ترجمة حضرة صاحب العزة وجيه قومه جرجس بك عبد الشهيد

كبير وجهاء بندر ببا بمديرية بني سويف

كلمة للمؤرخ

هو قطب من أقطاب الأمة القبطية الأرثوذكسية ووجيه من وجهائها؛ لا لأنه غني بثروته الطائلة فحسب؛ بل لأنه يعد ركنًا منيعًا بين عظماء أمته لسعة مداركه وصائب فكره وعظيم إصلاحاته في شؤونها؛ ولأنه من كبار أهل البر والإحسان على جمعياتها الخيرية، فكم له من حسنات ومآثر خالدة في هذا السبيل إذا ذكرت لهجة الألسن بالشكر والثناء والإعجاب بعظيم فضله، ولا غرابة فإن أسرة عبد الشهيد من أشهر الأسر القبطية التي امتازت بالعطف على البؤساء ومساعدة المنكوبين والتعساء من قديم الزمن، وقد أثبت المؤرخون لهذه العائلة وأفرادها هذه الفضائل، وها نحن الآن ندون تاريخ هذا السري الجليل الذي اقتدى بهم وحذا حذوهم فنال رضا الخالق وشكر المخلوق.

مولده ونشأته

ولد حضرة صاحب الترجمة ببندر ببا وتعلم العلوم الأولية كاللغة العربية والخط والحساب وغيرها بكتاب البلدة في ذاك العهد، فحصل على الضروري منها مما ساعده كثيرًا على أشغاله التجارية التي انخرط في سلكها عقب خروجه من دور العلم، فحاز قصب السبق فيها ونال بفضل جهاده وذكائه ثروة لا يستهان بها، حتى أصبح يضارع أغنياء مديريته، وحاز فوق هذه الثروة الطائلة ثقة معامليه لشرف معاملته، وصدق ذمته، وليس على من شب مثله على الفضيلة والصلاح والتقوى وطبع على الأمانة منذ المهد بعزيز أن يصل بفضل هذه الصفات العالية والمواهب السامية إلى ذروة المجد والشرف.
figure
صاحب العزة جرجس بك عبد الشهيد.

ولم تكن هذه الثروة الطائلة لتلهيه عن تقديم المساعدات المالية للأعمال الخيرية والعلمية، بل نراه من وقت لآخر يجود بالمال الفياض لكل عمل مفيد نافع، فمن مآثره الخالدة مساعداته لمستوصف ببا وللجمعية الخيرية القبطية وغيرها.

وكذلك لم يهمل تثقيف أنجاله بالعلوم العالية بل بعث بهم إلى أكبر الجامعات الأوربية، فارتشفوا من مناهلها العذبة شتات علومها، وها هم كالكواكب الساطعة في سماء مصر العزيزة يجاهدون، ويكافحون في خدمتها ولفائدة مواطنيهم الكرام حتى أثمر هذا الجهاد وأتى بفائدة عظمى.

صفاته وأخلاقه

قد اتصف حضرة صاحب الترجمة بالوداعة، ودماثة الأخلاق ولين الجانب، ومد يد المساعدة للبؤساء والفقراء، مع المحافظة التامة على قواعد دينه، فهو صالح تقي بعيد عن الكبرياء وعلو النفس، طاهر الذيل لا يطمع في شيء إلا أن يكون مرضيًا لله تعالى وللناس.

أتم الله عليه العافية وأبقى حياته، ومتعه وحضرات المحروسين أنجاله النجباء بدوام الرفاهية والسعادة، وأكثر من أمثاله بين رجال الطائفة القبطية الكريمة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤