ما ذكره سائر المؤرخين عن ترعة المحمودية

جاء في كتاب «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» للشيخ عبد الرحمن الجبرتي المتوفى نحو سنة ١٨٢٥م ما نصه:
واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الثلاثاء١ سنة ١٢٣٢ (١٨ أبريل سنة ١٨١٧م).
(وفي يوم الخميس حادي عشرينه)٢ رأى رأيه حضرة الباشا حفر بحر عميق يجري إلى بركة عميقة تحفر أيضًا بالإسكندرية تسير فيها السفن بالغلال وغيرها، ومبدؤها من مبدأ خليج الأشرفية عند الرحمانية، فطلب لذلك خمسين ألف فأس ومسحة يصنعها صناع الحديد، وأمر بجمع الرجال من القرى وهم مائة ألف فلاح توزع على القرى والبلدان للعمل والحفر بالأجرة، وبرزت الأوامر بذلك، فارتبك أمر الفلاحين ومشايخ البلاد؛ لأنَّ الأمر برز بحضور المشايخ وفلاحيهم فشرعوا في التشهيل وما يتزودون به في البرية ولا يدرون مدة الإقامة فمنهم من يقدرها بالسنة ومنهم بأقل أو أكثر.

واستهل شهر شعبان بيوم الاثنين سنة ١٢٣٢ (١٦ يونيو سنة ١٨١٧)، وفيه قوي اهتمام الباشا لحفر الترعة الموصلة إلى الإسكندرية كما تقدم، وأن يكون عرضها عشرة أقصاب، والعمق أربعة أقصاب بحسب علو الأراضي وانخفاضها، وتعينت كشاف الأقاليم لجمع الرجال وفرضوا أعدادهم بحسب كثرة أهل القرية وقلتها وعلى كل عشرة أشخاص شخص كبير، وجمعت الغلقان ولكل غلق فأس وثلاثة رجال لخدمته وأعطوا كل شخص خمسة عشر قرشًا ترحيلة، ولكل شخص ثلاثون نصفًا في أجرته كل يوم وقت العمل، وحصل الاهتمام لذلك في وقت اشتغال الفلاحين بالحصيدة والدراس وزراعة الذرة التي هي معظم قوتهم، وشرعوا في تشهيل احتياجاتهم وشراء القرب للماء فإن بتلك البرية لا يوجد الماء إلا ببعض الحفائر التي يحفرها طالب الماء، وقد تخرج مالحة؛ لأنها أراضٍ مسبخة، وتعين جماعة من مهندسخانة ونزلوا مع كبيرهم لمساحتها وقياسها فقاسوا من فم ترعة الأشرفية حيث الرحمانية إلى حد الحفر المراد بقرب عمود السواري الذي بالإسكندرية، فبلغ ذلك ستًّا وعشرين ألف قصبة، ثم قاسوا من أول الترعة القديمة المعروفة بالناصرية وابتداؤها من المكان المعروف بالعطف عند مدينة فوة فكان أقل من ذلك ينقص عنه خمسة آلاف قصبة وكسر، فوقع الاختيار على أن يكون مبدؤها هناك.

واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت٣ سنة ١٢٣٤ (٢٨ يناير سنة ١٨١٩). فيه حصل الاهتمام بحفر الترعة المعروفة بالأشرفية الموصلة إلى الإسكندرية وقد تقدم في العام الماضي بل والذي قبله اهتمام الباشا ونزل إليها المهندسون ووزنوا أرضها وقاسوا طولها وعرضها وعمقها المطلوب، ثم أهمل أمرها لقرب مجيء النيل وتركوا الشغل في مبدئها ولم يترك الشغل في منتهاها عند الإسكندرية بالقرب من عمود السواري، فحفروا هناك منبتها، وهي بركة متسعة وحوطوها بالبناء المحكم المتين وهي مرسى المراكب التي تعبر منها إلى الإسكندرية بدلًا من البوغاز وهي ملتقى البحرين وما يقع فيه من تلف المراكب فتكون هذه أسلم وأقرب وأقل كلفة إن صحت بل وأقرب مسافة، ونزل الأمر لكشاف الأقاليم بجمع الفلاحين والرجال على حساب مزارع الفدادين فيحصون رجال القرية المزارعين ويدفعون للشخص الواحد عشرة ريالات ويخصم له مثلها من المال، وإذا كان له شريك وأحب المقام لأجل الزرع الصيفي أعطاه حصته وزاده عليها حتى يرضي خاطره وزوده ما يحتاج إليه أيضًا وعند العمل يدفع لكل شخص قرش في كل يوم ويخرج أهل القرية أفواجًا ومعهم أنفار من مشايخ البلاد، ويجتمعون في المكان المأمورين باجتماعهم فيه، ثم يسيرون مع الكاشف الذي بالناحية ومعهم طبول وزمور وبيارق ونجارون وبناءون وحدادون، وفرضوا على البلاد التي فيها النخيل غلقانًا ومقاطف وعراجين وسلبًا وعلى البنادر فئوسًا ومساحي شيء كثير بالثمن وطلبوا أيضًا طائفة الغواصين؛ لأنهم كانوا إذا تسفلوا في قطع الأرض في بعض المواضع منها ينبع الماء قبل الوصول إلى الحد المطلوب.

واستهل شهر جمادى الأولى سنة ١٢٣٤ (٢٦ فبراير سنة ١٨١٩). (وفي سابعه يوم الخميس) قوي الاهتمام بأمر حفر الترعة المتقدم ذكرها، وسيقت الرجال والفلاحين من الأقاليم البحرية، وجدوا في العمل بعدما حددوا لكل أهل إقليم أقصابًا توزع على أهل كل بلد من ذلك الإقليم، فمن أتم عمله المحدود انتقل إلى مساعدة الآخرين وظهر في حفر بعض الأماكن منها صورة أماكن ومساكن وقيعان وحمام بعقوده وأحواضه ومغاطسه، ووجد ظروف بداخلها فلوس نحاس كفرية قديمة، وأخرى لم تفتح لا يعلم ما فيها رفعوها للباشا مع تلك.

واستهل شهر جمادى الثانية سنة ١٢٣٤ (٢٨ مارس سنة ١٨١٩). وفي أواخره (أواسط أبريل) رجع الكثير من فلاحي الأقاليم إلى بلادهم من الأشرفية وهم الذين أتموا ما لزمهم من العمل والحفر، ومات الكثير من الفلاحين من البرد ومقاساة التعب.

واستهل شهر شعبان سنة ١٢٣٤ (٢٦ مايو سنة ١٨١٩). وفيه صرفوا الفلاحين عن العمل في الترعة لأجل حصاد الزرع ووجهوا عليهم طلب المال.

واستهل شهر شوال بيوم الجمعة٤ سنة ١٢٣٤ (٢٤ يوليو سنة ١٨١٩). وفي رابع عشره (٦ أغسطس) الموافق لآخر يوم من شهر أبيب نودي بوفاء النيل، وكان الباشا سافر إلى جهة الإسكندرية بسبب ترعة الأشرفية، وأمر حكام الجهات بالأرياف بجمع الفلاحين للعمل، فأخذوا في جمعهم فكانوا يربطونهم قطارات بالحبال وينزلون بهم المراكب وتعطلوا عن زرع الدراوي الذي هو قوتهم، وقاسوا شدة بعد رجوعهم من المرة الأولى بعد ما قاسوا ما قاسوه ومات الكثير منهم من البرد والتعب، وكل من سقط أهالوا عليه من تراب الحفر ولو فيه الروح، ولما رجعوا إلى بلادهم للحصيدة طولبوا بالمال وزيد عليهم عن كل فدان حمل بعير من التبن وكيلة قمح وكيلة فول، وأخذ ما يبيعونه من الغلة بالثمن الدون والكيل الوافر، فما هم إلا والطلب للعود إلى الشغل في الترعة ونزح المياه التي لا ينقطع نبعها من الأرض وهي في غاية الملوحة، والمرة الأولى كانت في شدة البرد، وهذه المرة في شدة الحر، وقلة المياه العذبة، فينقلونها بالروايا على الجمال مع بعد المسافة وتأخر ري الإسكندرية.

واستهل شهر ذي القعدة سنة ١٢٣٤ (٢٢ أغسطس سنة ١٨١٩).

والعمل في الترعة مستمر.

واستهل شهر ربيع الأول بيوم الأحد٥ سنة ١٢٣٥ (١٨ ديسمبر سنة ١٨١٩). وفي أواخره (أوائل يناير سنة ١٨٢٠) انقضى أمر الحفر بترعة الإسكندرية، ولم يبق من الشغل إلا القليل، ثم فتحوا لها شرمًا خلاف فمها المعمول خوفًا من غلبة البحر، فجرى بها الماء واختلط بالمياه المالحة التي نبعت من أرضها وعلا الماء منها على بعض المواطن المسبخة وبها روبة عظيمة، وساح على الأرض وليس هناك جسور تمنع، وصادف أيضًا وقوع نوة وأهوية علا فيها البحر المالح على الجسر الكبير، ووصل إلى الترعة، فأشيع في الناس أن الترعة فسد أمرها، ولم تصح وأن المياه المالحة التي منها ومن البحر غرقت الإسكندرية، وخرج أهلها منها إلى أن تحقق الخبر بالواقع، وهو دون ذلك ورجع المهندسون والفلاحون إلى بلادهم بعد ما هلك معظمهم.

واستهل شهر ربيع الثاني سنة ١٢٣٥ (١٧ يناير سنة ١٨٢٠). وفي سابعه (٢٣ يناير) سافر الباشا إلى الإسكندرية للكشف على الترعة، وسافر صحبته ابنه إبراهيم باشا ومحمد بيك الدفتردار والكتخدا القديم ودبوس أوغلى (وفي ثالث عشره) حضر الباشا ومن معه من غيبتهم وقد انشرح خاطره لتمام الترعة وسلوك المراكب وسفرها فيها، وكذلك سافرت فيها مراكب رشيد والنقاير بالبضائع، واستراحوا من وعر البوغاز والسفر في المالح إلى الإسكندرية والنقل والتجريم وانتظار الريح المناسب لاقتحام البوغاز والبحر الكبير، ولم يبق في شغل الترعة إلا الأمر اليسير وإصلاح بعض جسورها.

واستهل شهر ذي الحجة سنة ١٢٣٥ (٩ سبتمبر سنة ١٨٢٠) ومنها (أي من حوادثها) أن ترعة الإسكندرية المحدثة لما تم حفرها وسموها بالمحمودية على اسم السلطان محمود، فتحوا لها شرمًا دون فمها المعد لذلك، وامتلأت بالماء فلما بدأت الزيادة فزادت وطف الماء في المواضع الواطية، وغرقت الأراضي؛ فسدوا ذلك الشرم، وأبقوا من داخله فيها عدة مراكب للمسافرين، فكانوا ينقلون منها إلى مراكب البحر، ومن البحر إلى مراكبها، وبقي ماؤها مالحًا متغيرًا، واستمر أهل الثغر في جهد من قلة الماء العذب، وبلغ ثمن الراوية قرشين. أ.هـ.

وجاء في كتاب «لمحة عامة إلى مصر» لكلوت بك، تعريب محمود مسعود بك ج١ من ص٤١٣ إلى ص٤١٥ ما نصه:

ومرفآ الإسكندرية هما الوحيدان اللذان على السواحل المصرية، وإذا كانت الأساطيل ضرورية لصيانة استقلال القطر المصري الذي لا تستطيع الدول الأوربية تهديده إلا من طريق البحر فالإسكندرية المرفأ الوحيد الذي تستطيع هذه الأساطيل اتخاذه مكمنًا يتعذر الهجوم عليها فيه، فقد كان من الواجب اغتنام هذه المزية الطبيعية، وهو ما لم يغفل عنه محمد علي؛ لأنه جعل الإسكندرية ثغرًا حربيًّا، وأنشأ بها دارًا للصناعة (ترسانة) فارتفع لها شأن بين مرافئ البحر الأبيض المتوسط.

أما الأهمية التجارية لكل نقطة من نقط سواحل مصر على البحر الأبيض المتوسط فتابعة لسهولة المواصلات بينها وبين القاهرة التي هي المركز التجاري والصناعي والسياسي لذلك القطر، وكانت الإسكندرية قديمًا تتصل بالجهات الداخلية من القطر بفرع النيل الذي كان واصلًا إليها، فلما انسدت هذه الترعة بانهيار الأتربة فيها كان أول ما عني الفاتحون العرب به إيصالهم إياها بالقاهرة بترعة أجاد المؤرخون الشرقيون وصفها، ولكن هذه الترعة لم تلبث في أيام أن اندثرت كسابقتها وأصبحت لا فرق بينها وبين الخندق البسيط يجف الماء منها أثناء الشطر الأكبر من السنة، فنشأ عن ذلك أن فقدت الإسكندرية مكانتها التجارية التي آلت من بعدها إلى ثغر رشيد.

غير أن محمدًا عليًّا أبى أن يستمر هذا الغبن فأعاد إلى الإسكندرية أهميتها الأولى بإنشائه ترعة تسير فيها السفن أسماها بالمحمودية نسبة إلى السلطان محمود؛ إجلالًا له وتخليدًا لاسمه، ومنذ هذا الحين انحصرت دائرة التجارة في الإسكندرية وجعل ناظر التجارة المصرية مقره فيها لهذا السبب ولكي يباشر أيضًا مبيع الحاصلات الخاصة بالتصدير إلى التجار الأوربيين. أ.هـ.

وجاء عنها أيضًا في هذا الكتاب ج٢ من ص٧٠٢ إلى ص٧٠٣:

كانت أهمية المواصلات بين الإسكندرية والقاهرة وصعوبة الملاحة في فرعي النيل لصعوبة اجتياز بوغازيهما مما حمل محمدًا عليًّا على حفر ترعة المحمودية.

وكان العرب قد فتحوا إثر فتحهم لمصر ترعة شبيهة بترعة المحمودية ولكنها كانت أقل أهمية منها فأهمل المماليك أمرها بسوء إدارتهم حتى طمستها الرمال والأتربة فأصبحت أثرًا بعد عين.

وطول ترعة المحمودية خمسة وعشرون فرسخًا (١٠٠ كيلومتر) ومأخذها من فرع رشيد على مسافة ربع فرسخ (١ كيلومتر) من فوة وهي صالحة للملاحة، وقد تم حفرها في عشرة أشهر وقام بالعمل فيها ثلاثمائة ألف وثلاثة عشر ألفًا من العمال، وترعة المحمودية جديرة بأن تُعدَّ من الأعمال الخطيرة والآثار الجليلة التي كان قدماء المصريين يقومون بمثلها في غابر الأزمان. أ.هـ.

وجاء في كتاب «نخبة الفكر في تدبير نيل مصر» لعلي باشا مبارك المتوفى سنة ١٨٩٣م من ص٨٤ إلى ص٨٧ المطبوع سنة ١٢٩٧هـ (١٨٨٠م) تحت عنوان «ترعة المحمودية» ما نصه:

هذه الترعة خارجة من النيل نفسه فمها في الشط الغربي قبلي ناحية العطف، وتصب في البحر الأبيض عند الإسكندرية، وطولها ثمانية وسبعون ألف متر، ومتوسط عرضها خمسة وعشرون مترًا، وهي نيلية لا يدخلها الماء في أيام التحريق إلا بواسطة الوابورات، فتنقل إليها في اليوم والليلة ثمانمائة ألف متر مكعب، وبها ثلاث قناطر؛ قنطرة الفم بهويس، وقرب المالح قنطرتان بهويسين، وعليها ثمانية وعشرون وابورًا في قوة خمسمائة وخمسة وأربعين حصانًا، ويتفرع منها نحو اثنين وعشرين ترعة وهي:

ترعة العطف فمها بلصق مساكن المحمودية وتصب في بحيرة إدكو وطولها خمسة آلاف متر وعرضها متران.

وترعة منشأة أرمون فمها بجوار العزبة وتصب في بحيرة إدكو بعد مسافة أربعة آلاف متر في عرض متر ونصف.

وترعة قابيل فمها في مجرى مصب ترعة الخطاطبة وتصب في المحمودية قبلي عزبة عيد حبيب وطولها سبعة آلاف متر وعرضها متران وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين وقنطرة قبلي منشأة دمسينة بعينين ويخرج منها فرع بسنته يصب في بحيرة إدكو.

ومن فروع المحمودية ترعة الناصري فمها قبلي بركة غطاس وتعود إلى المحمودية شرقي الكريون وطولها ستة آلاف متر ومتوسط عرضها أربعة أمتار وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين وقنطرة بالانتهاء كذلك.

وترعة الكريون فمها قرب الكريون وتصب في بحيرة إدكو بعد امتدادها سبعة آلاف متر في عرض مترين وبفمها قنطرة بعين واحدة.

ومصرف كفر عزاز فمه بالمحمودية أمام أبي حمص ويصب في بحيرة إدكو أيضًا بعد سيره ثمانية آلاف متر في عرض متر ونصف وبفمه قنطرة بعين واحدة.

وترعة كفر سليم فمها أمام عزبة كنج عثمان وتصب في بحيرة أبي قير وطولها خمسة آلاف متر وعرضها متر ونصف وبفمها قنطرة بعين واحدة.

وترعة زرقون فمها غربي قصر محمد بيك الترجمان تلتقي مع ترعة الخزان وتصب في فرع الأشرفية القديم غربي ضريح الشيخ حسن النوام وطولها ثمانية آلاف متر وعرضها متران وبها قنطرتان الأولى قنطرة الفم بعين واحدة والثانية تحت السكة الحديد.

وترعة آبار يوسف فمها بجواز عزبة بسطره وتصب في مصرف أبعدية دمنهور بعد امتدادها سبعة آلاف متر في عرض متر ونصف وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة سحالي فمها شرقي عزبة سحالي تصب في مصرف أبعدية دمنهور بعد طول سبعة آلاف متر في عرض متر ونصف وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة زاوية نعيم فمها غربي عزبة سحالي وتصب في مصرف العموم بعد طول ثمانية آلاف متر في عرض متر ونصف وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة القروي فمها في شرقي كوم القروي وتصب في مصرف العموم وطولها عشرة آلاف متر وعرضها متران وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة الزرقا فمها في غربي عزبة زكي أفندي وتصب في مصرف العموم وطولها ثمانية آلاف متر وعرضها متر ونصف وبها ثلاثة قناطر قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد وقنطرة عزبة تومة.

وترعة محلة كيل فمها في غربي أرتين بيك وتصب في ترعة الشرشرة وطولها ألفا متر ومتوسط عرضها خمسة أمتار وبها خمس قناطر: قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد وقنطرة بجوار عزبة قناوي وقنطرة أبي طاحون والخامسة قنطرة الزيني.

وترعة قفلة فمها في غربي فم ترعة محلة كيل وتصب في بركة الغراقة وطولها عشرة آلاف متر وعرضها متران وبها قنطرتان قنطرة الفم وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة بلقطر فمها غربي فم ترعة قفلة وتصب في بركة الغراقة وطولها وعرضها كما قبلها وبفمها قنطرة واحدة بعين واحدة.

ومثلهما ترعة دسونس الحلفاية وفمها أمام بركة غطاس وتصب في مصرف العموم وبها قنطرتان قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة معمل الزجاج فمها بجوار المعمل وتصب في مصرف العموم وطولها ثمانية آلاف متر ومتوسط عرضها متران، وبها قنطرتان: قنطرة بالفم وقنطرة تحت السكة الحديد، وفي نهايتها مصرف يصب في بركة غراقة طوله سبعة آلاف متر وعرضه متر ونصف.

وترعة أبعدية لوقين فمها غربي عزبة رسكوفتش النمساوي وتصب في مصرف ترعة معمل الزجاج وطولها اثنا عشر ألف متر ومتوسط عرضها متران، وبها ثلاث قناطر: قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد والثالثة عند عزبة أحمد بيك راغب.

وترعة البسلقون فمها في غربي ترعة بردله وتصب في بحيرة مريوط وطولها اثنا عشر ألف متر وعرضها متران، وبها ثلاث قناطر: قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد والثالثة تجاه كفر الشيخ حسن.

وترعة بردله وتعرف بالسعرانية فمها بالمحمودية شرقي عزبة السعرانية وتلتقي مع ترعة البسلقون وطولها ستة آلاف متر وعرضها متران وبها قنطرتان: قنطرة الفم بعين واحدة وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة يبيس (أبيس) فمها في شرقي عزبة كنج عثمان وتصب في برية البسلقون، وطولها خمسة آلاف متر وعرضها متر ونصف وبها قنطرتان: قنطرة الفم وقنطرة تحت السكة الحديد.

وترعة كنج عثمان فمها بجوار العزبة وتصب في بحيرة مريوط وطولها خمسة آلاف متر ومتوسط عرضها متر ونصف، وبها قنطرتان: قنطرة الفم وقنطرة تحت السكة الحديد، ومن عزبة كنج عثمان إلى إسكندرية يخرج من المحمودية برابخ كثيرة من الجانبين لسقي المزارع والبساتين.

ولهذه المديرية على فرع رشيد نفسه ثمانية وعشرون وابورًا بقوة أربعمائة وأربعة وأربعين حصانًا إيرادها في اليوم والليلة أربع مئة ألف متر مكعب من الماء وإيرادها من السواقي نحو ثلثمائة ألف متر ومن الرياح ثمانمائة ألف متر ومن المحمودية من مياه وابورات العطف نحو أربعمائة ألف فمجموع مياه المديرية نحو مليون وتسعمائة ألف متر. أ.هـ.

وجاء أيضًا في كتاب «الخطط التوفيقية» لعلي باشا مبارك ج٧ ص٥٠ و٥١ المطبوع سنة ١٣٠٥هـ (١٨٨٨م) ما نصه:
ولما كان المقصود من تمدين تلك المدينة (أي الإسكندرية) وتكثير خيراتها لا يتم إلا بكثرة المياه العذبة فيها وسهولة وصول أهل القطر إليها بمتاجرهم، وكان خليجها القديم بسبب إهماله وعدم الاعتناء بشأنه قد ردم وارتفع قاعه على ضعف عمقه الأصلي حتى كان في كثير من السنين لا يدخله الماء إلا في وقت انتهاء زيادة النيل ثم يجف في باقي السنة، وذلك سبب في حصول مشقات زائدة لأهل المدينة والطارئين عليها من أهل القطر والأغراب سيما ومجاورته للبحائر التي تكتنفه من الجانبين مثل بحيرة أبي قير وبحيرة المعدية وبحيرة مريوط، كانت تستوجب سرعة ملوحة مائه وتعطيل منفعته، وربما لا تكفي الصهاريج بقية السنة خصوصًا مع كثرة الناس فيها جدًّا كما علمت صدرت أوامره٦ السنية سنة ١٢٣٣هـ الموافقة سنة ١٨١٩ ميلادية بحفر ترعة المحمودية، وأن تعمق حتى تجري صيفًا وشتاءً وتوسع بحيث يسهل لجميع مراكب النيل الوصول منها إلى المدينة بأنواع المحصولات في زمن قريب بلا كبير مصرف ولا مشقة مع حصول تمام النفع للآدميين وسائر الحيوانات والمزروعات، وكانت قبل ذلك تجارات القطر لا تصل إلى تلك المدينة إلا من ثغر رشيد أو دمياط، وذلك مستوجب لكثرة المصرف وزيادة المشقة جدًّا فإن سفر البحر الملح لا يخلو عن الخطر فكانت لا تخلو سنة عن حصول غرق لبعض المراكب والبضائع والآدميين ولأهميتها جمع لها عددًا كثيرًا من الأهالي من جميع مديريات القطر حتى تمت في أقرب وقت من الأبنية اللازمة لها، وقد بلغ ما صرف عليها إلى أن تمت ثلثمائة ألف جنيه على ما نقله قولوط بيك، وهذا بالنسبة لما ترتب عليها من المنافع شيء يسير كما هو مشاهد، ولم يجعل فمها في مكان فم الخليج القديم عند ناحية الرحمانية بسبب ما حدث أمامه من الارتدام والرمال فنقل بالقرب منه فارتدم أيضًا وفعل ذلك مرارًا فلم ينفع، فجعل عند ناحية العطف فصلح وأنتج المطلوب فاستمر على ما هو عليه الآن، وكان ذلك سببًا في عمارة ناحية العطف واتساعها وكثرة خيراتها حتى ألحقت بالبنادر حيث كانت مرسى للسفن التجارية الداخلية والخارجية وجعل انتهاؤها البحر الأبيض بحيث تصب قريبًا من مصب الخليج القديم الذي كان في زمن البطالسة، وبتمامها على هذا الوجه حصل منها المقصود من المنافع العميمة والفوائد الجسيمة مما ذكرنا وخلافه كإحياء غالب الأراضي التي بجوانبها من ناحية العطف إلى الثغر بعد أن كانت ميتة غير صالحة للزراعة بسبب هجرها من قلة وصول الماء إليها مع أنَّها كانت في قديم الزمان معمورة بالناس وأصناف المزروعات بل حصل بحفرها إحياء كثير من الأراضي البعيدة عن شواطئها بواسطة المساقي والترع التي تفرعت عنها من الجانبين على توالي الأزمان حتى بلغ ما أحيي بها ١١٥٤٥ فدانًا.

وكان الصالح قبل ذلك لا يزيد على ٤٠٠٠ فدان، وهكذا لم تزل المزارع والأحياء تتزايد بسبب تلك الترعة إلى وقتنا هذا فقد بلغ الصالح للزراعة زيادة عن مئة ألف فدان حتى استوجب عدم كفاية ماء المحمودية بجميعه واحتيج إلى تركيب وابورات العطف، ثم إنه عند تمام حفرها جعل في فمها وفي مصبها قناطر فكانت مانعة لمراكب النيل من الدخول فيها وكانت التجارات الآتية من القطر إلى إسكندرية تنقل عند فمها إلى مراكب أخر من مراكب المحمودية، وعند وصولها إلى الثغر ينقل ما كان منها على ذمة الأجنبيين إلى مراكب البحر الملح وما كان على ذمة الأهالي يخرج إلى البر، وكذلك التجارات الآتية من الأقطار الأجنبية فكانت تنقل مرتين ولا يخفى ما في ذلك من الضرر والخطر فصدرت أوامره السنية بإزالة تلك القناطر وعمل هويسات في فمها وفي مصبها وذلك سنة ١٨٤٢ ميلادية موافقة ١٢٥٨ هجرية، فعملت على هذا الوجه الذي هي عليه الآن بأن جعل في فمها هويسان: أحدهما صغير عرضه أربعة أمتار للمراكب الصغيرة والآخر كبير سعته ثمانية أمتار للمراكب الكبيرة، وفي مصبها كذلك فارتفعت بذلك الصعوبات وخفت المصاريف.

وقد ألحق بذلك أبنية عديدة منها أنه بنى جامعين أحدهما عند فمها والآخر عند مصبها قرب الميناء، وجعل محراب كل واحد منهما قطعة واحدة من الرخام الأبيض، وكتب عليه تاريخ البناء ورقم عليه اسم السلطان محمود، والجامع الذي عند مصبها يعرف الآن بجامع التاريخ، وكذلك الشارع الذي عنده يسمى بشارع التاريخ. ومنها أنه جدد عدة أشوان لخزن الغلال الميرية، ومنها حفر مجرى تحت الأرض لتوصيل الماء الحلو إلى جهة الترسانة، والجمرك قد فتح في مواضع منه موارد لأخذ السقائين والأهالي في أي وقت شاءوا.

ولحرصه على دوام نفع تلك الترعة جعل لها ما تتغذى منه عند الحاجة فجعل ملقة ديسة (دسيا) مخزنًا للماء يملأ وقت فيضان النيل ويبقى مملوءًا حتى يصرف فيها على حسب الحاجة، وجعل فيه قناطر للصرف والمخزن المذكور هو ما يعرف الآن بخزائن الزرقون وكان قريبًا من عشرين ألف فدان. ولما استغنى عنه بوابورات العطف جعله المرحوم سعيد باشا جفلكا وهو الآن في ملك نجله المرحوم طوسون باشا، وقد حدث على جوانب تلك الترعة وبعيدًا عنها في ضواحي المدينة عدة بلدان عامرة وقصور مشيدة وبساتين مملوءة بأشجار الفواكه والرياحين وغير ذلك من المحاسن المشاهدة هناك.

ثم إنَّ من أسباب جعل قاع الخليج القديم مرتفعًا حتى كان لا يجري فيه النيل إلا وقت الفيضان مجاورته للبحائر المالحة كما علمت، فلذا لما عمل العزيز ترعة المحمودية أمر بسد أفواه تلك البحيرات من جهة البحر المالح فصارت المحمودية آمنة مما يغيرها ويعطل منافعها. فهذه الأعمال الجليلة من أعظم أسباب العمارة بتلك المدينة وكثرة الأهالي والأغراب فيها.

وبسط الكلام على الخليج القديم وترعة المحمودية مذكور في تاريخنا٧ لمصر فليرجع إليه من أراد الوقوف عليه. أ.هـ.
figure
figure
figure
figure
figure

هوامش

(١) في كتاب: «التوفيقات الإلهامية» للواء محمد مختار باشا أن أول جمادى الثانية من هذه السنة يوافق يوم الجمعة.
(٢) أي في اليوم الحادي والعشرين من شهر جمادى الثانية.
(٣) في كتاب «التوفيقات الإلهامية» الآنف الذكر أنه يوافق يوم الخميس.
(٤) في كتاب «التوفيقات الإلهامية» أنه يوافق يوم السبت.
(٥) في كتاب «التوفيقات الإلهامية» أنه يوافق يوم السبت.
(٦) أي محمد علي باشا.
(٧) هذا الكتاب كثيرًا ما أحال عليه في خططه ولكننا لم نعثر عليه لا مخطوطًا ولا مطبوعًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤