الملاحظات
إن روايتي لما جرى في تمبكتو في عامي ٢٠١٢ و٢٠١٣ مستقاةٌ من مئات الساعات من المقابلات التي أجريتها في مالي، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، وفرنسا، وإسبانيا، وجنوب أفريقيا ما بين عامي ٢٠١٣ و٢٠١٦. قُدِّمَت لي مواد داعمة، تشمل مراسلات، وتقارير، وطلبات منح، من وزارات أجنبية ومنظمات مانحة، غالبًا طوعًا، وأحيانًا بموجب قانون حرية تداول المعلومات. أما السرد المتعلق بالاستكشاف فمستقًى من طائفة ثرية من الأعمال التي كتبها المستكشفون ورعاتهم. كانت الرابطة الأفريقية حريصة على توثيق أهدافها وأنشطتها، فأصدرت «محاضر الرابطة المتعلقة بتشجيع اكتشاف الأجزاء الداخلية من أفريقيا» بصفة دورية للأعضاء. أُتيحت هذه الوثائق للجمهور في طبعة من مجلدين في عام ١٨١٠، ثم في عام ١٩٦٤ جمعها روبن هاليت، إلى جانبِ أوراقٍ أخرى من الرابطة، ونُشرت تحت اسم «سجلات الرابطة الأفريقية فيما بين عامي ١٧٨٨ و١٨٣١»، مصحوبةً بتمهيد تاريخي دقيق عن المنظمة. جمع المؤرخ الهاوي إي دبليو بوفيل الأوراق المتعلقة بمستكشفين آخرين لغرب أفريقيا، على وجه الخصوص ألكسندر جوردون لينج، بصورة نهائية في سلسلته «بعثات إلى نهر النيجر». وبالإضافة إلى هذه الأعمال، رجعت مرارًا وتكرارًا إلى مجموعة من المصادر الأكثر حداثة. كان من أهم تلك المصادر ترجمات لأعمال علماء تمبكتو، وفي ذلك كتاب جون هنويك «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي»، الذي يقدِّم الترجمة الأكثر موثوقية لكتاب «تاريخ السودان»، وترجمتَي أوكتاف هودا وموريس ديلافوس إلى الفرنسية لكتابَي «تاريخ السودان» «ترجمة هودا» وكتاب «تاريخ الفتَّاش» (ترجمة هودا وديلافوس). يقدم كتاب بيكا ماسونين، «إعادة نظر في نيجرولاند»، واحدة من الروايات السردية التفصيلية القليلة عن العلاقة بين أوروبا والإقليم، بينما يُعَد كتاب باولو فرناندو دي مورايس فارياس «نقوش العصور الوسطى العربية من جمهورية مالي» تحذيرًا نافع الأثر بأن تاريخ تمبكتو في حالة من التغير المتواصل الدائم.
(١) ملاحظات على اللغة والأسماء
كما أشار قرَّاء المسودات المبكرة لهذا الكتاب، يوجد عدد قليل من العقبات التي تعترض التفاهم المتبادل بين الثقافات أكبر من وجود عدد من الأسماء غير المألوفة أو الكلمات الأجنبية التي بعلامات تشكيل صوتية غير معترف بها. لذلك، على الرغم من أنني اخترت اتِّباع الأسلوب الذي تستخدمه دورية «سودانيك أفريكا» للنقل الحرفي للكلمات العربية، فقد أزلت بعض هذه العلامات، وفي ذلك ما كان منها في الفقرات المقتبسة، في محاولة لتبسيط تجربة القارئ العادي.
كان مبدئي الإرشادي هو أن أحاول أن أجعل كل شيء مباشرًا قدر الإمكان للقارئ، دون أن أقصد أي ازدراء.
(٢) تمهيد: رجل ذو إقدام وعبقرية
يرى إي دبليو بوفيل أن ألكسندر جوردون لينج كان «أكثر مستكشفي أفريقيا تعرُّضًا للتجاهل»، ومَرَدُّ هذا من ناحية إلى أنه لم يعِش حتى يروي حكايته، ومن ناحية أخرى إلى أنه لم يُعثَر على دفتر يومياته. استقيت جانبًا كبيرًا من روايتي عن حملته إلى تمبكتو من أوراقه، التي عثرت عليها في دار المحفوظات الوطنية البريطانية («بعثة الميجور لينج إلى تمبكتو: الأوراق المتعلقة بوفاته») وفي كتاب «بعثات إلى نهر النيجر»، المجلد الأول، من تحرير بوفيل. استُقيَت التفاصيل عن المرحلة الأولى من حياة لينج من كتاب روبرت تشامبرز، «قاموس سِيَر الاسكتلنديين البارزين»، المجلد الثالث، ومن إدخال كريستوفر فايف عنه في «قاموس أكسفورد للسير الوطنية». ويمكن للقارئ أن يجد إعادةَ سردٍ حديثةً لقصته في كتاب فرانك تي كريزا «السباق إلى تمبكتو».
نُشِرَت خواطر بروس تشاتوين حول اسم تمبكتو؛ «تمبكتو، أم تمبوتو، أم تومبوكتو، أم تومبيكتو، أم تومبكتو، أم تمبكت؟» على هيئة مقال بعنوان «ذهب إلى تمبكتو» في مجلة «فوج» في عام ١٩٧٠، ولاحقًا في كتاب «تشريح القلق» الذي جمع فيه أعماله.
(٢-١) الاحتلال
الفقرة المقتطفة من كتاب «ألف ليلة وليلة» مأخوذة من ترجمة إدوارد وليام لين التي صدرت عام ١٨٤١.
(أ) باحث عن المخطوطات
جانب كبير من الروايات المتعلقة بطفولة عبد القادر حيدرة والمراحل الأولى من حياته، وما قام به من أفعال في يوم الثلاثين من مارس، عام ٢٠١٢، مستمَد من مقابلات كثيرة معه. لقد أدرج صورة موجزة عن مسيرة والده وتاريخ مكتبة مما حيدرة في مقالته «نظرة عامة على مكتبات المخطوطات الرئيسية في تمبكتو». اختار صديق طفولته سانيه شريفي ألفا زيارة أمادو همباطي با باعتبارها اللحظة التي حدَّد فيها حيدرة هدفه في الحياة. لا يمكن لأي شخص يسعى لاستكشاف مفصَّل لثقافة البلاد وإسلام غرب أفريقيا أن يجد أفضل من كتاب همباطي با «روح التسامح: الحياة الملهمة لتيرنو بوكار».
الزعم المذكور عام ٢٠١١ بوجود أكثر من مائة ألف مخطوطة في مجموعات تمبكتو مأخوذ من مقالة حيدرة «نظرة عامة على مكتبات المخطوطات الرئيسية في تمبكتو». كتب فيها أن «أحدث عمليات المسح تشير إلى وجود حوالي مليون مخطوطة محفوظة في العديد من المكتبات الخاصة والعامة [في تمبكتو والمناطق المحيطة بها]. تضم أهمها في تمبكتو ما لا يقل مجموعه عن ١٠١٨٢٠ مخطوطة.» لاحقًا قال لي حيدرة إن ذلك كان يمثِّل فقط العدد الذي كان قد أُحصي حتى ذلك الوقت.
يمكن العثور على رأي موثوق فيه بشأن أسباب الصراع في مالي في عام ٢٠١٢ في تقرير مجموعة الأزمات الدولية، «مالي، تجنُّب التصعيد». تصف جوديث شيله حجم اقتصاد الصحراء الكبرى في كتاب «مهربو وقديسو الصحراء الكبرى»، بتفصيلٍ يستحق إعادة سرده: «يأتي الدقيق، والمكرونة، والبنزين من الجزائر إلى الجنوب في سيارات جيب صغيرة أو في شاحنات عتيقة أو حتى على ظهور الجمال والحمير. وتذهب رءوس الماشية الحية والسجائر من مالي إلى الشمال … وتصل الأقمشة، والعطور، والمجوهرات، والبخور والأثاث من جنوب المغرب وموريتانيا، وهما من الأماكن التي توجد في صدارة الموضة الأنثوية والتي بها موانئ مفتوحة على مصراعيها للواردات الصينية؛ وغالبًا يكون مَن يتاجر في هذه السلع هن النساء … تصل المخدرات من موريتانيا، عبر الصحراء الكبرى الغربية، أو من خليج غينيا، وتُمَرَّر حول الطرف الجنوبي للجزائر عبر النيجر وتشاد إلى مصر، ومن هناك إلى إسرائيل وأوروبا. تأتي الأسلحة من مناطق الأزمات الطويلة الأمد، مثل تشاد، أو تُفَرَّغ في موانئ خليج غينيا الضخمة وتُباع في جميع أنحاء المنطقة.»
(ب) فراغ واسع وممتد
استُخلِصَت تفاصيلُ إنشاء الرابطة الأفريقية وإنجازاتها الأولى من «محاضر الرابطة المتعلقة بتشجيع اكتشاف الأجزاء الداخلية من أفريقيا»، ومن كتاب روبن هاليت، «سجلات الرابطة الأفريقية فيما بين عامي ١٧٨٨ و١٨٣١»، والذي يقدِّم صورة واضحة عما كان معروفًا في أوروبا عن القارة والدوافع وراء رغبة جوزيف بانكس ورفاقه في استكشافها. يمكن للقارئ أن يعثر على إعادة سرد ممتعة لأنشطة الرابطة في كتاب أنتوني ساتين «بوابات أفريقيا».
كانت سيرة بانكس موضوعًا للعديد من كتب السِّيَر الذاتية، ومن بينها كتاب هارولد بي كارتر «السير جوزيف بانكس ١٧٤٣–١٨٢٠»، وكتاب «قصة حياة جوزيف بانكس» لباتريك أوبراين، وهو كاتب اشتهر بسلسلة روايات «أوبري-ماتورين» عن حياة البحر. يقال إن حوالي عشرين ألف مراسَلة من مراسلات بانكس لا تزال موجودة؛ وجمع نيل تشامبرز العديد من هذه المراسلات في كتابه «رسائل السير جوزيف بانكس: مجموعة مختارة ١٧٦٨–١٨٢٠».
يمكن قراءة الملاحظات التي كتبها العالم بانكس بنفسه حول زيارته للقارة الأفريقية عام ١٧٧١ في كتاب «يوميات السير جوزيف بانكس على متن سفينة إنديفور». تشكِّل خواطر جوناثان سويفت حول الخرائط الأفريقية جزءًا من قصيدته التي صدرت عام ١٧٣٣ بعنوان «في الشعر: رابسودية». يمكن للقارئ أن يجد ملاحظات هوراس والبول حول مآثر جيمس بروس في إثيوبيا في كتاب «رسائل هوراس والبول، إيرل أورفورد، إلى السير هوراس مان: مُقام صاحب الجلالة البريطانية في بلاط فلورنسا، من عام ١٧٦٠ إلى عام ١٧٨٥»، المجلد الثاني. تعليقات التاجر الإنجليزي على أهمية التجارة الأفريقية مستمدة من عمل جون بيتر ديمارين، المنشور دون الإشارة إلى اسم المؤلف، بعنوان «أطروحة حول التجارة من بريطانيا العظمى إلى أفريقيا، الموصى بها بتواضعٍ إلى عناية الحكومة من قِبَل تاجر أفريقي».
استطلع ريكاردو بيليزو النظريات المختلفة عن أصول اسم تمبكتو في مقاله «تمبكتو: درس في التأخر»، وكذلك فعل سيكيني مودي سيسوكو في كتاب «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي». تشمل المصادر المتعلقة بجغرافيا منحنى النيجر، كتاب جون هنويك، «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي»، وكتاب سانش دي جرامون «الإله القوي ذو البشرة البنية». استطلعت كلٌّ من سوزان كيتش ماكنتوش ورودريك ماكنتوش التاريخ المناخي للصحراء الكبرى في كتاب «غرب أفريقيا في عصر ما قبل التاريخ»، والذي يقدِّم أدلةً على أن الصحراء الكبرى كانت، ما بين عامي ٨٠٠٠ و٥٥٠٠ قبل الميلاد، عبارة عن مجموعة متلاصقة من البحيرات الضحلة والمستنقعات، التي يجوبها الفيلة، والزراف، وحيوانات وحيد القرن، والتماسيح. اكتشفت هاينريش بارت أدلة على هذه «الحقبة الخضراء» في الصحراء الكبرى في يونيو من عام ١٨٥٠، على هيئة منحوتات صخرية من عصور ما قبل التاريخ لصيادين وثيران في الصحراء الوسطى القاحلة.
الاقتباسات من كتاب ليون الأفريقي «وصف أفريقيا» مأخوذة من ترجمة جون هنويك، الموجودة في كتاب «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي». يقال عادةً إن «المعماري الذي من بيتيس» الذي بنى مسجد جينجربر كان الأديب الأندلسي أبا إسحاق الساحلي، وهو أحد العديد من المسلمين المثقفين الذين جاءوا مع مانسا موسى من مكة (للاستزادة عن الساحلي، ارجع للفصل الثامن). لم يكن يوجد «ملك لتمبكتو» بالمعنى المعروف للكلمة، والأرجح أن ليون كان يشير إلى أسكيا الحاج محمد، الذي حكم من جاو.
سُجِّلَت مآثر ريتشارد جوبسون في كتابه «التجارة الذهبية؛ أو، اكتشاف نهر جامبرا، والتجارة الذهبية للإثيوبيين»، الذي نُشِر لأول مرة في عام ١٦٢٣. ومسألة ازدياد جاذبية تمبكتو في المخيلة الأوروبية مستمدة جزئيًّا من كتاب بيكا ماسونين، «إعادة نظر في نيجرولاند»، وأيضًا كتاب يوجينيا هربرت «تمبكتو: دراسة حالة عن دور الأسطورة في التاريخ». صيغت الاستعارة التي تُشبَّه فيها تمبكتو بالمغناطيس الذي يجذب الأوروبيين إلى غرب أفريقيا على يد إيه إس كانيا-فورستنر في كتابه «غزو غرب السودان». نُسِب الانتقاد للاستكشاف الأفريقي المصوغ ببلاغة رائعة — «لم يكن يوجد ما يُكتشَف، فقد كنا موجودين هنا طوال الوقت» — إلى رئيس سابق لملاوي، وهو هاستينجز باندا.
وصفُ عُدَّة المستكشف الساذج — مسدس ومظلة وأشياء قليلة أخرى — مستمَد من كتاب مونجو بارك «أسفار في المناطق الداخلية لأفريقيا»، مع أن بارك حمل معه أيضًا «تشكيلة صغيرة من الخرز، والعنبر، والتبغ … وغيارات قليلة من الكتان، وغيرها من الملابس الضرورية … وآلة سدس تُحمَل في الجيب، وبوصلة مغناطيسية، وميزان حرارة؛ إلى جانب بندقيتين خفيفتين للصيد، ومسدسين، وبعض الأغراض الصغيرة الأخرى.» كان من شأن المستكشفين اللاحقين أن ينطلقوا في رحلتهم ومعهم المزيد من الموارد الإضافية، على الرغم من أن قلَّةً عادوا بها.
للاطلاع على البيانات حول معدل وفيات الأوروبيين في غرب أفريقيا، انظر كتاب فيليب دي كورتن «المرض والإمبراطورية» وبحثه «نهاية «قبر الرجل الأبيض»؟ معدل وفيات القرن التاسع عشر في غرب أفريقيا». وفي محاضرة «أنهار الموت في أفريقيا»، ذكر مايكل جيلفاند أنه «على قدْر علمي، لا يوجد داء يقهر الأطباء بقدر [الملاريا]»، وقَدَّر أن ٨٠ بالمائة من الأوروبيين في حملة مونجو بارك الاستكشافية الثانية لقوا نحبهم جرَّاءه.
جَمَّع جاريد سباركس قصة حياة جون ليديارد في عام ١٨٢٨، في كتاب «مذكرات حياة ورحلات جون ليديارد من يومياته ومراسلاته.» ألهمت رحلة ليديارد على متن زورق كانو في نهر كونيتيكت إنشاء نادي ليديارد للكانو في كلية دارتموث في عام ١٩٢٠؛ لا يزال النادي يُجري رحلات التجديف في نيو إنجلاند. مهمة ليديارد الأخيرة موثَّقةٌ في «محاضر الرابطة المتعلقة بتشجيع اكتشاف الأجزاء الداخلية من أفريقيا»، وكتاب هاليت، «سجلات الرابطة الأفريقية». يمكن العثور على خواطر توماس جيفرسون حول مقابلته مع جون ليديارد في كتاب الرئيس الثالث للولايات المتحدة «السيرة الذاتية».
(ﺟ) الجحيم ليس ببعيد
قصة التفاوض الذي جرى على قمة الكثيب الرملي، في يوم الجمعة، الموافق الثلاثين من مارس، عام ٢٠١٢، حكاها لي قادر خليل وبوبكر «جانسكي» ماهامان، الذي كان حاضرًا هو الآخر، وحكاها لي أيضًا رئيس البلدية هلي عثمان سيسيه، وديادي حمدون معيجا، والمحافظ مامادو مانجارا، الذين حُكي لهم ما حدث. وفقًا لخليل، كان مَن طرح فكرة الاجتماع هم قادة الميليشيا العربية؛ وكان كلُّ مَن أجريت معهم مقابلات في تمبكتو دون استثناء قد اعتبروا ذلك خدعة لضمان مغادرة الجنوبيين والجيش دون قتال. اعتقد جانسكي أن الملابسات الغريبة للاجتماع كانت تكتيكًا مدبرًا لإرباك المندوبين؛ وقال إن الأمر كان «مزحة، وعرضًا عظيمًا.» ووفقًا لجندي في رتل التعزيزات من نيافونكي، يبدو أن المجلس العسكري كان بالفعل قد أمر بالانسحاب على أي حال، فبمجرد وصول القوات إلى تمبكتو، طُلب منهم الانسحاب باتجاه سيفاري. وقال المحافظ مانجارا عن قرار التخلي عن المدينة: «بعد الانقلاب لم تكن توجد قوة فورية يمكنها الدفاع عنها على النحو المناسب، على الرغم من الرغبة التي كانت موجودة». رفض جاستون دامانجو إجراء مقابلة معه.
بالإضافة إلى الأشخاص الذين قابلتهم والمذكورين في النص، استخدمت عددًا قليلًا من المصادر المنشورة عن أحداث الأول من أبريل، وفي ذلك كتاب حوداي آغ محمد «تمبكتو ٢٠١٢: المدينة المقدسة في ظلام الفكر الجهادي». كان المقيم الذي تذكَّر سقوط القنابل اليدوية من شاحنة صغيرة مثل ثمرات المانجو من شجرة يتحدث إلى باحثين من منظمة هيومن رايتس ووتش، والذين أدرجوا الكلام في تقرير المنظمة لعام ٢٠١٢ المسمَّى «مالي: جرائم حرب ارتكبها متمردو الشمال». ويمكن قراءة جزء كبير من بيانات الحركة الوطنية لتحرير أزواد في تلك الفترة في أرشيف موقع «توماست للأنباء». ثمَّة جانبان جديران بالذكر لأحداث تلك الفترة هنا؛ أولًا، توجد عدة نظريات حول سبب انفجار مخزن الذخيرة في معسكر الجيش؛ وإذ لم أتمكَّن من العثور على شاهد عيان، تبنيت نظريات جانسكي وآغ محمد، اللذين يتفقان على أن شخصًا ما كان يحاول إطلاق النار على القفل. ثانيًا، تباينت الروايات عن مقتل الشاب؛ فيقول البعض إنه أُصيب بشظية قذيفة. ومع ذلك، تبدو رواية فطومة هاربر موثوقًا فيها، حيث كانت معه قبل دقائق من وفاته.
ساعدت جيني بلينكو ومجلس برنامج «نيتشر بلس» في متحف التاريخ الطبيعي في لندن في التعرُّف على زهور ونكة مدغشقر الوردية، في حديقة فندق بوكتو، من الصور الفوتوغرافية.
(د) المستكشِف الرابع
يمكن للقارئ أن يجد المزيد من الروايات التفصيلية عن حياة سايمون لوكاس ودانيل هوتون وأسفارهما المدهشة في «محاضر الرابطة المتعلقة بتشجيع اكتشاف الأجزاء الداخلية من أفريقيا» وفي كتاب روبن هاليت، «سجلات الرابطة الأفريقية فيما بين عامي ١٧٨٨–١٨٣١». تظل رواية رحلة مونجو بارك الأولى المستمدة من مقابلات مع براين إدواردز من الرابطة الأفريقية والمنشورة في كتاب بارك «أسفار في المناطق الداخلية الأفريقية»، مادةً سهلة وبسيطة للقراءة. يشير إدخال كريستوفر فايف عن بارك في «قاموس أكسفورد للسِّيَر الوطنية» إلى أن بعض قرَّاء كتابه «أسفار في المناطق الداخلية الأفريقية» انزعجوا من أنه لم يَشجب العبودية صراحةً، وبالفعل لقد عاش لبعض الوقت مع تاجري عبيد، هما الدكتور جون ليدلي وكارفا تورا. ومع ذلك، كما أوضحت بيكا ماسونين، في رحلته الأولى يبدو أنه التقى بالأفارقة وتعامل معهم من دون صور الإجحاف والتحيُّز الكثيرة التي اتصفت بها الأجيال السابقة واللاحقة. يمكن للقارئ أن يجد إعادة صياغة دوقة ديفونشاير لأغنية فتيات البامبارا المضيافات في كتاب ليندلي موراي «مقدمة إلى القارئ الإنجليزي؛ أو مجموعة مختارة من القطع الأدبية، في النثر والشعر … مع قواعد وملاحظات لمساعدة الأطفال على القراءة الصحيحة» (الذي نُشر لأول مرة في عام ١٨١٦). توجد صورتان لبارك في مجموعة المعرض الوطني للوحات في لندن. يظهر بارك في الصورة الأولى، التي رُسِمَت في وقتٍ مقارب لرحلته الأولى، على هيئة مغامر شاب جريء أزرق العينين؛ وفي الثانية، المرسومة حوالي عام ١٨٠٥ على يد رسام الكاريكاتير الساخر توماس رولندسون، يظهر على هيئة شخص كهل أصلع مكسور الأنف، على ما يبدو. إن تعليقات جوزيف بانكس في حانة «ستار آند جارتر» مسجلةٌ في «محاضر الرابطة المتعلقة بتشجيع اكتشاف الأجزاء الداخلية من أفريقيا». ورواية رحلة بارك الثانية ووفاته مأخوذة من «يوميات إيزاكو لرحلة في إثر السيد مونجو بارك، للتثبُّت من حياته ووفاته»، ومن كتاب بارك «حياة وأسفار مونجو بارك.»
لعبت رحلات بارك دورًا رئيسيًّا في بناء أسطورة تمبكتو، بحسب إي دبليو بوفيل، وفي توجيه مستكشفين آخرين نحوها. انساق بانكس على وجه التحديد وراء رواية بارك عن «ذهب وفير في كل المجاري المائية التي تصب في نهر جوليبا.»
(ﻫ) القاعدة تَهُبُّ للإنقاذ
يصعب الحصول على معلومات موثوق فيها عن الجماعات الجهادية في الصحراء الكبرى، لكنني وجدت المقابلات والمصادر التالية مفيدة: ولفرام لاتشر، «الجريمة المنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء الكبرى»؛ وأندرو ليبوفيتش، «الوجه المحلي للفكر الجهادي في شمال مالي»؛ وستيفن هارمون، «الإرهاب والتمرُّد في منطقة الصحراء والساحل»؛ وتقرير محمد محمود أبو المعالي «القاعدة وحلفاؤها في الساحل والصحراء الكبرى». ويمكن للقارئ أن يجد السِّيَر الذاتية للعديد من الجهاديين المطلوبين في «الدليل العالمي للحركات الإسلامية» الصادر عن مجلس السياسة الخارجية الأمريكية. ويمكن العثور على برقية الدبلوماسي الأمريكي التي تصف إياد آغ غالي بأنه «قرش رديء» على موقع ويكيليكس الإلكتروني. وللحصول على رؤية رهينة مستقاة من مصدرها عن العيش مع الألوية الجهادية في الصحراء، انظر «موسم في الجحيم» لروبرت فاولر، الدبلوماسي الكندي الذي اختُطِف في عام ٢٠٠٨.
نشرت وكالة الأخبار الموريتانية شكاوى سندة ولد بوعمامة حول الأوضاع في المدينة المنهوبة: «تعلمون أننا أتينا إلى هنا في وقتٍ متأخر، ووجدنا المدينة مدمرة جزئيًّا … لقد نُهبت مؤسسات عديدة وتحطمت مقراتها وسُرقَت سياراتها». نشرت وكالة نواكشوط للأنباء باللغة العربية إعلان إياد آغ غالي تطبيق الشريعة؛ وقد استخدمت ترجمة إنجليزية قام بها آرون واي زيلين، وهو زميل في معهد واشنطن. أوردت صحيفة «لا نوفيل ريببليك»، التي تصدر في باماكو، مقابلةَ خليل مع آغ غالي في الرابع من أبريل ولخَّصتها بأنها تلقي بلائمة «كل ما فيه الناس من ابتلاء [على] قلة إيمانهم بالله و[على حقيقة أنهم قد] نبذوا تطبيق الشريعة، التي تبدلت بتوجيه من الغربيين البيض … ولأجل ذلك يوجد بؤس، وفسق، وغير ذلك من الابتلاءات في مجتمعنا». تحدَّث كلٌّ من خليل ورئيس البلدية سيسيه إلى وكالة أسوشيتد برس في خبرٍ بعنوان «الإسلاميون يفرضون الشريعة في تمبكتو بمالي.» قال خليل إنه في ظل الشريعة أُجبِرَت النساء على ارتداء الحجاب السلفي، وسيُعاقب السارقون بقطع أيديهم، وسيُرجَم الزناة حتى الموت. قال رئيس البلدية سيسيه: «ستتصاعد حدة الأمور هنا.» ثم أردف: «نساؤنا لن يلبسن الحجاب بهذه الطريقة.»
(و) سوف تكون من نصيبي
كان من ضمن أعضاء الحملة الاستكشافية البريطانية في عام ١٨٢٣ إلى أفريقيا، التي حفَّزت الجمعية الجغرافية الفرنسية على أن ترد، ديكسون دينهام، وهيو كلابرتون، ووالتر أودني. في «مهمة بورنو»، المجلد الثاني من كتاب «بعثات إلى نهر النيجر» لاحظ إي دبليو بوفيل أنه «لا يزال صعبًا أن يتذكر المرء في كل تاريخ الاستكشاف الجغرافي المتقلب … رجلًا بغيضًا أكثر من ديكسون دينهام.» على النقيض، كان كلابرتون مستكشفًا ناجحًا ومحلَّ احترام وكان من شأن ألكسندر جوردون لينج أن يعتبره أقربَ منافسيه في السباق إلى تمبكتو.
التفاصيل عن جائزة الجمعية الجغرافية الفرنسية المتضاعفة للوصول إلى تمبكتو موجودة في الأعداد ذات الصلة من «نشرة» الجمعية.
للاطلاع على المصادر الرئيسية لرحلة ألكسندر جوردون لينج، انظر الملاحظات على التمهيد. يجدر أن أوضح هنا هوية شيوخ قبيلة عرب كونتا، الذين أحيانًا ما اختلط الأمر عليهم بشأن لينج. من المحتمل أن «الزعيم مارابوط مقتة» الذي كان من المفترض أن يوصِّل باباني المستكشِفَ إليه كان الشيخ الفقيه سيدي المختار، الذي توفي في عام ١٨١١، تاركًا وراءه أكثر من ثمانية أطفال. توفي ابنه الشيخ سيدي محمد، الذي استقبل لينج المصاب في عام ١٨٢٦، جرَّاء حمَّى أصابته، لاحقًا في تلك السنة. كان يليه المختار الصغير، الذي مكَّن لينج من أن يواصل طريقه إلى تمبكتو وكتب في نهاية الأمر إلى الباشا يخبره بوفاة المستكشِف. توفي المختار الصغير في سنة ١٨٤٦ أو ١٨٤٧ وخلفه شقيقه الأصغر أحمد البكاي، الذي عاش حتى عام ١٨٦٥. مثَّلت هذه العائلة إلى حدٍّ ما نهضة مصغرة فيما يتعلق بالأنشطة الفقهية للمنطقة. يمكن للقارئ أن يجد مزيدًا من التفاصيل عن حياتهم وأعمالهم في كتاب شاميل جيبي وسليمان بشير ديان «معاني تمبكتو».
يُستَهَل خطاب البارون روسو، الذي أعلن وفاة لينج، والذي نُشِر لأول مرة في صحيفة «ليتوال» في الثاني من مايو، عام ١٨٢٧، وذُكِر في ترويسته أنه كُتِب في «سوقارة في طرابلس»، بالعبارة التالية: «لقي الميجور لينج، الذي أُعلنت نهايته المأساوية، حتفَه نتيجةً لمثابرته الشجاعة بعد أن تمكَّن مع ذلك من زيارة مدينة تمبكتو الشهيرة.» يمكن للقارئ أن يجده في كتاب إي دبليو بوفيل «بعثات إلى نهر النيجر»، المجلد الأول. ذِكرُ البارون لما وصفه بأنه «تاريخ تفصيلي للمدينة»، والذي من المحتمل أنه إشارة إلى كتاب «تاريخ السودان»، موجودٌ في رسالةٍ نُشِرَت في «نشرة الجمعية الجغرافية الفرنسية»، المجلد السابع، بينما يمكن العثور على مقتطفات رسائل عن تاريخ «سيدي علي بابا من أروان» مؤرخة في الثالث من مارس والثاني عشر من يونيو، عام ١٨٢٨، في المجلد التاسع. وصف البارون روسو تمبكتو بأنها أصبحت تمثِّل للأوروبيين ما كانت تمثله مدينة المتعة الساحرة إرم ذات العماد للعرب القدماء، أو ما يمثِّله ينبوع الشباب للميثولوجيا الشرقية. يبدو أن روسو هو أول مَن استخدم صفة «غامضة» لوصف المدينة.
رواية رينيه كاييه عن زيارته الناجحة لتمبكتو — ونقده المتمثِّل في قوله «لم تكن المدينة، لأول وهلة، سوى كتلة من المنازل القبيحة المنظر، المبنية من الطين» — مذكورة باللغة الإنجليزية في كتاب «أسفار عبر وسط أفريقيا إلى تمبكتو». إن طبعة عام ١٨٣٠ مُستهَلَّة باستعراض للخسائر الفادحة من مستكشفي أفريقيا: «ومع ذلك هباءً انطلق هوتون، وبراون، وهورنمان، وبارك — هباءً انطلق مَن خلَفوهم، بنو وطننا، توكي، وبيدي، وكامبل، وجراي، وريتشي، وبوديتش، وأودني، وكلابرتون، ودينهام ولينج — هباءً انطلق رحالون أوروبيون آخرون، بوركهارت، وبوفورت، ومولين، وبيلزوني، انطلقوا جميعًا من نقاطٍ مختلفة على ساحل أفريقيا، مفعمين بالأمل في إماطة النقاب الذي غلَّف المدينة الغامضة؛ وكلهم إما هلكوا أو تخبطوا في سعيهم».
نُشِر الاستقبال الناقد للطبعة الفرنسية من كتاب كاييه في دورية «كوارترلي ريفيو» في عام ١٨٣٠. في كتاب «تمبكتو: دراسة حالة عن دور الأسطورة في التاريخ» تلخِّص يوجينيا هربرت رد الفعل البريطاني تجاه كاييه: «لا حاجة إلى تكرار التشكيك المتغطرس الذي استُقبِل به الخبر في بريطانيا، أو التهم المريرة التي وُجِّهَت إلى [آدم فرانسوا] جومار، رئيسه ورئيس الجمعية الجغرافية، أو التلميحات في بعض الدوائر بأن القصة بأكملها كانت افتراءً مأخوذًا من أوراق القتيل لينج. كانت الحقيقة المحزنة هي أن لينج قد وُضِع في قالب بطولي يليق بفاتح تمبكتو، ووُضِع كاييه في قالب رجل غير متعلم، وضيق الأفق، ومهووس، ويتصرف من تلقاء نفسه تمامًا. لم يوفَّ كاييه حقه على مضض في إنجلترا إلا بعد عشرين عامًا، بعد أن تحقَّق [هاينريش] بارت من المعلومات الأساسية التي قدَّمها».
استمر الغموض يحيط بمصير أوراق لينج لمدة قرن آخر. في عام ١٩١٠، تلقَّى المستكشف الفرنسي ألبرت بونيل دي ميزيير رواية أخرى حول وفاة لينج. وجد رجلًا من عرب البرابيش يبلغ من العمر اثنين وثمانين عامًا كان قد ربَّاه عمه أحمدو لعبيدة. أخبر الرجل العجوز ألبرت بونيل دي ميزيير أن لعبيدة أخبره كثيرًا عن كيفية ومكان مقتل لينج. في هذه الرواية، حاصر لعبيدة وثلاثة رجال آخرين على ظهور الخيل لينج بينما كان يستريح في ظل شجرة وطلبوا منه التخلي عن إيمانه وأن يصبح مسلمًا. رفض لينج، وأمر لعبيدة الرجال الآخرين بقتله. وعندما ترددوا، طعنه لعبيدة بينما أمسك الثلاثة الآخرون لينج من ذراعيه. وقتلوا أيضًا صبيًّا عربيًّا كان يرافق لينج، وقطعوا رأس المستكشِف ثم أحرقوا كل أوراقه خوفًا من أن تحوي سحرًا.
وجد بونيل دي ميزيير هيكلين عظميين مدفونين في الموضع الذي أرشده إليه العربي. فحص مسئولون طبيون الرفات وأكدوا أنها تخص رجلًا أوروبيًّا بالغًا وصبيًّا عربيًّا. ودُفِنا في المقبرة المسيحية المحلية.
يتضمن كتاب جوشوا هامر الأخير «رجال مكتبات تمبكتو الشجعان وسباقهم لإنقاذ أثمن مخطوطات العالم» ادعاءً بأن يوميات لينج موجودة في مجموعة مما حيدرة. كتب يقول: «كان أحد أكثر الأعمال التي امتلكها والده قيمةً يوميات السفر الأصلية للميجور ألكسندر جوردون لينج … بعد سنوات قليلة من مقتل لينج، كتب نسَّاخٌ دليلًا تمهيديًّا لقواعد النحو العربي على أوراق المستكشف؛ وهو مثال قديم على إعادة التدوير». سيكون هذا أمرًا رائعًا إن كان صحيحًا؛ فقد أخبرني ديمتري بونداريف من جامعة هامبورج، والذي يعمل على نحوٍ وثيق مع حيدرة، أن هذا «ادعاء لا أساس له».
(ز) قائمة إسماعيل
يمكن للقارئ أن يجد الأدلة على وجود تهديد طويل الأمد يواجه التعليم العلماني في مالي في تقرير منظمة العفو الدولية «مالي: خمسة أشهر من الأزمة: التمرُّد المسلح والانقلاب العسكري». قال أحد سكان تمبكتو لباحثي منظمة العفو الدولية إن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كان قد أرسل عدة تحذيرات إلى المعلِّمين يحظر عليهم فيها تعليم التلاميذ باللغة الفرنسية، ابتداءً من عام ٢٠٠٨. أخبرني معلمون آخرون في مقابلات معهم أنه كان يتعيَّن فصل الفتيات والفتيان، وأنه في وقتٍ سابق، حُذِفَت بعض المواد من المناهج الدراسية.
رقم النصف مليون لاجئ أو نازح داخليًّا تقريبًا من شمال مالي في عام ٢٠١٢ مأخوذٌ من تقرير منظمة الهجرة الدولية «لمحة عن أزمة الهجرة في مالي». وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، بحلول مارس ٢٠١٣، كان ما مجموعه ١٧٥٤١٢ شخصًا قد أُجبروا على الفرار إلى بلدان أخرى، ونزح ٢٦٠٦٦٥ شخصًا داخليًّا. قُدِّر إجمالي عدد سكان الشمال في فترةِ ما قبل الأزمة بنحو ١٫٣ مليون نسمة.
رواية مغادرة إسماعيل ديادي حيدرة من تمبكتو هي على لسانه. وتتوافق مع ما قاله لسوزانا مولينز ليتيراس من جامعة كيب تاون، والتي عملت عن كثب على مجموعة فوندو كاتي والتي تحقَّقت من إجلائه لأربع مخطوطات جنوبًا. ووفقًا لمقالها «تكوين أرشيف فوندو كاتي: مجموعة عائلية في تمبكتو»، تضمَّنت هذه المخطوطات مصحفًا يعود تاريخه إلى عام ١٤٨٢ وثلاث مخطوطات بها ملاحظات هامشية كتبها أسلاف مشهورون، على حد قول إسماعيل.
ثمَّة بعض التناقض في توقيت إخفاء المكتبات الأخرى. قال محمد توريه من مكتبة مما حيدرة إنه بدأ في إخراج المخطوطات من الأرفف ليلة السبت، الموافق الثلاثين من مارس، عام ٢٠١٢، بعد مناقشة الأمر عبر الهاتف مع عبد القادر حيدرة، الذي كان قد وصل إلى باماكو صباح ذلك اليوم. نفى حيدرة ذلك، وقال إنه لم تُنقَل أي مخطوطات إلا بعد أسبوع على الأقل. كما اعترض حيدرة على توقيت محمد سيسيه فيما يتعلق بنقل مكتبة الونجري، قائلًا إنها نُقِلَت عشية الاحتلال وليس بعد ذلك. وحيث إن سيسيه كان هو مَن أجلى مخطوطات الونجري، فقد انحزتُ إلى روايته للأحداث.
صوَّرَت صحيفة «لا ديبيش» الجهادي أداما تصويرًا نابضًا بالحيوية في مقالتها بعنوان «الكشف عن الرجال الذين يبثون الرعب في شمال مالي»: «عُرِف باسم المفوض أداما؛ لأنه وفَّر في وقتٍ ما الحمايةَ لسكان المدينة من لصوص الحركة الوطنية لتحرير أزواد … إنه تشادي الجنسية، وكان دائمًا ملحوظًا في المدينة لأسلوبه الخاص في اللبس؛ إذ كان يضع حزام خراطيش، ويلبس سترة ناسفة، ويحمل بندقية كلاشينكوف على كتفه».
أكدت مؤسسة فورد أنها كانت بالفعل قد قدَّمت منحة لحيدرة لتعلُّم اللغة الإنجليزية في جامعة أكسفورد.
بعد عدة أيام من منعه من دخول المبنى، أُبلغ عبد الله سيسيه أن أبا زيد كان مقيمًا بالداخل «مع رجاله». قيل لسيسيه إن أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي كان معه أيضًا رهائن هناك، من بينهم، لبعض الوقت، مواطنة سويسرية تُدعى بياتريس ستوكلي. وفقًا للمرشد السياحي باستوس، احتُجِزَت ستوكلي لفترة وجيزة في البنك المقابل لمنزله. وأُطلِق سراحها، بعد دفع فدية، في يوم الثلاثاء، الموافق الرابع والعشرين من أبريل. وعادت إلى تمبكتو واختطفها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مجددًا في يناير من عام ٢٠١٦.
(٢-٢) التدمير
الفقرة المقتبسة من رباعيات عمر الخيام، وهو أحد الشعراء المفضَّلين عند الراحل كريستوفر هيتشنز، هي إعادة صياغة قام بها ريتشارد لي جالين.
(أ) مستكشِف من فوق مقعده الوثير
أدين بوجود ويليام ديزبورو كولي في هذا العرض إلى بيكا ماسونين، التي تمنحه «الشرف الحقيقي المتمثل في تأسيس الجغرافيا التاريخية الحديثة لأفريقيا السودانية» وتصف كتابه «نيجرولاند العرب، مفحوصة ومشروحة» بأنه «كتاب رائد يصف حقبة مهمة». وبعيدًا عن ماسونين، وكتاب كولي، فقد استقيت معلوماتي من دراسة آر سي بريدجز، «دبليو دي كولي، الجمعية الجغرافية الملكية والجغرافيا الأفريقية في القرن التاسع عشر» ومن إدخال بريدجز عن كولي في «قاموس أكسفورد للسِّيَر الوطنية». نُشِر استعراض كولي لكتاب جان بابتيست دوفيل «الرحلة إلى الكونغو والمناطق الداخلية لأفريقيا الاستوائية»، المكوَّن من ثلاثة مجلدات، في فصلية «ذا فورين كوارترلي ريفيو» في عام ١٨٣٢. المصادر العربية التي استخدمها كولي، وفي ذلك كتابات البكري وابن خلدون، موجودة في كتاب نحميا ليفتسيون وجيه إف بي هوبكنز «متن المصادر العربية المبكرة لتاريخ غرب أفريقيا». كتب جون رالف ويليس مقدمةً لطبعة عام ١٩٦٦ من كتاب كولي «نيجرولاند العرب».
(ب) فارس بلا رأس
وصْفُ حياة رجال المكتبات في باماكو في مايو من عام ٢٠١٢ مستقًى من مقابلاتٍ أُجريت مع الثلاثة كلهم. ورواياتهم مترابطة إلى حدٍّ كبير. ووفقًا للمكتب الإعلامي التابع لمنظمة اليونسكو، حضر الاجتماعَ الرفيع المستوى في باماكو، من الثامن عشر من مايو وحتى العشرين من الشهر نفسه، المديرة العامة المساعدة لشئون أفريقيا، للا عائشة بن بركة، ومدير مركز التراث العالمي التابع للمنظمة، كيشور راو، الذي التقى بمسئولين حكوميين كبار، من ضمنهم رئيس الوزراء المؤقت، شيخ موديبو ديارا، ووزيرة الثقافة، ديالو فاديما توريه. رواية ما حدث في الاجتماع هي رواية عبد القادر حيدرة.
وثَّقت منظمة هيومن رايتس ووتش الأعمال الوحشية التي ارتكبها المتمردون في الشمال المحتل في تقريرها الصادر في أبريل من عام ٢٠١٢، «مالي: جرائم حرب ارتكبها متمردو الشمال». تضمَّنت هذه الأفعال الاغتصاب الجماعي المزعوم لفتاة في الثانية عشرة من عمرها في تمبكتو على يد ثلاثة من رجال الميليشيات العربية، على الرغم من أنني لم أتحقَّق من ذلك بشكل مستقل.
كان ثمَّة بعض الخلط لدى مَن أجريت معهم المقابلات بشأن هوية مَن كان يقود الشرطة الإسلامية أثناء الاحتلال. يبدو جليًّا أن المهدي وموسى كانا مسئولَين عن الحسبة، أو فرقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في أوقات مختلفة. ووفقًا لكلٍّ من قادر خليل ونُسَخ محاضر محاكمة المحكمة الجنائية الدولية للمهدي، كان التشادي الراحل أداما رئيسًا للشرطة الإسلامية في البداية. يصف المراسل المالي بابا أحمد، في تقريره «مالي: أشباح تمبكتو»، رجلًا يُدعى خوبي بأنه مفوض الشرطة، وحسن ديكو بأنه «مراقب الشرطة»؛ ووفقًا لديادي حمدون معيجا عضو لجنة الأزمة، في نهاية الاحتلال كان حسن هو المفوض. ظاهر الأمر أن الحسبة كانت منفصلةً عن الشرطة الإسلامية أو فرعًا تابعًا لها، وأن الأربعة أو الخمسة جهاديين المشار إليهم شغلوا هذه المناصب القيادية في أوقاتٍ مختلفة.
(ﺟ) بابا تمبكتو
الأقواس في قول بارت «أن أكون «نافعًا» للبشر» هي من عندي.
ظهر نقد كتاب بارت «رحلات على شواطئ البحر المتوسط القرطاجية والقورينية» (الذي نُشِر باللغة الألمانية فقط) في مجلة «أثينيوم» في عام ١٨٥٠.
نُشرت ثمانية مجلدات تضم يوميات جيمس ريتشاردسون بعد وفاته على هيئة كتاب بعنوان «سردٌ لبعثةٍ إلى وسط أفريقيا جرت في عامي ١٨٥٠-١٨٥١». كان ريتشاردسون مهتمًّا بشدة بالأشخاص الذين شكَّلوا رحلته الاستكشافية، وفيما يختص بالقارئ المعاصر، فإن روايته أكثر إخبارًا وجاذبيةً إلى حدٍّ ما من قصة بارت. رأي جي دبليو كرو في ريتشاردسون مذكور في كتاب كيمبر، «متاهة من الممالك».
أُرفِقَت ترجمتا جون نيكلسون لقصيدتين كتبهما البكاي لسلطان ماسينا، دفاعًا عن بارت، على هيئة ملحق في كتاب المستكشِف «رحلات واكتشافات في شمال ووسط أفريقيا».
الرأي القائل بأن تصوير بارت للحياة الاقتصادية للمدينة التاريخية لا يمكن أن يكون أفضل من ذلك مأخوذٌ من كتاب إلياس سعد «التاريخ الاجتماعي لتمبكتو». تفاصيل الجنازة التي دَفن فيها أقارب بارت المفجوعون جميعَ ممتلكات المستكشِف، الذي كان لا يزال على قيد الحياة، موجودة في كتاب كيمبر، «متاهة من الممالك».
لم يَعُدْ إدوارد فوجل حيًّا إلى أوروبا. فقد قُتل عام ١٨٥٦ في وارا، عاصمة مملكة وداي، على يد سلطان تلك المملكة.
(د) عملاء سرِّيون
كانت الصلة بين التدمير الثقافي واليونسكو مفهومة جيدًا لدى التمبكتيين. قال سانيه شريفي ألفا: «في كل مرة تحدثت فيها اليونسكو عن المخطوطات، كنا نقول لهم: «لا، لا، حقًّا، لا تتحدثوا عنها؛ لأنكم إن فعلتم، فستكون هذه هي الطريقة التي سيردُّ بها [الجهاديون]».» ومع ذلك، كانت المنظمة الأممية في موقفٍ صعب، كما أوضحت لي المديرة العامة إيرينا بوكوفا في عام ٢٠١٦: «أعلم أن ثمَّة رأيًّا يقول إنه لا يتعيَّن علينا استفزازهم، وأن علينا استرضاءهم … [لكن] علينا أن نتحدث عن الأمر.»
جُمِّع رد الفعل تجاه هدم الأضرحة من التقارير الإخبارية المعاصرة للأحداث، ومن بينها تقرير «الانفصاليون الماليون مستعدون للعمل على هدم المقابر» و«هدم أضرحة تمبكتو: «جريمة حرب» بحسب المحكمة الجنائية الدولية». تم التأكد من صحة صفحات المذكرة التي كتبها عبد المالك دروكدال بواسطة خبير مكافحة الإرهاب الفرنسي ماتيو جيدير. ظهرت أجزاء منها في تقرير روكميني كاليماشي «في تمبكتو، القاعدة تترك وراءها بيانًا»، وتقرير جان-لوي لو توزيه، «خارطة طريق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في مالي»، بينما نُشِرَت الوثيقة الكاملة المكوَّنة من ثمانين صفحة في تقرير نيكولا تشامبو، «مشروع زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بشأن مالي». يتضمن بحث جيدير «رسائل تمبكتو: رؤًى جديدة حول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» تحليلًا لتفاصيل العلاقة المتوترة بين دروكدال وبلمختار.
وبحسب حيدرة، رافقه معيجا وإسماعيل إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث التقوا بأمين عام الوزارة، والمستشار المسئول عن معهد أحمد بابا، والمدير الوطني للتعليم العالي.
لم يرغب حيدرة في ذكر اسم الصديق الذي دفع ثمن تذكرته إلى جنيف، أو أسماء معارفه الآخرين الذين التقى بهم هناك.
حُكِيَت لي رواية إنقاذ معهد أحمد بابا بالأساس من قِبَل القاضي معيجا، وبويا حيدرة، وحَسيني تراوري، ومحمد دياكيتي، وعبد القادر حيدرة. توافقت رواياتهم المنفردة في معظم الجوانب المهمة. أكد إدريسا دياكيتي، الموظف الحكومي المسئول عن معهد أحمد بابا في هذا الوقت، «حفل الكوكتيل الصغير» الذي عُرِض فيه على رجال الوزارة المخطوطات التي أُجليَت. كان الوزير المسئول عن المعهد في هذا الوقت، الذي وبَّخ معيجا على نقل المخطوطات دون إذن، هو هارونا كانتيه.
الأقوال المقتبسة من جمعة الماجد استحضرها عبد القادر حيدرة من ذاكرته، مع أن مركز جمعة الماجد أكَّد مساهمته في عملية الإجلاء.
(٢-٣) التحرير
(أ) حياة العلماء
نُشرت رسالة هاينريش بارت، المؤرخة في الخامس عشر من ديسمبر ١٨٥٣، والتي أعلن فيها اكتشاف كتاب «تاريخ السودان»، في عام ١٨٥٥ بعنوان «رسالة من د. بارت إلى البروفيسور روديجر» في «دورية الجمعية الشرقية الألمانية». بحثُ كريستيان رالفس «مساهمات في تاريخ وجغرافيا السودان قدَّمها د. بارت» ظهر لاحقًا في الدورية نفسها.
وصفَ عبد الرحمن السعدي المستوطنين الأوائل في تمبكتو بأنهم من الطوارق ومَسُّوفَة. ووفقًا لجون هنويك في كتاب «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي»، فقد خلط المؤرخ بين مجموعاتٍ أمازيغية متمايزة؛ إذ كانت قبيلة مَسُّوفَة جزءًا من الاتحاد القبلي العظيم المعروف باسم صنهاجة، الذي سيطر على منطقة تمبكتو وتحدَّث بلهجة زناكة، بينما يتحدث الطوارق لهجة تماشق، وهي لهجة أمازيغية مختلفة. يرى هنويك أن الاشتقاق المعقول لاسم تمبكتو مأخوذ من جذر ب-ك-ت بلهجة زناكة، ويعني «بعيد أو مخفي»، مقترنًا بأداة الملكية المؤنثة «تِن». ويشير إلى أن المدينة تقع في غور طفيف.
يصف السعدي أيضًا حكم أسكيا الحاج محمد ونسله بأنه استمر «مائة سنةٍ وسنة» من الثاني من أبريل ١٤٩٣ إلى الثاني عشر من أبريل ١٥٩١؛ وهذه الفترة بالطبع سبعة وتسعون عامًا فقط. في الواقع، الأسكيون المنحدرون من محمد مذكورون في كتاب «تاريخ السودان» حتى عام ١٦٥٦ على الأقل، ولكن بعد الغزو المغربي انقسموا إلى أولئك الذين خاضوا حرب عصابات من منطقة سيطرة أقل كثيرًا، وأولئك الذين أصبحوا دمًى للحكم المغربي. ومع ذلك، فإن عبارة «مائة سنةٍ وسنة» تتوافق على نحوٍ فضفاض مع الفترة التي حكم فيها الأسكيون باستقلالية في جاو.
أفضل عمل معروف لأحمد بابا، «كفاية المحتاج»، هو نسخة مختصرة ومراجعة من كتابه «نيل الابتهاج»، الذي كان القصد منه أن يكون مكملًا لكتاب «الديباج المذهب» (وهو قاموس تراجم لفقهاء المذهب المالكي) الذي كتبه برهان الدين بن فرحون، وهو علَّامة من المدينة المنورة، والذي توفي في عام ١٣٩٧. أُخِذَت ترجمة أوجست شربونو من مخطوطتين دقيقتين دقةً معقولة أرسلهما إليه تلاميذه، وفقًا لبحثه «أطروحة في الأدب العربي للسودان وفقًا لكتاب «تكملة الديباج» لأحمد بابا التمبكتي».
في كتابه «التاريخ الاجتماعي لتمبكتو»، قَدَّر إلياس سعد أنه بحلول عام ١٣٢٥، عندما دُمِجَت تمبكتو في إمبراطورية مالي، كان عدد سكانها حوالي عشرة آلاف نسمة. غالبًا ما يُستشهد بوجود المدينة في الأطلس الكتالوني عام ١٣٧٥ باعتباره دليلًا على مكانتها كمركز تجاري في منتصف القرن الرابع عشر. واستمرت في النمو؛ سعد هو أيضًا مصدر التقديرات بأنه في ذروتها في القرن السادس عشر كانت تضم ١٥٠ إلى ١٨٠ كُتَّابًا لتحفيظ القرآن، حيث كان يجري تدريس مبادئ القراءة وتلاوة القرآن، وبلغ الحد الأقصى للملتحقين بها من أربعة إلى خمسة آلاف طالب. اقترح نحميا ليفتسيون وبيكا ماسونين وآخرون أن مائتين إلى ثلاثمائة فرد تمكَّنوا من بلوغ مكانة العلماء المؤهلين تأهيلًا كاملًا في القرن السادس عشر. مع ذلك، لا يتَّفق الجميع مع تصوير المدينة كمركز فكري: يجادل تشارلز ستيوارت بأن الأهمية التاريخية لتمبكتو كانت موضع مبالغة كبيرة على حساب مراكز العلم السودانية الأخرى، التي تقع فيما يُعرَف الآن بموريتانيا، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى أحمد بابا الغزير الإنتاج. كتب لي ستيوارت: «ربما لم يكن يوجد مطلقًا ما يستحق أن يُوصَف بأنه مركز للتعلُّم في تمبكتو، حيث لم يترك المؤلفون الأوائل هناك أي أثر تقريبًا لتدريس اللغة العربية». يتناقض هذا مع قوله إن «الأراضي الواقعة جهة الغرب حيث كانت قواعد اللغة العربية موضوعًا مكتسحًا لهي مؤشر واضح على ثقافة عربية طموحة ومتوسعة ومتنورة … هذا لا ينفي أهمية جمع الكتب في القرن العشرين في تمبكتو وما حولها أو المكتبات الحالية هناك، ولكن ثمَّة بالتأكيد أدلة خلافية على أن الشهرة الحديثة ليست قائمة على قدْر كبير من الأساس التاريخي».
تصويري لحياة بارت اللاحقة مستمَد من كتابات ستيف كيمبر، وبيكا ماسونين، وآر مانسيل بروثيرو. ظهر نقد دبليو دي كولي لعمل بارت في كتاب «اكتشافات بارت في أفريقيا». لم يُعتَرَف اعترافًا كاملًا بإسهام بارت في معرفة العالم بأفريقيا إلَّا بعد قرن من وفاته، مع كتاب هاينريش شيفرز «هاينريش بارت: مستكشِف في أفريقيا»، الذي عرض بالتفصيل التقدُّم الذي أحرزه بارت في مجالات التاريخ والجغرافيا وعلم النبات والطب واللغويات، وعلم الآثار وعلم الأعراق البشرية.
(ب) الثنائي الرهيب
قُدِّم تصوير الحياة في المنزل الكائن في حي إيه سي آي ٢٠٠٠ من مصادر قريبة من العملية فضَّلت عدم الكشف عن هويتها. أقرَّ عبد القادر حيدرة بأنه كان يعمل في منزل ستيفاني دياكيتي، وأجزاء من رواية التكوين المبكر لعملهما معًا مأخوذةٌ من مقابلات معه. تفاصيل الاتصالات بين سافاما وصندوق الأمير كلاوس قدَّمتها ديبورا ستولك. كما أقرت بأن دياكيتي هي التي كتبت الكثير من مراسلاتهما.
روى العديد من الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات في تمبكتو عن قمع حامد موسى للنساء، والذين كانوا لا يزالون غاضبين من الأمر بعد مرور سنوات. في هذا الشأن، كانت تينا تراوري مصدرًا قيِّمًا، وهي بائعة سمك تعرَّضت للاضطهاد على يد موسى ورجاله؛ إذ كانت إحدى المحرضات على مسيرة النساء في السادس من أكتوبر، عام ٢٠١٢، وكانت من ضمن النساء اللواتي مَثَلْن أمام القادة الجهاديين. ظهرت لمحات عن المسيرة في تقرير أدمانا ديارا، وتيموكو ديالو، وأجاث ماتشكورتر «مسيرة نسائية ضد الشريعة في تمبكتو»، وتقرير بابا أحمد، «مالي: في تمبكتو، مسيرة من حوالي ٢٠٠ امرأة تخرج ضد الإسلاميين»، والذي قَدَّر عدد مَن شاركن بنحو مائتي امرأة. وصفت آسا آغ غالي الاضطهادَ الذي تعرضت له على يد موسى، وفي ذلك الوقت الذي قضته في «سجن» النساء، الذي زُرته في أكتوبر من عام ٢٠١٤، عندما كان قد عاد يُستَخدَم ككشك ماكينة الصراف الآلي كما كان في السابق.
قالت ديبورا ستولك إنها تلقَّت رسالة البريد الإلكتروني التي تحوي عبارة «الفرصة السانحة» بين العاشر والسابع عشر من أكتوبر، عام ٢٠١٢. ذُكِرَت التكلفة التقريبية البالغة أربعين دولارًا (خمسة وعشرين ألف فرنك غرب أفريقي) للسفر بين باماكو وتمبكتو في هذا الوقت على لسان المسافر المتمرس القاضي معيجا. نُشر مقال «ذا نيو ريببلك» عن الإجلاء، «محبو الكتب الجسورون: كيف خدع فريقٌ من رجال المكتبات المتسللين تنظيمَ القاعدة» بقلم يوتشي دريزن، على الإنترنت مع إحدى الصور الفوتوغرافية، التي التقطت كإثبات، والتي كانت قد أُرسِلَت إلى ستولك.
قصة المشكلات التي واجهت مكتب سافاما في تمبكتو والخلاف اللاحق بين محمد توريه والجهاديين حكاها أبطالها الأربعة كلهم (ألفا، وديادي، وتوريه، وحيدرة). كان من الصعب تحديد توقيت الأحداث؛ إذ حدَّد ألفا تاريخ التهديد بالاستيلاء على المكتب بأنه في أغسطس، لكن يبدو أن هذا يتعارض مع عبارة توريه التي قالها للمفوض بأنه كان ينقل المخطوطات قبل الموسم المطير، الذي يدوم في تمبكتو من يوليو إلى سبتمبر.
أيَّد حيدرة رواية توريه عن «أسوأ رحلة» له، غير أن ربَّ عمل توريه قال إنه لم يكن مسافرًا بمفرده: «كان يوجد أربعة أشخاص مسافرون مع الخزائن»، بحسب حيدرة.
روى حيدرة واقعة الاختطاف بالقرب من نيافونكي. لم أتمكَّن من التحقُّق من صحَّتها من آخرين.
(ﺟ) ثقالة أوراق الملك ليوبولد
ظهرت رواية كونراد «قلب الظلام» لأول مرة على هيئة سلسلة من ثلاثة أجزاء في مجلة «بلاكوود» في عام ١٨٩٩، وتضمنها كتابه الصادر عام ١٩٠٢ الذي بعنوان: «الشباب: سردية، وقصتان أخريان». تقدير العشرة ملايين حالة وفاة تحت حكم ليوبولد مُستقًى من كتاب آدم هوكشيلد «شبح الملك ليوبولد»، الذي يستشهد بلجنة حكومية بلجيكية أُنشئت عام ١٩١٩ ومصادر أخرى. أقوال جورج إف دبليو هيجل مقتبسة من ترجمة جون سيبري في كتاب «فلسفة التاريخ» (١٩٠٠).
يوجد خلاف حول الأسباب الدقيقة للتصارع على أفريقيا، لكن الدوافع التي كثيرًا ما يُشار إليها هي تلك التي ذكرتها، وتشمل الركود الاقتصادي الغربي، والفجوة التكنولوجية، والعنصرية، والأجواء التنافسية الناتجة عن أنشطة ليوبولد، وفرنسا، وأطراف فاعلة أخرى؛ للاطلاع على مزيد من النقاش، انظر إم إي تشامبرلين في كتاب «التصارع على أفريقيا». في «التقسيم الأوروبي لأفريقيا وغزوها: نظرة عامة»، يذكر جي إن أوزويجوي أنه على الرغم من أن مؤتمر برلين لم يوزِّع أجزاء محددة من أفريقيا على دولٍ معينة، فإنه وضع الإطار القانوني للقيام بذلك. قال: «الحجة القائلة بأن المؤتمر، خلافًا للرأي الشائع، لم يقسِّم أفريقيا، صحيحة فقط بالمعنى الحرفي … لجميع المقاصد والأغراض، تم بالفعل الاستيلاء على الأراضي في المؤتمر ومسألة التخصيص المستقبلي واضحة ضمنيًّا في قراراته. وفي الواقع، بحلول عام ١٨٨٥، كانت الخطوط العريضة للتقسيم النهائي لأفريقيا قد رُسمت بالفعل».
أُلقيت ملاحظات صامويل بيكر العنصرية في مأدبة لتكريمه في برايتون عام ١٨٧٤، وأوردتها صحيفة «ذا تايمز»، بينما ملاحظات إيه بي نيوتن مذكورة في عمل إيه أدو بواهين، «أفريقيا تحت السيطرة الاستعمارية ١٨٨٠–١٩٣٥».
أسباب رفض بارت من قِبَل الأكاديمية الملكية للعلوم في برلين يستجليها كتاب ستيف كيمبر، «متاهة من الممالك»، ومقدمة إيه إتش إم كيرك-جرين لكتاب «رحلات بارت في نيجيريا»؛ وكتاب هاينريش شيفرز، «هاينريش بارت: مستكشِف في أفريقيا». إن روايتي عن الغزو الفرنسي لأفريقيا مأخوذةٌ على نحوٍ رئيسي من كتاب روبرت ألدريتش، «فرنسا الكبرى»، وكتاب إيه إس كانيا-فورستنر، «غزو غرب السودان». وردت الإشارة إلى نقص كراسي الأستاذية الجامعية في مجال التاريخ الأفريقي على لسان بيكا ماسونين في كتاب «إعادة نظر في نيجرولاند». تفاصيل ما جرى لمخطوطات لويس أرشينار المنهوبة مأخوذة من كتاب نور الدين غالي ومحمد ماهيبو «جرد كتب المكتبة العمرية بسيجو». أيضًا يجرد الكتاب محتويات المكتبة، التي كانت تتضمن نسخة من ١٨٩ صفحة من «كتاب السودان»؛ ونسخة من ٣٦٣ صفحة من كتاب أحمد بابا «نيل الابتهاج»؛ وأطروحة مشهورة عن العبودية لنفس المؤلف؛ وشذرات من كتاب «تاريخ الفتَّاش»؛ والعديد من الرسائل من أحمد البكاي. وتوجد سيرة ذاتية عن أرشينار بقلم ريتشارد روبرتس في كتاب إيمانويل كيه أكيمبونج وهنري لويس جيتس الابن «قاموس أعلام أفريقيا»، المجلد السادس. رواية جوزيف جوفر لإعادة احتلاله للمنطقة موجودة في كتاب «مسيرتي إلى تمبكتو».
أفضل مصدر لرحلة فيليكس دوبوا هو كتابه «تمبكتو الغامضة». يمكن للقارئ أن يجد المزيد من التفاصيل عن حياته، وحياة والده رئيس الطهاة الشهير، في كتاب إيف-جان سان-مارتان «فيليكس دوبوا ١٨٦٢–١٩٤٥: المراسل الكبير ومستكشِف بنما في تمنراست». إهداء دوبوا لنسخة من كتاب «تاريخ السودان» إلى المكتبة الوطنية الفرنسية مذكورٌ في مقدمة أوكتاف هودا لترجمته الفرنسية الصادرة عام ١٩٠٠، التي تشتمل أيضًا على تفاصيلَ عن المخطوطات المختلفة التي استعان بها هو وإدمون بينوا في عمله. وجد جون هنويك المزيد من النسخ من المخطوطة في مجموعة أحمد بابا وفي المكتبة الوطنية الجزائرية، بالجزائر العاصمة، من أجل ترجمته الصادرة عام ١٩٩٩، والتي يشتمل عليها كتابه «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي». تفاصيلُ حياة السعدي وكتاب تاريخ السودان مأخوذة من كتابات هودا وبينوا ومن كتابات هنويك، والمقتطفات المأخوذة من كتاب «تاريخ السودان» مستقاةٌ من ترجمة هنويك. يمكن للقارئ أن يجد سيرة ذاتية قصيرة عن هودا بقلم آلان مسعودي وجان شميتز في كتاب «قاموس المستشرقين الناطقين بالفرنسية».
يظل كتاب فلورا شو «تابعة استوائية» عملًا رائعًا عن تلك الحقبة. تفاصيل حياتها المدهشة موجودة في كتاب دوروثي أو هيلي «فلورا شو وصحيفة «ذا تايمز»: امتهان الصحافة، والدفاع عن إمبراطورية». تناولي المتشكِّك لاحتمال أن يكون أسطول مالي قد وصل إلى المكسيك يحذو حذو تناول ماسونين في كتاب «إعادة نظر في نيجرولاند»، ولكن يوجد الكثير من المؤيدين المعاصرين للنظرية، من بينهم إيفان فان سيرتيما، في كتابه «جاءوا قبل كولومبوس»، وجاوسو دياوارا، في كتابه «أبو بكر الثاني، المستكشف المالي».
(د) محرقة الكتب
أود أن أعرب عن امتناني للشيخ ديوارا لمشاركته معي ذكرياته عن كونه موجودًا في الطرف المتلقي للغارات الجوية الفرنسية خلال عملية سيرفال. تفاصيلُ ما تبقَّى من قصر القذافي بعد قصفه سجَّلها درو هينشو، في تقريره «في فيلا القذافي بتمبكتو، انسحاب لتنظيم القاعدة». ويتذكر ديادي أن الاجتماع الأخير بين لجنة الأزمة والجهاديين كان قبل يوم من مقتل الشاب على يد الجهاديين، والذي سجَّلته تقارير وسائل الإعلام في الثالث والعشرين من يناير. وكان ديفيد بلير هو مَن أجرى مقابلة مع شقيقة القتيل في تقرير «تمبكتو: النساء اللواتي وقَعْن فريسةً للاضطهاد»، الذي أورد إطلاق النار على مصطفى بسبب هتافه «تحيا فرنسا!» على ناصية أحد الشوارع.
مثل عبد الله سيسيه، يتذكر إير مالي، الذي كان يعيش بالقرب من مبنى أحمد بابا في سانكوري، اللحظةَ التي أدرك فيها أن المخطوطات قد أُتلِفَت. قال: «استيقظنا في الصباح، ووجدنا المخطوطات على الفور. كانوا قد أخذوها إلى الفناء وجمعوها معًا. كل ما استطاعوا الوصول إليه أحرقوه».
(ﻫ) كتاب «تاريخ الفتَّاش»
أدلى أوكتاف هودا وموريس ديلافوس بسردٍ تفصيلي عن الصعوبات التي واجهاها مع كتاب «تاريخ الفتَّاش» في المقدمة التي وضعاها لعملهما التوليفي، «تاريخ الفتَّاش أو تاريخ الباحث»، في عام ١٩١٣. ذكر ماورو نوبيلي ومحمد شاهد ماثي، في كتاب «نحو دراسة جديدة لما يُعرَف باسم «تاريخ الفتَّاش»»، حججًا جازمةً تفيد بأن ما ظن هودا وديلافوس أنه كتاب تاريخ واحد هو في الحقيقة نصَّان منفصلان، أحدهما ألَّفه في القرن السابع عشر عالِم يُعرف باسم ابن المختار، والآخر عبارة عن نصٍّ مُزَوَّر ألَّفه في القرن التاسع عشر أحد مستشاري أحمد لوبو، سلطان ماسينا، والذي نُسِب زورًا إلى محمود كعت. في عام ٢٠١١، نشر كريستوفر وايز وهالة أبو طالب ترجمة إنجليزية، «تاريخ الفتَّاش: وقائع تاريخ تمبكتو ١٤٩٣–١٥٩٩»، غير أنهما فشلا في أن يأخذا في حسبانهما مشكلات النص. المقاطع المقتبسة هنا في الكتاب هي ترجماتي لنسخة هودا وديلافوس الفرنسية، وينبغي التعامل معها بحرص. «العنوان الإنجليزي الكامل» لكتاب «تاريخ الفتَّاش» وضعه بول إي لفجوي في كتابه، «العلم الإسلامي وفهم التاريخ في غرب أفريقيا قبل عام ١٨٠٠».
اعتبار تمبكتو القرن السادس عشر «مدينة علماء» مأخوذ من كتاب إلياس سعد «التاريخ الاجتماعي لتمبكتو»، وكذلك تقدير أن تعداد السكان لم يكن يزيد عن خمسين ألف نسمة: «تشير البيانات المتوفرة لدينا إلى أن عدد سكان المدينة تراوح بين ثلاثين ألفًا وخمسين ألف نسمة في القرن السادس عشر عندما مرَّت تمبكتو «بعصرها الذهبي» من الازدهار والمعرفة الإسلامية.» تعبير «ولع شديد باقتناء الكتب» مأخوذٌ من كتاب برنت سينجلتون «الأفارقة المُولَعون بالكتب: الكتب والمكتبات في تمبكتو في العصور الوسطى». قاموس محمود كعت النادر، الذي ورد ذكره في كتاب «تاريخ الفتَّاش»، كان هو «القاموس المحيط». سعر كتاب «شرح الأحكام» مأخوذ من كتاب سعد، والقاموس الذي كان في ثمانية وعشرين مجلدًا كان كتاب «المحكم في اللغة»، أيضًا مذكور في كتاب سعد. تفاصيلُ تكلفة نَسخ المخطوطات مأخوذة من كتاب سينجلتون.
مصادر ما أوردت هنا في الكتاب عن الغزو المغربي لسونجاي وحكم أحمد المنصور تشمل كتاب ستيفن كوري «الرجل الذي سيصبح خليفة»، وأيضًا كتابَي «تاريخ السودان» و«تاريخ الفتَّاش». معظم رواية أحداث يوم الخراب مأخوذة من كتاب «تاريخ السودان»، الذي يحتوي على القدر الأكبر من التفاصيل؛ وتتفق الفقرات المتصلة بالموضوع في كتاب «تاريخ السودان» مع النقاط الرئيسية. للاستزادة بتفاصيل حول حياة أحمد بابا، انظر كتاب محمود زوبِر «أحمد بابا التمبكتي».
الفقرة المقتبسة من قصيدة أحمد بابا عن الاشتياق إلى تمبكتو سجَّلها العلَّامة المغربي محمد الصغير الإفراني، الذي وُلِد في عام ١٦٦٩-١٦٧٠. وهي مكتوبة على مدخل مبنى أحمد بابا القديم ويمكن للقارئ أن يجدها في كتاب جون هنويك، «تمبكتو وإمبراطورية السونجاي».
(و) لحظة من الواقع تحاكي أفلام إنديانا جونز!
رواية أحداث التقدُّم الفرنسي نحو تمبكتو حكاها لي الكولونيل فريدريك جوت. كان هو مَن تذكَّر عرض الكولونيل جيز على الضباط في مهبط الطائرات في جوندام أن يتناولوا الشراب، وشغف الجنرال باريرا بكاييه، وزيارتهم للمنزل الذي كان المستكشف قد أقام فيه في عام ١٨٢٨.
أتت التقارير الإخبارية عن الحريق في معهد أحمد بابا من مصادر عديدة. يحدِّد الخط الزمني لتويتر في الثامن والعشرين من يناير، ٢٠١٣، توقيت تغريدة توماس فيسي «حرق مخطوطات قديمة» بأنه كان في الثامنة وسبع وأربعين دقيقة، وذلك الخاص بتغريدة جِنان موسى بأنه كان في الساعة التاسعة وثماني دقائق. تقرير لوك هاردينج الإخباري في صحيفة «ذا جارديان» كان بعنوان «رئيس بلدية تمبكتو: متمردو مالي أحرقوا مكتبةً تضم مخطوطات تاريخية». لم يصدِّق الجميع أن ما قاله رئيس البلدية سيسيه؛ فقد ألمح جيفري يورك في تقريره الإخباري «السباق السِّري لإنقاذ مخطوطات تمبكتو» إلى أن الكثير من المخطوطات كان قد نُقِل، بينما علَّق محمود زوبر في تقرير فيفيان والت «مالي: سكان تمبكتو المحليون ينقذون بعض مخطوطات المدينة القديمة من أيدي الإسلاميين» قائلًا إن «المخطوطات التي كانت هناك [في المعهد] في أمان».
تكرَّم إنوسنت تشوكووما من مؤسسة فورد بتقديمِ تفاصيلِ مراسلات المنظمة مع عبد القادر حيدرة في الأيام الأخيرة للاحتلال، وفي ذلك مقولة الدكتور جيتاري الخالدة «لحظة من الواقع تحاكي أفلام إنديانا جونز!» ولدى سؤاله عن سبب استمرار الحاجة إلى نقل المخطوطات إلى باماكو بعد تحرير المدينة، قال حيدرة إنه من الأفضل إكمال الإجلاء بدلًا من تركها في القرى.
(ز) حمَّى المخطوطات
أبرز جان لوي تريو في كتابه «تمبكتو أو عودة الأسطورة» الدور الذي لعبه الفيلم الوثائقي لهنري لويس جيتس الابن في تضخيم شهرة المخطوطات. ذكر تريو، الذي لم يُرِد التقليل من أهمية وقيمة هذه الوثائق، أن زيارة جيتس كانت قد أدَّت إلى الاحتفاء بها بقدْر أكبر بكثير من مجرَّد كونها تراث المعرفة الثري الذي كانت عليه بالفعل. كتب يقول: «ثمَّة قدْر من إضفاء صبغة الملحمة البطولية والأسطورية في إعادة اكتشافها المعتمدة على وسائل الإعلام». لمزيد من التفاصيل حول زيارة جيتس، راجع الملاحظات على الفصل الأول.
يوجد مزيد من التفاصيل عن زيارة تابو إيمبيكي إلى تمبكتو في قسم شاميل جيبي «اكتشاف/إعادة اكتشاف تمبكتو» من كتاب «معاني تمبكتو».
(ﺣ) مصنع الأساطير
قول جان-ميشيل دجيان نقلَته عنه ليلى عزام زنجنه في مقالتها بعنوان «هل فُقِدَت مكتبة تمبكتو الكبرى؟» بحسب زنجنه، كان رئيس البلدية سيسيه قد أُبلِغ عن طريق «ملحق الاتصالات» التابع له، الذي كان قد هرب للتو من المدينة، بأن مركز أحمد بابا قد أُحرِق وأن أكثر من نصف مخطوطاته قد التهمتها النيران. أوردت زنجنه في مقالتها: «ومع ذلك، بدا وكأنه يلمِّح إلى أنه لم يحدث إتلاف لجميع مخطوطات المدينة». مقالتا تريستان ماكونيل كانتا بعنوان «تعرَّف على المجموعة غير المحتملة التي أنقذت مخطوطات تمبكتو» و«كيف أنقذت تمبكتو كتبها؟». كان خبر صحيفة «دير شبيجل» على الإنترنت، بالإنجليزية، بعنوان «معظم مخطوطات تمبكتو أُنقِذَت من الهجمات.» رقم اﻟ ٣٧٧٤٩١ مخطوطة خاصة التي أُنقِذَت أعطاه لي حيدرة في ديسمبر عام ٢٠١٥.
في الثامن والعشرين من مايو، عام ٢٠١٣، أُرسِلت رسالة بريد إلكتروني من حملة «تي ١٦٠ كيه» موقَّعة باسم ستيفاني دياكيتي إلى القائمة البريدية «مانسا ١»، تفيد بأن «التكلفة التقديرية البالغة سبعة ملايين دولار هي هدف طموح، ولكن جمع هذا المال أمر ضروري». لم يكن كل مُستقبلي هذا النداء سعداء به. ردَّ أحد علماء الأنثروبولوجيا البارزين: «شكرًا على الاحتيال، ولكني لا أصدق هذا … من المخزي أنكِ تستخدمين شبكات أكاديمية لتسويق مشروعك الوهمي». رقم المليون دولار في العام الذي دفعته وزارة الخارجية الألمانية ومؤسسة جيردا هِنكل ذُكِر لي في مقابلة مع مصدر على صلة وثيقة بالمشروع. بعضٌ من هذا المال تحصلت عليه مكتبات أخرى في مالي.
عُقِد المؤتمر الذي أُقيم في جامعة برمنجهام تحت اسم «ندوة لتكريم باولو فرناندو دي مورايس فارياس» في يومَي الثاني عشر والثالث عشر من نوفمبر، عام ٢٠١٥. في وقتِ كتابة هذا الكتاب الماثل بين يدي القارئ، كان من المقرَّر أن تُنشَر ورقة بروس هول البحثية «إعادة التفكير في مكان تمبكتو في التاريخ الفكري لمنطقة غرب أفريقيا المسلمة» ضمن مجموعة من الأوراق البحثية التي قُدِّمَت في المؤتمر.
في أبريل عام ٢٠١٦، ظهر اسم ستيفاني دياكيتي على السطح في دعوى قضائية غريبة متعلقة بمبلغ ٤٫٢٥ ملايين دولار لا صلة لها بعملية إجلاء المخطوطات. في دعوى رُفِعَت أمام المحكمة العليا في إلينوي، اتُّهِمَت بأنها «محتالة» نَسَّقَت «سلسلة من الرشاوى غير القانونية لمسئولين حكوميين في مالي» مقابل الحصول على وثائق مزيفة (تقرير فرانك مين، «مسجون، يقول إن رشاوى أدَّت إلى اتهامه في قضية احتقار للمحكمة، أُفرِج عنه بإطلاق سراح مشروط»، صحيفة «شيكاجو صن-تايمز»، السادس والعشرين من أبريل، ٢٠١٦). قيل للمحكمة إن الوثائق التي حصلت عليها دياكيتي قد أثبتت إدانة رجل مالي، يُدعى بِنجالي سيلا، والذي كان قد حُكِم عليه بالسجن ست سنوات. أيضًا، بحسب ما زُعِم، لم تكن دياكيتي محامية كما كانت قد ادَّعت في بعض الأحيان. ذكر محامٍ للشركة التي قيل إنها كانت قد عيَّنتها في قضية سيلا أنه لا يوجد دليل على دفع رشاوى غير قانونية. لا تزال القضية جارية حتى وقت كتابة هذه السطور. ’حلا
الرقم الرسمي الذي يحدِّد عدد المخطوطات المفقودة من معهد أحمد بابا بأنه ٤٢٠٣ مخطوطات أعطاه لي القاضي معيجا. كان من المستحيل تحديد تلك المخطوطات بالضبط. قال عبد الله سيسيه إنها كانت وثائقَ كان المركز قد حصل عليها، ولكن لم تكن قد دخلت بعدُ في طور التجهيز، ولذلك لم يكن يُعرَف عنها الكثير.
الدراسة عن وثائق مكتبة فوندو كاتي أجرتها سوزانا مولينز ليتيراس من جامعة كيب تاون من أجل أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه التي بعنوان «أفريقيا تبدأ من جبال البرانس: فوندو كاتي، بين الأندلس وتمبكتو». لم تكن الأطروحة قد أُتيحَت علنًا للاطلاع عليها وقت كتابة هذه السطور، ولكن فقرة مقتبسة منها، نُشِرَت على الإنترنت، أشارت إلى أن رسالة الدكتوراه «تثير تساؤلات حول موثوقية الهوامش، من حيث تواريخ الإصدار والتأليف».
حول موضوع نقل المكتبات بعد التحرير، قال لي مالك المخطوطات التمبكتي عبد الواحد حيدرة: «كانت ثمَّة مكتبتان أو ثلاث مكتبات نُقِلَت بعد التحرير مباشرةً، في الوقت الذي كان فيه القائمون على منظمة سافاما قد أعلنوا بالفعل أنهم قد أخرجوا كل المخطوطات من تمبكتو، وتعيَّن عليهم أن يجدوا مكتباتٍ أخرى لتعقبها.» ذكر أن أسماء هذه المجموعات هي مكتبة أحمد بابا أبو العباس، ومكتبة مولاي، ومكتبة زاوية الكُنتي، وأعطى توقيتات لمحادثات محددة كان قد أجراها مع مُلَّاك المكتبات حول عمليات النقل هذه التي أعقبت التحرير.
(٣) كلمات أخيرة
في سبتمبر من عام ٢٠١٦، وضعتُ عددًا من المزاعم التي أُثيرت، أثناء البحث في هذا الكتاب، أمام عبد القادر حيدرة، وستيفاني دياكيتي، وبعض الشخصيات المختارة عبر البريد الإلكتروني. تحديدًا، طلبت منهم الرد على مسألةِ ما إذا كان التهديد الذي تتعرض له المخطوطات مبالغًا فيه، إلى جانب أعدادها وقصة إنقاذها.
ردَّ عبد القادر حيدرة بأنه لم يسمع المزاعم من أحد سواي. قال: «لم نرَ ولا قرأنا أي شيء عنها. هل أنت الوحيد الذي يمتلك هذه المعلومات؟ ما هي مصادرك؟» لقد عمل هو وزملاؤه بجدٍّ في هذا المجال لمدة سبعة وعشرين عامًا وكانوا يعرفون العدد التقريبي للمخطوطات منذ الوقت الذي أمضوه في العمل منقِّبين محترفين عن المخطوطات. وعَمِل هو أيضًا بجدٍّ لبناء علاقات ثقة مع شركائه، الذين جاءوا جميعهم إلى مالي لمراقبة الإجراءات التي اتُّخِذَت في باماكو أثناء حالة الطوارئ وعملية إجلاء المخطوطات. وقال إنه من الغباء أن «يكذب على العالم كله».
وكتب: «نظل مقتنعين بأنه لم يَقُدنا إلى الاضطلاع بما أنجزناه أي شيء سوى حب تراثنا والضمير الذي يدفعنا لحماية هذا التراث.» ثم أردف: «لم نختلق قصة. اليوم، مخطوطاتنا في أمانٍ وسنواصل العمل من أجل الحفاظ عليها بكل الموارد المالية والبشرية والتكنولوجية التي تتوافر لنا في هذه اللحظة».
رفضت ستيفاني دياكيتي التعليق، سواء بشأن هذا الأمر أو بشأن القضية المعروضة أمام المحكمة العليا في إلينوي.
أخبرني ديمتري بونداريف، الذي يقود الأبحاث في المخطوطات في مركز دراسات ثقافات المخطوطات بجامعة هامبورج، أنه يعتقد أن بعض المتخصصين الدوليين بدءُوا مؤخرًا في تغيير نبرتهم لتكون أقل إدانة وأكثر واقعية؛ «قد يأتي قريبًا الوقت الذي يشعر فيه الآخرون بعدم الارتياح حيال أحكامهم القاطعة بشأن ما حدث في عام ٢٠١٢ (أيًّا كان جانب «الحقيقة» الذي يتخذونه) كما أشعر الآن كلما تعيَّن عليَّ تقديم تلميحات عن «عملية الإنقاذ».» وكتب أنه كان «هناك الكثير من اللاعقلانية في عقول زملائي العقلانية»، لدرجة أنه وجد ضغط دمه يرتفع. في رأيه، كان التقدير الحالي بوجود حوالي ٣٧٧٠٠٠ مخطوطة خاصة «واقعيًّا؛ لأن المرء يأخذ في الاعتبار النُّهُج المختلفة بشأنِ ما يشكِّل مخطوطة». أما فيما يتعلق بتعاملاته مع منظمة سافاما، والتي كانت صعبة في يوم من الأيام، قال: «بيننا الآن علاقة أفضل بكثير؛ فهذه الأشياء تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب الصبر، خاصة في غرب أفريقيا وخاصة إذا كان المرء يريد أن يكون عمليًّا أكثر من كونه ناقدًا مدمرًا.»
أما بروس هول، فتمسَّك بأن جوانبَ من قصة سافاما كانت «احتيالًا ضخمًا».







