ترجمة صاحب العزة الدكتور إبراهيم بك فهمي سالم

كلمة للمؤرخ

تزين بالفخر والإعجاب كتابنا بصورة طبيب فاضل، وتاريخ حياة شاب عامل من شباب مصر الناهض، ترتسم في محياة علائم الفطنة والذكاء الفطري؛ ليكون في تاريخه مثال صادق في النباهة والاجتهاد والنشاط وعلو الهمة والإقدام لرجال المستقبل.

مولده ونشأته

ولد حضرة المترجم له بالقاهرة في ٦ سبتمبر سنة ١٨٨٩ ميلادية من أبوين شريفين، فجده المرحوم سالم بك عوض من كبار ضباط الجيش المصري، ووالده هو حضرة سالم أفندي عوض أحد موظفي المعية الخديوية سابقًا.

تلقى علومه الأولية بمدرسة الجمالية ثم التحق بمدرسة رأس التين بالقسم الثانوي، فمدرسة الطب البيطري بالقاهرة وتخرج منها عام ١٩٠٨م بعد نواله الدبلوم، ومن ثم عين طبيبًا بيطريًّا بسلخانة مصر فأظهر في مدة وجيزة همة ونشاطًا ومهارة استلفتت أنظار رؤسائه فرقي إلى درجة طبيب أول بها، فضاعف مجهوده حتى ظهرت كفاءته وقوة ذكائه، ونقل عام سنة ١٩١٠ ميلادية إلى شفخانة البوليس التابعة لمدرسة الطب في ذلك الوقت، ثم مدرسًا بالمدرسة المذكورة وبتاريخ ١٩٢٠ عين وكيلًا لها، وقد يستغرب القارئ الكريم من سرعة ترقيته إلى هذا المركز السامي في خلال هذه المدة الوجيزة، ولكن من عرف همة حضرته ونشاطه ويقظته والمواهب السامية التي اختص بها، وتتجلى أمامه روح الرجولية الصحيحة فلا يجد محلًّا للغرابة.
figure
حضرة صاحب العزة الدكتور البارع إبراهيم بك فهمي سالم وكيل مدرسة الطب البيطري وأستاذ علم الجراحة والطب الشرعي والتشريح.

وفي عام ١٩١٤ انتخب سكرتيرًا للجمعية الطبية البيطرية، ولم يزل قائمًا بشؤون هذه الوظائف حتى الآن، ولم تثنه كثرة هذه الأعمال الشاقة من التفكير في مشروعات مفيدة نافعة لتخفيف آلام الحيوانات، فأنشأ مستشفى طبيًّا بيطريًّا بشارع الشيخ قمر بالعباسية عام ١٩١٩م، تام الاستعدادات كامل الأدوات وأوجد به أجزاخانة مملوءة بالأدوية المخففة لأمراض أنواع الحيوانات، فاستحق الثناء المستطاب والمدح الجزيل. ولحضرة المترجم الفضل الأكبر، والأثر المحمود في اشتراكه مع جناب المستر وليم لتلودد مدير قسم الطب البيطري بوزارة الزراعة، الذي خدم الحكومة المصرية مدة ٣٧ عامًا، ومؤسس مدرسة الطب البيطري سنة ١٩٠١م على النظام الحديث، حتى أصبحت بفضله وجناب المستر هربرت ميسون مدير المدرسة تعد من بين المدارس العليا بالقطر المصري.

وإننا لا يمكننا أن نبخس جناب المستر وليم لتلودد حقه من الشكر على ما أداه من الخدمات الجليلة لتأسيسه معمل الطب البيطري، ومعمل السيرم بالعباسية لمقاومة الطاعون البقري والكورنتينة بالشلال والقاهرة، والسلخانات العديدة بالقطر المصري.

ولقد احتفل حضرة المترجم له والأطباء البيطريون عمومًا بالقطر المصري بوداع جناب المستر وليم لتلودد قبل مغادرته القاهرة يوم ١٧ مارس سنة ١٩٢٣ احتفالًا شائقًا، وأخذت صورتهم الشمسية تذكارًا.

ولقد تصفحنا قانون الجمعية الطبية البيطرية بالقاهرة المعين بها حضرة المترجم له بصفته سكرتيرًا وأمينًا للصندوق، ودرسنا مواده فإذا هو كفيل بحسن مستقبلها ضامن لنموها ورقيها.

صفاته وأخلاقه

حلو الحديث، كامل الخَلق، والخُلق، دمث الأخلاق، على جانب عظيم من الكفاءة الشخصية في مهنته، كبير العزيمة بعيد عن الخمول جذاب لكل محدثيه، حفظه المولى وأبقاه وأكثر من أمثاله بين شبان مصر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤