الخيال الشِّعْري والأسَاطِير العَرَبيَّة

لا يعرف التاريخ من الأساطير العربية إلا شيئًا يسيرًا لا يستطيع باحث أن يطمئن إليه بمفرده كل الاطمئنان ليستخلص منه رأيًا فاصلًا أو نتيجة جازمة، وهو إلى ذلك مضطرب كل الاضطراب مختلط كل الخلط لا يحده نظام ولا يسوسه قانون ولا يجمعه كتاب خاص كما فى أساطير الأمم الأخرى، وإنما هو نبذ متفرقة في كثير من كتب الأدب والأخبار لا يمكن جمعها إلا بعد جهد كبير، بعضها له اتصال بعقائد العرب قبل الإسلام وبعضها له اتصال بعوائدهم والبعض الآخر يتصل بتاريخهم القديم. وقد كنت أول الأمر أحمل الوزر على الرواة الذين ازْدَرَوْا هذا الفن ولم يُعْنَوْا به عنايتهم بالشعر والأمثال الآن؛ فقد أصبحت أعتقد أن ما نقله إلينا الرواة هو كل ما عند العرب من هذا الفن وأن العرب أنفسهم ما كانوا يقيمون لهذا الفن وزنًا، ولولا ذلك لنظموا أساطيرهم كما نظمها غيرهم من الأمم القديمة كاليونان والرومان وقدماء المصريين، ولكان شعراء الجاهلية يتغنون بها في أناشيدهم وأشعارهم كما كان الشعراء اليونان والرومان يتغنون بها قبل مجيء المسيحية.

وهذا الشيء اليسير الذي حدثنا عنه التاريخ من الأساطير العربية ينقسم في نظري إلى قسمين أصليين: القسم الأول الأساطير الدينية، ويندرج تحت هذا القسم ما كان من قبيل العوائد لأن أكثر العوائد إنما هي عقائد متحجرة بمفعول الزمن. القسم الثاني: الأساطير التاريخية، وهي تلك الأخبار التي لها ارتباط بالتاريخ العربي القديم. وأراني بالرغم عن قلة الأساطير العربية واضطرابها مضطرًّا بطبيعة البحث إلى أن أقتصر على القسم الأول دون أن أعرض للقسم الثاني ببحث أو تمحيص، وذلك لأن غايتي من البحث في الأساطير العربية إنما هي معرفة حظها من الخيال الشعري قلةً وكثرةً، وقد علمتم من كلمتي السابقة أنني أَعْنِي بالخيال الشعري ذلك الخيال الذي يحاول الإنسان أن يتعرف من ورائه حقائق الكون الكبرى ويتعمق في مباحث الحياة الغامضة، ولا أخال أن من المعقول أن يوجد مثل هذا الخيال في الأساطير التاريخية، لأن هذا النوع وإن كان من صنعة الخيال إلا أنه ليس من عمل الخيال الشعري الذي أريد الحديث عنه؛ ولذلك فإنني لا أعرض لمثل هاته القصص الطويلة التي يروونها عن عمرو بن عدي وأضرابه ممن تخطفتهم الجن تعشُّقًا أو انتقامًا ولا لمثل هاته القصص والأقاويل التي يحكونها عن شِقٍّ وسَطِيحٍ ولا لهاته الأحاديث المستفيضة عن أيام العرب وحروبهم ولا لمثل هاته الأخبار الدموية التي يحكيها الرواة عن قبيلتي طسم وجديس معللين بها فناء هاتين القبيلتين.

كل هذا وأشباهه لا أعرض له بشيء من البحث، أما الذي سأبحث فيه فهو الأساطير الدينية وما مُتَّ إليها بسبب مَتِين.

ورأيي في هذه الأساطير هو أنها لا حظ لها من وضاءة الفن وإشراق الحياة، وأن من المحال أن يجد الباحث فيها ما ألِف أن يجده في أساطير اليونان والرومان من ذلك الخيال الخصب الجميل ومن تلك العذوبة الشعرية التي تتفجر منها الفلسفة الغضة الناعمة تفجُّر المنبع العذب، بل إنه ليعجزه أن يُلْفِي فيها حتى تلك الفلسفة الشعثاء الكالحة التي تطالعه في أساطير الإسكنديناف. فالآلهة العربية لا تنطوي على شيء من الفكر والخيال، ولا تمثل مظهرًا من مظاهر الكون أو عاطفةً من عواطف الإنسان، وإنما هى أنصاب بسيطة ساذجة شبيهة بلعب الصبية وعرائس الأطفال، وبقية الأساطير الدينية لا تفصح عن فكر عميق أو شعور دقيق ولا ترمز لمعنى من المعاني السامية، وإنما هي أدنى إلى الوهم منها إلى أي شيء آخر، لا أستثني من ذلك إلا أسطورة النجوم فإن عليها شيئًا من وضاءة الشعر ونضارة الخيال.

فقد عبد العرب أربابًا متفرقة وآلهة كثيرة كغيرهم من الأمم الوثنية القديمة، ولكنهم لم يعبدوا تلك الآلهة بعد تفكير عميق في ظواهر هذا الوجود كما فعل غيرهم من أمم العالم، وإنما كانت عبادتهم على أحد ضربين: إما تأليه الأجداد أو تقليد غيرهم من الأمم في عبادة آلهتها، وبعبارة علمية: إن الباعث لتلك العقيدة الوثنية في أنفس العرب لم يكن هو «التشخيص» أي أن يخلع الإنسان على ما حوله من الأشياء ثوب الحياة وينظر إليها كأرواح حية نامية تشاركه الحس والحياة، وإنما كان الباعث عليها (عبادة الأموات) في الأكثر واحتذاء الأمم الأخرى التي سبقتها إلى التدين في معتقداتها الدينية. واتباع العرب لغير التشخيص هو السبب في أن أساطيرها لم تكن مشتملة على شيء من الخيال الشعري، ولكن قد يسأل السائل: وما الذي دفع العرب في هذه الطريق التي بعدت بهم عن الخيال الشعري بعدًا كبيرًا؟ والجواب هو أن هذا له علاقته بالروح العربية التي سأتكلم عنها فيما بعد.

وهذا الذي قلته عن الآلهة العربية يظهر لأول وهلة من معرفة الآلهة العربية والأساطير التي يروونها عنها.

فقد عبد العرب إساف ونائلة وهما صنمان زعموا أنهما رجل وامرأة من جُرْهَمَ فَجَرَا بالكعبة فمسخهما الله حجرين! وإنني لا أفهم كيف عُبِدَا وقد حل بهما هذا العذاب، اللهم إلا أن يقال إن العطف عليهما قد استحال في النفوس إلى حُبٍّ ثم إلى إجلال ثم إلى عبادة على توالي العصور وتراخي الزمن. وعبدوا اللات والعزى، والرواة يختلفون فيهما اختلافًا كبيرًا: فمنهم من يزعم أنهما نخلتان ألَّههما العرب، ومنهم من يزعم أنهما صنمان لرجلين صالحين كان أحدهما يلتُّ السويق للحجيج، ومنهم من يزعم أنهما صنمان جاء بهما عمرو بن لُحي. وعبدوا مناة، وهو صنم كان بين مكة والطائف. وعبدوا يغوثَ ويعوقَ وسواعًا ونصرًا وهي من آلهتهم القديمة التي نصبوها لقوم من صلحائهم بعد موتهم على سبيل الذكرى فانقلبت إلى عبادة بطول الزمن.

وعبدوا المشتري فقالوا: (عبد المشتري)، وعبدوا الشمس فقالوا: (عبد شمس)، وسموها الآلهة وزعموا أنها تهب الأسنان جمالًا وحسنًا، فكان صبيهم إذا أثغر أُخِذَ سِنَّه بين السبابة والإبهام واستقبل الشمس قائلًا: «يا شمس! أبدليني بسن أحسن ولتجرِ في ظلمها آياتك!»

قال طرفة:

سقته إياة الشمس إلا لِثَاتِهِ
أُسف ولم تكدم عليه بأثمد

وقال غيره:

أبدلته الشمس من منبته
بردًا أبيض مصقول الأشر

وأحسب أن هاته العقيدة قد انقلبت إلى عادة ظلت حية إلى ما بعد الإسلام وأن بعض العرب جاء بها إلينا، وهذا ما أُعَلِّلُ به وجود هاته العادة عندنا فإن كثيرًا من جهات المملكة يأمرون أطفالهم عند الإثغار أن يفعلوا مثل هذا الفعل ويقولوا قولًا قريبًا منه. ولا أشكُّ أن عبادة المشتري والشمس قد أخذها العرب عن الأشوريين كما أخذوا عبادة تالب وآضر وهبتون وعشتر.

فقد رأيتم أن آلهة العرب لم تخرج عن ذَيْنِكَ النوعين الآنفين: تأليه الأموات أو تقليد الأمم الأخرى، وأنها لهذا لم تكن مشتملةً على فكر أو خيال وإنما هي أصنام جامدة لا تصور لونًا من ألوان الحياة. حتى إن عشتروت وهي إلهة الحب والجمال عند الآشوريين التي كانوا يصفونها بأنها موقدة شعلة الحياة وحارسة الشبيبة، والتي كان الشبان والعذارى يرتلون أغاني الحب تحت قدميها، لَمَّا عبدها العرب باسم عثتر لم يعبدوا فيها ذلك المعنى العميق الذي يصل الحب بالجمال، وإنما عبدوا فيها صنمًا لا يرمز إلى شيء ولا ينم عن فكر.

ومن أساطيرهم التي كانوا يدينون بصحتها: الغول، وهي حيوان خرافي يزعمون أنه كريه المنظر شنيع الخلقة يألف الغيران الموحشة والفيافي المقفرة ليضلل الناس ويلهوا بالجماجم، ويدعي أبطالهم أنهم شاهدوها وحاربوها فانتصروا عليها، وقد أُولع تأبط شرًّا بوصفها والتحدث عنها في شعره ومن ذلك قوله:

وإني قد لقيت الغول تهوي
يسهب كالصحيفة صحصحان
فقلت لها: (كلانا نضوُ أينٍ،
أخو سفر، فخلي لي مكاني!)
فشددت شدة نحوي، فأهوى،
لها كفي بمصقول يماني
فأضربها بلا دهش فَخَرَّتْ
صريعًا لليدين وللجران
فقالت: «عُدْ» فقلت لها رويدًا
مكانك! إنني ثبت الجنان
فلم أنفكُّ متكئًا عليه
لأنظر مصبحًا ماذا أتاني
إذا عينان في راسٍ قبيح
كراس الهر مشقوق اللسان
وساقا مخدع وشواة كلب
وثوب من عباءة أو شنان

ومنها الصدى أو الهامة، وهي طائر خرافي يزعمون أنه يخرج من رأس القتيل الذي طُلَّ دمه ويقف على قبره هاتفًا: «اسقوني فإنني صديَّة!» ولا يزال كذلك إلى أن يؤخذ بثأر القتيل فيختفي الطائر ثم لا يعود، قال شاعرهم:

له هامة تدعو إذا الليل جنها
«بني عامر! هل للهلالي ثائر؟»

ومنها شياطين الشعراء، وذلك أنهم كانوا يعتقدون أن لكل شاعر شيطانه الذي يوحي إليه الشعر، ويروون أخبارًا كثيرة عن هؤلاء الشياطين، فكان صاحب امرئ القيس لافظ بن لاحظ، وصاحب عبيد بن الأبرص هبيد بن الصلادم، وصاحب الأعشى مسحل السكران بن جندل، وصاحب زياد الذبياني هاذر بن ماذر، وصاحب الكميت مدرك بن واغم ابن عم هبيد صاحب عبيد بن الأبرص.

ومنها أسطورة النجوم وهم على خلاف فيها، فمنهم من يقصها على هذا النحو وهو: «أن سهيلًا وأختيه العبور والغميصاء كانت ثلاثتها مجتمعة ثم انحدر سهيل إلى ناحية اليمين بعد أن خاض نهر المجرة وتبعته إحدى أختيه حتى غمصت عينها فسميت غميصاء». ومنهم من يرويها على وجه آخر هو «أن سهيلًا كان فارسًا جميل الطلعة ساحر المنظر فخانه الحظ في معركة سماوية وراء المجرة فخرَّ صريعًا تكسوه الدماء الفانية فراع أختيه مصرع أخيهما الباسل فعبرت إليه إحداهما نهر المجرة وظلت واجمة عند رأسه وفي جفنيها عبرة حائرة: فسميت عَبورًا. وقعد بالثانية الرزء الفادح والحزن المرير عن اللحاق بأختها فانهلت تذرف الدموع حتى غمصت عينها الباكية … فسميت غميصاء».

فهل رأيتم فيما تلوته عليكم من أساطير العرب واحدة تشرق بالفن والحياة كما يشرق الكوكب بالنور الجميل والوردة بالعطر الأريج؟ وهل وجدتم فيها جمالًا أكثر من هذا الحديث الخيالي الوضيء الذي يروونه عن سهيل وأختيه؟ وكذلك كانت أساطير العرب، وثنية جامدة جافية لم تفقه الحق ولا تذوقت لذة الخيال، وأوهام معربدة شاردة لا تعرف الفكر ولا اشتملت على شيء من فلسفة الحياة … أما أساطير الأمم الأخرى فقد كانت مشبعة بالروح الشعرية الجميلة زاخرة بفلسفة الحياة الفنية الراقصة في ظل الخيال … فقد أخذ اليونان كثيرًا من عقائدهم وأساطيرهم عن الآشوريين كما أخذ العرب أنفسهم، ولكنهم طبعوها بطابع حياتهم الخاصة فكانت رشيقة شعرية ساحرة أكثر ممَّا كانت عليه عند الآشوريين، فهم أخذوا عن الآشوريين عبادة إلهة الحب والجمال: «عشتروت» كما أخذها العرب عنهم، ولكن العرب عاملوها كما يعاملون أنصابهم التي لا ترمز إلى فكر ولا تمثل عاطفة، فكانت صنمًا حجريًّا جامدًا تحجبه الكآبة الصماء والسكون الأليم. أما اليونان فقد اتخذوا لها اسمًا آخر هو: «أفروديت» ونسجوا حول نشأتها أساطير شعرية لم يعرفها الآشوريون، فكانوا يزعمون أنها خلقت من أمواج البحار! واتخذوا إلهًا للحب سموه: «إيروس» وزعموا أنه ابن أفروديت وأن له جناحين ذهبيين وأنه يحمل أبدًا سهامًا حادة ومشاعل تلتهب …! أرأيتم هذا العمق في الفكر وهاته السعة في الخيال في الأسطورة التي تزعم أن أفروديت قد خلقت من أمواج البحار؟ أي شيء أنصع من أمواج البحار وأطهر؟ وأي شيء أعمق من البحر؟ وأدوى من لجج اليم بمعاني الحياة؟ وأي شيء أجمل من البحر في عمقه وسكونه؟ وأقوى من البحر في ثورته الطاغية؟ كذلك الجمال، فيه من القوة والعمق ما في الحياة التي أنشأته. وكذلك تُخلق ربة الجمال من أمواج البحار التي تتمثل فيها قوة الحياة وعمقها وطهارتها. ثم ألا ترون هاته الأسطورة الأخرى التي تجعل من الحب طفلًا جميلًا نبيلًا أنجبته إفروديت يتألق في منكبيه جناحاه الساحران، ويحمل في راحتيه نباله الحادة ومشاعله النارية؟ ألا تحسون بأمواج الخيال فيها تلاعب شاطئ الحقيقة؟ ترى هل كانت الإنسانية تعرف الحب لو لم تعرف الجمال؟ وهل كان الحب في الحقيقة وعند النفس إلا طفلًا مسلحًا … له غرارة الطفولة وطهارتها الساذجة، وله طيشها وتجنيها، وله مشاعله النارية التي قد تنير وجوه الدهر وقد تحرق آمال القلوب؟

وهكذا كانت آلهة اليونان وأساطيرهم عنها: آراء شعرية يتعانق فيها الفكر والخيال، فكل آلهة رمز لفكرة أو عاطفة أو قوة من قوات الوجود، وكل أسطورة صورة شيقة من صور الشعر يقرؤها الباحثون فيحسون أنها صادرة عن مخيلة قوية وإحساس فياض يشمل العالم ويحس بأدق أنباض الحياة. فكما أنهم قد جعلوا للحب إلهًا وللجمال آلهة، فكذلك جعلوا للحكمة آلهة وللشعر والموسيقى إلهًا ولغير هذه من المعاني العميقة ومظاهر الكون الرائعة أرواحًا وحياة تُحَسُّ وتُشْعَرُ بحيث كانوا ينظرون إلى الوجود من خلال أساطيرهم ونظرة فنية تحس بتيار الحياة يتدفق في كل كائن ويستجيش في كل موجود. وإنني لأكتفي بواحدة من أساطيرهم تبين لكم مذهبهم في الوجود، فقد كانوا يعتقدون أن الصدى جنية من بنات الجبال والأودية، وأنها كانت خلابة المنظر والحديث، فمرت بها يومًا «هيرا» وكانت ذاهبة لتفاجئ زوجها مع بعض عشيقاته في إحدى مقاصير الأولنب، فاستهواها صوتها حتى فاتها الغرض وفرت العشيقات إلى مآويهن، فتملَّك نفسها الغضب على الصدى فسلبتها قوة الكلام إلا إعادة ما تسمع، فأصبحت من ذلك الحين آلهة حائرة تتلقف الأصوات لترجعها كأنَّات الألم. تلك كانت أسطورة اليونان عن الصدى. أما العرب فبالرغم عن أنهم يسمون الصدى: «ابنة الجبل» فإنهم لم يؤلفوا أسطورة عنها تتغنى بوحشتها وانفرادها بين الجبال وتترنم بخلجات قلبها بين الغيران والأدية.

وكذالك كانت أساطير الإسكانديناف،١ فبالرغم عن أنها جافية كالحة لا حَظَّ لها من رقة أساطير اليونان وخلابتها، فإنها تأخذ من الفلسفة والشعر بحظ وافر، فمن أساطيرهم: أنهم كانوا يرون الحياة شجرة قوية راسخة تضرب بعروقها في مملكة الموت وتنتشر بفروعها في آفاق السماء وعند أصلها في مملكة الموت يجلس الأمس واليوم والغد يروون جذورها من البئر المقدسة وهي دائمًا تورق ثم تزهر ثم تثمر ثم يجف ما عليها من ورق وزهر وثمر ليهوي إلى مملكة الموت حيث يجلس الأمس واليوم والغد. فهل رأيتم فيما نظم الشعراء وكتب الكاتبون أعمق خيالًا وأصدق تصويرًا للحياة من هاته الأسطورة؟ وهل رأيتم واحدة من أساطير العرب تدانيها سعة في الفكر وغزارة في الخيال؟

هوامش

(١) سكان جزيرة سيلاند الأقدمون.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤