بيتي هارلو تجيب
تابع هانو: «لكننا لا نستطيع حتى من خلال أوسع النوافذ أن نرى ما حدث خلفها قبل أسبوعين. في مثل هذه الحالات يا آنستي، علينا أن نكون مصدر إزعاج ونطرح الأسئلة.»
ردَّت بيتي بهدوء: «أنا على استعداد للإجابة عنك.»
صاح هانو ببشاشة: «أوه، في هذا الشأن … لا شك في هذا. هل يُسمح لي بالجلوس؟ أتأذنين لي؟»
قفزت بيتي واقفة، وقد تحوَّل شحوب وجهها إلى لون وردي.
وقالت: «أعتذر. بالطبع يا سيد هانو.»
هذا الإغفال الصغير في آدابها أظهر لجيم فروبيشر أنها كانت متوترة. لولا ذلك، لَقدَّر أنها تتمتَّع بدرجة من ضبط النفس تكاد تكون غير طبيعية بالنسبة لسنها.
قال هانو بابتسامة: «لا بأس. ففي نهاية المطاف، نحن ضيوف مزعجون … حتى الأكثر لطفًا بيننا.» وجذب كرسيًّا من جانب الطاولة وقرَّبه حتى أصبح مواجهًا لبيتي. لكنه بذلك تنازَلَ لها عن أي أفضلية يمكن اكتسابها من موقعه. ذلك لأن الضوء المنبعث من النافذة كان يسقط بكل حيويته الصباحية على وجهه، بينما كان وجهها متجهًا إلى داخل الغرفة.
قال وهو يتخذ مجلسه: «والآن! آنستي، سأقدِّم لك أولًا مخططًا لإجراءاتنا البسيطة كما أراها في الوقت الراهن. لقد جرى استخراج جثة السيدة هارلو قبل ليلتين بحضور كاتب العدل الخاص بك.»
تحركت بيتي فجأةً وقد انتابتها قشعريرة محدودة من الاشمئزاز.
فواصل هانو سريعًا: «أعلم. هذه الضرورات مزعجة. لكننا لا نؤذي السيدة هارلو، وعلينا أن نضع الأحياء في اعتبارنا، أي أنتِ آنسة بيتي هارلو، ونتأكَّد من عدم بقاء أي شكوك حولكِ … لا، ليس حتى حول أصدقائك الأكثر إخلاصًا. أليس كذلك؟ وأما ثانيًا، فسأوجِّه أسئلتي إليكِ هنا. ثم ننتظر تقرير المحلل. ثم سيقدم قاضي التحقيق بالتأكيد مجاملاته لك، وأما أنا، هانو، إذا كنت محظوظًا، فسأحمل معي على صدري نحو باريس الكئيبة صورة موقعة من الآنسة هارلو الجميلة.»
صاحت بيتي وهي تضم يدَيها معًا بامتنان: «وهذا سيكون كل ما في الأمر؟»
قال هانو: «بالنسبة إليكِ يا آنسة، فنعم. لكن بالنسبة لبوريس الصغير … كلا!» ثم ابتسم هانو بترقُّب ماكر وخبيث: «أتطلَّع إلى نصف ساعة مع ذلك الشخص الأخرق. سأتحدَّث إليه ولن أكون محترمًا ونبيلًا … كلا، على الإطلاق. سأحرص أيضًا على عدم حضور صديقي المقرب السيد فروبيشر ذلك لأنه سيحرمني من كل متعتي. سينظر إليَّ بكل جدية مثل عمتي العجوز وسيقول لنفسه: «مروع! أوه، هذا المهرج! يا له من رجل! إنه لئيم.» كلا، ولن أكون شريفًا. لكن، من ناحية أخرى، سأضحك طوال الطريق من ديجون إلى باريس.»
وبالفعل، بدأ هانو يضحك، وانضمَّت إليه بيتي فجأة. كانت ضحكتها رائقة ورنَّانة ومليئة بالمرح، وجعلت جيم يتخيَّل نفسه مرَّة أخرى في القاعة يسمع ذلك الضحك يتردَّد عَبْر الباب المفتوح.
قال هانو: «آه، هذا جيد! يمكنك أن تضحكي يا آنسة، حتى على سخافاتي. عليكِ أن تبقي السيد فروبيشر هنا في ديجون ولا تدعيه يعود إلى لندن حتى يتعلَّم هو أيضًا ذلك الفن الأرفع والأسمى بين كل الفنون.»
قرَّب هانو كرسيه قليلًا، وتشكَّلَت في ذهن جيم فروبيشر صورة لا تبعث على الارتياح مطلقًا. هكذا تمامًا، بكلمات خفيفة ونكات صغيرة تُعتصَر حدَّ السخافة، يُقرِّب الأطباء كراسيهم من أسِرَّة المرضى في الحالات الخطيرة. وقد استغرق الأمر بضع دقائق من أسئلة هانو قبل أن تغيب تلك الصورة تمامًا عن ذهنه.
قال هانو: «حسن! والآن لنمضِ بالعمل ونسجِّل الوقائع الفعلية جميعها بوضوح وانتظام!»
وافق جيم قائلًا: «نعم» وقرَّب كرسيه قليلًا أيضًا. وفكَّر في نفسه، إن من الغريب أنه لا يعرف عن الوقائع الفعلية للقضية إلا القليل جدًّا.
قال هانو: «الآن أخبريني يا آنسة! على حدِّ علمنا، توفيت السيدة هارلو بسلام في فراشها خلال الليل.»
ردَّت بيتي: «نعم.»
سأل: «خلال ليلة ٢٧ أبريل؟»
قالت: «نعم.»
سأل: «كانت تنام وحدها في غرفتها تلك الليلة؟»
ردَّت: «نعم، أيها السيد.»
سأل: «هل كانت هذه عادتها؟»
قالت: «نعم.»
قال هانو: «أفهم أن قلب السيدة هارلو كان يسبِّب لها المتاعب منذ بعض الوقت.»
ردَّت بيتي: «لقد كانت مريضة لمدة ثلاث سنوات.»
سأل: «وكانت هناك ممرِّضة مدربة موجودة دائمًا في المنزل؟»
قالت: «نعم.»
أومأ هانو برأسه.
قال: «الآن أخبريني آنستي، أين كانت تنام هذه الممرضة؟ في الغرفة المجاورة للسيدة؟»
ردَّت بيتي: «كلا. كانت هناك غرفة نوم مُجهَّزة لها في الطابق نفسه ولكن في نهاية الممر.»
سأل: «كم هي المسافة بين هذه الغرفة وغرفة عمتك؟»
قالت: «تفصل بينهما غرفتان.»
سأل: «غرف كبيرة؟»
أوضحت بيتي: «نعم. هذه الغرف موجودة في الطابق الأرضي، وهي ما يمكن أن تسميه غرف استقبال. لكن، بما أن قلب السيدة جعل صعود السلالم خطرًا عليها، فقد جُهز بعضها خصوصًا لتُقيم هي فيها.»
قال هانو: «نعم، فهمت. غرفتا استقبال كبيرتان بينهما، أليس كذلك؟ وجدران المنزل سميكة. ليس من الصعب أن نرى أنه لم يُبنَ في هذه الأيام. سؤالي لك الآن يا آنستي هو الآتي. هل يمكن أن تُسمع صرخة السيدة هارلو ليلًا — عندما يكون المنزل كله هادئًا — في غرفة الممرضة؟»
ردَّت بيتي: «أنا متأكدة تمامًا أنه لن يُسمع. لكن كان هناك جرس بجانب فراش السيدة يرنُّ في غرفة الممرضة. كان كلُّ ما عليها فعله هو أن ترفع ذراعها لتضغط على الزر.»
قال هانو: «آه! جرس جُهز خصوصًا؟»
«نعم.»
قال: «والزر في متناول يدها. نعم. هذا جيد جدًّا، إذا لم يغِب الشخص عن الوعي يا آنسة. لكن لنفترض أنه غاب عن الوعي! عندها لن يكون الجرس مفيدًا جدًّا. ألم تكُن هناك غرفة أقرب يمكن تخصيصها للممرضة؟»
ردَّت بيتي: «كانت هناك غرفة بجوار غرفة عمتي، يا سيد هانو، مع باب يصل بينهما.»
كان هانو في حيرة فعاد بظهره إلى الوراء في كرسيه. وشعر جيم فروبيشر أن الوقت قد حان كي يتدخل. لقد كان يشعر بالقلق على نحو متزايد مع تقدُّم الاستجواب. لم يستطِع أن يرى أي سبب يجعل بيتي، تتعرَّض للإزعاج دون داعٍ، رغم أنها تجيب دون تردُّد أو ريبة.
قال جيم: «سنوفِّر الكثير من الوقت بالتأكيد يا سيد هانو، إذا زرنا هذه الغرف واطلعنا عليها بأنفسنا.»
هنا استدار هانو كشيء يدور حول محور. كان الإعجاب يتلألأ في عينَيه. وأخذ ينظر إلى زميله المستجد في دهشة.
وصاح بحماس: «يا لها من فكرة! يا لها من فكرة رائعة! كم هي مبتكرة! كم يصعب تصوُّرها! وكان ذهنك أنت يا سيد فروبيشر ما تفتَّق عنها! أقدِّم لكِ إعجابي الشديد!» ثم تحول كل حماسه إلى خمول. وقال: «لكن يا للأسف!»
انتظر هانو باهتمام أن يسأل جيم عن تفسير لهذه الحسرة، لكن وجه جيم اشتدَّ احمرارًا ورفض التطوُّع للسؤال. كان واضحًا أنه قدم اقتراحًا غبيًّا جعله محط سخرية أمام بيتي هارلو الجميلة التي كانت تتطلَّع إليه لإنقاذها؛ وعلى وجه العموم، وبينما كان يجلس بانتظار أي حماقة أو سخافة أخرى، اعتقد جيم أن هانو ثقيل الظل ولا يُطاق. وفي النهاية، اضطر هانو إلى أن يقدم تفسيرًا.
فقال: «كان علينا زيارة تلك الغرف بالفعل يا سيد فروبيشر. لكن مفوض الشرطة أغلقها بأختام، وبدون حضوره لا يمكننا كَسْر الأختام.»
كانت هناك حركة لا تكاد تُلاحظ صدرت عن بيتي هارلو عند النافذة؛ ابتسامة لا تكاد تُرى، ظهرت على شفتَيها للحظة خاطفة؛ ورأى جيم هانو يتصلَّب مثل كلب حراسة سمع صوتًا في الليل.
سأل هانو بحدة: «هل أنتِ مستمتعة أيتها الآنسة؟»
ردَّت بيتي: «على العكس، أيها السيد.»
وعادت الابتسامة إلى وجهها وظهر أنها كانت مجرد حنين. فقد قالت: «كان لديَّ أمل أن تُزال تلك الأختام الكبيرة مع أشرطتها الكتانية عن الأبواب. إنها ترعبني، لكن هذا مجرَّد أمر خيالي بلا شك. الأمر يبدو لي وكأن المنزل محجور عليه.»
فتغير أسلوب هانو على الفور.
وقال: «أستطيع أن أتفهَّم هذا تمامًا آنستي، وسأجعل من مهمتي أن تُزال تلك الأختام. في الواقع، لم يكُن هناك فائدة كبيرة من وضعها، فقد وُضعت فقط حين جرى توجيه الاتهام وبعد ١٠ أيام من وفاة السيدة هارلو.» ثم التفت إلى جيم وأضاف: «لكننا أيضًا في فرنسا مكبلون بالروتين. ومع ذلك، فإن السؤال الذي أرمي إليه لا يعتمد على الغرف بأي شكل. إنما سؤالي هو الآتي يا آنسة» والتفت مرة أخرى إلى بيتي.
«كانت السيدة هارلو مريضة وبرفقتها ممرضة في خدمة دائمة. كيف يُعقَل أن الممرضة لم تنَم في تلك الغرفة المناسبة ذات الباب المشترك مع غرفة السيدة؟ لماذا كانت في مكان لا تستطيع أن تسمع فيه صرخة أو نداءً مفاجئًا؟»
أومأت بيتي برأسها. هذا سؤال يتطلَّب إجابة. فانحنت للأمام تختار كلماتها بعناية.
قالت بيتي: «نعم، ولكن لفهم ذلك يا سيدي، عليك أن تفهم شيئًا عن عمتي وتضع نفسك للحظة مكانها. كانت تلك إرادتها. كانت مريضة كما تقول. لم تكُن تتجاوز الحديقة عند خروجها منذ ثلاث سنوات إلا في عربة خاصة مرة واحدة في السنة إلى مونت كارلو. لكنها لم تكُن تعترف بمرضها. لا، كانت في قرارة نفسها قوية ومقاتلة. كانت تعتقد أنها ستتحسَّن، وكان الأمر دائمًا مسألة أسابيع قليلة بالنسبة إليها، وأن يكون هناك ممرضة ترتدي زيَّها الرسمي ودائمًا موجودة بالقرب من الباب المفتوح، كما لو كانت في المراحل الأخيرة من المرض … كان ذلك يزعجها.» توقفت بيتي للحظة ثم تابعَت. «بالطبع، عندما كانت تُعاني من نوبة حرجة، كنا ننقل الممرضة. أنا نفسي كنت أصدر الأمر. ولكن بمجرد أن تهدأ النوبة، كان على الممرضة أن تغادر. لم تكُن عمتي تتحمل وجودها.»
استوعب جيم كلامها. وأعطاه صدق الكلام لمحة عن المرأة المتوفاة، مما جعله يقدر جوهره الصعب. لم تكُن تريد أن تستسلم. لم تكُن تريد أدوات السقم حولها على نحو دائم. كلا، كانت تريد أن تنام في غرفتها، وحدها، مثل النساء الأخريات في سنها. نعم، فهم جيم ذلك وصدَّق كل كلمة نطقتها بيتي. لكن … لكن … كانت تُخفي شيئًا. هذا ما أزعجه. ما قالته كان صحيحًا، لكن هناك المزيد مما ينبغي أن تقوله. كان حديث بيتي ينطوي على نوع من التذبذُب، اختيار دقيق للكلمات ثم اندفاع مفاجئ بعبارات لتغطية هذا التذبذب. نظر جيم إلى هانو الذي جلس دون حراك وعيناه مثبتتان على وجه بيتي، يُطالبها بمزيد عَبْر سكوته وعدم انفعاله. انتاب جيم إحساس أكيد أنهما كليهما كانا على حافة ذلك السر الصغير الذي، وفقًا لهاسلت وهانو، دائمًا ما يكون وراء مثل هذه الاتهامات الهمجية التي أطلقها وابرسكي … السر العائلي الصغير المُخجِل الذي يجب أن يُدفن بعيدًا عن أعين العالم. وبينما كان جيم يتأمَّل في هذا التفسير لسلوك بيتي، اندهش فجأةً من هتاف حاد انطلق من بين شفتَيها.
صاحت بيتي: «لماذا تنظر إليَّ هكذا؟» قالت ذلك بينما كانت عيناها تتوهَّجان في وجهها الأبيض وشفتاها ترتعشان. وقد ارتفع صوتها إلى درجة التحدي.
«أتُكَذِّبني يا سيد هانو؟»
رفع هانو يدَيه في احتجاج. ثم انحنى للخلف في كرسيه. وتراخى الترقُّب في عينَيه والانتباه من سلوكه كله.
وقال يُؤَنِّب نفسه بشدة: «أعتذر يا آنسة. أنا لا أشك فيك. كنت أستمع بانتباه شديد لما تقولين، حتى لا أضطر إلى إزعاجك بأسئلتي مرَّة أخرى. لكن كان عليَّ أن أتذكَّر، ما نسيتُه أنكِ كنتِ تعيشين تحت ضغط شديد طوال عدَّة أيام. كان أسلوبي خاطئًا.»
فسكتت عنها زوبعة الغضب. وغاصت بيتي في زاوية مقعد النافذة، وكان رأسها مسنودًا إلى جانب الإطار ووجهها مرفوعًا قليلًا.
وردَّت قائلة: «أنت في غاية التفهُّم والإنصاف يا سيد هانو. أنا مَن يجب أن تعتذر. كنت أتصرف مثل فتاة صغيرة مضطربة. هلَّا أكملت أسئلتك؟»
أجاب هانو بلطف: «نعم. من الأفضل أن ننهيها الآن. دعونا نعود إلى ليلة السابع والعشرين!»
قالت بيتي: «نعم، سيدي.»
قال هانو: «كانت عمتك في صحتها المعتادة تلك الليلة … لم تكُن حالتها لا أفضل ولا أسوأ.»
ردَّت بيتي: «بل كانت أفضل قليلًا.»
قال هانو: «لذلك لم تتردَّدي في الذهاب إلى حفل راقص نظَّمه بعض أصدقائك ذلك المساء؟»
فُوجئ جيم. إذَن، بيتي كانت خارج المنزل بالفعل في تلك الليلة المصيرية. كانت هذه نقطة جديدة في صالحها. ثم صاح: «حفل راقص!» فرفع هانو يده.
وقال: «من فضلك، سيد فروبيشر! دع الآنسة تتحدَّث!»
شرحت بيتي: «لم أتردَّد. كان يجب أن تستمرَّ حياة المنزل بشكل طبيعي. لم يكُن من المناسب أن أفعل أشياء غير معتادة. كانت عمتي سريعة الملاحظة. أعتقد أنه على الرغم من أنها لم تكُن تعترف بأنها مريضة بشكل خطير، فإنها كانت من أعماقها تشك في ذلك؛ وكان عليَّ أن أحترس من أن أُصيبها بالقلق.»
قال هانو: «بأفعال مثل البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى حفل كانت تعرف أنكِ تنوين حضوره؟ نعم، يا آنسة. أنا أفهم ذلك تمامًا.»
وأومأ برأسه إلى جيم فروبيشر، وأضاف بابتسامة: «آه، أنت لم تكُن تعرف ذلك، سيد فروبيشر. كلا، ولا صديقنا بوريس وابرسكي، على ما أعتقد. وإلا لَمَا هرع إلى مدير الشرطة بهذه السرعة. لقد كانت الآنسة ترقص مع رفيقاتها في تلك الليلة تحديدًا، وهي الليلة التي يُدَّعى ارتكاب أبشع الجرائم فيها. بالمناسبة يا آنستي، أين كان بوريس وابرسكي في ليلة السابع والعشرين؟»
ردَّت بيتي: «كان غائبًا. غادر في يوم الخامس والعشرين لصيد سمك السلمون المرقط في قرية على نهر أوش، ولم يعُد حتى صباح الثامن والعشرين.»
قال هانو: «بالضبط. يا له من شخص! لنأمل أن يكون لديه شبكة صيد أفضل لسمك السلمون المرقط من تلك التي أعدها على عجل للآنسة هارلو. وإلا فإن رحلته التي استمرَّت ثلاثة أيام لم تكُن لتُثمر عن الكثير.»
أثار ضحكه وكلامه ابتسامة خفيفة على وجه بيتي، ثم عاد بسرعة إلى أسئلته.
قال: «إذَن ذهبتِ إلى حفل راقص يا آنسة. أين؟»
ردَّت بيتي: «في منزل السيد دي بوياك في شارع تيير.»
سأل: «وفي أي ساعة ذهبتِ؟»
قالت: «غادرت هذا المنزل في التاسعة إلا خمس دقائق.»
سأل: «هل أنتِ متأكدة من الساعة؟»
قالت: «تمامًا.»
سأل: «هل رأيتِ عمتك قبل أن تذهبي؟»
أجابت بيتي: «نعم. ذهبت إلى غرفتها قبل أن أغادر. كانت تتناول عشاءها في الفراش، كما كانت تفعل في أغلب الأحيان. كنت أرتدي فستانًا جديدًا ابتعته هذا الشتاء في مونت كارلو، وذهبت إلى غرفتها لأريها كيف أبدو فيه.»
سأل هانو: «هل كانت عمتك وحدها؟»
ردَّت بيتي: «كلا؛ كانت الممرضة معها.»
وعندها ابتسم هانو بدهاء كبير.
ثم قال بابتسامة ودودة: «كنت أعرف ذلك يا آنستي. انظري، لقد نصبتُ فخًّا صغيرًا لكِ. ذلك لأن لديَّ هنا شهادة الممرضة نفسها، جين بودان.»
وأخرج من جيبه ورقة مطبوعة عليها فقرة. وقال: «نعم، قاضي التحقيق استدعاها وأخذ إفادتها.»
قالت بيتي: «لم أكُن أعرف ذلك. لقد غادرت جين يوم الجنازة وذهبت إلى منزلها. لم أرَها منذ ذلك الحين.»
ثم أومأت لهانو مرة أو نحو ذلك بابتسامة تقدير.
وقالت بإعجاب: «لن أحب أن أكون شخصًا لديه سر يُخفيه عنك، يا سيد هانو. لا أعتقد أنني سأتمكن من إخفائه لفترة طويلة.»
انشرح هانو لهذا الإطراء وكأنه مبتدئ، ورأى جيم فروبيشر أنه يميل لأن يكون مبتدئًا سفيهًا ومبتذلًا.
وصاح هانو: «لبيبة أنتِ يا آنسة. ذلك لأنني أنا هانو الذي تسبقه سمعته في نهاية المطاف. فلا يوجد سوى هانو واحد في هذا العالم» وضرب على صدره وابتسم بابتهاج واستمتاع. «يا لهذه المجاملات! دعونا نستمر. هذا ما أعلنته الممرضة» وقرأ بصوت عالٍ من الورقة:
«جاءت الآنسة إلى غرفة النوم حتى تُري سيدتي فستانها الجديد من القماش الفضي وحذاءَها الفضي. ورتبت الآنسة الوسائد وتأكَّدَت من أن عمَّتها لديها كتبها المفضلة ومشروبها بجانب الفراش. ثم تمنَّت لها ليلة هانئة، ووسط صوت حفيف فستانها الجميل ولمعته، خرجت من الغرفة. وبمجرد أن أُغلق الباب، قالت سيدتي …» ثم توقف هانو فجأة. وقال بسرعة: «لكن هذا لا يهم.»
فجأةً مالت بيتي إلى الأمام ميلًا حادًّا.
سألت: «ألا يهم فعلًا، سيدي؟» وعيناها مثبتتان على وجهه، والدم يتصاعد ببطء إلى خدَّيها الشاحبين.
قال هانو: «كلا» وبدأ يطوي الورقة.
سألت بيتي ببطء وإلحاح: «ما الذي ذكرت الممرضة أن عمَّتي أخبرتها به عني بمجرد أن أُغلق الباب؟ بحقك يا سيدي! لديَّ الحق في معرفة ذلك» ومدَّت يدها تريد الورقة.
قال هانو: «سترين بنفسك أن الأمر لم يكُن ذا أهمية. استمعي!» وشرع يقرأ مرَّة أخرى:
«قالت سيدتي لي، وهي تنظر إلى ساعتها: «من الجيد أن الآنسة قد غادرت مبكرًا. لأن ديجون ليست باريس، إذا لم تذهب في الوقت المناسب، فلن تجد مَن ترقص معه.» كانت الساعة حينها التاسعة إلا ١٠ دقائق.»
وبابتسامة، أعطى هانو الورقة لبيتي؛ فانحنت برأسها عليها بسرعة، كما لو كانت تشك في أن ما قرأه كان مكتوبًا بالفعل على تلك الورقة، وكأنها كانت ترتجف من مجرد التفكير فيما قالته السيدة هارلو عنها بعد أن غادرت الغرفة. وقد استغرقت ثانية أو نحو ذلك في إلقاء نظرة سريعة على الورقة، ولكن عندما أعادت الورقة إليه، كان أسلوبها قد تغير تمامًا.
قالت بيتي بنبرة مريرة: «شكرًا لك» وبرقت عيناها العميقتان بالاستياء. فهم جيم التغيير الذي طرأ عليها وتعاطف معه. كان هانو قد تحدث عن نصب فخ بينما لم ينصب أي فخ. ذلك لأنه لم يكُن هناك أي سبب معقول يجعلها تتردَّد في الاعتراف بأنها رأت السيدة هارلو بحضور الممرضة، وتمنَّت لها ليلة هانئة قبل ذهابها إلى الحفل. لكنه نصب فخًّا حقيقيًّا بعد دقيقة واحدة، وسقطت بيتي فيه على الفور. لقد خدعها ليُقرَّ بخوفها من أن تكون السيدة هارلو قد تحدَّثَت عنها بسوء أو حتى بخوف بعد أن غادرت غرفة النوم.
قالت بيتي ببرود شديد: «يجب أن تعرف يا سيد هانو أن النساء لسن دائمًا سخيات في حق بعضهن البعض، وأحيانًا لا يملكن الخيال … كيف أقول ذلك؟ … لتصور العواقب المحتملة لأشياء قد يقُلنها فقط بقصد الإيذاء وإلحاق الضرر البسيط. منذ البداية كنت أنا وجين بودان صديقتَين مقربتَين، لكن لا يمكن أبدًا للمرء أن يكون دائم الثقة، وعندما طَويتَ إفادتها بسرعة، كنتُ بالطبع متلهفة جدًّا لسماع بقيتها.»
تدخل جيم قائلًا: «نعم، أوافق. بدا الأمر كما لو أن الممرضة ربما أضافت شيئًا خبيثًا، وهذا شيء لا يمكن إثباته أو نفيه.»
قال هانو بنبرة اعتذار: «لقد كان سوء فهم يا آنستي. سنحرص على ألا يكون هناك أي سوء فهم آخَر.» ثم نظر مرَّة أخرى إلى إفادة الممرضة.
وقال: «مذكور هنا أنكِ حرصت على أن يكون لدى السيدة كتبها المفضلة ومشروبها بجانب الفراش. هذا صحيح.»
ردَّت بيتي: «نعم، سيدي.»
فسألها: «ماذا كان ذلك المشروب؟»
قالت: «كوب من عصير الليمون.»
قال هانو: «أظن أنه كان يُجهَّز ويوضع لها على الطاولة كل ليلة؟»
ردَّت بيتي: «كل ليلة.»
فسألها: «ولم يكُن به أي مخدر مُذاب فيه؟»
أجابت بيتي: «على الإطلاق. عندما كانت تضطرب السيدة هارلو، كانت الممرضة تعطيها حبة أفيون، وفي حالات نادرة جدًّا، حقنة صغيرة من المورفين.»
قال هانو: «لكن ذلك لم يحدث في تلك الليلة؟»
ردَّت بيتي: «ليس على حدِّ علمي. إنْ كان ذلك حدَث، فإنه قد حدَث بعد مغادرتي.»
قال هانو: «جيد جدًّا» ثم طوى الورقة ووضعها في جيبه. «لقد انتهينا من هذه. أنتِ الآن خارج المنزل في التاسعة إلا خمس دقائق مساءً، والسيدة في فراشها بصحة ليست أسوأ من المعتاد.»
قالت بيتي: «نعم.»
قال هانو: «جيد!» ثم غيَّر أسلوبه. «والآن دعينا نستعرض تلك الأمسية آنستي! فهمتُ أنكِ بقيتِ في منزل السيد دي بوياك حتى عدتِ إلى المنزل.»
ردَّت بيتي: «صحيح.»
سأل هانو: «هل تتذكرين مع مَن رقصتِ؟ وإذا لزم الأمر، هل يمكن أن تعطيني قائمة بشركائكِ في الرقص؟»
نهضت بيتي واجتازت من مكانها إلى طاولة الكتابة وجلست أمامها. ثم سحبت ورقة نحوها وأمسكت بقلم رصاص. وكانت تتوقَّف من حينٍ لآخَر كي تحفز ذاكرتها وطرف القلم عند شفتَيها، وهكذا كتبت قائمة بالأسماء.
قالت وهي تسلم القائمة لهانو: «هذه هي القائمة الكاملة، على ما أعتقد.» فوضعها هانو في جيبه.
وقال: «شكرًا لكِ!» كان هانو الآن في غاية الرضا. وعلى الرغم من أن أسئلته تتابعت واحدًا تلو الآخَر دون تلعثم، بدا لجيم أنه يتلقى الإجابات التي كان يتوقَّعها تمامًا. كان يبدو كرجل يؤدي إجراءً شكليًّا لا مفرَّ منه ويسعى إلى إتمامه بالكامل، وليس كشخص يتابع بعنايةٍ تحقيقًا دقيقًا.
سأل هانو: «والآن يا آنسة، في أي ساعة عُدتِ إلى المنزل؟»
ردَّت بيتي: «في الساعة الواحدة وعشرين دقيقة.»
سأل هانو: «هل أنتِ متأكدة من هذا التوقيت بالضبط؟ هل نظرتِ في ساعتكِ؟ أو في ساعة القاعة؟ أو في ساعة أخرى؟ كيف تثقين بأنكِ وصلتِ إلى منزل كرينيل في الساعة الواحدة وعشرين دقيقة بالضبط؟»
ثم قرَّب هانو كرسيه قليلًا إلى الأمام، لكنه لم ينتظر ثانية للحصول على الإجابة.
ردَّت بيتي: «لا توجد ساعة في القاعة، ولم يكُن معي ساعة. لا أحب تلك الساعات التي ترتديها بعض الفتيات حول المعصم. أكره الأشياء حول معصمي» وهزَّت ذراعها بفارغ الصبر، كما لو كانت تتخيَّل أن سوارًا ضيقًا لُف حول معصمها. «ولم أضَع ساعتي في حقيبة اليد الخاصة بي لأنني مُعرَّضة لنسيانها. لذلك لم يَكُن لديَّ شيء أعرف منه كم الساعة عندما وصلتُ إلى المنزل. لم أكُن متأكدة من أنني لم أُبقِ جورج — وهو السائق — خارجًا لفترة أطول مما يرغب. لذلك اعتذرت له، مُوضِّحة أنني لم أكُن أعرف حقًّا كم تأخرت.»
فقال هانو: «فهمت. إذَن كان جورج هو من أخبركِ بالوقت في لحظة وصولكِ الفعلية؟»
ردَّت بيتي: «نعم.»
قال هانو: «ولا شك أن جورج هو السائق الذي رأيته يعمل عندما اجتزت الفناء؟»
قالت بيتي: «نعم. لقد أخبرني أنه كان سعيدًا برؤيتي أستمتع قليلًا، وأخرج ساعته وأراني إياها ضاحكًا.»
سأل هانو: «هل حدث هذا عند الباب الأمامي، أم عند تلك البوابات الحديدية الكبيرة يا آنسة؟»
ردَّت بيتي: «عند الباب الأمامي. إذ لا يوجد حارس للبوابة، وتُترك مفتوحة عندما يكون أحدهم بالخارج.»
سأل هانو: «وكيف دخلتِ إلى المنزل؟»
قالت بيتي: «استخدمت مفتاحي.»
قال هانو: «حسن! كل هذا واضح جدًّا.»
لكن بيتي لم تقنع برضا هانو بإجاباتها. فعلى الرغم من أنها أجابته دون تأخير، فقد كانت تجيبه بشيء من العناد. فبدأ جيم يشعر ببعض القلق. كان عليها أن تلتقي مع هانو في أرض وسط؛ لقد كانت حادة بشكل متهور.
فكر جيم بقلق: «ستجعل من هذا الرجل عدوًّا قبل أن تفرُغ.» لكنه نظر إلى المحقِّق وشعر بشيء من الارتياح. ذلك لأن هانو كان يراقبها بابتسامة كانت كفيلة باسترضاء أي شابة أقل استياءً؛ ابتسامة امتزج فيها الود بالتسلية. ثم فكَّر جيم بشكل مختلف.
قال في نفسه: «في نهاية المطاف، هذا التهوُّر نفسه هو ما يشفع لها أكثر من أي تدبير أو حسبان. فالمذنبون لا يتصرفون بهذا الشكل.» وانتظر المرحلة التالية في التحقيق بذهن هادئ.
استأنف هانو: «الآن وقد عدتِ وأصبحت داخل منزل كرينيل قبل الساعة الواحدة والنصف صباحًا. ماذا فعلتِ بعد ذلك؟»
قالت بيتي: «ذهبت مباشرة إلى غرفة نومي.»
سأل هانو: «هل كانت خادمتكِ تنتظركِ يا آنسة؟»
ردَّت بيتي: «كلا؛ كنت قد أخبرتها أنني سأتأخر في العودة وأنني أستطيع أن أخلع ملابسي بنفسي.»
قال هانو: «أنتِ مُهذَّبة ومراعية للآخرين يا آنسة بيتي. لا عجب أن خدمكِ كانوا سعداء لأنكِ تستمتعين قليلًا.»
حتى هذه المحاولة لم تُهدِّئ الفتاة المُستاءة.
فسألت بعذوبة حلوة كانت أكثر عدائية من أي رد حاد: «نعم؟» لكن ذلك لم يُثِر أي استياء لدى هانو.
فجاءها سؤاله: «متى سمعتِ لأول مرة عن وفاة السيدة هارلو؟»
ردَّت بيتي: «في صباح اليوم التالي، جاءت خادمتي فرانسين تركض إلى غرفتي في الساعة السابعة. كانت الممرضة جين قد اكتشفت ذلك للتو. لبستُ ردائي وركضت إلى الطابق السفلي. وبمجرد أن تأكدت من صحة الخبر، اتصلت بالطبيبين اللذَين اعتادا الحضور هنا.»
سأل هانو: «هل لاحظتِ كوب عصير الليمون؟»
قالت بيتي: «نعم. لقد كان فارغًا.»
سأل هانو: «هل لا تزال خادمتكِ معكِ؟»
ردَّت بيتي: «نعم – فرانسين رولار. هي تحت تصرفك.»
هز هانو كتفَيه وابتسم بارتياب.
قال: «يمكن لهذا أن يأتي لاحقًا إذا لم يكُن منه بد. لدينا الآن وقائع تحركاتكِ وقد عرفناها منكِ يا آنسة، وهذا هو المهم.»
ثم نهض من كرسيه.
وقال وهو ينحني: «أعتقد أنني كنت مزعجًا جدًّا يا آنسة هارلو. لكن من الضروري جدًّا لمصلحتكِ ألا نترك أي وجه غموض تتلاعب به ظنون الناس. وقد أصبحنا قريبين جدًّا من نهاية هذه المحنة.»
في اللحظة التي وقف فيها هانو، كان جيم يأمل أن تكون هذه المقابلة المُرهقة قد انتهت. أما بيتي، فكانت في حالة من اللامبالاة.
وقالت بتصلُّب: «الحكم على هذا يعود لك يا سيدي.»
فقال هانو: «تبقى نقطتان فقط، وأعتقد أنكِ ستتفهمين بعد تأمل الموقف أنني لم أطرح عليكِ أي سؤال مجحف.»
فطأطأت بيتي.
وقالت: «اذكر نقطتَيك يا سيدي.»
قال هانو: «أولًا. أعتقد أنكِ سترثين ثروة السيدة بكاملها؟»
ردَّت بيتي: «نعم.»
سأل: «هل كنتِ تتوقعين أن ترثي الثروة كلها؟ هل كنتِ تعلمين بوصيتها؟»
قالت بيتي: «كلا. كنت أتوقَّع أن تترك جزءًا كبيرًا من المال للسيد بوريس. لكنني لا أتذكر أنها أخبرتني بذلك. وكان هذا هو ما أتوقعه لأن السيد بوريس لطالما كرر ذلك باستمرار.»
قال هانو بلين: «بلا شك. لكن بالنسبة لكِ، هل كانت السيدة سخية معكِ خلال حياتها؟»
اختفت النظرة القاسية من وجه بيتي. فملامحها تلطَّفت وصارت مليئة بالحزن والأسى.
وأجابت بصوت خفيض: «كانت سخية جدًّا. كنت أحصل على ١٠٠٠ جنيه سنويًّا كإعانة منتظمة، وهذا المبلغ يكفي كثيرًا في ديجون. علاوةً على ذلك، إذا كنتُ بحاجة إلى المزيد، كان عليَّ فقط أن أطلب ما أريد.»
وفجأةً تفطَّر صوت بيتي فصارت تنشج، وأشاح عنها هانو بحساسية لم يكُن جيم يتوقعها. فشرع ينظر إلى الكتب على الأرفف، ليمنحها الوقت للسيطرة على حزنها، فكان يقلب في هذا الكتاب أو ذاك، ويتحدث عنها بنبرة عابرة.
قال: «من السهل معرفة أن هذه كانت مكتبة السيد سايمون هارلو.» وفجأةً توقف. ذلك أن الباب انفتح بقوة، ودخلت فتاة إلى الغرفة.
قالت الفتاة: «بيتي»، ثم وقفت تقلِّب عينَيها بين زوار بيتي.
قالت بيتي بلا مبالاة: «آن، هذا هو السيد هانو» فاصفرَّ وجه آن مثل زهرة زابلة.
آن! فكر جيم فروبيشر أن هذه الفتاة إذَن هي آن أبكوت، الفتاة التي راسلته، الفتاة التي أنكر مرتين أي معرفة بها، وكان قد جلس بجانبها، بل حتى بادلها الحديث. اجتازت الفتاة الغرفة نحوه.
وصاحت: «لقد أتيت! كنت أعرف أنك ستأتي!»
رأى جيم شعرًا أصفر ولامعًا كالغشاوة، وعينَين زرقاوين كالياقوت، ووجهًا في غاية الجمال والنعومة.
فقال بصوت خافت: «بالطبع أتيت» وقد نظر إليه هانو بابتسامة. كانت عيناه على بيتي هارلو، وكانت الابتسامة تشي بوضوح بما قد تقوله الكلمات: «ذلك الشاب سيواجه الكثير من المتاعب قبل أن يغادر ديجون.»