في المُنَاجاة

داعبْتِني يومًا فهل تذكرين؟
لو يذكر السيف كلوم الطعين!
نعم هو السيف به تلعبين
ولستِ تدرين الذي تصنعين
أوَّاه يا غيداء لو تعلمين!
وكيف والسر بصدري دفين؟
أهواك والحب بلاء مبين
وجنة يشقى بها المتقون
أمرُّ بالدار عسى تبصرين
نِضْوك يحدوه إليك الحنين
كأنما يرمي عباب الهوى
بشلوه صوبك لو تشعرين
والبحر قذَّاف بخُوَّاضه
والبحر لا يعيي أواذيه طين
وا حسرتا إن حطَّمت صخرةٌ
جثمانيَ الواهي وطيني المهين
لو كنت نارًا لخبت جذوتي
في لجك الطاغي الذي تزخرين
يا درة غصتُ لها في الأسى
كلَّت ذراعاي وما من مُعين
فضِّي غلافَ الصَّدَف المنطوِي
عليك وابدي في سناك المبين
حجبت عني يا ضياء العيون
يا راحة القلب وروح اليقين
ريحانتي هل خفت لفح الجوى
وعصفه قبلك بالياسمين؟
صدقت! إني لافح عاصف
تالله ما أنتِ وحر الشجون!

•••

أكل ذنبي أن بي حبها؟
وددت لو مثلي إذنْ تذنبين!
ألا أرى حتى ولا ظلها؟
وا شقوة القلب الذي تسكنين!
نعمى حرمناها على حبنا
يا ليتني كنت الخلي الضنين!
عجبت للحظ وتقسميه
وللذي قد شاء فيه المجون
هبك منعت العين أن تجتلي
جمالك الغض فما تمنعين؟
هل تمنعين القلب أن يصطلي
جحيم حبيك الذي تسعرين
يا فتنة القلب ألا رقية
من أخذة السحر الذي تنفثين؟
أسمعْتِني صوتك في ضحكة
فضية؛ واهًا لذاك الرنين!
ويلي لقد أصبحت ندابة
أبكي بكاء الطفل إذ تضحكين
قد كان لي ثوب رجولية
زين إذا غيري اكتسى ما يشين
أين إبائي أن أسام الأذى
أين وفائي للخلاق الرزين؟
تجمُّلي أين وأكرومتي
آوى إلى فيئهما ذي السكون؟
نضوت عني كل دثر وما
خلفت لي إلَّا شعار الجنون
خلفتني عاري الهوى ليس لي
ما يستر القلب عن الناظرين!
كأنما الدنيا قواء فما
أحس هذا الناسَ لو يعلمون
فلا حياء ليَ أو عزة
وكيف والأرض خراب أمين؟
أفوق ظهر الأرض من أستحي
منه؟ أفي أرجائها من قطين؟
هل من يرى ضعفي وينعى به
إذا أنا استحذى فؤادي الضمين؟
ما حيلتي لو أن لي حيلة؟
تقطع القلب وما تشعرين
هيهات أن تدري بما هجته!
أتشعر الشمس برمد الجفون؟
أخشى عليك الناس أن يلهجوا
بنا ولو كانوا من الأقربين
يا عزتي «تيهي» ولا تعلمي
ما تعلم الدنيا التي تسحرين
وإن سما من نبأي سره
إليك يومًا وعلمت اليقين
ولم يكن عطف فلا تهزئي
وحسبيَ الله إذا تهزئين!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤