ترجمة حضرة صاحب العزة الشهم الإداري سيد بك فؤاد الخولي

كلمة للمؤرخ

لا يستتب الأمن العام في ربوع البلاد ولا يسود السلام إلا إذا شمر الحاكم عن ساعد الجد والإقدام، ومسك بزمام شؤون وظيفته بيد من حديد، وكان كفؤًا لإدارة الأعمال نزيهًا مخلصًا ذي همة ماضية ونفس عالية، وقد أتاح الله لمديرية قنا مديرًا عادلًا يشتعل غيرة على مصالح البلاد فتراه يسوس بحكمته العالية وكفاءته النادرة كافة شؤون هذه المديرية، ألا وهو حضرة صاحب العزة سيد بك فؤاد الخولي الذي اشتهر بين الحكام الإداريين بالجد وعلو الكعب في تذليل الصعاب، والسهر على ما فيه رفاهية الأهلين فاستحق شكر المحكوم وثناء الحاكم.
figure
حضرة صاحب العزة الشهم الإداري سيد بك فؤاد الخولي مدير قنا.

مولده ونشأته

هو السيد فؤاد الخولي نجل سيد أحمد بك الخولي، ولد بناحية بسيرباي بمركز طنطا بمديرية الغربية عام ١٨٧٩م، وتربى التربية المنزلية العالية التي تتناسب مع قدر عائلته الشهيرة العريقة في الحسب والنسب، فأدخله والده الجليل مدرسة طنطا الأميرية فكان المثل الأعلى في الذكاء وحسن الأخلاق والاستقامة، ونال الشهادة الابتدائية ومن ثم دخل المدرسة الخديوية بالقاهرة.

وظل بها إلى أن أتم علومها، ومنها أدخل المدرسة الحربية فتضاعفت جهوده وبرز نشاطه ولبث بها إلى أن تخرج برتبة ضابط عام ١٨٩٦، والتحق بخدمة الجيش الذي كان زاحفًا وقتذاك على السودان، فاتسع أمامه ميدان الجهاد وأصبح قادرًا على خدمة مصر، وأبلى البلاء الحسن مما دعا رؤساءه إلى تقدير همته وكفاءته، فعين ضابطًا للبوليس بحكومة السودان، وصار يتنقل فيها من مركز إلى آخر حتى وصل إلى مركز «الكوه» على البحر الأبيض، ثم نقل إلى الخرطوم فمركز صودا، ثم رقي مأمورًا له، فمركز «الكيلي» على حدود الحبشة، ثم أعيد مأمورًا لمركز الخرطوم بحري، فكانت سيرته في عمله الحكومي آية من آيات الرشد والمنار، وما من مركز حل فيه إلا وترك أثرًا وحسن سمعة شهد بهما الخاص والعام.

وفي سنة ١٩٠٩ ميلادية انتقل إلى سلك وظائف الحكومة المصرية، فعين مأمورًا لمركز إطسا فمركز سنورس من أعمال مديرية الفيوم، ثم نقل مأمورًا لمركز أشمون فمركز تلا من أعمال مديرية المنوفية، فكان في كل هذه المراكز موضع الثناء والإعجاب نظرًا لسهره على حفظ الأمن العام، وقيامه بمهام وظيفته خير قيام، ومن ثم رقي إلى درجة حكمدار لمديرية القليوبية سنة ١٩١٤ فحكمدارًا لمديرية أسيوط، ثم مكث بها سنتين كاملتين كان فيهما مثال الجد والنشاط، وكانت المدينة على أتم حالات الصفاء والسكينة، ومن ثم نقل إلى مديرية المنيا ولم يلبث بها سوى شهرين حتى رقي وكيلًا لمديرية بني سويف في أوائل سنة ١٩١٧، فوكيلًا لمديرية القليوبية سنة ١٩١٩، ولما بدأت وقتئذ الحركة الوطنية المعلومة ظهرت وطنيته العالية بأجلى معانيها وبرز إلى ميدان الجهاد مضحيًا بمركزه وحياته العزيزة في سبيل الوطن، ولم ترهبه قوة الغاصب ولا أساطيله بل كان يحتقر الصعاب ويقتحم الأهوال؛ لذلك قبضت عليه السلطة العسكرية ونفته إلى رفح، حيث أمضى بها الثلاثة أشهر تحت شمسها المحرقة فلم يزدد إلا ثباتًا وصدق إيمان بوطنه، وبعد أن عاد من منفاه عين وكيلًا لمديرية جرجا، فمديرية الشرقية، وفي عهده بتلك المديرية حدثت فتنة وطنية عامة، فكان فيها ذاك الوطني الغيور المتدفق حماسًا وشممًا وحكمة، وبعد ذلك نقل وكيلًا لمحافظة العاصمة وبدأت عملية الانتخابات لمجلس النواب والشيوخ، فأظهر من الدراية والدربة والنزاهة ما لهجت به الألسن بالشكر والإعجاب، وسارت العاصمة بفضل جهوده العظيمة على أتم ما يرام وكان ذلك داعيًا لترقيته محافظًا لدمياط عقب نهاية تلك الانتخابات، وظل بها شهرًا ونقل منها مديرًا لمديرية القليوبية، ومنح رتبة البكوية من الدرجة الأولى عام ١٩٢٥، وفي هذا العام نفسه نقل مديرًا لمديرية قنا، وما زال بها حتى الآن.
figure
حضرة صاحب العزة الشهم الإداري سيد بك فؤاد الخولي مدير قنا.

صفاته وأخلاقه

رجل النزاهة والشهامة والإقدام، صريح في القول مخلص لوطنه ميال إلى عمل الخير، وديع الأخلاق أبي النفس على جانب كبير من الكفاءة الإدارية والأدب الجم؛ لذلك نراه ميالًا لمساعدة الأدباء وأهل العلم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤