الفصل الخامس

الزمَان اللَّاعقْلاني

تلقى الفيلسوف المصري أفلوطين Plotinus (٢٠٥–٢٧٠م) المولود بمدينة ليفربوليس (أسيوط) إشارة البدء الأفلاطونية ليفرق بين الكوزمولوجي الطبيعي، وبين الأبدية زمان النفس الكلية، وجعل الثاني علة للأول، وألقى بالزمان في قلب التجربة الصوفية الحدسية، مُعْرِضًا عن التصور العقلاني له، ورافضًا إياه رفضًا باتًّا، وطارحًا أول صياغة فلسفية متكاملة ومهيبة للزمان اللاعقلاني. فمثل حلقة هامة ومميزة من حلقات البحث الفلسفي في الإشكالية، حتى إنه إذا اعتبرنا طيماوس نقطة البدء، فإن الفصل السابع من تاسوعية أفلوطين الثالثة هو الذي شق الطريق الفلسفي للزمان اللاعقلاني، أو الطريق اللاعقلاني للزمان الفلسفي.

وأفلوطين حامل لتيار الفكر الإغريقي، مضافًا إليه المؤثرات الفكرية والحضارية التي سادت منشأ فلسفته أي مدينة الإسكندرية، منار العرفان في ذلك العصر. وتقوم فلسفة أفلوطين على فكرة التثليث التي سادت الأديان والعقائد والميتافيزيقا آنذاك، وجسدتها الغنوصية، ثم تبلورت نهائيًّا في المسيحية. وقد كان أفلوطين خصمًا عنيدًا للمسيحية، وقدم فلسفته كبديل لها. وفلسفته بدورها تقوم على فكرة الأقانيم الثلاثة: المطلق، العقل، النفس الكلية. وفكرة الفيض والصدور؛ أي صدور الأقنوم عن سابقه. أما الأقنوم الأولَ (المطلق) فيفيض عن «الواحد» النبع النوراني الثابت الساكن الأصلي.

وقد وُجِد الزمان والنفس الكلية معًا لحظة الفيض؛ أي لحظة صدور النفس الكلية عن الأقنوم السابق عليها؛ ذلك أن الزمان هو فاعلية وحياة النفس «الأقنوم الثالث»، أما الأبدية فهي فاعلية وحياة العقل «الأقنوم الثاني». الأبدية إذن تسبق النفس والزمان في الوجود، ونوع الوجود الذي يُنسَب للأبدية — وقبل أن يُوجَد الزمان — هو الحياة الثابتة الكاملة اللانهائية، المتجهة إلى الواحد.

وأفلوطين «يدعي أنه يتبع رأي القدماء في هذا الشأن؛ فالزمان كما قال أفلاطون هو الصورة المتحركة للأبدية.»١ والواقع أن فلسفته تقوم على أخذ خطوط مباشرة من أفلاطون، الذي يُعَدُّ سلفه المباشر. وعلى الرغم من هذا، وعلى الرغم أيضًا من الصوفية الحدسية الساطعة واللاعقلانية المتفجرة من بين جنبات فلسفة أفلوطين، فإنه أيضًا وريث لتراث أرسطو العقلاني، «وكثيرًا ما يبدأ البحث بجملة لأرسطو، ثم يعقبها بشرح طويل لهذه القضية.»٢ وعلى أساس من التراث الأرسطي، يبدأ بحثه للزمان بالربط بينه وبين الحركة، ولكنه لكي يحل النظرة الصوفية محل النظرة العقلانية، ربط الزمان بحركة النفس الكلية. فالزمان هو نشاط النفس و«أهم ما يميز نشاط النفس هو قدرتها على الحركة والانتقال، على أن نفهم هذه الحركة والانتقال بأنها حركة وانتقال الفكر.»٣ إن أفلوطين يربط الزمان بحركة النفس بدلًا من أن يربطه بأية حركة طبيعية أو حركة أجرام، ووجه نقدًا للقائلين بهذا، مستندًا على أن حركة أو دورة العالم يمكن أن تقيس الزمان، لكنها لا تخلقه، أما النفس فهي مكان نشأة ووجود الزمان الذي يُعَدُّ امتدادًا لها، فهو نشاطها وحياتها وفعاليتها، فيكون البحث عن حقيقة الزمان في طبيعة النفس، وليس في طبيعة العالم. يقول أفلوطين: «النفس هي أول شيء يستدعي وجود الزمان، وهي التي تخلقه وتحتفظ به مع كل ما تقوم به من نشاط وأعمال، فلِمَ إذن كان الزمان دائم الوجود به لأن النفس لا تغيب عن أي جزء من أجزاء العالم، شأنها شأن نفوسنا لا تغيب عن أي جزء من أجزاء أجسامنا.»٤ والزمان ناتج عن اختلاف مراحل حياة النفس، وحركة النفس المستمرة إلى الأمام تُحْدِث الزمان اللانهائي، وبقدر ما تتدرج الحياة في مراحل يمضي الزمان.
ولكن، كيف تخلَّق أو كيف صدر الزمان عن الأبدية؟ يقول أفلوطين: «يمكننا أن نسأل الزمان نفسه ليكشف لنا عن كيفية وجوده، ولسوف يروي لنا قصته على النحو التالي فيقول: إنه كان موجودًا متمركزًا في ذاته، ساكنًا في الوجود الأصلي، ولم يكن بعد هو الزمان بل شيئًا ممتزجًا ثابتًا في الوجود، ولكن كان هناك مبدأ فعال يتجه إلى التحكم في ذاته ويبحث عن ذاته، إنه النفس الكلية وقد فضلت أن تهدف إلى شيء يتجاوز وجودها، فتحركت فتحرك الزمان معها، وانتقلا بعد ذلك إلى ما هو لاحق عليهما وجديد، إلى حالة مختلفة عن حالتهما السابقة ومتغيرة باستمرار. وبعد أن اجتازا جزءًا من طريقهما أنتجا صورة للأبدية هي الزمان … وذلك لأن النفس تحتوي على قوة قلقة راغبة دائمًا في نقل ما تراه في الوجود العقلي إلى مكان آخر.»٥ ويستأنف قائلًا: «على هذا النحو، تسلك النفس عندما تنتج هذا الكون المحسوس على غرار العالم المعقول وتهبه حركة شبيهة بحركة العالم العقلي، وقد تحقق لها ذلك عندما اتشحت بالزمان، فخلقت الزمان بدلًا من الأبدية، وأخضعت العالم الذي أنتجته للزمان، ونظمت كل ما ينتج عنه في حدود الزمان؛ وذلك لأن الكون يتحرك في إطار النفس، إنه الزمان الكامن في النفس.»٦

ويبدو جليًّا أن هذا لا يعدو أن يكون ظلًّا لنظرية أفلاطون، والزمان الحسي الذي يحاكي مثال الأبدية الخالد، وإن كان ثمة إضافات أفلوطينية فإنها لا تستقيم، بل ولا تتأتى أصلًا بدون الأساس الأفلاطوني. إن أفلوطين ختام وخلاصة مد الفلسفة اليونانية بعد أن امتد عمرها اثني عشر قرنًا من الزمان، وكان وريثًا أمينًا لها، وبقطبي الرحى فيها، أفلاطون وأرسطو وخصوصًا أفلاطون.

•••

وعلى مشارف الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، يأتي القديس أوغسطين St. Augustine (٣٥٤–٤٣٠م) ليقدم أول وأهم معالجة فيها لإشكالية الزمان. لقد اهتم بالزمان اهتمامًا بالغًا، وأعرب عن حيرته الشديدة بشأن تعريفه وقياساته، خصوصًا إذا ما قُورِنَتْ بقياسات المكان، فعالج الإشكالية بالتفصيل في كتابيه الشهيرين مدينة الله والاعترافات، خصوصًا الأخير الذي يبشر بمفاهيم أساسية، ويرسي إضافات جوهرية، ظلت تحدد معالم الزمان اللاعقلاني، حتى برزت في الفلسفة الوجودية المعاصرة.
وأوغسطين على رأس السائرين في الطريق الذي شقه أفلاطون وأفلوطين، ويواصله بصورة أكثر جذرية، وهو بالتالي حامل مخلص لميراث أفلاطون، فيفرق مثلهما بين الزمان والأبدية، ويعتبر الزمان صورة مفككة شائهة من الأبدية، ويصدق على قول أفلاطون إن الله خلق الزمان مع العالم، ولم يخلق العالم في الزمان، على أن الله خالق للعالم من العدم، وليس مجرد صانع أفلاطوني مُشكِّل للمادة الموجودة. ومن أشهر الأقوال المأثورة عن أوغسطين تساؤله في الاعترافات: ما هو الزمان؟ وإجابته بأنه طالما لم يُطرَح السؤال فإن الزمان معروف جيدًا، أما إذا طُرِح السؤال فلا ولن تعرف ما هو الزمان، ويستحيل صياغة إجابة. وذلك عين ما قاله أفلوطين في التاسوعية الثالثة عن الزمان: «إننا نحس إزاءه بخبرة معينة تحدث في نفوسنا بغير عناء، وعندما نحاول أن نختبر أفكارنا عنها نحتار.»٧ ما معنى هذا؟ معناه بإيجاز أن الزمان لاعقلاني، تجربة حية معاشة، وليست موضع تنظير عقلاني.
بهذه اللاعقلانية، وعلى الأساس الأفلاطوني/الأفلوطيني، يبدأ أوغسطين من الحادثة الواردة في الكتاب المقدس، القائلة أن الشمس توقفت عن المسير، بناء على دعوة يوشع، بينما استمر الزمان في سيره، ويخرج منها بتأكيد رأي أفلوطين في أنه لا يمكن ربط الزمان بحركة الفلك أو أي جسم ولا بأية حركة طبيعية، وبالتالي رفض كوزمولوجية الزمان أصلًا. والزمان إذ ينتفي ارتباطه بالفلك يصبح حالًّا داخل النفس، إنه كما قال أفلوطين ليس إلا توترًا distension في النفس. لكن أوغسطين بشَّرَ بالانتقال من مفهوم النفس الكلية إلى المفهوم الأجدر والأهم «النفس الفردية». وهذه — في رأينا — أهم إضافاته، والتي جعلته أبًا للفلسفة الوجودية المعاصرة.

وقد أشار أوغسطين إلى أن النفس في ذات اللحظة الحاضرة تستحضر الماضي بالذاكرة وتتوقع المستقبل أو تتنبأ به بواسطة العقل والمخيلة؛ أي إن الماضي والحاضر والمستقبل تتجمع معًا في عين اللحظة الحاضرة بواسطة قوتين أو عمليتين نفسيتين هما: الذاكرة، والمخيلة. معنى هذا أن النفس تستقطب الزمان في الحاضر. والديانة المسيحية — كأية ديانة سماوية — بما تحويه من لحظات فريدة غير قابلة للتكرار؛ كلحظة الخلق، وهبوط آدم، وتجسد المسيح … إلخ، جعلت أوغسطين يرفض فكرة الزمان الدائري الأفلاطوني/الأفلوطيني أو اليوناني عمومًا. والزمان وإن كان غير دائري، فهو متصل غير منفصل، بل وذهب أوغسطين إلى أنه حتى غير مكون من آنات منفصلة، بل من استمرار دائم. بعبارة أخرى، الزمان مكون من حاضر مستمر، كما يوحي مفهوم الأبدية الذي هو حاضر دائم، وكما علمنا توتر النفس الذي يستجمع الزمان في اللحظة الحاضرة أو الحاضر. ويصل الأمر بأوغسطين إلى حد وضع ثلاثة أنواع للزمان: حاضر الأشياء الماضية، وحاضر الأشياء الحاضرة، وحاضر الأشياء المستقبلة.

وباستقطاب الزمان في الحاضر، والذي يؤكده أنه الماضي لم يَعُدْ موجودًا والمستقبل لم يوجد بعد، كان أوغسطين يثير أمهات مشاكل ومعالم الزمان اللاعقلاني، وأولها إنكار موضوعية بل وحقيقية الزمان أنه نفسي ذاتي غير حقيقي. فإذا كانت النفس تستقطبه في الحاضر، فإن الحاضر منقضٍ، زائل دائمًا، غير موجود، ولا ديمومة له أبدًا — أي: غير حقيقي — ليغدوا الزمان بأسره غير حقيقي. يقول أوغسطين: «وسنوك من جيل إلى جيل، لكن ما سنوك إلا سنون لا تجيء ولا تمضي، سنون لا تجيء لكي تزول. ففي الزمان حيث نعيش، كل يوم إنما يبتدئ لينتهي، وكل ساعة وكل شهر وكل عام، الجميع يمضي، قبل أن يكون فسيكون، ومتى كان فلن يكون.»٨
وإثبات ذاتية ولا حقيقية الزمان تلاقي استحسانًا كبيرًا من جمهرة لاعقلانيين بمذاهب شتى. والواقع أن «أوغسطين كان يريد أن ينكر حقيقية وموضوعية الزمان؛ كي يلغي السؤال: ما الذي كان الله يفعله قبل أن يخلق العالم والسماء والأرض؟»٩ فإنه تبعًا لهذه النظرة، لا يوجد قبل للزمان. فيقول أوغسطين: «سنو الله في الحقيقة لا شيء هي غير الله نفسه، سنو الله هي أبدية الله، والأبدية هي جوهر الله عينه الذي لا شيء فيه متغير، لا ماضٍ لا يكون موجودًا، ولا مستقبل ليس حاضرًا، وليس هناك إلا اﻟ «هو» اﻟ «الكائن» وليس هناك «كان» ولا «سيكون»؛١٠ لأن ما كان لم يَعُدْ كائنًا وما سيكون لم يكن، فهناك «الكائن» لا غير، هكذا يكون الله الذي هو الأبدية هو الحقيقة الوحيدة، وكل ما يتبدى لنا سواه وهم ذاتي، وتأتي المسيحية لتمنحنا الخلاص من هذا، والظفر بذاك.

إن أوغسطين يجسد تضاؤل العقل في المسيحية، بعدما تعملق في الفلسفة الإغريقية. ولعل المسيحية بتعمقها في الحياة الباطنية وخلاص الروح، هي التي دفعت أوغسطين إلى مثل هذا التوغل في اللاعقلانية، وبالتالي الانسياق بمجامع نفسه وفلسفته في قلب الزمان النفسي الوجودي.

لكن إذا كانت قيمة نظرية الزمان لأفلوطين، تبرزها ضروريتها وتناميها مع أوغسطين، فإن قيمة نظرية أوغسطين بدورها تبرزها ضروريتها وتناميها في الفلسفات اللاعقلانية المعاصرة، خصوصًا الوجودية.

•••

وقبل أن نختتم الزمان اللاعقلاني بصورته في الفلسفة المعاصرة، يلزم بالضرورة استكمال صورته في العصور الوسطى، بالعروج على الشرق الإسلامي. وبطبيعة الحال، المتصوفة الإسلاميون في طليعة العائشين في الزمان اللاعقلاني، إنهم يسرفون إسرافًا في التأكيد على ذاتية الزمان، والتي رأيناها تقترن به من حيث هو لاعقلاني.

في الرسالة القشيرية، يقول الإمام أبو قاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري: «سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق، رحمه الله، يقول: الوقت ما أنت فيه، إن كنت بالدنيا فوقتك الدنيا، وإن كنت بالعقبى فوقتك العقبى، وإن كنت بالسرور فوقتك السرور، وإن كنت بالحزن فوقتك الحزن.» يريد بهذا أن الوقت ما كان هو الغالب على الإنسان. وقد يعنون بالوقت ما هو فيه من الزمان: «فإن قومًا قالوا الوقت ما بين الزمانين يعني الماضي والمستقبل، ويقولون: الصوفي ابن وقته. يريدون بذلك أنه مشتغل بما هو أولى به في الحال، قائم بما هو مطالب به وفي الحين، وقيل: الفقير لا يهمه ماضي وقته وآتيه، بل يهمه في وقته الذي هو فيه.»١١ هكذا يصطبغ الوقت بالحال، ويتميز الحال بالوقت، ويعيش الصوفي الزمان فيما يتدرج فيه من المقامات؛ فالمقام يستمر زمانًا، وفي حين يختفي الزمان في الحال، فيصبح أقرب إلى اللحظات الوجودية غير ذات الاتصال، ويتخذ شكلًا طوبولوجيًّا (النقطة)، «إنه اللحظات المكثفة التي لا تتصف بالطابع الكمي بل بالطابع الكيفي، فالوقت لا زمان له لكنه حال تخرج به عن الزمان.»١٢

•••

وطوال تاريخ الفلسفة لم يطرأ على الزمان اللاعقلاني تغير ذو بال، يخرج به عمَّا أسلفناه، حتى كان القرن العشرون بمتغيراته الجمة، يعنينا منها — على وجه الخصوص — تعملق العقلانية في صورة العلم الذي انتصب ماردًا جبارًا؛ ليحتل قصب السبق ويَسِم العصر بميسمه، فكان تحديًا جديدًا وخطيرًا. يلزم الزمان اللاعقلاني بإعادة ترتيب أوراقه، وبعث حياة جديدة، تجعله أكثر إنسانية من الأبدية المتعالية. ويتصل هذا بما أسلفناه من تبلور حديث، مميز وناصع للاعقلانية، في صورة النزعة الرومانتيكية في القرن التاسع عشر. وكما أسلفنا أيضًا، تُعَدُّ الفلسفتان البيرجسونية والوجودية أقوى امتداد للرومانتيكية في الفلسفة المعاصرة.

•••

أما عن البيرجسونية، فإن الفيلسوف الفرنسي هنري بيرجسون H. Bergson (١٨٥٩–١٩٤١) يقف بمعية مارتن هيدجر على رأس الفلاسفة المعاصرين الذين جعلوا الزمان محورًا لفلسفتهم، ولكن هيدجر — كما سبق أن رأينا — اعتنى بالمعنى السلبي للزمان بوصفه قوة هدامة تنذر الإنسان بالموت والتناهي والعدم. أما بيرجسون فعلى العكس من ذلك اكتشف في الديمومة المعنى الإيجابي للزمان، ورأى فيها مصدر الوجود الحقيقي. والديمومة durée هي المصطلح البيرجسوني لما أسميناه بالزمان اللاعقلاني، لكن الخاص بالنفس الإنسانية وليس المتعالي كالأبدية.
ويَفْصِل بيرجسون فصلًا حادًّا بين الديمومة وبين الزمان العقلاني، معتبرًا إياها الزمان الحقيقي الذي يُدرَك بواسطة الحدس — الخبرة الداخلية الحية — وهي الضد الصريح للزمان العقلاني الطبيعي الزائف الشائه الوهمي غير الحقيقي. يقول بيرجسون: «الديمومة هي الزمان الحقيقي، زمان الحياة النفسية الذي هو عين نسيجها.»١٣ ولكنه الحقيقي لشعورنا ذاكرة تجلب الماضي بقوة في قلب الحاضر؛ أي إنها امتداد للحاضر، ديمومة فعالة لا رجعة فيها، «تيار لا يمكن عكسه؛ فهي الأساس العميق لوجودنا كما نشعر جيدًا بأنها لب الأشياء التي نحن على صلة بها.»١٤
بداية، يتمسك بيرجسون بفلسفة للحياة، فلسفة الغريزة التي تعارض العقل، لكن تكمله بقدرة على استخدام الأدوات العضوية. العقل والغريزة يشبهان الحياتين النباتية والحيوانية، ليست إحداهما أهم ولا أسمى من الأخرى، هما ميلاد قدرتين. ولكن حاجة العقل إلى الغريزة، أكثر من حاجتها إليه، وهذه الفلسفة ترفض بالضرورة الزمان العقلاني المتحجر على هيئة مكان، وتستلزم مذهبًا عضويًّا حيويًّا للزمان كان هو الديمومة، إنها زمان حيوي عضوي ضد الآلية وغير قابل للانقسام. الماضي والحاضر والمستقبل ليست أجزاء منقسمة أو آنات منفصلة، بل هي كلٌّ متكامل يتدفق الواحد منها في قلب الآخر. وهذا الزمان — أي الديمومة — يسمح بما تلغيه الآلية الميكانيكية العلمية، يسمح بالجديد الطارئ والخصب العارض. يقول بيرجسون: «كلما تعمقنا في فهم طبيعة الزمن، فهمنا أن الديمومة تدل على الاختراع وخلق الصورة والأعداد المستمر للجديد على وجه الإطلاق.»١٥
لقد وضع بيرجسون هذه الفلسفة الحيوية لينقض بها الميكانيكة العلمية، ويثبت قصورها وبطلانها، وشن هجومًا ساحقًا ماحقًا على العِلْم الحديث ليقلم أظافره ويتحرر من ترهاته؛ «لأنه لا يستطيع العمل إلا فيما يفترض أنه يقبل التكرار؛ أي في كل شيء يجرده فرضًا من تأثير الديمومة. ويأتي دور الفلسفة في أن تقهر الذهن في الاتجاه المضاد؛ أي اتجاه الديمومة والتفرد.»١٦ فالديمومة هي التفنيد الوحيد الممكن في نظر بيرجسون لتفسير العلم الميكانيكي للحياة.

يبذل بيرجسون قصارى جهده ليحول بين الحياة وبين غوائل الميكانيكية، فإن كان يأخذ بنظرية التطور الداروينية، فإنه لا يرضى عن اعتبارها ميكانيكية.

وكانت وسيلته لهذه الحيلولة هي الديمومة التي تعني إيجابية الزمن واقترانه بالخلق والإبداع. هذا في مقابل الميكانيكية العلمية التي تعني خواء الزمن — في نظر بيرجسون — وأنه بغير تأثير حقيقي ما دام ثمة برنامج حتمي سوف يتحقق بالضرورة، وتكشف عنه قوانين العلم، ربما يلعب الزمن دور العنصر المتغير المستقل في معادلات التفاضل التي نعبر بها عن قوانين المادة الجامدة غير العضوية، ولكن ليس هذا هو وضع قوانين الحياة؛ فالزمن بالنسبة للحياة ليس عنصرًا مستقلًّا، بل هو نسيج الحياة.

ومن الطريف حقًّا أن بيرجسون يرفض أيضًا نقيضة الميكانيكية؛ أي الغائية، من نفس هذا المنطلق؛ أي إن الزمن يصبح عبثًا ما لم يكن هناك أمور غير متوقعة أو اختراع أو خلق في الكون. الغائية ترسم أيضًا الطريق المحدد سلفًا، لكن مع فارق وحيد هو أنها تضع الضوء الهادئ أمامنا، أما الميكانيكية فتضعه خلفنا. ومع هذا، لا يغفل بيرجسون فارقًا هامًّا، هو أن الغائية تحتمل تعديلات أما الميكانيكية فلا تحتمل إلا القبول والرفض التامَّين، تبعًا لتسلسل الظواهر العلى؛ لذلك فثمة عناصر مأخوذة من الغائية لتغذي فلسفة الحياة البيرجسونية، تتمثل في النظر إلى العالم العضوي كما لو كان كلًّا منسجمًا، والانسجام مأخوذ فقط من حيث المبدأ، فثمة تكيف وتميز وتفرد لكل نوع تنكره الغائية، بينما يؤكده بيرجسون، بواسطة الديمومة نسيج الحياة، وبالتالي نسيج الواقع.

وبطبيعة الحال، جرى بيرجسون على النهج اللاعقلاني في الفصل الحاد بين الزمان والمكان، عارض بشدة زمان الفيزياء المشتت في المكان والقابل للانقسام والقياس بواسطة مواضع مكانية كحركة الأجرام، وهاجم ما أسماه بالأثر المدمر للفيزياء، والمتمثل في المعالجة الكانطية الواحدة للزمان والمكان معًا. إن الديمومة — أو الزمان البيرجسوني — واللاعقلاني عمومًا، ليس تصورًا من التصورات العلمية المنطقية كالمكان، وكل دراسة له من هذه الناحية تشويه تام لطبيعته «الطابع العضوي الجوهري للزمان هو الذي يميزه تمام التمييز عن المكان المتحجر الخالي من الاتجاه، الذي تصلح إليه نقطة فيه أن تقوم مقام أية نقطة أخرى، مما نعبر عنه بقولنا إن المكان تجانس مطلق، إنه تصور أي فكرة منطقية متحجرة، تثبتها اللغة في قالب لا ينمو ولا يتطور.»١٧ المكان المتحجر الذي يقوم بتقطيع الواقع الحي غير القابل للانقسام، يشبه تمامًا ذلك الزمن الذي ينسبه العلم إلى أشياء مادية، الزمان العقلاني العلمي تمامًا، كالمكان: تجانس مطلق، تصور منطقي متحجر، قالب ثابت لا يتطور ولا ينمو، آلي عديم الحياة.

أما الزمان الحقيقي — الديمومة — التي هي تيار الوعي اللامكاني، فإنها تعارض تمامًا هذا الزمان الثابت المتجانس. إنها تماثل عملًا داخليًّا للنضج والخلق، فتدوم حسب جوهرها، وتفرض معدلها في السرعة على الحركة الأولى؛ أي: حركة الزمان الطبيعي العلمي.

هكذا، بعد كل هذا الصول والجول والهيل، نعود من حيث بدأنا، من محور الاتجاه اللاعقلاني القائل إن الزمان الطبيعي الخارجي الموضوعي زائف، والزمان النفسي الداخلي الذاتي هو الحقيقة، وزاد بيرجسون بأن جعله نسيج الوعي ونسيج الحياة ونسيج الواقع.

•••

وتبقى الفلسفة الوجودية، التي تميزت بأنها «تفسر مشكلة الزمان على أنها مشكلة المصير الإنساني.»١٨ وفلاسفة الوجودية كثيرون، معظمهم عُنِيَ بإشكالية الزمان عناية بالغة، وطرح رؤاه بشأنها من ذلك المنظور.
ومن أخصب هذه الرؤى، وأشدها وجوديةً أو تعبيرًا عن فعالية الفلسفة الوجودية، إنما هي رؤية اللاهوتي الوجودي والفيلسوف البروتستانتي الكبير باول تيليش Paul Tillich (١٨٨٦–١٩٦٥)، وهو ألماني، ولكن مع الغزو النازي هاجر عام ١٩٣٣م إلى أمريكا، واستقر بها ليكون أكثر الوجوديين جميعًا انتشارًا وتأثيرًا في العالم المتحدث بالإنجليزية.١٩

وتقوم مجمل فلسفة تيليش بجوانبها العديدة، على أن العقيدة الدينية عمومًا، والمسيحية البروتستانتية خصوصًا، هي فقط التي تستطيع تقديم الحلول المثلى والناجحة للمشاكل الوجودية المتأزمة التي يثيرها الموقف الفردي للإنسان، وعلى الأخص في المرحلة الحضارية المعاصرة. ومن هذا المنطلق تأتي رؤيته لإشكالية الزمان، وهي من أكثر الرؤى الوجودية اتساقًا مع مسار بحثنا هذا وتحقيقًا لهدفه، بتوضيح التقابل بين الزمانين العقلاني واللاعقلاني.

يؤكد تيليش من جانبه على الطابع اللاعقلاني للزمان، والذي يجعله مستغلقًا في وجه العقل التصوري، فيقول إن أعظم العقول لن تستطيع استكناه سوى جانب واحد من الزمان، بينما أبسط العقول تعي سره، وأنه مؤقت زائل. العقل البسيط قد لا يستطيع التعبير عن معرفته بالزمان، ولكنه لا ينفصل أبدًا عن سره الذي يتخلل كل لحظة من كل حياة؛ فالزمان قدرنا وأملنا ويأسنا، وهو المرآة التي نرى فيها الأبدية، لقد أدرك الإنسان دائمًا أن ثمة شيئًا ما مخيفًا في سيلولة الزمان، لغزًا لا نستطيع أبدًا حله، فكما أشار أوغسطين — وهو من رُوَّاد الطريق الذي يسير فيه تيليش — نحن آتون من ماضٍ لم يَعُد، وصائرون إلى مستقبل لم يكن بَعْدُ، وليس لنا إلا حاضر زائل دائمًا لا نستطيع الإمساك به أو الإبقاء عليه؛ لذلك فلسنا نملك بشأن الزمان أي شيء حقيقي. إنه يبدو كما لو كان خاصة حلمية dreaming character لوجودنا. ولا يبدو أمامنا ملاذ إلا بالالتجاء إلى الأبدية الكائنة أبدًا، الباقية الدائمة، إنها الآن الأبدي، الآن الحقيقي، ومن يستمع للمسيح سوف يلقاها طوع بنانه،٢٠ على الإجمال، الملاذ من أحبولة الزمان — كما من كل أحبولة — إنما بالالتجاء إلى التجربة الدينية.
وفي فصل بعنوان «نحن نحيا في نظامين We Live In Tow Orders»،٢١ ينص تيليش على أن الوجود ينشطر إلى عالمين مختلفين تمامًا، ونحن نحيا في كليهما معًا، هما عالما الزمان والأبدية. وهذا مطروح في كل الأديان، لكن تيليش يرى المسيحية تتميز بأنها تجعل الأبدية تكشف عن نفسها في قلب الزمان والتاريخ، وذلك حين ظهر المسيح على الأرض. وهدف المسيحية دائمًا تحقيق الوجود الجديد، ولا جديد تحت الشمس، الجديد فقط حين تنبثق الأبدية في قلب الزمان، ولكن كيف يحقق الإنسان هذا الانبثاق؟
قبل الإجابة على هذا، نلاحظ أن تيليش حريص على ألا يقع في الخلط بين الزمان والأبدية، أو بين اللامتناهي الكمي واللامتناهي الكيفي؛ فيؤكد أن الرسالة المسيحية — أو الدينية عمومًا — لا تضع الحياة الأخرى كمجرد امتداد للحياة الدنيوية، كما يتصور السذج. الأبدية الدينية تتعالى على الماضي، والمستقبل، ومجمل الزمان. الرب يقول: أنا المبتدأ وأنا المنتهى I am the Alpha and the Omega وليس هناك زمان يتلو زمانًا، بل أبدية تعلو على الزمان. ويشير تيليش إلى صعوبة أن نفهم هذا؛ لأننا قد نفكر في الزمن الآتي حين لا نعود كائنين، وقد لا يقلقنا زمن ماضٍ لم نكن فيه كائنين. ولكن الإنجيل الرابع لا يسير عبر هذه الخطوط، فحين يتحدث عن أبدية يسوع، لا يشير فقط إلى عودته للأبدية، بل وأيضًا إلى مجيئه منها: «الحق … الحق … أقول لكم، من قبل إبراهيم أكون أنا.» و«قبل» هنا لا تعني الماضي التاريخي، وكأنه علينا أن نضيف إلى عمره بضع مئات من السنين، كلا! فهو لم يقل «كنت» قبل إبراهيم، بل «أكون» قبل إبراهيم.٢٢
هذه الأبدية المتعالية هي الحد النهائي لسيلولة الزمان، وانفلاته من بين فروج الأصابع إلى حيث لا ندري، الماضي … الحاضر … المستقبل … كل منها له سره الخاص به، ويحمل قلقه الخاص به، ويثير تساؤله الخاص به، والأبدية هي الإجابة الوحيدة على التساؤلات الثلاث. وتعلو النبرة الوجودية، حين يؤكد تيليش أنه عن طريق الأبدية وإجاباتها، تستطيع التجربة الدينية الحيلولة بين الفرد وبين أن يضيع في الحشد في الجماهير، أو يكون مجرد رأس في القطيع — بتعبير نيتشه الفظ — فالأبدية تجعله يعلو على عصره، وعلى زمانه، محققًا ذاته المتفردة ووجوده الأصيل. هذا ملخص ما يقوله تيليش في فصل بعنوان Do not be conformed.٢٣
ولنلاحظ أن حتمية الموت وهو الممكن الوحيد اليقيني؛ أي كون الإنسان متناهيًا محاقًا بالعدم … هذه المقولة أمعن فيها تيار الوجودية الملحدة المنشق ليخرج منها إلى عبثية الحياة والإلحاد. ولكن تيليش يواصل المسار الشرعي للوجودية كما بدأت مؤمنة مع أبيها سرن كيركجور، وكما ترعرعت وأينعت في اللاهوت البروتستانتي طوال القرن التاسع عشر. ومن منطلق الوجودية الدينية واللاهوت الوجودي، يمعن تيليش في نفس المقولة؛ ليستغلها في تفجير قوة الإيمان، وإثبات ضرورة الالتجاء إلى الألوهية، معتمدًا على استقطاب وجودي لإشكالية الزمان في حدود المستقبل. يقول تيليش: إننا نتحدث عن الزمان بثلاث طرق أو ثلاثة أنماط: الماضي، والحاضر، والمستقبل. وأي طفل على وعي بها. ولكن لا يوجد أبدًا أي إنسان — مهما أوتي الحكمة — يستطيع النفاذ إلى سرها. ونحن نصبح على وعي بها حينما نسمع صوتًا يخبرنا: إنك أيضًا سوف تصل إلى النهاية! إذن فالمستقبل هو الذي ينبهنا إلى سر الزمان؛ مما يجعل وعينا به يسير في الاتجاه المعكوس، يبدأ بالتوقع القلق للنهاية، فنرى الماضي والحاضر في ضوء المستقبل.٢٤
وتصور المستقبل يثير إحساسات متناقضة، فمن المبهج أن يتصور المرء المستقبل وقد تحققت فيه إمكانياته؛ ليشعر بوفرة وثراء الحياة، وبقدرته على خلق الجديد. إن المستقبل يحمل شجاعة الإقدام نحو الجديد، خصوصًا في المرحلة المبكرة من الحياة، بيد أن هذا الشعور المبهج يصارعه شعور مضاد هو: من ناحية الخوف مما قد يخبئه المستقبل، وما يحيط به من غموض المجهول، ومن ناحية أخرى قصر الدوام الذي يتزايد مع كل عام يمضي من الحياة، فيجعلنا أقرب من النهاية المحتومة. وأخيرًا نلقى النهاية ذاتها، بحتميتها وبكل ما يكتنفها من ظلام دامس، لا سبيل البتة إلى اختراقه، هذا بالإضافة إلى تهديد قائم بأن وجود المرء جملة وتفصيلًا، قد يحكم عليه المستقبل بالفشل. والآن كيف يتصرف المرء إزاء المستقبل، بما يحويه من أمل وتهديد ونهاية لا فرار منها؟ البعض يحل هذه الإشكالية بتصويب النظر إلى المستقبل الفوري، والعمل على تحقيق إمكانياته وآماله، ويصرف النظر عن المستقبل الأبعد، اللحظة الأخيرة من مستقبل الإنسان أو وجوده، ربما كنا لا نستطيع أن نحيا بغير العمل على تحقيق إمكانيات المستقبل القريب، ولكن إذا فعل هذا دائمًا وفقط، فلن يستطيع أن يموت، فهل سيستطيع أن يحيا؟٢٥

إن تيليش يرمي إلى إيضاح أن الدين حين يعدنا بحياة مستمرة بعد الموت، فإنه يحمل قوة قهر المشاعر السلبية المحاقة بالزمان في المستقبل والنهاية المحتومة، وهي قوة لا تمس المشاعر الإيجابية، فضلًا عن قوة الأبدية الكائنة فوق هذا وذاك. بعبارة موجزة، يعطينا تيليش في الفقرة السابقة صياغة فلسفية للمبدأ الإسلامي: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا.» لكنها أبعد ما تكون عن صيغة الأمر الإلزامي، فهي صياغة وجودية؛ أي تستلزم التوتر الكيفي، وبالتالي الزمان اللاعقلاني في أكثر صوره حداثة؛ أي أكثر صوره إنسانية.

١  أميرة مطر، «الفلسفة اليونانية: تاريخها ومشاكلها»، (القاهرة، دار المعارف، طبعة معدلة ومزودة بالنصوص، ١٩٨٨)، ص٤٦٠.
٢  المرجع السابق، ص٤٤٨.
٣  المرجع السابق، ص٤٦٠.
٤  أفلوطين، التاسوع الثالث، الفصل السابع: «عن الأبدية والزمان»، من الترجمة الملحقة بالمرجع السابق، ص٤٨٩.
٥  أفلوطين، المرجع السابق، ص٤٨٤-٤٨٥.
٦  أفلوطين، المرجع السابق، ص٤٨٥.
٧  المرجع السابق، ص٤٨١.
٨  أوغسطين، نصوص أوغسطينية مترجمة، ملحقة بكتاب هنري مارو وأ. م. لابونارديار، القديس أوغسطين، نقله عن الفرنسية الأب ج. عفيفي اليسوعي، (القاهرة: منشورات المعهد في المعادي، ١٩٦٢)، ص٥٦.
٩  C. W. K. Mundle, (Consciousness of Time), in Encyclopedia of Philosiphy, vol, 8, p. 138.
١٠  مارو، القديس أوغسطين، ص٥٦.
١١  الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري، الرسالة القشيرية في التصوف، (القاهرة: المطبعة الأدبية، بدون تاريخ) ص٣٤.
١٢  أميرة مطر، «دراسات في الفلسفة اليونانية»، ص١٢١.
١٣  هنري بيرجسون، «التطور الخالق»، ترجمة محمد محمود قاسم، سلسلة نصوص فلسفية، (القاهرة: الهيئة العامة للكتاب، ١٩٨٤)، ص١٤.
١٤  المرجع السابق، ص٤٣.
١٥  المرجع السابق، ص١٩.
١٦  المرجع السابق، ص٣٥.
١٧  عبد الرحمن بدوي، «الزمان الوجودي»، ص١٢٤.
١٨  نيقولاي بيرديائيف، «العزلة والمجتمع»، الترجمة العربية، ص١٢١.
١٩  انظر كتابنا: «الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة تيليش»، دار قباء، القاهرة ١٩٩٩، وهو دراسة نسقية تحيط بفلسفة تيليش، تثبت ضمنًا أن اللاهوت الوجودي، والوجودية الدينية أكثر اتساقًا وأكثر وجودية من التيار الملحد الذي انشق عنها حديثًا.
٢٠  Paul Tillich, The shaking of the Foundations, pp. 35-36.
٢١  المرجع السابق، ص١٣٥–١٤٤.
٢٢  Paul Tillich, The Eternal Now, (New York: Charles Scribner’s Son, 1963), pp. 125-126.
٢٣  المرجع السابق، ص١٢٣-١٢٤.
٢٤  Paul Tillich, The Eternal Now, p. 123.
٢٥  المرجع السابق، ص١٢٣-١٢٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤