تقديم

قد يصدم معنًى من معاني هذه المسرحية بعض القراء أو المشاهدين … وخاصةً ذلك الذي يتعلق منها بالنواحي الحساسة في العلاقات الإنسانية، وبالذات علاقة الرجل والمرأة، ولكني أعترف بأن الأفكار والحوادث التي وردت في المسرحية ليست بالجديدة وليست من خيالي؛ فقد أخذتها من التاريخ. وأنا لستُ من حَفَظة التاريخ، لكن الذي يرجع إلى قراءة التاريخ يجد أن الإنسانية مرت بأزمنة غريبة؛ كان هناك زمن الرقيق والعبيد، وكان هناك زمن يُخصَى فيه العبد ليخدم حريم السلطان بغير خشية على الحريم، وكان هناك زمن الحاكم بأمر الله الذي ادَّعى الألوهيةَ وقدَّسَه بعض الناس، وكان هو يقدِّس الحمار.

وقد استهواني التاريخ بحوادثه الغريبة التي تكشف عن بعض الخبايا والتناقضات التي تنطوي عليها النفس المعقدة لذلك المخلوق — الإنسان. ورغم دراستي للطب والجراحة وإدراكي العلمي لجسم الإنسان، إلا أن فكرة إخصاء العبد التي حدثت في التاريخ ظلَّتْ بالنسبة لي غامضةً وشاذةً، توحي إليَّ بأن إخصاء الرجل ليس هو الجراحة أو ما ينتج عنها من عقم مادي بقدر ما هو الإخصاء الفكري أو النفسي، وما ينتج عنه من عقم في الفكر أو النفس.

نوال السعداوي

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤