تصدير وتقدير
كثُر الحديث في هذه الأيام عن السودان، وعلاقة مصر به، وموقفها إزاءه، وقد رأيتُ أن أتناول هذا الموضوع من الناحية التاريخية البحتة على الطريقة العلمية الحديثة التي تستند إلى الحقائق الثابتة. ولما كان الموضوع متشعب النواحي، والمجال لا يحتمل الإطالة؛ فلم يكن هناك مَعْدى عن قصْر الحديث على مسألة السيادة، وإزالة ما علق بالأذهان عن مساوئ الحكم المصري في السودان؛ إذ إن الشواهد التاريخية المستقاة من الوثائق الرسمية لا تنفي ذلك فحسب، بل إنها لتدل دلالة واضحة على أن حكم المصريين للقطر السوداني كان حكمًا عادلًا مستنيرًا يهدف إلى رفاهية السودانيين، والسير بهم قدمًا في طريق التقدم والحضارة. وليس في ذلك ما يدعو إلى العجب؛ لأن السياسة الرشيدة التي رسم محمد علي الكبير خطوطها الأساسية منذ البداية كانت تعتبر مصر والسودان قطرًا واحدًا داخلًا ضمن نطاق مشترك.
•••
على أنه لا يسعني إلا أن أعترف بأن هذا البحث — على إيجازه — ما كان في استطاعتي أن أنجزه لولا المساعدة القيمة التي لقيتها من إخواني الأساتذة: عبد المقصود العناني، المدرس الأول للمواد الاجتماعية بمدرسة الحلمية الثانوية، وسيد محمد خليل، المدرس بالقبة الثانوية، وعبد الرحمن عبد التواب، مفتش الآثار العربية، وأحمد محمد عيسى، بمكتبة جامعة فؤاد الأول، وفؤاد بطرس زكي، ليسانسيه في التاريخ من كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول؛ فلهم جميعًا خالص شكري وتقديري.
القاهرة — ديسمبر ١٩٤٦