الآثار التي خلفها الإسكندر الأكبر في مصر

لم يُعرف حتى الآن التاريخ الأكيد الذي حُسب به بداية حكم الإسكندر في مصر؛ فقد غزا مصر في خريف عام ٣٣٢ق.م وتقول الرواية التي جاءت نقلا علن «كاليستنيس» إنه تُوج حسب الشعائر المصرية في «منف»، (ويحتمل أن ذلك في آخر سنة ٣٣٢ق.م) وهو حادث يمكن أن يكون قد اتُّخذ بداية رسمية لحكمه؛ غير أن المؤرخين بوجه عام لا يقبلون ما جاء في قصة «كاليستنيس» والمعروف أن الإسكندر مات في ٢٨ من شهر «دايسيوس» عند الغروب، كما جاء في جرائد البلاط، وفي ثلاثين من نفس الشهر على حسب ما ذكره «أريستوبولوس» Aristobulus (راجع: Plutarch Vita Alex. 15-16).
وقد ذهب إلى أن هذين التاريخين ليس فيهما تناقض في الواقع، وذلك أنه لما كان اليوم الإغريقي يبتدئ عند غروب الشمس، فإنه من الممكن أن موت الإسكندر يمكن أن يحدد باليوم التاسع والعشرين وهو اليوم الأخير من الشهر وكان باتفاق عام يسمى اليوم الثلاثين، ولكن يناقض ذلك أن شهر «دايسيوس» في العادة يحتوي على ثلاثين يومًا (راجع: Ginzel, Handbuch der Mathematischen und technischen Chronologie II. P. 300 & Kubitscheck Grundriss der Antiken Zeitrechnung, P. 144).
وفي فهرس A في «بزوديوكاليستنيس» أي الرواية التي نقلت عن «كاليستينيس»، وكذلك في الرواية الآرامية نجد أن تاريخ موت الإسكندر قد حدث في ٤ برمودة وليس لدينا الوسائل لفحص دقة هذا التوافق الزمني (راجع: Ginzel. Op. Cit. III. P. 6).
غير أنه لا يوجد شيء محتمل في المعادلة، وعلى الرغم من الالتباس في نسبها فلا بد من قبولها مؤقتًا، وعلى حسب «القانون» حكم الإسكندر ثمانية أعوام، ولكن من جهة أخرى نجد أن الإسكندر الأكبر قد حكم في مصر تسع سنوات على الأقل على حسب ما جاء في ورقة «استراس برج» (راجع: Catalogue of Demotic Papyri in the British Museum, Vol. I. A. Theban Archive of the Reign of Ptolemy I by S. R. K. Glanville, P. XXII.) كما سنرى بعد.

وهاك أهم الآثار التي عُثر عليها للإسكندر ممهورة باسمه

  • (١)
    نقش على جدران معبد الأقصر (جرافيتي) مؤرَّخ بالسنة الثالثة اليوم الأول من شهر «توت» من عهد جلالة حور ملك الوجه القبلي والوجه البحري «الإسكندر»، وهذا المتن يحتوي كذلك على تاريخين من السنة الرابعة من عهد فليب «أريداوس» خلف الإسكندر، ومن المعلوم أن الأسرة المقدونية لم تحكم إلا واحدًا وعشرين سنة في مصر أي من ٣٣٢ إلى ٣١١ق.م ومع ذلك فإنه في عام ٣٠٥ق.م أي بعد مضي خمسة عشر عامًا من وفاة الإسكندر الرابع، ابن الإسكندر الأكبر، تُوج رسميًّا «بطليموس» ابن «لاجوس» أحد قواد الإسكندر القدامى ملكًا على أرض الكنانة، وحكمها بوصفه شطربة باسم ثلاثة فراعنة مقدونيين وهم «الإسكندر الأكبر»، و«فليب أريداوس»، و«الإسكندر» بن «الإسكندر الأكبر» بن «راكزانا» (راجع: Daressy Rec. Trav. XIV, 1892, P. 33).
  • (٢)

    بردية مؤرخة بالسنة الثالثة الشهر الثالث من فصل الزرع في عهد الفرعون له الحياة والصحة والعافية الإسكندر (له الحياة والصحة والعافية).

    وتحتوي على عقد بيع بيت يقع في الجزء الشمالي من «طيبة» في الغرب من حرم معبد «منتو» رب طيبة، وقد ذكر حدود البيت الأربعة ثم ذكر بعد ذلك الصيغة القانونية واسم الكاتب (راجع: Louvre No. 2439, note. P. 485, Chrest. dem. P. 290: Fascimile in Corpus Louvre, P. L. V. No. 4).
  • (٣)
    بردية مؤرخة بالسنة التاسعة الشهر الأول من عهد الفرعون الإسكندر، وهي محفوظة الآن في متحف «إستراسبورج» وتُحدثنا عن ملكية توارثتها أفراد أسرة من الشعب عدة أجيال، والواقع أنها كانت جزءًا من ضيعة كبيرة يملكها نجار معبد «آمون» ويُدعَى جوف عخي (البردية اليانعة) «ابن وز-حر-متر» وأمه تدعى «تائيسي». وأول شيء عرفناه عن هذه الضيعة هو ما جاء في ورقة «إستراسبورج» رقم ١ وهي عبارة عن صك بهبةٍ (راجع: Seidl. Urk. P. 22. No. 22.) وبمقتضى شروطها قسم «جوف-عخي» ضيعته بين أولاده، منهم أحد أبنائه الصغار المسمى «بدي خنس» وكان عليه أن يتسلم هذه الملكية الخاصة بمثابة أنها نصيبه من هذه الضيعة، والورقة مؤرخة بشهر «توت» من السنة التاسعة من عهد «الإسكندر الأكبر» (١٢ نوفمبر سنة ٣٢٤ق.م) وهي من الأهمية بمكان بالنسبة للأوراق الديموطيقية الموجودة بالمتحف البريطاني ومتحف «فيلادلفيا» (راجع: Catalogue of Demotic Papyri in the British Museum. Vol. I. P. xx–VII.) وهاك النص على حسب ترجمة الأستاذ «جلانفيل»:

    السنة التاسعة شهر توت من عهد الفرعون الإسكندر الأكبر، لقد قال لي نجار بيت «آمون» المسمى «جوف عخي» بن «وزحر-متن»، وأمه هي «تائيسي» إلى نجار بيت «آمون» المسمى «خرج» (خلوج) ابن «جوف-عخي» وأمه هي «نستفني» ابني الأكبر لقد نزلت لك عن جزء البوابة وسقفها كله، وجزء المدرج (؟)، وجزء حي النساء، وجزء الفناء، وهناك يملك حانوتي «أمنيستو-أربريس» (؟) المسمى «باسمتو» بن «خلوج» الجانب الجنوبي من البيت، والجزء الآخر من البوابة والجزء الآخر من المدرج، والجزء (؟) الآخر من حي النساء والجزء الآخر من الفناء.

    والمرأة «موت» ابنه «خلوج» تتحمل (؟) معكم كل إصلاحات الفناء السابق الذكر، أما نصيبها الذي عمل من أجله اتفاقية لها فيما يخص الفناء على حسب حقها الذي برهنت على صحته، وهناك يملك «بهب» (؟) ابن «جوف عخي»، و«بدي خنس» بن «جوف عخي» (شخصَان)، ولداي وأخواك الصغيران الجزء الشمالي من البيت وكوخه الخاص به فهما نصيبهما الذي يئول إليهما من أملاكي، وكذلك أراضٍ لم تُبْنَ بعدُ، وعليهما أن يقيما بابًا في وسط (؟) جانبه الشمالي من الجهة الشمالية لشارع الملك، وكذلك عليهما أن يغلقا باب الجانب الشمالي الذي يفتح على بوابتك.

    وحدود كل بيت هي: الذي جنوبه بيت نجار بيت «آمون» «أمنحوتب» ابن «باحب» المبني من الحجر والمسقوف، وشارع الملك بينهما، وحدُّه الشرقي بيت «بتمستو» بن «حورسا-أسى» وهو خَرِب، ولكن جدرانه لا تزال قائمة وهو ملك أولاده، وحدُّه الغربي بيت رئيس صناع (؟) معبد «آمون» المسمى «بتاشوخي» بن «بتي حور»، وبيت حارس معبد «آمون» «باوس» بن «خلوج» أي بيتنا بنيا «بالحجر» ومسقوفان وشارع الملك بينهما.

    وهذه هي كل الحدود الملكية جميعها (أي مجموع الحدود).

    لقد منحتك جزء البوابة وكل سقفها وجزء المدرج (؟) وجزء حي النسوة وجزء الفناء وكل شيء يخصني، والذي سأحصل عليه، وليس لدي شيء في العالم ضدك بالنسبة لها، ولا يمكن لأي رجل على الأرض، ولا أنا يكون له حق عليها إلا أنت من هذا اليوم وما بعده، وأي شخص يأتي ضدك بسببها باسمي أو بِاسم أي شخص آخر على الأرض فإني سأجعله ينسحب من أمامك وسأجعلها تخلى لك من كل سجل ومن كل موضوع على الأرض من حيث كل مناسبة.

    فسجلاتها ملكك في كل مكان هي فيه وكل حجة قد عُملت خاصة بها وكل حجة كانت قد عُملت لي خاصة بها وكل حجة باسمها وأنا فيها صحاب حق فإنها لك، وكذلك الحقوق التي تأتي منها واليمين أو البيِّنة الذي سيُفرض عليك في بيت العدالة باسم صحة الوثيقة الذكر والذي سأعمله لك أو الذي سآمر بعمله فإني سأعمله.

    وهناك سيكون ملك «حور» و«باخي» وهما شخصَان وأمهما هي «استفنى» وهما ابناي وأخواك الصغيران، وهي الأراضي التي لم تُبْنَ والواقعة شمال مكان «جبانة» الصقر، وعليهما أن يعطياك ثلثي «مصاريف» الدفن وأنت عليك أن تدفع الثلث (الباقي) ولا يمكن لأي ابن أو ابنة أو حفيد لي أن يكون له الحق عندك فيما يخص أي جزء من الملكية أو في أي شيء على الأرض منحته إلا الأشياء التي دُونت كتابة لهم والتي هي ملكهم والتي عليها ولاية شرعية.

    كتبه: «باتي-حر-برع» بن «بخس».

    وجاء على ظهر الورقة الشهود وعددهم ستة عشر شاهدًا.

    تعليق: من المستحيل أن تُكَوِّن البيانات التي جاءت في هذه الوثيقة بمفردها أية فكرة عن أصل ملكية «جوف عخي» الأصلية أو العلاقة الصحيحة بالنسبة لأنصبة أولاده، وعلى الرغم من أن هذه الورقة تكون في ظاهرها صورة عقد بين «جوف عخي» وابنه الأكبر فإنها في الواقع عبارة عن قسمة ملكية بين الوالد من جهة وبين أولاده وأحفاده من جهة أخرى، هذا ويُلحَظ أنه بصرف النظر عن أن أنصبتهم ليست متساوية فإنها كلها كانت بنسبة واحدة للمجموع، هذا ولا بد أن تترك كلًّا من «حور» و«باخي» لأنه ليس لهما نصيب في الملكية الأصلية، وبعد ذلك تبقى أربعة أنصبة فيأخذ «خلوج» وهو أكبر أولاده أكبر نصيب ثم نصيبا ابني «خلوج» وهما ابنه المسمى «باسمتو» وابنته «موت»، وأخيرًا نصيبا ابني «جوف-عخي» الصغيران وهما «بهب» و«يدي خنس».
  • (٤)
    الأقصر: تجديد بناء محراب «إمنحوتب الثالث» في معبد الأقصر (راجع: Sethe Hierog Urk.der Griech-rom. Zeit, p. 78) وقد جاءت العبارة التالية على هذا المحراب: تجديد الآثار التي عملها ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين (ستب-ني-رع-مري-أمن = المختار من رع محبوب آمون) ابن رع رب التيجان الإسكندر لوالده آمون رع.١
  • (٥)
    وجاء ذكر الإسكندر على نفس المحراب (راجع: Seth, Ibid. p. 8)، وهاك النص:
    حور بن «رع» حامي مصر ملك الوجه القبلي والوجه البحري (ستب-ني-رع-مري-أمن) بن رع الإسكندر مجدد آثار والده «آمون رع»، وهذا المحراب الذي أقيمت جدرانه في عهد الإسكندر في المكان الذي كانت تحتله سابقًا أعمدة الفرعون، «أمنحوتب الثالث» قد علم في الرسم الذي وضعه «دارسي» في كتابه بملحوظة مفسرة لخرائب معبد الأقصر بحرف O.
    (راجع: Daressy, Notice explicative des ruines du temple de Luxor, P. 65–68.)
  • (٦)
    معبد الكرنك الكبير: ذكر اسم الإسكندر في معبد الكرنك في نقش جاء فيه: «حور» بن «رع» (الحاكم القوي) ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين ورب الظهور على العرش «حور» بن «رع» الإسكندر (راجع L. D. IV, 3a = L. D. Texte III, P. 32; Brugsch. Thesaurus, P. P. 852).
    ووُجد في نفس المعبد النقشان التاليان:
    • (أ)

      الإله الكامل الإسكندر مثل «رع».

    • (ب)
      ملك الوجه القبلي والوجه البحري (ستب-ني-رع-مري-أمن) بن «رع» «الإسكندر» معطي الحياة مثل رع أبديًّا (راجع: L. D. IV, 3b & C = L. D. Texte III, P. 32).
  • (٧)
    معبد الكرنك: يوجد في معبد «تحتمس الثالث» بالكرنك نقوش تدل على أن «الإسكندر» الأكبر أعاد بناءه، وهاك بعض النقوش التي تشير إلى ذلك:
    • (أ)

      يعيش «حور» الذي يطأ البلاد الأجنبية.

      ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين (ستب-ني رع-مري-أمن) بن «رع» رب التيجان «الإسكندر» (راجع: Sethe, Urk. Griech. Rom. P. 6).
    • (ب)
      مجدد الآثار التي عملها لملك الوجه القبلي والوجه البحري (ستب-ني-رع-مري-أمن) بن «رع» رب التيجان «الإسكندر» عاش أبديًّا، كما كانت قائمة في عهد جلالة حور الثور الذي يظهر في «طيبة» رب الأرضين (من خبر رع) ابن «رع» (تحتمس الثالث) محبوب «آمون رع» رب السماء ورب ملك الآلهة … (راجع: Sethe, Ibid. P. 6 & 7) ومما تجدر ملاحظته هنا أن هذا الإصلاح قد نسبه «لبسيوس» خطأ للإسكندر الثاني (راجع: Lepsius Abhandlungen der Konigl. Preuss Akad. der wiss. zu Berlin (1852), P. 464).
    ومن جهة أخرى نسب المؤرخ «مهفي» هذا الإصلاح إلى عهد متأخر جدًّا عن ذلك أي ما بين ٣٢٠ و٣١٥ق.م (راجع: Mahaffy, the Empire of the Ptolemies, P. 38).
  • (٨)
    رأس تمثال الإسكندر الأكبر: عُثر على هذا الرأس على باب نفس المعبد السابق جاء عليه: ملك الوجه القبلي والوجه البحري (ستب-ني-رع-مري-أمن) بن رع «الإسكندر» وهذا الرأس يعد أحسن رأس عثر عليه للإسكندر حتى الآن (راجع: L. D. III, 302, No. 86: L. D. Texte III, P. 33).
  • (٩)
    معبد الإله خنسو بالكرنك: نُقش على جدران هذا المعبد المتون التالية التي تدل على أن «الإسكندر» قد وجه عنايته نحوه:
    • (أ)

      ملك الوجه القبلي والوجه البحري الإله الكامل رب الأرضين ورب الشعائر جميعًا ورب التيجان «الإسكندر».

    • (ب)

      الإله الكامل (ستب-ني-رع-مري-أمن = المختار من رع محبوب آمون).

    • (جـ)

      الإله الكامل رب الأرضين ورب الشعائر الإسكندر معطي الحياة والقوة.

    • (د)

      ملك الوجه القبلي والوجه البحري ورب الأرضين (ستب-ني-رع-مري-أمن) ورب التيجان الإسكندر.

  • (١٠)
    الأشمونين: وعثر في الأشمونين على قطعة حجر من جدار عليها اسم الإسكندر ولقبه وقد نسبت خطأ لابنه الإسكندر الثاني فرعون مصر جاء عليها: (ستب-ني-رع-مري-أمن) الإسكندر (راجع: Daressy. Rec. Trav. X, 1888, P. 143-144).
  • (١١)
    تلى اليهودية: عثر على قطعة من إناء مصنوع من حجر أسود كان مستعملًا ساعة مائية، وهي الآن محفوظة بالمتحف البريطاني وجاء عليها المتن التالي: ملك الوجه القبلي والوجه البحري (ستب-ني-رع-مري-أمن) ابن رع الإسكندر (راجع: Guide Br. Mus. (1909), P. 266 & Ibid. Sculpture. P. 254, No. 948).
    هذا ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن الأثري «هول» قد عزا إلى «الإسكندر الأكبر» طابعًا من البرونز من مجموعة «أنستاس» القديمة، والواقع أن هذا الطابع يحمل طغراء «الإسكندر» الثاني فرعون مصر (راجع: Catalogue of Egypt. Scarabs etc. British Museum, Vol. I, P. 285, No. 2746).
  • (١٢)
    ذكر الأثري «بدج» في كتابه عن ملوك مصر طغراء «الإسكندر» دون أن يعطي المصدر الذي نقل عنه (راجع: Budge, Book of the Kings II, P. 108).

    وهاك النص الذي أورده «بدج»: ابن رع (الإسكندر بن آمون).

  • (١٣)

    منشور كانوب: جاء اسم الإسكندر الأكبر في منشور كانوب المؤرَّخ بالسنة التاسعة من حكم بطليموس الثالث، وذلك في لوحة «تانيس» المحفوظة الآن بالمتحف المصري تحت رقم ٢٢١٨٧، وفي لوحة «كوم الحصن» جاء فيها: الكاهن المطهر للإسكندر صادق القول (أي المتوفى).

  • (١٤)
    منشور رشيد: وجاء كذلك اسم «الإسكندر» في منشور رشيد المؤرَّخ بالسنة الثالثة والعشرين من عهد «بطليموس الخامس» (راجع: Stele, No. 22188 du Mus. du Caire.). وهاك المتن: «الكاهن المطهر للإسكندر.»
    هذا وقد جاء ذكر كهنة «الإسكندر الأكبر» في كثير من الروايتين الديموطيقية والإغريقية في منشورَيْ «كانوب» و«رشيد» وكذلك في عدد من الأوراق الديموطيقية وفي النقوش والأوراق الإغريقية وسنذكر كلًّا منها في موضعها، وكهان «الإسكندر الأكبر» كان أول نشأتهم في السنة التاسعة عشرة من حكم بطليموس الثاني (راجع: Petrie Papyri II, No. 24) وكان مركزها الإسكندرية.
    وكان الكاهن يُعيَّن سنويًّا وتسمى السنة التي عُين فيها باسم الكاهن، وهذه الوظيفة كانت موقوفة على رجال من أصل إغريقي، كما كانت هذه الكهانة تؤلف السلطة العليا الدينية في مصر، وذلك لأن الذين كانوا يشغلونها لا بد أن يُعيَّنوا بمرسوم ملكي، هذا ويمكن تتبع آثار هذه الوظيفة على ضوء الكشوف الحديثة حتى عهد «بطليموس العاشر» (الإسكندر الأول) وكليوبترا الثالثة.٢
  • (١٥)
    البقارية (البخيوم بالقرب من أرمنت): عُثر على جزء من لوحة للعجل أبيس جاء عليها ذكر «الإسكندر الأكبر» (راجع: The Bucheum, Vol. II, P. 144).

    هذا وقد جاء ذكر الإسكندر في مواطن كثيرة سيأتي ذكرها في سياق تاريخ البطالمة.

أسرة الإسكندر في النقوش الهيروغليفية ربما

يكون من المدهش حقًّا أننا لم نجد على الآثار المصرية البحتة ذكر أي زوج من أزواج الإسكندر الأكبر ولا ذكر أي طفل من أطفاله ولكن تزول دهشتنا عندما نعلم أن الإسكندر لم يمكث في مصر إلا بضعة أشهر معلومة ثم غادرها إلى ساحة القتال في آسيا ولم يعُدْ بعدها إلى مصر، وتدل شواهد الأحوال على أنه أثناء مكثه في أرض الكنانة لم يكن يصحبه أحد من زوجاته أو أمه، هذا فضلًا عن أن ذكر اسمه هو على الآثار المصرية كان محدودًا، مثله في ذلك مثل كل من «فليب أردايوس» و«الإسكندر الثاني» اللذين خلفاه على عرش مصر من أسرته، وذلك لأنهما لم يحضرا مصر قط كما سنرى بعد.

١  ومما يجب التنويه به هنا بالنسبة لآثار الإسكندر في أنحاء القطر المصري هو أن نلفت النظر إلى أن البوابة المصنوعة من الجرانيت وهي لا تزال قائمة في الجزء الجنوبي من جزيرة الفِيَلة ليست من عمل الإسكندر الأكبر كما ذكر الأثري «ديمورجان» (راجع: Catal. des Monum. et Inscrip. De L’Egypte Antique I, P. 109) بل أقيمت في عهد «الإسكندر» الثاني (الرابع عند المقدونيين) فرعون مصر، حقًّا نعلم تمامًا مما جاء في كتاب المؤرخ «أريان» أن الإسكندر الأكبر أرسل فرقة من جنوده إلى الفنتين بقيادة «أبوللونيدس» Apollonides، غير أنه لم تعرف له آثار باقية حتى الآن تعتبر تذكارًا لهذه الحملة، وعلى أية حال فإن الخلط بين طغراء تتويج «الإسكندر الأكبر» وبين طغراء «الإسكندر الثاني» يرجع إلى عهد الأثري «لبسيوس» (راجع: L. D. IV, 1, 3, 4, 5) قد صحح هذا الخطأ في كتابه «أسماء الملوك» (راجع: Koningsbuch, PL. LI, No. 684) غير أننا وجدنا هذا الخطأ بعينه ثانية عام ١٨٩٥ في كتاب المؤرخ الإنجليزي «مهفي» عن البطالمة المسمى إمبراطورية البطالمة (راجع: Mahaffy, The Empire of the Ptolemies, P. 1.) وقد صححه فيما بعد عام ١٨٩٩م في تاريخه عن مصر في عهد البطالمة (راجع: Mahaffy, A History of Egypt under the Ptolemaic Dynasty, P. 4).
٢  راجع: Glanville and T. Skeat, J. E. A. vol. 40. P. 45–58; Bouché-Leclerq. I, Histoire des Lagides, t. III. (1906). P. 45–47.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤