ترجمة حضرة السري الوجيه محمود بك حسن جازيه

إذا عد شباب هذا العصر الذين اتصفوا بالإقدام والجد في القول والعمل، كان حضرة صاحب الترجمة في مقدمة الجميع فقد خصه الرحمن بالذكاء الفطري والأدب الجم والشهامة العالية والمروءة المتناهية، ولقد ادخر لنفسه أحسن دخر ألا وهو الاشتغال بفن الزراعة التي هي حياة مصر وثروة البلاد.
figure
حضرة السري الوجيه محمود بك حسن جازيه نجل المرحوم حسن بك جازيه من كبار أعيان بلدة أبو الغر مركز كفر الزيات غربية وعضو مجلس النواب المنحل عن دائرة بسيون غربية.

مولده ونشأته

سطعت شمس مصر بمولد حضرة صاحب الترجمة في الحادي عشر من شهر مايو سنة ١٨٨٩ ببلدة أبو الغر مركز كفر الزيات مديرية الغربية، وهو نجل المرحوم الطيب الذكر حسن بك جازيه بن المرحوم عيسوي بك جازيه، وعائلة أبو جازيه هي من أشرف العائلات حسبًا ونسبًا، ومعروفة للخاص والعام بمديرية الغربية، فهو من أبوين شريفين طاهرين أحسنا تربيته، وعوداه على حب الفضيلة حتى إذا ما بلغ السنة التاسعة من عمره، أدخله والده إلى مدرسة ابتدائية ثم نقل إلى المدرسة الناصرية وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام ١٩٠٥، ثم نقل إلى مدرسة رأس التين بالإسكندرية، وحصل منها على البكالورية سنة ١٩٠٩ ثم دخل مدرسة الحقوق، ولما وجد من معلميها الإنكليز تعصبًا على الحزب الوطني وأنصاره غادر صاحب الترجمة البلاد المصرية إلى جامعة كامبردج ببلاد الإنجليز، وهي أكبر جامعة بأوربا، ثم دخل كلية تارانتي هول وحصل على درجة ب ١٠ في علم الاقتصاد والزراعة ودرجة ب BA في علوم الزراعة والاقتصاد السياسي والمالي سنة ١٩١٣، وعاد للحصول على شهادة تخصيص في علم الزراعة، فنشبت الحرب الكبرى فخاف من البقاء بها فعقد عزمه على الرجوع لمصر، ثم دخل في خدمة الحكومة المصرية، ولما لم تنصفه وتعطه حقه في الوظائف الإدارية استقال سنة ١٩١٤ مفضلًا الاشتغال في الأعمال الزراعية في مزارعه الواسعة، وقد قام بتجارب زراعية عديدة الأصناف كالحبوب والأقطان، فنظم الأراضي تنظيمًا حديثًا يسهل على الفلاح الزراعة والري، وقد أدت هذه الطريقة إلى زيادة المحصولات، واجتناء الخيرات كما أنه غرس أشجارًا جميلة تروق للناظرين في تلك الطرق المنظمة حتى أصبحت أراضيه الواسعة كجنة غناء، هذا عدا عن البساتين التي أحدث فيها مثل هذا الغرس، فأصبحت غاية في الرواء وجمال المنظر.

ومن حسن إدارته ورزانة عقله أنه درس أخلاق الفلاحين درسًا تامًّا، فأصبح يخاطب كلًّا على قدر ما استطاع من الإدراك والفهم؛ ولذا تراه محبوبًا جدًّا منهم، لا يذكرون اسمه إلا مقرونًا بالثناء والإعجاب بلطفه وكرم أخلاقه ومروءته والجد في العمل.

أعماله الخيرية

ومن أعماله الخيرية التي تنطق بعظيم فضله وكفاءته أنه اتفق مع الغيورين من رجال طنطا المعدودين على تأسيس جمعية الإسعاف، وانتخب حضرته وكيلًا لها منذ نشأتها سنة ١٩٢١ إلى الآن، وقد تبرع لها بأوتومبيل من ماله الخاص لنقل المصابين فيه يقدر ثمنه بخمسماية جنيه، فاستحق الشكر والثناء من أعيان وأهالي مديرية الغربية، وحضرته من مؤسسي جمعية البر والإحسان بطنطا، وجمعية المؤاساة بطنطا، ومن وطنيته المشهورة بين أهالي المديرية أنه تطوع لوفد مؤتمر لوزان، وتبرع أيضًا ببناء فخم لمجلس مديرية الغربية لإيجاد مدرسة ابتدائية ببلدته أبو الغر مركز كفر الزيات غربية، وأسس محفلًا ماسونيًّا يسمى محفل الغربية بطنطا.

فرجل تتجلى فيه الشهامة والمروءة والتقوى والصلاح لجدير بأن نزين به وبأعماله جيد كتب التاريخ.

كفاءته الشخصية

ولكي يدرك القارئ جدارة صاحب الترجمة وكفاءته الشخصية أنه حاز الأغلبية الساحقة في الانتخابات البرلمانية، حيث ذكاه أكثر عدد من المندوبين الثلاثيين عن دائرة بسيون، ولا شك أن هذه الدائرة سعيدة لاختيارها هذا الشهم الجليل نائيًا عنها، وسوف تتحقق جميع آمالها بفضل ما أوتي من علم وفضل وذكاء وإخلاص، هذا إذا ظل مجلس النواب منعقدًا حتى الآن وفقه الله تعالى إلى ما فيه إسعاد البلاد.

صفاته وأخلاقه

هو مثال الرجولية الصحيحة طيب القلب سليم الضمير كريم الأخلاق، بشوش الوجه يتأثر من رؤية البؤساء، سباق إلى عمل الخير؛ كي يرضي الله تعالى وضميره، متعه الله وألبسه ثوب الصحة والعافية، وجزاه خيرًا جزاء أعماله المبرورة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤