جبهة مصر

دعوة للشعب المصري الكريم إلى الاتحاد

لحضرة صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا، يوم ١٠ نوفمبر سنة ١٩٤٥

سادتي:

أرحب بكم كل الترحيب، وأشكركم على تفضلكم بتشريفنا في هذه الساحة المحايدة التي نفتتحها اليوم.

سادتي:

إن «جبهة مصر» ليست حزبًا، إنما هي جبهة للمصريين جميعًا، أمنيتها أن تجمع القوى الحية في البلاد أفرادًا وجماعات حول مبادئ رئيسية، للسياسة الخارجية والداخلية، والسياسة الاجتماعية والاقتصادية.

فهي لا ترمي إلى جمع الناس حول أفراد لذاتهم، إنما تجمع المواطنين حول برامج لما تقرره من مبادئ وخطط، وتدعو المواطنين إلى التعاون القومي التام في كل وقت وفي كل حين: التعاون في الأعمال اليومية العادية، والتعاون في الأحوال الخطيرة الاستثنائية، وتدعو إلى الاتحاد والالتفاف حول العرش.

الجبهة ما أنشئت إلا لمصر، لخدمة مصر، وللتفاني في إسعادها ورفع سمعتها عالية بين العالمين.

وهذه دعوتي للشعب المصري الكريم … إلى الاتحاد.

بني وطني:

في هذه الساعة الحاسمة التي تتقرر فيها مصائر الشعوب، يتجه كل منا بقلبه وشعوره نحو مصر الخالدة، وهو أرسخ ما يكون إيمانًا بربه وأمته، وأعمق ثقة بإخوانه ومواطنيه، وأقوى إحساسًا بمسئوليته الذاتية أمام الله والوطن.

ونحن إذ نستشعر جميعًا جسامة ما تلقيه الأحداث العالمية علينا من تبعات، ندرك تمام الإدراك ما يقتضيه الواجب الوطني، وينادي به الضمير الإنساني في أعماق نفوسنا، من ضرورة مواجهة الموقف في حاضره ومستقبله رجالًا كرامًا تجمعنا وحدة الشعور بالواجب وبالشرف؛ شرف أنفسنا، وشرف بلادنا.

فإلى إخواني المواطنين من الساسة، ورجال الفكر، وأصحاب الرأي، وحملة القلم، ومن الشباب المثقف المتوثب للعمل، ومن ذوي السواعد القوية في المزارع والمصانع، إلى إخواني المصريين جميعًا، أتوجه بالقول في ساعة تفرض شدتها على كل مؤمن لحق بلاده أن يجهر بالرأي خالصًا لوجه الله والوطن.

لقد تفرقت في مصر الكلمة منذ الثورة، وانقسمنا شيعًا وأحزابًا، وعم الاضطراب كل شيء، وأصبحت مصر في قلق لا تنعم باستقرار، وتاريخها الحديث تسطره سلسلة من الأحداث المفاجئة.

إن شيئًا واحدًا يدني للأمة أهدافها، ويحقق غاياتها، ويجعل الفوز حليفها، ذلك هو اتحاد أبنائها، وتضامن هيئاتها، وتعاون قادتها في العمل لتحقيق مشيئتها.

إن مصر وقد نهضت نهضتها الكبرى عقب الحرب العظمى الماضية للمطالبة بحريتها، تريد اليوم أن تثبَ وثبتها الثانية والأخيرة لرفع كل قيد عن استقلالها، وطلب الجلاء، وتحقيق مشيئة أهل وادي النيل في وحدة مصر والسودان، باعتبار هذا الوادي وطنًا مشتركًا خيره لأهله جميعًا، ومستقبله أمانة في عنقهم جميعًا.

مصر التي كانت مهد حضارتين، وكانت مركز العالم المتمدن عدة قرون تريد أن تسترد مكانتها الدولية، وأن توثق روابط الأخوة بالدول العربية، وأن توطد التعاون معها بخطط عملية واسعة، وتريد أن تُنمي العلاقات الودية ووسائل التعاون الحر مع بريطانيا حليفتها، ومع الأمم المتحدة الصديقة، وفقًا للتطورات العالمية الجديدة.

نريد الصداقة البريطانية صداقة حرة تكفل حقوق الجانبين ومصالحهما المتبادلة، ونحن كمواطنين مصريين نضع بحق مستقبل مصر وسعادتها فوق كل اعتبار. إننا نريد الجلاء لأننا نريد الحرية، ونريد ألا يشطر وادي النيل؛ لأننا نرى الحياة في وحدته. إن الشعب البريطاني قد بذل من التضحيات في هذه الحرب ما يجعله خير من يُقدِّر تضحياتنا.

وما من شك في أن إجابة المطالب المصرية مما يرفع سمعة بريطانيا العظمى في الشرق الأوسط، ومما يضمن لها معاونة الكتلة العربية وصداقتها في كل حين. والصداقة الصحيحة هي التي تُبنى على الحرية والعرفان.

بذلك يتسنى لمصر النهوض بتبعاتها الدولية في عزة وكرامة، وتستطيع أن تقوم بإصلاحاتها الكبرى، اجتماعية كانت أو سياسية أم اقتصادية.

بني وطني:

إن السياسة الماضية لا تصلح أساسًا للبناء في عالم كل ما فيه جديد، والحياة ابتكار وتجديد، والوطن يريدنا أن نفكر، وأن يكون تفكيرنا عميقًا وهادئًا لنُحسن الحكم على الأشياء، لا نفكر في اليوم فحسب، بل في الغد قبل اليوم، لا نفكر في أشخاصنا، بل في وطننا ومواطنينا. نريد أن نُغير ما بنفوسنا، وأن تتطور في الحياة آراؤنا حتى تتوجه ثورتنا الفكرية إلى الخير العام.

إن حضارة الشعوب أصبحت تُقاس بما تبذل من جهود لرفع مستوى الطبقات العاملة وتحسين معيشتها، والعامل جدير بكل عناية وتشجيع ما دام يؤدي واجبه لبلاده كمواطن صالح، فيعمل لوفرة الإنتاج وزيادة الإتقان، ويحيا في أسرته. ولقد تطورت في عصر العدالة الاجتماعية الحديث معاني البر والإحسان، منذ أن تقررت على المجتمع حقوق هذه الطبقات.

إن شرف البلاد يستند قبل كل شيء إلى حماية الفقراء، ودفع الكروب عن بيوت الضعفاء.

ونحن في عصر بعث اجتماعي وتجديد سياسي، ولا نهوض لشعب إلا بنهوض طبقاته العامة، فالنهضة الصحيحة هي النهضة الشعبية التي تتآزر فيها جهود الأهلين جميعًا؛ فإن في الشعب ذكاء، وفي الشعب فضائل، وللكرامة الإنسانية حقوق معروفة في تقاليدنا الموروثة.

إن أمامنا شوطًا بعيدًا لنحقق للسواد الأعظم منا معيشة كريمة، ولا بد من زيادة موارد الثروة العامة، ولا بد أيضًا من التضحية، والتضحية هي التي ترفع قيمة العمل، وتسبغ عليه روعة وجلالًا.

بني وطني:

إن التطور السياسي والاجتماعي ليشعرنا جميعًا بما تحتاج إليه البلاد من إصلاح أداة الحكم، وجعلها مصرية للمصريين جميعًا، وتحقيق ذلك منوط بالقضاء على المركزية في غير ما هو ضروري لصون كيان الدولة، فنعترف للقرى والأقاليم بشخصيتها المعنوية وحقها في الحكم الذاتي، فتقوم هيئاتها أهلية شئونها جميعًا، وتتعاون في تنسيق أعمالها، ويساهم إذن كل مواطن في قريته كبيرًا كان أو صغيرًا، غنيًّا أو فقيرًا، بنصيبه في شئونها العامة.

والقضاء على المركزية كذلك يكفل للموظفين المختصين حرية التصرف فيما هو موكول إليهم من الأعمال، ويُلقى عليهم تبعاتها فيستردون كرامتهم، وتنمو فيهم روح الابتكار، بعد تحصينهم بالضمانات التي تكفل حقوقهم، ويكون للوزراء التوجيه والرقابة، ورسم الاتجاهات والخطط الجديدة.

والقضاء على المركزية كذلك فيه استقرار للحكم، واستقرار الحكم يكون كذلك بإصلاح النظام الحزبي حتى يكفل للأعضاء جميعًا حرية واشتراكًا فعليًّا في الرأي، وبإصلاح طرائق الانتخاب حتى تكون شعبية حقًّا، وبإقرار نظام التعاون الوثيق بين الأحزاب حتى توجد في البلاد سياسة موحدة معتدلة، صريحة ثابتة.

واستقرار الحكم يكون فوق كل شيء بشيوع روح الشورى في البلاد، ونشر الحقائق على الشعب كلما سمحت المصلحة العامة، حتى يوجد الرأي العام المستنير، ولا تُؤذى الكرامة القومية.

وعلى الصحافة الوطنية تبعات جسيمة، فواجبها الأول أن تتيح الفرصة للأمة للوقوف على كافة الحقائق والسياسات والأعمال، حتى تستطيع الأمة الحكم عليها بما تراه من تأييد أو انتقاد.

نريد حكمًا ديمقراطيًّا حرًّا تُحترم فيه كرامة الفرد، ويعيش في ظله الرأي الحر. إن الديمقراطية تعاون حر بين السلطات جميعًا، تعاون حر بين أحزاب حرة، تعاون حر بين الشعب والصحافة والبرلمان والوزارة والعرش لإسعاد البلاد، والعالم لا يسعد إذا ضعف الإيمان أو تزعزعت الوطنية. وعلى الوطنية الرشيدة تُبنى الديمقراطيات العظيمة، فالوطنية أقوى البواعث التي عرفت من فجر التاريخ في دفع الناس إلى العمل النبيل، وقوتها الروحية مبعث الابتكار والنهوض للبشرية، وأساس طبيعي صالح للتفاهم الدولي والتعاون العالمي.

الوطنية الخالصة لا تطلب شيئًا، ولا تسعى وراء شيء، تعمل وتنتج لأنها لا تستطيع إلا أن تعمل وإلا أن تنتج. هذه الوطنية هي التي تُوحي بالدعوة إلى جبهة وطنية مصرية في ساحة محايدة قومية، تعمل في إيمان ونزاهة لتعبئة عامة، وتعاون تام بين المفكرين من صفوة الأمة وغيرهم من المواطنين الصالحين رجالًا ونساءً، شيوخًا وشبانًا، أفرادًا وجماعات؛ لنُقصيَ ما في مجتمعنا من عيوب، وما في نظمنا من نقص، مستعينين بكل ذي خبرة وتجربة وعلم.

وفي الشئون العامة أهداف ووسائل، وموارد وخطط، وتقديم وتأخير، وبطء وسرعة، ومشكلات وحلول، منها مسائل كبرى قد يكون أثرها عظيمًا في حياة الأجيال المقبلة، هي مسائل ينبغي أن تجتمع عليها كلمتنا، فإذا انعقد الرأي في جو من التفاهم أصبح برنامجًا قوميًّا شاملًا لشئوننا الخارجية والداخلية، ودستورًا للإصلاح يكفل اطراده ولو تتابعت الحكومات.

دعوة إلى الإصلاح تنفذ إلى صميم الحياة المصرية، وتغشى جميع البيئات، توصل إليها حقوقها وتطلب معونتها، حتى يدرك الشعب كله معنى الحياة الجديدة ويحس أثرها، فيقوم بنصيبه في كفالتها ودعمها، ويؤدي واجبه في استقرارها وتقدمها، دعوة تعبد طريق العمل لشبابنا، وتعده للبناء والإنشاء والتجديد، دعوة إلى الأمة للاتحاد حول راية الوطن، والالتفاف حول العرش. وعرش مصر مكين عزيز في قلوب المصريين جميعًا، يجد في الشعب سناده كما يجد الشعب فيه عماده.

ففي القرن الماضي أسس محمد علي الكبير مصر الحديثة، وقرر مصيرها، وحقق استقلالها، ثم بدأ الملك المصلح فؤاد الأول عهدًا جديدًا، ونهضة شاملة مستنيرة، وفي عصر فاروق العظيم تستكمل مصر بعون الله أسباب عزتها، وتأخذ بين العالمين مكانها.

إن الأمور ليست هينة ولا ميسرة، وأمامنا عمل شاق يتطلب جهادًا متواصلًا واستقرارًا سياسيًّا مكينًا، لا يقوم إلا على تعاون وثيق، واتحاد دائم، يبذل في تحقيقه المواطن الصالح جهوده. ومن أول واجبات كل حكومة أن تبعث روح الثقة والتفاهم العام، وأن توطد دعائم الاتحاد القومي، فبغيره لا تتحقق الأهداف العظمى، ولا يتم النهوض بالإصلاحات الكبرى، التي تحصل الاستقلال، وتصون الحريات، وتكفل الرخاء. وإن المصلحة العليا للبلاد لتقتضيها اتخاذ تدابير حازمة للقضاء على المواطن التي تنبت فيها روح التنافر والشقاق.

إن السياسة الوطنية لا تقوم إلا على التعاون والتعاطف، والسياسة الوطنية ترتبط بمصالح الوطن العليا، فمن يخدم وظنه فهو صديق الوطن وصديق المواطنين جميعًا، ومن يسيء إلى بلاده فهو عدو الوطن والمواطنين جميعًا. وأصدقاء مصر سواء في شرف خدمتها، يتعاونون في وفاق ونزاهة، لا يحدوهم إلا إيمان صادق بالعدل والحق، والحق وحده هو الكفيل بإرضاء الناس جميعًا، وهو الأساس الصحيح لكل اتفاق دائم بين البشر، وكل سلام وطمأنينة بين الشعوب. والحق هو الشيء الخالد الذي بنى عليه أجدادنا مجدهم، وكسبت به أمتنا سمعة عالية، وشهرة عتيدة.

إن الخلاف في الرأي ليس عملًا عدائيًّا، فقد لا يختلف في الرأي إلا الأصدقاء الأمناء، وقد يكون أحسن الأصدقاء في أشجع الأعداء، وإن أكبر الساسة قلبًا، وأبعدهم نظرًا، هو الذي يجعل من العدو الشجاع صديقًا وفيًّا، ووليًّا حميمًا.

بني وطني:

إن الفترة التي تمر بنا هي أعظم فترات التحفز، والعمل والأمل، وكما ننظر إلى ماضينا بفخار وإباء، ينبغي أن نتطلع إلى مستقبلنا بأمل وعزم ومضاء، فلنعاهد أنفسنا على أن نقطع هذا الشوط معًا، شعارنا الاتحاد والحرية في ظلال القانون والنظام.

وإذا كانت البلاد أجمعت على الدعوة إلى الاتحاد، فإن واجب القادة والسياسيين أن يحولوا هذه الدعوة القوية إلى برامج واقعية، فلسنا نعيش في عصر التصريحات النظرية، إنما نعيش في عصر الخطط العملية الحاسمة، تُبنى عليها السياسة الثابتة للبلاد.

نحن نواجه حالة ليس لها مثيل في تاريخنا، سنصادف عقبات، والعقبات نتغلب عليها بالإيمان والمثابرة. إن أعظم تهديد يمكن أن نواجهه مرده إلى الشك وانعدام الثقة، وإذا كان هذا الأمر خطرًا في كل وقت، فإنه يكون كارثة في العصر الذي نعيش فيه.

ولا سبيل إلى تفادي الشكوك إلا بالصراحة التامة، والاعتماد على الحق، والتشاور الحر.

وإذا ارتفعت المصلحة الوطنية فوق كل شيء تصان الحقوق العامة كأمانة مقدسة.

نحن نؤمن بما للمواطنين من حق في التعبير عن رغباتهم بحرية، ومن حق في استعادة هذه الحرية إذا ما سلبت.

ونؤمن بأن من حق الهيئات كافةً التمتع بحرية وحقوق متساوية، وهذه الحقوق يقابلها واجب وطني رفيع، هو الحد من هذه الحريات لتلتقي كل هيئة بغيرها من الهيئات في رسم سياسة قومية تؤيدها أمة متحدة، وما عداها يبقى للتنافس الصالح بين الأحزاب، حتى تكشف البلاد وجه الحق فيه.

وإذا اقتضت السياسة القومية زمالة ودية بين كافة الأحزاب، فإنها تقتضي كذلك تأييدًا تامًّا من المواطنين الصالحين.

والشعب المصري يفهم القول الصريح، ويجب أن يسمع الحقيقة البسيطة الحرة بغير طلاء، والشعب المصري كفء لإبداء رأي حاسم في المسائل القومية، متى قدمت له البيانات والوقائع الصحيحة.

وكلما اتسع فهم المواطنين الصالحين للسياسة العامة، ازدادت دعائم الاتحاد قوة ومتانة، فإن بناء الاتحاد يحتاج إلى قوة الشعب الأدبية والمعنوية.

نريد أن ننسى المحن والفتن التي مرت بالبلاد وكانت سبب الانقسام، حتى نستقبل عهدًّا جديدًا هو عهد الاتحاد والصداقة الوثيقة بين أحزاب متساندة متعاونة في توجيه مجرى التاريخ المصري لخير الوطن، فالاتحاد هو مفتاح حريتنا، والاتحاد سيظل محور سياستنا.

بني وطني:

إن لم أكن أمثل حزبًا أو جماعة، فإني واثق من أنني أعبر عن أمنية عزيزة يشترك فيها جميع المصريين، هي تحقيق الوحدة.

أما الوسائل العملية التي نتبعها، فهي إلى جانب ما تقترحه الأحزاب وما يراه المفكرون، ما نراه من دعوة رجال كل حزب لمشاورات حرة، ومتى تيسر استخلاص الأسس والقواعد التي يرضاها الجميع، نتقدم إلى دعوة ممثلي الأحزاب والمفكرين للتفاهم على وضع برنامج شامل، هو الميثاق القومي الذي يعتنقه كل مصري.

فإذا وُضع نظام ثابت لمعالجة المشكلات التي تقتضي حلولًا قومية، وإذا تقرر عقد مؤتمر سنوي للأحزاب تعرض فيه الشئون الجديدة، والشئون التي لم تجد الحل الملائم، كفلنا للميثاق القومي تجددًا وتأييدًا. بهذا كله، وبما ذكرنا من وسائل سياسية، وبسطنا من فضائل قومية، ننشئ ديمقراطية حرة، سياسية واجتماعية واقتصادية.

بني وطني:

هذه سبيلي أدعو إليها مخلصًا، فمن كان يُؤمن بحق وطنه عليه فليقف اليوم في صف مصر مجاهدًا بعزمه وقلبه، مناضلًا بروحه ولبه. وها أنا أتقدم إلى هذه الأمة الكريمة بدعوة قومية لا تنال من أحد، ولا تظلم مواطنًا، أريد بها وجه الله والوطن والملك، دعوة إلى مشاورات عامة حرة في هذه الساحة المحايدة القومية، دعوة إلى جبهة وطنية مصرية، ميثاق سياستها الخارجية تحقيق أهداف البلاد القومية وحقوقها الوطنية، وبرنامج سياستها الداخلية الاستقرار في حياتها الدستورية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

هذه سبيلي، وتلك دعوتي، أتوجه بها مخلصًا وأنا عامل في الصفوف، تاركًا تأييدها ونصرتها لمن يؤمن بها ويسلك طريقها، فإننا لا نريد إلا اتحادًا حرًّا مستنيرًا، وليد التشاور الحر والاقتناع الصحيح، اتحادًا لا ينعقد لتأييد هيئة أو جماعة، إنما ينعقد لتأييد مصر في أداء رسالتها الكريمة.

إن الساعة عصيبة، وإن المواقف التي تشف عن الرجولة هي وحدها التي تستطيع إنقاذ مصر، وإنقاذ مصر من شأن المصريين جميعًا.

وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ.

والله معنا.

السبت في ٥ ذي الحجة سنة ١٣٦٤ﻫ/١٠ نوفمبر سنة ١٩٤٥م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤