الفصل الرابع

بيتي هارلو

وصل جيم فروبيشر إلى ديجون في وقتٍ متأخر جدًّا من تلك الليلة ما جعله غير قادر على القيام بأي زيارة، ولكن في الساعة التاسعة والنصف من صبيحة اليوم التالي، انعطف بحماس شديد إلى شارع تشارلز-روبرت الصغير. كان ثمة سور حديقة عالٍ يحد هذا الشارع على طوله من أحد جانبَيه، وفوق هذا السور كانت أشجار الجميز والكستناء الكبيرة تصدر حفيفًا سائغًا مع حركة الرياح. ونحو الجانب الأقصى من الشارع كان امتداد السور ينقطع، أولًا بطرف منزل له نافذة مراقبة زاهية ومزخرفة من حقبة النهضة تعلو الرصيف؛ وثانيًا في موضع منه أبعد قليلًا بزوج من الأبواب الحديدية الطويلة والعريضة. وقف جيم أمام هذه البوابة. وأخذ يحدِّق في ساحة فناء منزل كرينيل، وبينما هو كذلك خبت جذوة حماسه وشعر بالخجل قليلًا من حماسه هذا. إذ لم يبدُ أن هناك سببًا له.

كان صباحًا دافئًا وهادئًا وصافيًا من الغيوم. ورأى جيم على الجانب الأيسر من الفناء الخادمات مشغولات بالعمل أمام صف من المكاتب؛ وفي طرف الفناء لمح سائقًا يتحرَّك بين زوج من السيارات في مرأب، وسمعه يصفر متهللًا وهو يتحرَّك؛ وعلى الجانب الأيمن، امتدَّ المنزل الكبير، وامتاز سقفه الأردوازي شديد الانحدار بأنماط ماسية ضخمة باللون الأصفر الزاهي، وكان المنزل يستقبل أشعة الشمس عبر كل نوافذه المفتوحة. وكان باب بهو المنزل تحت المروحة الزجاجية الأفقية مفتوحًا. كما كان أحد الأبواب الحديدية مفتوحًا أيضًا. حتى إن رقيب النظام في سرواله الأبيض هنا في الشارع الصغير بدا أنه يحتمي من الشمس في ظل السور العالي عوضًا عن ممارسة الانتباه والمراقبة. فكان من المستحيل — مع كل هذه الأدلة السائغة على الحياة الطبيعية — الاعتقاد بأن ثمة تهديدًا أو خطرًا على هذا البيت أو على أي من أهله.

فكر جيم في نفسه: «وفعلًا، لا يوجد أي تهديد. قطع لي هانو وعدًا بذلك.»

دفع جيم البوابة وسار حتى وصل إلى الباب الأمامي. وأبلغه خادم عجوز أن الآنسة هارلو لم تتلقَّ تنويهًا بزيارته، ولكنه أخذ بطاقة جيم على أي حال، وطرق على باب يقع جهة اليمين من الفناء المربع الكبير. وقد فتح الباب بينما هو يطرقه، ومن موقعه في الفناء، نظر جيم مباشرة عَبْر غرفة مكتبة إلى نافذة في نهايتها ورأى ظِل شخصين أمامها، ظِل رجل وظِل فتاة. كان الرجل يحتج، بطريقة مبالغ فيها بعض الشيء في كلماته وإيماءاته، وفق ما حكم به جيم طبقًا لوجهة نظره وثقافته البريطانية، بينما الفتاة تضحك … ضحكة صافية ورنانة، تشوبها لمسة من القسوة والغلظة على احتجاجات الرجل. حتى إن جيم سمع كلمة أو كلمتَين من احتجاج الرجل بالفرنسية، ولكن بلكنة رنانة غريبة.

هتف بها الرجل: «كنت عبدًا لك لوقت طويل جدًّا»، وأصبحت الفتاة تدرك أن الباب مفتوح وأن الرجل العجوز يقف داخل الغرفة ويحمل صينية فضية عليها بطاقة. فتقدَّمت نحوه بسرعة وأخذت البطاقة. وسمع جيم هتاف السرور، وجاءت الفتاة تركض إلى الخارج في الفناء.

هتفت الفتاة وعيناها تلمعان: «أنت! لم أكُن أتوقع وصولك بهذه السرعة. أوه، شكرًا لك!» ثم وضعت كلتا يديها في يديه.

لم يكُن جيم بحاجة إلى كلماتها ليتعرَّف فيها على «الصبية الصغيرة» التي وصفها السيد هاسلت. لم تكُن بيتي هارلو قصيرة القامة بالتأكيد، ولكنها كانت فتاة نحيلة وضئيلة لدرجة أن الوصف بدا مناسبًا. كان لون شعرها بنيًّا داكنًا مع لمحة من اللون النحاسي حين يسقط عليه الضوء، وكان مُفرَقًا على جانب واحد ومُهندَمًا حول رأسها الصغير. وكانت بشرة جبهتها العريضة ووجهها البيضاوي بشرة صافية، فجعلت من اللون القرمزي على شفتَيها لونًا زاهيًا؛ وأضفت عليها حدقتا عينَيها الرماديتين الكبيرتين مظهرًا جعلها تبدو حزينة ومثيرة للشفقة في آنٍ واحد. وعندما مدَّت يدَيها بعرفان حار وأمسكت بيديه، بدت له كمخلوقة من وهج رقيق وهشة كالخزف. وقد نظرت إليه نظرة شاملة سريعة وتنهَّدَت بشيء من الارتياح.

وقالت بابتسامة: «سأحمل عليك مشكلاتي كلها من الآن فصاعدًا.»

أجابها: «بالتأكيد. هذا سبب وجودي هنا. ولكن لا تبالغي في تقديري.»

ضحكت بيتي مرة أخرى وأمسكت بكمه وجذبته إلى داخل المكتبة.

ثم قالت وهي تُقدِّم الرجل الغريب لجيم: «هذا هو السيد إسبينوزا. هو من كاتالونيا، ولكنه يقضي الكثير من حياته في ديجون حتى إننا نعتبره من مواطنيها.»

انحنى الكاتالوني وأظهر مجموعة رائعة من الأسنان البيضاء القوية.

قال إسبينوزا: «نعم، لديَّ الشرف بتمثيل شركة إسبانية كبيرة لزراعة النبيذ. نشتري النبيذ هنا لنمزجه مع علاماتنا التجارية الأفضل، ونبيع النبيذ هنا لنمزجه مع أنواعهم الأرخص.»

رد جيم باختصار: «يجب ألا تُفشي أسرارك التجارية لي.». لقد كره إسبينوزا من النظرة الأولى، كما يقولون، ولم يبذل جهدًا كبيرًا لإخفاء كرهه. كان إسبينوزا شخصية لامعة أكثر من اللازم. كان رجلًا ضخمًا، عريض الأكتاف، له شعر أسود لامع وعينان سوداوان بارقتان، وبشرة حمراء، وشارب مجعد، ويرتدي خواتم لامعة في أصابعه.

تدخلت بيتي: «السيد فروبيشر جاء من لندن من أجل رؤيتي لشأن مختلف تمامًا.»

قال الكاتالوني بشيء من التحدي: «أحقًّا؟» وكأنه يعتزم التمسك بموقفه.

ردَّت بيتي: «نعم»، ثم مدَّت يدها إليه. فرفع إسبينوزا يدها بتردُّد إلى شفتَيه وقبَّلها.

وقالت بيتي: «سأراك عند عودتك» ثم مشت نحو الباب.

رد إسبينوزا بعناد: «إذا كنت سأغادر. ليس مؤكدًا، آنسة بيتي، أنني سأغادر.» ثم انحنى انحناءة رسمية ومهذبة أمام جيم وخرج من الغرفة؛ لكن ليس بسرعة كبيرة بحيث تنقلت بيتي بنظراتها بسرعة بين الرجلين بعينين تقارنان بدقة، ولاحظ جيم ذلك. وأغلقت بيتي الباب وعادت إلى جيم بتعبير ودود على وجهها جعله يشعر بالارتياح. لقد قُورن برجل آخَر وكانت المقارنة لصالحه، وبغضِّ النظر عن تواضُع المرء، فإن مثل هذه المقارنة تخلق دفئًا لطيفًا.

قال جيم بابتسامة: «مزيد من المتاعب، آنسة هارلو، لكن هذه المرة هي نوع المتاعب التي يجب أن تتوقعيها لسنوات عديدة قادمة.»

ثم تحرك نحوها، والتقيا عند إحدى النافذتين الجانبيتين المطلتين على الفناء. وجلست بيتي على مقعد النافذة.

وقالت: «حقًّا، يجب أن أكون مُمتَنَّة له، لأنه جعلني أضحك. ويبدو لي أن عمرًا قد مرَّ منذ آخر مرة ضحكت فيها.» ثم نظرت من النافذة وامتلأت عيناها فجأة بالدموع.

فصاح جيم بصوت مليء بالقلق: «أوه! لا تفعلي ذلك، أرجوك.»

ارتعشت الابتسامة مرة أخرى على شفتي بيتي بعذوبة.

وردت: «لن أفعل.»

تابع جيم: «كنت سعيدًا جدًّا لسماعك تضحكين، بعد أن تلقيت تلك البرقية التعيسة التي أرسلتِها إلى شريكي وقبل أن أخبرك بأخباري السارة.»

نظرت بيتي إليه بلهفة.

وقالت: «أخبار سارة؟»

أخرج جيم فروبيشر مرة أخرى من المظروف الطويل الرسالتين اللتين أرسلهما وابرسكي إلى شركته وسلمهما لبيتي.

وقال: «اقرئيهما، ولاحظي التواريخ.»

طالعت بيتي خط اليد.

وصاحت: «من السيد بوريس» ثم استقرَّت على مقعد النافذة تقرؤهما. بدَت بيتي لجيم — بفستانها الأسود القصير وساقيها النحيلتين بالجوارب الحريرية السوداء الممدودة وقدميها المتقاطعتين، ورأسها ورقبتها البيضاء منحنية على أوراق رسائل وابرسكي — بدَت كفتاة خرجت لتَوِّها من المدرسة. ومع ذلك، كانت سريعة في تقدير قيمة الرسائل.

قالت: «بالطبع كنت أعلم دائمًا أن المال هو ما يريده السيد بوريس. وعندما قُرِئت وصية عمتي ووجدت أنها تركت كل شيء لي، قررت أن أستشيرك وأتدبَّر له شيئًا.»

اعترض جيم: «لم يكُن هناك أي التزام عليك. لم يكُن قريبًا لك حقًّا. لقد تزوَّج أخت السيدة هارلو، هذا كل شيء.»

ردَّت بيتي: «أعلم»، ثم ضحكت. «لقد كان دائمًا يعترض عليَّ لأنني كنت أسميه «السيد بوريس» بدلًا من «العم». لكنني مع ذلك كنت أنوي فعل شيء. لكنه لم يعطني الوقت. لقد استغلني أولًا، وأنا أكره أن أتعرض للاستغلال — أتكره ذلك أيضًا سيد فروبيشر؟»

قال جيم: «أكره ذلك أيضًا.»

نظَرَت بيتي إلى الرسائل مرَّة أخرى.

وأردفت: «أظن أن هذا هو الوقت الذي استهنت به فيه» مع قرقرة في عبارتها تنمُّ عن الابتهاج. وتابعت: «بعد ذلك، أطلق هذه التهمة الرهيبة ضدي، كما أن اقتراح أي ترتيبات كان سيُفسَّر على أنه اعتراف بالذنب.»

وافق جيم بحرارة: «كنتِ مُحِقَّة تمامًا. كان سيُفسَّر كذلك بالفعل.»

حتى هذه اللحظة، كانت هناك شكوك تتربَّص في ذهن جيم فروبيشر بأن هذه الفتاة قاسية بعض الشيء في تعامُلها مع بوريس وابرسكي. كان مُتطفِّلًا ومُبذِّرًا، ولم يكُن له أيُّ حق حقيقي عليها، هذا صحيح. من ناحية أخرى، لم يكُن لديه أي مصدر رزق، وكانت السيدة هارلو، التي ورثت بيتي ثروتها منها، راضية بتحمُّله ودعمه. أما الآن، فقد تبدَّدَت الشكوك وزالت هذه النقيصة الصغيرة عن الفتاة بصراحتها.

قالت بيتي: «إذَن فقد انتهى كلُّ شيء»، وهي تسلم الرسائل مرَّة أخرى إلى جيم مع تنهيدة تنم عن الارتياح. ثم ابتسمت بأسًى وأردفت: «لكنني كنت خائفة حقًّا لفترة قصيرة. فقد استدعاني قاضي التحقيق واستجوبني كما تعلم. أوه! لم أخشَ الأسئلة، بل كنت خائفة منه، من الرجل. لا شك أن من واجبه أن يبدو صارمًا، لكنني لم يسعني إلا أن أفكِّر أنه إذا كان شخصٌ ما يبدو بهذه الصرامة الرهيبة، فلا بد أن سبب ذلك أنه لا يملك أي ذكاء ويريدك ألا تعرف. والأشخاص الذين لا يملكون ذكاءً دائمًا ما يُمثِّلون خطرًا، صحيح؟»

وافقها جيم قائلًا: «نعم، لم يكُن ذلك مشجعًا.»

وأضافت: «ثم منعني من استخدام السيارة، وكأنه يتوقَّع أن أهرب. وفوق كل ذلك، عندما غادرت من دار القضاء، قابلت أصدقاء لي بالخارج وقد أعطوني قائمة طويلة بأشخاص أُدينوا وثبتت براءتهم بعد فوات الأوان.»

حملق بها جيم.

وهتف: «يا لهم من أوغاد!»

ردَّت بيتي بحكمة: «لا بأس، لدينا جميعًا أصدقاء مثل هؤلاء. لكن أصدقائي كانوا مقززين للغاية. ذلك لأنهم ناقشوا بالفعل — كشيء من الصواب بالطبع — سببَ وجوب أن أستعين بأفضل محامٍ، وما إذا كان يمكن تحويل التهمة إلى جريمة قتل بحق الأم؛ بما أن السيدة هارلو قد تبنَّتني. وفي هذه الحال، لن أنال أي عفو، وسأذهب إلى المقصلة بقدمَين حافيتَين وبحجاب أسود على رأسي.» ولما رأت الرعب والاستنكار في وجه جيم فروبيشر، مدَّت يدها إليه.

«نعم. غالبًا ما تنطوي الكراهية في الأقاليم على فجاجة بعض الشيء، رغم أنني …» ثم رفعت قدمها النحيلة حيث كانت ترتدي حذاءً لامعًا وتأملتها بمرح وغرابة، ثم أكملت: «رغم أنني لا أتخيَّل أنني سيُقلقني كثيرًا في ظِل هذه الظروف ما إذا كنت أرتدي أفضل أحذيتي وجواربي أم لا.»

صاح جيم: «لم أسمع أبدًا باقتراح بغيض كهذا.»

تابعت بيتي: «يمكنك أن تتخيَّل، على أي حال، أنني عُدتُ إلى المنزل مُرتعِشةً بعض الشيء، وكذلك سبب إرسالي تلك البرقية المذعورة. كنت سأتراجع عنها عندما استعدتُ هدوئي. لكن كان الوقت قد فات. كانت البرقية قد …»

ثم سكتت فجأة بعد أن علَت نبرتها علوًّا طفيفًا وشهقت شهيقًا حادًّا.

وسألت بصوت مختلف: «مَن هذا؟» كانت تتحدَّث بهدوء وببطء، مع تقدير هزلي لأسباب خوفها. والآن، كانت تطرح سؤالها بسرعة، وكان القلق هو الغالب على صوتها. وكرَّرَت: «مَن هذا؟»

كان ثَمَّ رجلٌ كبير الجسم، قويُّ البنية، يتجوَّل بخطوات ثقيلة أمام البوابة الحديدية الكبيرة، وكان قد اندفع فجأة إلى الفناء. قبل جزء من الثانية، كان شخصًا يتسكَّع على الطريق، والآن كان يختفي بالفعل تحت المروحة الزجاجية الكبيرة في القاعة.

قال جيم: «إنه هانو.» وقد نهضت بيتي على قدمَيها كما لو أن نابضًا تحرَّر بداخلها، فوقفت تتمايل.

طمأنها جيم فروبيشر: «ليس هناك ما يُخيفك من هانو. لقد أريته هاتَين الرسالتَين من وابرسكي. إنه حليفك من البداية وحتى النهاية. اسمعي. هذا ما قاله لي أمس في باريس.»

سألت بيتي فجأةً: «أمس، في باريس؟»

قال جيم: «نعم، لقد زرت هانو في مقر الشرطة الجنائية. وكانت هذه كلماته. لقد حفظتها حتى أستطيع أن أكرِّرها على مسامعك كما نطقها تمامًا: «يمكن لموكلتك الصغيرة أن تضع رأسها الجميل على وسادتها وهي واثقة من أنه لن يُرتكب أي ظلم بحقِّها».»

وبينما كان جيم يُنهي كلامه، دوى جرس الباب الأمامي في جميع أنحاء المنزل.

سألت بيتي بعناد: «إذَن لماذا هو في ديجون؟ لماذا هو عند الباب الآن؟»

لكن هذا كان السؤال الوحيد الذي يجب على جيم عدم الإجابة عنه. لقد أفضى له هانو بسر. وقد تعهد بعدم إفشائه. كان على بيتي أن تستمرَّ في الاعتقاد لفترة قصيرة أن اتهام وابرسكي ضدها هو السبب الحقيقي لوجود هانو في ديجون، وليس مجرد ذريعة لذلك.

رد جيم: «هانو يعمل بأوامر. إنه هنا لأنه جرى استدعاؤه.» وقد أراحه أنه رأى أن هذا الجواب كان كافيًا. في الحقيقة، تحوَّلت أفكار بيتي إلى مشكلة ما لم يكُن لديه حلٌّ لها.

قالت بيتي بابتسامة دافئة: «إذَن أنت زرت السيد هانو في باريس. لم تنسَ شيئًا يمكن أن يساعدني.» ثم وضعت يدها على عتبة النافذة المفتوحة: «أتمنى أن يكون قد شعر بكل الإطراء الذي انطوت عليه برقيتي المذعورة إلى لندن.»

«بل كان يُؤسِفه أنك مَرَرتَ بكل هذا البؤس والكرب.»

سألت بيتي: «إذَن أنت أريته البرقية؟»

أجاب: «وقد تخلص منها. كانت حجتي لزيارته ومعي الرسائل.»

جلست بيتي مرَّة أخرى على مقعد النافذة ورفعت إصبعها طالبةً الصمت. خارج الباب، كان هناك أصوات حديث. ثم فُتح الباب ودخل الخادم العجوز. هذه المرَّة لم يكُن يحمل بطاقة على صينية، لكن كان واضحًا أنه متأثر ومضطرب بعض الشيء.

وشرع يقول: «آنستي»، فقاطعته بيتي. كان كلُّ أثَر للقلق قد اختفى من سلوكها. فقد عادت تملك زمام نفسها.

قالت: «أعرف يا جاستون. أدخل السيد هانو على الفور.»

لكن السيد هانو كان قد دخل بالفعل. وانحنى بتأدُّب ولطف لبيتي هارلو، وصافح جيم فروبيشر بحرارة.

قال هانو: «كنت سعيدًا وأنا أعبر الفناء يا آنستي، أن أرى صديقي هنا معك بالفعل. في نهاية المطاف، لا شك أنه أخبرك أنني لست الوحش الذي يظهر في كتب الحكايات.»

صاحت بيتي في حيرة: «لكنك لم تنظر إلى النوافذ أبدًا.»

ابتسم هانو بمرح.

وقال: «آنستي، من أساليبي المهنية ألا أنظر إلى النوافذ ومع ذلك أعرف ما يحدث خلفها. أتأذنين لي؟» ووضع قبعته وعصاه على طاولة كبيرة في وسط الغرفة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥