الفصل العاشر

الساعة أعلى الخزانة

أصبحت قصة آن أبكوت، في ضوء هذا الكشف الجديد، أكثر قبولًا وفهمًا. فبينما كانت واقفة في الظلام، ظنت أنها سمعت السيدة هارلو في إحدى نوباتها العنيفة. ثم شعرت بالراحة عندما فهمت أن جين بودان الممرضة كانت مع السيدة هارلو، تسيطر عليها وتكبحها وتعطيها في الأخير مهدئًا. كانت آن قد سمعت الصراخ يخفت ويتوقف، ثم سمعت همسة أخيرة من الممرضة لمريضتها أو ربما لنفسها: «هذا سيفي بالغرض.» بعدها استدارت وهربت، مع الحرص على عدم جذب الانتباه إليها. لم يكُن هروبها جبنًا حقيقيًّا. كانت الأزمة قد انتهت. وتدخلها، الذي لو حدث قبل ذلك لكان مجرد استفزاز لنوبة أكثر عنفًا من جانب السيدة هارلو، أصبح الآن دون أي مبرر. كان سيثير المريضة مرة أخرى، وسيضيف إلى الإزعاج والإحراج في الحياة في منزل كرينيل في يومهم التالي. ذلك لأن السيدة هارلو كانت ستعرف عندما تعود لوعيها أن آن كانت شاهدًا على عرض آخر من عروضها المروعة. لقد فعلت آن أفضل شيء يمكن أن تفعله، بافتراض أن تفسيرها للمشهد كان صحيحًا. وهو أنها ركضت بهدوء في الظلام عائدة إلى غرفتها.

قال هانو: «نعم. لكنكِ تعتقدين الآن أن تفسيركِ لم يكُن صحيحًا. تعتقدين الآن أنكِ بينما كنتِ واقفة في الظلام والباب مفتوح والضوء يلمع من خلفه، كانت السيدة هارلو تُقتل، تُقتل ببرود وقسوة على بُعد أقدام قليلة منكِ.»

ارتجفت آن أبكوت من رأسها إلى أخمص قدمَيها.

وصاحت: «لا أريد أن أصدق ذلك. إنه أمر مروع للغاية.»

فواصل هانو: «أنتِ تعتقدين الآن أن الشخص الذي همس «هذا من شأنه أن يفي بالغرض» لم يكُن جين بودان، بل شخص مجهول، وأن الهمسة كانت بعد أن قُتِل شخص ثالث في تلك الغرفة.»

تململت آن في جلستها؛ وضغطت على يديها.

قالت وهي تئن: «أخشى هذا!»

«وما يعذبكِ الآن يا آنسة هو الندم على أنكِ لم تتقدَّمي بخطوات هادئة إلى الأمام وتنظري من ظلام غرفة الكنوز عبر ذلك المدخل المضيء.» تحدث هانو بتعاطف كبير، وكانت فطنته إلى محنتها بمثابة عزاء لها.

هتفت آن بحماس: «نعم. أخبرتك هذا الصباح أنني كنت أستطيع منع ذلك. لم أفهم حتى هذا الصباح. كما ترى، حدث شيء آخَر في تلك الليلة»؛ والآن كان الخوف الشديد يزيد وجهها شحوبًا ويبرق في عينَيها.

تساءلت بيتي «شيء آخر؟» وهي تشهق شهيقًا سريعًا، ثم حركت كرسيها قليلًا حتى يتيسر لها الجلوس بمواجهة آن. كانت ترتدي معطفًا أسود فوق قميص حريري أبيض مفتوح عند العنق، وأخرجت منديلها من جيب المعطف ومسحت به جبينها.

شرح هانو: «نعم، يا آنسة. من الواضح أن شيئًا آخَر حدث لصديقتكِ في تلك الليلة، شيء إلى جانب حديثنا هذا الصباح عن كتاب السهام جعلها تعتقد أن جريمة قتل قد ارتُكبت.» ثم نظر إلى آن. «ذهبتِ بعد ذلك إلى غرفتكِ؟»

استأنفت آن قصتها.

فقالت: «ذهبتُ إلى الفراش. كما اعتقدت، كنت أشعر — ماذا أقول؟ — باضطراب شديد بسبب نوبة السيدة. لم يكُن أحدٌ ليعرف ما يمكن أن يحدث في هذا المنزل. كان الأمر يؤثر على أعصابي. رحت أتقلب في فراشي من جانب إلى آخَر فترة من الوقت. كنت في حالة انفعال شديد. ثم فجأة غلبني نوم عميق. لكن فقط لوقت قصير. فقد استيقظت وكان الظلام لا يزال دامسًا في غرفتي. ولم يكُن هناك أي خيط من الضوء يتسلَّل خلال الستائر. فتقلَّبتُ من النوم على جنبي إلى النوم على ظهري وبسطت ذراعي فوق رأسي. لمست بيدي وجهًا، أو الله يعلم ماذا …» كان رعب تلك اللحظة واضحًا وقويًّا حتى بعد مرور كل هذه الأيام، لدرجة أنها ارتجفت وأطلقت شهقة صغيرة. «كان ثَم وجه قريب جدًّا مني، ينحني فوقي في صمت. فسحبت يدي بسرعة وأنا ألهث. كان قلبي منقبضًا بشدة. فبقيت لبضع ثوانٍ صامتة ومشلولة. ثم عاد صوتي إليَّ، فصرخت.»

ربما كان مظهر الفتاة وهي تروي قصتها أبلغ تأثيرًا من الكلمات التي استخدمتها؛ لكن شيئًا من الرعب الذي انتابها سرى كالعدوى بين مستمعيها. فاهتزَّت أكتاف جيم فروبيشر باضطراب. أما بيتي فكانت تحدِّق بعينين واسعتين وأنفاسها محبوسة، تصغي إلى سرد آن وتترقبه. حتى هانو نفسه قال:

«صرختِ؟ لا عجب في ذلك.»

وتابعت آن: «كنت أعلم أن لا أحد سيسمعني، وأنني عاجزة وأنا مستلقية. فقفزتُ من الفراش في حالة ذعر، وحينها لم ألمس أحدًا. كنت مرعوبة لدرجة أنني فقدت كل إحساسي بالاتجاهات. لم أجد مفتاح المصباح، فصرت أتعثر وأنا أتحسَّس الجدار بحثًا عنه. سمعت نفسي أبكي كما لو كنت غريبة عني. أخيرًا، اصطدمت بخزانة ذات أدراج وعُدت إلى رشدي قليلًا. بعد ذلك وجدت طريقي إلى المفتاح وأنرت الضوء. كانت الغرفة فارغة. حاولت أن أخبر نفسي أنني كنت أحلم، لكنني كنت أعلم أن القصة غير صحيحة. كان هناك شخص ما ينحني خلسة قريبًا مني في الظلام، أوه، بل قريبًا جدًّا. بدت يدي التي لامست الوجه وكأنها خدرة. سألت نفسي وأنا أرتعش، ماذا كان سيحدث لي لو لم أكُن قد استيقظت في تلك اللحظة بالذات؟ وقفت وأصغيت، لكن الغرفة كلها ضجَّت بدقات قلبي. تسلَّلتُ إلى الباب وألصقتُ أذني بلوحه. حينها كنت لأصدق بسهولة أن جيشًا كاملًا يتسلَّل على أطراف أصابعه أمام بابي. أخيرًا، اتخذت قراري. ففتحت الباب على مصراعَيه. وقد تراجعت عنه للحظة، ولكن بمُجرَّد أن فُتح الباب، لم أسمع شيئًا. تسللت إلى قمة الدرج الكبير. كانت القاعة من تحتي صامتة كمعبدٍ خاوٍ. أعتقد أنني كنت لأسمع حتى ولو حركة عنكبوت. أدركت فجأةً أن الضوء كان يتدفَّق من غرفتي، وأن بعضه لا بد أنه يكشفني. صرخت على الفور: «مَن هناك؟» ثم ركضت عائدة إلى غرفتي وأغلقت الباب على نفسي. علمتُ أن لا مجال للنوم تلك الليلة، فسارعتُ إلى النوافذ وفتحتُ الستائر. كان الليل قد صفا، والنجوم تلمع في سماء سوداء خالية، وكان الجو يحمل نسمة صباحية مُنعشة. وكما أعتقد، قضيت حوالي خمس دقائق عند النافذة عندما دقت ساعات المدينة كلها مُعلنة أنها الثالثة، ربما تعرف، يا سيدي، كيف تدق ساعات ديجون وتتناقل الساعة بينها وتمررها إلى التلال. وقد ظللت عند النافذة حتى حل الصباح.»

بعد أن انتهت، لم يتحدَّث أحد لبعض الوقت. ثم أشعل هانو سيجارة أخرى بتأنٍّ، ينظر تارةً إلى الأرض، وتارة إلى الهواء، كان ينظر في أي مكان إلا وجوه رفاقه.

ثم سأل بجدية: «إذَن حدث هذا الشيء المروِّع قبل الساعة الثالثة صباحًا؟ أظن أنكِ متأكدة تمامًا من ذلك؟ كما ترين، قد يكون هذا الأمر في غاية الأهمية.»

قالت: «أنا متأكدة تمامًا، يا سيدي.»

قال: «ولم تخبري أحدًا بهذه القصة حتى هذه اللحظة؟»

أجابت آن: «لم أخبر أحدًا على الإطلاق. في صباح اليوم التالي، وُجدت السيدة هارلو ميتة. ثم كانت هناك ترتيبات الجنازة. بعدها جاء اتهام السيد بوريس. كانت هناك مشكلات كافية في المنزل دون أن أزيد عليها. بالإضافة إلى ذلك، لم يكُن أحد ليصدِّق قصتي عن الوجه في الظلام؛ وأنا بالطبع لم أربطها حينها بوفاة السيدة هارلو.»

قال هانو موافقًا: «لا. لأنكِ كنتِ تعتقدين أن الوفاة كانت طبيعية.»

قالت آن: «نعم، ولست متأكدة حتى الآن أنها لم تكُن طبيعية. لكن كان عليَّ أن أخبركِ بهذه القصة اليوم يا سيد هانو»؛ ثم انحنت إلى الأمام في كرسيها وجذبت انتباهه بعينَيها ووجهها وكل عضلة متوترة في جسدها. «لأنك إذا كنت محقًّا وكانت جريمة قتل قد ارتُكبت في هذا المنزل يوم السابع والعشرين، فأنا أعرف بالضبط الساعة التي حدثت فيها.»

قال هانو: «آه!»

وأومأ برأسه ببطء مرَّة أو نحو ذلك. ثم جمع قدمَيه تحته. كانت عيناه تلمعان ببريق شديد وهو ينظر إلى آن. فأعطى جيم انطباعًا غريبًا عنه كحيوان يتربَّص.

قال: «بالنسبة للساعة فوق الخزانة المطعَّمة، على الحائط في منتصف غرفة الكنوز. ماذا عن واجهتها البيضاء وصورة عقارب الساعة التي طاردتك في تلك اللحظة القصيرة عندما كانت أصابعكِ على المفتاح؟»

قالت آن بتأكيد هادئ ومتأنٍّ: «نعم. كانت الساعة العاشرة والنصف.»

مع هذا التصريح، خف التوتر. وانفتحت يد بيتي المشدودة، وسقط منديلها الصغير على العشب. وغيَّر هانو من وضعيته الغريبة كحيوان متربص. كما تنفَّس جيم فروبيشر الصعداء.

وقال هانو: «نعم، هذا مهم جدًّا.»

هتف جيم: «مهم! أعتقد أنه مهم فعلًا!»

هذا لأن المسألة كانت واضحة ومُؤكدة بالنسبة له. إذا ارتُكبت جريمة قتل ليلة السابع والعشرين من أبريل، فالشخص الوحيد من أفراد منزل كرينيل الذي لا يمكن أن يكون له يد فيها هو موكلتي، بيتي هارلو.

كانت بيتي منحنية لتلتقط منديلها عندما خاطبها هانو؛ حينها انتصبت مرَّة أخرى بهزة طفيفة.

سألها هانو: «هل تلك الساعة فوق الخزانة المطعَّمة تعمل بدقة، يا آنسة؟»

أجابته بيتي: «بدقة كبيرة. السيد سابين، صانع الساعات في شارع دي لا لبرتيه، نظَّفها أكثر من مرة. إنها ساعة تعمل لمدة ثمانية أيام. ستكون لا تزال تعمل عندما تُفضُّ الأختام هذا المساء. سترى بنفسك.»

لكن هانو سلَّم بتصريحها على الفور. ونهض من كرسيه وانحنى لها بشيء من الرسمية، لكن بابتسامة خفَّفت من ذلك.

وقال: «في الساعة العاشرة والنصف، كانت الآنسة هارلو ترقص في منزل السيد دي بوياك في شارع تيير. لا شك في ذلك. لقد أجرينا تحقيقاتنا. لم تغادر الآنسة ذلك المنزل إلا بعد الواحدة صباحًا. هناك أدلة كافية على ذلك لإقناع أسوأ أعدائها، من سائقها وشركائها في الرقص إلى حوذيِّ السيد دي بوياك، الذي كان واقفًا خلال ذلك المساء عند أسفل الدرج ممسكًا بفانوس ويتذكَّر أنه فتح باب سيارتها عندما غادرت.»

قال جيم لنفسه: «إذَن هذا هو الأمر.» لم يكُن لبيتي علاقة بالموضوع من قريب أو بعيد. ومع هذا اليقين، انطلقت ثورة في أفكاره. لماذا لا يستمر هانو في البحث؟ كان من المُمتِع مشاهدة تداعي هذه القضية ضد مجرم مجهول، هذه قضية عصيَّة على الحل في محكمة الجنايات؛ قضية تسمُّم لا يظهر فيها أي أثَر للسُّم، تبرز فيها الحقائق شيئًا فشيئًا من ركام التخمينات؛ تمامًا كما تظهر صواري السفن واحدًا تلو الآخَر وسط بحر مُضطرِب، كلما اقترب المرء من اليابسة. نعم، الآن كان جيم يريد أن يستمرَّ هانو في الغوص في أعماق القضية بفطنة، ويترك الأمور لتتكشف من تلقاء نفسها في تسلسلها الطبيعي، كما قال هو بنفسه. لكن كانت هناك نقطة واحدة فاتت هانو، والتي يجب لفت انتباهه إليها. سيأتي الفأر مرَّة أخرى لمساعدة الأسد المحاصر والعالِق في الشبكة، هكذا فكَّر بغرور زائف في تواضعه. ثم تنحنح جيم.

وشرع يقول: «آنسة آن، هناك سؤال صغير أودُّ أن أسألكِ إياه»؛ ففاجأه هانو بوجه غاضب.

وقال: «تريد أن تسأل سؤالًا؟ حسنًا، يا سيدي، اسأله كما ترغب. هذا حقك.»

وقد أضاف أسلوبه ما لم يذكره بصوته: «ومسئوليتك.» تردَّد جيم وتذبذب. لم يكُن يرى ضررًا في السؤال الذي ينوي طرحه. كان ذا أهمية بالغة. لكن هانو انتصب أمامه عابس الوجه، يتحدَّاه أن يصرعه. لم يساور جيم شكٌّ بعد الآن في أن هانو قد أدرك قصده، ومع ذلك، لسبب مجهول، كان يعارض كشفه. استسلم جيم، لكن دون رضا كامل.

فقال بفظاظة: «لا شيء»، وعاد هانو على الفور إلى مرحه.

وقال: «إذَن سنُؤجِّل الجلسة. إنها الساعة الواحدة تقريبًا. هل نلتقي في الثالثة مع مُفوِّض الشرطة؟ موافقون؟ إذَن سأخبره وسنلتقي في المكتبة في الثالثة …» ثم مال قليلًا نحو بيتي، وقال: «وسيُرفع الحظر.»

قالت بيتي بابتهاج: «موعدنا الثالثة إذَن.» ثم هبت من كرسيها، وانحنت والتقطت منديلها بحركة سريعة ورشيقة، واستدارت على كعبها وهتفت: «تعالي يا آن!»

تحرك أربعتهم نحو المنزل. ونظرت بيتي إلى الخلف.

ثم قالت لهانو فجأة: «لقد نسيت قفازَيك على كرسيك.» فنظر هانو إلى الخلف.

وقال: «أوه، نعم» ثم قال بنبرة اعتراض: «أوه، آنسة!»

اندفعت بيتي عائدة، وها هي القفازات تتدلى الآن من يدها.

قال وهو يأخذها منها: «كيف أشكركِ، يا آنسة؟» ثم أدار رأسه نحو فروبيشر الذي بدا قاسيًا بعض الشيء.

وقال وهو يبتسم ابتسامة عريضة: «ها! ها! يا صديقي الشاب، لا يروق لك أن أُعامل بكل هذا اللطف. كلا! أنت تبدو في غاية الجدية. تبدو جامدًا ومُتزمِّتًا. لكن اسأل نفسك هذا السؤال: «ماذا يجدي الشباب والجمال مقارنة بهانو؟»»

لم يكُن هانو يروق لجيم فروبيشر على الإطلاق عندما يسيطر عليه الجانب اللعوب، كلا. والأسوأ من ذلك أنه لم يكن لديه أي رد. احمرَّ وجه جيم بشدة، لكنه لم يكن لديه أي رد. ساروا في صمت إلى المنزل، وما إن التقط هانو قبعته وعصاه حتى غادر، عابرًا الفناء والبوابات الكبيرة. وركنت آن إلى المكتبة. أما جيم فشعر بلمسة على ذراعه. كانت بيتي تقف بجانبه بابتسامة مرحة على وجهها.

سألته: «لم تمانع حقًّا أن أعود لأحضر قفازاته، أليس كذلك؟ قل إنك لم تمانع يا جيم!» ثم حولت نبرة المرح إلى حنو ونعومة. «لم أكُن لأفعل ذلك أبدًا لو اعتقدتُ أنك ستمانع.»

هنا تلاشى سوء مزاج جيم كضباب في صباح صيفي.

وهتف: «أمانع؟ يمكنكِ أن تضعي وردة في عروة سترته إذا أردتِ، وكل ما سأقوله هو: «اصنعي لي مثلما صنعتِ له»!»

ضحكت بيتي وضغطت على ذراعه بلطف.

وقالت: «إذَن عدنا أصدقاء مرة أخرى» وفي لحظة كانت على الدرج تحت الواجهة الزجاجية للشرفة. وصاحت: «الغداء في الساعة الثانية يا آن! يجب أن أتمشَّى لأصرف عن ذهني عناء هذا الصباح.»

كانت بيتي سريعة ومحيرة لجيم فروبيشر. وكانت تتمتَّع في تكوينها بشيء من الحوريات. إذ كانت قد اجتازت الفناء واختفت في شارع تشارلز روبرت قبل أن يدرك تمامًا أنها تغادر. التفت جيم بتردد نحو المكتبة، حيث كانت آن أبكوت تقف في المدخل.

قال وهو يمد يده إلى قبعته: «يجب أن ألحق بها.»

ابتسمت آن وهزت رأسها بحزم.

وقالت: «أما أنا فلا. أعرف بيتي. إنها تريد أن تكون بمفردها.»

قال: «تعتقدين ذلك؟»

أجابت: «أنا متأكدة.»

عبث جيم بقبعته، غير متأكد تمامًا من ذلك مثلما كانت آن متأكدة. راقبته آن بابتسامة حزينة لبعض الوقت. ثم هزَّت كتفَيها في حدة مفاجئة.

وقالت: «ثَم شيء يجب أن تفعله. يجب أن تخبر السيد بيكس وهو كاتب العدل الخاص ببيتي هنا بأن الأختام ستُفض هذا المساء. يجب أن يكون هنا. كان هنا عندما وُضعت الأختام. يضاف إلى ذلك أنه بحوزته كل مفاتيح أدراج وخزائن السيدة هارلو.»

قال جيم: «هذا صحيح. سأذهب على الفور.»

أعطَته آن عنوان السيد بيكس في ساحة إتيان دوليه، ومن نافذة المكتبة شاهدته وهو يذهب في مهمته. وقد ظلَّت واقفة عند النافذة لفترة طويلة بعد أن اختفى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥