إليك،

  • (٦٦) ويُزيِّن مائدتك العامرة كل يوم؛

  • (٦٧) رفعت إليه عينيك، وأقبلت عليه قائلة:

  • (٦٨) «آه يا إيشولانو، دعنا نستمتع بفحولتك،

  • (٦٩) مدَّ يدك والمس جسدي.»

  • (٧٠) ورد عليك «إيشولانو» بقوله:

  • (٧١) «ما الذي تريدينه مني؟

  • (٧٢) أَوَلم تخبز أمي؟ أَوَلم آكل؟

  • (٧٣) حتى لا أضطر لأن آكل خبزي بالإهانات واللعنات،
  • (٧٤) وأتلحف بالحلفاء لأدرأ عني البرد؟»

  • (٧٥) وعندما سمعتِ منه هذا القول،

  • (٧٦) ضربته ودحرته،١٥
  • (٧٧) وجعلته يعيش (في نكد) وشقاء.
  • ***

  • (٧٩) «ولو أنك أحببتني لجعلتني مثل هؤلاء!»»

  • (٨٠) لم تكد عشتار تسمع هذا الكلام،

  • (٨١) حتى تملَّكها الغضب وصعدت إلى السماء،

  • (٨٢) مثلت في حضرة أبيها آنو،

  • (٨٣) وجرت دموعها أمام أمها آنتوم:١٦
  • (٨٤) «أبتاه! لقد (سبني) جلجاميش وأهانني،

  • (٨٥) ألحق بي إهاناته واحدة بعد الأخرى،
  • (٨٦) (عدد) شتائمه ولعناته
  • (٨٧) فتح آنو فمه للكلام،

  • (٨٨) وقال لعشتار الملكية:

  • (٨٩) «لا بُدَّ أمك تحرشت بملك أوروك،
  • (٩٠) (فلاحقك) بإهاناته،
  • (٩١) (وصب عليك) شتائمه ولعناته
  • (٩٢) فتحت عشتار فمها للكلام،

  • (٩٣) وقالت لأبيها آنو:

  • (٩٤) «أعطني ثور السماء، ليقتل جلجاميش.
  • ***

  • (٩٦) إن لم تعطني ثور السماء،
  • (٩٧) حطمت أبواب العالَم السفلي،

  • (٩٨) وانتزعت الأعمدة، وتركت البوابات مفتوحة على مصاريعها،

  • (٩٩) وجعلت الموتى يقومون ويلتهمون الأحياء،

  • (١٠٠) فيصير الأموات أكثر عددًا من الأحياء!»
  • (١٠١) فتح آنو فمه للكلام،

  • (١٠٢) وقال لعشتار الجليلة:

  • (١٠٣) «يا ابنتي، لو فعلت ما تطلبينه مني.
  • (١٠٤) لَحلَّتْ سبع سنوات عجاف،

  • (١٠٥) فهل جمعتِ القمح (الذي يكفي) البشر،
  • (١٠٦) وتركتِ العشب ينمو (ليكفي) الدواب؟»١٧
  • (١٠٧) فتحت عشتار فمها للكلام،

  • (١٠٨) وقالت لأبيها آنو:

  • (١٠٩) «أبتاه! لقد خزنت الغلال للناس،
  • (١١٠) وجمعت العلف للماشية،
  • (١١١) ولكي يشبعوا في السنوات السبع العجاف،

  • (١١٢) خزنت الغلال للناس،
  • (١١٣) وجعلت العشب ينمو للدواب
  • ***

  • (١١٧) بعد أن سمع آنو كلامها،

  • (١١٨) سلم عشتار مقود الثور السماوي،
  • (١١٩) فأخذته لتنزل (بالثور) إلى الأرض،
  • (١٢٠) وقادته إلى ربوع أوروك (الفيحاء).
  • ***

  • (١٢٢) هبط الثور السماوي فنشر الفزع؛
  • (١٢٣) أهلك في خواره الأول مائة إنسان،
  • (١٢٤) أهلك فوق ذلك مائتين، ثلاثمائة.

  • (١٢٦) وفي خواره الثاني قضى على مائة آخرين،
  • (١٢٧) وعلى مائتين كذلك وثلاثمائة.
  • (١٢٩) في خواره للمرة الثالثة هجم على أنكيدو،
  • (١٣٠) أنكيدو … فخذيه.

  • (١٣١) قفز أنكيدو وأمسك الثور السماوي من قرنيه،
  • (١٣٢) قذف الثور السماوي رغاءه،١٨
  • (١٣٣) وطوَّح روثه بذيله السميك.

  • (١٣٤) فتح أنكيدو فمه للكلام،

  • (١٣٥) وقال لجلجاميش:

  • (١٣٦) «(لكَمْ) تفاخرنا يا صديق، …

  • (١٣٧) فكيف نرد (عليه الآن)؟

  • (١٣٨) لقد رأيت يا صديق …

  • ***

  • (١٤٠) أريد أن أنتزع
  • (١٤١) أنا وأنت، ينبغي أن نقتسم العمل:
  • (١٤٢) سأمسك بالثور من ذيله،
  • ***

  • (١٤٥) وبين العنق والقرنين و… ينبغي أن يطعنه سيفك
  • (١٤٧) طارد أنكيدو ثور السماء ليمسك به،

  • (١٤٨) ثم أطبق على ذيله،

  • (١٤٩) وقبض عليه بكلتا يديه.
  • (١٥٠) وجلجاميش كقصاب بارع،
  • (١٥١) طعن الثور السماوي بقوة وثقة،
  • (١٥٢) بين العنق والقرنين و… بسيفه …

  • (١٥٣) وبعد أن قتلا الثور السماوي انتزعا قلبه،
  • (١٥٤) وقرباه إلى شمش.

  • (١٥٥) تراجعا للوراء، وهما ينحنيان لشمش في خشوع،

    ثم جلس الأخوان.

  • (١٥٧) صعدت عشتار سور أوروك المنيعة،

  • (١٥٨) قفزت فوق … وأطلقت صرخة أليمة:

  • (١٥٩) «الويل لجلجاميش الذي جلَّلني بالعار،

    وصرع ثور السماء!»

  • (١٦٠) لما سمع أنكيدو هذا القول من عشتار،

  • (١٦١) انتزع فخذ الثور السماوي وقذفه (في وجهها):
  • (١٦٢) «لو أمسكتك لَفعلتُ بك مثل ما فعلت به،

  • (١٦٤) ولَربطتُ أحشاءَه في ذراعك!»

  • (١٦٥) عشتار جمعت حولها البنات (المنذورات)،

  • (١٦٦) وبغايا (المعبد المقدسات) والإماء،

  • (١٦٧) وأقامت مناحة على فخذ الثور السماوي.

  • (١٦٨) أما جلجاميش فجمع أرباب الحرف وكل صانعي السلاح،

  • (١٧٠) أشاد الصناع بحجم القرنين؛

  • (١٧١) (إذ بلغ) وزنهما ثلاثين رطلًا من حجر اللازورد،

  • (١٧٢) وسمك (غلاف) كلٍّ منهما شبران،١٩
  • (١٧٣) وسعتهما ستة كورات من الزيت.٢٠
  • (١٧٤) قرَّبَها لإلهه الحامي لوجال بندا،

  • (١٧٥) وعلق (القرنين) في مخدع رب البيت.

  • (١٧٦) غسلا أيديهما في ماء الفرات،

  • (١٧٧) ثم أمسك كلٌّ منهما بيد الآخر وانطلقا (بمركبتهما).

  • (١٧٨) في طرقات أوروك،

  • (١٧٩) احتشد أهالي أوروك ليشاهدوهما،

  • (١٨٠) وخاطب جلجاميش خادمات قصره٢١ بهذه الكلمات:
  • (١٨٢) «مَنْ أروع الرجال؟

  • (١٨٣) مَنْ أقوى الأبطال؟

  • (١٨٤) جلجاميش أروع الرجال!

  • (١٨٥) جلجاميش أقوى الأبطال!

  • (١٨٦) تلك التي قذفناها بفخذ الثور السماوي ونحن غاضبون،
  • (١٨٧) عشتار … لا تجد في الطريق أحدًا يُفرِح قلبها!»

  • (١٨٨) …

  • (١٨٩) أقام جلجاميش في قصره حفلًا بهيجًا.

  • (١٩٠) نام البطلان واستراحا على فراش الليل.

  • (١٩١) أنكيدو نام كذلك ورأى حلمًا،

  • (١٩٢) ثم هبَّ مستيقظًا (من نومه) وأخذ يقص رؤياه،

  • (١٩٣) وهو يقول لصديقه:

هوامش

(١) حرفيًّا: قلنسوته الملكية أو غطاء رأسه الملكي …
(٢) حرفيًّا: عشتار الملكية …
(٣) ما زالت الكلمة غامضة وتختلف حولها الترجمات، فهي شياطين الصاعقة (طه باقر)، وعفاريت العاصفة (فراس السواح)، وتسقطها ترجمة سامي سعيد الأحمد.
(٤) ربما كان المقصود هنا بالعطاء هو الأجر الذي يدفعه الرجل للبغي، وهذه هي أولى الإهانات التي يوجهها جلجاميش إلى عشتار … والسطور الأربعة التالية تعاني من التشوه والتلف الشديد …
(٥) الكلمة تعني الرداء أو العباءة، وقد أوجب السياق هذا التصرف …
(٦) هكذا في الترجمة الألمانية، ومعظم الترجمات الأخرى تقترب من هذا المعنى فتقول: ما أنت إلا موقد تخمد ناره في البرد أو لا يدفئ في البرد، أو مثل المدفأة الخامدة في البرد …
(٧) حرفيًّا يسحق البطل، ولعل هذا التصرف أن يكون قريبًا من المعنى المقصود، وفي ترجمة سامي سعيد الأحمد: (أنت مثل) القصر الذي هو مذبح الأبطال (ص٣٠٩، سطر ٣٥).
(٨) في ترجمات أخرى: حفرة يخفي غطاؤها كل غدر (فراس السواح) عن ترجمة (طومسون) فيل يمزق رحله (طه باقر) وينفض عنه سجادته (هايديل)، حفرة ينهار غطاؤها (جاردنر) راجع ترجمة فراس السواح، ص١٤٩، هامش ١، وأنت مثل حفرة … غطائها (سامي أسعد الأحمد).
(٩) ربما كان المقصود أنه حجر هش يتداعى بسببه الجدار وينهار، وفي ترجمة نشوت «يفجر الجدار الحجري»، أما في ترجمة سامي سعيد الأحمد فهي: أنت كحجر اللايمستون (الجيري) … جدار صخري (ص٣٠٩، سطر ٣٩).
(١٠) هكذا حرفيًّا، ولا بُدَّ أن التجربة الحضارية والتاريخية لكتاب الملحمة قد أثبتت لهم أن الأحجار الكريمة في سومر أو بابل أو آشور قد أغرت القبائل المعادية بمهاجمتها ونهبها … والمعنى واضح: فجمال عشتار — مثل جمال هيلينا — مصيبة على أهلها! …
(١١) هذه الطيور — في رأي ي. أ. طومسون — هي نوع من الغربان … وفي ترجمات أخرى: أي راع من رعاتك أرضاك دائمًا (باقر والسواح) ومن هو الحاكم الذي سما عليك (سامي سعيد الأحمد).
(١٢) ارتبط اسم عشتار بالراعي الشاب تموز، إذ هبطت عشتار إلى العالم السفلي فذوت مملكة النبات وأجدبت الأرض، ثم سمحت آلهة هذا العالم المخيف — الذي لا يرجع منه أحد! — بأن تصعد إلى الأرض لتعود إليه دورة الخصب والحياة النباتية بشرط أن تسلم بديلًا عنها لآلهة ذلك العالم وشياطينه، ولم يكن هذا البديل سوى دوموزي أو تموز … (قارن الروايتين السومرية والأكادية لأسطورة هبوط عشتار للعالم السفلي)، (وتجد الترجمة العربية في كتاب فراس السواح: «مغامرة العقل الأولى: دراسة في الأسطورة – سورية وبلاد الرافدين»، دمشق، العربي للطباعة والنشر، الطبعة السابعة ١٩٨٧م، من ص٢٩٧–٣٢٠)، وطقوس البكاء والنواح على تموز لغيابه في العالم الأسفل ثم طقوس الاحتفال بخروجه وبعثه في الربيع أشهر من أن تُذْكَر …
(١٣) هو طائر الشقراق المرقش أو طير الراعي المرقط الذي يهتف مناديًا: كابي! كابي! (وا جناحاه!)
(١٤) من المعروف أن الحصان عندما يرد الماء يضع قائمتيه الأماميتين في الماء، ويقلب بهما الأرض فيتعكر …
(١٥) وفي ترجمات أخرى: مسخته جرذًا أو خلدًا أو ضفدعًا أو عنكبوتًا، قهرته وحكمت عليه بالانزواء والاندحار …
(١٦) آن أو آنو هو الإله الرئيسي في مجمع الآلهة السومري، ويعني الاسم في اللغة السومرية السماء والأعالي، ويلفظ في الأكادية آنو أو آنوم وزوجته في الأكادية هي آنتوم مؤنث آن.
(١٧) أي هل خزنت من الحبوب والغلال والعلف ما يكفي الناس والماشية؟ …
(١٨) حرفيًّا: قذف رغاءه إلى الأمام …
(١٩) بوصتان أو أصبعان …
(٢٠) الكور مقياس بابلي للحجم ويساوي حوالي ٢٥٠ لترًا … ويُسْتَعمل الزيت في طقوس العبادة لدهان الجسد والتبرك …
(٢١) وفي ترجمات أخرى: مغنيات أوروك، فتيات أوروك، عازفات القيثارة في أوروك …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤