الملك فؤاد الأول

وُلد سنة ١٨٦٨ وتولى عرش مصر في أكتوبر ١٩١٧ عقب وفاة أخيه السلطان حسين كامل الأول.

هو صاحب الجلالة أحمد فؤاد الأول ابن الخديوي الجليل إسماعيل بن القائد العظيم إبراهيم باشا بن محمد علي باشا الكبير رأس العائلة المحمدية العلوية.

وُلد هذا الملك الدستوري في قصر والده الخديوي إسماعيل باشا بالجيزة في الثاني من شهر ذي الحجة سنة ١٢٨٤ﻫ، الموافق ٢٦ مارس سنة ١٨٦٨، وهو أصغر أنجال المغفور له إسماعيل باشا، وكان والده قد أنشأ مدرسة خاصة في رحبة عابدين لتعليم أنجاله الأمراء الفخام فأدخله فيها، وكان قد بلغ السابعة من عمره السعيد فاستمر فيها ثلاث سنوات بملاحظة سعادة يعقوب باشا أرتين الذي كان ناظرًا للمدرسة وقتئذ.

وفي سنة ١٨٧٨ كان قد بلغ العاشرة من عمره، وأتقن كثيرًا من مبادئ العلوم والتربية العالية، وظهرت عليه مظاهر الفطرة الذكية ودلائل الفطنة الغريزية، فرأى والده أن يرسله إلى «مدرسة توديكم»، وهي من المدارس الكلية الكبرى بمدينة جنيف من أعمال سويسرا، وكانت هذه عادته مع أولاده كلهم، فإنه كان قد أرسل كل واحد منهم إلى عاصمة من عواصم أوربا.

ثم اختار كلًّا من حسن جلال باشا وحمد الله أمين باشا؛ ليكونا في معية الأمير في السفر والإقامة هناك، وكان كلاهما من صفوة رجال العلم وكبار المدرسين بالمدارس الأميرية، وأمر دور بك الفرنساوي الذي كان مفتشًا بنظارة المعارف العمومية المصرية أن يسافر مع الأمير؛ ليدخله المدرسة المذكورة ويمهد له أسباب الراحة ومعدات الإقامة، ويعرفه بأعاظم الرجال فسافر معه دور بك وبعد أن أتم مأموريته عاد إلى مصر، ثم استمر في معية الأمير حسن جلال باشا لتدريس اللغة العربية وحمد الله أمين باشا لتدريس اللغة التركية. وجدّ الأمير واجتهد في دراسة العلوم العالية حتى نجح نجاحًا باهرًا وفاق معظم رفقائه، وكان مثالًا للذكاء النادر وعنوانًا للنشاط والاجتهاد. وفي سنة ١٨٧٩ أقيل والده الخديوي إسماعيل من خديوية مصر وسافر إلى إيطاليا فقابل الأمير والده بمدينة نابولي، ثم أتى مصر ليزور أخاه المرحوم محمد توفيق باشا الذي كان قد جلس على عرش مصر. وعاد فأقام مع والده ثلاثة أشهر في قصر فلورينا الملكي الشهير في ضواحي نابولي، وفي سنة ١٨٨٠، أشار الملك إمبرتو الأول ملك إيطاليا السابق على صديقه الخديوي إسماعيل أن يدخل الأمير في المدرسة الإعدادية الملكية في مدينة تورينو، فاستمر بها حتى أتم دروسه. ثم انتقل منها إلى مدرسة تورينو الحربية وتخرج منها في سلاح الطوبجية برتبة ملازم ثاني، ثم دخل المدرسة الحربية العالية بمدينة تورينو أيضًا وهي إحدى المدارس الحربية الثلاث المعروفة بالشهرة الفائقة في جميع العالم، فأتم دروسه الفنية بها، وخرج منها سنة ١٨٨٨ وانضم إلى آلاي الطوبجية الثالث عشر المعسكر في مدينة روما عاصمة إيطاليا، ومكث ضابطًا في الجيش العامل سنتين كاملتين، وقد أظهر هناك من المزايا الباهرة والأخلاق العاطرة ما جذب إليه قلوب الجند، واستمال قلوب الضباط والقواد حتى ألحق بالبلاط الملكي، فاختص بمنصب هام يليق بمقامه الرفيع وسمو مداركه وسعة معارفه التي أعجب بها ملك إيطاليا وقتئذ.

وفي سنة ١٨٩٠م كان والده قد انتقل إلى الأستانة فسافر إليها لزيارته، وهناك زار السلطان عبد الحميد فرأى جلالته عليه من مخائل الشجاعة والذكاء ما دعاه لأن يعينه ياورًا فخريًّا لجلالته بالبلاط الملكي، ثم انتدبه بعدئذ ليكون ملحقًا حربيًّا لسفارة الدولة العلية في مدينة فينا عاصمة النمسا، فاستمر في هذه الوظيفة سنتين وفي أثنائهما كان قد توفي المرحوم والده.

وفي سنة ١٨٩٢ استدعاه الخديوي عباس الثاني من فينا، ورغب أن يوليه منصب كبير الياوران في المعية ويجعله من أركان حربه فاستأذن من جلالة السلطان عبد الحميد، فأتاه الإذن من المابين الهامايوني بذلك فلبى داعي الوطنية وعاد إلى مصر، ونال رتبة الفريق الرفيعة ثم صدر الأمر العالي بتعيينه ياورًا للحضرة الفخمية الخديوية ولازم الخديوي ولقي منه ومن حكومته كل إجلال وإعظام، وظل في هذا المنصب السامي ثلاثة أعوام متوالية جعل فيها الحرس الخديوي يضارع أعظم حرس في العواصم الأوربية في حسن النظام وجمال الهندام، ولا يزال جميع الضباط الذين انتظموا في الخدمة العسكرية تحت أمرته، يذكرون له تلك السنين الثلاث بمزيد الفخار ومنتهى الإعجاب.

مناقبه ومفاخره

أما أخلاقه فهي من علو الهمة وشرف العواطف وجميل السجايا على جانب يوازي طيب محتده وعنصره، فقد جمع إلى مكارم الأخلاق وبشاشة الوجه شجاعة نادرة وثباتًا غريبًا، برهن عليهما في حادثة الاعتداء الشهيرة التي نجاه الله منها لسعادة مصر وحسن حظها، وهو معروف بالنظر الثاقب وحب الخير لبلاده، وقد وقف حياته على خدمة وطنه بنشر ألوية العلم والعرفان، ولا تزال البلاد تذكر له همته العالية وعنايته الفائقة في مشروع الجامعة المصرية، فإنها لم تكن إلى سنة ١٩٠٨م إلا مجرد أمنية من الأماني الوطنية الكبرى، وهو الذي أخرجها إلى حيز الوجود واحتفل بافتتاحها في ٢١ ديسمبر سنة ١٩٠٨م، وقد ألقى خطبة ضافية في حفلة الافتتاح الرسمية في الساحة الكبرى لمجلس شورى القوانين، رن صداها في أنحاء القطر المصري، فبعثت في الشبيبة المصرية روح الشجاعة والإقدام على ورود مناهل العلوم العالية والتربية الصحيحة. ثم استمر يعضد الجامعة بثاقب أفكاره ويساعدها بنفوذه، حتى سعى لدى الدول الأوربية فجذب كبار العلماء المستشرقين من أوربا؛ للتدريس فيها وإلقاء المحاضرات التي كانت تطبع وتنشر وقتئذ في جميع أنحاء البلاد، ووضع العلماء كثيرًا من المؤلفات في العلوم العالية، وبفضل مساعيه لدى الدول قبلت حكومات بريطانيا وفرنسا وإيطاليا أن يتعلم بعض الطلبة المصريين مجانًا في جامعات لندن وباريس وروما.

وهو الذي أنشأ المكتبة العظيمة للجامعة، واهتم بها حتى أصبحت تحتوي على ما ينيف على اثني عشر ألف مجلد، وأهدت إليها الحكومات الأجنبية والمعاهد العلمية الأوربية مجموعات عديدة من ذخائر الكتب النفيسة، ونالت الجامعة خمسة آلاف جنيه إعانة سنوية من ديوان الأوقاف وألفي جنيه إعانة لها من مالية الحكومة.

أما رغبته في الأعمال والمصالح الخيرية العامة وحبه في تشجيعها والأخذ بناصرها، فذلك أشهر من أن يذكر فإليه يرجع الفضل في تأسيس الجمعية السلطانية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، وقد افتتحها باحتفال شائق في ٨ أبريل سنة ١٩٠٩م، وقامت هذه الجمعية بمحاضرات عديدة ومباحثات مفيدة خصص لها مجلة سميت مجلة «مصر الحاضرة»، فكانت تنشر تلك المحاضرات حتى أصبحت من أنفس المجلات، وفي سنة ١٩٠٩ أيضًا أسس جمعية لترغيب السياح في زيارة البلاد المصرية، ومشاهدة آثارها العظيمة، ولا يخفى ما في هذا من توثيق عرى الألفة والمودة بين الأمم الأجنبية والأمة المصرية، وتمهيد أسباب الارتزاق لكثير من المصريين.

وفي ٥ يناير سنة ١٩١٠م انتخبه مجلس إدارة جمعية الإسعاف بمدينة القاهرة رئيسًا لتلك الجمعية بإجماع الآراء، فقام برئاستها خير قيام واقترح إنشاء صيدلية كبرى في مركز الجمعية؛ لتوفير الإسعافات اللازمة وفعلًا أنشئت بمساعدته تلك الصيدلية الفائقة.

وفي ٦ فبراير سنة ١٩١٥ خلف أخاه السلطان في رئاسة شركة السكة الحديدية البلجيكية بالوجه البحري، فنالت بهمته أكبر، نجاح ثم في ٣٠ أكتوبر من تلك السنة أسند إليه أخوه المرحوم السلطان حسين أيضًا رئاسة الجمعية الجغرافية السلطانية، وهي التي كان قد وضع أساسها والدهما المرحوم الخديوي إسماعيل في سنة ١٨٧٥م، فتداركها الأمير بحسن عنايته وبعث فيها روح الحياة بعد أن كادت تكون في خبر كان، وهو الذي وضع لهذه الجمعية اللائحة الداخلية الجديدة، التي صدر بها الأمر العالي في ١١ أغسطس ١٩١٧، واعتنى بتنسيق مكتبتها ومتحفها المحتوي على نفائس الآثار.

وفي ٢ مارس ١٩١٦ رأس جمعية الهلال الأحمر في مصر فلقيت منه العناية التامة والهمة العالية، التي رفعت شأنها وأجزلت فوائدها ومنافعها.

وانتخب عضو شرف في المجمع العلمي المصري، فكان من أعماله المبرورة أنه وضع جائزة مالية لمن يؤلف أحسن تاريخ لحياة والده الخديوي إسماعيل وأعماله الباهرة، وقصد بذلك إيجاد المنافسة في إحياء العلم والتاريخ.

وهو يحسن التكلم بلغات عديدة وله شهرة واسعة في جميع أنحاء المعمورة، وله المقام الرفيع في أوربا التي زار معظم عواصمها، وطاف أقطارها وتعرف بكثير من ملوكها وأمرائها، حتى نال عندهم المنزلة السامية والمودة والصداقة مع الملك جورج الخامس ملك بريطانيا العظمى، والملك فيكتور عمانوئيل الثالث ملك إيطاليا، وجناب رئيس الجمهورية الفرنساوية وملوك إسبانيا ورومانيا واليونان وأسوج والبلجيك وسربيا، وغيرهم من العلماء والعظماء في أوربا وأقطاب السياسة المشهورين، حتى رشحته الدول الأوربية لأن يكون ملكًا لألبانيا عند خروجها من حكم تركيا سنة ١٩١٢، كما فكروا أن يسندوا إليه إمارة طرابلس الغرب.

وقد أثنت عليه الصحافة الأوربية وقتئذ حتى قالت جريدة الطان: إنه الرجل الذي عرف أن يصون علاقته السياسية، ويحافظ على صداقته مجردة من كل شائبة مع الدولتين المحاربتين يومئذ وخلاصة القول: إنه محب للعلم والعلماء وحريص على المصالح الخيرية والأعمال النافعة، وله اليد الطولي في عمل البر والخير حتى إنه كان يرأس أكثر من اثنتي عشرة جمعية بين علمية وخيرية واقتصادية، فكان له من غرر أياديه ما وطد دعائمها وضمن لها بقاءها، وهو الذي وقف حياته على تعضيد مصالح الأمة المصرية وإحياء مرافقها الحيوية ومعاهدها العلمية، وترقية الزراعة والصناعة والتجارة، وتعضيد موارد الثروة والسعادة في البلاد.

جلوسه على عرش مصر

فلا عجب إذا ابتهجت الأمة المصرية جميعها بجلوسه سلطانًا على عرش أجداده الفخام، في يوم الخميس المبارك ٢٤ ذي الحجة ١٣٣٥ﻫ الموافق ١١ من شهر أكتوبر ١٩١٧م، وابتهجت الثغور، وانشرحت الصدور وعم الهناء والسرور، وأقبلت الوفود من جميع الجهات ساعية إلى سلطانها الجديد مقدمة له فروض الإخلاص والولاء، وكان جلالته وقتئذ يناهز الخمسين من عمره، وهو سن الكمال الذي يجمع بين عزيمة الشباب وحزم الشيوخ.

ما نالته مصر في عهد جلالته من الحكم النيابي

علم مما تقدم أن جلالة الملك فؤاد الأول الجالس على عشر مصر ملك حاد الذهن، ذكي الفؤاد وأنه تربى في وسط له شأن عظيم من الرقي والرفعة، وأنه اختلط بطبقات مختلفة من ذوي الأفكار السامية والمدارك الواسعة، وعاشر كثيرًا من أهل العلم ورجال السياسة وأصحاب الرأي فاستفاد خبرة بالحياة ومعلومات واسعة بشؤون عصره؛ لأنه أتيح له من التجارب والخبرة ما لم يتح لسواه من أصحاب التيجان، فإنه قد تتبع الحركة الفكرية والسياسية في العالم، فأدرك أن الأفكار العصرية والمبادئ الجديدة قد بلغت منتهاها، وتشرب بالروح الدستورية من نفسه الشريفة، واستمد من تلك الروح أعظم باعث له على الأخذ بناصر أمته ونجاح شؤونها، ووجد من نزعته الوطنية أعظم عاصم له من الزلل، فوضع لها أصلح نظام وحقق لها أمانيها، ولم يرض أن تكون بلاده متأخرة عن اللحاق بغيرها من الأمم الراقية؛ لأن ما فطر عليه من حب لبلاده، وإسعاد أمته، ونهوض شعبه جعل من أكبر أمانيه أن تنال مصر في عصره السعيد حظًّا وافرًا من التقدم والارتقاء، فتوج أعماله الجليلة بأثر جميل سجله التاريخ، وأبقى ذكره خالدًا على ممر الأجيال، وتوالي العصور بعد أن ارتقى نظام الحكومة المصرية، وصارت دولة مستقلة ذات سيادة عظمى وصار السلطان أحمد فؤاد الأول ملكًا على مصر يلقب بصاحب الجلالة.

فإنه في أول مارس سنة ١٩٢٢ أصدر لحكومته أمرًا كريمًا بإعداد مشروع لوضع نظام دستوري، يحقق للبلاد أمانيها بالتعاون بين الأمة والحكومة في إدارة شؤون البلاد، ويقرر مبدأ المسئولية الوزارية جاعلًا نصب عينيه أن يكون الدستور محققًا لرغبات الأمة وأمانيها الحقة، وأن تراعى فيه تقاليد البلاد وعاداتها القومية.

وفعلًا وضع الدستور بمعرفة لجنة كبيرة من ذوي الخبرة، والصفة النيابية تحت رئاسة حضرة صاحب الدولة (حسين رشدي باشا الذي كان له العناية الكبرى والمساعي المشكور في هذه النعمة العظمى)، فجاء مطابقًا لأحدث النظامات الدستورية وموافقًا لرغبة جلالة الملك.

وقبل صدور الأمر بالدستور رأى من الحكمة أن يضع جلالته قانونًا خاصًّا بتوارث العرش، وقانونًا خاصًّا أيضًا بأمراء الأسرة المحمدية العلوية وفعلًا وضعهما على مبدأ العدل والحرية. ثم رأى من مفاخر حكمه ومظاهر مجده أن يشيد لأمته ذلك البناء الفخم، وهو بناء الشورى فأصدر الأمر بالدستور والحكم النيابي. ونحن نثبت هنا المقدمة التي صدر بها جلالته أمره الكريم بإصدار الدستور برهانًا على ما ذكرناه من أوصافه ومزاياه.

أمر ملكي رقم ٤٣ سنة ١٩٢٣
وضع نظام دستوري للدولة المصرية
نحن ملك مصر

بما أننا ما زلنا منذ تبوأنا عرش أجدادنا وأخذنا على أنفسنا أن نحتفظ بالأمانة التي عهد الله تعالى بها إلينا، نتطلب الخير دائمًا لأمتنا بكل ما في وسعنا، ونتوخى أن نسلك بها السبيل الذي نعلم أنه يوصل إلى سعادتها، وارتقائها، وتمتعها بما تتمتع به الأمم الحرة المتمدينة. ولما كان ذلك لا يتم على الوجه الصحيح إلا إذا كان لها نظام دستوري كأحدث الأنظمة الدستورية في العالم وأرقاها؛ لتعيش في ظله عيشًا سعيدًا مرضيًّا، وتتمكن به من السير في طريق الحياة الحرة المطلقة، ويكفل لها الاشتراك العملي في إدارة شؤون البلاد، والإشراف على وضع قوانينها ومراقبة تنفيذها، ويترك في نفوس الأمة شعورًا بالراحة والطمأنينة على حاضرها ومستقبلها، مع الاحتفاظ بروحها القومية والبقاء على صفاتها ومميزاتها التي هي تراثها التاريخي العظيم.

وبما أن تحقيق ذلك كان دائمًا من أجل رغباتنا، ومن أعظم ما تتجه إليه عزائمنا حرصًا على النهوض بشعبنا إلى المنزلة العليا، التي يؤهله لها ذكاؤه واستعداده الفطري وتتفق مع عظمته التاريخية القديمة، وتسمح له بتبوء المكان اللائق به بين شعوب العالم المتمدين وأممه.

أمرنا بما هو آت.

ويتبع ذلك مواد الدستور ونصه.

وبإصدار هذا الدستور حقق جلالته ظن الأمة في أمياله الشريفة وأعراضه المنيفة، فلبى نداءها وأقر حقوقها، فنحن نبتهل إلى الله تعالى جلت قدرته أن يحفظ جلالة الملك فؤاد الأول زخرًا للبلاد؛ حتى تجني الأمة في رعايته ثمرات غرسه، وأن يجعل الحرية في ظله مصونة والحقوق مقدسة ومضمونة.

الله يبقيه ويعلي شأنه
في الخافقين على السهى والأنجم
ويديمه حصنًا حصينًا ما شدا
طير على غصن بحسن ترنم

ونسأله تعالى أن يحرس بعين عنايته لمستقبل مصر حضرة صاحب السمو الملكي الأمير فاروق، ولي عهد الأريكة المصرية ممتعًا في ظل جلالة والده العظيم.

أبقاه ربي بخير
وبهجة وسيادة
وزاده الله مجدًا
ورفعة وسعادة

ونبسط أكف الدعاء والابتهال إلى الله جل شأنه أن يجعل عهد هذا الدستور عهدًا سعيدًا حافلًا بالخير والبركات، وأن يوفق الأمة في حياتها الدستورية إلى سلوك سبيل الحكمة والرشاد آمين.

figure
ساكن الجنان صاحب العظمة السلطان حسين كامل بالملابس الرسمية.
figure
ساكن الجنان صاحب العظمة السلطان حسين كامل بالملابس الملكية.

رثاء المغفور له صاحب العظمة السلطان حسين كامل

تقوض ركن المجد وانهار جانبه
فوا أسفًا للعرش قد مات صاحبه
رحلت فما يبكي على غيرك الندى
وباسمك تهمي في البلاد سحائبه
وقالوا: قضى السلطان قلت: فيا له
زمان توالى همه ومصائبه
«حسين» لقد فارقت مصر أسيفة
على ملك كانت كبارًا رغائبه
وقد سار بالمجد المكفن جيشها
تنوح على سلطان مصر كنائبه
فواهًا لوادي النيل ريعت قلوبه
وواهًا لهذا العرش مادت جوانبه
فيا محصب الوادي وزارع أرضه
كما تشتهي زراعه وكواسبه
ويا باذل المعروف والخير محسنًا
لقد عُطِل المعروف مذ راح واهبه
ويا ناشر التعليم أنت الذي به
صفت لبني مصر بمصر مشاربه
وكم بائس بل كم يتيم أعلته
ورحت تواسيه فخفت متاعبه
بكتك بلاد كنت تحمي ذمارها
تدافع عنها خصمها فتغالبه
ولما نعى الناعي حياتك للورى
سرى الحزن تمشي في القلوب مواكبه
ولو عشت للوادي لكانت تحققت
لشعبك يا سلطان مصر مآربه
رحلت لربِّ عنده كل محسن
إذا جاءه يلقي جزاءً يناسبه
فلا برح القبر الذي قد نزلته
تطوف به زوَّاره وحبائبه
وفي ذمة الله الرحيم مملك
إلى الخلد شدت في الغداة ركائبه
ولا زال بيت الملك في مصر عامرًا
تلوح بها أقماره وكواكبه
العبد الخاضع
زكي فهمي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤