ترجمة حضرة صاحب العزة نقولا بك خليل

كلمة للمؤرخ

إذا توافر الأدب والذكاء مع العلم الصحيح في شخص، فبشره بحسن الطالع وسعادة المستقبل والوصول بصاحبه إلى المركز اللائق بهذه المميزات في الهيئة الاجتماعية، ويسرنا أن يكون أيضًا حضرة صاحب الترجمة من أولئك الأفذاذ الذين وهبوا هذه الصفات الفريدة والمواهب السامية، وإننا نغتبط سرورًا من إثبات ترجمته هنا لعل يكون في إثباتها هدى ونورًا لقوم يعقلون.
figure
حضرة صاحب العزة نقولا بك خليل سكرتير سفارة الحكومة المصرية لدى الولايات المتحدة بواشطن سابقًا والمنقول أخيرًا إلى براج.

مولده ونشأته

ولد بالقاهرة سنة ١٨٨٢ من أبوين كريمين أحسنا تربيته، وخير ما يورثه الآباء للأبناء التربية والذكر الحسن، فقد التحق بكلية الآباء اليسوعيين، فكان فيها الطالب المجد الذي لا يلهيه ما تزينه للصبية عقولهم البسيطة من تشاغله عن الدرس، وضياع الوقت فيما لا يفيد من لعب وغيره، بل بالعكس وهو في تلك السن الصغيرة كان يقسم وقته ما بين جد ورياضة، كثير الاهتمام بضبط كل وقت لما خصص له، فكان موضع عطف معلميه واحترام إخوانه ومحبة ذويه، فاستمر في هذه الكلية حتى تمم دروسه فالتحق بمدرسة الحقوق الملكية، حيث كان مثال الجد والذكاء، فكبرت معه مميزاته الخصوصية التي كانت أساس إحرازه الشهادات العالية.

إن تلك النفس العالية الحرة العزيزة التي فطر عليها كانت تطمح إلى أن يكون ذلك القانوني الضليع، يفهم قضية أمه مصر فيخدمها ويكون محاميها المخلص، فبعد أن أتم الدراسة اشتغل بالمحاماة أمام المحاكم الأهلية فكان المدره المفوَّه يزهق الباطل بفصيح لسانه وقوة بيانه وساطع برهانه، فعين وكيلًا للنائب العمومي فكان مثال النظر الثاقب، والمقدرة الفائقة على كشف الستار عن كثير من القضايا، فكان هو النزاهة المجسمة رجل العدل والقسطاس المستقيم، سديد الرأي، يرغب في الصلح بين المتخاصمين، فكانت أحكامه أمثلة قانونية عادلة يصح أن يستشهد بها رجال القانون، ورجل كهذا جدير بما أولاه إياه صاحب الجلالة الملك الدستوري فؤاد الأول حرسه الله، فعينه سكرتيرًا لسفارة الحكومة المصرية لدى الولايات المتحدة في واشنطن، ومنها إلى سفارة براج، ومن الثابت أن سفارتنا في الخارج هي صورتنا التي نحب أن نتمثل بها، فلا يختار لها إلا خيرة رجالنا الذين يكونون أحسن صورة لنا في البلاد الأجنبية، وقد أنعم على عزته بنشان النيل جزاء كفاءته وإخلاصه.

صفاته

رجل العدل ومثال النزاهة، وإنه لعلى خلق عظيم، ميال للخير محب لإصلاح ذات البين، مثال الجود، وديع لا يرى غير مبتسم، أبقاه الله لأمته ولا أحرمها من خدماته.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤