الحمار المُسْتأسِد

النجاء النجاء يا ابن …
من سيوف الهجاء ذات المضاءِ
لا لعمري وأين تهرب مني
مناياي طيُّ هذا الهواء
أنا كالموت مُدرك كلَّ حيٍّ
أتحدَّاه بالأذى والهجاء
أنا كالشمس مدرك ليلك الأسـ
ـود بالنور واللظى الكواء
أتوخاك حيث كنت من الأر
ض ولو غبت في حبال الهباء
لو تخذت الرياح خيلا لما أفـ
ـلت فارضخ لرغبتي وقضائي
أنا أفري أديم عرضك بالقو
ل وغيري بالفعل يفري فرائي
قرب الشعر مصرعا لك تقصيـ
ـه وللشعر مصرع الأشقياء
ليس ينجيك من لساني من تهـ
ـدي من الأمهات والأبناء
… … … … … …
… … … … … …
ولئن طرت في السماء فإني
بالغ منك مأربي في السماء
ويمينًا لأجعلنك أحدو
ثة كل الركبان والأملاء
ناشرًا كل سوءة لك تطويـ
ـها دءوبًا وفعلة شنعاء
ومعيدًا من حفرة القبر أشلا
ءك أنتِنْ بهن من أشلاء
بل معيدًا آباء سوء أراك اعـ
ـتضت منهم أحاسن الآباء
فإذا كنت ما زعمت من الإنـ
ـسان أطرقت شدة استحياء
سيقول اللعينُ قزْمٌ يلاقيـ
ـكَ بساقٍ عرجاء ذات التواء
إن أكن قزمة فإن قوافـ
ـيَّ طوال جدًّا بغير انتهاء
كل ذي عاهة ولا شك جبا
رٌ فحاذر من رجليَ العرجاء
كان تيمور أعرج الساق فافطن
لمعاني العاهات والأدواء
وتأمل مثال ما نحن فيه
قصة سقتها عن القدماء
زعموا أن معشرًا ركبوا الما
ءَ وحثوا سفينهم بالغناء
ورآهم قزم فنادى مهيبًا
أن دعوني أكن من الشركاء
أنا قزم كما ترون فلا تخـ
ـشوا زحامي مجالس العظماء
فرضوا وانبرى إليه سفيهٌ
حسب الفضل كله في الرياء
ذو لسانين، بل بوجهين: ملَّا
ق، ووجه يعيب بالإيماء
يتلقاك خاشعًا باسم الثغـ
ـر ويلقي حبائل الحقراء
وإذا ما سمعته قلت سبحا
نك ربي ذا أوحد الفضلاء
وإذا ما بلوته لم تصدق
أنه ينتمي إلى حواء
ورآه القصير يضحك منه
حاسبًا أنه من الأغبياء
وإذا بالسفين جاش بها التـ
ـيَّار والقزم آخذ في النماء
وأحس الرفاق بالضيق حتى
عالجوا غمرة الردى والفناء
وأخونا القصير يكبر أضعا
فًا ولكن عن صحةٍ وامتلاء
وانثنى سائل يقول من العمـ
ـلاق إنَّا من كربه في بلاء
قال كنت القصير قدمًا فأما الـ
آن فالضخم هائل الأنحاء

•••

ذا مثالي لو كنت تفهم يا غـ
ـرُّ ولكن حُرمت فضل الذكاء
ذا مثال العظيم يظهر في النا
س ويمضي بأوفر الأنصباء
يحرم الناس ما ينالون لولا
ه فهم من وجوده في عناء

•••

أنت فينا ظلمت نفسك فاذهب
حيثما شئت من وسيع الفضاء
أنت عارٍ من الفضيلة لكـ
ـنَّك كاسٍ من الخنا والغباء
أنت خالٍ من كل فضل سوى إحـ
ـسان أهل الإحسان والكرماء
تأخذ القرش في إباء كأن الله
أعطاك ذرة من إباء
كل شيء تكلفٌ منك حتى
مشية حزتها عن الأعلياء
كذب كلها حياتك يا ملـ
ـعون حتى دعواك في الأحياء
لا ترد الأكُفَّ عنك ولا تُحـ
ـجم يومًا عن ريبة أو خفاء
أنت يا شيخ لست بالشيخ حقًّا
غير لفظ أُريدَ لاستهزاء
مثلما قيل «يا عزيزة» للبغـ
ـلة بغيًا تهكم بالنساء!
لِمْ رضوا أن تكون فيهم على رأ
سك هذا الطربوش كالعلماء؟
أنت شيء، بل أنت لا شيء يا هـ
ـذا وإن كنت باديًا للرائي
قسمًا بالإله لو كنت في العيـ
ـن قذاة ما كنت ذا إيذاء
خلق الله كل شيء لمعنًى
غير هذا المخنث المشاء
لمَ ربِّي خلقت هذا وما أر
ضاه عبدًا لأحقر الأدنياء
لمَ ربِّي خلقته وهو لا يحـ
ـسب إلا في ساعة الإحصاء
لك وجه يُذكِّر المرء بالعُهـ
ـر وبالمخزيات والفحشاء
وقَفًا تصفع الصوافع منه
ذا رنينٍ مجلجل في الفضاء
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
خبروني يا قوم من أبواهُ
ما نصيباهما من الأسماء
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
أنت للنبل والحقيقة والعِـ
ـفَّةِ والفضل أحقر الأعداء
حالك الحال ليس يرضى بها الكلـ
ـبُ فأني غدوت ذا خيلاء؟
لا بل الكلب ذو وفاء وأنت الـ
ـذئب غدرًا وإن تكن كالشاء
عجبًا للزمان ألبسك الجـ
ـبَّةَ والفروَ بعد طول الحفاء
كنت مستفردًا شريدًا فرقيـ
ـت وأصبحت ضحكة الظرفاء
وكذاك الزمان ينعم بالخيـ
ـر على غير مستحق الحباء
فقم آكل هنيئًا وكف
عُوِّدت أن تمدَّ للإعطاء
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
… … … … … …
لابسًا من شفوف أهل السخاء
راتعًا في رياض أهل الثراء
… … … … … …
… … … … … …
وادعيت الذي لو اجتمع اليو
م لحيٍّ لعُدَّ في الأنبياء
أدبًا بارعًا وعلمًا وفهمًا
وأبًا! ويك يا قليل الحياء
حدث الناس أن برذون سوء
طمحت عينه إلى العلياء
فاكتسى جلدة الليوث فهابتـ
ـه وحوش الدهناء قبل الشاء
فتوقفنَ مدةً ثم أقبلـ
ـنَ يرَوئن في طريق النجاء
واستقرت آراؤهنَّ على أن
يتقدمن نحوهُ بالفداء
ثم رتَّبن أمرهن: ففي الصبـ
ـح إوزٌّ وظبية للغداء
وتباشرن ثم أشرفن ينظر
ن خلال الشجراء والقصباء
وإذا هن راعهن نهيق
لم يدع في هوانه من مراء
أنت هذا الحمار لو كنت تدري
قد أزحنا عنه ظلال الخفاء
فالتمس غيرنا ودلِّس على من
شئت إلا معاشر الشعراء

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤