كتابة: مخلوقاتٌ لذيذة

الكراسة التي كُتِب على غلافها خصوصيات كانت كلها عني، ولأنها عبارة عن خواطر طالب ثانوي في أوج مرحلة مراهقته، فقد كانت عميقة وتمثِّل لي كنزًا ثمينًا من الذكريات، بالأحرى هي مرآة لجانب من طفولتي لا يعرفه غير محمد آدم وأنا:

البنات مخلوقات غريبة، غريبة جدًّا لا يمكن فهمها بسهولة، أنا عارف أن سهير تحبني بحق وحقيقة، ولكن عندما أتحدث معها عن العرس تزعل وتهدِّد بأنها حتكلم لي أمها. ولكن سهير نفسها لمَّا ترقد معاي في السرير تمسكني بقوة وتتمنى أنو أمها ما تجي البيت نهائيًّا.

وفي مكان آخَر:

وأنا لاحظت أن والدها كان ينظر إلينا دائمًا، وكان لا يتركنا نبتعد عنه، أمها عكس أبوها، كانت ترسلنا معًا لأماكن بعيدة ونحن نرحب بالفكر وننطلق بسرعة، ما أعتقد أمها كانت عندها مواضيع عايزة تناقشها مع العم حسان. ويوم العيد يوم لا يُنسَى؛ ذهبنا إلى البحر وما كان عميق، ويمكن المشي في داخل الماء لأكثر من عشرين مترًا، وكنت وسهير نعوم في تلك المساحة، أنا أجيد السباحة، هي لا تعرف، كنت أعلمها كيف تسبح، تدق على الماء بكفتها وتدفع الماء بأرجلها للخلف في عشوائية، وبين وقت وآخَر تبتلع جرعة كبيرة من الماء خطأً، فتقف فجأةً على رجليها تكح، وهذا أكثر شيء يعجبني، كانت بهدومها تلتصق على جسدها، شعرها المبلل يلتصق على وجهها وكفها، وفي اللحظة دي تشبه الجنيات والحوريات، ولولا كنت خائفًا من أن يجيء العم حسان والعمة فجأةً …

وقد جاء، ولكن وجدني أعلِّمها العوم وهي ترقد على ذراعي.

كرَّرَ العم حسان بمرح غير معهود: دي لو كان الحجر بيعوم هي برضو حتعوم.

مما جعلني أطمئن وأستمتع بالتصادم الخفيف العرضي اللِّي بيحدث بين نهديها وساعديَّ تحت الماء، وكان مثيرًا جدًّا ولكن أبوها لا يعرف شيئًا.

عندما يأتي وقت الكتابة كنت أحب أن أكون وحدي، حتى آدم أحبه أن يكون بعيدًا؛ لأنني أحس أن الكتابة في لحظة إنتاجها ثروة يجب أن تُخفَى، ولكن بعد إنجازها فهي عالَم يستطيع أن يعيشه الجميع.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤