ترجمة حضرة صاحب العزة السري الوجيه بشرى بك حنا ميخائيل

هذا هو الشهم العظيم والنائب الكريم والسري المعروف، والمزارع الموصوف المشهود بعلو المقام، وجليل الأعمال وسعة الإطلاع وحسن الأخلاق وكثرة الاختبارات، بل هو الرجل الذي تتطاول إليه الأعناق وتتجه إليه الأفكار والأبصار عند حدوث الأزمات ونزول الملمات، وإلى القارئ الكريم نذكر قطرة من تاريخ هذا العظيم الذي يعتبر ركنًا متينًا في قوام أساس الهيئة الاجتماعية.

مولده ونشأته

ولد حضرة بشري بك بمدينة أسيوط عام ١٨٦٦م، فغذاه والده العصامي الكبير فقيد النشاط والإقدام والجد والعمل المرحوم الخواجه حنا ميخائيل أحد كبار سراة مديرية أسيوط بلبان الفضيلة والاستقامة، وبث في نفسه حب العمل والاعتماد على النفس فشب مقتبسًا خصال والده ومبادئه السامية، وبعد أن حصل على نصيب وافر من العلوم والمعارف والفنون، واشتد ساعده وتسامت مداركه ترك المعاهد العلمية، ودخل في سلك التجارة وساعد المرحوم والده في أشغاله الكثيرة وإدارة شؤونه.
figure
حضرة صاحب العزة السري الوجيه بشري بك حنا ميخائيل المالي المعروف والعضو بمجلس النواب المصري عن دائرة مركز الفشن.

ولما اضطربت الأمة القبطية وقررت عقد مؤتمر عام للبحث في مصالحها، والنظر في شؤونها جالت الأبصار واتجهت الأنظار للتفتيش عن عالم كبير، وقائد خبير يتولى رئاسة هذا المؤتمر ليسير بالأمة في طريق النجاح وسبيل السعادة والفلاح، ولا عجب أن صوت الأمة القبطية أقر على صاحب الترجمة إذ وجد منه رجلًا وجيهًا وعالمًا أصيل الرأي سامي العواطف، ذا قلب يطفح إخلاصًا لقومه، وغيرة على ترقيته، ورفع شأنه، فلما اعتلى رئاسة المؤتمر زال الاضطراب، وذهب القلق وابتسم ثغر الأمة التي بشت للمترجم، وحفظت جميله وأرخت أعماله بمداد من الشكر والثناء العاطر.

وقد ذاع اسم صاحب الترجمة وظهرت كفاءته الشخصية في جميع الشؤون المالية والاقتصادية والزراعية، حتى بلغت مسامع الحضرة الخديوية، فأنعم عليه سمو عباس حلمي باشا خديوي مصر السابق برتبة البكوية، فجاء هذا الإنعام في محله وصادف أهله كما قد أنعم عليه جلالة الملك بنيشان الفلاحة من الدرجة الأولى.

ونظرًا لتفوقه المتناهي في الشؤون الزراعية والاقتصادية بوجه خاص تعين عضوًا في الجمعية الزراعية السلطانية، ثم عضوًا في النقابة الزراعية وعضوًا في لجنة بحث حالة مصلحة الأملاك الأميرية، وعضوًا في لجنة تعديل نظام بورصة مينا البصل وبورصة العقود، وهذا من أكبر الأدلة على علو كعبه في كل هذه الشؤون.

وكثيرًا ما ندب حضرة صاحب الترجمة من قبل الحكومة المصرية لحل العويص من مشكلات الشؤون الاقتصادية والزراعية، فكان لها حلالًا بفضل كثرة تجاريبه وأصالة رأيه.

ونظرًا لما قام به حضرة صاحب الترجمة من جليل الخدمات والفوائد العظيمة، التي عادت على مواطنيه بالفائدة العظمى، ولسمو مكانته في قلوب عارفي كفاءته وفضله قد انتخب نائبًا لمجلس النواب المصري عن دائرة مركز الفشن، ولا شك أن هذا المجلس الموقر سعيد بوجود هذا النائب السري والعامل الوطني الصميم.

ورغمًا من وجاهته ووفرة ثروته وسمو مركزه في الهيئة الاجتماعية، فإنه والحق يقال مثال الدعة واللطف، ودماثة الأخلاق، ومحسن كريم مشهود بإخلاصه وصدق خدماته نحو وطنه ومواطنيه.

وطالما جاد بالأموال الطائلة لكل عمل خيري يرى منه فائدة لأبناء وطنه، وحسبه ما جادت به أريحيته للجمعيات الخيرية والمدارس والمستشفيات وغيرها، فإن له في كل منها أثر خالد ينطق له بالشكر والثناء والإعجاب بكرم هذا المحسن الكبير ما دامت السماوات والأرض.

أدام الله حياة هذا العامل المجد الأمين والنائب الجليل، وأكثر من أمثاله بين سراة مصر لرفع لواء مجدها وإسعادها.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤