ترجمة فقيد الأمة الأرثوذكسية جلالة الإمبراطور منليك الثاني

«ملك ملوك الحبشة»

بيان موجز للمؤرخ

لا نبغي من هذا البيان الموجز أن نأتي بعده بتاريخ حياة هذا الإمبراطور العظيم، الذي فقدته الأمة الأرثوذكسية عامة والممالك الحبشية خاصة، إنما الغرض الوحيد من وضع رسمه في هذا السفر أن نأتي بذاك الخطاب التاريخي المرسل من جلالته عن يد نيافة الأب الموقر الأنبا متاؤس مطران المملكة الحبشية إلى غبطة البابا المعظم، أثناء زيارته الرسمية للأقطار المصرية في أوائل سنة ١٩٠٢ ميلادية؛ نظرًا لما يحويه الخطاب المذكور من آيات الولاء والإخلاص لشخصه الكريم؛ ولأن في إثباتاه الدليل الساطع والبرهان القاطع على ما لغبطة البابا المعظم من المنزلة الكبرى، والمقام الأسمى والاحترام الأكيد لدى ملوك الحبشة الفخام، بما له من حق الرياسة الدينية على تلك المملكة، وما يليها من الممالك الأرثوذكسية الأخرى.
figure
المرحوم جلالة الإمبراطور منليك الثاني.
وهاك نصه حرفيًّا مأخوذًا من كتاب تاريخ الأمة القبطية تأليف المرحوم يوسف بك منقريوس ناظر مدرسة الأقباط الأكليريكية سابقًا:

من منليك ملك ملوك الحبشة

إلى غبطة السيد الأب الأنبا كيرلس بطريرك الإسكندرية ومصر والنوبة والحبشة، وما يليها الجالس على كرسي القديس مرقس الإنجيلي والمبشر بكلمة الله وعمود الدين والإيمان الثابت الأركان والكنز الذي لا تطاول إليه أيدي المعتدين، والنور المتألق في سماء الدين الذي سار في الرهبانية مع رسوخ القدم في الإيمان سير المهتدين، ألا وهو عبد ورسول يسوع المسيح، دامت علينا رياسته، آمين.

أما بعد أيها السيد الجليل والحبر العظيم، فإني أنا منليك الثاني القائم بأمر الله ملكًا على ملوك الحبشة، أجثوا تحت مواطئ قدميكم مستمدًّا بركتك التي عمت جميع الناس على اختلاف الأجيال والأجناس، ثم أحيط علم قداستكم أنني بنعمة السيد المسيح رب الجنود، وشفاعة والدته الدائمة البتولية والطاهرة مريم العذراء، رافل في حلل السلامة والهناء، ثم أبدي بأن قدس الأب المعظم الأنبا متاؤس الذي قام بأعباء وظيفته في بلاد الحبشة خير قيام، عاكفًا بصلواته المقدسة على خدمة الأمة حسب المرام عرض على سدتي الملوكية، بأنه قد استغرق مدة مديدة من الزمان وهو بعيد عن الأهل والأوطان، وبناء على ذلك التمس منا أن نأذن له في الرحيل إلى وادي النيل، رجاء أن يمتع الناظر بمشاهدة غبطتكم وسائر الآباء وأفراد أبناء الأمة في وطنه المحبوب، وصرحنا له بذلك ولا سيما لزيارة بيت المقدس، الذي هو مطمع الأنظار والقلوب، وكان من العوائد الجارية أن من رسم مطرانًا على بلاد الحبش لا يسوغ له أن ينتقل لأي سبب كان من مركز وظيفته إلى سواء البلدان، غير أني وضعت قانونًا جديدًا مراعاة لأحكام علائق الوداد، وعملًا بما جاء في الكتاب المقدس مما لا يخرج عن هذا المراد، وإجابة لطلب أبينا الأنبا متاؤس صرحنا له بالسفر ليعرب لقدسكم عما في صميم الفؤاد من مكانة الحب الذي لو تجسم لملأ ألف واد، هذا وأرجو من قداستكم أن تمدونا وسائر الأمة بالصلوات والدعوات في كل وقت من الأوقات، حتى يثبتنا الله على الصراط المستقيم، وتعم البركة كل باد منا ومقيم، ومتى عاد الأنبا متاؤس إلينا بالسلامة تزودونه بصلات صلواتكم، لنكون ملحوظين بعين العناية ومحفوفين إلى ما شاء الله بكمال الرعاية.

تحريرًا في ٢٥ هتور سنة ١٦١٨
«كتب بمدينة أديس أبابا»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤