الفصل الخامس

أسواق النَّسيج ونظمه التجارية في الغرب الإسلامي منذ القرن ٥–٩ﻫ/١١–١٥م

اعْتُبرت تجارة النَّسيج ولفتراتٍ طويلة من الدعائم الأساسية القائم عليها النشاط التجاري في الغرب الإسلامي، نتيجة للتطور الصناعي والتجاري الذي شهده النَّسيج خلال تلك الفترة وما قبلها، وهو ما جعل البعض ينعت هذا التطور ﺑ «حضارة النَّسيج».١
والتجارة كما يعرفها ابن خلدون:٢ «محاولة الكسب بتنمية المال بشراء السلع بالرخص وبيعها بالغلاء … وذلك القدر النامي يُسمى ربحًا، فالمحاول لذلك الربح إما أن يختزن السلعة … وإما أن ينقلها إلى بلدٍ آخر تَنفُق فيه تلك السلعة أكثر من بلده الذي اشتراها فيه؛ فيعظم ربحه … ولذلك قال بعض الشيوخ من التجار لطلب الكشف عن حقيقة التجارة: أنا أُعلمها لك في كلمتين: اشتراء الرخيص وبيع الغالي، فقد حصلت التجارة إشارة منه بذلك إلى المعنى.» ويذكر الثعالبي٣ في هذا الشأن أن: «التدبير نصف التجارة … والأرباح توفيقات … والتجارة أمارة … واشترِ لنفسك وللسوق.»

(١) أسواق النَّسيج في الغرب الإسلامي

من المعروف أن الأسواق هي محور الحياة الاقتصادية وبخاصة التجارة لأي بلد، ومرآة حياة أي مدينة وعنوان نشاطها التجاري والصناعي، بل والاجتماعي أيضًا،٤ وقد حفلت بلاد الغرب الإسلامي بالكثير من الأسواق التجارية التي بِيعت فيها المُنتجات الزراعية والصناعية المحلية أو ما يرد إليها — من المناطق الأخرى — من بضائع سلع، كما هو الحال في سوق مدينة تفزة الذي كان يَعرض مُنتجات مدينة فاس، خاصة من المَنْسوجات والأقمشة الكَتَّانية والإبر وغيرها من أدوات الخياطة.٥
وتشابهت أسواق الغرب الإسلامي في مظهرها العام — تقريبًا — مع أسواق العالم الإسلامي، فأغلبها مرتب، ومعظمها مسقوف كي لا تتعرض لعوامل الطبيعة من أمطار ورياح وأشعة الشمس، والبعض الآخر مكشوف،٦ ومعظمها ذات شوارع ضيقة،٧ كأسواق قابس التي بها جهاز من الصوف الكثير،٨ وكذلك أسواق المهدية فرُتِّبت على حسب المهن والحرف والصناعات، فكل طائفة في سوق، وكذلك أسواق زويلة رُتبت بأسواقها دكاكين البزازين،٩ كما وُصفت أسواق فاس بأنها مرتَّبة ومنسَّقة،١٠ ومدينة شلب، فكان الترتيب ميزة أسواقها طبقًا لقول الحميري:١١ «مرتبة الأسواق.» كما اشتهرت مدينة طلبيرة بأسواقها الجميلة الترتيب،١٢ وقُرْطُبَة التي كانت لا يشبهها «في كثرة أهل، وسعة رقعة، وفسحة أسواق، ونظافة محال.»١٣ وقد اشتهرت بعض الأسواق بمنسوجاتها كسوق نكور التي يُعمل بها برانس لا ينفذ منها الماء.١٤
وعَرَفت بلاد الغرب الإسلامي عددًا من الأسواق التجارية، منها الثابتة الدائمة التي تكاد تكون في كل مدينة، كما بسبتة فبها «مائة وأربعة وسبعون سوقًا.»١٥ وأسواقٌ أخرى أسبوعية ونصف أسبوعية أو شهرية، كسوق الأحد ويعرض فيه المَنْسوجات الصوفية،١٦ وسوق مدينة جربة الذي كان يُعقد بشكلٍ أسبوعي ويقصده الأعراب والتجار الوافدون «سائقين شياههم وحاملين معهم كميةً وافرة من الصوف».١٧ وسوق مدينة آغلة الذي يُقام أسبوعيًّا ويقصده العرب وفلاحو المنطقة لشراء الجلود والصوف والشمع.١٨
ولما كان التخصص من سمات أسواق المدن العربية الإسلامية وأسواق الغرب الإسلامي بصفة خاصة، وهذه السمة ساعدت على تنظيم النشاط التجاري والاقتصادي بشكلٍ عام، تجمع أهل كل حرفة ومهنة في مكان يُساعدهم على ترابط أهل تلك الحرفة أو المهنة، ويُسهِّل على رواد الأسواق عملية شراء ما يحتاجون، ويساعدهم على انتقاء الأجود والأرخص من البضائع، فيذكر ابن عذاري١٩ أن لأهل كل حرفة في الأندلس سوقًا خاصًّا بها، ومن بين الأسواق التخصصية؛ أسواق النَّسيج، فلم تكن ببعيدة عن مركز أي مدينة من مدن الغرب الإسلامي، فانتشر بها تجار وباعة النَّسيج كما حدث في عهد الخليفة أبي يوسف يعقوب (٥٨٠ﻫ/١١٨٤م–٥٩٥ﻫ/١١٩٩م) إذ استقر أصحاب المهن والتجار في الأسواق الجديدة المبنية بجوار المسجد الجامع بإشبيلية.٢٠
ومن بين الأسواق التخصصية أسواق الغَزْل؛ كسوق الغَزْل بالقيروان،٢١ وأسواق الخياطين وأسواق البزازين،٢٢ وسوق الثياب والقراقين،٢٣ وسوق الأقمشة الصوفية.٢٤ وأسواق الصباغين هي الأخرى من الأسواق التخصصية، فكان الصباغون يرتادونها، ومن يريد شراء الثياب المصبوغة، أو من يرغب في صبغ الثياب كسوق الصباغين بفاس.٢٥
وكثرت بتونس أسواق النَّسيج ومن بينها سوق الغَزْل الذي ترددت عليه النساء بصورةٍ كبيرة على عكس الرجال،٢٦ ما جعل العامة يُطلِقون أمثالهم «يدم تتقنع الحول، يفترق سوق الغزل.» ما يدل على ارتباط النساء بسوق الغَزْل،٢٧ ويعتبر سوق الغَزْل بسوسة من أشهر أسواق الغَزْل بالغرب الإسلامي، ويشتد التعامل التجاري به بين صلاتي الظهر والعصر حيث «عادة أهل سوسة في أن أكثرهم لا يغيب عن سوق الغَزْل حتى صلاتي الظهر والعصر.»٢٨ وسوق الخياطين بها معروف وعامر ومزدحم،٢٩ بالإضافة لسوق الوزر الذي يرجع للعهد الحفصي (٦٢٥–٩٨١ﻫ/١٢٢٨–١٥٧٤م)٣٠ فضلًا عن سوق الحرارين أو سوق الخزازين كما عُرف،٣١ وسوق الرهادنة أو الرهادنية؛ وهم باعة الأقمشة والثياب المتجوِّلون، فكان من الأسواق النشطة بتونس وقدرت مجابيه في عهد الخليفة أبي فارس عبد العزيز (٧٧٢ﻫ/١٣٧٠م) «ثلاثة آلاف دينار ذهبًا»،٣٢ وسوق القطانين بالقرب من جامع الزيتونة، وكان يشرف على ذلك السوق الأمين ومقره سوق الكتبيين.٣٣
بالإضافة لسوق الجبة بتونس الذي اشتهر ببيع الجبب الصوف،٣٤ وسوق القشاشين الشهير ببيع الثياب،٣٥ وسوق الأبارين والذي كان يقع شمال جامع الزيتونة بتونس «من الأسواق النادرة التي يُتعامل فيها بالفضة لا بالذهب.»٣٦ لأن التعامل التجاري به يتم بالنقد على عكس الأسواق الأخرى؛ ما يعكس الأهمية التجارية لأسواق الغزل.٣٧
وسوق المغازل بمراكش عُدَّ من أنشط الأسواق مع سوق الدخان وسوق الصابون وسوق الصفر (النحاس)٣٨ وسوق خيوط الكَتَّان بفاس، وهو بناءٌ كبيرٌ محاط بأربعة أروقة كبيرة، خُصص رواق منها لباعة الأقمشة الكَتَّانية ومن يُزيِّنون الخيوط، كما خُصص رواقان آخران للنساء اللائي يبعن الخيوط، وزُرعت بساحة السوق أشجار التوت لنشر الظل، هذا ويذهب الناس لهذا السوق من أجل التسلية؛ فتقع بعض المناوشات من جانب النساء داخل هذا السوق،٣٩ وبفاس أيضًا سوق للحرارين،٤٠ وسوق المركطين وخُصص في بيع الثياب المستعملة،٤١ وسوق الهبط لبيع الثياب المستخدمة، كما تذكر المناقب عن أحد المتصوفة قوله: «وكانت عندي جبة ألبسها تحت الجلابية بعتها ببعض أسواق الهبط بثلاثة دراهم.»٤٢ وبفاس أيضًا سوق الورقة الذي خُصص لتهيئة ورق التوت لصناعة الحرير،٤٣ وسوق التيالين وهو السوق المخصص لصناعة الغرابيل،٤٤ بالإضافة لسوق البز بتلمسان.٤٥
أما عن أسواق الأندلس فعديدة وكثيرة، وخاصة في المدن الكبيرة والشهيرة، فبقُرْطُبَة ربض الطرازين Tegedores،٤٦ وسوق الكتانين، وسوق للبز؛ الذي تعرض لحريق عام ٥٢٥ﻫ/١١٣٠م، وهو ما أكده ابن القطَّان٤٧ بقوله: «وقعت النار بسوق الكتانين بقُرْطُبَة واتصلت بسوق البز، فاحترقت أموال الناس.» كما وُجد بقُرْطُبَة سوق الخيط Crodoneros وسوق الحصارين Eivnagerors، بالإضافة لشارع الخياطين Calle de Los Alfayates،٤٨ أما إشبيلية فكثيرة الأسواق والبيع والشراء وأهلها مياسير،٤٩ وبها سوق البزازين وسوق الخياطين،٥٠ كما وجد بها سوقٌ صغير لبيع القرمز بالقرب من المسجد الجامع بإشبيلية،٥١ بالإضافة لسوق باعة الحصر بطليطلة،٥٢ وحي السقاطين وهم بائعو الثياب المستعملة، فأورد ابن قزمان٥٣ في مجموع أزجاله لفظ آخر لسوق السقاطين أو السقطيين وهو سوق المرقطال، وقد ظل هذا الحي لفترة قريبة يحمل الاسم السقاطين Zacatin في الأندلس،٥٤ في حين ذكر السبتي٥٥ عن أسواق سبتة سوق السقاطين وخُصص لبيع الآنية الصفرية، وبغرناطة شارع يُعرف بشارع الصبغ،٥٦ وسوق الصباغين في مدينة لبلة،٥٧ ومالقة كان بها سوق مخصص للغزل اشتهرت به.٥٨
كما وُجد بصِقِلِّيَّة في مدينة بليرم بعض الأسواق المتخصصة في النَّسيج كسوق الطرازين وسوق القطانين وسوق الحلاجين، وقد تجاورت تلك الأسواق بعضها لبعض.٥٩

(١-١) الحوانيت

ارتبطت الحوانيت بالعملية التجارية داخل الأسواق والمدن لعرض السلع والبضائع، فنُظِّمت حوانيت الصُّناع والتجار على أساس التخصص الحرفي لكل منهم، فقد: «رُتِّبت كل صناعة منها على حسب ما يُشكَّل لها، وأمن فيها التجار بأموالهم وقصد إليها الناس من أقطارهم.»٦٠ وحوانيت تجار النَّسيج بُنيت داخل الأسواق وحول المساجد، وتكوَّنت من طابقٍ أرضي، وتتم عملية البيع خارج الحوانيت ولا يدخلها المشتري إلا في أضيق الحدود،٦١ والحانُوت من الداخل عبارة عن حجرة تُنظَّم وتُصَفُّ فيها السلع في صفوف داخل رفوفٍ متراصة بعضها فوق بعض، أو داخل تجويفات تحيطها العقود المتجاوزة، ويواجه الحانُوتَ حاجزٌ خشبي لبيع السلع عليه.٦٢
ويذهب المشترون لأصحاب الحوانيت لشراء ما يحتاجون من المَنْسوجات بعد أن يحددوا ويسمُّوا ما يحتاجون، في حين نهى الفقهاءُ التجارَ عن تسمية وتحديد نوعيةٍ معينة من الثياب للمشترين،٦٣ وقد اعتاد بعض تجار النَّسيج الجلوس في حوانيتهم في جوٍّ مظلم أو ذي إنارةٍ ضعيفة لبيع سلعهم ليُواروا عيوبها، وبعضهم اعتاد فتح حانُوته في آخر النهار لقلة ضوء الشمس، فتحسن الثياب والمَنْسوجات في أعين مشتريها،٦٤ فحوانيت ودكاكين البزِّ غالبًا كان يسترها التاجر ويغطِّيها فلا تكاد السماء أن تُرى من كثرة الحجب، فتبقى مظلمة؛ فتحسن الخرقة بسبب الظلام، فإذا خرج بها إلى الضوء ظهرت عيوبها من الغلظ والخفة وغيرهما،٦٥ ويذهب المشتري للحانُوت ويختار ثيابًا بعينها أو يعرض التاجر عليه بعض الثياب سواء بالقطعة أو بالجملة،٦٦ ومن عوائد التجار عند البيع أن لهم غلمانًا وصبيانًا يعملون لديهم اعتادوا أخذ مبلغ من المال — هبة — من المشتري كنوع من العطف، وفي الغالب برضاء التاجر لأنه «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه.»٦٧
ولجأ بعض التجار أحيانًا للجلوس داخل الحوانيت أثناء البيع ليمعن النظر للنساء أثناء مرورهن في الأسواق أو عند شرائهن، أو أن بعض النسوة اعتدن الإتيان بأزواجهن ليشتروا ما تختاره، فإذا جلست على الدكان ذهب زوجها إلى مكانٍ آخر وتركها؛ فيستغللن تورع التجار فيتمايلن ويتكلمن برقة لتسهيل أمور البيع والشراء،٦٨ فضلًا عن نشوب الخلافات والخصومات بين النسوة أنفسهن وقت ازدحام السوق، فوصل الأمر في بعض الأحيان لتبادل الشتائم والضرب بينهن.٦٩
ولموقع الحانُوت وقربه من مكان اكتظاظ الناس وتوافدهم عليه أثره في العملية التجارية وفي قيمة الحانوت وازدياد سعره خاصة القريب من المساجد ومداخل المدن، فسعر الحانُوت بقيسارية غرناطة عام ٨٦٥ﻫ/١٤٦٠م ٧٥٠ دينارًا من الذهب،٧٠ وتتم عملية البيع بعقود يُذكر فيها مكان الحانُوت والسوق التابع له والمدة والمساحة والمؤجر.٧١
وكان بفاس في عصر المنصور الموحدي ٩٠٨٢ حانوت،٧٢ بالإضافة لحوانيت ودكاكين الكمادين التي استقرَّت بتونس،٧٣ وقُرْطُبَة التي بها كثير من الحوانيت قُدِّرت ﺑ ٨٠٤٥٢ حانوتًا،٧٤ من حوانيت الشقاقين وحوانيت الصوَّافين بالإضافة إلى حوانيت الحرارين.٧٥

(١-٢) القيساريات

ومن الأسواق التي عُرف عنها التخصص في العالم الإسلامي «القيساريات»، وهي عبارة عن مؤسسةٍ تجاريةٍ عامةٍ متسعة الطرق، بها مجموعة من الحوانيت والدكاكين، ضمت مباني كالمخازن والحوانيت والمساكن لمبيت التجار،٧٦ استقرَّت بموضع أو بحيٍّ منعزل يُغلق ليلًا؛ لأن العادة جرت أن يكون للقيسارية باب يُغلق ليلًا، وتلك الأبواب تُفتح في ساعات الحركة التجارية وتُحرس عن طريق مراقبين مخصَّصين لهذا الأمر،٧٧ وبها متاجر متنوِّعة يُباع فيها الحرير الخام والملفوف في رزم، ولا يُباع فيها أي نوعٍ آخر غير الحرير، على الرغم من أن الأقمشة المختلفة كانت تُغزل فيها وتُنسج في قديم الزمان.٧٨
ومن القيساريات التي اشتُهرت بها مدن الغرب الإسلامي وزخرت بتجارة النَّسيج، قيسارية القيروان التي كانت من الأماكن المشهورة، والتي تقع بالقرب من مسجد القيروان بسوق الضرب،٧٩ بالإضافة لقيسارية سوسة، واشتهرت بإعداد الكَتَّان المنسوج وبيعه،٨٠ وقيسارية بجاية الشهيرة، وقيسارية مراكش التي تقع في شرق المدينة بالقرب من باب الصالحة وباب الشريعة،٨١ وأمر المنصور الموحدي بعمارة هذه القيسارية في ٥٨٥ﻫ/١١٨٩م، ولعل تاريخ إنشائها يرجع إلى ٥٨٠ﻫ/١١٨٤م،٨٢ وقد تعرضت لحريق كبير عام ٦٠٧ﻫ/١٢١٠م وأُحرقت حوانيت بيع النَّسيج، فقد ذكر ابن عذاري٨٣ أن «الضرر الجاري بقيسارية مراكش … فتمكنت النار بيابس العيدان وشفوف الثياب.» وأعاد الناصر الموحدي بناء القيسارية رغم ما أصابها من جراء هذا الحريق الذي قضى على معظمها وأغلب تجارتها.٨٤
وقيسارية تلمسان الواقعة بالقرب من الجامع الكبير بتلمسان، وهي عبارة عن سوق كبيرة وموضع مهم للتجار العرب والأوروبيين، تُعرض فيها الثياب والأقمشة القادمة من أوروبا وخاصة من أراجون، وهو ما عكسته العلاقات والاتفاقات التجارية بين الحكام، كالاتفاق الذي تم بين السلطان الزياني أبي سعيد عثمان بن يغمراسن (٦٨١–٧٠٧ﻫ/٦٨٣–١٣٠٧م) وألفونس الرابع حاكم أراجون؛ حول تعيين قس في القيسارية.٨٥
ومن أشهر قيساريات الغرب الإسلامي التي هي خير مثال لقيساريات النَّسيج؛ قيسارية فاس،٨٦ فيصفها ابن الصباح٨٧ (فاس) قائلًا: «وهي مدينة فيها أسواق ومقاصير وعلالي وقيساريات وتجار من أقصى البلاد شرقًا وغربًا.» ومن خلال نص ابن الصباح يذكر أن بفاس قيسارياتٍ عدة، أو أنه بالغ في وصف قيسارية فاس الشهيرة لضخامتها وكثرة أسواقها، فبفاس قيساريتان إحداهما بعدوة القرويين والأخرى بعدوة الأندلس على وادي مصمودة،٨٨ فهي من القيساريات المرتبة المنسقة، خُصص معظمها لأمور النَّسيج، وبها كل سوق على حدة، كسوق الملف وسوق خياطين الملف، وسوق الكَتَّان الخام، وسوق القُطْن المغزول، وسوق الحرير المنسوج وغير المنسوج، وسوق صناع الحرير، وسوق الحرير المطبوخ، وسوق المَنْسوجات البالية، وسوق المفصل الجديد، وسوق الحاكة، وسوق الخياطين، وسوق الجلابية، وسوق البرنس، وسوق الكاغد، وسوق الإبر والمقص والمخيط والمساس.٨٩
وإبان القرن ١٠ﻫ/١٦م وصف الوزان٩٠ القيسارية وصفًا دقيقًا، بأنها عبارة عن سوقٍ مُنظَّم حسب التخصص المهني والحرفي، احتوت على اثني عشر بابًا، أمام كل باب سلسلة تحجب دخول الحيوانات، وضمت القيسارية خمسة عشر حيًّا، منها اثنان اختصا بتجارة الأقمشة الحريرية من بيع الأشرطة والشراريب لكسوة الخيول، ومثلوا خمسين حانوتًا، بالإضافة لباعة الحرير الملوَّن لتطريز القمصان والوسائد، وكان لهم ما يعادل الخمسين حانوتًا أيضًا، فضلًا عن حيَّيْن لباعة الأقمشة الصوفية القادمة من أوروبا ومعظمها من غرناطة، وبائعي الأقمشة وقلانس الحرير، ووُجد بها مكانٌ مُخصَّص لصنع الفرش والوسائد والزرابي، وبها العديد من حوانيت الخياطين فكانوا يشغلون ثلاثة أحياء، بالإضافة لحي صناع عمائم الرأس، وبعض الأحياء الخاصة ببيع الأقمشة الكَتَّانية وباعة القمصان والثياب النسائية، وحي خاص بصناع البرانس وحواشيها، وحي مخصص لبيع الثياب الصوفية الأوروبية الصنع، وحي آخر لبيع الثياب المستعملة وبخاصة الكتانية.
ووُجد بها أيضًا بعض الحوانيت الصغيرة الخاصة ببيع الزرابي التي كانت تُباع بالمزايدة، وقيسارية سبتة التي كان موقعها خلف المسجد الجامع الأعظم،٩١ هذا بالإضافة لقيسارية أسفي التي ذخرت بالعديد من التجارات.٩٢
ومن أهم قيساريات الأندلس؛ قيسارية ألمَرِيَّة الواقعة في الجانب الغربي من المدينة، ويصفها العذري٩٣ بقوله: «فقد رُتِّب كل صناعة فيها حسب ما يشكل لها.» فقُسِّمت ونُظمت فيها الحوانيت بشكلٍ منتظم ومنسق، كلٌّ حسب حرفته وتجارته. وقيسارية إشبيلية التي ضمَّت سوق الثياب، وسوق الخياطين، وسوق الصباغين، وسوق السقاطين. وقد أمر الخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي في٥٧٢ﻫ/١١٧٦م ببناء القيسارية حول المسجد الجامع، ونُقل إليها سوق الخياطين وسوق البزازين، فكان لها أربعة أبوابٍ ضخمة تحيطها، وسُقِّفت تلك القيسارية بألواح الخشب المزخرفة.٩٤
وقيسارية قُرْطُبَة واتخذها المستنصر بالله (٣٥٠–٣٦٦ﻫ/٩٦١–٩٧٦م) بعد حريق سوق قُرْطُبَة عام ٣٤٠ﻫ/٩٣٥م، فاكتظت بالأسواق؛ ما جعل المستنصر ينقل دار البرد منها.٩٥
وقيسارية غرناطة التي اشتهرت ببيع أنواع الحرير وصنوف السلع الفاخرة، وكثرت بها الحوانيت والأسواق، فوُصفت بأنها كقيسارية فاس من حوانيت للقراقين والصاغة وغيرها، وتعرضت لسيل عام ٨٨٣ﻫ/١٤٧٨م نزل على معظم المدينة حتى وصل إلى رحبة الجامع الأعظم فأثَّر على المدينة والقيسارية.٩٦
وقيسارية بلنسية الواقعة قرب الباب المسمى بباب القيسارية في الجنوب الغربي من سور بلنسية،٩٧ وقد ذكر ابن الأبار٩٨ عن قيسارية بلنسية أن لابن منتيال الوراق (ت٦١١ﻫ/١٢٤١م) دكانًا بتلك القيسارية يقعد فيه للتجارة وبيع الكتب، وبطليطلة قيساريةٌ كبيرة تعرضت لحريق في عام ٨٧٣ﻫ/١٤٦٨م،٩٩ كما وُجدت بعض القيساريات الأخرى كقيسارية بليش، بالإضافة لميورقة فكان بها قيساريتان إحداهما خاصة بالعطارين.١٠٠

(١-٣) الفنادق

أدى ازدياد النشاط التجاري في بلدان الغرب الإسلامي، وكثرة عدد التجار الأجانب الواردين إليها، إلى بناء عدد من الفنادق داخل الأسواق التجارية لمبيت التجار سواء للراحة أو لقضاء الليل.١٠١
وقد شغلت هذه الفنادق مكانةً مهمة في العمران الاقتصادي، وكثرت تلك الفنادق بصفةٍ خاصة في مراكز المدينة حول المسجد الجامع،١٠٢ وبجوار حمامات المدن،١٠٣ وتأثر المسلمون بنظام الفندق اليوناني المعرف باسم Agroa والروماني المعروف باسم Horrea، وقد ظل اسم الفندق الإسلامي في الأندلس معروفًا في إسبانيا المسيحية وعرف باسم Alhondiga أو Alfondiga واشتُقَّت منه كلمة Fonda الإسبانية.١٠٤
وسُميت الفنادق بأسماء البضائع والسلع التي تُباع فيها من الحبوب والكَتَّان والخضراوات والتين والخمر وغيرها، كفندق الخمر،١٠٥ وفندق الرماد الذي خُصص لتبييض الغَزْل، واشتُري الرماد من السلطة، المخزن،١٠٦ وفنادق صباغي الحرير بغرناطة،١٠٧ وبعضها نُعتت بأسماء أصحابها كفندق زائدة بغرناطة،١٠٨ وفندق السلطان،١٠٩ أو ببلد من نزل بها من التجار مثل فندق الجنوية والشامية.١١٠
وتحولت الفنادق بمرور الوقت من مجرد نُزل يقطُن به التجار أثناء عمليات البيع والشراء، إلى سوقٍ صاخب يختلط فيه التجار المقيمون بالقادمين مع سلعهم وبضائعهم، كما كانت تتم داخل الفندق الصفقات التجارية فضلًا عن أمور البيع بالمزاد.١١١
وخُصص الفندق في المغرب لتخزين الثياب والأقمشة القادمة من أوروبا خاصة؛ فكانت تطل على الأسواق لتوفير الوقت والجهد، وحَوَت العديد من المخازن الكبيرة التي تتسع لسلع التجار المقيمين بها،١١٢ فكان بسبتة ٣٦٠ فندقًا،١١٣ وبفاس ٤٦٧ فندقًا،١١٤ وعن فنادق طليطلة فكان بها ما يقارب ٦٠٠ فندق خُصصت لخزن الأقمشة والحرير والبضائع،١١٥ وقُرْطُبَة بها أكثر من ١٦٠٠ فندق.١١٦
بالإضافة للفنادق وُجدت بعض الخانات، التي يأوي إليها الناس، وأشار ابن دحية١١٧ لبعض الخانات بضواحي فاس، كما وُجد بغرناطة الخانات الخاصة بصابغي الحرير وتقع بالقرب من حمام البيازين.١١٨
كما وُجدت التربيعات وهي عبارة عن سوقٍ مربع الشكل به حوانيت ودكاكين خُصصت لبيع بعض السلع وبخاصة المنسوجات،١١٩ تختلف في مساحتها حسب موقعها؛ فمنها ما وُجد بها مسجد؛ نظرًا لكبر مساحتها، وكان بفاس — أيام المرابطين والموحدين — أكثر من ثلاثة آلاف وثلاثة وستين تربيعةً معدةً لأمور النَّسيج،١٢٠ ووُجد بسبتة تربيعات للقزازين والحرارين «إحدى وثلاثون تربيعة مفترقات بالممرات والأسواق خلال الأطرزة، من أول المدينة إلى آخرها، أعظمها التربيعة التي بأسفل زقاق خطاب سامية في الهواء كأنها معقل أو قلعة على ثلاث طباق وفي صحنها مسجد.»١٢١ كما وُجد بتلمسان العديد من تربيعات الصوف بدرب شاكر في تلمسان خُصص أغلب هذا الدرب للعاملين بالصوف وحياكته،١٢٢ ووُجد بمراكش العديد من التربيعات.١٢٣

(٢) نظم النَّسيج التجارية في الغرب الإسلامي

قبل الحديث عن النظم التجارية التي اتبعت في الغرب الإسلامي والخاصة بتجارة النَّسيج والتي خضعت لمتطلَّبات العرض والطلب ورغبة المشترين والبائعين في ممارستها، لا بد من إيضاح أصناف تجار النَّسيج في الغرب الإسلامي:

(٢-١) فئات تجار النَّسيج في الغرب الإسلامي

اختلفت فئات تجار النَّسيج من ريف أو حضر أو بادية، أو من علماء أو ذميين أو تجار قوافل أو تجار جملة، مارست تلك الأعمال واعتمدت على النشاط الحرفي والصناعي، واختلف دور كل منهم لاختلاف تلك الفئات، وشكَّل هؤلاء التجار الفئة الأكثر تمركزًا في المدن والحواضر وعواصم الغرب الإسلامية.

(أ) التجار العلماء

حثَّ الإسلام على طلب الرزق وخاصة في ميدان التجارة، فقال عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا،١٢٤ وجاء في الأثر أن تسعة أعشار البركة في التجارة، وفي رواية تسعة أعشار الرزق في التجارة: «عليكم بالتجارة فإن فيها تسعة أعشار الرزق.»١٢٥ كما قال : «التَّاجر الأمِين الصَّدُوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة.» وقال : «ثلاثة يُظلِّهم الله يوم لا ظل إلا ظله التاجر الأمين والإمام المقتصد وراعي الشمس بالنهار.»١٢٦ فكان لذلك أثره في الْتحاق الكثير من علماء الغرب الإسلامي في ممارسة الأعمال التجارية، على الرغم من اختلاط أمور الغشِّ والتدليس والخديعة بها، التي قام بها بعض التجار، إلا أن هؤلاء تميَّزوا بالأخلاق العالية التي تبوَّءوا بها عند الناس والتي جلبت لهم الاحترام والتوقير، قال رسول الله : «أطيب الكسب كسب التجار: الذين إذا حدَّثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يُخلِفوا، وإذا ائتُمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذمُّوا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسروا.»
ومن أشهر العلماء الذين زاولوا الأعمال التجارية الخاصة بالنَّسيج العالم أبو محمد عبد الله الشريف، عمل بالخياطة والتجارة بأسواق بجاية،١٢٧ والعالم والفقيه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر الهمذاني الوهراني أبو القاسم (ت٤١١ﻫ/١٠٢٠م) ابن الخراز من أهل بجانة، كان يتَّجر بثياب يبتاعها ببجانة ويقصرها ويحملها إلى قُرْطُبَة ويبتاع في ثمنها ما يصلح لبجانة،١٢٨ وخليل القرطبي كان شيخًا صالحًا، محترفًا بالتجارة وكان حيًّا سنة ٤١٩ﻫ/١٠٢٨م،١٢٩ وكذلك أبو الحسن علي بن عبد الله المعروف بابن الخلاف من أهل الورع والفضل والزهد له حانوت يبيع فيه القُطْن بالقيروان،١٣٠ وأبو جعفر حمديس القطان تاجَر في القُطْن مع عبد الجبار بن خالد بسوق الأحد بالقيروان، وكذلك الشيخ الفقيه أبو بكر بن هذين بالقيروان كان يشتري الكَتَّان لزوجته لتَصنع منه أبدانًا يقوم هو ببيعها في الأسواق حتى يتعايشا، ويذهب لبيع تلك الأبدان،١٣١ بالإضافة إلى الشيخ القشتالي التلمساني فكان لديه حانوت بقيسارية أسفي يعمل به بعد الانتهاء من دروسه.١٣٢

(ب) التجار الذمِّيون

وفَّرت الشريعة الإسلامية لأهل الذِّمة قدرًا كبيرًا من الحقوق والواجبات،١٣٣ كحرية البيع والشراء والتنقل فحَمَت أموالهم ودماءهم؛ ما كان له الأثر الأكبر في ازدياد تجارة اليهود وحياتهم بصفةٍ خاصة.١٣٤
وكان للتجار اليهود — وبخاصة الأندلسيون — دورٌ مهم في استمرار الحركة التجارية في البحر المتوسط بين الغرب المسيحي والغرب والمشرق الإسلاميين؛ فأخذ هؤلاء التجار السلع التي تصل إلى الأندلس من بلاد المشرق، وتُصَرَّف في بلدان الغرب المسيحي، فباعوها في بلاد الغال (فرنسا) التي كانت المركز الرئيس الذي تنتقل منه هذه السلع إلى دول أوروبا، وهو ما ذكره الحميري١٣٥ في معرض وصفه لمدينة مغانجة الواقعة في بلاد الفرنجة: «ويختلف إلى مدينة مغانجة أهل بردون واليهود بجهاز الأندلس، وذلك غزل الحرير والخز والبياض والشقيق والزئبق الأحمر واللاذن والزعفران، وغير ذلك من السلع والبضائع.»
وعلى أثر ذلك تمتع يهود الغرب الإسلامي بالمكانة والنفوذ التجاريين في كافة أرجاء البحر المتوسط، فكوَّنوا ثرواتٍ طائلةً من جراء ممارستهم لمعظم الأنشطة التجارية داخل مدن الغرب الإسلامي؛ فعملوا وسطاء بين التجار،١٣٦ ومارسوا أعمال السمسرة وانتشروا في الأسواق،١٣٧ وهذه الثروات استطاع يوسف بن تاشفين أن يحصل على معظمها بفرضه ضريبةً ثقيلة عليهم «افترض على اليهود في تلك السنة [٤٦٤ﻫ/١٢٦٥م] فريضةً ثقيلة اجتمع له منها جملة مال استعان به على ما كان بسيلية.»١٣٨
وخُصص لصانعيهم وتجَّارهم أحياءٌ خاصة بهم، فخَصص لهم أبو يوسف يعقوب المريني حي الملاح بالقرب من القصبة بمدينة فاس، ومنطقة الجمعة الجديدة التي كانت أحياؤها ودكاكينها منظمة بدرجةٍ كبيرة،١٣٩ كما تدلُّ أسماء الشوارع والحارات في الأحياء اليهودية في عددٍ من المدن الأندلسية على أن يهود الأندلس عملوا بكلِّ أصنافِ التجارة، لكنَّهم تخصَّصوا في تجارة الأنسجة والملابس الحريرية، ففي عام ٧٣٦ﻫ/١٣٣٧م وفي قيسارية قلعة أيوب صدر حكم بعقاب وحجز ممتلكات أربعة من تجار الثياب والقماش اليهود؛ نظرًا لقيامهم بالبيع خارج القيسارية، وبلغت قيمة العقوبة خمسمائة دينار من الذهب،١٤٠ ومنهم من عمل بالدَّلالة بحمل الأمتعة لبيعها في البيوت للنساء،١٤١ كما تضيف وثائق الجنيزة عن عددٍ كبير من التجار اليهود الذين مارسوا تجارة النَّسيج في مصر والحجاز والمدن الإيطالية وغيرها،١٤٢ وليهود مدينة تفزة بالمغرب الأقصى أكثر من مائتي بيت ومعظمهم باعة وصناع قصدهم التجار الغرباء يشترون منهم البرانس،١٤٣ ومن أسلم من اليهود أُتيح له ممارسة بعض الحرف التي قُصِرت على المسلمين كما بفاس «وأما من أسلم من اليهود فاحترف بخياطة الملف والثياب وضفر القيطان الذي يُخاط مع الثياب ونسج العقد ونسج قلنسوة وتبطينها وصبغها وتصفيفها.» وهذا يعكس أن اليهود زاولوا معظم أنشطة النَّسيج الصناعية والتجارية وبخاصة في فاس.١٤٤

(ﺟ) تجار القوافل

وبجانب تجار الذمة كان تجار القوافل، وهؤلاء هم التجار الذين قصدوا بلدان الغرب الإسلامي برحلاتهم بغرض الاتِّجار بسلعهم وبضائعهم، ومن بينها النَّسيج، كتجار مدينة أغمات، فكانوا «أملياء مياسير، يدخلون بلاد السودان بأعداد الجمال الحاملة لقناطير الأموال من أنواع النحاس الأحمر والأكسية والثياب والعمائم والمآزر.»١٤٥
تجار الجملة سيطروا على معظم التجارة، يجمعون المَنْسوجات المحلية لعدم قدرة أصحابها على بيعها، خاصة من الحاكة وصغار النساجين بعد عرضها داخل الأسواق، أو عن طريق المزايدات التي تُعقَد ثم بيعها إلى تجار المفرَّق،١٤٦ فمنهم من يتجمع عند مداخل الأسواق لاستقبال التجار الوافدين فيشترون منتجاتهم قبل دخولها للأسواق،١٤٧ وهؤلاء بالنسبة لتجارة النَّسيج من أنشط التجار، فلديهم مجموعة من الوسطاء والتجار الذين لهم الخبرة الكافية، فعادة ما يبدءون عملهم من الحقول للحصول على النَّسيج الخام الجيد والموثوق؛ لأنهم أجادوا التعامل مع المزارعين ماليًّا.١٤٨

(٢-٢) أصناف تجار النَّسيج في أسواق الغرب الإسلامي

(أ) الدَّلَّال

هو الشخص الذي يُخبِر ويُعلِم القادمين من التجار بموضع السلع في البلد، وهو من يُعَرِّف أصحاب السلع بالتجار، ويُرشد البائع على المشتري والمشتري على البائع،١٤٩ فمن مَهامِّه إرشاد المشترين على التجار المعروفين بعدم وفائهم بالعطاء الذي يرسو في المزاد؛ لأن في ذلك ثقة ومكانة له داخل السوق،١٥٠ هو من يفتح البيع بالمزايدة، وينادي السِّمْسار الذي يصيح ببداية الشراء والبيع «والدَّلَّال يقول هذا مفتاح الباب، والسمسار يصيح قام النِّدا فما تنتظرون بالثبات.»١٥١ وينادي ويصيح على الثوب المراد بيعه حتى يصل إلى المبلغ المناسب فيبيعه باتفاق مع صاحب الثوب،١٥٢ لذلك فهو كثير الكذب بإيهام التجار والمشترين أنه مُشترٍ مثلهم، ويعتبر ذلك بابًا من أبواب المعيشة له كما ذكر الدمشقي،١٥٣ فيوهم المشترين عن سلعةٍ ما راكدة بأنها مطلوبة في السوق وأن غيرهم من التجار أقبلوا عليها وهي ليست كذلك،١٥٤ فجاء العامة بأمثالهم ليعبروا عن صفات الدَّلَّال بقولهم «من استمع من دَلَّال، بقا بلا فضل، بلا رأس مال.» ما يدل على كثرة نفاقه وكذبه،١٥٥ وكثيرًا ما تَشارك الدَّلَّال مع أصحاب الحوانيت لجذب التجار الغرباء والمشترين، بأن لجأ بعض تجار البز إلى شراكة الدَّلَّال أو المنادي، بأن يكون البيع معهم؛ ما اعْتُبِرَ من أبواب الغش والتضليل،١٥٦ كما استُؤجر لينادي على بيع السلع مقابل أجرٍ معلوم،١٥٧ فيبذل مجهودًا لبيع الثياب بالاستقصاء والبحث عن أفضل سعر سواء بعد مشورة صاحب الثوب أو من دون مشاورته.١٥٨
وفَضَّل بعض التجار والمشترين الدَّلَّال عند الشراء عن الجلَّاس لما عُرف بالغش والتدليس في البيع كجلاسين الحرير؛ فكانوا يأخذون أجرة البيع مرَّتَين، واحدة من المشتري وأخرى من البائع؛ مما دفعهم لرفع ثمن السلعة كي تزيد أجرتهم،١٥٩ والجلاسون هم أصحاب حوانيت داخل السوق يتم فيها البيع بالمزاد لحساب التجار وخاصة النصارى، وأسوأ الجلاسين سلوكًا باعة القرق.١٦٠
ويبدأ الدَّلَّال عمله بأن ينادي على سلعة بسعرٍ معين، ويزيد عليها في الثمن لصالحه دون علم صاحبها،١٦١ أو يتخذ الثياب الجيدة لنفسه كي يتَّجر بها لصالحه، خاصة أنهم عرفوا بأمور الربا والبيع الفاسد في كثير من الأحيان،١٦٢ فمنهم من تواطأ مع بزاز بتبادل الإشارات «الغمز» مع التجار لشراء سلعة بعينها بسعرٍ بخس، فعند قدوم أحد التجار لبيع بعض المتاع ينادي عليه بسعر غير المتفق عليه، وعمد بعض الدَّلَّالين إلى إعطاء التجار المعروفين أموالًا ليحتكروا بيع مصنوعاتهم في السوق.١٦٣
ومن طرق البيع التي اتُّبعت عند الدَّلَّالين، ما عُرف ﺑ «إعكام البز» بأن يستأجر دلال على بيع البز، ويتفق معه على أجرةٍ معلومة مقابل بيعها بأن «يُقال صِحْ على هذه السلعة، فإن بعتَها بعشرة دنانير فلَكَ من كل دينار سدسه.»١٦٤ كما مارس الدَّلالة كل من تعرَّض للخسائر أو الإفلاس من التجار أصحاب الحوانيت؛ فاضطروا للعمل بها لخبراتهم في البيع والشراء وإقناع المشترين.١٦٥

(ب) السمسار

السماسرة أو الدَّلَّالون أو الطوَّافون،١٦٦ وهو الوسيط بين التاجر والمشتري،١٦٧ والسمسار كما عرَّفه ابن رحال١٦٨ بأنه «الذي يطوف بالسلعة ويدور بها على التجار ويقول من يزيد عليها.» وسماسرة النَّسيج نوعان؛ الأول: من يقوم بأمور السمسرة في الحقول مع المزارعين البسطاء ومع التجار الراغبين في شراء المحصول مقابل عمولاتٍ نقدية يحصل عليها، ولهم مطلق الحرية في إبداء رغباتهم في نوعية النَّسيج وجودته؛ لأنهم مفوَّضون من قِبل التجار، وتذكر خطابات الجنيزة أن هؤلاء التجار كانوا على علم بمواعيد الحصاد وبمواعيد الحلج والتصنيع؛ فأرسل تجار النَّسيج اليهود أقاربهم إلى مصر لشراء الكَتَّان من الحقول لإرساله إلى بلدان الغرب الإسلامي، فحرص التجار على إرضاء السماسرة كي لا يقعوا في خلافات معهم.١٦٩ والثاني: من يحمل الثياب ويهتف وينادي عليها لجذب المشترين.١٧٠
ومن عادات السمسار التكلُّم بالكذب، فتارة يشيع أن السلعة نادرة بالأسواق ولم يبقَ في السوق غيرها، وتارةً أخرى يشيع أن سعرها سيزيد، أو الراغبين فيها كُثر ليتهافت الناس على شرائها دون تردُّد ومفاصلة،١٧١ وكثيرا ما ترك أصحاب الثياب الأمر في تحديد السعر للسمسار بأن يقولوا له «اعمل فيه برأيك.»١٧٢ لهذا يلخص ابن رحال١٧٣ السمسار في أنه هو «الحاذق العالم بالبيع والشراء يجلس في الحانوت يبيع لمن أراد البيع ويشتري لمن أراد الشراء.»
وعن ضمان السمسار اختلف الفقهاء؛ فذكر القاضي عياض١٧٤ بوجوب تضمينه «إذا ادعوا الضياع … وقل المؤتمن.» أو كما ذكر ابن رحال١٧٥ بقوله عن خلاف ضمان السمسار: «وأما مسمى السمسار ففي ضمانه ما دفع له يبيعه وما لبه من ربه لمُتشرٍ أمره بشرائه، ثالثها: ما لم يكن مأمونا، ورابعها: فيما دُفع لهم، لا فيما طلبوه.» لهذا فكثيرًا ما سُئل الفقهاء عن مدى تضمين السمسار عند تضييعه للثياب التي يأخذها ليبيعها ثم يدعي تلفها.١٧٦
وأدَّى السمسار دورًا فاعلًا في أمور السوق وفق تقاليدَ وطرقٍ معهودة،١٧٧ فمن عادته عند البيع أن يزين السلعة في عين المشتري «ولا يبينون له ما فيها من الغش ثم يضيفون إلى ذلك الحلف بالأيمان الكثيرة ليؤكدوا له صدق كلامهم، أو يقوموا بإغراء صاحب السلعة بخلط جيدها برديئها حتى تكثر ويجني أرباحًا كثيرة.»١٧٨ لأنه يعلم عيوبها؛ ما اعْتُبر نوعًا من الغش من السمسار١٧٩ وكثيرًا ما يحدث الخلاف بين السمسار وصاحب الثوب على الثمن، خاصة بعد قيام السمسار بعرضه للبيع، فيعطي صاحب الثوب التاجر ولا يعطي السمسار أجرته، أو يفقد الثياب بتركها عند أحد التجار فيضيع بعلم صاحب الثوب١٨٠ أو أن يتركه في أحد حوانيت التجار فيضيع، أو عند من استقر عليه البيع، أو يُعطيه أحدهم ثَوْبًا مسروقًا لكي يبيعه،١٨١ أو يفقد قيمة الثوب نتيجة تمزيقه عند طيه أو نشره لعرضه على التجار والزبائن.١٨٢
لكل هذا سعى السماسرة على البيع وجلب أفضل الأسعار ليأخذوا أفضل العمولات، وفي بعض الأوقات يأخذ بعض السماسرة أجرة سواء باع أو لم يبع،١٨٣ أو يُخلف أحد التجار وعده بأن يأمره لكي يأتيه بثوب ليشتريه، فيخرج صاحب الحانوت ثَوْبًا من عنده فيشتريه التاجر، ولا يشتري من السمسار١٨٤ وفي هذا دليل على أن السمسار بالإضافة لجلوسه في الأسواق وفي الطرقات جلس في حوانيت التجار والصناع.
وحرصًا من السمسار على إرضاء المشترين يعرض عليهم أكثر من صنف للاختيار، عن طريق أخذ عدة أثواب من عدة تجار وحوانيت، وفي هذه الحالة عليه أن يُميِّز كل ثَوْب أخذه حتى لا تضيع الثياب وتتبدَّل، واتفق السماسرة، فيما بينهم، على البيع منفردًا ليجنوا أرباحًا أكثر ثم يقتسموا الربح فيما بينهم،١٨٥ وفي بعض الأحيان يشتري السمسار الثوب لنفسه أملًا في بيعه في وقتٍ آخر، ويأخذ أجرة السمسرة فيه.١٨٦

(ﺟ) الباعة الجائلون

هم التجار الصغار الذين يُنادُون على بضائعهم في الشوارع، وأسعارهم أقل مما يُباع في الحوانيت والدكاكين، وكثيرًا ما يُسبِّبون الإزعاج لأصحاب الحوانيت التي يقفون أمامها أو بالقرب منها، وانقسم الباعة الجائلون إلى صنفَين: مَن يفترش الأرض وعُرفوا بأرباب المقاعد خاصة بائعي الأطعمة، والصنف الآخر منهم من ينادون ويدورن على بضائعهم،١٨٧ فكانوا يمرون على البيوت لعرض سلعهم، كما تشاركوا فيما بينهم من أجل الدَّور على المنازل والقرى والأماكن البعيدة عن الأسواق «اشترك فلان وفلان الدَّلَّالان للدُّور أو للرقيق أو للبز على الدَّلالة على الدُّور أو الضياع والسعاية في ذلك مجتمعَين لا يفترقان، وعليهما في ذلك تقوى الله تعالى وأداء الأمانة.»١٨٨ فألزم ابن عبدون١٨٩ بأن «لا يكون دلال الدُّور شابًّا، إلا شيخًا عفيفًا قد شُهِر خيره.»
كما مارس بعض النسوة الدَّور على المنازل وعُرفن بالدلالات أو السواقات «السوَّاقة» فكن يعرضن ما يمتلكن من أمتعة لبيعها للنساء،١٩٠ كما ذكر ابن فرحون١٩١ بقوله: «وهؤلاء النساء اللائي يبعن على الدور ما دُفع إليهن من الثياب والحلي والجوهر.» وفي وقت الحر كانت تخرج عليهم النساء سافرات الوجه لشراء الأمتعة والسلع منهم.١٩٢

(٢-٣) مقاييس النَّسيج في الغرب الإسلامي

حرص صناع وتجار الغرب الإسلامي عند الشروع في أمور الصناعة أو عند البيع بذكر القياس والإعلام به؛ لأن التاجر قد يتعرض للخسائر نتيجة لعدم الدقة «وهو أن يشتري المقطع على أنه ثلاثون ذراعًا، فيجده إحدى وثلاثين؛ فيأخذ الزائد لنفسه ثم يخبر المشتري بالثمن الذي اشتراه به ولا يذكر له الزيادة.»١٩٣ أو تنشب الخلافات بين الحائك وصاحب الثوب حول مقدار القياس فيقول: «أمرتني بأن أنسج ثَوْبك ثلاثًا في ست، وقال ربه: بل تسعًا في أربع.»١٩٤ أو يأمره بأن ينسج غزلًا «سبعًا في ثمانٍ» فنسجه «ستًّا في سبع»١٩٥ فمن بين تلك المقاييس:
  • الأصبع: وتساوي الأصبع «ست شعيرات معترضات ظهرًا لبطن»؛ أيْ ما يوازي ١ / ٤٢ من الذراع عند الحنفية، وعند المالكية يساوي ١ / ٣٦ من الذراع؛١٩٦ أيْ «٢سم».١٩٧
  • القبضة: تساوي أربع أصابع «بالخنصر والبنصر والوسطى والسبابة» وتساوي عند المالكية ٥٫٨٨٨سم،١٩٨ أي تساوي ما بين ٩سم و٨سم.١٩٩
  • الشِّبْر: اختلف طول الشِّبْر من مكان لآخر كغيره من المقاييس المعتمدة على أعضاء الجسم؛ فلم تكن مستقرة لاختلاف البشر في طول وقصر القامة، ويعادل الشبر ست أصابع،٢٠٠ أي يساوي ثلاث قبضات أي نصف ذراع وهو ما يعادل ٠٫٢٤سم٢٠١ فيذكر ابن حوقل٢٠٢ عند ذكره للبود الأندلسية «قد جعل عروضها خمسة وستة أشبار.»
  • الذراع: بسط اليد ومدها، وأصله من الذراع وهو الساعد، وهو ما بين طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى، ما يعادل ثلاثة أشبار أي ٦٧سم٢٠٣ والذراع عند المالكية يساوي ٤٦٫٣٧سم٢٠٤ والذراع في المغرب يقارب ٦٨٫٣٥سم وهي ذِراع البز، واختلف قياسه وقدره من موضع لآخر وحسب المادة المراد قياسها،٢٠٥ والذراع اليد المصرية وهي عين الذراع الشرعية تراوحت ما بين ٥٠٫٣سم و٤٨٫٥٤سم حسب طول الأصبع.٢٠٦ ومن الأذرع الأخرى ببلدان الغرب الإسلامي:
    • (أ) الذراع الملكية:
      ارتبط استخدام هذه الذراع في مدينة تلمسان بتجارة النَّسيج بالدرجة الأولى، التي مُورِست في قيساريتها، وعُرفت تلك الذراع ﺑ «الذراع الملكية»، نسبة إلى السلطان أبو تاشفين الأول عبد الرحمن (٧١٨ﻫ/١٣١٥م–٧٤٩ﻫ/١٣٤٨م) الذي وضعها لتكون الذراع المرجعية على باب القيسارية التي أُنشئت في عهده، وهي عبارة عن قطعةٍ صفراءَ شفافةٍ مثبتة بجدار في حانوت أمين التجار، كُتب عليها عبارة «الحمد لله والشكر لله هذا قياس آلة الذراع بالقيسارية عَمَّرها الله في شهر ربيع الثاني عام ثمانية وعشرين وسبعمائة»٢٠٧ ويُرجع إليها عند الاختلاف بين تجار النَّسيج والزبائن، وقُدِّر طول هذا الذراع ﺑ ٤٧سم، وكان معهودًا نصب لوحة من مقياس «ذراع» في واجهات أسواق الثياب؛ لتكون مرجعًا لمن يرغب في شراء أو بيع نَسِيج أو قماش، أو من يتخلله الشك في القياس ومدى دقته، فيحتكم إلى ذلك القياس،٢٠٨ كما حدث في ١٢ من ذي القعدة ٩٨٤ﻫ/١٥٧٧م، أن رجلًا اشترى من تاجر قطعتين من الثياب الصفاقسية على أن كل واحدة منهما قياسها ثلاثون ذِراعًا، ثم باعها المشتري لرجلٍ آخر فوجد بها نقص ثلاث أذرع. مثل هذه الواقعة توضح أنه في بعض الأوقات لجأ التجار للغش في أداة القياس نفسها،٢٠٩ أو يخطئ التاجر في القياس لمصلحة المشتري، بأن يشتري أحدهم ثَوْبًا مقاسه «سبعة في ثمانٍ» فيجده المشتري أكبر من ذلك.٢١٠
      لهذا حرص التجار عند بيع النَّسيج — قُطْنًا أو كتانًا أو صوفًا — أو شَق الثياب على ذكر نوع وبلد الذراع المنسوب إليه النَّسيج، «قلت: في شقة كتان أو قُطْن بيضاء صافية البياض جيدة الكمد صفيقة رقيقة طولها كذا وعرضها كذا بذراع كذا.»٢١١
    • (ب) الذراع الرشاشية:
      حدد ابن غالب٢١٢ عند حديثه عن جامع قُرْطُبَة ومدينة الزهراء قياس الذراع الرشاشي: «وهو ذِراع واحد وثلث ذِراع.» كمقياس، ويعادل ١ / ٣ من الذراع العادي (اليدوي)؛ لأن الذراع العادي يقابل ثلاثة أرباع الذراع الرسمي (الرشاشي) الذي كان من ٣٢ أصبعًا، واستمر استخدام ذلك الذراع بصفةٍ عامة في الأندلس بعد سقوط الحكم الإسلامي بها، فظل تجار قيسارية طليطلة يستعينون بهذا الذراع في قياس أقمشتهم.٢١٣
  • القالة: مقياسٌ قريب من الذراع، ولعله اسْتُخدم لتعويض الذراع في بعض الأوقات ولقياس المنسوجات،٢١٤ واختلف طول القالة حسب طبيعة المَنْسوجات نفسها، فمنها:
    • القالة الإدريسية: ضبط السلطان أبو عنان المريني المقاييس وأعلنها للناس، فوضع على جدران مدينة فاس القديمة مقياسًا للذراع خُصص لقياس الثياب، وأُلْصِقت تلك الذراع «القالة» داخل مقر المحتسب، الذي كان موجودًا في الساحة الصغيرة لباعة الحناء الواقعة بسوق العطارين بفاس، كانت على حائط في ارتفاع ٥٠سم عن الأرض، وهي عبارة عن قطعة من الرخام الأبيض كُتب عليها العبارة التالية: «الحمد لله، أَمر بعمل هذه القالة: مولانا أمير المؤمنين أبو عنان أيده الله ونصره، وذلك عام خمسة وخمسين وسبعمائة.» فكان طول هذه القالة ٤٦سم، وخُصت لقياس الثياب الصوفية، لهذا أُطلق عليها «القالة الدرازية» أي مقياس المَنْسوجات المطرَّزة، كما سُميت ﺑ «القالة الإدريسية» نسبة لمدينة فاس.٢١٥
    • القالة السوسية: وُجدت تلك القالة بشارع سوق العطارين بالقرب من موضع القالة الإدريسية، أُلصقت على أحد الحوائط بين دكانين طولها ٥٥سم، خُصصت لتجار الجوخ والحرير والكتان؛ لهذا سُميت ﺑ «القالة الكتانية» و«مقياس القُطْنيات» و«القالة السوسية»، وهي عبارة عن رخامةٍ بيضاء كُتب عليها: «الحمد لله، هذا مقياس ذراع قالة القيسارية […] وذلك عن أمر مولانا أمير المؤمنين المتوكل على رب العالمين أبو عنان، أيده الله ونصره، وذلك عام خمسة وخمسين وسبعمائة.»٢١٦
      وأشار برنشفيك٢١٧ بظهور مقياسٍ إيطالي آخر لقياس الثياب وهو «الكانة» Canna واسْتُعملت في بلاد المغرب في القرن ٨ﻫ/١٥م لقياس الأقمشة المستوردة، واختلفت الكانة من موضع لآخر، فكانة تونس أطول من كانة مدينة أنكونة، وكانة مدينة طرابلس أطول من كانة مدينة البندقية؛ إذ بلغ طولها ٢٫٢٠ متر.٢١٨
      ومن اللافت للنظر أن القالة التي خُصصت في العصر المريني لقياس الثياب والقماش هي نفسها الكانة التي خُصصت لقياس الأقمشة المستوردة؛ ما دعا الوزان٢١٩ لأن يذكرها ﺑ «الكنا»، ولعل ابن الوزان وبرنشفيك قصدا بها القالة السوسية أو الإدريسية.

      ومن الممكن أن لفظ القالة لفظ ليس بالعربي، وفي هذا دليل على اختلاف المقاييس حسب نوع الثياب، أي أن القماش الخام — صوف أو قُطْن أو حَرِير — كانت له مقاييس خاصة به، والثياب المقصورة لها مقاييس اختلفت في طولها عن سابقتها، وهو يوضِّح ما وصل إليه تجار ومحتسبو أسواق الغرب الإسلامي في تنظيم أمور البيع والشراء.

  • البيت: نوعٌ آخر من المقاييس اسْتُخْدم في قياس النَّسيج، وشدَّد المحتسِبون على ضرورة تحديد نوع البيت ووصفه عند الاتفاق مع الصناع والتجار، خاصة مع الحرير؛ لأن جودة ثِياب الحرير تُحدَّد بعدد بيوتها: «فإذا قلَّ عن اثنين وأربعين بيتًا في المنسج.»٢٢٠ وكذلك عند البيع والشراء يُحدَّد عدد البيوت، وهو ما ذكر «عن رجل اشترى من رجل زمائل زرقًا، والتزم له البائع المذكور بثمانية بيوت من الشعر.»٢٢١ أو ما ذُكر في أحد العقود «عقد تاريخه شعبان سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، فيه أنه دفع إلى مفرج بن مبارك النساج، عشرة مثاقيلَ قديمةٍ طيبة على نسج أربعين شقة خز، كل شقة من ستين بيتًا، سعة كل شقة أربعة أشبار وطولها ستة عشر ذراعًا.»٢٢٢
    وعدد البيوت من علامات ضبط صناعة الحصر الجيدة فذكر ابن بسام:٢٢٣ «وهي أبيات أعلاها مائة، وما دونه تسعون، وما دونه ثمانون، وما دونه سبعون، وما دونه ستون.»
  • الشُّقَق أو القطع: اسْتُعملت هذه الوحدات لقياس المَنْسوجات واخْتُلف في أطوالها، وتُقاس الشُّقق أو القطع بالجريدة، ويصل طول القطعة أو الشقة ثمانية جرائد.٢٢٤ ولعل الشُّقة كانت تعادل ٢٤ ذراعًا، أي ١٥٫٨٤ مترًا لو الذراع يساوي ٦٦سم.٢٢٥
  • اللفة: لا يُعرف طولها بشكلٍ محدَّد؛ فهي تُقارب وحدة القياس السابقة وهي الشُّقق من حيث الطول،٢٢٦ فالملابس والمَنْسوجات قُدِّرت في بعض الأماكن باللفة، فثياب الرجل من برنس أو جبة تحتاج لثلاث لفات، واختلف طول اللفة نفسها من مكان لآخر؛ فطولها في أسفي في المغرب كان يزيد عن لفة مونبيليه في فرنسا بحوالي ٢٫٥٪ عنه في كتالونيا.٢٢٧
  • القصبة: اسْتُعملت القصبة لقياس المساحات من الأراضي، كما استخدمت في قياس الأثواب؛ فهي تعادل ستة أذرع هاشمية وستة أذرع وثلثي ذراع بز، أي ما يعادل ٣٫٩٩ أمتار،٢٢٨ وتعادل في إيطاليا نحو المترين وفي البرتغال ما بين ١٫٧٢ و٢٫٩٨ متر،٢٢٩ وهو ما أكده ديوفريك كذلك عندما أشار إلى أن القصبة تزيد على مترَين حيث نوَّه لأن قصبة طرابلس تعادل ٣٫٢٥ أمتار لمثيلتها في مدينة فانيس الإيطالية.٢٣٠
وعلى الرغم من كثرة أدوات القياس في أسواق الغرب الإسلامي وحرص المحتسبين على مراقبة الأسواق لمنع أي أعمال غشٍّ وتدليس تضرُّ بالمشترين وكذلك بالتجار؛ غالبا ما لجأ التجار للغش عند القياس؛ بأن يأخذ أحد التجار ثِيابًا من تاجرٍ آخر يكون أحد أطرافها أطول من الطرف الآخر؛ ما يفسد الثوب،٢٣١ أو يشتري التاجر الثياب على طولٍ وقياسٍ متفق عليه ثم يجده ناقصًا؛ فيلجأ لتقسيم ثمن القياس الناقص على ثمن الثياب كافة؛ حتى يُعوِّض النقص فلا يخسر، وهو من الأشياء غير المباحة في الشرع، أو يبيع القياس الزائد عن المتفق عليه من الثياب بسعرٍ إضافي على الثمن، كما كان بعض التجار عند شرائهم الثياب يقيس قياسًا واسعًا وافيًا فيُرخون أثناء القياس، على عكس بيعهم، فكانوا يمطُّون القياس ويشدون بأيديهم، أو يوهمون المشتري بأنهم تركوا له قياسًا إضافيًّا، فإذا قاسها بعد شرائه وجدها منقوصة.٢٣٢

(٢-٤) موازين النَّسيج في الغرب الإسلامي

اسْتُخْدمت بعض الأدوات لوزن وتقدير النَّسيج كمثله من التجارات التي تُحدَّد أسعارها على أوزانها؛ لأن الغَزْل من الأشياء التي تُباع وتُسلَّم وزنًا كما يذكر الحميري٢٣٣ أن بسوسة «يُباع الغَزْل بها زنة المثقال بمثقالين.» لجودة صنعتها، فلكل سوق أوزانه المعروفة به، وتُحدَّد الأوزان حسب البلدان والأسواق،٢٣٤ ومن بين تلك الموازين:
  • الرطل: معيار يُوزَن به ويُكال، اسْتُخدم في زنة الحرير؛ لأن الحرير غالبا ما يُباع وزنًا،٢٣٥ فيذكر المازري٢٣٦ عن «من اسْتُؤجر على كَبِّ أرطال من حَرِير …» وهو ما يؤكد استعمال الرطل في وزن النَّسيج وبخاصة الحرير، أو لقسمة لوز الحرير؛ فبعض الصناع ومربي الحرير أرادوا قسمته بالوزن أو بالعدِّ، لكن الفقهاء أوجبوا أن يُقسَّم بالوزن؛ لأن العدَّ تُؤثر عليه الأحجام.٢٣٧
    وتباينت أوزان الأرطال من منطقة لأخرى: «فكان لكل إقليم … المعاملة على أرطال تتضاءل في الزيادة والنقصان.»٢٣٨ وحدَّد ابن رشد٢٣٩ رطل الحرير في جيان كمقياس للوزن بقوله: «ثلاثة أرطال إلا ثلث رطل بوزن الحرير الجاري بجيان.» وذكر المقدسي٢٤٠ أن الأرطال المستخدمة في المغرب بغدادية في الإقليم كله إلا الذي يُوزن به الفلفل، وذكر القلقشندي٢٤١ أن «زنة كل رطل ست عشرة أوقية، كل أوقية أحد وعشرون درهمًا من دراهمها.» في حين ذكر ابن غالب:٢٤٢ «الرطل ست وثلاثون أوقية، يُغدَق عليهم من عشرة أرطال إلى رطل واحد.»
    واختلف وزن الرطل من وقت لآخر، فوزن الرطل في المغرب خلال القرن ٥-٦ﻫ/١١-١٢م يساوي حوالي ١٣٠ درهمًا أي ما يعادل ٤٠٦٫٢٥ جرامات، فأصبح بعد ذلك ١٤٠ درهمًا ما يوازي ٤٣٧٫٥ جرامًا، وفي القرن ٨ﻫ/١٤م زاد وزن الرطل لما يقارب ١٥٠ درهمًا ويساوي ٤٦٨٫٧٥ جرامًا، وفي الأندلس وصل وزن الرطل في الوقت نفسه إلى ٤٥٢٫٣ جرامًا، وإبان القرن ١٠ﻫ/١٦م كان ١٢ أوقية، كل أوقية تساوي ١١٫١٣ درهمًا أي ٤٤٠ جرامًا،٢٤٣ وذكر ابن العطار٢٤٤ المتوفى أواخر القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي أن الرطل يساوي ثلاث عشرة أوقية، حيث يذكر في أحد العقود أن «رطلًا من حَرِير استغزال أحمر نقي طيب غاية الطيب كل رطل من ثلاث عشرة أوقية بوزن سوق كذا.»
    وقيمة وزن الرطل اختلفت كذلك حسب نوع السلعة،٢٤٥ فأوزان الغَزْل قبل الصناعة حُدِّدت بالأوقية، وقبل الشروع في نسجه أو غزله، فيُذكِّر السقطي٢٤٦ بضرورة أن يكون ثَوْب الحرير الجيد «٢١ أوقية في الوزن».
  • الربع: ويجب أن تكون أرباع الكيل ضيقة الأعناق؛ لأن المُتسعة تحتمل الزيادة وفيها ظلم للبائع ويكون الطابع في أعناق الكيل، ويجب ألا تكون الأرباع مختلفة إلا ربع الكَتَّان وربع القُطْن وربع الصوف، فكلها لها ربع معلوم من أجل أثقالها.٢٤٧
  • القنطار: استُخدم القنطار لتحديد أوزان النَّسيج، فيساوي ما يقارب ١٠٠ رطل، واختلف وزنه من مكان لآخر، ففي مصر وزن قنطار الفلفل يعادل مائة رطل أي ما يوازي ٤٢٫٣٣ كيلوجرامًا،٢٤٨ وأشار برنشفيك٢٤٩ أن القنطار يوازي ٥٠٫٤ كيلوجرامًا في العموم، ولكن بالنسبة للأقمشة فكان يساوي ١٠٢ و١٠٥ و١١٠ أرطال في التجارة بالنسبة للقنطار الواحد، وقنطار الكَتَّان في بجاية يزن ١٥٠ رطلًا، أي ما يعادل ٧٦٫٤ كيلوجرامًا، في حين اختلف وزنه في عنابة ليقل عنه أربعة أرطالٍ كاملة، ويشير ديوفريك٢٥٠ أن قنطار الصوف كان يُباع على وزن القنطار الذي يبلغ وزنه مائة رطل.
    وتوضح نازلة للبرزلي اختلاف وزن القنطار، فيذكر «أن الكَتَّان بوزن الإسْكَنْدَرِية ثلاثة وأربعون قنطارًا بالميزان، وإن صح له في تونس سبعة وأربعون قنطارًا بالتونسي، وقد شهد ثقات أن الوزن بالإسْكَنْدَرِية والوزن بتونس يخرج إلى أكثر مما ذكره بكثير.»٢٥١
  • الرِّزْمة: استُخدمت الرِّزَم لتحديد أوزان الحرير والكتان، فكانت الرزمة تزن ما يقارب ٦٠٠ رطل كما تذكر وثائق الجنيزة،٢٥٢ ورزمة الكَتَّان تزن ما يقارب ٦٠٠ رطل،٢٥٣ بالإضافة للعدول، فيزن العدل تقريبًا ٣٫٣ قناطير ما يعادل ١٥٠ كيلوجرامًا،٢٥٤ وذكرت وثائق الجنيزة العديد من بالات الكَتَّان أو العدول التي أُرسلت من مصر لتونس لصناعة السوسيات، والعدل عادة يحتوي على خمسمائة رطل مربوطة ربطةً واحدة، والوزن الحقيقي لها كان ٤٥٠ رطلًا وينقص في أغلب الأحيان.٢٥٥ واسْتُخدمت الربط كذلك في أوزان النَّسيج، فالعالم أبو عمر هاشم بن مرور التيمي «يشتري الكَتَّان فيجعل في كل ربطة رطلًا ويصرمها.»٢٥٦

(٢-٥) طرق بيع النَّسيج في أسواق الغرب الإسلامي

خضعت تجارة النَّسيج لأمور العرض والطلب كغيرها من التجارات، فتباينت معها أنواع البيوع، بما يلائم حاجات المشترين وظروف البائعين، والبيوع في العموم على أربعة أوجه: بيع المرئي، وبيع المعيَّن، وبيع الغائب، وبيع السلفة،٢٥٧ مما سهل أمور الشراء والبيع للنسيج داخل الأسواق، وقد جاءت معظم هذه البيوع متماشية مع قواعد الشريعة الإسلامية، والقليل منها حاف ومال نحو الجاهلية والربا، فمن أنواع البيوع التي اتُّبعت في تجارة النَّسيج:
  • البيع بالمُقايضة والمبادلة: حَمل التجار سلعهم وبضائعهم للأسواق لمُبادلتها بسلع وبضائعَ أخرى، كما فعل تجار المغرب الأقصى؛ فكانوا يدخلون مدينة تكرور «بالصوف والنحاس والخرز ويخرجون منها التبر والخدم.» وكان التجار في مدينة غانة يحملون إليهم التين والملح والنحاس مقابل الذهب، بالإضافة لمدينة زويلة، التي كانت محطًّا للقوافل، فتتم بها عملية المقايضة ببيع الرقيق مقابل «ثياب حمر» لعلها قادمة من البصرة مع سكان كانم،٢٥٨ وتجار قسنطينة قايضوا الأقمشة الكَتَّانية مقابل التمر والعبيد مع سكان وتجار منطقة نوميديا في الجنوب،٢٥٩ وكذلك سكان كرت فكانوا يبتاعون ويشترون كل ما يحتاجونه في مقابل الكتان.٢٦٠
    وسارت عملية المقايضة والمبادلة على شروط تتفق مع البائع والمشتري حسب قيمة السلعة نفسها، فاشْتُرط في المُبادلة أن يُعرَف فيها الوزن والقيمة لتكون سليمة،٢٦١ فيُباع ثَوْب الصوف في صوف، أو ثَوْب الكَتَّان في الكَتَّان وذلك بأجرٍ معلوم،٢٦٢ ومن أمور المقايضة أيضًا أنها تكون في عمل، بأن يشتري أحدهم ثَوْبًا بثمنٍ معلوم ولأجلٍ مُحدَّد، ويريد أن يُسدِّد ثمنها مقابل عمل بأن يصبغها أو يخيطها ويستقطع أجره من ثمن الثوب، ولكن الفقهاء أفتوا بعدم إجازة هذا البيع.٢٦٣
  • بيع الغبن: من البيوع المُتدارَكة في بلاد الغرب الإسلامي بيوع الغبن، وهو أن يبيع الرجل ثَوْب الحرير بثمنٍ معلوم ويكتشف أنها تساوي أكثر من الثمن الذي باعه، فيقول لو علمت أنه حَرِير ما بعته بهذا الثمن، ويقول المشتري: «لو لم أظن أنه من حَرِير ما اشتريته بهذا.»٢٦٤
  • بيع المرابحة: بيع المرابحة هو «البيع المرتب ثمنه على ثمن بيع قبله»٢٦٥ ويُعرِّفه ابن القباب٢٦٦ بأنه «أن يقول بكم اشتريت سلعتك هذه وأنا أربحك فيها كذا.» فكثيرًا ما كان يبيع أحد التجار ثَوْبًا لغلام له أو لتاجر يجاوره في السوق بعشرة دراهم، ثم يشتريه مرةً أخرى منه بخمسة عشر ليجبر به في البيع، فهذا هو بيع المرابحة.٢٦٧
    غير أن ابن أبي زيد٢٦٨ يُحَمِّل جزءًا من ثمن السلعة خاصة في القصارة والخياطة والصباغة، وكذلك الفتل والكمد وتطرية الغَزْل والطراز، في حين لا يُحملها في أمور الكراء. ومن شروط بيع المرابحة التبيين والتوضيح في البيع كي يكون سليمًا وصحيحًا.٢٦٩
  • بيع الخيار: بيع الخيار هو طلب خير الأمرين مع استكمال البيع أو فسخه، وليكون بيع الخيار صحيحًا لا بد أن يكون «على مشورة دون اشتراط النقد وإيقاف الثمن.» وإذا كان البيع بالخيار وعلى مشورة فأجاز الفقهاء عدم دفع الثمن إذا كان عينًا، فإن شاء ترك عند أحد التجار الثقة أو يدفعه المشتري للبائع؛ فكلاهما جائز،٢٧٠ وانتشر بيع الخيار في تجارة النَّسيج، ومن أمثلته أن يشتري أحدهم ثَوْبًا من تاجر وثوبًا من تاجرٍ آخرَ على أن يُفاضِل بينهما في الشراء، أو يشتري ثَوبَين من تاجرٍ واحد ويفاضل بينهما على أن يضمنهما،٢٧١ أو يشتري ثَوْبًا لمدة يومَين أو ثلاثة يختار فيهما الثوب على ألَّا يُطيل المدة المتَّفق عليها.٢٧٢
  • بيوع المزايدة: يتم فيها تحديد ثمن السلعة بعد المُزايدة بين الراغبين في الشراء، وتبدأ عملية البيع ﺑ «الاستفتاح» بعرض السلعة الموجودة للنداء عن طريق أهل السوق العالمين والعارفين بالسعر للمزايدة حتى يستقرَّ البيع على الراغب في الشراء وصاحب أعلى سعر،٢٧٣ وتبدأ عملية المُزايدة من الظهر حتى العصر وتستمر طوال النهار، ويحصل المُنادي على أجرةٍ معلومة، وتزيد أجرته بزيادة البيع،٢٧٤ وكان يُقام في فتراتٍ معينة من كل يوم مُناداة على سلعٍ محدَّدة كالأقمشة والصوف الخام وبعض السلع اليومية، أما البضائع الأخرى فيُعقد المزاد مرة أو مرتين أسبوعيًّا، والعادة أن ينعقد المزاد بعد صلاة العصر،٢٧٥ ولصاحب العطاء الأخير أخذ السلعة التي نُودي عليها من السمسار أو الدلال «ليس للسمسار إخراجه من عنده لأن بيع المزايدة لازم لصاحب العطاء أخيرًا.»٢٧٦ فكانت تُباع الزرابي وأغطية السرر في سوق فاس بالمزايدة.٢٧٧
  • بيع النسيئة: ارتبط بيع النسيئة بتجارة النَّسيج، وهو أن يشتري أحدٌ ثِيابًا ثم يدفع ثمنها بعد فترة تصل إلى عدة شهور أو عام، ويُكْتَب عقد يكون مُلزِمًا للطرفين وبشهادة الشهود لضمان حفظ الحقوق؛٢٧٨ لأن بيع السلعة أو الثوب لأجلٍ مجهولٍ وغير محدَّد يضرُّ بالبائع لعدم ضمان سلعته،٢٧٩ وبعض الأعمال من الحياكة أو الخياطة تكون وفاءً لدين على الصانع، فيلجأ لبيع النسيئة لسداد هذا الدين، وقد اختلف الفقهاء على مدى شرعيته.٢٨٠
  • بيع الملامسة: وفيه يلمس المشتري الثياب المراد شراؤها دون العلم بحاله ولكن بمجرَّد النظر إليه،٢٨١ فلجأ كثير من تجار الثياب والشُّقق لتحسين وجهها لتحسُن في عيون ناظريها فتُباع سريعًا،٢٨٢ فيقول بعتك هذا الثوب الذي معي بالذي معك «فإذا لمس كل واحد منهما ثَوْب الآخر فقد وجب البيع.»٢٨٣
  • بيع المضغوط: من البيوع التي مورست بأسواق في الغرب الإسلامي، وهو أن يبيع الثوب ويشترط أنه متى جاء بالثمن استرجعه.٢٨٤
  • بيع الرهن: كثُرت بيوع الرهن في النَّسيج في أسواق الغرب الإسلامي بأن يقول أحدهم: «رهنتك ثَوْبًا جديدًا، قال المرتهن: كان خلقًا وهو هذا واتفقنا على الدين.»٢٨٥ ويُحدَّد عند الارتهان نوع الرهن والوقت والمبلغ وكذلك صفة ونوع النَّسيج، نتيجة لغياب الثقة في بعض الأحيان بين التجار أنفسهم أو بين التجار والمشترين، لكثرة الخلافات ولانتشار أمور الغش والتدليس؛ فكثيرًا ما كان يقوم تجار النَّسيج وبعد الاتفاق على السعر والقياس المحدد والقطع بأن يُسلم الثوب لصاحبه، ويتبقى له من سعره دون اتفاق مسبق، فيضطر التاجر للانتظار — لو كان من معارفه — وإن كان غير ذلك يلجأ إلى أخذ رهن،٢٨٦ وهناك نازلة توضح ذلك: «من باع من أحد حريرًا لثلاثة أعوام، ورهن بيده في ذلك أصل توت مشترطًا المنفعة.»٢٨٧ فاحتاط التجار عند عملية البيع «فعلى كل واحد منهما إذا تَشاحَّا أن يمد يده بثوبه فإذا تحاذيا قبض كل واحد منهما ما اشتراه.»٢٨٨
  • بيع المشروط: هو أن يشترط أحد الطرفين شرطًا لإتمام البيع والصفقة.٢٨٩
  • بيع الحصاة: من البيوع التي انتشرت في الجاهلية ومُورست بشكلٍ محدود في بلدان الغرب الإسلامي، فالرجل يشتري الثوب فإن أعجبه ترك عليه حصاة. فقد ذكر المازري٢٩٠ هذا النوع من البيوع بقوله: «وقيل كان الرجل يسوم بالثوب وبيده حصاة فيقول إذا سقطت من يدي وجب البيع.»
  • البيع بالصفقة: بأن يشتري أحدهم جملة من الثياب مرةً واحدة بغرض المتاجرة أو اللباس،٢٩١ وتكون الثياب صفقةً واحدة سواء من نوعٍ واحد أو مختلفة، وبها نوع أحسن من نوع، أو نوع أطول في القياس من الآخر: «إذا اشترى بيعة من القماش وهي نوعٌ واحد وبعضها أحسن من بعض أو أطول في القياس، وإن قلَّ أو هما معًا، ألَّا يجعل لكل قطعة منها قيمة معلومة.»٢٩٢
  • بيع المكايسة: وفيه يساوم الرجل فيها صاحب السلعة في سلعته وبضاعته فيبتاعها منه بما يتفقان في الثمن.٢٩٣
  • البيع بدون مشاهدة (بيع الجزاف): وتكون عملية البيع من غير مشاهدة أو فحص، كبيع حزم ولفائف الكَتَّان دون فحص؛ لأن فحصها وفرزها يضر بالكتان،٢٩٤ أو شراء أو بيع ورق التوت دون وزن، وهو ما عُرف بالتحري، واشتُرط التحري لجواز البيع في تلك الحالة،٢٩٥ فكان من الضروري عند البيع أن يكون على صفة؛ بأن تُوصف السلعة بطولها ووزنها وشكلها، وإلا كان البيع فاسدًا،٢٩٦ خاصة في عقود البيع «وإن كان في كَتَّان قلَّت: في كذا وكذا ربعًا من كَتَّان بلد كذا طفلي أبيض الطرف أملس صحيح.»٢٩٧ ولأن البعض نسب بعض الثياب إلى مكان غير الذي صُنعت به لأجل بيعها، أو نسبها لصانع ماهر اشتهر بالغَزْل غير الذي صنعها فيُغالي الناس في شرائها،٢٩٨ ومن طرق بيع الجزاف في بلاد السودان أن يترك المشتري عند كل متاع ثمنه من أعمدة الذهب، فإذا جاء صاحب المتاع اختار الذهب وترك المتاع، وإن شاء أخذ متاعه وترك الذهب.٢٩٩
  • بيع المنابَذة: يتمثل هذا البيع في «أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذا الثوب الذي معي بالثوب الذي معك، فإذا نبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر، فقد وجب البيع.»٣٠٠
  • الشراكة: نوع من المعاملات التجارية التي مُورست مع تجارة النَّسيج، وهي عبارة عن اتفاق بين طرفَين يُلزم بالعقد، يتم بمقتضاه خلط وسائل الإنتاج ورأس المال والعمل وغيره، فكانت منها شركات أموال وأبدان وذمم أو أَعَمِّيَّة وَأَخَصِّيَّة كما ذكر ابن عرفة،٣٠١ وتمثلت تلك الشراكة، وخاصة فيما تعلق بتجارة النَّسيج، إما في ثَوْب أو في نَسِيج خام أو منسوجات، بأن يقوم الصباغ بعد صبغ الثوب بتسليمه إلى صاحبه، فيجد صاحب الثوب قد أفلس وليس معه مال، وهنا أجاز الفقهاء في شراكة الصباغ لصاحب الثوب أن يكون شريكًا في ثَوْبه، وذلك على قدر ثمن صبغه،٣٠٢ أو من أعطى نَسَّاجًا غَزْلًا ليصنع منه ثَوْبًا، فلا يستطيع صاحب الغَزْل أن يعطي النساج أجرته؛ فيصبح النساج شريكًا لصاحب الغَزْل في الثوب على قدر أجرته؛ تفاديًا للخلافات وبالاتفاق، أو أن أحدهم يشارك آخر في شراء ثَوْب.٣٠٣
    أو تكون الشراكة في تجارة النَّسيج بالتشارك في السفر معًا لبيع الثياب والمَنْسوجات وشراء موادَّ أخرى من صوف وغيرها،٣٠٤ أو يُقدِم أحد على شراء حَرِير وليس لديه نقد لشرائه، فيقترح على أحد أن يدفع له النقد ويكون شريكًا له في الحرير، وهذا اعْتُبر شراكة في رأس المال.٣٠٥
    وجاز لرب المال الحرية في أن يبيح لشريكه المتاجرة في أصناف من السلع والمتاجر، وإن خالف الشريك تعليمات صاحب المال فعليه أن يضمن ما يتلفه، وإن باعه وخسر فعليه ضمان الخسارة،٣٠٦ وفي بعض الأحيان يُقَيَّد الشريك ببعض الأمور التي تمنعه من حرية التصرُّف في التجارة ما اضطرهم لكتابة عقود بينهما بحسب ما يقع عليه الاتفاق ويتوافق مع الشرع «وصارت في يده وازنة طيبة ليديرها في متجر البزازين أو الخياطين بسوق كذا ولا يتعدى المتجر المذكور إلى غيره.»٣٠٧

(٢-٦) أسعار النَّسيج في الغرب الإسلامي

خضعت أسعار المنتجات للحالة الاقتصادية داخل الأسواق، ولم يكن الاستقرار السياسي — مع أهميته الكبيرة — هو وحده الحاكم في انخفاض الأسعار وارتفاع مستوى المعيشة؛ لأن الشروط الاقتصادية للسوق تتأثر ولأسبابٍ مختلفة بالتقلُّبات التي تنشأ في بعض الحالات من كثرة المعروض من السلع أو لِقلَّة الطلب عليها، ما يعني أن الأسعار كانت متغيِّرة طبقًا لمعايير الجودة وعمليتَي العرض والطلب،٣٠٨ لدرجة تؤدي لانخفاض أسعارها مقارنة بسلعٍ أخرى تحافظ عليها؛ لذلك فإن قيمة الأسعار تُحدَّد بشكلٍ تنافسي بين التجار، بالإضافة للتغيرات الاقتصادية الأخرى، فأحيانًا يشتري التجار الثياب ثم تهبط أسعارها لعدم الطلب عليها؛ فيتعرض التجار للخسارة.٣٠٩
وتجارة النَّسيج كغيرها من التجارات تخضع للتَّسْعِير؛ فهو المؤشر الدال على أهمية تلك السلعة؛ لذا فمراقبة الأسعار وضبطها كانت من الأمور الضرورية للمحتسب داخل الأسواق منعًا للزيادة وكذلك معاقبة المخالف في التسعير من التجار، وعلى الرغم من ذلك فإن عملية فرض التَّسْعِير لم تكن تتم إلا عن رضًا حتى لا يُظلَم أحد، فمن كان يُكرِه الناس على سعرٍ معين «فقد أخطأ.»٣١٠ فلا يُؤمر التاجر بأن يبيع بأقل من السوق، ولكن يؤمر بالالتزام بالسعر داخل السوق،٣١١ ولكن جودة المنتَج نفسه وصفته كانت تفرض زيادة في السعر عن باقي السلع السيئة، فكان سعر الورق في بلدان المغرب يختلف ثمنه حسب صفته وجودته،٣١٢ وهو ما أكده العقباني٣١٣ عند حديثه عن الأسعار وجودة السلع؛ فيذكر أن «لجودة ما لديه دونهم لم يُمنع وإن لم تكن له جودة عما بأيديهم مُنع، فإن حط عن سعرهم وباع بأرخص مما يبيعون به تُرك وبيعته، ولم يُؤمر الباقي باللحاق به.»
هذا وكانت للعملة أهميةٌ كبيرة في ازدهار وتطور العملية التجارية، فكلما ارتفعت قيمتها النقدية ساعد ذلك على رواج النشاط التجاري للسلع، والعكس عند انخفاضها، وهو ما أشارت إليه إحدى خطابات الجنيزة؛ فقد أدى انخفاض العملة في عام ٥٥٦ﻫ/١٠٦٠م لانخفاض أسعار بعض السلع، فانخفضت قيمة الدرهم من ٢٠٠ نقدًا وصار ١٦٠ نقدًا، وكان له الأثر على بيع الكَتَّان في سوسة وقلة الطلب عليه.٣١٤
ودفع قيمة البضائع والسلع كان له أثره على أسعارها خاصة الدفع المقدم أو الدفع بالآجل، والشراء بالدين أو الاقتراض من أجل الشراء، خاصة من قبل التجار اليهود، ففي رسالة أرسلها التاجر جوزيف بن فرج القبيصي إلى ابن أخيه التاجر فرج بن إسماعيل، في مصر في هذا الوقت، ينصحه بأن يدفع ثمن كمية الكَتَّان كلها رغم أن نصفها ما زال لم يُحلَج بعدُ، على الرغم من التوصيات والتعهدات التي بينهما بعدم الدفع المقدَّم للمزارعين، وهو ما أشار إليه التاجر اليهودي إسماعيل لابنه فرج في ٥٥١ﻫ/سبتمبر ١٠٥٦م في بداية موسم البيع والشراء فهو يُحذِّره «أن يحتاط من الفخَّ الذي قد يكون المزارعون نصبوه له، بأن يعطوه كتانًا لم ينضج بعدُ.»٣١٥
واشتهرت عدة مناطق بارتفاع أثمان منسوجاتها نظرًا لجودة إنتاجها؛ كحصن بكيران فكان «تُصنع به ثِيابٌ بِيضٌ تُباع بالأثمان الغالية ويُعمَّر الثوب منها سنين كثيرة.»٣١٦ ومدينة أندراش حريرها يوصف بأنه ذهب،٣١٧ ومدينة بلنسية ثيابها الكَتَّانية الغالية الثمن «تقصر الثياب الغالية من الكَتَّان وتنسج.»٣١٨ وصِقِلِّيَّة اشتهرت بتصدير الكَتَّان والثياب المقلَّمة الغالية الثمن.٣١٩
وتميَّزت المَنْسوجات التي اختُصَّ بها الحكام والسلاطين بارتفاع أثمانها وجودتها؛ فعمائم ملوك صنهاجة المذهَّبة كانت تساوي العمامة ما بين ٥٠٠ دينار و٦٠٠ دينار وأزيد، فالصانع كان يأخذ على تعميم العمامة الواحدة «دينارَين وأزيد»،٣٢٠ كما ارتفعت أسعار اللبود الثلاثينية لسلاطين الأندلس؛ فاللبد الواحد يساوي ما بين خمسين وستين دينارًا،٣٢١ وبالمثل الثياب المصنَّعة من صوف البحر كانت باهظة الثمن، نظرًا لجودتها وحسنها بالإضافة لقِلَّتها لاحتكار أهل السلطة لها، فكانت تُنقل سرًّا، فتهادى بها الملوك والحكام والأمراء.٣٢٢
غير أن تلك الأسعار اختلفت تبعًا لعدد من الأمور، منها: عملية التعبئة أو التصنيع، خاصة للصوف المعدِّ للتصدير لبلدان الغرب المسيحي لميورقة وكتالونيا؛ فكان يُضاف سعر النقل للسعر الأساسي للصوف وهو ما مثَّل عبئًا على التجار، فقد نُقل قنطار من الصوف من تلمسان إلى ميورقة أضيف إلى ثمنه ٣٫٥ فلوس (ميورقية) على سعره؛ فضجر التجار من ذلك.٣٢٣
أما عن أسعار الحرير في بلدان الغرب الإسلامي، فقد وصل سعر الحرير الأندلسي في الإسْكَنْدَرِية إلى ٢١ و٢٣ دينارًا لكل عشرة أرطال، وذلك عام ٤١٠ﻫ/١١١٩م، وسعر الحرير الخزاج الأجود منه ستة مثاقيل والأقل منه خمسة مثاقيل، والحرير الخز ما بين تسعة وتسعة ونصف مثقال، والحرير الخش جدًّا ما بين ثلاثة وثلاثة ونصف مثقال،٣٢٤ وسعر رطل الحرير في الأندلس وصل خمسة عشر درهمًا أي دينار ونصف،٣٢٥ وارتفع سعر رطل الحرير بعد ذلك إلى ستة دنانير للرطل.٣٢٦ وبالنسبة لأسعار بعض المواد الخام، فسعر قنطار القُطْن في القيروان إبان القرن ٤ﻫ/١٠م ساوى دينارًا ونصف الدينار،٣٢٧ وسعر سبع بالات من القُطْن في عام ٧٠٧ﻫ/١٣٠٧م، خُزِّنوا عن طريق تجار من برشلونة، عشرة دنانير،٣٢٨ وقنطار كتان في صِقِلِّيَّة سعره في الشتاء وصل لسبعين (ربع دينار)، وفي الصيف لأربعين (ربع دينار).٣٢٩
وسعر دست الورق في مدن المغرب ساوى ما بين ثلاثة إلى أربعة دراهم،٣٣٠ مما أثر على سعره في صفاقس؛ ففي عام ٥٥٧ﻫ/١٠٥٩م مثلًا، انخفض من ٧٠ إلى ٤٠ في غضون فترةٍ قصيرة من الزمن لكنه وصل إلى ٨–١٤ (ربع دينار)، وعقب وصول خمس وعشرين سفينة من المشترين في مازارا بصِقِلِّيَّة،٣٣١ وسعر واحد وعشرين قنطارًا من الكَتَّان خُزِّنوا في المغرب عن طريق تجار برشلونيين ثمانية وعشرون دينارًا.٣٣٢
ولتباين الأسعار واختلافها من مكان لآخر أثره في تأرجحها بين الزيادة والنقصان، وهو ما توضحه نازلة أوردها البرزلي عن بعض فروق الأسعار والموازين بين الإسْكَنْدَرِية وبلاد المغرب، فتذكر أن سعر خمسة قفاف من النيل ٣٧٧ دينارًا، وسعر خمسة حصر من الكَتَّان ٢١٣ دينارًا قدر وزنهم ﺑ ٤٣ قنطارًا إلا الثلث، وأن ثمن تسعة قناطير من جزز الصوف بيعوا في مدينة أصيلة في عام ٧٠٧ﻫ/١٣٠٧م باثني عشر دينارًا للقنطار، وبعد ذلك التاريخ بعدة شهور وصل سعر قنطار الصوف إلى ١٫٧٥ دينار للقنطار،٣٣٣ وبعدها وصل سعر قنطار الصوف ثلاثة دنانير،٣٣٤ وهو ما يعكس الارتفاع المستمر في أسعار الصوف نتيجة للطلب المتزايد عليه سواء في الأسواق الداخلية أو الخارجية.
وعن أسعار المَنْسوجات الأخرى فقد تأرجحت أسعارها حسب الطلب عليها، فعمائم سوسة كانت تساوي الواحدة منها مائة دينار للعمامة وتزيد،٣٣٥ لارتفاع أسعار الغَزْل؛ إذ بلغ زنة المثقال من الغَزْل المثقال بمثقالين،٣٣٦ وسعر قماش الشقرة إبان القرن ٦ﻫ/١٢م، أربعة دنانير بالنسبة للجيد منها والرديء كان دون ذلك، وسعر الفوطة المقصرة سبعة دنانير للعشر فوط، وجبة خز سعرها أقل من أربعة دنانير،٣٣٧ وثوب الكَتَّان في المهدية عام ٤٤٩ﻫ/١٠٥٧م، سعره أقل من عشرة دراهم،٣٣٨ وسعر أغطية السرر بمنطقة جبل بني زياغة إبان القرن ٩ﻫ/١٥م، ما بين ثلاثة أو أربعة دنانير للأغطية،٣٣٩ وثمن الثوب في مراكش عشرة دراهم،٣٤٠ وثمن جبة في أغمات عشرة دنانير، وثمن الكفن ثلاثة دراهم، وثمن ثَوْب مستعمل عشرة دراهم،٣٤١ وثمن جبة ما بين ثلاثة وأربعة دراهم،٣٤٢ هذا بالإضافة لأسعار بعض الأمور الأخرى المتعلقة بالنَّسيج كالخياطة، فثمن خياطة جبة في القرن ٦ﻫ/١٢م «عشرة دراهم».٣٤٣
وسعر برنس صنع في جزر البليار أو في كتالونيا وبيع في المغرب في عام ٧٣٠ﻫ/١٣٢٩م ما يعادل ٢٥-٢٦ فلسًا ميورقيًّا، خُصص ثلث الربح للوسطاء الذين أجروا عملية البيع من التجار الميورقيين.٣٤٤ وفي غرناطة إبان القرن ٩ﻫ/١٥م، وصل ثمن ثماني مخدات من الحرير ٢٦٢٫٥ دينارًا، وثمن مرفقة من الحرير سبعة وستون دينارًا، وثمن لحاف في غرناطة ٣٣٧٫٥ دينارًا، وسعر كُلَّة من الحرير ١٨٧٫٥ دينارًا،٣٤٥ وثمن مِلَفٍّ بِيع في غرناطة اثنان وعشرون دينارًا، وبساط قطيفة ثمنه ثلاثون درهمًا،٣٤٦ وثمن ثمانية وربع من الكَتَّان اثنان وعشرون مثقالًا.٣٤٧
كما ذكر الونشريسي٣٤٨ في إحدى نوازله أن ثمن ثلاثة أرطال من الحرير ثمانية دنانير في بجاية، فقد قُدِّر وزن ثلاثة عشر رطلًا من الحرير ﺑ ٣٤٫٦٦ دينارًا، أي أن ثمن الرطل الواحد ٢٫٦٦ دينار.
ويُظهِر أحد عقود القسمة في غرناطة في نفس الفترة، أن ثمن منشف خمسة دراهم، وثمن مقدار من غزل الكَتَّان ستة دنانير من الفضة، وأن ثمن منشف غزل اثنا عشر درهمًا، وثمن قطيفة من الصوف ثمانية دنانير، وسجادة درهمان، وملحفة سرير أربعة دنانير من الفضة، وثمن سروال نساء عشرة دراهم، ومنديل مرقوم بستة عشر درهمًا، وخمس مخدات من الحلف خمسة عشر درهمًا، وملحفة رأس ثمانية عشر دينارًا فضية عشرية، وبساط من الجلد ثلاثة عشر درهمًا، وأن فضلة شقة ثمنها ستة وثلاثون درهمًا، وشملة ملف ثمانية دراهم، ومرفعة ثمانية دراهم، ولحاف ثمانون درهمًا.٣٤٩

هكذا اختلفت أسعار المَنْسوجات وتباينت أثمانها من مكان لآخر ومن حين إلى حين، باختلاف المعروض من المَنْسوجات وقيمة العملة المتداولة.

(٢-٧) الضرائب على النَّسيج

مع حاجة الدولة لجني الأموال سعت لفرض عدد من الضرائب، الهدف منها السيطرة على الأسواق وملء الخزائن التي هي أحد المصادر التي يقوم عليها كيان الدولة،٣٥٠ فمن المؤكد أنه فُرضت بعض الضرائب على المَنْسوجات داخل أسواق الغرب الإسلامي، سواء القادمة من المناطق المحيطة بها، أو الواردة إليها من الأسواق الخارجية، خاصة من مناطق غير تابعة للدولة الإسلامية، التي كان يُمنع استيرادها، مثلما حدث مع تجار طليطلة عام ٦٠٤ﻫ/١٢٠٧م، فكان يُحظَر عليهم استيراد أو جلب المَنْسوجات والأقمشة من المناطق المسيحية نظرًا للظروف السياسية آنذاك.٣٥١
فتواجدت مكاتب لتحصيل تلك الضرائب داخل الأسواق مثل «مكتب المكاسين» بفاس، وقبل أن تبدأ عملية بيع الأقمشة الصوفية المجلوبة من الأسواق المحلية وبيعها بالمزاد العلني، حَمل المكلَّفون ببيعها لهذا المكتب، ويقوم المختصون بهذا المكتب بجمع الضريبة وختم السلعة، أو كما يذكر الوزان «كي يبصموها» وكان يُدفع عن كل قطعة قماش مبلغ يُقدَّر من جانب هؤلاء المكاسين.٣٥٢
فمن بين تلك الضرائب التي فُرضت على النَّسيج في الغرب الإسلامي:
  • القبالة: فرضت السلطة القبالة على التجار والصناع وأصحاب الحرف والسلع منذ فترةٍ طويلة في بلدان الغرب الإسلامي؛ ففي عصر الأغالبة والفاطميين في المغرب «كانت أكثر الصنع بمراكش متقبلة … مثل الدهان والصابون والصفر والمغازل.»٣٥٣ وفُرضت القبالة أيضًا على بعض المقارِّ التجارية مثل الفنادق، كفندق الرماد بتونس، فحين قَلَّت أرباحه وضعفت قبالته ارتفعت أسعار أُجرته، كي يصرف نظر الحرفيين وصناع النَّسيج عن كرائه من قبل السلطة؛ ما أجبر الحرفيين على ترك الفندق وحُوِّل بعد ذلك إلى مكان لغسل الغزل، ما يبرهن على وقوف القبالة في وجه التطور الحرفي وبخاصة لصناعة وتجارة النَّسيج.٣٥٤
  • المكوس: نوع من الضرائب أتت على التجار والمزارعين الوافدين على الأسواق لبيع سلعهم،٣٥٥ وفرضت المكوس في الأندلس على بعض المَنْسوجات القادمة من المغرب خلال القرن ٦ﻫ/١٢م.٣٥٦
  • ضريبة الشراء: تذكر وثائق الجنيزة نوعًا من الضرائب فُرضَ على السلع والبضائع وتُقدَّر على قدر حجمها وثمنها، فورد ذكر ضريبة الشراء في المهدية عام ٤٩٤ﻫ/١١٠٠م، وبلغت قيمتها ٢٫٧٪ من قيمة السلعة.٣٥٧
  • ضريبة التعتيب: من الضرائب٣٥٨ التي اسْتُحْدثت في النظام المالي لبعض بلدان الغرب الإسلامي، ففُرضت في ألمرية «ومدينة ألمَرِيَّة كانت في أيام الملثم مدينة الإسلام، وكان بها من كل الصناعات كل غريبة، وذلك أنه كان بها من طرز الحرير ثمانمائة طراز يعمل بها الحلل والديباج … وعدد فنادقها التي أخذها عد الديوان في التعتيب ألف فندق إلا ثلاثين فندقًا.»٣٥٩ وكان من صفات المختص بجمع هذه الضريبة — المعتب — الشدة والقسوة حتى لا يتهاون الناس في تسديدها،٣٦٠ وعلى أثر ذلك اضطُرَّ سكان غرناطة إلى دفعها تحت التهديد والوعيد، في حين امتنع سكان قُرْطُبَة عن دفعها لما كانوا يعانونه من ضائقةٍ ماليةٍ متدهورة في بعض الأوقات، خاصة خلال القرن ٦ﻫ/١٢م؛ ما جعل أهل السوق والتجار يرجمون القاضي ابن المناصف بالحجارة احتجاجًا على دفعها؛ فأمرت السلطات بإلقاء القبض على كل من شارك في هذا الأمر وكان من بينهم الزجال ابن قزمان.٣٦١
  • ضريبة الفائد: فُرضت هذه الضريبة في العهد الحفصي على الوافدين من أهل البادية عند أبوابها، فقدرت ضريبة الفائد على الصوف ٥٫٢٥ بيزات وتعادل دينارًا تقريبًا، وعلى القنطار من الصوف ربع درهم، وعلى قنطار القُطْن ما يقارب ٢ بيزا نصف دينار تقريبًا، وعلى رطل الحرير ١٫٢٥ بيزا.٣٦٢
  • ضريبة تارطيل: فُرضت هذه الضريبة في الأندلس في عهد بني نصر (٦٢٩ﻫ/ ١٢٣٢م–٨٩٧ﻫ/١٤٩٢م) والملكين الكاثوليكيين، تُدفع على إنتاج الحرير وبيعه وشرائه وتُدَوَّن بشكلٍ سنوي، وتُسدَّد ضريبته في قيسارية مالقة التي أصبحت من أحسن القيساريات وأوفرها إيرادًا لبيت المال، ومثلت هذه الضريبة عنصرًا مهمًّا من مصادر الدخل في غرناطة آنذاك.٣٦٣
  • ضريبة الوزن: من بين الضرائب التي فُرضت على أهل السوق، فيذكر الونشريسي٣٦٤ في نازلة عن من يبيع الكَتَّان ويشترط على المشتري دفع ضريبة الوزن بقوله عندما سُئل «فيمن باع كتانًا وشرط على المشتري أن يغرم لصاحب الوزن.» وتلك النازلة تعكس الضرائب أو الرسوم التي كانت تُدفع وتُسدَّد عند الوزن، وفُرضت بعض الضرائب على العديد من مواد الصباغة وبخاصة الصبغة الزرقاء والصبغة الصفراء وكذلك الحنة.٣٦٥
واستمرت السلطات الحاكمة في فرض الضرائب على صناع النَّسيج في محاولة منها لجمع الأموال لتغطية النفقات الخاصة بالسلطة، فجُمعت من صناع النَّسيج سواء من يعملون في الحوانيت أو داخل منازلهم، فلجأ بعض صغار الصناع إلى العمل داخل المنازل لتجنُّب دفع الضرائب في بعض الأوقات وهم الفقراء ممن يتقوَّتون يومهم من العمل في النَّسيج وبخاصة من النساء.٣٦٦
وبجانب الضرائب والجبايات تعرَّض بعض صناع وتجار النَّسيج للابتزاز وفرض الإتاوات من قبل السلطات الحاكمة؛ فقد تعرَّض صناع وتجار جبال إقليم قسنطينة لدفع إتاوات على ما يصنعونه من مَنْسوجات وما يربُّونه من خيول، حتى يأمنوا على أنفسهم،٣٦٧ وما تعرض له قصارو صفاقس من قِبل الأعراب واللصوص بفرضهم الإتاوات عليهم.٣٦٨ لهذا سعى الصناع والتجار للوقوف في وجه تلك المحاولات الابتزازية عن طريق التكتل وتكوين ما يشبه النقابات كي يحافظوا على مصنوعاتهم وتجارتهم، وهو ما عمد إليه صناع النَّسيج في سلا لأخذ درهم من الحاكة على كل شُقة نَسِيج تُباع، وتُحفظ للتصدي لأية مظلمة تقع على هؤلاء الصناع أو في مواجهة الضرائب التعسفية التي تُفرض عليهم من قبل السلطة أو من «الجانب المخزني».٣٦٩
وهو نفسه ما فعله تجار سوق الصوافين إبان القرن ٧ﻫ/١٣م في بجابة؛ فقد شكلوا بينهم ائتلافًا مهنيًّا موحَّدًا ومنظمًا، يدافع عن مصالحهم المشتركة ويقف في وجه التعسف والتعدي على تنظيمهم، فجنحوا لجمع الضرائب من أرباب المهنة حسب خطة وتقديرٍ معين، اشْتُرط فيها «الانتظام في سلكهم»،٣٧٠ ويذكر أن هذا العَسف الضريبي قد ساعد — إلى حدٍّ بعيد — في زيادة الوعي الحرفي والاجتماعي وفي تكوين الرابطات المهنية لأصحاب الحرفة داخل مجتمع الغرب الإسلامي.٣٧١
ويتضح من إجمالي ما تتحصل عليه السلطة من ضرائب إصرارها على جبايتها والسعي على استمرارها من حصيلة الضرائب والجمارك، فعلى سبيل المثال جربة كانت نسبتها كبيرة نظرًا لتجارتها مع الإسْكَنْدَرِية وتونس وبلاد الترك،٣٧٢ وكذلك رسوم الشحن على النَّسيج وغيره من التجارات التي كانت تُدفع في بداية عملية النقل أو عند الوصول إلى الميناء، كما جاء في الخطاب الذي أرسله التاجر جوزيف بن موسى من المهدية يُكلف فيه التاجر نيهوراي بن نسيم Nehorai b. Nissim بدفع رسوم شحن ثلاث حمولات من الكَتَّان كانت في طريقها إلى الإسكندرية،٣٧٣ وأيضًا الضرائب على السلع النَّسيجية المحمولة لمدن الغرب المسيحي، فقد قام «ريسبيس غيدو دي بونو Respectus Guido de Bono» بحمل قُطْن له من بجاية وسدد رسوم الشحن التي وصلت إلى ما يقرب من إحدى عشرة ليرة،٣٧٤ بالإضافة لرسوم مرور تجارة الجوخ في بلاد تغت، فكانت تُفرض على كل حمل جوخ أو من ثِياب الكتان، وكانت على تجارة النَّسيج فقط دون غيرها فكانوا لا يدفعون على المواشي أو الخيل أية ضرائب.٣٧٥
وتفيد الإحصائية التي ذكرها الترجمان،٣٧٦ عند حديثه عن الضرائب التي ألغاها السلطان أبو فارس نظرًا لضخامتها، وكيف أنها شكلت ضغطًا على أصحاب التجارات والسلع طوال هذا العهد، فيذكر «أن مجبا سوق الرهادنة وقدره ثلاثة آلاف دينار ذهبًا … ومجبا رحبة الماشية وقدره عشرة آلاف دينار … ومجبا فوائد الأسواق وهو مال ضربه بعض الملوك المتقدمين على مَن بوادي بحيرة وغيرهم وهم أهل خيام وعمود، ثبت ذلك عليهم مدة طويلة حتى أبطله الملك أبو فارس وقدره ألف دينار … ومجبا سوق القشاشين وقدره مائتا دينار.» وقُدِّرت الجبايات في الأندلس في زمن الأمير الحكم وابنه عبد الرحمن وبخاصة من كورة البيرة «مائة ألف وتسعة آلاف وستمائة دينار وثلاثة دنانير، وألفا رطل حرير، وألفا رطل عصفر.»٣٧٧
وعلى الرغم من ذلك فقد سعت السلطات الحاكمة في بعض الأوقات لتسهيل وتشجيع عمليات التبادل التجاري؛ فأسقطت الضرائب على بعض السلع، مثلما حدث في ٧١٣ﻫ/١٣١٣م، على التجار البيزيين في موانئ الغرب الإسلامي على سواحل بلاد المغرب فجاء «إذا باع بيشاني كتانًا أو قُطْنًا أو غير ذلك من السلع الموزونة فلا يؤدي في ذلك رطلًا وطعمًا للديوان ولا للتراجمة.»٣٧٨

(٢-٨) الحسبة على تجار النَّسيج

الحسبة من أعمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد أشار ربنا جل جلاله لهذا الأمر في قوله: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ،٣٧٩ ما أوجب الرقابة على الأسواق فكانت الحسبة.
فقد بلغ من اهتمام ولاة الأمر بالأسواق والإشراف عليها، وحرصهم على سلامتها من المعاملات غير الشرعية التي قد يقع فيها الكثير من التجار ويجهلون حكمها، بأن عُيِّن لكل سوق علماء يتولَّون القضاء والفصل فيها، وعُرفوا بالمحتسبين أو أصحاب السوق،٣٨٠ فالمحتسب كما يعرفه ابن أصبغ:٣٨١ «صاحب السوق كان يُعرَف بصاحب الحسبة؛ لأن أكثر نظره فيما يجري في الأسواق من غش وخديعة ودَين وتفقد مكيال وميزان.»
فكان للمحتسبين ديوان خاص بهم، له قدر من الهيبة والاحترام؛ لأن الحسبة «من أعظم الخطط الدينية، وهي بين خطة القضاء وخطة الشرطة جامعة بين نظرٍ شرعيٍّ ديني وزجرٍ سياسيٍّ سلطاني.»٣٨٢ واشترط السقطي٣٨٣ في المحتسب أن يكون «فقيهًا في الدين، قائمًا في الحق، نزيه النفس، عالي الهمة، معلوم العدالة، ذا أناة وحلم … يستعمل اللين من غير ضعف، والشدة من غير عنف.» ومنهم من أوجب أن يكون ذكرًا ليس أنثى، بالغًا، مسلمًا ليس كافرًا.٣٨٤
ومن واجبات المحتسب ضبط الأسواق مراعاتها واحترام الأيام المباركة داخل الأسواق وبخاصة في شهر رمضان؛ فمنع في زقاق الروم بالقيروان صناع وباعة الحرير من رفع أصواتهم والتكبير على بضائعهم وسلعهم خلال تلك الأيام،٣٨٥ هذا وكان للمحتسب سجل يدون به ملاحظاته الخاصة بالتجار وبالسوق بصفةٍ عامة، كما كان له خاتمه الخاص يوقع به على السجلات والمكاتبات،٣٨٦ خاصة أن بعض التجار والصناع غشُّوا ودلَّسوا في أمور بيعهم وصنعتهم فكان منهم من «نسب الكَتَّان إلى أسماء عمال معروفين فيشترون على ذلك.»٣٨٧ أو عمل مقاعد السراويل من بعض الثياب والخرق البالية ما اعتبر نوعًا من الخداع للمشترين،٣٨٨ أو صنع الثياب من قُطْن أو صوف بالٍ غير جيد، وهو ما ألْزم المحتسبين بردِّها؛ لأن ذلك من أمور الخديعة،٣٨٩ ومنهم من يصبغ الديباج لإخفاء عيوب الثوب أو لإظهاره على ما ليس به،٣٩٠ أو يرش الحرير بماء الخبز ليصفق ويشتد أو يغيَّر لونه؛ لأن «لون الحرير لا يُعلم فساده حتى يدخله العمل.»٣٩١ أو ترقيع الفرو والثياب لعدم إظهار ثقوبها،٣٩٢ أو تندية الفرو حتى يُشدَّ ويُمدَّ ويطول أو بتحسينها،٣٩٣ ومنهم من يقوم بخياطة الثياب البالية وبيعها على أنها جديدة، أو يقوم برفو الثياب لخداع المشترين.٣٩٤
وخلط صانعي وبائعي الورق الورق الخفيف بالورق الجيد، لأن الخفيف منه لا يحتمل الكشط لخفته ورِقَّته، فحرص المحتسبون على مراعاة تلك الأمور، ومن عوائدهم أيضًا ارتداؤهم خرقةً صغيرة على عوراتهم تصفها عند ابتلالها بالماء؛ فحرص المحتسبون على النهي عن ذلك.٣٩٥ كما حرص المحتسبون على أن يكون بيع النَّسيج على الصفة ﻓ «لا يُباع الساج المدرج في جراب على الصفة.»٣٩٦ ووجب عدم طيها لإخفاء عيوبها، واعتاد تجار البز بيع سلعهم في حوانيتهم وهي مظلمة وهو ما نهى عنه المحتسبون.٣٩٧
وعمد المحتسبون إلى سَنِّ القواعد والشروط التي وجب اتباعها داخل السوق لمنع أمور الغش والتدليس وخديعة المشترين،٣٩٨ بتوضيحها للتجار والزبائن داخل الأسواق لتكون واضحة لهم، فنُصبت لوحة في مدخل السوق عليها مقياس الذراع المستعمل في بيع النَّسيج يُلجأ إليها عند الاختلاف في القياس منعًا للغش،٣٩٩ ومن يقوم بتلك الأمور من الغش والتدليس وخصوصًا تجار وبائعي النَّسيج والمَنْسوجات «يؤدَّب».٤٠٠ وأُمر المحتسب «بحرق الملاحف والشقق ونحوها التي نُسجت على غير وجهها.»٤٠١ وفي بعض الأحيان يُطاف بالغاشِّ مع إصلاح وتعويض ما يغشُّه،٤٠٢ فكان بفاس إبان القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي، مصطبة لكل طائفة تُعرَض عليها المصنوعات الرديئة، وعليها أسماء الصناع والتجار المهملين في عملهم، ليعلم كل الوافدين على السوق وأهل فاس بهم، فمنهم من ترك المدينة بعد أن شُهِّر به.٤٠٣
وتوضح نازلة ذكرها البرزلي٤٠٤ كيف راقب التجار والمشترون بعضهم بعضًا داخل الأسواق، فقد ذُكر عن قاضٍ رُفع إليه أنه قُبض على يهودي وبيده حَرِير أتى لبيعه في السوق وكان «شُوهد من تخبيله وتمريثه ما أوجب الريبة.» فأُخذ للقاضي، ولكن في النهاية أُثبت أنه قد جلب الثوب من قافلة وأنه «أمين».
وحرص المحتسبون على أن تكون حوانيت ودكاكين الصباغين وأفران غلي الغَزْل خارج أسوار المدن أو على أطرافها؛ لحجب الضرر والأصوات المرتفعة والروائح الكريهة، فكان بخارج مدينة فاس «الكوش والأفران المعَدَّة لطبخ الغزل».٤٠٥

هوامش

(١) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٤٧٣.
(٢) المقدمة، ج٢، ص٨٤٩.
(٣) خاص الخاص، ص٦٤.
(٤) آدم متز: الحضارة الإسلامية، ج٢، ص٣٧٠.
(٥) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص١٨٤.
(٦) أحمد مختار العبادي: مظاهر الحياة الاقتصادية، مجلة عالم الفكر، الكويت، ع١، ١٩٨٠م، مج١١، ص١٥٧.
(٧) ابن المناصف: تنبيه الحكام في سيرة القضاة وقبول الشهادات وتنفيذ الأحكام والحسبة، ورقة ٨١ب.
(٨) ابن حوقل: صورة الأرض، ص٧٠.
(٩) ياقوت الحموي: معجم البلدان، ج٥، ص٢٣١.
(١٠) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٣٣.
(١١) المصدر السابق، ص٣٤٢.
(١٢) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٥١.
(١٣) ابن حوقل: صورة الأرض، ص١٠٧.
(١٤) البكري: المغرب، ص١٥٥.
(١٥) السبتي: اختصار الأخبار، ص٣٩.
(١٦) جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للغرب الإسلامي، ص١٠١.
(١٧) عبد الباسط بن خليل: الروض الباسم، ص٣٦.
(١٨) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٣٠٨.
(١٩) البيان المغرب، ج٣، ص٥٧.
(٢٠) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٤٤٩.
(٢١) الدباغ: معالم الإيمان، ج٢، ص٣٤٣.
(٢٢) ابن صاحب الصلاة: تاريخ المن بالإمامة، ص٣٩٦.
(٢٣) ابن القطان: نظم الجمان، ص٢٦٨.
(٢٤) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٢٤٢.
(٢٥) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٤١٤.
(٢٦) ابن المناصف: تنبيه الحكام في سيرة القضاة وقبول الشهادات وتنفيذ الأحكام والحسبة، ورقة ٨١ب.
(٢٧) الزجالي: الأمثال العامة في الأندلس، ص١٢٨.
(٢٨) المازري: فتاوى المازري، ص٢٣٢؛ البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٤، ص٣٠٠.
(٢٩) المالكي: رياض النفوس، ج٢، ص٢٧٥.
(٣٠) سُمي بسوق الوزر؛ لابتياع أنواع من الألبسة تسمى الوزرة. ابن عظوم: كتاب الأجوبة، ج١، ص٢٤٧.
(٣١) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٤٧٥.
(٣٢) عبد الله الترجمان: تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب، تحقيق: عمر وفيق الداعوق، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، ١٩٨٨م، ص٨٨؛ الزركشي: تاريخ الدولتين، ص١١٦.
(٣٣) محمد حسن: المرجع السابق، ص٤٧٦.
(٣٤) الأبي: الإكمال، ج٥، ص٣١.
(٣٥) الترجمان: المصدر السابق، ص٨٨؛ الزركشي: المصدر السابق، ص١١؛ جميلة مبطي المسعودي: المظاهر الحضارية في عصر دولة بني حفص منذ قيامها، ص١٢١.
(٣٦) محمد حسن: المرجع السابق، ص٤٨٣.
(٣٧) البرزلي: المصدر السابق، ج٣، ص٨٥.
(٣٨) مقديش: نزهة الأنظار، ج٢، ص٦٢.
(٣٩) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٢٤٣.
(٤٠) المكناسي: جذوة الاقتباس، ج١، ص٧٢.
(٤١) ابن صاحب الصلاة: المن بالإمامة، ص٣٩٦.
(٤٢) التادلي: التشوف، ص٣٦٨.
(٤٣) عبد الوهاب الدبيش: توزيع المرافق الاقتصادية بفاس المرينية، ضمن كتاب «أعمال ندوة التجارة في علاقتها بالمجتمع والدولة عبر تاريخ المغرب»، جامعة الحسن الثاني، عين الشقة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدار البيضاء، ١٩٨٩م، ج٢: ص٤٠، هامش ٢٧.
(٤٤) عبد الوهاب الدبيش: المرجع السابق، ص٤١، هامش ٣١.
(٤٥) المقري: نفح الطيب، ج٧، ص١٣٣.
وينشد الشاعر في سوق البز بتلمسان:
تركتك سوق البز لا عن تهاون
وكيف وظبيٌّ سانح فيك بارحُ
وإني وقلبي في ولائك طامع
وناظر وهمي في سماطك طامحُ
(٤٦) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٢٦١.
(٤٧) نظم الجمان، ص٢٢٢؛ توريس بالباس: المرجع السابق، ص٤٤٩.
(٤٨) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٤٧٩؛ السيد عبد العزيز سالم: قُرْطُبَة حاضرة الخلافة في الأندلس، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، ج١: ١٩٩٧م، ص١٨١.
(٤٩) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٤١.
(٥٠) ابن صاحب الصلاة: تاريخ المن بالإمامة، ص٣٨٣، ٣٨٥-٣٨٦.
(٥١) توريس بالباس: المرجع السابق، ص٤٥١.
(٥٢) نفس المرجع، ص٤٤٢.
(٥٣) فمن ضمن أزجاله:
داب نمضي للمرقطال بالجري
إن دريت آش في بالي أن نشتري
والل يا قوم لقد هو ثوبا رفيع
كامل القد واسع التربيع
لس تجد فيه خلق ولا تقطيع
ديوان ابن قزمان، ص٧٧-٧٨.
(٥٤) توريس بالباس: المرجع السابق، ص٤٨٥.
(٥٥) اختصار الأخبار، ص٣٦.
(٥٦) توريس بالباس: نفس المرجع، ص٤٨٥.
(٥٧) محمد سيد الناقة: الأسواق التجارية والصناعية في الأندلس، ص١٩٣.
(٥٨) ابن الخطيب: الإحاطة، ج٣، ص١٩٥.
(٥٩) ابن حوقل: صورة الأرض، ص١١٩.
(٦٠) العذري: ترصيع الأخبار، ص٨٦.
(٦١) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٤٤٩.
(٦٢) سيد الناقة: الأسواق التجارية والصناعية، ص٣٩٠.
(٦٣) ابن أبي زيد: النوادر، ج٦، ص٣٣٨.
(٦٤) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٦٢.
(٦٥) فرحون: تبصرة الحكام، ج٢، ص٢٢٦؛ ابن الحاج: المصدر السابق، الجزء السابق، ص٦٠.
(٦٦) ابن أبي زيد: المصدر السابق، الجزء السابق، ص٣٣٨.
(٦٧) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٦٢.
(٦٨) ابن الحاج: المصدر السابق، الجزء السابق، ص٣٣.
(٦٩) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٢٤٥.
(٧٠) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٥١٥؛ الطوخي: القيساريات الإسلامية، ص٨٨.
(٧١) الجزيري: المقصد المحمود، ج١، ص١٥١؛ البرزلي: نوازل البرزلي، ج٤: ص٤٥٧.
(٧٢) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٤٨؛ الجزنائي: جني زهرة الآس، ص٤٤.
(٧٣) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٤٨١.
(٧٤) مجهول: ذكر بلاد الأندلس، ص٣٢؛ السيد عبد العزيز سالم: قُرْطُبَة حاضرة الخلافة في الأندلس، ج١، ص١٨٣.
(٧٥) أحمد الطوخي: القيساريات الإسلامية، ص٨٣.
(٧٦) أحمد الطوخي: القيساريات الإسلامية، ص٦٨.
(٧٧) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٥٠٦-٥٠٧؛ أحمد الطوخي: المرجع السابق، ص٦٩.
(٧٨) توريس بالباس: المرجع السابق، ص٥١٠.
(٧٩) البكري: المغرب، ص٢٢-٢٣؛ أحمد الطوخي: نفس المرجع، ص٨١.
(٨٠) أحمد الطوخي: نفس المرجع، ص٨٢.
(٨١) محمد رابطة الدين: قيسارية مراكش الموحدية، ضمن كتاب «أعمال ندوة التجارة في علاقتها بالمجتمع والدولة عبر تاريخ المغرب»، جامعة الحسن الثاني، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الدار البيضاء، ١٩٨٩م، ج٢، ص٩.
(٨٢) مجهول: الاستبصار، ص٢١٠؛ محمد رابطة الدين: المرجع السابق، ص١٠.
(٨٣) البيان المغرب، قسم الموحدين، ص٢٥٧.
(٨٤) ابن عذاري: المصدر السابق، ص٢١٨.
(٨٥) بلوط عمر: الفنادق في مدينة تلمسان الزيانية، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، كلية الإنسانية والاجتماعية، قسم الآثار، ٢٠٠٤م، ص٧٥.
(٨٦) المكناسي: جذوة الاقتباس، ج١، ص٧٢.
(٨٧) أنساب الأخبار وتذكرة الأخيار، ص٤٧.
(٨٨) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٤٨.
(٨٩) مجهول: ذكر قصة المهاجرين، ص٢٤٧.
(٩٠) وصف أفريقيا، ص٢٤٥–٢٤٧؛ أحمد الطوخي: القيسارات الإسلامية، ص٧٨-٧٩.
(٩١) السبتي: اختصار الأخبار، ص٣٦؛ أحمد الطوخي: المرجع السابق، ص٨١.
(٩٢) أحمد الطوخي: المرجع السابق، ص٨١؛ عبد العزيز بن عبد الله: الحرف والصناعات التقليدية، ص٢٢٠.
(٩٣) ترصيع الأخبار، ص٨٦.
(٩٤) أحمد الطوخي: القيساريات الإسلامية، ص٨٥.
(٩٥) الطوخي: المرجع السابق، ص٨٤.
(٩٦) ابن صاحب الصلاة: المن بالإمامة، ص٣٩٦-٣٩٧؛ أحمد الطوخي: القيساريات الإسلامية، ص٨٥.
(٩٧) العذري: ترصيع الأخبار، ص١٨.
(٩٨) التكملة، ص٥٠٦ (رقم ١٤٣).
(٩٩) الطوخي: المرجع السابق، ص٨٤.
(١٠٠) توريس بالباس: المرجع السابق، ص٥١٤؛ الطوخي: مظاهر الحضارة في عصر بني الأحمر، ص٢٧٨؛ الطوخي: نفس المرجع، ص٩٣-٩٤.
(١٠١) محمد رابطة الدين: توزيع المرافق الاقتصادية بفاس المرينية، ص٤٤.
(١٠٢) سالم: العمارة المدنية، ص١٤٣.
(١٠٣) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٦٩، ٥٧٥؛ المقري: نفح الطيب، ج١، ص١٥٤.
(١٠٤) محمد سيد الناقة: الأسواق التجارية والصناعية، ص٣٧٨.
(١٠٥) ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب، ج١، ص٤٦.
(١٠٦) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٣، ص٤٠٠؛ ج٥، ص١٨٦.
(١٠٧) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٤٨٥.
(١٠٨) سالم: المرجع السابق، ص١٤٣.
(١٠٩) ابن الأبار: التكملة، ج٢، ص٥٧٦-٥٧٧.
(١١٠) سالم: المرجع السابق، ص١٤٣.
(١١١) صالح بعزيق: بجاية في العهد الحفصي دراسةٌ اقتصادية واجتماعية، منشورات جامعة تونس، ٢٠٠٦م، ص٢٥٦.
(١١٢) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٤٥٤.
(١١٣) السبتي: اختصار الأخبار، ص٣٨.
(١١٤) ابن أبي زرع: الروض القرطاس، ص٤٧؛ الجزنائي: جني زهرة الآس، ص٤٣.
(١١٥) بالباس: نفس المرجع، ص٤٥٣.
(١١٦) المطرب من أشعار أهل المغرب، تحقيق: إبراهيم الإبياري، دار العلم للجميع، بيروت، لبنان، ١٩٥٥م، ص١٥٩؛ توريس بالباس: الأبنية الإسلامية، ص١٠٩.
(١١٧) المصدر السابق، ص١٢٤.
(١١٨) توريس بالباس: المرجع السابق، ص٤٥٥.
(١١٩) محمد رابطة الدين: توزيع المرافق الاقتصادية بفاس المرينية، ص٤٣.
(١٢٠) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٤٨.
(١٢١) السبتي: المصدر السابق، ص٣٧.
(١٢٢) ابن مرزوق: المناقب المرزوقية، ص١٨٨-١٨٩.
(١٢٣) محمد رابطة الدين: المرجع السابق، ص٤٣.
(١٢٤) سورة النساء آية ٢٩.
(١٢٥) رواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث من حديث نعيم بن عبد الرحمن: «تسعة أعشار الرزق في التجارة.» ورجاله ثقات، ونعيم هذا قال فيه ابن منده: ذُكر في الصحابة ولا يصح. وقال أبو حاتم الرازي وابن حبان: إنه تابعي؛ فالحديث مُرسَل.
(١٢٦) رواه الحاكم عن أبي هريرة.
(١٢٧) الغبريني: عنوان الدراية، ص١٩٥.
(١٢٨) ابن بشكوال: الصلة، ج٢، ص٤٧٥ (رقم ٦٩٧).
(١٢٩) ابن الأبار: التكملة، ج١، ص٣٠٩.
(١٣٠) الدباغ: معالم الإيمان، ج٣، ص١٢٥.
(١٣١) الدباغ: المصدر السابق، ج٢، ص٢٠١، ص٢٦٦-٢٦٧.
(١٣٢) عبد العزيز بنعبد الله: الحرف والصناعات التقليدية، ص٢٢٠.
(١٣٣) فيذكر ابن عبدون في هذا الشأن أنه: «مُنِعَ أهل الذمة من الإشراف على المسلمين في منازلهم، والتكشيف عليهم، ومن إظهار الخمر والخنزير في أسواق المسلمين، أو بما هو من أُبَّهة، ومن ركوب الخيل بالسروج والزي بما هو زي المسلمين … ويَمنع المسلمين أن يحاولوا لهم كل ما فيه خساسة أو إذلال للمسلمين، كطرح الكُنَاسة ونقل آلات الخمر، ورعاية الخنازير، وشبه ذلك، لما فيه من علوِّ الكفر على الإسلام، ويُؤدَّب من فعل ذلك.» رسالة في القضاء والحسبة، ص١٢٢.
(١٣٤) يذكر جواتيان، وهو مؤرِّخ ومستشرق يهودي، أنَّ القدر الهائل من حرية الحركة الذي تمتَّع به اليهود والذي عكست صورته أوراق الجنيزة، كان من المستحيل أن يتحقَّق ما لم يكن لهم وضعٌ تشريعي، وما لم يسمح بذلك مناخ السياسة العامة؛ فمارس أهل الذمة في بلدان الغرب الإسلامي التجارة على أوسع نطاقها. دراسات في التاريخ الإسلامي والنظم الإسلامية، ص٢١٢-٢١٣.
(١٣٥) الروض المعطار، ص٥٥٦.
(١٣٦) الزجالي: أمثال العوام في الأندلس، ص١٨٢.
(١٣٧) مارمول: أفريقيا، ج٢، ص٣٨.
(١٣٨) مجهول: الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، ص٢٥.
(١٣٩) مارمول: المصدر السابق، ج٢، ص٤٤.
(١٤٠) توريس بلباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٥٣٤.
(١٤١) الونشريسي: المعيار، ج٥، ص١٩٧.
(١٤٢) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 93–96.
(١٤٣) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص١٨٤.
(١٤٤) ابن الأحمر: بيوتات فاس، ص٢٤.
(١٤٥) مقديش: نزهة الأنظار، ج١، ص٦٠.
(١٤٦) لوترنو: فاس في عصر بني مرين، ص١٥٨-١٥٩؛ القادري بوتشيش: مباحث في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، ص١٦١.
(١٤٧) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٤، ص٤٥٧-٤٥٨.
(١٤٨) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 94.
(١٤٩) ابن رحال: كشف القناع عن تضمين الصناع، ص١٠٠.
(١٥٠) الإبياني: مسائل السَّمَاسِرَة، ص٢٨-٢٩.
(١٥١) ابن الخطيب: الإحاطة، ج٢، ص٢٤٧.
(١٥٢) ابن فرحون: تبصرة الحكام، ج٢، ص٢٤٥؛ الإبياني: المصدر السابق، ص٣٧.
(١٥٣) محاسن التجارة، ص٤٤؛ ابن الأخوة: معالم القربة، ص٢١٦.
(١٥٤) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة، ص٦٤.
(١٥٥) الزجالي: الأمثال العامة في الأندلس، ص٢٩٦.
(١٥٦) الشيزري: المصدر السابق، ص٦٣؛ ابن عبد الرءوف: رسالة في آداب الحسبة والمحتسب، ص٨٥؛ ابن الأخوة: المصدر السابق، ص٢١٦.
(١٥٧) القباب: شرح مسائل ابن جماعة في البيوع، ص٢٦٦.
(١٥٨) الونشريسي: المعيار، ج٨، ص٣٥٦؛ الإبياني: نفس المصدر، ص٣٣.
(١٥٩) السقطي: آداب الحسبة، ص٦١.
(١٦٠) غوستاف لوبون: حضارة العرب، ص٣٦٥-٣٦٦.
(١٦١) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة، ص٦٤؛ الونشريسي: المعيار، ج٥: ص٢٢٠.
(١٦٢) المجليدي: التيسير في أحكام التسعير، ص١١٤.
(١٦٣) الشيزري: نفس المصدر، ص٦٣-٦٤؛ السقطي: المصدر السابق، ص٥٩؛ ابن الأخوة: معالم القربة، ص٢١٧.
(١٦٤) القباب: شرح مسائل البيوع، ص٢٦٨-٢٦٩.
(١٦٥) التادلي: التشوف، ص٣٩٣.
(١٦٦) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٤، ص٢٤٠.
(١٦٧) ابن رحال: كشف القناع عن تضمين الصناع، ص١٠١؛ القادري بوتشيش: مباحث في التاريخ الاجتماعي، ص١٦٣.
(١٦٨) المصدر السابق، ص١٠٠.
(١٦٩) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 87-88.
(١٧٠) الونشريسي: المصدر السابق، ج٨، ص٣٦٣.
(١٧١) الدمشقي: محاسن التجارة، ص٤٤.
(١٧٢) الونشريسي: نفس المصدر، ج٨، ص٣٥٦.
(١٧٣) كشف القناع عن تضمين الصناع، ص١٠١.
(١٧٤) ابن رحال: المصدر السابق، ص١٠٩.
(١٧٥) ابن رحال: نفس المصدر، ص١٠١؛ القادري بوتشيش: مباحث في التاريخ الاجتماعي، ص١٦٣.
(١٧٦) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٣، ص٤٩٤.
(١٧٧) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥١٦.
(١٧٨) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣٥.
(١٧٩) الإبياني: مسائل السماسرة، ص١٨.
(١٨٠) الإبياني: المصدر السابق، ص١٨-١٩.
(١٨١) الونشريسي: المعيار، ج٨، ص٣٥٧؛ الإبياني: نفس المصدر، ص٢٠، ٣٦، ٣٨.
(١٨٢) البرزلي: المصدر السابق، ج٣، ص٥٦١؛ الونشريسي: المصدر السابق، ج٨: ص٣١٨.
(١٨٣) الإبياني: مسائل السماسرة، ص٥٠.
(١٨٤) الونشريسي: المعيار، ج٨، ص٣٥٨.
(١٨٥) الإبياني: المصدر السابق، ص٤٥، ٤٨، ٤٩.
(١٨٦) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٣، ص٥٦٠؛ الونشريسي: المصدر السابق، ج٨: ص٣٦٣؛ الإبياني: نفس المصدر، ص٤٤.
(١٨٧) محمد علي قويدر: التجارة الداخلية في المغرب الأقصى في عصر الموحدين (٥٤١–٦٦٨ﻫ/١١٤٧–١٢٦٩م)، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة القاهرة، ٢٠١٠م، ص١١٩.
(١٨٨) الجزيري: المقصد المحمود، ج٢، ص٣٤٧.
(١٨٩) رسالة في القضاء والحسبة، ص٤٩.
(١٩٠) ابن مرزوق: المسند الصحيح، ص١٩٤.
(١٩١) تبصرة الحكام، ج٢، ص٢٤٥.
(١٩٢) الونشريسي: المعيار، ج٥، ص١٩٧.
(١٩٣) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣١.
(١٩٤) ابن أبي زيد: النوادر، ج٧، ص٨١.
(١٩٥) ابن زمنين: منتخب الأحكام، ص٣٤١.
(١٩٦) القلقشندي: صبح الأعشى، ج٣، ص٤٤٧؛ علي جمعة: المكاييل والموازين الشرعية، القاهرة، القدس للإعلان والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، ٢٠٠١م، ص٥١.
(١٩٧) برنشفيك: إفريقية في العهد الحفصي، ج٢، ص٢٦٣.
(١٩٨) القلقشندي: المصدر السابق، ج٣، ص٤٤٧؛ علي جمعة: المرجع السابق، ص٥١.
(١٩٩) فالتنس هنتس: المكاييل والأوزان الإسلامية وما يعادلها في النظام المتري، ترجمة كامل العسلي، منشورات الجامعة الأردنية، ١٩٧٠م، ص٩٥٤؛ برنشفيك: المصدر السابق، ج٢: ص٢٦٣.
(٢٠٠) علي جمعة: المكاييل والموازين الشرعية، ص٥٢.
(٢٠١) برنشفيك: إفريقية في العهد الحفصي، ج٢، ص٢٦٣.
(٢٠٢) صورة الأرض، ص١١٤.
(٢٠٣) عثمان المنصوري: التجارة بالمغرب في القرن السادس عشر، مساهمة في تاريخ المغرب الاقتصادي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، ٢٠٠١م، ص٨٦.
(٢٠٤) علي جمعة: المرجع السابق، ص٥٠.
(٢٠٥) فالتنس هنتس: المكاييل والأوزان الإسلامية، ص٨٤.
(٢٠٦) فالتنس هنتس: المرجع السابق، ص٩١.
(٢٠٧) عبد الهادي التازي: دور المحتسب في السوق، ص١٣٤؛ بلوط عمر: الفنادق في مدينة تلمسان الزيانية، ص٧٦-٧٧.
(٢٠٨) عبد الهادي التازي: دور المحتسب في السوق، ص١٣٤.
(٢٠٩) ابن عظوم: كتاب الأجوبة، ج١، ص٢٠٦.
(٢١٠) ابن أبي زيد: النوادر، ج٦، ص٣١٧.
(٢١١) الجزيري: المقصد المحمود، ج١، ص٢٢٠.
(٢١٢) المصدر السابق، ص٣١.
(٢١٣) توريس بالباس: المدن الإسبانية الإسلامية، ص٥٣٣.
(٢١٤) عثمان المنصوري: التجارة بالمغرب في القرن السادس عشر، ص٨٧.
(٢١٥) محمد المنوني: ورقات عن الحضارة، ص١٤١–١٤٣.
(٢١٦) المصدر السابق، ص١٤١–١٤٣.
(٢١٧) Sarah. C. Davis: Sicily and the Medieval Mediterranean, p. 161.
(٢١٨) برنشفيك: إفريقية في العهد الحفصي، ج٢: ص٢٦٣.
(٢١٩) وصف أفريقيا، ص١٢٨.
(٢٢٠) السقطي: آداب الحسبة، ص١٢٠.
(٢٢١) ابن عظوم: كتاب الأجوبة، ج١، ص٢٢١.
(٢٢٢) ابن إصبغ: ديوان الأحكام، ص٣٨٠.
(٢٢٣) معالم القربة، ص٣٤٠.
(٢٢٤) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, L’Ibérie chrétienne et le Maghreb: XIIe-XVe siècles, [edited by Jacques Heers and Georges Jehel], 1990, p. 483.
هذه المقالة ترجمها الأستاذ الدكتور جمال طه وهي بعنوان «الأسعار ومستوى الحياة في بلاد المغرب وكتالونيا في نهاية القرن الثالث عشر وبداية القرن الرابع عشر» مقالة تحت الطبع.
(٢٢٥) عثمان المنصوري: التجارة بالمغرب، ص٨٨.
(٢٢٦) عثمان المنصوري: المرجع السابق، ص٨٨.
(٢٢٧) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 483.
(٢٢٨) فالتنس هنتس: المكاييل والأوزان الإسلامية، ص٩٤.
(٢٢٩) عثمان المنصوري: المرجع السابق، ص٨٨.
(٢٣٠) Dufourcq: Op.cit., p. 485.
(٢٣١) ابن أبي زيد: النوادر، ج٩، ص٢٦٨.
(٢٣٢) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣١.
(٢٣٣) الروض المعطار، ص٣٣١.
(٢٣٤) ابن العطار: الوثائق والسجلات، ص٥٣.
(٢٣٥) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٣، ص٦٣، ١٣١.
(٢٣٦) نوازل المازري، ص٢٣٢.
(٢٣٧) الونشريسي: المعيار، ج٨، ص١٣٠.
(٢٣٨) البكري: المُغرب، ص١٧.
(٢٣٩) فتاوى ابن رشد، ص٣٣٠-٣٣١.
(٢٤٠) أحسن التقاسيم، ص٢٤٠.
(٢٤١) المصدر السابق، ج٥، ص١١٤، ١٧٧.
(٢٤٢) فرحة الأنفس، ص٢٧.
(٢٤٣) فالتنس هنتس: المكاييل والأوزان الإسلامية، ص٣٦-٣٧.
(٢٤٤) الوثائق والسجلات، ص٥٣.
(٢٤٥) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة، ص١٥.
(٢٤٦) آداب الحسبة، ص١٢٠.
(٢٤٧) ابن عبدون: رسالة في القضاء والحسبة، ص٤٠.
(٢٤٨) فالتنس هنتس: المكاييل والأوزان الإسلامية، ص٤١.
(٢٤٩) إفريقية في العهد الحفصي، ج٢، ص٢٦١.
(٢٥٠) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 481.
(٢٥١) فتاوى البرزلي، ج٣، ص٤٥٠.
(٢٥٢) أوليفيا رمي كونستبل: التجارة والتجار في الأندلس، ص١٤٩، ٢٤٤-٢٤٥.
(٢٥٣) أوليفيا ريمي كونستبل: المرجع السابق، ص٢٤٣.
(٢٥٤) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 89.
(٢٥٥) جواتيان: النظم الإسلامية، ص٢٤٢.
(٢٥٦) الدباغ: معالم الإيمان، ج٢، ص٣٤٢.
(٢٥٧) ابن إصبغ: نوازل ديوان الأحكام، ص٢٨٤.
(٢٥٨) البكري: المغرب، ص١١؛ الحميري: الروض المعطار، ص٢٩.
(٢٥٩) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٤٢٨.
(٢٦٠) مجهول: الاستبصار، ص١٨٩.
(٢٦١) ابن سراج: فتاوي قاضي الجماعة، ص١٦٩.
(٢٦٢) القباب: شرح مسائل البيوع، ص٢٠٣: ٢٠٦.
(٢٦٣) الونشريسي: المصدر السابق، ج٦، ص١٩٧.
(٢٦٤) القباب: المصدر الساق، ص٣١١.
(٢٦٥) ابن الرصاع: شرح حدود ابن عرفة (الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية)، تحقيق: محمد أبو الأجفان والطاهر المعموري، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، ١٩٩٣م، ص٣٨٤.
(٢٦٦) شرح مسائل البيوع، ص٣٠٩.
(٢٦٧) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٦٥.
(٢٦٨) النوادر، ج٦، ص٣٤٦.
(٢٦٩) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج٦، ص٣٤٩–٣٥٦؛ ابن رشد: فتاوى ابن رشد، ص٧١٦.
(٢٧٠) القباب: شرح مسائل البيوع، ص٢١٣.
(٢٧١) ابن أبي زيد: النوادر، ج٦، ص٣٩٤.
(٢٧٢) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج٦، ص٣٨٦.
(٢٧٣) الونشريسي: المعيار، ج٥، ص٣٨؛ محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥١٧.
(٢٧٤) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٢٤٢؛ محمد علي أحمد قويدر: التجارة الداخلية في المغرب، ص١١٨.
(٢٧٥) روجيه لوترونو: فاس في عصر بني مرين، ص١٥٥؛ ابن الوزان: المصدر السابق، ص٢٣٧، ٢٤١.
(٢٧٦) الإبياني: مسائل السماسرة، ص٦٠.
(٢٧٧) ابن الوزان: المصدر السابق، ص٢٤٦.
(٢٧٨) ابن العطار: الوثائق والسجلات، ص١٤٦.
(٢٧٩) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة، ص٦٢.
(٢٨٠) ابن العطار: الوثائق والسجلات، ص١٤٩.
(٢٨١) الجبي: شرح غريب ألفاظ المدونة، ص٥٧.
(٢٨٢) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٢٨-٢٩.
(٢٨٣) ابن الأخوة: معالم القربة، ص٢١٣.
(٢٨٤) اللخمي: التبصرة «كتاب البيوع الفاسدة، كتاب التدليس بالعيوب، كتاب الاستبراء، كتاب بيع الخيار، كتاب العرايا، كتاب التجارة بأرض الحرب، كتاب الأقضية، وكتاب الشهادات» تحقيق: هاشم محمد حسين ناقور، رسالة دكتوراه، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، ١٤٣٠ﻫ، ص٥٧؛ ابن الرصاع: الهداية الكافية، ص٣٥٤؛ ابن هلال: الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير، ص١٢٥: ١٢٨.
(٢٨٥) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج١٠، ص٢٣٢.
(٢٨٦) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣٤-٣٥.
(٢٨٧) ابن إصبغ: نوازل ديوان الأحكام، ص٢٠٨.
(٢٨٨) اللخمي: التبصرة، ص٧٧.
(٢٨٩) ابن رشد: فتاوى ابن رشد، ص٢٤٨.
(٢٩٠) اللخمي: المصدر السابق، ص٥٧؛ المازري: فتاوى المازري، ص٢٢٥؛ ابن الأخوة: معالم القربة، ص٢١٣.
(٢٩١) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج٦، ص٣١٣؛ ابن رشد: المصدر السابق، ص٧١٦.
(٢٩٢) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣٠.
(٢٩٣) القباب: شرح مسائل البيوع، ص٣١١.
(٢٩٤) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥١٨.
(٢٩٥) الونشريسي: المعيار، ج٥، ص٢٤١.
(٢٩٦) العقباني: تحفة الناظر، ص١٤٣؛ الونشريسي: المصدر السابق، ج٦، ص١٩٠.
(٢٩٧) الجزيري: المقصد المحمود، ج١، ص٢٢٠، ٢٢٧.
(٢٩٨) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٢٩؛ اللخمي: التبصرة، ص١١٩.
(٢٩٩) آدم ميتز: الحضارة الإسلامية، ج٢، ص٣٢٩.
(٣٠٠) الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة، ص٦٣؛ ابن الأخوة: معالم القربة، ص٢١٣.
(٣٠١) الرصاع: شرح حدود ابن عرفة، ص٤٣١؛ محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥٢٧.
(٣٠٢) ابن أبي زيد: النوادر، ج١٠، ص٦١.
(٣٠٣) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج١٠، ص٧٠، ج٦، ص٣٠٦.
(٣٠٤) ابن عظوم: الأجوبة، ج٧، ص٩٠.
(٣٠٥) الإمام سحنون: المدونة الكبرى، ج٣، ص٦١٤؛ الونشريسي: المعيار، ج٦، ص١٨٩.
(٣٠٦) ابن العطار: الوثائق والسجلات، ص١٩٢–١٩٥.
(٣٠٧) الجزيري: المقصد المحمود، ج٢، ص٣٧٤.
(٣٠٨) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 479.
(٣٠٩) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣٠.
Avner Greif: Reputation and Coalitions in Medieval Trade: Evidence on the Maghribi Traders, The Journal of Economic History, Vol. 49, No. 4 (Dec., 1989), p. 861.
(٣١٠) المجليدي: التيسير في أحكام التسعير، ص٤٩.
(٣١١) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٣١.
(٣١٢) ابن الحاج: المصدر السابق، ص٨١.
(٣١٣) تحفة الناظر، ص١٣٦.
(٣١٤) جواتيان: النظم الإسلامية، ص٢٤٣.
(٣١٥) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 89.
(٣١٦) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٧٧.
(٣١٧) عيسى الذيب: التجارة في عصر دولة المرابطين ٤٤٨–٥٤٠ﻫ/١٠٥٦–١١٤٥م، رسالة ماجستير، كلية الآداب، جامعة القاهرة، ١٩٩٠م، ص٢٨٤.
(٣١٨) الزهري: الجغرافية، ص١٠٢.
(٣١٩) رسلان: دراسة للنسِيج المذهب، ص١٠.
(٣٢٠) مجهول: الاستبصار، ص١٢٩.
(٣٢١) ابن حوقل: صورة الأرض، ص١١٤.
(٣٢٢) ابن دحية: المطرب من شعراء أهل المغرب، ص١٧٢.
(٣٢٣) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 483.
(٣٢٤) الطيبي: دراسات وبحوث في تاريخ المغرب، ص١٥١–١٥٤.
(٣٢٥) ابن رشد: فتاوى ابن رشد، ص٣٣٠-٣٣١.
(٣٢٦) البرزلي: فتاوى البرزلي، ج٣، ص١٣١.
(٣٢٧) المالكي: رياض النفوس، ج٢، ص٣٢٨.
(٣٢٨) Dufourcq: Prix et niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 482.
(٣٢٩) Goitien; A Mediterranean Society, Vo. 1, p. 302; Moshe Gil; The Jewish Merchants in the Light of Eleventh-Century Geniza Documents, p. 291; The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 93–96.
(٣٣٠) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص٧٩.
(٣٣١) Avner Greif: Reputation and Coalitions in Medieval Trade, p. 861.
(٣٣٢) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, P. 482.
(٣٣٣) Dufourcq: Op.cit., p. 481.
(٣٣٤) Michele Amari: I Diplomi Arabi R. Archivio Florention, Frienze, 1863, p. 48.
(٣٣٥) مجهول: الاستبصار، ص١١٩.
(٣٣٦) البكري: المغرب، ص٣٦؛ مجهول: الاستبصار، ص١١٩.
(٣٣٧) الطيبي: دراسات وبحوث في تاريخ المغرب، ص١٤٨-١٤٩.
(٣٣٨) Serjeant: Material for a History of Islamic Textiles, p. 47.
(٣٣٩) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٣٦٤.
(٣٤٠) التادلي: التشوف، ص٣٢٢.
(٣٤١) عز الدين موسى: النشاط الاقتصادي، ص٤٠٣ (الملحق ٦).
(٣٤٢) التادلي: التشوف، ص٣٦٨.
(٣٤٣) التادلي: المصدر السابق، ص٣١٦.
(٣٤٤) Dufourcq: Prix et Niveaux de vie dans les pays Catalans et Maghribins, p. 483.
(٣٤٥) لويس سيكو دي لوثينا: وثائقُ عربيةٌ غرناطية من القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، معهد الدراسات الإسلامية، مدريد، ١٩٦١، وثيقة رقم ٦ﻫ بتاريخ ٢٠ ربيع الآخر ٨٥٨ﻫ/١٩ أبريل ١٤٥٤م، ص١٩.
(٣٤٦) لويس سيكو: المصدر السابق، وثيقة رقم ٤٧أ بتاريخ شوال ٨٨٨ﻫ/١٦ نوفمبر ١٤٨٣م، ص٨٧.
(٣٤٧) نفس المصدر، وثيقة رقم ٥٥، ص٩٨.
(٣٤٨) المعيار، ج٥، ص١٠٧-١٠٨.
(٣٤٩) لويس سيكو: وثائقُ عربيةٌ غرناطية من القرن التاسع الهجري، ص١٤٤.
(٣٥٠) حسن علي حسن: الحضارة الإسلامية في المغرب والأندلس، ص٢٠٠.
(٣٥١) أوليفيا كونستبل: التجارة والتجَّار في الأندلس، ص١٧٢.
(٣٥٢) وصف أفريقيا، ص٢٤٧.
(٣٥٣) الحميري: الروض المعطار، ص٥٤١.
(٣٥٤) محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥٤٦.
(٣٥٥) ابن عروس: وشي الطروس، ص٤٩٢؛ ابن القطان: نظم الجمان، ص١٩٤، هامش ٤؛ عز الدين أحمد موسى: النشاط الاقتصادي، ص١٦٧.
(٣٥٦) أوليفيا كونستبل: التجارة والتجار، ص١٧١.
(٣٥٧) الطيبي: دراسات وبحوث في تاريخ المغرب، ص١٤٤.
(٣٥٨) التعتيب: من الضرائب التي أُخذت من النساجين صانعي العتابي في عصر المرابطين، وخُصصت لإقامة أسوارٍ جديدة حول المدن وترميم القديم منها. بوتشيش: أثر الحروب على الضرائب في المغرب، مجلة الاجتهاد، ع٣٤-٣٥، ١٤١٧ﻫ، ص٨٩.
(٣٥٩) الإدريسي: نزهة المشتاق، ج٢، ص٥٦٣-٥٦٤.
(٣٦٠) ابن عذاري: البيان المغرب، ج٤، ص٧٣-٧٤.
(٣٦١) بوتشيش: أثر الحروب على الضرائب في المغرب، ص٨٩.
(٣٦٢) والبيزا تقابل الدينار التونسي الذي يتكون من ٨ دراهم. محمد حسن: المدينة والبادية، ص٥٤٠.
(٣٦٣) الطوخي: مظاهر الحضارة في الأندلس، ص٢٦٨.
(٣٦٤) المعيار، ج٥، ص٢٦٠.
(٣٦٥) Serjeant: Material for a History of Islamic Textiles, p. 33.
(٣٦٦) Maya Shatzmiller: Women and Wage Labour in the Medieval Islamic West, p. 194-195.
(٣٦٧) مارمول: أفريقيا، ج٣، ص١٦.
(٣٦٨) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٤٦٠؛ مقديش: نزهة الأنظار، ج٢، ص٢٩٩.
(٣٦٩) العقباني: تحفة الناظر، ص٩٧؛ الونشريسي: المعيار، ج٥، ص٢٩٧.
(٣٧٠) الغبريني: عنوان الدراية، ص١٩٥-١٩٦.
(٣٧١) المدينة والبادية، ص٤٦٧.
(٣٧٢) ابن الوزان: المصدر السابق، ص٤٦٨.
(٣٧٣) Moshe Gil: The Flax Trade in the Mediterranean in the Eleventh Century, p. 88.
(٣٧٤) Hilmar C. Krueger: Genoese Trade with Northwest Africa in the Twelfth Century, Speculum, Vol. 8, No. 3 (Jul., 1933), p. 386.
(٣٧٥) ابن الوزان: وصف أفريقيا، ص٢٠٦.
(٣٧٦) تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب، ص٨٧.
(٣٧٧) العذري: ترصيع الأخبار، ص٩٣.
(٣٧٨) Amari: I Diplomi Arabu del R. Archivio Fiorentino, p. 93.
(٣٧٩) سورة آل عمران، الآية ١٠٤.
(٣٨٠) الونشريسي: المعيار، ج١٠، ص٧٧.
(٣٨١) ديوان الأحكام، ص٢٨؛ الأبي: الإكمال، ج٥، ص٢.
(٣٨٢) المجليدي: التيسير في أحكام التسعير، ص٤٢.
(٣٨٣) في آداب الحسبة، ص٥: ٩؛ نجاة باشا: التجارة في المغرب الإسلامي من القرن الرابع إلى القرن الثامن للهجرة، منشورات الجامعة التونسية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس، ١٩٧٦م، ص١٢٢.
(٣٨٤) ابن الأخوة: معالم القربة، ص٥١؛ المجليدي: المصدر السابق، ص٤٣-٤٤؛ ابن الديبع: بغية الإربة في معرفة أحكام الحسبة، ص٥٨-٥٩.
(٣٨٥) جمال طه: دراسات في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، ص١٠١.
(٣٨٦) ابن الأخوة: معالم القربة، ص٥٢.
(٣٨٧) ابن أبي زيد: النوادر، ج٦، ص٣٦٢.
(٣٨٨) الونشريسي: المعيار، ج٦، ص٥١.
(٣٨٩) ابن رشد: فتاوى ابن رشد، ص٩٢٣؛ الونشريسي: المصدر السابق، ج٦، ص٥٢؛ العقباني: تحفة الناظر، ص١٢٤.
(٣٩٠) العقباني: المصدر السابق، ص١٢٣.
(٣٩١) ابن أبي زيد: المصدر السابق، ج٦، ص٢٧٥؛ اللخمي: التبصرة، ص١٤٥.
(٣٩٢) الونشريسي: المصدر السابق، ج٦، ص٥٨؛ العقباني: المصدر السابق، ص١٢٣.
(٣٩٣) ابن أبي زيد: نفس المصدر، ج٦، ص٢٦٨، ج٩، ص٢٦٧؛ الونشريسي: المصدر السابق، ج٦، ص٥٠؛ العقباني: نفس المصدر، ص١٢٢.
(٣٩٤) ابن المناصف: تنبيه الحكام في سيرة القضاة وقبول الشهادات وتنفيذ الأحكام والحسبة، ورقة ٨٣أ.
(٣٩٥) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص١٤.
(٣٩٦) ابن أبي زيد: النوادر والزيادات، ج٦، ص٣٦٢.
(٣٩٧) ابن الحاج: المدخل، ج٤، ص١٧.
(٣٩٨) العقباني: تحفة الناظر، ص١٢٢.
(٣٩٩) عبد الهادي التازي: المحتسب، ص٥٤.
(٤٠٠) الونشريسي: المعيار، ج٩، ص٢٦٨؛ العقباني: المصدر السابق، ص١٢٢.
(٤٠١) المجليدي: التيسير في أحكام التسعير، ص١٠٥، ملحق ١.
(٤٠٢)
أيضًا للمحتسب التمزيق والكسر والإراقة والتخريق
والضرب والطواف بالمضروب ويتلف الشيء الذي يعيب
(٤٠٣) لوترنو: فاس في عهد بني مرين، ص١٥٤.
(٤٠٤) فتاوي البرزلي، ج٤، ص١٦٦.
(٤٠٥) ابن أبي زرع: الأنيس المطرب، ص٤٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤