«مصر» في عهد «نقطانب» الأول ٣٨٠-١–٣٦٢ق.م

نخت-نبف خبر-كا-رع
لم تمكث الاضطرابات التي أعقبت موت «أوكوريس» وتولى ابنه «نفريتيس» الثاني إلا بضعة أشهر (راجع: Kienitz p. 88) تولى بعدها زمام الحكم «نقطانب» الأول وهو سمنودي المنبت، وكان والده أميرًا يُدعَى «تاخوس»، وذلك على حسب ما جاء على نقوش تابوت ابن أخيه (راجع: Sethe, Urk. II p. 26) وقد كان زمام الأمور في يده تمامًا حوالي نوفمبر١ سنة ٣٨٠ق.م.
ويدل على ذلك الآثار المؤرخة بحكمه في «إدفو» و«نقراش» — كما سنرى بعدُ — وتدل الآثار التي عُثر عليها في «نقراش» على أن «سايس» كانت كذلك في قبضة «نقطانب»، وقد كانت «سمنود» مسقط رأسه بطبيعة الحال تحت سُلطانه، يُضاف إلى ذلك أن «خابرياس» وزير حربية «أوكوريس» قد انضم إلى «نقطانب» وسَاعَدَهُ على توطيد حُكمه في البلاد (راجع: Cornellius Nepos. Chabrias II, 1)، وهكذا قضى على الاضطرابات الداخلية في البلاد بسرعة.

ولما تولى «نقطانب» عرش «مصر» لم تكن أحوال السياسة الخارجية تدعو إلى التفاؤل كثيرًا، وإذا صرفنا النظر عن «جلوس» وخلفه المسمى «تاخوس» اللذَين لم تجن منهما «مصر» شيئًا؛ فإن مصر لم تكن على تحالُف مع أية دولة، أما الفرس فعلى العكس من ذلك فإنهم بعد نهاية الحرب مع «أفاجوراس» أخذوا يقومون باستعدادات للقيام بحملة جديدة للاستيلاء على «مصر»، ومن أجل ذلك طلب إلى اليونان استدعاء «خابرياس» من «مصر».

على أن استدعاءه لم يكن في تلك اللحظة دليلًا على أن الفرس يريدون إعلان الحرب على «مصر» في الحال؛ وذلك لأن الأحوال لم تكن مواتية للفُرس وقتئذٍ، فقد كان تحريرُ مدينة «طيبة» اليونانية في عام ٣٧٩ق.م، مضافًا إلى ذلك الاضطرابات الهيلانية التي أعقبتْ ذلك، ثم النشاط الخارجي الذي أظهرتْه مملكة «أثينا» وقتئذٍ، وهو ذلك النشاط الذي كانتْ نتيجته قيام إمبراطوريتها البحرية الثانية عام ٣٧٧ق.م؛ كل هذه العوامل كانت سببًا في تحويل أنظار السياسة الفارسية مؤقتًا لِمدة طويلة نسبيًّا عن «مصر»؛ وفضلًا عن ذلك فإن الاستعدادات الحربية نفسها للقيام بالحملة على «مصر» قد تطلبت من الفرس وقتًا طويلًا، وفوق كل ذلك نجد أن القيادة العامة للجيوش الفارسية قد تغيرت مرتين.

والواقع أن الحملة على «مصر» لم يكن قد تم استعدادها إلا في عام ٣٧٤ق.م؛ أي بعد خمس أو ست سنوات من موت الفرعون «أوكوريس» (راجع: Diod. XV, 41, 1)، وكان الجيشُ الإغريقيُّ الفارسيُّ الذي كان مجهزًا للقيام بالحملة تحت قيادة الشطربة «فارنابازوس» وهو الذي كان وحده المسيطر على كل الجيش، ومنه يصدر كل أمر صغير أو كبير خاص بالزحف؛ وذلك على الرغم من أن القائد «إفيكراتس» الذي كان يقود الجنود اليونانية المشتركة في الحملة، كان ميالًا إلى الإسراع في القيام بالحملة؛ إذ كان يرى أنها قد تباطأتْ، وذلك في حين أن «فارنا باذوس» القائد الأعلى كان غرضه من هذه الحملة أن يَثأر لنفسه مما أَحاق به من هزيمة عام ٣٨٠ق.م (راجع: Diod. XV, 29, 1).
وقد كان يساعده في هذه الحملة — فضلًا عن ذلك — القائد الإغريقيُّ «تيتراوستيس Tithraustis»، وكان من القواد الذين هزموا في الحرب التي نشبت في عام ٣٨٩–٣٨٧ق.م، يُضاف إلى ذلك أن ملك الفرس أعاره القائد «داتامس» لمدة قصيرة، وكان يعتبر من أحسن قواده وقتئذٍ (راجع: Cornelius Nepos, Damtes 4).
ويذكر لنا «داماتس» أن «فانا بازوس» قد استدعاه ملك الفرس وَحَلَّ هو مَحَلَّهُ في قيادة الجيش، وإذا صدقنا ما قصه «داماتس» عن نفسه في تاريخ حياته فإنه — بلا شك — كان قد عمل بغيرة وحماسة على تجنيد الجيش وإعداده، (راجع: Cornelius Nepos Damates 5).
وتدل الأحوالُ على أنه لم يتقبل بسرورٍ الأمرَ الذي أرسله إليه الملك «أرتكزركزس» بالزحف على الثائر «أسبيس Aspis»، ولكنه على الرغم من ذلك رأى أنه لا بد من الطاعة، وإن كانت المأموريةُ الأولى المسنَدة إليه — وهي قيادة الجيش — أكثر أهمية من التي أمره الملكُ العظيمُ بالقيام به، وفي خلال قيامه بالقضاء على ثورة «أسبيس» حمل إليه البريدُ أمرًا من قِبَل الملك العظيم، بأن يبقى في معسكر «عكة»، ولما رأى ملك الفُرس شدة بأس «داماتس» وقوة عزيمته في إخماد هذه الثورة زاد إعجابُهُ به، وثَبَّتَهُ في قيادته في «مصر»، ورأى أنه يجب ألا تُفلت «مصر» من ضربات هذا القائد العظيم، ولكن لَمَّا كان «داماتس» مُحاطًا بالدسائس في البلاط الفارسيِّ فإنه ظن أنه لو خاب في حملته على «مصر» أصبح معرضًا للأخطار، ومن أجل ذلك ترك المعسكر في «عكة» وذهب إلى «كابادوشبا»؛ ومن أجل ذلك سلم ملك الفرس قيادة الجيش إلى «فارنابازوس»، وكان القائد الإغريقي «إفيكراتس» وقتئذٍ مساعدَه تحت إمرته المباشرة، وكان الأخيرُ يرأس الجنود المرتزقة من الإغريق، وهو الذي كان يُساعد «فارنابازوس» من قبل، (راجع: Diod. XV, 41, 1).
وكان القائد «إفيكراتس» مثل القائد «خابرياس» صاحب سمعة كبيرة في فنون الحرب؛ فقد اشتهر خلال حروب «كورنته» في «تراقيا» وهناك تزوج ابنة الملك «كوتيس Cotys»، وقد انتصر في مواقعَ كثيرةٍ مدة سنين عدة (راجع: Diod. XV, 41, 2)، لدرجة أنه واجه «فارنابازوس» بكل صراحة متهمًا إياه بأنه كثير الكلام بطيء العمل، وقد أسرع «فارنابازوس» إلى إجابته على ذلك بأن المسئولية في ذلك تقعُ على عاتق ملك الفرس نفسه؛ لأنه هو الذي في يده تحديد الخطط الحربية التي يجب العمل بمقتضاها، وفي استطاعتنا أن نفسر نفاد صبر قائد الجنود المرتزقة الذي كانت تتوق نفسُهُ للحرب، على أنه من جهة أخرى قد تكون هناك أسبابٌ قويةٌ قاهرةٌ لدى ملك الفرس في تأخير قرار إعلان الحرب؛ فقد يكون ذلك مثلًا راجعًا إلى الأحوال السياسية العامة المضطربة في بلاد اليونان منذ عام ٣٧٩ق.م، وعلى أية حال لا يجب الإسراعُ هنا في اتهام الحُكُومة الفارسية بالتباطؤ أو اتهام قوادها بالتراخي، وإنا نقرأ من بين سُطُور اتهامات «إفيكراتس» ما يوحي بعدم التفاهُم التام بينه وبين القائد الفارسيِّ منذ البداية؛ وذلك لأن المشاحنات الشديدة التي وقعتْ بينهما خلال الحملة على «مصر» كانت نتيجةً لسوء التفاهُم الأصلي الذي كان بينهما.

والآن يتساءلُ الإنسانُ ما القوات التي كانت تحت إمرة كل من «فارنابازوس» ومساعده «إفيكراتيس»؟ يدل الإحصاءُ الذي عمل في معسكر «عكة» على حسب ما ورد في «ديودور» على النتائج التالية:

٢٠٠ ألف جندي من الفرس و٢٠ ألفًا من الجنود المرتزقة من الإغريق (راجع: Diod. XV, 41, 3, 41, 1).
أما على حسب ما ذكره لنا المؤرخ «كورنيليوس نبوس» (راجع: Iphicrates, 2) فإنا نفهم أن الملك «أردشير» قد طلب إلى الآثنيين أن يرسلوا إليه «إفيكراتيس» ليكون على رأس اثني عشر ألف مقاتل من الجنود المرتزقة، وهذان الرقمان — على اختلافهما من حيث عدد الجنود المرتزقة — يُمكن التوفيقُ بينهما؛ وذلك أن الفرس عندما طلبوا مساعدة «إفيكراتس» حوالي عام ٣٨٠ق.م لم يكن لديهم إلا اثنا عشر ألف مقاتل من الجنود المرتزقين على ما يظهر، أو بعبارة أُخرى لم يكن لديهم على أُهبة الاستعداد للحرب إلا هذا العدد، ولكن منذ عام ٣٨٠ إلى ٣٧٤ق.م ازداد عددُ الجنود المرتزقين — على ما يظن — وعلى أية حال فإن هؤلاء الجنود الأجانب وكانوا خيرة الجنود المحاربين الذين استحقوا بجدارة عند الإغريق الاسم الفاخر جنود «إفيكراتيس»، (راجع: Cornèlius Nepos, Iphicrates 2)؛ كانوا يؤلفون أحسن عنصر في الجيش الذي أعده الفرس لغزو «مصر»؛ إذ الواقع أنهم كانوا أكثر تدريبًا وأخف حركة وأشد حماسة من سائر ذلك الجيش الفارسي الجرار، ولا نزاع في ذلك فقد استعرض أمامنا «ديودور» بدقة (XV, 44, 2-3) الإصلاح الذي عمله «إفيكراتس» في الجيش، ونخص بالذكر من ذلك الخفة في التسليح الدفاعي، والعمل على تقوية السيوف والحراب.
هذا، وكان تحت يد قائد الفرس المهاجم عتادٌ وفيرٌ وأسطولٌ يبلغ عددُ سفنه نحو الثلاثمائة، والواقع أن الأهمية في هذه الحرب كانت تنحصر في الأسطول الذي كان معارضًا لقوات الفرس في أثناء حرب «قبرص» وهو الأُسطولُ الذي كان تحت إمرة كل من «أفاجوراس» والفرعون، (راجع: Diod. XV, 2, 1).

هذا، ونجد أن «فارنابازوس»، قد أَغلق بأسطوله في وجه المصريين كل أمل في التحوُّل من جهة البحر المتوسط، وعلى أية حال لم نجدْ أن «نقطانب» قد قام بأية محاولة بحرية، وعلى ذلك فإن النجاح الوحيد الذي كان ممكنًا أن يحرزه الفرس هو السيطرة على البحر.

وفي بداية فصل الحرب تحرك الجيش الفارسي بأكمله ورافقه الأسطولُ على مسافة قريبة من الساحل السوري، كما كان يفعل «تحتمس» الثالث في غزواته المظفرة، (راجع: Diod. XI, 41, 4).

وتدلُّ الأحوالُ على أن جيش «فارنابازوس» قد أَخذ في الزحف قبل مُنتصف شهر يونية، وهو التاريخُ الذي يَبتدئ فيه ظهورُ بشائرِ الفيضان، وكل ما يمكن قولُهُ هنا: أن رياح الخماسين التي تكون على أَشُدِّها في شهر أبريل قد أجبرت القائدَ الفارسيَّ أن يُؤَخِّرَ بدايةَ الحملة حتى شهر مايو.

والظاهر أن اختيار مثل هذا الوقت من العام للقيام بحملة على «مصر» قد انتقده بشدة مؤرخون مختلفون؛ فقد رَوَوا أن المغيرين لم يكن لديهم — بلا شك — إلا مدة قصيرة قبل حُلُول فصل الفيضان الذي تكون كل بلاد الدلتا فيه مغمورةً بالمياه، (راجعْ: Rev. Egyptol. II, p. 91)، وقد لا تكون هناك أيَّةُ مسئولية في هذه المسألة على القائد «إفيكراتس»؛ إذ من الممكن جدًّا أنه قد استُشير في التاريخ الذي سوف تقوم فيه الحملة، وأنه قد أشار على حسب العادات الإغريقية بالدخول في الحرب في فصل الربيع، والواقع أننا لم نجدْ في كل ما رواهُ لنا «ديودور» أنه قد أبدى معارضةً في التاريخ الذي اختِير لقيام الحملة فيه؛ وذلك لأن القرار النهائيَّ في ذلك لم يكن في يد «إفيكراتس»، بل كان في يد آخرين، ولا أَدَلَّ على ذلك من أنه كان مضطرًّا عدة شهور إلى أن يستسلم للأوامر الصادرة إليه بتأخير الحملة التي كان يُلِحُّ في إنهائها بكل حماس وسرعة، (راجع: Diod. 41, 2).
والآن يتساءلُ المرءُ هل القائدُ العام «فارنابازوس» هو الذي اختاره، للقيادة وقت مسير الحملة على «مصر»؟ والجوابُ على ذلك أنه ليس لدينا ما يؤكد ذلك، وقد ذكر لنا «إفيكراتس» نفسه أن القائد «فارنابازوس» كان يُمكنه أن يستشير كما يريد، إلا أنه مع ذلك كان خاضعًا لسلطان حُكُومة ملكية تصدر منها الأوامرُ الهامةُ في مثل هذه المواقف الخطيرة، والواقعُ أن كل القُوَّاد الفُرس لم يكن في استطاعةِ الواحد منهم أن يَفصل بصفةٍ قاطعةٍ في مثل هذه المسائل الخطيرة، بل كان عليه أن يضع الأمر بين يدي الملك ليقضي فيه بما يشاء (راجع: Diod. 41, 3)، وعلى ذلك فإنه ليس بالأمر الغريب أن يكون «فارنابازوس» عندما أعطى الأوامر بالزحف في فصل الربيع على «مصر» لم يكن إلا منفذًا لأمرٍ ملكيٍّ صَدَرَ له من «أرتكزركزس»، ولكن هل هذا الأمرُ جديرٌ بأن يكون موضعَ انتقاداتٍ صارمة؟ هذا ليس حتميًّا؛ إذ يظهر مما رواه «ديودور» أنه كان من الممكن اتخاذُ قرارٍ حربيٍّ قبل الوقت الذي يكونُ فيه الفيضانُ خطرًا على رجال الحملة، وأن هذا القرار كان قد تأخر واتفق عليه لأسباب خارجة عن تاريخ القيام بالحملة نفسها بعد أن كان قد قطع جيش «فارنابازوس» الصحراء السورية ووصل إلى النيل أمام الفرع «البيلوزي» (راجع: Diod. XV, 41, 42, 2)، وعندما وصلت الحملةُ إلى هذا المكان وَجَدَ قُوَّادُ الجيش الفارسي أن المصريين أخذوا للحرب عُدَّتَها لمقابلة الجنود المهاجمين؛ وذلك لأن الاستعدادات الطويلة التي قام بها الفرسُ قد خدمت المصريين فاستعدوا لمقابلة عَدُوِّهِم، (راجع: Diod. XV 41, 4)، والواقع أنه كان في المدة الطويلة التي جمع فيها «فارنابازوس» جيشه الجرار كان «نقطانب» الأول يَعرف مدى أهمية هذا الجيش، (راجع: Diod. XV, 42, 1).
وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أن «نقطانب» لم يكن لديه أية جنود مرتزقة لأي قائد إغريقي؛ ولا أدل على ذلك من أن «ديودور» قد أغفل هذا الموضوع إغفالًا تامًّا؛ ومن أجل ذلك نجد أنه في أثناء أن كانت الحربُ دائرةً رحاها بين الآثينيين والأسبرتيين حول «كورسير Corcyre» كان على الأسبرتيين أن يُرسلوا مددًا إلى الملك «نقطانب» الذي كان يُهاجمه القائد «إفيكراتس» الآثيني، ولكن «إفيكراتس» هذا على الرغم من أنه قد أرسلتْه «أثينا» منذ بضع سنين مضت ليكون قائدًا في الجيش الفارسي؛ لم يكن إلا مجرد رئيس جُنُود مرتزقة، ولا يُمثل في الواقع السياسة الأثينية.
ومِن جهةٍ أُخرى كان «اللاسيديميون» في مقدورهم كما حدث في عام ٣٨٧-٣٨٦ق.م، أن يجعلوا الفُرس يَفرضون على أعدائهم الأثينيين الصلح، (راجع: Grote, XIV, pp. 315-316).

ومن ثم نرى أن المصريين قد أصبحوا ولا عون لهم إلا جيشهم، وكان أخوفُ ما يخاف «نقطانب» وقتئذٍ هو أن تحيق به هزيمةٌ في الأرض المصرية السهلة المنبسطة، ولا شك في أن قيمة هذه الحروب وقيادتها كانت تنحصر في «إفيكراتس» الأثيني، يُضاف إلى ذلك أن الجيش المصري — على حسب الظواهر — كان أَقَلَّ عددًا من الجيش الفارسي، ولم يُشِرْ «ديودور» — وهو الذي قَدَّرَ عدد الجيش الفارسي بقيادة «فارنابازوس» بنحو ٢٠٠ ألف، هذا عدا الجنود المرتزقة — إلى أهمية جيش «نقطانب» وعدده.

(راجع: Diod. XV 41, 3.)
ويتساءلُ الإنسانُ هنا: هل كان هذا الجيشُ الذي كان تحت إمرة «نقطانب» الأول أكبرَ عددًا من الجيش الذي كان سيجمعُهُ «نقطانب» الثاني في عام ٣٤٣-٣٤٢ق.م، في ساعةٍ مميتةٍ، ويدلُّ ما لدينا من معلوماتٍ على أنَّ الأخيرَ لم يكن تحت إمرته إلا ٨٠ ألف مقاتل من الأفريقيين؛ أي المصريين واللوبيين، (راجعْ: Diod. XVI 41, 7)، ومن جهة أُخرى نعرف أن الملك «تاخوس» الذي كان يُعَدُّ أنشطَ وأجسرَ أميرٍ سمنودي، كما أنه كان مستعدًّا لخوض غِمَارِ حربٍ طويلةِ الأمد؛ لم يضع في ميدان القتال أكثر من ٢٠ ألف مقاتل مصري، (راجعْ: Diod. XV, 92, 2)، ومن ثم يَظهر لنا أن «نقطانب» الأول لم يكن في مقدوره وقتئذٍ أن ينزل في ساحة القتال في حربه مع الفرس أكثر مما سينزلُهُ خلفاه،٢ ومع ذلك فإن النقص الذي كان ظاهرًا في جيش «نقطانب»، وكذلك قلة النظام قد سَدَّهُما «نقطانب» بما كانت تمتاز به مراكزُهُ الدفاعيةُ من متانة وتَفَوُّق في المقاومة، وقد روى لنا «ديودور» أن «نقطانب» الأول وضع كلَّ أمله في هاتين الميزتين؛ للتغلُّب على المهاجمين، (راجع: Diod. XV, 42, 1)، وكان أول ما أفاد منه «نقطانب» الأولُ الوقت الذي أخذ فيه الفرسُ يقومون باستعداداتهم، فأتم من جانبه سلسلة التحصينات التي كان قد أقامها «خابرياس» واجتهد في أن يسد في وجه العدو كل المنافذ المؤدية إلى داخل «مصر»؛ فقد حمى كل فرع من فروع النيل بحصن مجهز بالعدة والعتاد على كل شاطئ النهر وبأبراج مرتفعة مرتبطة بقنطرة من الخشب مغلقة في وجه كل هجوم نهري، ولما كان الفرع البيلوزي مُعَرَّضًا لمهاجمة العدوِّ أكثر من أيَّةِ جهة أُخرى؛ فإنه قوي بالتحصينات العِدة؛ إذ حفرت فيه الخنادقُ وأقيمتِ الجدرانُ والمستنقعات الصناعية؛ حماية لهم من هُجُوم الأُسطول والفرسان والمشاة من الفرس، (راجع: Diod. XV, 42, 2-3).

وحينما وصل «فارنابازوس» إلى هذا الإقليم، ورأى هو وقُوَّادُهُ الفرع «البيلوزي» وما عليه من حمايةٍ منظمة، وجُنُود عديدين؛ فإنهم تخلَّوا عن كل فكرة فكروا فيها لاقتحام طريق لهم من هذا المكان للدخول في «مصر»؛ وعزموا على أن يدخلوا من فرع آخر من فروع النيل، وقد وطدوا العزم على الدخول من باب الفرع المنديسي الواقع في الجهة الغربية من الفرع البيلوزي، ويقع تقريبًا في الامتداد الجنوبي من الطريق المؤدية إلى «منف» وهي الطريق التي ستتلاقى فيها كل قوات «فارنابازوس»، هذا فضلًا عن أن شاطئه العريض كان ملائمًا — بصفة خاصة — لرُسُوِّ السفن، غير أن الفرس وجدوا أن الفرع المنديسي كان كذلك محصنًا، على غرار الفروع النيلية الأخرى تحصينًا متينًا، ولم يكن هناك أمل في اقتحامه إلا بالهجوم المفاجئ؛ ولذلك وضع مشروعٌ آخرُ لهجوم مفاجئ.

ويلفت النظر هنا أن «ديودور» لم يخص واحدًا من القُوَّاد دون الآخرين بتصميمِ هذا الهجوم، وقد قيل إن «إفيكراتس» قد نصح للفُرس بتجربة هجومٍ مفاجئ، وهذا ممكنٌ، لكن «ديودور» لم يذكر لنا أي اسم، وكُلُّ ما نعرفه — على وجه التأكيد — هو أن «إفيكراتس» و«فارنابازوس» قد رَأَسَا اجتماعًا لتنفيذ هجوم مفاجئ على القوات المصرية، ونجد أن القائد الفارسي قد شرع — بدلًا من السير بجيشه على طول الساحل الشرقي — أن يسير إلى الغرب حتى يصل إلى الفرع المنديسي على مرأًى من الحرس المصري، ثم يجعل فرقة الجنود المخصصة لاقتحام الممر الذي أُريد اقتحامُهُ تقومُ بعمليةِ التفافٍ من جهة البحر (راجع: Diod. XV, 42, 4).

ولم يلحظ أن السفن الفارسية قد ضايقها أُسطولٌ مصريٌّ ما، والظاهر أن مثل «نقطانب» هذا كان كمثل «أوكوريس» بعد هزيمة «أفاجوراس» قد تَخَلَّى عن اتباع سياسةٍ بحرية ترمي إلى الدفاع عن بلاده، بل وضع كُلَّ همه في جمع كل ما لديه مِن قوة برية على أديم «مصر» للدفاع عنها.

ولما كان كلٌّ من القائد «فارنابازوس» والقائد «إفيكراتس» يُريد اقتحامَ طريقه إلى داخل البلاد المصرية بهجومٍ سريعٍ وحشيٍّ، أو من جهةٍ أُخرى إجبار حامية القلعة المصرية المهاجِمة بالخُرُوج من معقلها باستعمالِ قوةٍ صغيرة من جنوده؛ فإنه — كما ستُظهرُهُ الحوادث بعد — لم ينتظرْ حتى ينزل كُلُّ جُنُوده إلى البر، بل انقضَّ على رأسِ قوة قوامها ٣٠٠٠ مقاتل أُنزلوا من سفنهم على الحصن الذي كان يحرس الفرع المنديسي، ولكن المصريين وقفوا في وجه هذه القوة المؤلفة من فرسان ومشاة بقوة تُضارعها في الأهمية، ومن المحتمل أن مساواة عدد القوتين المتحاربتين هي التي جعلت المصريين — على ما يظهر — يرتكبون مثل هذا الخطأَ الخطير، فقد كانت متانةُ خنادقهم وحصنهم كافية لحمايتهم مدة طويلة، ولكنهم تركوها وتقابلوا مع العدو في واقعة في سهل مكشوف (راجع: Diod. XV, 42, 5)، وقد دارت بين الفريقين معركةٌ حاميةُ الوطيس، وقد ظلت نتيجتُها متأرجحة — على ما يظن — بسبب ما كان يصل من مدد مستمر من الجنود الفارسية، وكانت النتيجة أن أُحيط الجنودُ المصريون بالجيش الفارسي، وقُتل خلقٌ كثيرٌ منهم، وأسر عددٌ عظيم، وبذلك كان النصر في جانب القائد الفارسي «فارنابازوس» ولا نزاع في أن كثرة عدد الجيش الفارسي قد مهدت له النصر، يُضاف إلى ذلك أن خفة حركة الجنود المرتزقة من الإغريق، وسرعة انقضاضهم بقيادة «إفيكراتس» قد جعلت نتيجة المعركة في جانب الفرس، وقد تلا في جزء من الحامية المصرية التطويق أو نجح في فتح طريق إلى مكان الواقعة، ولكن المهاجمين حاصروهم عن كثب، وقد كان الفضلُ في متابعة الحرب والقضاء على البقية الباقية من رجال الحامية؛ يرجع إلى جنود «إفيكراتس» الذين استولوا على القلعة ومسحوها من الوجود مسحًا تامًّا، وأخذوا ما فيها غنيمة لهم وأَسَرُوا ما تَبَقَّى من جُنُودها، (راجع: Diod. XV, 42, 4-5).
وبعد هذا النصر العظيم أصبحت الطريق مفتوحة أمام الفرس إلى «منف» وقد سارت الأُمُور دون أيِّ تعقيد أو خلاف بين القائدين «إفيكراتس» و«فارنابازوس» على الرغم من سوء التَّفَاهُم الذي كان بينهما في معسكر «عكة»، وقد حلت المشكلة التي قامت بينهما بسبب «بيلوز» لحسن الحظ وعملا سويًّا على أحسن ما يكون من الوفاق في إقليم «منديس»، ولكن هذا الوفاق قد أخذتْ تنحَلُّ عُراهُ عندما أراد كلٌّ منهما أن يستغل النصر الأول الذي أحرزه في «مصر» لنفسه، وقد حَدَّثَنَا «ديودور» في هذا الصدد بما يفيد أن «إفيكراتس» قد علم من الجنود المصريين أن «منف» كانت غير محصنة وقتئذٍ بالجنود، وعلى ذلك تكون غنيمة سهلة إذا هوجمت، ومن أجل ذلك اقترح على مجلس القواد أنه باستعمال الطريق النهري يمكن أن تقلل عقبات الزحف ويصل الجيش على جناح السرعة قبل أن تتجمع القوات المصرية هناك؛ ولكن «فارنابازوس» وحاشيته رفضوا هذا الاقتراح قائلين: إنه لا بد لنجاح الحملة من انتظار وصول كل القوات الفارسية (راجع: Diod. XV, 43, 1)؛ ولكن «إفيكراتس» لم يقبل الهزيمة في الرأي وعمل على ما في جهده على أن يزحف إلى «منف» ويهاجم بمن معه من الجنود المرتزقين، غير أنه لم يكن رئيسًا لهؤلاء الجنود المرتزقة وليس بسيدهم؛ وقد رجا «إفيكراتس» القائد «فارنابازوس» أن يسلمه هؤلاء الجنود المرتزقة، ولكن الشطربة رفض هذا الطلب كذلك ظنًّا منه أن «إفيكراتس» يُريد أن يحتل «مصر» لمصلحته الشخصية، ولكن هذا القائد الأثيني احتجَّ بقوة على رفض اقتراحه، وأكد أنه إذا تُركت مثل هذه الفرصة دون انتهازها، فإن كل مجهودات الحملة ستذهب سُدًى، ومنذ ذلك الوقت أخذت العلاقات بين قواد الفرس وزميلهم الأثيني تسوء، وأصبح كلٌّ من الفريقين يكيل الذم للآخر (راجع: Diod. XV, 43, 2)، هذا هو مُلَخَّص ما جاء في «ديودور» في هذا الصدد.

وإذا استعرضنا ما كان يَدُورُ بخلد «فارنابازوس» وقواده من ظنون وأوهام بالنسبة للقائد «إفيكراتس» فإنها في مجموعها تكون في صالح الأخير؛ إذ قد أظهرت جمود رفاقه، ومن أجل ذلك فإن كل هجوم عليه من لسان قواد الفرس يصبح لا قيمة له، وعلى أية حال فإن حقنا أن نتساءل فيما إذا كان «إفيكراتس» وأصدقاؤه عندما عادوا إلى بلاد الإغريق قد اخترعوا أو بالغوا في سرد قصته مع القواد الفرس بقصد فائدة شخصية، وربما تكون القصة كما يأتي: الظاهر أن رئيس الجنود المرتزقين من الإغريق لم تقع عليه أية مسئولية في الخيبة النهائية التي لاقتها الحملة، بل على العكس كان يقع كل اللوم على «فارنابازوس» وأن «إفيكراتس» عندما نصح بالإسراع في القيام بالضربة القاصمة بعد تدهور المقاومة عندما فم فرع النيل المنديسي؛ كان — في الواقع — يقترح الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب بنجاح باهر، ولكن لم يُؤخذْ باقتراحه.

وإذا قبلنا كل ما جاء في هذا الاعتذار من دقة حاذقة — وليس فيه ما يدعو إلى الشك — فإن ذلك يكون بعيدًا من أن تجعل كل الأسباب التي دعت «فارنابازوس» إلى الرفض تفقد قيمتها، كما أنه لا يمحو كل المسئولية عن عاتق «إفيكراتس» في خيبة الحملة؛ وذلك أنه عندما اقترح القائد الفارسي أن ينتظر تجمع كل القوات الفارسية للزحف نحو الجنوب؛ فإنه كان بوصفه القائدَ الأعلى العام قد أراد — بطبيعة الحال — أن يفيد من أحد عناصر النصر التي تُعد من أهم الأُسس لهذا الجيش، وأعني بذلك: تفوقه في عدد جنوده على الجيش المصري، وبعد ذلك إذا لم يكن هناك شيء يبرر الشكوك التي كانت تحوم حول مطامح «إفيكراتس» الشخصية، وهي التي نسبها إليه «فارنابازوس»، فإنه يجب علينا أن نُوافق على أن مثل هذه الشكوك كانت طبعية في نظر القائد الفارسي بدرجة لا بأس بها؛ وذلك لأن «إفيكراتس» لم يكن إلا مغامرًا ورئيس جُنُود مرتزقة لا مواطنًا أثينيًّا، وقد كان كل ما يمتاز به هو أنه قد أصبح في حروب في «تراقيا» صهر ملك قوي وسيد ميناء بحرية، حصنها واستعمرها، (راجع: Grote XIV, pp. 257-8)، وقد كان من المحتمل أن «إفيكراتس» يحلم بأن تتوج أعماله في «مصر» بأن يُصبح بعد ذلك صاحب مؤسسة غنية بعد انتصاره، وحتى إذا فرضنا أن «إفيكراتس» كان يُريد أن يقوم بالحرب على المصريين على رأس جُنُوده المرتزقين؛ فإنه كان في ذلك مخلصًا وخاضعًا للتعليمات العسكرية، والآن يتساءل المرءُ هل كان في مقدور «فارنابازوس» أن يفهم إلحاح «إفيكراتس» في ذلك؟ ولكن إذا عرفنا عادات القُوَّاد الفُرس وما جُبلت عليه نفوسُهُم وقتئذٍ من جُبن وتردُّد، وكذلك إذا عرفنا أنهم كانوا مجبَرين على إخفاء مسئولياتهم وراء أوامر عليا تصدر لهم من قبل مَلِكهم العظيم؛ لفهمنا — بدون كبير عناء — لماذا كان «فارنابازوس» مندهشًا من إلحاح «إفيكراتس»، أو بعبارة أخرى: من مرءوس كان يرفض أوامر رئيسه؛ ومن ثم نجد للقائد الفارسي كل العذر في أن يشك أو يكون على وشك الشك في مطامع «إفيكراتس» وحبه لنفسه.

وأخيرًا لدينا اعتبارٌ آخرُ عن الغرض الذي كان يرمي إليه «فارنابازوس» وهذا الغرض قريبٌ من الاعتبار السالف الذكر؛ وذلك أنه كان يرى محافظة على شرف الجيش الفارسي أنه لا ينبغي أن تفتح «مصر» ثانية بما تظهره الجنود الهيلانية من مهارة ونشاط، وبخاصة عندما يكون الفضل راجعًا إلى «إفيكراتس» وجنوده المرتزقين في الاستيلاء على الحصن الذي بفتحه دخلت الجنود الفارسية أرض «مصر»، ومن ثم فكر فيما يحيق بسمعة الفرس إذا استولت الجنودُ المرتزقة وحدهم على عاصمة الملك ونهبوها! وعلى أية حال فإن مقاومة «فارنابازوس» للقائد «إفيكراتس» مهما كانت خاطئة في مجموعها في عدم نيل النجاح النهائي، فإنه يمكن تفسيرها بأسباب مقبولة، أما عن مسئولية «إفيكراتس» فسنرى أنها لم تسمح كلها بسبب رفض مقترحه في توجيه الجيش الذي كان يقوده.

والواقع أنه لم يكن قد فقد كل شيء عندما قام الخلاف بين القائدين؛ وذلك لأن الزحف على «منف» بالسير من طريق البحر واقتحام الفرع المنديسي، ثم المناقشات التي تلتْ ذلك؛ لم تكن تشغل زمنًا طويلًا، وأنه قبل حُلُول الفيضان كان هناك وقت متسع يسمح بالقيام بعمليات حربية طويلة مثمرة، وهذا هو نفس ما يظهر لنا مما ذكره «ديودور» في هذا الصدد؛ إذ يقول: إن المصريين كان لديهم وقتٌ طويلٌ هامٌّ، بفضله تهيأت لهمُ الفرصةُ أن يضعوا في «منف» حامية كافية للدفاع عنها (راجع: Diod. XV, 43, 2)، وقد واصل العدو بعد ذلك مجهوداته العظيمة فقام بتدمير الحصن، الذي كان على رأس الفرع المنديسي، وقد كان ذلك هو الكسب الوحيد الجبار الذي ظفر به العدو، وقد حدثتْ هناك بعضُ مناوشات، ولكن المصريين — في النهاية — تغلبوا على العدو، (راجع: Ibid. XV, 43, 3).
وقد مضى وقتٌ طويلٌ بين الاستيلاء على الحصن المنديسي ومجيء الفيضان الذي بحلوله شُلَّتْ حركةُ الحملة الفارسية، وهذا الوقت لم يفد منه الغزاة، ومن ثم نفهم أن سبب خيبة الحملة لم يأتِ من أن الفرس لم يقوموا بها إلا عند مجيء الفيضان، بل لأنه كان في مقدور «نقطانب» مدة بضعة الأسابيع التي تقع بين الاستيلاء على حصن «منديس» وحلول الفيضان أن يجمع جيشه ويهاجم العدو، فهل يا ترى يقع جزء محس من المسئولية في هذا على «إفيكراتس»؟ والواقع أن الإنسان لا يمكنه بأية حال أن يفصل بصفة قاطعة في مثل هذا السؤال، ولكن هناك بعض ملحوظات لا بد من إبدائها في هذا الصدد، وذلك أن المؤرخ «ديودور» لم يحدثنا فيما كتبه قط عن الجنود المرتزقة — وهم الذين تحدثنا بوضوح وجلاء عن الدور الذي لعبوه في الجزء الأول من الحملة — والدور الذي لعبوه في حصار «منف» الذي سبق الفيضان، وإنه لَمِمَّا يُدهش أن نجد هؤلاء المشاة الخفيفي الحركة والمسلحين بأسلحة دفاع جبارة والمدربين على الهجوم الهائل؛ لم يفلحوا في هزيمة المصريين وكسر شوكتهم، ومن جهة أخرى نعلم أن القائد «فارنابازوس» بعد عودته من «آسيا» أخذ حنقه يشتد على «إفيكراتس»، وأخيرًا أخذ يتهمه عند الآثينيين بأنه كان السبب في خيبة الحملة (راجع: Ibid. XV, 43, 5 & 6)، على أن هذا التوبيخ لا يُمكن أن يكون له معنًى أو قيمة إلا إذا كان «إفيكراتس» قد أظهر بعد الخلاف الذي حدث بينه وبين «فارنابازوس» بعضَ التراخي في عزيمته، أو ما يَدُلُّ على سوء قصد، وقد يحتمل أن ذلك قد جاء مِن نُصحه لجنوده بالإضراب عن القتال، أو أنه وافق على ذلك، ولكن إذا كان هؤلاء الجنود المرتزقون قد أظهروا في أثناء حصار حصن «منف» نفسَ النشاط الذي أظهروه في أول الحملة، وإذا كان رئيسُهُم المباشر قد قادهم إلى الواقعة بعزم وحزم ناسيًا — أو متناسيًا — الخلافات الحديثة التي وقعت بينه وبين قائده الأعلى؛ فماذا تعني إذن اتهامات الشطربة «فارنابازوس» لقائده القديم، وكذلك التوبيخات التي كالها له بعد العودة من «مصر» بالخيبة؟
ويلوح أنه يجوز للإنسان أن يعارض في أن ذلك كان محاولة من «فارنابازوس» أن يخلِّص نفسه من فضيحة الهزيمة أو يلقي تبعتها على فردٍ آخر، وإذا كان هذا الشطربة قد قصد اتهام «إفيكراتس» أمام الملك العظيم فإن اتهامه لا يُمكن أن يُحكم عليه إلا بأنه زورٌ وبهتان، وقد وجدناه يجرح عدوه مباشرة وبعد ذلك وجه كلامه إلى الآثينيين طالبًا منهم تعويضًا؛ وذلك لأن «أثينا» قد وعدت بعمل تحقيق في هذا الصدد ومعاقبة المتهم، إذا كان هناك ما يُبرر ذلك (راجع: Ibid. XV, 43, 6)، وتدلُّ الظواهر على أن «فارنابازوس» كان يحمل بين جنبيه حقدًا دفينًا، وهذا الحقد لا يمكن تفسيرُهُ لا بما حدث في أول الحملة عندما لمع اسم «إفيكراتس» فيها بأعماله الحربية الباهرة، ولا بالخلاف الذي تَوَلَّدَ مِن رفض «فارنابازوس» رأى «إفيكراتس» وحسب، بل زاد الطين بلة — على ما يظن — أنه في الوقت الذي مَرَّ بين رفض مقترحاته وبين حلول الفيضان؛ نجد أن «إفيكراتس» بدلًا من أن يساعد رئيسه بكل دقة ونشاط قد عارض مجهوداته أو عضدها بفتور، وهنا على ما يظهر من وجهة مسئوليات القائد الآثيني كانت النقطةُ الضعيفةُ حقًّا التي يؤاخذ عليها في خلال الحملة، ولكن ليس لدينا أيُّ دليل قاطع يُمكن أن يثبت عليه ذلك.
ولَمَّا كان الفرسُ قد أُوقفوا عند حدهم بهجوم مضاد قام به المصريون، وأن الجنود المرتزقة قد خذلوهم على ما يحتم بعدم مد يد المساعدة؛ فإنهم كانوا في طريقهم إلى هزيمةٍ فاصلة على يد الطبيعة، وعلى أيَّة حال فإنه مما يظهر لدينا مدهشًا لأول وهلة أن الفرس قد تركوا أنفسهم يؤخذون على غرة بماء الفيضان، وبخاصة عندما تعلم أنهم قبل ذلك كانوا قد سيطروا على «مصر» أكثر مِن قَرن من الزمان، ولكن مما يلفت النظر هنا أن «مصر» كانت منذ ثلاثين — سنة ٤٠٥–٣٧٤ق.م — مستقلة عن الملك العظيم ودولته، وقد كان هذا الوقت كافيًا ليجعل الفرس يفقدون ما كان لديهم من خبرة شخصية تمكنهم من تحديد زمن الفيضان وانتظامه العظيم وتقلُّباته ومدته وأهميته الدقيقة، ولدينا فقرةٌ فيما كتبه المؤرخ «ديودور» تعضد هذه النظرية؛ وذلك أنه في خلال الثورة التي قام بها أهلُ مدينة «صيدا» على الفُرس عام ٣٥٠ق.م عندما كان الملك «تنسي» يتفاوضُ في أمر خيانته مع الملك وعرضه عليه الاشتراك معه في شَنِّ حربٍ على «مصر»، وقد قدم «تنسي» للملك أكبر خدمة، وهي معرفتُهُ البالغة الدقة بإقليم نهر النيل، (Ibid. XV, 43, 2).
وعلى ذلك فإنه من المحتمل جدًّا أن أهل الفرس كانوا لا يعرفون إلا معلومات مبهمة جدًّا عن جغرافية «مصر» وبوجه خاص عن مجرى هذا النهر العظيم ونظامه، ومن ثم يفسر الإنسانُ بيُسْر وسُهُولة أن القُوَّاد الفرس الذين كانوا قائمين بالحملة على «مصر» في عام ٣٧٤ق.م، بدلًا مِن أن يعودوا القهقرى في أوائل شهر يونية بجيوشهم، وهو الشهر الذي يبتدئ فيه الفيضان، والذي بحلوله يقطع منه الرجاءُ من كسب أيِّ انتصارٍ حاسمٍ سريع، قد فاجأهم الفيضان على غرة وبخاصة بطبيعة ارتفاعه ومدة فيضانه، ولم يتقهقر الفرس إلا عندما بلغتِ الحالُ أشدها، وكاد الفيضان يقضي عليهم، ويحدثنا «ديودور» عن هذه النقطة بدقة عظيمة كافية لفهم الحالة (Ibid. XV, 43, 4).

على ذلك مكث القتال زمنًا طويلًا حول التحصينات، وكانت ريح الشمال قد حلتْ فعلًا وأخذتْ تَشتَد، وبدأ النيلُ في الارتفاع شيئًا فشيئًا إلى أن وصل إلى نهاية شاطئيه، وأخيرًا أخذت المياهُ تغمر الإقليمَ المجاور، وكان النهر دائمًا يحمي «مصر» بدرجة عظيمة بزيادته الغزيرة، ولكن الفرس لأجل أن يعودوا القهقرى انتظروا حتى منتصف شهر سبتمبر، وهو التاريخُ الذي يصل فيه النيلُ إلى منتهى زيادته، أو على الأقل يصلُ إلى درجةٍ عظيمةٍ في فيضانه، والواقعُ أنهم كانوا قد اضطروا أمام تدفُّق المياه الجارفة إلى الانسحاب.

وعلى ذلك تقرر التقهقُر، وقد عاد الجيش إلى «آسيا» (راجع: Ibid. XV, 43, 5)، بلا شك في منتصف شهر أغسطس أو أوائل سبتمبر، على أن فصل الحرب لم يكن قَطُّ قد انتهى، وقد عسكر الجيشُ — بلا شك — على مقربة من «عكة»، وهناك بدأتْ من جديدٍ المشاحنات بين «فارنابازوس» و«إفيكراتس»، وقد كان غضب الأول على الثاني للسبب الذي ذكرناه آنفًا شديدًا جدًّا لدرجة أن «إفيكراتس» كان يرتعد؛ خوفًا على حياته، وبخاصة أنه كان يذكر ما حدث للقائد «كونون» بخوف وفزع، ومن أجل ذلك وَلَّى هاربًا في الخفاء إلى «أثينا» على ظهر سفينة (راجع: Diod. XV, 43, 5)، ومع ذلك فإن حقد «فارنابازوس» على «إفيكراتس» كان لا يزال مُتَّقِدًا؛ ولذلك فإنه لَمَّا كان يعد «إفيكراتس» دائمًا مبعوث «أثينا» لمساعدة الفرس على «مصر»، أوفد إلى «أتيكا» سفراء مكلَّفين باتهام هذا القائد بالخطأ الذي ارتكبه، وهو كما يقول «إن «مصر» ظلت حرة»، ولَمَّا كانتْ «أثينا» في تلك الفترة في حرب مستمرة مع «أسبرتا»؛ فإنها قد تكونُ في حاجة إلى وساطة مَلِكِ الفُرس أو إلى مساعدته المالية، وعلى ذلك فمن المحتمل أنَّ ذلك كان السببَ الذي مِن أجله لم تجسر «أثينا» على أن تغطي بصراحة وبدون تردُّد منها قائدَها العظيم «إفيكراتس» أمام الاتهامات الفارسية التي نُسبت إليه، وقد أعلن رسميًّا أن المأمورية التي كان كلف بها «إفيكراتس» قد ربطت بلاده بعهود مع ملك الفرس، وعلى ذلك فإن الوفد الذي أرسله «فارنابازوس» قد أجيب على ما أُرسل من أجله بأن الموضوع سيُفحص، وأنه إذا وجد «إفيكراتس» مذنبًا فإنه سيعاقب، وبهذه الكيفية نجد أن «أثينا» نظريًّا قد عُدَّتْ بين أعداء استقلال «مصر»، وتَدُلُّ جدية بل على العكس نجد أنه في ربيع عام ٣٧٣ق.م قد عين قائدًا حربيًّا شواهد الأحوال على أن «إفيكراتس» لم يظهر عليه أنه كان مهمومًا بصورة (راجع: Ibid. XV, 43, 6).
وبعد ذلك بعام نراه قد خلف القائد «تيموتيوس Timotheos» رئيسًا للأسطول الأثيني العظيم الذي كان يحارب «لاسيدمون»، ولكن «أثينا» بعملها هذا لم تكن تريد قطع علاقتها مع الفرس، وكذلك لم تظهر بأنها كانت تعارض «مصر» في طلب استقلالها.
هذا، ونجد أنه بعد المحاكمة التي أكدتْ طرد القائد «تيموتيوس» من قيادة الأُسطول الأثيني وإسناده إلى «إفيكراتس»، دخل الأول في خدمة ملك الفرس؛ وذلك أنه — كما يُقال — قد مثل أمام ملك الفرس الذي كان في حَرْبٍ مع «مصر»، وحصل من أجل ذلك على كل ما كان قد حصل عليه «إفيكراتس» من قبله من موافَقة شعبه، وقد كانت مغادرته للانضمام إلى الجيش الفارسي في عهد حكومة «أستيوس Asteios» (حوالي مايو ٣٧٢ق.م).

وقد وجدنا أن «تيموتيوس» كان لا يزال في خدمة الفرس في عهد حكومة «أكستنيس» فيعام ٣٧٣–٣٧١ق.م، وعلى ذلك فإن إقامته في الجيش الفارسيِّ كانت قد امتدَّ أَمَدُها، ولم يُحدثنا «ديودور» ولا الخطب التي ألقيتْ ضد «تيموتيوس» عن أي تفصيلٍ خاصٍّ بهذه الحملة الجديدة التي قام بها الفرسُ على «نقطانب» الأول، هذا فضلًا عن أننا لم نجد أن الجيش الفارسي الإغريقي قد قام في أيَّة جهة بزحفٍ على «مصر»، والظاهرُ أن كل ما حدث كان ينحصر في قيام بعض مناوراتٍ واستعداداتٍ ليستْ هامة في معسكر «عكة» بقيادة «تيموتيوس» وقواد ملك الفرس بالاشتراك سويًّا.

وعلى أية حال نجد أن «نقطانب» الأول قد أمضى في سلام وحرية مدة الثماني عشرة سنة التي حكمها ٣٧٩–٣٦١ق.م، والواقع أنه قد قُضِيَ على أزمة عام ٣٧٤ق.م بالفشل من جانب الفرس لأسباب منوعة؛ أولًا: طول مدة التعبئة الفارسية التي كان يعرقلها تردُّد القيادة العُليا، مما سمح للفرعون أن ينظِّم على مهل مقاومته للعدو في الدلتا، وقد كان توقُّف العمليات الحربية بعد سُقُوط قلعة «منديس» يرجع إلى قرار «فارنابازوس» ومِن ثم هُيئت الفرصةُ للمصريين أن يعاودوا الكَرَّة بالهجوم بقوة وشدة متناهيتين، ومِن المحتمل كذلك أنَّ تراخيَ «إفيكراتس» وعدم رغبته في قيادة الجيش بسبب رفض القائد العام الفارسي مقترحاتِه، كان السببَ في فشل الحملة، والسببُ الحاسم في نجاة «مصر» هو فيضانُ النيل الذي جعل أية حركة حربية على «مصر» ضربًا من المستحيل، وهذه هي المرةُ الوحيدةُ التي نرى فيها — في خلال هذه القصة — أن النصر كان في المعسكر المعادي للإغريق.

ولكن إذا استثنينا أن «مصر» قد نالت سلامتها بسبب النظام الدفاعيِّ الذي سَلَّحَها به فيما سبق القائدُ «خابرياس» الأثيني؛ فإن الجنود المرتزقين لم يهزموا في واقع الأمر؛ وذلك لأن أعمالهم الباهرة في بداية الحرب لم يمحها إلا الكبرياءُ الوطنيُّ والخوفُ السياسيُّ الذي أظهره «فارنابازوس» قائدهم الأعلى، وكذلك قد يرجع إلى حِقْدِ رئيسهم المباشر «إفيكراتس» على القائد الأعلى «فارنابازوس».

هذه نظرةٌ عاجلةٌ عن حروب «نقطانب» الأول لصد الفُرس عند محاولتهم كرة أُخرى احتلال البلاد.

حالة مصر في عهد نقطانب الأول ومركز الإمبراطورية الفارسية

لا نزاع في أن «مصر» قد وصلت إلى أعلى ذروة في عهد «نقطانب» الأول، وقد بدأ في عهده عصرٌ جديدٌ في تاريخ إقامة المباني الضخمة وإنتاج الفن الرفيع، وقد وصلت إلينا معلوماتٌ مختلفةٌ عما لا يَقِلُّ عن مائة أثر من عهد هذا الفرعون، وسنتحدثُ عنها فيما بعد، ويُلحظ هنا أنَّ العلاقةَ السياسية بين «مصر» وبين الدويلات الإغريقية لم يعرف عنها شيءٌ يُذكر حتى عام ٣٦٦ق.م، ويبدو أنَّ ذلك يتناقضُ مع ما كانت عليه «مصرُ» مِنْ عِلَاقاتٍ مع هذه الدويلات في عهد الفرعون «أوكوريس»، ولا يُمكن تفسيرُ ذلك بقِلَّةِ ما لدينا مِن مصادرَ فقط؛ فمنذ صلح الملك الذي عقده في عام ٣٨٦ق.م لم توجد في بلاد الإغريق أيةُ ولاية على اتصالٍ ببلاد الفرس إلا وكانت في حِلف مع «مصر» خوفًا من سطوة الأولى وطغيانها.

وقد وجدت بلادُ الفرس نفسها في خلال عشرة السنين التي تلت الكارثة التي أصابتْها في «مصر» في حالة انحلالٍ وتدهوُر متزايدَين (راجع: Judeich, Klein asiat studien p. 190 ff; Ed Meyer, Gesch. d. Alt. V § 964-5, p. 454 ff, § 979 ff, p. 485 ff & Beloch Griech. Gèsch. III 2, s 105/5 p. 254–7)، وقد كان الملك «أرتكزركزس» الثاني فضلًا عن ذلك طاعنًا في السن بالإضافة إلى أنه لم يكن حاكمًا قويًّا، ومِنْ ثم ترك أحوال إمبراطوريته تُسَيِّرُها الأقدارُ كما تشاء، فترى فوق تركه القيام بحملة جديدة على «مصر» أن كل شطربياته الغربية قد دَبَّ فيها رُوحُ الانفصال عن الإمبراطورية، وهكذا نرى أن الشطربة «داتامس Datames» حاكم «كابودوشيا» قد اتخذ لنفسه منذ زمن طويل موقفًا مستقلًّا عن المملكة الفارسية، وفي عام ٣٧٠ق.م نجد أنه قد استولى على «سنوب Sinope» من قبضة «بافلاجونيا Paphlagonia»،٣ وفي كل ذلك قد تحاشى إعلانَ الثورة على ملك الفرس العظيم، وكذلك نجد الشطرب «هكاتومنوس Hekatomnos» صاحب «كاريا»٤ (٣٩١–٣٧٧ق.م) وخليفته «موسوللوس Mausollos» (٣٧–٣٥٣ق.م) كانا في الواقع مستقلين بملكهما أكثر من تبعيتهما لملك الفرس، وكذلك كانت الحال مع الشطربة «اريوبارزانس Ariobarzanes» صاحب «داسكيليون Daskyleion» (حوالي ٣٨٨–٣٦١ق.م)، يضاف إلى ذلك بلادٌ كثيرةٌ أُخرى قد أصبحت شبهَ مستقلة عن بلاد الفُرس.
والواقع أنه كان يُخشى مِن وُقُوع انهيارٍ تامٍّ في الجزء الغربي من الإمبراطورية، وليس لدينا أيُّ مصدرٍ يُمكن أن يُحدثنا عن مدى نُفُوذ بلاد الفرس بعد الكارثة التي لحقتْ بها في «مصر» ولا عن تأثير هذه الخيبة في تدهوُرها، وكل ما نعلمه أنه منذ بداية عام ٣٦٠ق.م قد حدث أولُ انفجار ظاهر في تصدع تلك الإمبراطورية، وذلك أن «داتامس» حاكم «كابودوشيا» كان أول من بدأ الخطوة الأولى في هذا الصدد بإعلان الثورة، وقد أرسل الملك العظيم الشطربة «أوتوفراداتس Autophradates» حاكم «ليديا»٥ لمحاربة «داتامس»، وعلى الرغم من نيله بعض الانتصارات، فإنه لم يمكنه القضاءُ عليه.
ومن ثم أخذت الثورات تمتد بصورة ضخمة فقام «أريوبارزانس Ariobarzanes» حاكم «فرجيا»،٦ بثورة عام ٣٦٦ق.م، ومن جهة أخرى نجد كلًّا من «أثينا» و«أسبرتا» قد لامت الملك العظيم على المساعدة التي قدمها لعدوتيهما «طيبة» في عامي ٣٦٧، ٣٦٦ق.م.
هذا، وقد كانت «أثينا» — أملًا منها في أن يمدها الفرس بالمال — تفكر بهذه الطريقة لتوسيع تحالُفها، وكانتْ قدْ لجأتْ إلى مساعدة «أريوبارزانس» فعلًا، وقد أرسلت «أسبرتا» الملك «أجسيلاوس» إليه كما أرسلت «أثينا» «تيموتيوس» إليه أيضًا في عام ٣٦٥ق.م ويُلحظ أنه ما بين عامي ٣٦٣–٣٦١ق.م كان الجزء الغربي من إمبراطورية الملك العظيم قد فُقد جميعُهُ، يُضاف إلى ذلك أن ربيبه «أوروتنيز Oiontes» صاحب «أرمينيا» وبلاد «ليكيا» و«بزيديا» و«بامفيليا» «وكليكيا» و«سوريا» و«فنيقيا» وكذلك بلاد «آسيا الصغرى» الإغريقية، قد انفصلت كلها عن الإمبراطورية الفارسية.
هذا، ونجد أن «موسوللوس» ملك «كاريا» قد عاضد الثورة، ولكن نُشاهد أن صديق الملك الحميم «أوتوفراداتس» صاحب «ليديا» كان مضطرًّا أن يُصبح وحيدًا، وأن يبقى بعيدًا على أية حال، وكذلك نجد أن «داتامس» قد وَصَلَ في زحفه مسافةً متقدِّمًا على نهر الفُرات، وذلك في حين أن «أورونتيز Orontes» الذي كان يقوم على رأس ثورة بوصفه القائد الأعلى لهجوم كبير على الملك العظيم — وقد كان مجهزًا بجيش جمعه في «سوريا» (Diod. XV, 91, 1) — قد أخفق مشروعُهُ من كل النواحي، في فكرته وفي قيادته، ومن جهةٍ أُخرى نجد أن «كورش» الصغير قام من «سرديس» بعصيانٍ على أخيه «أرتكزركزس» الثاني قاصدًا بذلك انتزاعَ ملك الأخمينيسيين، غير أن هذا الاتجاه لم يحز قبولًا قَطُّ من أي من الثوار الذين قاموا بثوراتٍ في عام ٣٦٠ق.م فقد كان غرضُ كل شطربة أن يصبح هو قويًّا ومستقلًّا بنفسه، ولكن لم يكن لديه أيُّ قصدٍ في الانفصالِ عن الإمبراطورية الفارسية اسمًا؛ إذ لم يكن لأَيٍّ من المشتركين في هذه الثورة أيةُ فائدة حقيقية من الانفصال عن ملك «فارس».
وهذه السياسة قد نفذت تمامًا في كل حالة فردية، فقد كان كل شطربة يظن أن ارتباطه مع الملك الأعظم يحقق فائدته أكثر مما لو انتقض عليه، وعلى ذلك تَحَطَّمَ العصيانُ وهدأت الثورات التي قام بها شطاربة المملكة الفارسية، وقد كان أول من سلم بالإخلاد إلى السكينة واسترضاء الملك الأعظم هو «أوروتنيز» وذلك بإرسال هدايا له كما وعد الملك العظيم، أن يجعل تحت سلطانه كل الشطربيات التي على ساحل «آسيا الصغرى»، وكذلك سلم له كل الثوار الذين كانوا في قبضة يده (Diod. XV, 91, 1) كما عاد كل من «موسوللوس» و«أوتوفراداتس» إلى سياسته القديمة، وبذلك قَوِيَ مركزُهُما بالولاء للملك العظيم. هذا، وسنجد فيما بعد أن «اريوبازانس Ariobazanes» ثم «داتامس»، قد لاقى كُلٌّ منهما حتفَهُ بالخيانة، فقد أُخذ الأول أسيرًا وقُتل الثاني،٧ وبذلك حفظ كيانَ الدولة الفارسية دون أن تتكلف الحكومةُ المركزيةُ أي مجهود حربي.

أما في «مصر» فإنه على ضوء هذه التطورات في الإمبراطورية الفارسية قد ظهرت في مصر حالةٌ جديدة.

وقبل أن نتحدث عن الأحوال السياسية التي نشأتْ عن ذلك يجب أنْ نتحدث هنا عن الآثار التي خلَّفها لنا الفرعون «نقطانب» الأول في أنحاء البلاد أولًا؛ وذلك لأن هذه الأحداث السياسية التي حدثتْ كانت في عهد ملكٍ آخرَ غير «نقطانب» وهو الملك «تاخوس».

آثار الملك «نقطانب» الأول «نقطانبيس»

قبل أن نتحدث عن آثار الملك «نقطانب» الأول يجدر بنا أن نَلفِت النظر إلى أنه على الرغم مِن عَدَمِ التفرقةِ بين اسمه واسم «نقطانب» الثاني في كُتُب التاريخ الحديثة؛ فإنه يوجدُ فرقٌ بَيِّنٌ في الكتابة المصرية القديمة، فنجد أن «نقطانب» الأول يُسَمَّى «نخت نبف» ويُسَمَّى الثاني «نخت حر-حبت».

هذا، ونجد أن «مانيتون» قد نطق الأول «نقطانبيس» ونطق الثاني «نقطانبوس» وقد اختلف الاسمان في بادئ الأمر على المؤرخين، ولكن في النهاية أصبح مِن المؤكد أن «نقطانب» الأول هو «نخت نبف» بالمصرية و«نقطانب» الثاني هو «نخت حر-حبت».

وسنُحاول أن نذكر آثارَ الفرعون «نقطانب» الأول على حسب ترتيبها التاريخيِّ بقدر المستطاع، وسيلحظ القارئُ في كتب التاريخ أنه إلى عهد حديث جدًّا كان الأول يحل محل الثاني والعكس بالعكس ومن أجل ذلك نلفت النظر إلى هذه الملاحظة الهامة.

(١) إدفو

يوجد في معبد «إدفو» نقشٌ مؤرخٌ بالسنة الأولى من عهد «نقطانب» الأول «نخت نبف» وقد دُوِّنَ في عهد «بطليموس» الحادي عشر «سوتر الثاني»، وهذا النقشُ خاصٌّ بإهداءِ قطعةِ أرضٍ للإله «حور» صاحب «إدفو»، وهو محفورٌ على الجِدار الخارجيِّ من السور الشرقي، وقد جاء فيه ذكرُ الملوك «نقطانب» الأول والثاني و«دارا» الفارسي.

هذا، ويوجد حتى الآن ناووسٌ من الجرانيت في معبد إدفو ولا بد أنه كان دون أي شك أَهَمَّ محرابٍ لعبادة «حور» «إدفو»، وقد نُقش على عارضتي هذا الناووس متنٌ يُحدثنا أن الملك «نقطانب» الأول قد أهدى هذا الناووس لمعبد «إدفو»، (راجع: Dumischen temple Inschr. I, Taf. III Al. 1–6).

وقد جاء في هذا النقش على لسان الإله «حور» ما يأتي: «جميلٌ هذا الأثر الذي أقمته لي وإن قلبي لمرتاحٌ لذلك سرمديًّا»، وبعد ذِكْر الأسماء الملكية يقول الملك «نقطانب» في إهدائه: «لقد عمله بمثابة أثره لوالده «حور بحدتي» الإله العظيم رب السماء، عمل له ناووسا فاخرًا من الجرانيت ومصراعًا بابُهُ مِن خشب الصنوبر ومُطَعَّمٌ بالنحاس، ومُغَشًّى بالذهب، ونقش عليه الاسمُ العظيمُ لجلالته، وفي مقابل ذلك وهبه الإلهُ ملايين من الأعياد ومئات الألوف من السنين أبديًّا.»

(راجع: L.D. IV, 43 a, b, 44 a, L.D.T. IV p. 67, Brugsch, Thesaurus, III p. 538 ff, pl. 1, 9, III 5, V, 22, VI 18, VIII, 14, Com p. W. Otto, Priester Und Tempel Bd. I, p. 263, Anm. 2, De Rochemonteix-Chassinat, Le temple d’Edfu VII, p. 189 ff, X, pls. CLXXI–CLXVII, XIV, Pls. DCXLVI–DCLIV.)

(٢) نقراش Naukratis

لوحة من الجرانيت الأسود خاصة بتتويج الملك في سايس والهبات لمعبد الإلهة «نيت».

في السنة الأولى من عهد الفرعون «نقطانب الأول» (راجع: J. E. A. Vol. 29 p. 60 ff).

وهذه اللوحة تمتاز بجمال كتابتها وغرابة نقشها؛ وذلك لأنها تحتوي على عدد كبير من الكلمات التي نجد فيها أن الهجاء التقليدي بالإشارات المقطعية قد حل محله الأحرف الأبجدية وحدها، وقد عزا الأستاذ «أرمان» هذا الإغراب في الهجاء إلى رغبة الكُتَّاب المتأخرين في الكتابة بأُسلوبٍ قديم بقدر المستطاع، على أنه لا تكادُ توجد أيةُ نقوش قديمة تحتوي على كتابات مثل التي نُقشت بها اللوحة التي نحن بصددها الآن. وقد قال «ماسبرو» عند فحص نُقُوش هذه اللوحة: إن هذه الكتابات سببُها — على ما يظن — معرفةُ الكاتب بإغريق «نقراش» واختلاطه بهم، ويقصد بذلك معرفته بحروفهم الأبجدية، وهذا الرأيُ الأخيرُ قد رفضه رفضًا باتًّا الأثري «بيل» الذي أظهر بحق أن كتابات لوحة «نقراش» توجد في نقوش أُخرى معاصرةٍ لها أو ترجع إلى العصر الساوي، وقد استخلص من هذه الحقيقة أن هجاء كلمات اللوحة هو مصري خالص، والواقع أن استنباطه لا يتمشى مع المنطق؛ وذلك لأن الكتابات التي نحن بصددها قد انحصرتْ في فترة قصيرة من التاريخ المصري نسبيًّا، وكل ما دلل عليه هو أن مثل هذه الكتابات كانت منتشرة أكثر مما أراد الإدلاء به «ماسبرو».

وعلى أية حال فإن وجود مثل هذا الهجاء لأول مرة لا بد لوجوده من معنًى في هذا الوقت الذي كانت فيه «مصر» قد أخذت تتصل بالثقافة الإغريقية، وبخاصة عندما نعلم أنَّ هذه الثقافة قُوبِلت بالترحاب في البلاط الفرعوني، ولا أَدَلَّ على ذلك مِن أن «ديودور» الصقلي قد حَدَّثَنا بأن «بسمتيك» الأول كان مِن كبار المعجبين بالثقافة الهيلانية، لدرجة أنه ثقف أولاده بهذه الثقافة الإغريقية.

ويُخيل إلينا أنه في العصر الساوي كان يوجد نفرٌ من المصريين قد تأثروا بنوعِ الكتابة التي كان يدون بها الأجانب الذين أتوا إلى بلادهم، وبخاصة ما كانت تنطوي عليها من بساطةٍ مدهشة، ومن ثم اتخذ مبدأ الكتابة بالحروف الأبجدية من وقت لآخر في الكتابات الهيروغليفية في هذه الفترة وأحيانًا فيما بعد، غير أن هذا المبدأ قد تُرِكَ جانبًا في نهاية الأسرة الثلاثين لسبب أو أكثر من الأسباب التالية: أولها: حكم التقليد الذي كان المصري يحافظ عليه بكل ما أوتي من قوة. ثانيًا: ثورة المصريين على كل ما هو إغريقيٌّ بدافع الوطنية المصرية، وذلك عندما غزا الإغريقُ البلاد وتسلطوا عليها. وثالثًا وأخيرًا: لُوحظ أن كتابة اللغة المصرية القديمة بحروفٍ أبجديةٍ فقط مؤلفة من حروف ساكنة؛ قد تسبب تضحية سهولة القراءة بدلًا من البساطة، وبذلك كان ضرر هذه الطريقة أكبر من نفعها، وهذا الاعتبار الأخير سواء أكان فعالًا أم لا فإنه على ما يظن يرتكز على أساس؛ وذلك لأن تركيب الكتابة المصرية القديمة العادية بما لها من مخصصات وإشارات تدل على كلمات خاصة، هذا بالإضافة إلى الاختلافات التقليدية في الكتابة لكلماتٍ مختلفة تحتوي على نفس الحُرُوف الساكنة يجعلها أكثر سهولة في قراءتها من كتابتها بالحروف الأبجدية؛ وذلك أن مجرد النظر للمعتاد على قراءة اللغة المصرية يكون كافيًا للتمييز بين الألفاظ ومعانيها.

وهاك ترجمة لهذه اللوحة على حسب البحوث التي قام بها نخبةٌ مِن علماء الآثار منذ العثور عليها (راجع Maspero. Comptes Rendus de I’Ac. Des Inscr. 1899, p. 793 ff.; Erman-Wilcken A. Z. XXXVIII, p. 127 ff.; Maspero, muse Eg. I, 40 ff., Sethe، A. Z. 39 (1901) p. 121–123; Piehl Sphinx VI 89 ff; Kuentz. In Bull. Inst. Fr. XXVIII, 103 ff.; Posener in A. S. XXXIV 141–8, J.E.A vol. 29, p. 90 ff):

السنة الأولى الشهر الثاني عشر اليوم الثالث عشر من عهد جلالة «حور» قوي الساعد، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، السيدتان (المسمى) مفيد الأرضين، حور الذهبي (المسمى) الفاعل ما ترغب فيه الآلهة، «خبر كا رع» بن «رع» «نقطانب» «نخت نبف» العائش أبديًّا، محبوب «نيت» الآلهة الطيبة سيدة «سايس»، رمز «رع» المحسن، وريث «نيت»، لقد اختارت جلالته من الشاطئين ونصبته حاكمًا على الأرضين، ووضعت صلها على رأسه، وهي التي تأسر له قُلُوب العظماء، وتخضع له قلوب عامة الشعب وتمحو كل أعدائه.

وإنه ملك قوي حامٍ ﻟ «مصر» وجدار من البرنز على كلا جانبي «مصر»، القوي جدًّا، والعامل بساعديه ورب السيف الذي ينغمس في الجمع، ومن يهيج عندما يرى أعداءه، أنه واحد يقطع قلوب المتمردين، ولكن يهب النعم لمن هو مُوَالٍ له، ومن ثم ينامون (؟) حتى طلوع النهار معتمدين على صفاته الباهرة دون أن يضلوا سبيلهم، ومن يجعل كل الأراضي يانعة عندما يشرق (مثل الشمس)، ويحفظ الناس في عافيةٍ بخيره (؟) وكل العيون تنبهر عند النظر إليه مثل «رع» عندما يشرق من الأفق، وحبه يفتح (كالزهر) كل يوم، لقد أعطى الحياة لأجسام الناس، وهو الذي تفرحُ الآلهةُ عندما تراه، وإنه ليقظٌ في البحث عن إنعامات لمحاربيها، ومن يدعو كهانها لأجل أن يشاورهم في كل مهام المعبد، ومن يعمل على حسب نطقهم دُون أن يكون في أذنه وقرٌ مِن كلماتهم، وهو ذو قلبٍ مستقيمٍ على طريق الإله، بأن مساكنهم (أي الآلهة)، ومقيم جدرانهم، وممد بوفرة موائدهم، وصانع أوانيهم المقدسة، ومنشئ قربانًا من كل الأنواع، وهو الإله الأوحدُ صاحب المعجزات العدة، ومن يقدم له نور الشمس ثناء، ومن تُظهر له الجبالُ ما في جوفها، ومن يقدم له المحيطُ مياهَه، والبلاد الأجنبية تقدم له فيضها، وإنه يشرح صدورهم في أوديتهم.

لقد طلع جلالته في قصر «سايس» يجلس في معبد «نيت»، وقد قيد الملك إلى مقر «نيت»، وقد ظهر بالتاج الأحمر بجانب والدته المقدسة عندما قدم قربانًا لوالده رب الأبدية في بيت «نيت» وقال جلالته ليعط:
  • (١)

    عشر الذهب والفضة والخشب، والخشب المشغول، ومن كل شيء يأتي من البحر اليوناني، ومن كل السلع التي تفد لأملاك الملك في المدينة المسماة «حنو» (غير معروف موقعها).

  • (٢)

    عشر الذهب والفضة وكل الأشياء التي تنتج في «بي-امروي» المسماة «نقراش» على شاطئ «عنو» (على الفرع الكانوبي)، والتي تحسب لبيت الملك (أي التي يجبى منها ضرائبُ الملك)، لتكون وفقًا لمعبد والدتي «نيت» أبديًّا، وذلك فضلًا عما كان موجودًا مِن قبل، ودَعْهَا تحول إلى نصيب (خاص) يساوي ثورًا وإوزة «رو» مسمنة وخمسة مكابيل «منو» من النبيذ بمثابة قربانٍ يوميٍّ دائم، وتوريدها يكون في خِزَانة والدتي «نيت»؛ وذلك لأنها سيدةُ المحيط، وأنها هي التي تهب خيره (أي أنها هي التي تهب «مصر» الخير الذي يحضر عبر البحار).

    وقد أمر جلالتي أن تحفظ أوقاف معبد والدتي «نيت» وأن كل شيء قد عملوه في الأزمان السالفة يستمر حتى يستمر ما عملته لأولئك الذين سيكونون مدة أبدية السنين، وقد أمر جلالته أن يسجل ذلك على هذه اللوحة التي يجب أن تُوضع في «نقراش» على شاطئ «عنو» وعلى ذلك ستذكر طيبته حتى نهاية الأبدية.

    من أجل حياة وثبات وعافية ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر كارع» بن «رع» «نخت نبف» «نقطانب» العائش أبديًّا، ليته يمنح كل الحياة وكل الثبات وكل السلطان وكل الصحة، وكل انشراح الصدر، مثل «رع» أبديًّا.

    وقد تحدثنا عن هذه الضرائب في مكانها، (راجع: مقال أرمان-فلكن A. Z. XXXVIII, p. 127).

(٣) وادي حمامات (السنة الثالثة)

يوجدُ نقشٌ على صخور «وادي حمامات» في مغارة مؤرخ بالسنة الثالثة من فصل الزرع، اليوم الرابع من عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري، الإله الطيب رب الأرضين «نقطانب» الأول، ويشاهد في المنظر الإله «آمون» جالسًا على عرشه بوجهه نحو اليمين، وقد نقش على يمينه: «آمون رع» رب تاج الأرضين … إلخ.

هذا، ويشاهد في هذا المنظر — فضلًا عن الإله «آمون» — الملك «نقطانب» الأول يُقدم البخور وإناء ماء للإله «مين» رب «قفط»، وكذلك للإله «حربوخرات» الذي وقف خلفه والإلهة «إزيس» التي تأتي في الخلف أخيرًا، وهؤلاء الآلهة الثلاثة هم ثالوثُ هذه الجهة (راجع: L.D. III 287 a)، ويُشاهَد تحت الملك مبنى على قمته هرم، كما يُشاهَد خلف هذا الثالوث صورة شخص صغير الحجم، وعلى اليمين يُشاهَد الإله «بتاح» مرتين الواحدة فوق الأخرى في محرابه، وعلى اليمين من ذلك يشاهد كاهن أمام الإله «مين» (راجع: L.D. III 286 h)، ويشاهد في نفس المنظر على ارتفاع بسيط يمين تاج رأسه الإله «مين» الإله «آمون رع» جالسًا، وقد نقش تحته المتنُ الذي ذكرناه في أول الكلام عن نُقُوش هذا الكهف، ويُلحظ أن المنظر كله قد انتشرتْ في أنحائه كتاباتٌ إغريقيةٌ وديموطيقيةٌ منقوشةٌ في الصخر، (راجع: L.D. VI, p. 100).
(انظر كذلك: Friedrich Karl Kienitz, Die Politische Geschicte Agyptens Von der Zeitwende p. 200; L.D.T.V. p. 353-354; Couyat-Montet, Les inscr, Du Ouadi Hammamat, p. 43 No. 26 & pl. VIII.)

(٤) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)

عثر الأثري «بركش» على لوحة من اللوحات التي كانت موضوعة في سرابيوم «منف» في قلعة «القاهرة» ضمن الآثار التي كانت محفوظة فيها، وقد بدأت بالكلمات التالية: في السنة الثالثة اليوم الأول من شهر بشنس من عهد الملك «نقطانب» الأول الذي نصبها عن موت العجل «أبيس» الذي ولدته البقرة! …

(راجع: Brugsch, A.Z. 22 (1884) p. 134 No. 23; Revillout, Not. Pa p. Dem. Arch. p. 479.)

(٥) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)

يوجد في متحف «برلين» لوحة منقوشة بالديموطيقية، مؤرخة بالسنة الثالثة، وكانت موضوعة في ضريح عجل «أبيس»، (راجع: Berlin Mus. No. 2127, Ausfuhrliches Verzeichnis der Agyptischen Altertùmer und Gipsabgusse im Konigl. Museum zu Berlin 2 aufgabe Berlin 1899 p. 312).

(٦) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)

يوجد بمتحف «اللوفر» لوحةٌ منقوشةٌ بالديموطيقية، مستخرجةٌ من السرابيوم، وقد نبه عنها الأثري «مريت»، (راجع: Le Serapeum Edit., Maspero p. 127; Revillout, Not. Pa p. Dem. Arch., p. 479).
وقد ترجمها الأثريُّ «ريفيو»، وهذه اللوحةُ تذكر لنا موت عجل «أبيس» وتضيف إلى ذلك أن العجل «أبيس» هذا كان قد انتخب في السنة الأولى في ٢٨ برمودة من عهد الملك «نقطانب» الأول على ما يظن، (راجع: L.R. IV p. 184, Note b).

(٧) وادي النخل (السنة السادسة)

عثر على متن قصير مكتوب بالديموطيقية باسم الملك «نقطانب» الأول ونشر الأثري «كليدا» متنين بالديموطيقية، أرخ كل منهما بالسنة السادسة ويقعان في «وادي النخل» بالقرب من «تل العمارنة»، وقد نشرهما ثانية الأثري «شبيجلبرج» (راجع: J. Cledat, Bull. Inst. Franc. D’Archeol. Orient. II p. 69, et, pl. VII No. 27, 29 et 31; spiegelberg, Rec. trav. XXVI (1904) p. 159–61).
جاء فيها: في السنة السادسة … قبل «تحوت» العظيم سيد «الأشمونين» للإله العظيم بوساطة «أونوفريس» بن … والملك المشار إليه هنا هو «نقطانب» الأول، وكذلك وُجد نقشٌ آخرُ في نفس الجهة مؤرخٌ بالسنة التاسعة (Ibid. pl. VII No. 27)، ويحتمل أنه لنفس الملك، (راجع: Spiegelberg Ibid. p. 161).

(٨) محاجر طرة (السنة الثالثة)

وعثر الأستاذ «شبيجلبرج» على نقش في محاجر «طرة» مؤرخٌ بالسنة الثالثة؟ الشهر؟ من عهد الملك «نقطانب» الأول، عاش مخلدًا (راجع: A.S. VI 1905 p. 219 ff. No. 5-6, 21, 25).

(٩) السرابيوم (لوحة مؤرخة بالسنة الثامنة)

وذكر الأثري «فيدمان» (راجع: Wiedemann, Gesch. p. 718) لوحة لم تنشر محفوظة في متحف «اللوفر» عثر عليها في سرابيوم «منف» وقد أرخت بالسنة الثامنة من عهد الفرعون «نقطانب» الأول.

(١٠) الأشمونين (السنة الثامنة)

لوحة من الحجر الجيري

وتحتوي على خمسة وثلاثين سطرًا، وتشتمل على تقرير يتحدث عن مبان وأوقاف في ثلاثة مواضع في «الأشمونين» من السنة الرابعة حتى السنة الثامنة، وهي محفوظة الآن بالمتحف المصري، (راجع: Roeder, Hermopolis (1938) und Mitteilung D. Inst. 9 (1940) p. 78) انظر: [فصل: «مصر» في عهد «نقطانب» الأول – وادي حمامات (السنة الثالثة)].

(١١) إهناسيا المدينة؟ (السنة الثامنة)

بردية مكتوبة بالديموطيقية مهشمة تمامًا، وهي محفوظةٌ الآن بجامعة «ليل» من أعمال «فرنسا»، وقد نشرها الأثريُّ «سوتاس»، (راجع: Sottas Papyrus demotiques de Lille. p. 49–51, No. 22–24).

وقد جاء عليها ذكرُ «سماتوي تفنخت» وهو أحدُ أفراد أُسرة شهيرة، وجاء فيها ذكرُ بلدة «إهناسيا المدينة» (وقد عثر عليها في مدينة «غراب» بالفيوم).

(١٢) إدفو (؟)

وجد في «إدفو» ورقةٌ بالخط الديموطيقي مؤرخةٌ بالسنة الخامسة عشرة، الشهر الثاني، وتحتوي على عقد زواج، (راجع: Junker. PaP. Lonsdorferl)، عُثر عليها في جدار مُقام باللبنات في الركن الشمالي من معبد إزيس الكبير، وهي محفوظةٌ الآن بالمتحف المصري.

(١٣) قفط

لوحةٌ مؤرخةٌ بالسنة السادسة عشرة مِن عهد الملك «نقطانب» الأول، وهذه اللوحةُ مصنوعةٌ من الحجر الرمليِّ عُثر عليها في خرائب «قفط»، وهي الآن محفوظةٌ بالمتحف المصريِّ، وارتفاعُها ٤٢ سنتيمترًا وعرضها ٢٠ سنتيمترًا، وأعلاها مستديرٌ ويُشاهَد فيه قرصُ الشمس المجنح، ويُلحظ أن الصلين منفصلان من قرص الشمس ويُحيطان بطغراء الملك «نقطانب» الأول، وعلى اليمين نقش «بحدتي» (أي الإله «حور» المنسوب إلى «إدفو»)، ويشاهد كذلك في الجزء الأعلى المستدير تحت قرص الشمس الإله «مين» واقفًا ومعه النقش التالي: «الإله «مين» صاحب «قفط» الإله العظيم رب السماء ورب انشراح الصدر.»

وكذلك يشاهد الإله «حور» بن «إزيس» و«أوزير» واقفًا برأس صقر ويتقبل ترحاب الملك «نقطانب» الأول مُعطَى الحياة مثل «رع» أبديًّا، ويُلحظ أن هذا الملك يلبس قبعة الحرب واقفًا وهو يقدم لهذين الإلهين رمز الحقل ومعه المتن التالي: «يقدم لوالده الحقل الذي عمله له مُعطَى الحياة مثل «رع».»

وفي الجزء الأسفل من اللوحة نقش مؤلف من ثلاثة أسطر أفقية جاء فيها:

«السنة السادسة عشرة من عهد جلالة «حور» قوي الساعد، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف» مُعطَى الحياة، لقد عمل آثارًا لوالده «آمون» صاحب «قفط» فبنى له جدارًا عمله بالعبيد؟ حول معبده، وقد عمله ليعطى الحياة أبديًّا.» ويقول «ماسبرو»: إنه رأى بقايا هذا الجدار المقام باللبنات في الزاوية الجنوبية لمعبد «إزيس» الكبير الذي نظفه في «قفط» في الأيام الأولى من عام ١٨٨٣م، (راجع: A. Z. 23, p. 4-5).

(١٤) بلوزيوم (الفرما)

عثر الأثري «كليدا» على معيار وزن من الجرانيت الأسود في «بلوزيوم»، وجهه الأعلى مقببٌ ومسطحٌ مِن أسفلَ ويبلغ ارتفاعُهُ ١٧٧ ملليمترًا وقُطره ٣٢ سنتيمترًا وقُطرُهُ الأسفلُ ٢٧٥ ملليمترًا ووزنُهُ الحالي = ٣٢ كيلوجرام، وقد عُثر عليه في خرائبِ المدينة على سطحِ الأرض، وقد نقش عليه متنان بالمصرية القديمة باسم «نقطانب» الأول، أولهما جاء فيه: «الملك الكامل» رب الأرضين ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع».

والثاني جاء فيه: يعيش «حور» القوي الساعد، السيدتان (المسمى) مثبت الأرضين، «حور» قاهر «ست» (المسمى) العامل ما تحبه الآلهة، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) «خبر-كا-رع» ابن الشمس (المسمى) «نخت نبف» (المسمى) العامل … من الذهب الجميل، (راجع: Rec. Trav. 37 p. 33-34, Fig 2–4 Ancient Egypt, 1915 pl., 84, Poiter & Moss IV p. 1).
حيث يقارن هذا الوزن الروماني Centumpondiüm وهو يساوي ٣٢ كيلوجرامًا.

(١٥) «بتوم» (تل المسخوطة)

وُجدت قطعةٌ مِن لوحة صغيرة من الحجر الجيري الأبيض في تل المسخوطة، وهي محفوظةٌ الآن بمتحف «الإسماعيلية» تحت رقم ٦٨٦ عليها الاسمُ الحوري للملك «نقطانب» الأول.

(راجع: Rec. trav. 36 p. 109, Com p. Ancient Egypt 1915 p. 28.)

(١٦) «بتوم»

عثر كذلك لهذا الفرعون على صناجة وقد جاء عليها: (١) الإله الكامل رب الأرضين، «خبر-كا-رع» (لقب «نقطانب») محبوب «حتحور» صاحبة «عنو»٨ ومفكت … في بيت «قرحت»، (٢) ابن الشمس رب الأرضين «نخت نبف» محبوب «حتحور» صاحبة «عنوت» … و«آتوم» صاحب «تكن»٩ (تل المسخوطة) و«إيزيس» سيدة الآلهة، (راجع: Rec. Trav. 36, p. 109, No. IV Com p. Ancient Egypt 1915 p. 28).

(١٧) «المنجات الكبرى» الواقعة غربي «القنطرة»

عثر فيها على قطعة من الحجر الرملي صور عليها الملك «نقطانب» الأول والآلهة «بوتو»، (راجع: Uriffith in pertie tanis II, p. 46 pl. XLII).

(١٨) «قنتير» الواقعة شمال «فاقوس»

يوجد في متحف «ميونيخ» قطعتان من منظر رُسمتا بصورة فنية بديعة مما يقدم لنا فكرة عن تقدُّم الفن في هذا العهد باسم الملك «نقطانب» الأول، ومما يؤسف له جِد الأسف أن كلًّا منهما لا تحتوي إلا على جزء من اسم الملك، غير أن فيهما كل ما هو كافٍ للدلالة على أنه «نقطانب» الأول «نخت نبف»، (راجع: Spiegelberg, A.Z. Band, 65 p. 103-104, Pl, VI No. e & f).

لوحة الملك نقطانب «نخت نبف» الأول

(راجع: A.S.L. III, p. 375–442.)

عُثر على هذه اللوحة خلال أعمال الحفائر التي قامت بها البعثة الألمانية عام ١٩٣٩م، في «الأشمونين»، وهي مصنوعةٌ من الحجر الجيري الأصفر المائل إلى السمرة، ويبلغ طولها ٢٫٢٦ مترًا وعرضها حوالي ١٫١٥ مترًا، وسمكها حوالي ٠٫٥٢ مترًا.

وصف اللوحة: يشمل الجزء الأعلى من هذه اللوحة صورة سماء منحنية تتفق مع شكل اللوحة المستديرة في أعلاها، ويُشاهَد على يمين ويسار هذه السماء رمز الصولجان «واس»، ورسم في الجزء الأعلى من هذه اللوحة منظران يُرى فوقهما صورة الشمس ترفرف عليهما بجناحيها، ويشاهد على كل من جانب قرص الشمس صل، ويُلحظ أن الذي على اليمين يلبس تاج الوجه القبلي والذي على اليسار يرتدي تاج الوجه البحري، وقد نقش أمام كل من الصلين النقش التالي:

«بحدتي» «الإله العظيم، المبرقش الريش، رب السماء»، كما نقشت بينهما العبارة التالية: «ليته يعطى الحياة لكل واحد.»

المنظر الذي على اليمين: يشاهد في هذا المنظر الملك يقدم صورة آلهة العدل للإله «تحوت» وللآلهة «نحمت-عاوي»، ويُلحظ أن الملك الذي يرى وهو يخطو إلى الأمام؛ يرتدي قميصًا قصيرًا، ويتدلى من حزامه الذيلُ التقليديُّ ويحلي عنقه عقد بسيط، وعلى رأسه خوذةُ الحرب محلاة بالصل، وقد مثل الملك بيديه مرفوعتين، في اليسرى صورة رمز العدالة واليمنى ممتدة إلى الأمام نحو «نحوت»، ونقش فوقه: «الملك الكامل رب الأرضين «خبر-كا-رع» ورب التيجان «ونخت نبف» الممنوح الحياة والسلطان مثل «رع».» ويحلق فوق رأس الملك صقر منتشر الجناحين، والجناح الأيسر منتشرٌ إلى الأمام والأيمن إلى أسفل، ونقش أمامه «بحدتي الإله العظيم»، ونقش خلف الملك: «كل للحماية والحياة والسلطان تكون خلفه كما هي خلف «رع»، أن الأبدية مع كل انشراح القلب سرمديًّا ملكك.»

ونقش أمام الملك عموديًّا: «تقديم العدل لربة العدل، ومنها يعيش وأنه يعطي الملك الحياة.»

أما الإله «تحوت» — الذي يشاهد في الصورة — فقد مثل قابضًا بيده الممتدة على صولجان الحكم «واس» ويقبض بيده اليسرى المتدلية على رمز الحياة، ويُلحظ أنه يرتدي قميصًا ضيقًا وحزامًا أملس وذيل ثور، وكذلك يحلي رقبته عقد بسيط، وعلى رأسه تاج بقرنين في وسطهما قرصُ الشمس.

ونقش فوق «تحوت» سطر عموديٌّ جاء فيه: «(١) أعطيك سني الحياة الأبدية منضمة مع الحياة والسلطان»، (٢) «تحوت» صاحب العظمة المزدوجة رب «الأشمونين» ابن «رع» سيد الدل، (٣) رئيس الآلهة، ومن حقق العدالة لتاسوع الآلهة، (٤) الإله العظيم رب السماء.

ونقش أمام «تحوت» أفقيًّا: «أعطيك الملك العظيم في حياة، وثبات وسلطان لأجل أن تقيم العدل على هذه الأرض.»

ويقف خلف الإله «تحوت» الآلهة «نحمت-عاوي» تخطو وئيدًا بقدمها اليسرى، وقد ارتدَت على رأسها غطاء غريبًا في بابه.

وقد نقش فوقها ما يأتي: «(١) أمنحك قوة «منتو»، وقوة مثل تلك التي لابن «إزيس» (٢) «نحمت-عاوي» القاطنة في «الأشمونين» وعين «رع» التي في جبهته (٣) ورئيسة البيت الذهبي، الفاخرة المقر، سيدة السماء، وسيدة الأرضين التي تمنح الحياة والثبات والسلطان مثل «رع».»

ونقش أمامه: «إني أمنحك إشراق «رع» في السماء دون أن يشرق عدوك أبديًّا.»

ونقش خلف «نحمت-عاوي» في سطر عمودي (ويحتمل أن يكون ذلك كلام «تحوت») كلام: «لقد منحتك أن يغسل قلبك (أن يكون فرحًا) في كل الأراضي وذلك لتعيش وتجدد مثل «رع».»

الصورة التي على اليسار: يشاهَد فيها الملك يتسلم أَعيادًا ثلاثينية من «تحوت»، ومن الآلهة «نحمت-عاوي»، ويُلحظ أن الملك «نقطانب» يلبس نفس الملابس التي يلبسها في الصورة التي على اليمين، ويقبض بيده اليُسرى المتدلية على علامة الحياة، ويرفع يده اليُمنى ليتسلم من الإله «تحوت» علامة العياد الثلاثينية، ونقش فوقه: «الإله الكامل رب الأرضين «خبر-كا-رع» رب التيجان «نخت-نبف» مُعطَى الحياة والسلطان مثل «رع» ونقش خلفه في سطر عمودي نفس الصيغة التي نُقشتْ في الصورة التي على اليمين.

ونقش أمام الصقر الذي يحلق فوق الملك: ««بحدتي» الإله العظيم.» ويلبس الملك الذي يرى وهو يخطو إلى الأمام نفس الملابس التي يلبسها في المنظر الذي على اليمين، ويقبض بيده اليسرى على جريدة نخل، يكتب عليها بقلم في يده اليمنى السنين، ويشاهد في الجزء المنحني من جريدة النخل شريطان يتدلى منهما الردهتان اللتان يتألف منهما رمزُ العيد الثلاثيني، وقد نقش فوقه في سطر أُفُقي: (١) «إني أعطيك عمر «رع» وسني «آتوم» (٢) «تحوت» المضاعف العظمة سيد «الأشمونين» ورئيس «حرست؟» ورئيس (؟) … (٣) والذي يخلق كل ما هو كائن، الإله العظيم رب السماء.»

ونقش أمام «تحوت» عموديًّا ما يأتي: (١) «تسلم الأعياد الثلاثينية التي أعطاها إياك والدك «تحوت» أبديًّا، (٢) إني أكتب لك أعيادًا ثلاثينية مثل (تلك التي للإله «رع») يا بني المحبوب إن سنيك ملأى بالحياة والثبات والسلطان لجلالتك، مع القوة كلها أبديًّا أبديًّا.»

وترى الآلهة «نحمت-عاوي» وقد صورت بالصورة نفهسا التي على اليمين، وقد نقش فوقها ما يأتي: (١) «إني أعطيك البطش مثل «تحوت» وعمرك مثل عمر «رع». إن «نحمت-عاوي» التي في بيت «رع» قوية في القصر، وهي التي تخلق الكائنين والتي تحمي المدينة (؟) سيدة كل الأرضين وربة كل الآلهة.»

ونقش أمامها: «إني أعطيك ملك والدك «رع» بنصر أبدي.»

ونقش خلفها (ويحتمل أن ذلك كلام «تحوت»):

بيان: «إن مملكة «آتوم» في ساعدك وعلى رءوس الأراضي الأجنبية كلها دون أن تمد يدك إلى كل الأراضي أبديًّا.»

متن اللوحة

(أ) من سطر ١–٧، أول تاريخ ورد على اللوحة هو السنة الرابعة: ونقش تحت هذين المنظرين السالفي الذكر متن مؤلف من خمسة وثلاثين سطرًا

وهاك ترجمتها:

(١) السنة الرابعة الشهر الثاني من فصل الفيضان في عهد جلالة «حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري، نبتي (العقاب والثعبان)، (المسمى) الذي يزين الأرضين «حور» المسيطر على نوبتي (أي ست) (المسمى) الذي يعمل ما تحبه الآلهة «خبر-كا-رع»، ابن «رع» سيد التيجان (المسمى) «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع» المحبوب من ملك الوجه القبلي أبديًّا، وملك الوجه البحري سرمديًّا رب أرباب «الأشمونين» والقاضي والوزير ورب العدل؟ «تحوت» المشرف على القردة، إن الإله الكامل يعيش، ابن «تحوت» نتاج (٢) سيد «الأشمونين» والذي يُرشد الأرضين، ومن جماله مثل جمال «شو» ابن «رع»، وإنه صورة «رع» الحية التي على الأرض، نتاج ثورة الآلهة ومن رفعه الإله ومن حمله رئيس الملايين (أي الإله «شو» الذي رفعه «رع»؟)

ومن أعطى … (٣) ومن أحضر صور آلهة هذه الأرض بوصفه ملك الأرضين، والذي … بيوت الإله الذي أعطاه «شو» الملك على عرشه في الجدار الأبيض (منف) الإله الكامل صورة «رع» والبيضة الممتازة لسيد الحياة، وأنه «تحوت» الذي خرج هو من جسمه، وأنه حامي مَن يجلس على عرشه، وكل حياة بجانب الإله في … وعندما يشرق «رع» تأتي الحياة لكل فرد في مملكته من على كرسي «رع»، والذي يعطي للإله أجسامها، والتي صورها أُنشئت فيها من أجلك (؟) ومن ثم تتبعها كُلُّ الناس، ومن يأتي إليهم بنيلٍ عظيمٍ في ميعاده … من رغب، أن الحياة … في قلب «رع» (٥) ومن قلبه تعرفه بسبب ذلك الآلهة، ومن ثم يحبون أولاده، ومن أعطوه مملكة الأبدية والحكم السرمدي بوصفه ملك الأرضين حاكم الشواطئ؛ لأنه ابنُ رب الحياة، وأنه «تحوت» الذي يحب الإله الكامل، (أو الذي سيجعل الإله الكامل يعيش)، شديد القوى … الأقواس التسعة … ومَن الفزعُ منه عظيم في أجسام الذين يجهلون قوته (؟) الملك القوي الذي يضرب عدوه، العظيم الاسم، الفاخر اللقب، وأنه أمير حلو الحب.

ومَنْ بنظرته تتهللُ كل الناس كأنه «رع» عندما يُرى مشرقًا، وهو «رع» القدسيُّ الوجه (؟) للملك بوساطة التضرع … جلالته لأجل (؟) روحه، ومن يقلع إليه أهلُ الوجه القبلي وأهل «مصر» السفلي ينحدرون إليه، وعلى رءوسهم أشياؤهم الثمينة في حين أنهم يرجون منه حياتهم، وكان جلالته في هم (؟) وكان حول «مصر» بمثابة حائطٍ من النحاس (؟) منذ … بفضل قيادة الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع».

تعليق: يحتوي هذا الجزء من المتن فقط على تاريخ، وهو السنةُ الرابعةُ من حُكم الملك «نقطانب»، كما يحتوي على نعوت عدة لهذا الفرعون، وينتهي هذا الجزءُ كبقية الأجزاء التي تشملها هذه اللوحة باسم الملك، ومن ثم يستنبط أن متن اللوحة قد وضع في صورة شعرية، وأهم ما يلحظ في موضوع هذه الفقرة أن الملك قد أعاد تماثيل الآلهة، إلى ما كانت عليه بعد أنْ كان الفرسُ قد اتخذ مكانة بارزة بجوار الإله «تحوت» الذي أُقيمت اللوحة في مقاطعته، وكذلك الإله «رع» بوصفه الإله المسيطر، وقد كان يعبد الإله «شو» في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الوجه البحري.

(ب) من سطر ٧–٩ من هذه اللوحة

زيارة القائد «نخت نبف» لمدينة «الأشمونين» (قبل تَوَلِّيه الملك)

أتى جلالتُه إلى مدينة «حرست» (٨) زمن الملك الذي كان قبله عندما كان قائدًا، وقد أراد جلالتُه أن يكون بمثابة المخلص الذي هزم عدوه، وقد أراد أن يكون الحاكم الوحيد … تل للأرض الخاصة بسكان المدينة، وعندما انتصر على الأعداء خلص عظماء المدينة، وأحيا صغارَها الذين كانوا في محنة في زمن الملك الذي كان قبله.

«ابن رع» سيد التيجان «نقطانب» الذي يعيش مثل «رع».

يُفهم من هذه الفقرة أنها تقريرٌ عادي، عن حادثة كانت قد وقعتْ ولم تحمل تاريخها، غير أنها — لا بد — كانت قد حدثتْ قبل التاريخ الذي ذُكر في صدر اللوحة، وفي عهد ملك قد حكم من قبل، وكل ما تَدُلُّ عليه هذه الفقرةُ أنها تُحدثنا عن زمنِ بؤسٍ تَحارَبَ المصريون فيه بعضهم مع البعض الآخر، ومن المحتمل أن المتن الذي نحن بصدده كُتب تخليدًا لحادث وقع ولعب فيه «نقطانب» — بوصفه قائدًا — دورًا بارزًا على أعداء مليكه، وكان فيه النصرُ حليفه، ومن ثم أراد أن يُظهر ما فعله من خير لأهل «الأشمونين».

وتَدُلُّ شواهدُ الأحوال على أن المقاطعة الخامسةَ عشرة — أو على الأقل عاصمتها — كانت في جانب حزب الملك، ونعرف أن «نقطانب» الذي كان مسقط رأسه «سمنود» قد حارب فيما سبق بقوة من الجنود المرتزقة ملك الفرس لحساب ملوك الأسرة التاسعة والعشرين التي يرجع أصلها إلى بلدة «منديس» الواقعة في شرقي الدلتا.

(ﺟ) من سطر ٩–١١

«نقطانب» يتسلم الصل الملكي

لقد طلب إلى أمه «وسرت» «نحمت-عاوي» عين «رع» … في المدينة (يقصد هنا «قفط»!) وعندما أصبح ملكَ الوجه القبلي والوجه البحري بسنين عدة بوصفه حاكمًا طيبًا لهذه الأرض؛ سار إلى المقر الملكي (١٠) و(الملك الحالي؟) الذي كان في القصر، ثم أصدر منشورًا (؟) عن الذي حدث فيه، ولكن بعد أن سمح له والدُهُ «تحوت» المزدوج العظمة ورب «الأشمونين» ووالدته «وسرت» «نحمت-عاوي» (أن يكون بمثابة ملك للوجه القبلي أبديًّا وملكًا لوجه البحري سرمديًّا)؛ رغب جلالتُه في صل على رأسه؟ وقد خشي قوته الناس في كل الأراضي، وكذلك أقوام الأقواس التسعة.

الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا.

تعليق: في هذه الفقرة لا بد أن نذكر أن الآلهة «وسرت» قد قامتْ بعمل طيب للملك، وقد حدث ذلك عندما وضعت الصل على جبينه، وذلك على غرار ما عملتْه مع والده «رع» إله الشمس فيما مضى، وهذا الحادثُ ليس فيه غرابة؛ وذلك لأن كل ملك بوصفه ابن الشمس كان لا بد أن يضع على جبينه الصل ليحميه من الأعداء، غير أن هذا الحادثَ له مدلولٌ خاصٌّ وذلك أن «نقطانب» لم يكن من دم ملكي، بل كان مجرد جندي، وعلى ذلك فإن الإلهة «نحمت-عاو» هي التي حصلت له على عرش الملك، وذلك بوضع الصل على جبينه، وقد قامتْ هذه الإلهةُ بمنحه فضلًا خارقًا للمألوف — كما سيأتي بعد (سطر ١٧).

ومن معنى هاتين الفقرتين نفهم أن الإلهة «نحمت-عاوي» ومعها الإله «تحوت» والإله «رع» قد قاموا بتتويج «نقطانب» ملكًا على «مصر»، فهل ينبغي أن يكون إعلانُهُ ملكًا قد حدث في «مصر» الوسطى بقيادة أو بمساعدة مقاطعة «الأرنب» الواقعة في «مصر» الوسطى؟ وإذا كان الأمرُ كذلك فإنه يكون من المفهوم السبب الذي جعل «نقطانب» يقوم بأعمال البناء الجديدة التي أقامها في «الأشمونين»، وهكذا نرى أن قوة «مصر» العُليا بالموازنة مع «مصر» السفلى والأراضي الأجنبية؛ قد انعكستْ صورتها في حادثة تاريخية.

(د) من سطر ١١–١٥

الملك «نقطانب» يُقيم معبدًا للآلهة

لقد عمله بمثابة أثره لأمه «وسرت» «نحمت-عاوي» العظيمة في (الحماية؟) … في … التي حمايتها؟ المملكة الخاص ﺑ … في الآلهة، عين «رع» سيدة السماء وأميرة كل الآلهة … ﻟ «رع» لأجل … والخوف منه (أي «رع») قد وضع في الآلهة والناس، وقد أقام له (الملكُ) بيتًا في وسطه قاعةٌ من حجر «قيس» وعمدها (أي عمد الواجهة) من (الحجر الجيري الأبيض الجميل)، وكلُّ واحد منها مزخزفٌ بأربعة وُجُوه «حتحور» (موشاة بالذهب) وسقف جميل المنظر، ومُطَعَّم بكل حجر ثمين ومزخرف بخشب الصنوبر ومطعَّم بالذهب وواحد … طرقه؟ حول هذه القاعة مُغَشَّاة بالذهب، ومطعمةٌ بكل الأحجار الفاخرة، رقعتُها (رقعة القاعة) مكسوة بالمرمر كأنها الماء … يقال لها … ولمعانها مثل الأشعة (عندما يراها) كل الناس؟

وقاعة (قاعة عمد) (؟) سقفها من الحجر الجيري الأبيض وعمد السماء الأربعة … كشيء جميل مزين بخشب الصنوبر ومغشًّى بالذهب ومطعم باللازورد (القاشاني الأزرق) والذهب وحجر (أبخا)؟ … وواحدة … قاعة محراب (؟) من الحجر الجيري الأبيض ومصراع الباب من خشب الصنوبر (المغشى بالذهب) وكل هذه … منقوشة (؟).

ب … وعمل جلالتُه حديقةً جميلة في الردهة الأمامية خارج هذا البيت، وكل شجرة ونخلة تنبت … وكل نبات يخرج (فيها؟) … هذا البيت هو أُفُق ربة (زوجة؟) حاكم القصر …

(وقد عمل ذلك)؛ أي ابنة المقدس؟ ابن «تحوت» رب التيجان «نقطانب» (العائش أبديًّا).

تعليق: هذه الفقرةُ تَبتدئ بالصيغة المعتادة الخاصة بالعمارة، وهي التي تقرأ فيها تقديم الملك لإله المعبد، ثم يتبع ذلك وصفُ الأجزاء المختلفة للمبني، وقد استعملت فيها بعضُ التعبيرات التي عرفناها في مبانٍ حقيقية، وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أن المبنى الذي وُصف هنا هو ردهةٌ أماميةٌ أقامها «نقطانب»، وقد أُقيمتْ فيها اللوحةُ التي نحن بصددها، والواقعُ أن ما وُصِفَ هنا هو معبدٌ، له واجهةٌ، فيه ردهة تحيطها طرقةٌ ذات عمد، ثم قاعة عمد معروشة، وعلى حسب ما جاء في سطر ٢٦ تحتوي على محراب، ومساحتُها ١٥ × ٣٠ مترًا على حسب ما جاء في سطر ٢٣، وعلى مقربة من هذا المبنى حديقةٌ فيها أشجارٌ وأزهار، ولدينا بناءٌ مشابهٌ لذلك في القسم المقدَّس، لم يعثر عليه حتى الآن، ولا بد أنه يوجد على مسافة من مكان اللوحة، ويحتمل أنه في الشارع المؤدي إلى معبد «فيليبوس Philippos».

(ﻫ) من سطر ١٥–١٨

الآلهة ينشرح قلبها للبناء الجديد

(ولم يعمل مثيلُهُ) منذ الأزل، وهو (أي البيت؟) على الأرض مثل أُفُق «آمون-رع» في السماء، وأنه (مثل) أرض «بنت» التابعة لها سيدة «حرست» وأنه أفق صل الجبين الخاص بالإله «رع» الذي فيه «ونو» الوجه القبلي، وقد عمل لها مكانًا عظيمًا (محرابًا) … وكان قلب «رع» في فرح عندما نظر ابنته، ولأنه عمل ما ترغب فيه في هذا البيت يوميًّا؛ ولهذا السبب أعطيت إياه مملكة ملك الوجه القبلي.

وهذه الآلهة، كان «رع» و«تحوت» … أمامها على حسب ما عمل لها ما يحبه قلبها نهارًا وليلًا، (كما جاء في سطر ٢١)، ويعمل لها في هذا البيت ما يحبه قلبها … في «حرست» وكل ما خرج (من المعبد) (كانت الآلهة منشرحة به) وكل ما دخل في البيت، فإن قلب الآلهة لا يكون مكتئبًا من أجله، والقُرُبات المختارةُ التي أُحضرتْ تكونُ مثل التي من «بنت» (وقد عملها)؛ أي الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع».

تعليق: يلحظ أن هذه الفقرةُ ابتدأتْ بجملةٍ تُعتبر أنها خاتمةٌ لوصف ما سبق، يُضاف إلى ذلك أن المؤلف لم يقدم لنا أيَّ بيانٍ ملموسٍ، وقد ذكر لنا فقط في سطر ١٦ المحراب، ثم يُكرر تلميحاتٍ عتيقة ذات صبغة أُسطورية خاصة بالأشمونين، ثم يتحدث عن ترتيبات لتزيين المعبد، وفي هذه الفقرة تظهرُ الإلهة «وسرت» بوصفها ابنة «رع» الذي يظهرها بوصفه ملكًا قويًّا، غير أنه لم يأخذ مكانه في المقدمة هنا، وعلى أيَّةِ حال فإن إنشاءَ هذه الفقرة غامضة المعنى.

(و) من سطر ١٨–٢١

الملك «نقطانب» يحبس قربانًا للآلهة

ولقد (جعل إقامة وتجهيز) هذا البيت ﺑ … وأتى جلالته (؟) … وجلالة هذه الآلهة أدخلت بيتها الذي بناه لها، ولم يعمل له مثيلٌ في الأزل، وقد قَرَّبَ قُربانًا عظيمًا من الخبز والجعة والثيران والعجول والإوز والخمر والسدر وكل الأشياء الجميلة … (وسكان «الأشمونين» يهللون) … بأزهار السوسن عندما كان الإكليل على رءوسهم، الرجال مثل النساء، وصوت تهليل هذه المدينة وصل إلى السماء في حين أن نساء «الأشمونين» (؟) كُنَّ عطشى إلى … الذي خرج من «رع» … آلهة … التي كانت تتعطش إلى جمال … (جماع؟) وقد عظمت؟ ما كان قد حدث؟ … لأجلها رجالًا ونساء لتجعل قلبها يتهلل كل يوم وكل ليلة وإن «نحمت-عاوي» المحبوبة من «تحوت» والإلهة «نوت» في انشراح من أجل ذلك الذي قد عمل لها، وهو الذي عمله ابنها والذي تحبه وهو ابن الإله «تحوت».

«رب التيجان «نقطانب» العائش معافًى وصحيحًا مثل «رع» أبديًّا».

تعليق: تعودُ بدايةُ هذه الفقرة إلى ما جاء في السطر الحادي عشر بمثابة تكملة، ويستمرُّ الكلام على أنه تفصيلٌ للقُرُبات التي أُهديت للمعبد، أما عن المعبد نفسه فلمْ يُذكر لنا عنه أية معلومات، اللهم إلا عن القُرُبات التي كانت لا بد أن تقدم للآلهة، وسكان المعبد قد غمرهمُ السرورُ مِن أجل الهدية الملكية، حتى إن أصواتَ التهليل قد ارتفعتْ إلى عنان السماء، وقد عبر الآلهةُ عن سُرُورهم، وبخاصة الإلهة «نحمت-عاوي» بوصفها سيدة المعبد.

(ز) الأسطر ٢١-٢٢

الآلهة تبرهن للملك على شُكرها

لقد نجت جلالته أمام ضربات أعدائه.
ولقد أعطتْه عمر «رع» في السماء.
ومملكة «شو» في مقاطعة «الجدار الأبيض».
وستضع سيدة القوة على جبينه «الصل الملكي».
وترغب في أن يكون جلالتُه حيًّا ثابتًا قويًّا، وسيفه على كل الأراضي الأجنبية أبديًّا.
ملك الوجه القبلي والوجه البحري الذي يعيش مثل «رع».

التعليق: هذه الفقرة تحتوي على أُنشودة نطقت بها الإلهة «وسرت»، وتنتهي برغبة تريد تحقيقها للملك، والواقعُ أنها فيما سبق قد نجتْه من أعدائه، ومن ثم كان عليها أن تحميه بعد ذلك وتمنحه حُكمًا سعيدًا وتهبه عمر الإله «رع»؛ أي الخلود، أما منحها إياه مملكة الإله «شو»؛ فإن ذلك يُشير إلى «سمنود» مسقط رأس الملك «نقطانب»، وهي في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الوجه البحري (انظر كتاب أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني ص٨٢)، أما «منف» فهي البلدةُ التي تُوِّجَ فيها، وأما ما فعله الملكُ للآلهة في مقابل ذلك فهو ما قدمه لها من إقامة معبد ومده بالقربات.

(ﺣ) من سطر ٢٢–٢٥

كان المعبد مقر راحة للمعبود

لقد بنى ما وجده متهدِّمًا بالحجر الجيري الأبيض الجميل.
ومصراعا بابه من خشب الأرز المصفَّح بالبرنز، وطولُهُ ستون ذراعًا، وعرضه ثلاثون ذراعًا.
وهو مكانُ راحة لأمه «وسرت»، «نحمت-عاوي» وقد سمي بيت «الأشمونين» وبيت «الذهبية».
وثماني الصناجات الخاصة بالإلهة «حتحور» موجودة فيه، وهو محط ثمانية الآلهة الأزلية.
وأنه المكان الذي وُجد فيه «رع» عندما صعد في سلام.
والماء العظيمُ الخاص بجزيرة اللهيب قد عمل ما رغب فيه.
وذلك عندما كان جلالتُه؛ أي «رع» طفلًا جميلًا، وفي حين أن تاسوعه كان خلفه وآلهة التل الأزلي والإلهة «نيت»، بقرة السماء العظيمة التي حلت في «رع» وتاسوع الآلهة العظيمة الذي في «الأشمونين» يرغبون لابنك الذي تحبينه أن يمنح الحياة والثبات والقوة، وهو ابن «تحوت».
رب التيجان «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا، وهو الذي لمع بوصفه ملكًا على عرش «حور»، وبوصفه أول الأحياء أبديًّا.

تعليق: تبتدئ هذه الفقرة بوصفها تقريرًا حقيقيًّا يصف البناء، ثم ينتقل مباشرة إلى تمييز هذا المعبد وعلاقته بالآلهة الأزلية، وقد وصفه بأنه يَكاد يكون فيه التلُّ الأزليُّ، وجزيرة اللهيب في بحر المدى الذي أشرقتْ منه الشمسُ للمرة الأولى، غير أنَّ هذا المكان المقدس ليس فيه هذه الأشياء، بل ما ذكره عبارة عن تشبيه، ثم يذكر لنا بعد ذلك الإله «رع» في بادئ أمره عندما كان طفلًا وخلفه تاسوعه، وذكر التل الأزلي والإلهة «نيت» التي يصفها أنها بقرةُ السماء التي تحمل في «رع» كل يوم، غير أن كل ذلك لا يتفقُ مع ما جاء في ثامون الإلهة «تحوت» في «الأشمونين»، وخلق العالم الذي يتلخَّص في أن الشمس في الأزل، قد خرجتْ من زهرة بشنين من التل الأزلي، في حضرة ثمانية الآلهة الذين يتمثلون في أربعة ضفادع ذكور وأربع ثعابين إناث.

(ط) من سطر ٢٥-٢٦

الملك يريد إعلان الانتهاء من بناء هذا المعبد

لقد أتى إنسانٌ لجلالته يقول:
«إن بيت والدتك «وسرت» «نحمت-عاوي» قد تم.»
وصار ثابتًا وقويًّا مثل السماء.
وأعمدة من الحجر الجيري الأبيض كانت أمام هذا البيت.
وكل واحد منها له أربعةُ أَوْجُه مثل «حتحور» ومصفح بالذهب.
رؤيتها جميلة، وله سقف (بكل) حجر ثمين (أي مطعم بكل حجر ثمين).
وفي وسطه مكانٌ عظيمٌ، مصفحٌ بالذهب من الداخل ومصراعَا بابِهِ (المصفحة أركانه) كانتا من الذهب، وقد نقش عليهما اسم جلالته العظيم.
لم يُعمل مثلُهُ في الأزمان العتيقة.
وقد مَدَّهُ جلالتُه (أي المكان) بما يلزم من الذهب والفضة، وكل الأحجار الكريمة.
وكل الأشياء الجميلة.
وقد سُرَّ جلالتُه لذلك أكثر مما عمل من قبل.

تعليق: بهذه الفقرة ينتهي تاريخُ البناء، ولا بد أن نفهم هنا أن ما ذُكر من سطر ١١ إلى سطر ٢٥ يقص علينا حوادثَ وقعتْ في الماضي، وعلى ذلك لا ينبغي علينا — لهذا السبب — أن نعدها شيئًا سيقع في المستقبل.

(ى) من سطر ٢٦–٢٨

السنة الثامنة – الآلهة تسير إلى المعبد

السنة الثامنة الشهر الثاني من فصل الفيضان، إن جلالة هذه الآلهة دخلت بيتها.
وقد قدم جلالتُه قُربانًا كبيرًا من كل شيء جميل لروحها.
وجلالتُها كانت مشتاقةً إلى جمال الملك.
وقلبها هَلَّلَ بما فعله جلالتُه لها.
وكل رجل في المدينة «الأشمونين» (احترم) صورة أول سيد (أي «رع»)، وشكر الملك من القلب.
حتى إن صوت التهليل وصل إلى عنان السماء.
وفرحتْ كل المدينة لهذا العمل.
الذي عمله جلالتُه لوالدته «وسرت-نحمت-عاوي».
وتاسوع الآلهة العظيم الذي في «ونو» الجنوبية.
قد أقاموا أعيادًا ثلاثينية جديدة.
للملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش مثل «رع» أبديًّا.

تعليق: يُفهم من هذه الفقرة أن البناء — أو المعبد — قد تم بناؤُهُ في أربعة أعوام، وأخذت الآلهةُ مكانها فيه في فرح وسرور وأعياد، واشتركت فيها الآلهة، وهذا المتن يذكرنا باللوحات التي أقامها الملك «تهرقا» تخليدًا لإقامة معبده في بلاد النوبة للإله «آمون» فقد استمر بناؤُها عدة سنين قبل أن يحتله الإله «آمون»، وقد أُقيم له الاحتفالُ بافتتاحه بعد إتمامه.

(ك) من سطر ٢٨-٢٩

الملك نقطانب الأول يحبس أوقافًا على ثمانية الآلهة «ثامون الأشمونين»

لقد أمر جلالته أن يستقر الآلهةُ الثمانية وهم عظماءُ الزمن الأزلي الأولى في بيتهم العتيق حتى يستريحوا فيه، وقد جَهَّزَهُ بحاجياته من الذهب والفضة وكل الأحجار الثمينة، وقد عمل قُرْبَانًا عظيمًا مِن كل شيء جميل لأجل أنْ تفرح أرواحُهُم، وكل الناس في المدينة (الأشمونين) كانوا في اغتباطٍ، ورَجَوُا الصحة لجلالته من أرواحهم، وطلبوا للملك أن يكافأ بالقوة والنصر لأجل أن يكون جلالته في حياة وثبات وقوة مثل «رع» أبديًّا.

تعليق: تتضمنُ هذه الفقرةُ أمر الملك بحبس أرزاقٍ على ثامون بلدة «الأشمونين»، وهم الآلهةُ المحليون — وعلى رأسهم «آمون» — وقد أمر بأن يبقَوا في معبدهم الأصلي؛ وذلك لأجل أن ينال الملكُ رضاهم ورضاء أهل «الأشمونين» الذين كانوا يُقَدِّسُونهم.

(ل) من سطر ٢٩–٣١

الملك «نقطانب» يضع الحجر الأساسي لمعبد جديد للإله «تحوت»

السنة الثامنة، الشهر الثالث من فصل الشتاء (٣٠) لقد أقام جلالتُه بيت والده «تحوت» المزدوج العظمة، رب «الأشمونين» والإله العظيم الخارج من أنف «رع» والواجد جماله، من الحجر الجيري الأبيض الجميل ورقعته من حجر «قيس» طولُهُ ٢٢٠ ذراعًا وعرضُهُ ١١٠ ذراعًا بصناعة ممتازة أبدية، لم يعمل مثيلُهُ منذ الأزمان الأزلية. وقد بدأ جلالتُه يعمل فيه ليل نهار وقد أتمه في انشراح، وعندما رأى والده «تحوت» يستقر فيه فإن جلالته كان في حياة وثبات وقوة سرمديًّا، ولقد زاد في قُربان الإله أكثر ما كانت عليه من قبل، وقد منح جلالته هبة للكهنة، والكهنة المطهرين عند إتمام كل عمل أنجزوه في «حرست».

تعليق: تتضمن هذه الفقرة سرد عمل ثالث جديد قام به الملك «نقطانب» من أجل «الأشمونين»، وذلك بتاريخٍ جديد جاء بعد دخول الإلهة «وسرت» معبدها بخمسة أشهر، وهذا آخر تاريخ نقش على اللوحة التي نحن بصددها، ولا بد أنها أقيمتْ بعد ذلك بمدة قصيرة؛ أي حوالي ٣٧٠ق.م، ولا نزاع في أن وضع الحجر الأساسي لهذا المعبد كان موضع القيام باحتفالات عظيمة أُقيم مثلها كثيرًا منذ الدولة القديمة.

(م) من سطر ٣٢-٣٣

صلاة من أجل «نقطانب» لآلهة «الأشمونين»

«تحوت» المزدوج العظمة رب «الأشمونين» وسيد كلمة الإله و«رع» الذي خرج من بحر جزيرة اللهيب، وثمانية الآلهة عظماء الزمن الأزلي الأول و«نحمت-عاوي» في المعبد، وأقدم من في البيت العظيم (القصر).

والإلهة «نيت» البقرة «أهت» العظيمة، التي وَلدت «رع»، والتاسوع العظيم الذي يَسكن في كل «الأشمونين»، ليتهم يهبون أعيادًا ثلاثينية عدة، والمملكة الأبدية والحكم السرمدي لابنهم الذي يحبونه، وهو الملك «نقطانب» الذي يكون مثل «رع»، عائشًا ومعافًى وصحيحًا؛ لأجل أن تغني «مصر» لجلالته، ولأجل أن تُصبح كُلُّ الأراضي الأجنبية تحت قدميه أبد الآبدين.

هذه الفقرةُ تتضمنُ دعاءً للملك ولبلاده؛ حتى يسود العالم بحكمه السعيد.

(ن) من سطر ٣٣-٣٤

الملك «نقطانب» يأمر بإقامة هذه اللوحة

وعندئذٍ قال جلالتُه: ليت هذا يُقامُ بمثابة حجرٍ تذكاريٍّ، يوضعُ في بيت الإله والدي «تحوت» المزدوج العظمة، رب «الأشمونين»، وليته يذكر اسمي الجميل حتى في الأبدية.

تعليق: هذه الفقرة تشملُ أمرًا مباشرًا بإقامة هذه اللوحة.

(ص) من سطر ٣٤-٣٥

الإله تحوت وآلهة الأشمونين يشكرون الملك

إن كل جماعة آلهة «الأشمونين» قاطبة يقولون لابنهم الذي يحبونه، وهو الملك «خبر-كا-رع» العائش مثل «رع» «نقطانب» والمكافأ مثل «رع» أبديًّا بالحياة والصحة والعافية:

والدك «تحوت» يذكر جمالك في بيته نهارًا وليلًا، وأنه نفسه ونحن كذلك نصدُّ كل الأعداء عن جلالتك بنصر، وأن «مصر» العُليا أقوى من مصر السُّفلى، وكل الأراضي الأجنبية قاطبة لا شك تلمع فيها بكل حياة وثبات وقوة، وكل صحة وكل فرح بوصفك ملكًا على عرش «حور» أول الأحياء مثل «رع» أبديًّا وسرمديًّا.

تعليق: في هذه الفترة تتجمعُ آلهة «الأشمونين» لتخبر «نقطانب» أنهم قد أَتَوا لنجدته على أعدائه الأجانب، ولا غرابة في ذلك فإن «نقطانب» في هذه الفترة من حياته كان في حاجة لنصرة الآلهة له، وبعبارة أُخرى الكهنة والشعب ليصد العدو الأكبر لمصر وهو ملك الفرس.

الحوادث التاريخية التي يُمكنُ استخلاصُها من متن هذه اللوحة

لا بد لنا للتعرُّف على الأساس السياسيِّ الذي بُني عليه متن هذه اللوحة التي نحن بصددها؛ أن نصل إلى حقيقة الحوادث التي وقعت في هذا العهد، والتي لم تذكر في هذه اللوحة.

والواقع أنه في ذلك العهد كان الملك العظيم عاهل الفرس يسعى دائمًا إلى مَدِّ سُلطانه على بلاد «مصر»، وذلك على الرغم من أنه كان يوجدُ أميرٌ مصريٌّ يُسيطر على البلاد بوصفه ملك الوجه القبلي والوجه البحري، وهذا الملكُ كان في يده قوةٌ فعليةٌ لا في الدلتا وحسب — وهي مسقطُ رأسه — بل كان يمتدُّ سُلطانُهُ على الوجه القبلي أيضًا، وكانت سني الحُكم في البلاد تُؤَرَّخُ باسمه. وتدل شواهدُ الأحوال على أنَّ كُلَّ الحوادث التي ذُكرت على اللوحة تقعُ في عهد ملك الفرس المسمى رتكزركزس الثالث المسمى منمون الذي حكم من عام ٤٠٥ق.م إلى عام ٣٦٢ق.م، وفي مدة حكمه ظهر نقطانب قائدًا في الأشمونين، ويحتمل أن ذلك كان في عهد الملك أوكوريس الذي حَكَمَ في عهد الأسرة التاسعة والعشرين حوالي ٣٩٣–٣٨٠ق.م … ثم حكم بعده نقطانب بمفرده البلاد (٣٧٨–٣٦١ق.م)، وذلك بعد حُكم ملكين نكرتين.

وقد تحاشى مؤلفُ هذا المتن أن يشير صراحةً إلى الحوادث التاريخية العالمية التي وقعت في زمنه، بل على العكس قد سكت سُكُوتًا تامًّا عن ذِكْر أيِّ شيء عن الملك العظيم عاهل الفرس ودولته العالمية، أما ما جاء عن ذِكْر البلاد الأجنبية في اللوحة فإن ذلك لا يخرجُ عن كونه ضربًا من التقليد الأدبيِّ المتوارث.

يُضاف إلى ذلك أنَّ المسألة الوطنية الكبرى التي شغلتْ بَالَ المصريين خلال القرن الرابع — وأعني بذلك: تحرير «مصر» من ربقة العبودية الفارسية — لم يُشر إليها إلا من بعيد جدًّا، لدرجة أنه لا يكاد الإنسانُ يشعرُ بها إلا مِن بين السطور.

والواقعُ أننا نجد في الصورتين اللتين مثلتا في أعلى هذه اللوحة؛ أن الإله «تحوت» قد وعد الملك أن يجعل قلبه فرحًا في كل الأراضي، وأن يده لن تصد في كل الأراضي؛ ويقصد بذلك بما أن مملكة «آتوم» قد امتدت فوق رُءُوس كل الأراضي الأجنبية، فإن الإلهة «نحمت-عاوي» ستجعل سيفَ جلالتِه أبديًّا على كل الأراضي الأجنبية، وأن كل آلهة «الأشمونين» ستحميه، وأن كل البلاد الأجنبية ستكونُ تحت قدميه.

وهذه الوعودُ التي نجدها في متن هذه اللوحة ليست إلا من عمل الفرعون الذي لم يكن قد قام بحروب خارجية بعدُ، ومن ثم يمكن الإنسان أن يشك إذا كانت هناك في الواقع ثورةٌ داخليةٌ قد حدثتْ، وعلى ذلك سنبقى في شَكٍّ إذا كان المقصودُ هنا حَرْبًا داخليةً، أو حربًا خارجية على الأعداء عندما أعلنت الإلهة «نحمت-عاوي» في فقرة: «إن أعداءك لن يظهروا عليك أبديًّا.» وفي مكان آخرَ تقول (سطر ٢١) «إن جلالتك ستنجو من ضربة أعدائك.» والواقعُ أن الأعداء الذين في داخل البلاد كانوا هم المقصودين في وصف الحرب التي شَنَّهَا القائدُ «نقطانب» في «الأشمونين»، ويُفهم هذا كذلك عندما يوصف «نقطانب» بأنه: «الملك القوي الذي يطرح عَدُوَّهُ أرضًا» (سطر ١٦)، ولكن مع ذلك فَإِنَّا لا زلنا في شَكٍّ من معنى وعد تاسوع «الأشمونين» للملك، فقد وعدوه بطرد أعدائه.

والبيانات الهامة التي نجدُها في هذه اللوحة من حيث الحوادث التاريخية هي الآتية:

كان «نقطانب» قبل اعتلائه العرش قائدًا أرسل إلى بلدة «الأشمونين»؛ ليقضي على ثورةٍ قامتْ في عهد الملك الذي كان قبله، ولدينا الحريةُ أن نضع هذا الحادثَ في عهد أيِّ ملك من الأُسرة التاسعة والعشرين، ويجب أن تكون هنا ثورةٌ قامت في الوجه القبليِّ على أمراء الدلتا، انتهتْ بتنصيب «نقطانب» ملكًا، وقد كان مِن جراء ذلك قيام حزب في «الأشمونين» يحتمل أنه كان متصلًا بمقاطعات أُخرى في «مصر» الوسطى، وكان هَوَاهُ مع مُلُوك الدلتا، ويمكن أن نعد من حزب الملك أو الموالين له على الأقل — على حسب ما نُشاهد في انتصار القائد «نقطانب» — كهنةَ معبد الإله «تحوت» في «الأشمونين».

وقد كان «نقطانب» ابن أمير مقاطعة يُدعَى «زدحور»، ويحتمل أنْ تكون هذه المقاطعةُ هي «سمنود» (أي المقاطعة الثانية عشرة)، التي تُعَد مسقط رأس «نقطانب»، ونحن نعلم ذلك من التابوت رقم ٧ الذي يُنسب للقائد «نقطانب» ابن ابن أخ للملك، وهو الذي عين أمير مقاطعة عند حُدُود الدلتا، ويحتمل أنَّ ذلك حَدَثَ بعد عام ٣٤٠ق.م، في خلال الاحتلال الفارسي الثاني، والربط بين الجمل التي جاءت في الأسطُر ٧–٩ مع ما جاء في السطر العاشر والسطر السابع عشر، وأخيرًا السطر الخامس والثلاثين؛ تجعل الغرضَ ظاهرًا وهو أنَّ مقاطعةَ «الأرنب» قد ساعدتْ في تنصيب «نقطانب» ملكًا، وهذا بلا شَكٍّ بالتحالف مع المقاطَعات الأُخرى التابعة لمصر الوُسطى، وقد ساعد ذلك على إبعادِ الجيش الفارسيِّ الذي كان ينتظر قيامَ ثورة ناجحةٍ في داخل البلاد.

وقد عزي تنصيبُ القائد «نقطانب» ملكًا على الوجه البحري والوجه القبلي، كما جاء في اللوحة (سطر ٩–١١) للإلهة «وسرت-نحمت-عاوي»، فهي التي وضعت الصل على جبينه، وقد حَدَثَ التتويجُ في عام ٣٧٨ق.م بطريقة عادية في المقاطعة الأُولى من مقاطعات الدلتا «منف» (انظر الأسطُر ٣، ٢٢)، ولكن كان المتوج الحقيقي للملك على مملكته هو الإله «شو»؛ وذلك لأنه إله «سمنود» مسقط رأس «نقطانب» في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الدلتا.

وفي السنة الرابعة (أي حوالي ٣٧٤ق.م)، في الشهر الثاني من فصل الفيضان تَدُلُّ شواهدُ الأحوال على أنَّ حادثًا خارجيًّا — ويحتمل أن يكون واجبًا عليه بسبب ارتقائه العرش — قد حَثَّ الفرعونَ على أن يضع تصميمَ معبد للإله «وسرت-نحمت-عاوي» في «الأشمونين» (السطر ١١–١٥)، وقد أُقيم البناء وتم، وقد مَيَّزَهُ الفرعونُ بأنْ حبس عليه الأوقاف من ماله الخاص في البلاط الملكي (الأسطر ٢٥–٦٢)، سارتِ الآلهةُ إلى البناء الجديد؛ أي أنه رتب رواتبَ للكهنة (كما جاء في سطر ١٥، سطر ٢٥).

في موكب حافل بين تهليل أهالي «الأشمونين» (الأسطُر ٢٦–٢٨).

ولم يكن الملك نفسه حاضرًا، غير أنه انتهز سُنُوح هذه الفرصة والإفادة منها بزيادة دخل معبد الثامون الأشموني (الأسطُر ٢٨-٢٩).

وفي السنة الثامنة (حوالي ٣٧٠ق.م) في الشهر الثاني من فصل الفيضان؛ أي بعد مُضِيِّ أربع سنوات بالضبط على التاريخ الأول من إعلان إتمام البناء.

وبعد مُضِيِّ حوالي خمسة أشهُر على هذا التاريخ الأخير؛ أي في الشهر الثالث من فصل الشتاء من نفس السنة؛ وهب الفرعون هبة للأشمونين، وذلك أنه أمر بعمل توسيعٍ كبيرٍ في معبد الإله «تحوت» (الأسطُر ٢٩–٣١)، وقد كان لا بد أنْ يبدأ في العمل الذي وضع تصميمه بسرعة — كما يحدثنا بذلك المتن.

هذا، ولا ينبغي لنا أن نُعيد بناء تاريخ هذا العهد من هذه البيانات الضئيلة التي في هذه اللوحة، ومع ذلك فإني سأُقَدِّم في القائمة التالية الحوادثَ التي وصفناها ووضعت فيها عهد حكم الملوك، ووضعت فيها عمرًا للأفراد على فرض أن كل فرد عاش ستين عامًا، وأن ابنه الذي ولد له كان في السنة الخامسة والعشرين من سني حياته، وعلى ذلك فإنَّ كُلَّ التواريخ المقدرة هنا قد تحتوي على خطأ قد يبلغ عَشْرَ سنواتٍ — على وجه التقريب:

الفرس (الملك العظيم) مصر الفرعون الكاهن الأكبر للأشمونين (عمره) أفراد آخرون غير الكهنة (عمره)
٤٢٤–٤٠٥ق.م «دارا» الثاني ناتوي الأسرة ٢٨ «سايس» (المقاطعة) «آمون» أرداس ٤٢٠–٣٦٠ق.م «زذتحوتف عنخ» الأول كان في وظيفته في عهد «نخت نبف» ٤٤٦–٣٨٦ق.م «زد حور» أمير مقاطعة «سمنود»
٤٠٥–٣٦٢ق.م أرتكزركزس «الثاني» منمون الأسرة ٢٩ «منديس» (المقاطعة ١٦) ٣٩٨–٣٩٣ق.م نف-عا-ورد نفريتس الأول ٣٩٠–٣٨٠ق.م الملك «هجر» (أوكوريس) ٣٨٠ بامسوت (بساموتيس) ٣٧٩ «نف-عا-رود» «نفريتس» الثانى ٣٩٥–٣٤٥ق.م نس-شو مدة عمله في عهد نحت-حور-حب ابنه: القائد «نخت نبف» ولد في عام ٤٢١ق.م، في «سمنود» وتولى الملك في عام ٣٧٨ق.م ٣٨٠–٣٢٠ق.م الحفيد الثاني لزد-حر القائد «نخت-نبف» أمير مقاطعة «ثارو» (تل أبو ضبعة الحالي) بعد ٣٤٠ تقريبًا على حسب ما جاء على التابوت رقم ٧ ببرلين
٣٦٢–٣٣٨ق.م الأسرة ٣٠ «سمنود» المقاطعة ١٢ ٣٧٨–٣٦١ق.م ٣٧٠–٣٤٠ق.م الحوادث في «الأشمونين»
«أرتكزركزس» الثالث أوكوس «نخت نبف» «نقطانب الأول» ٣٦٠-٣٥٩ق.م «زد حور» «تيوس تاخوس» ٣٥٩–٣٤١ق.م نخت حرحبت «نقطانب» الثاني «زدتحوتف عنخ» الثاني في عهد «نخت حر حب» ٣٧٤–٣٧٠ق.م إقامة اللوحة
٣٤٢ق.م «مصر» تعود إلى الحكم الفارسي ثانية ٣٣٨–٣٣٦ق.م المستشار «باغوص» مصري ٣٤٠–٢٨٠ق.م «زد حور» حوالي ٣٤٠–٣٣٤ق.م حياة «بتوزريس»
٣٣٦–٣٣٠ق.م «دارا» الثالث كوداماتيس خباباش (نوبي)؟ ٣٣٥–٣٢٠ق.م تحوت رخ
٣٣٠ (الإسكندر الأكبر) تغلب على الفرس المقدونيون: ٣٣٢–٣٢٣ق.م الإسكندر الأول ٣٢٣–٣١٧ق.م فيليب أرخيدايوس» ٣١٧–٣١١ق.م الإسكندر الثاني ٣١١–٢٨٥ق.م بطليموس الأول (سوتر) ٢٨٥–٢٤٦ق.م طليموس الثاني فيلادلف

(١٩) صفط الحناء

ناووس من الجرانيت الأسود

من أهم الآثار التي عثر عليها في «صفط الحناء» ناووس للملك «نقطانب» الأول، وقد كتب عنه جمعٌ غفيرٌ من الأثريين منذ العثور على قطعة (راجع: Brugsch, A.Z. 19 (1881) p. 15–18; Naville, Goscher. p. 2-3، 6–13 pl. 1. VII; Roeder, Cat. Gen. Naos, p. 58–99 & 33 b; Com p. Schott. Mitt. D. Inst. 2/1931, p. 54–56 & pl. X).

عثر بعضُ الفلاحين في أثناء أعمال الفلاحة على هذا الأثر الفاخر في هذه الجهة، وقد سمع به أحدُ الباشوات القاطنين في هذه المنطقة، وأمر على الفور بتسليمه إياه؛ ظنًّا منه أنه يحتوي في ثناياه على ذهب، وقد حمل هذا الباشا قطعتين من هذا الأثر إلى عزبته، وقد بقيتا هناك حتى حُملتا إلى متحف «بولاق» وقتئذٍ، وقد بُنيت عدة قطع من هذا الناووس في القناطر التابعة لصفط الحناء، وذلك بعد أن محيت أوجهُها المنقوشةُ، وقد قام الأثري «نافيل» بجمع هذه القطع بالإضافة إلى القِطَع الأُخرى التي عُثر عليها في أثناء الحفائر التي قام بها في هذه الجهة ورَكَّبَها على بعضها البعض، غير أنه ينقصه قطعٌ عدة.

وكان الناووسُ يتألف من قطعة واحدة، ويبلغ سمكُهُ ست أقدام وثماني بوصات ونصف بوصة، وعرضه ست بوصات، أما ارتفاعُهُ فلا يُمكن تحديدُهُ بالضبط، غير أنه لا يمكن أن يكون أَقَلَّ من سبع أقدام وثلاث بوصات على حسب رأي «نافيل»، ولم يبق شيءٌ مِن سقف هذا الناووس.

وهاك بعض النقوش التي على الجزء الباقي من هذا الناووس:

الواجهة الأمامية: نجد على هذا الجزء اسم «نقطانب» مكررًا ثلاث مرات ومسبوقًا بأحد النعوت الثلاثة التي توجد مجتمِعة في لقبه، فقد قيل عنه إنه يحب الإله المحلي «سبد» رب الغرب، وروح الشرق، و«حور» الشرق.

وفوق هذه النعوت الأناشيد التي كان ينشدها الملك متحدثًا كالإله «تحوت» الذي تُنسب إليه هذه الأناشيد، (راجع: Saft El-Hennah etc. p. 6 & pl. 1).

وهاك الترجمة للأسطُر الأُفُقية العُليا: «الحمد لسبد من الإله الكامل، رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن «رع» رب التيجان … عمل بوساطة «تحوت» نفسه في الزمن الأزلي تَعَبُّدًا لهذا الإله الفاخر.»

ونقش عموديًّا تحت ذلك تسعة أَسْطُر، منها أربعةٌ أمام الملك ومن سطر ٥ إلى سطر ٨ فوقه، وسطر ٩ خلفه:

وهاك ترجمة ما تبقى منها:

(١) … في بيته … على أعدائه … مرتين، وقد أتى وقتل «أبو فيس»، وافتتح السنة الجديدة، والآلهة والآلهات في فرح وتهليل في مكانه العظيم (محرابه)؛ لأنه غل العدو بأجنحته.

(٢) … والصقر المقدَّس، وأرض الشرق في الشرح، وقد ذبح أعداءه (ربما كان المقصود هنا «رع»)، والغرب قد أصبح في سرور، وعندما صعدت هذه الروح إلى أُفُقها قطعت أعداءها إربًا، وقد اخترق السماء في ريح رخاه، ووصل إلى الغرب الجميل، وفرح أهل الغرب برؤيته.

(٣) وعندما اقترب منهم كانت أجسامُهُم مبتهجةً لرؤيته تأمل! تأمل! أنه على أفواههم، ولم يكن في مقدور واحد منهم أن يستيقظ، بل كانت أجسامُهُم ممتدةً أمامه، وأنه هو الواحد الأحد الذي سيختار أين سيقترب من جبل «باخو» (الجبل الذي تغربُ فيه الشمسُ في الصحراء الغربية).

(٤) وعندما يشرق على الجبل تُهلل كُلُّ ذوات الأربع التي في البلاد له، وأشعتُهُ وبهجتُهُ في وجوههم، وأنه يجلب النهار عندما تمر الساعة الخفية في «نوت» (إلهة السماء) والنجوم السيارة والنجوم الثابتة (القطبية) دون أن يحدث له تعب، و«حور» قوي الساعد يَحمل في يده الحربة ويذبح «عبب» (أبو فيس). (٥) أمام قاربه (أي قارب «رع»)، ويمسك «حور» بالدفة لأجل أن يدير القارب الكبير، والإلهة «سشات» الجبارة ربة الكتابة تنطق صيغها المقدسة في سفينته المقدسة، ولقد أتى «رع» وضرب أعداءه في صورته «أختي» (إله في صورة «بس» بوصفه حاميًا للأطفال المولودة حديثًا)، وأنه يجعل جسمه يزيد باسمه «حورسبد» وأنه يكمله في الوقت المعين باسمه «ماحس» (اسم إله)، وأنه هو نفسه يمده بأعضائه باسمه.

(٧) «حور الشرق»، وقد ضربهم (أعداءه) بالحرارة التي في جسمه باسمه «حور» قوي الساعد، وقد اخترقهم بضربة واحدة، (وأجسامهم) ألقى بها في الشرق والغرب وقضى عليهم. (٨) على جبل الشرق وأعضاؤهم التهمتها النار، ويحس «رع» الريح الطيبة كل يوم باسمه «حور» المنتصر، وأنه يكون ممتازًا كل يوم باسمه «حورسبد»، مرحبًا بك إلى حدود السماء يا سيد «حرمخيس» الذي في … (٩) … والآلهة والآلهات … من الفرح كل يوم قد اجتمع السرور والانشراح، روح الشرق، وصقر الشرق الذي هو «رع» في الغرب، وأنه يخترق السماء هو نفسه … على شرق سفينته كل يوم.

وهذه الأنشودةُ كانت أول متن يعترض عين الناظرُ إلى الناووس؛ ونجد فيها التكرارات العادية جدًّا التي نجدُها في المتون الدينية مما يجعلها — في أغلب الأحيان — مملة للقارئ، وفيها نجد كثيرًا من التورية في الألفاظ، وكانت هذه التوريةُ محببة للمصري، غير أنه لا يمكن إظهارُها في الترجمة.

وأَهَمُّ ميزة للإله «حور سبد» أبرزها مؤلفُ الأنشودة هي: حبه للحرب؛ فهو إله محارب، وسنرى ذلك عندما نبحث الأشكالَ الخاصة التي اتخذها لنفسه، وسننتقل الآن إلى بعض المتون التي على الجوانب الأخرى، وسنبدأ بالمتون التي كُتبت بحروف كبيرة، وهي نقوش الإهداء.

فيشاهد على الجانب الأيسر (راجع: The Shrine of Saft El-Hennah and the Land of Goschen, Edward Naville, p. 7 & pl. II)، متنٌ ذُكر فيه الأحوال التي أُقيم فيها هذا الناووسُ للإله.
  • (١)

    الإلهُ الكاملُ عظيمُ البطش قوي الساعد، الذي يصد البلاد الأجنبية، والبارع في النصيحة ومن يحارب من أجل «مصر»، ثور المقاطعات ومن يطأ بقدميه الآسيويين ومن يخلص مأواه من عبثهم، الثابت الجنان، ومن يتقدم ولا يتقهقر قط لحظة واحدة، ومن يفوق سهمه في اللحظة المناسبة، ومن يمد المعابد بذكائه العظيم، والذي يقولُهُ يَحدث في الحال، كالذي يخرج من فم «رع» ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نخت نبف».

  • (٢)

    هذا الإلهُ المبجل «سبد» رب الشرق يذكر نيته الطيبة نحو جلالتِه، وكل الآلهة عندما يخرج (ابن الملك) أمامهم يحفلون به لأجل أنْ يَعتني بالأجسام المقدسة (أي تماثيل الآلهة) مدة حياته ولسنين عدة فيما بعد، وعندما أراد الملكُ أن يقدم إنعاماتٍ خاصة بهذا الإله (أي سبد) في محرابٍ خَفِيٍّ لم يكن معروفًا لدى الكهنة، وحيث كان كُلُّ آلهة الإقليم يُخفون أجسامهم؛ فإن الإله قد وضع في قلب الملك أن يجعله يرى …

  • (٣)

    وبعد سنين عدة دُون أن يعرف كيف حدث ذلك، فإنهم رأوا بوضوح كيف أُقيم على مقعده، وبعد ذلك كان هناك سرورٌ قائلين: إن هذا الأمير قد ظهر في الشرق، وإنه قد زَيَّنَ العالم بأشعتِهِ وإنك قد رفعت عاليًا جدًّا إلى السيد المنتصر، وبعد ذلك فإن الإله الكامل قد زين محرابه وعمله، «أمن-خبرو» (= المكان الخلفي) لرب الشرق لجسمه هو، وكل الآلهة الذين كانوا في ركابه على يمينه وكل الآلهة الذين في مكانه على يساره، وعندما يخرج فإن كل آلهته تكون أمامه مثل «رع» عندما يشرق في أُفُقه، وكذلك تكونُ الحالُ عندما يأوي إلى محرابه كل يوم.

ومِن ثم نفهم أن سبب إقامة هذا الناووس كان وقوع أُعجوبة في عهده، ومما يؤسَف له جد الأسف؛ أن نهاية السطر الثاني وُجدت مهشمة؛ ولذلك لم نعرف ماذا حدث، وعلى أية حال يظهر واضحًا أن الكهنة، إما أنهم كانوا لا يعرفون أين كان مأوى الإله، أو أن هذا المأوى كان مكانًا غيرَ مسموح لهم بالدخول فيه، وهذا الرأي الأخير هو المرجح، وقد قرر الملك أن يعمل شيئًا لهؤلاء الآلهة بهذا الخصوص، غير أننا لا نعرف ما هو هذا الشيء؛ وذلك بسبب الكسر الذي في الناووس، والنتيجة أنه بعد مُضِيِّ سنين عدة ظهر فجاءة إله على مقعده وأظن أنه هو الإله «سبد»، وقد كان هذا الحادثُ مثارَ فرحٍ عظيمٍ في «مصر»، وقد سمي «نقطانب» هذا المحراب أو الناووس «مكان اختفاء سبد»، وتلك هي الحقائقُ القليلةُ التي أمكن جمعُها من هذا المتن المتكررة عباراتُهُ.

وعلى ظهر الناووس يُلحظ أن النقش الذي حُفر بحروفٍ كبيرة لا يحتوي على حقائقَ تاريخية، بل كُلُّها عباراتُ مدح تُثني على الأعمال العظيمة التي قام بها الفرعونُ كما تذكر لنا صفاته، (راجع: Ibid, pl. VI):
  • (١)

    … الخاص بالشرق، قوي الساعد، نسل «حور» الشرق، بكر إله الأُفُق، الواحد الأحد وحصن «مصر» ومبيد الآثمين في الأرض، والثائرين حولها، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» العائش أبديًّا.

  • (٢)

    … إله الأفق الذي يُشرق في الأُفُق وأشعتُهُ الصفراءُ تضيء … وكل البشر يعيشون برؤية بهاء «حور» في الشرق، وكل الآلهة يحفلون به عندما يرونه.

  • (٣)

    … عرشك بمثابة «سبد» منتصرًا وكل القطرين قاطبة ينظر فرحًا عندما تشرق في أُفق «بخو» (المكان الذي تشرق منه الشمس) … وأنه ألقى الجبال في أوديتها وأنه هو الذي يحمي «مصر»، عين «رع»، والذي يحرس أجسام الآلهة، ولقد أغنيت المعابد بكل الأشياء الطيبة امنحن مكافأة نصر «رع» أبديًّا.

والنقش الذي على الجانب الأيسر أكثر أهمية جدًّا عن السابق (Ibid. p1. VD) فاستمع لما جاء فيه:
  • (١)

    ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نقطانب»، لقد عمله بمثابة أثر لوالده «سبد» رب الشرق، هذا الناووس من حجر الجرانيت الأسود والمصراعان اللذان في الأمام من البرونز الأسود موشيان بالذهب، والصور التي عليه من … وكل الذي دون على إضمامةٌ من الجلد قد عمل بصناعة جميلة باقية أبديًّا، وقد كوفئ على ذلك حكمًا طويلًا، وكل البلاد الأجنبية تحت قدميه وهو عائش مثل «رع» أبديًّا.

  • (٢)

    الإله الكامل رب الأرضين أمر أن تعمل هذه الأشياء بمحض إرادته لأجل أن يحفظ الجسم الإلهي (أي تمثال الإله) في مسكنه بعد أن أتى جلالتُه إلى «قيس» ليقرب قُربانًا لهذا الإله المحترم «سبد» رب الشرق على عرشه بوصفه السيد المنتصر، وعلى ذلك فإن أحقابًا من السنين سترى … وقد اختار جلالتُه مسكنَه في مدة حياة «خبر-كا-رع» ابنه الذي يحبه «نقطانب» العائش أبديًّا.

  • (٣)

    وأنه الملك الذي أمر بنفسه بإقامة التماثيل للآلهة «قيس» على هذا المحراب في مدة حياة جلالته، وكل الآلهة في أماكنها، وأنها كما دون على إضمامة الجلد، وكذلك كل الأحفال المقدسة دون أيِّ إهمال فيها عندما … «تحوت» مثل كل أتباع رب «حسرت» على حسب الأعياد الثلاثينية العديدة، عائشًا مثل «رع» أبديًّا.

والواقعُ أن هذا هو أهمُّ نقشٍ حُفر على المحراب؛ إذ إنه يخبرنا عن المكان الذي أقام فيه «نقطانب» الأول الناووس، وهذا المكان هو بلدة «قيس».

أما النقوش التي حُفرتْ بأحرُف صغيرة فإنها إما أن تصف ما حفر تحتها، أو تحدثنا ماذا فعل الآلهة، ليكافئوا الملك لفائدته، وليس من المستطاع أن تتبع القاعدة التي اتخذها الحفارون في اختيارهم الصور التي مثلوها.

ويُلحظ أن أهم صورة للإله «سبد» الذي عمل من أجله الناووس هي صورةُ صقر عاري الرأس (Pl. V. 4)، أو يلبس ريشتين (Pl. II 5)، ويُرى جاثمًا على مضجع (Pl. II 5)، أو على قاعدة من الحجر؛ ومن الجائز أن يكون أمامه مثلثٌ يقرأ «سبد» وهو اسمه، وهذا الشكلُ نراه في العلامة الهيروغليفية التي تُسَمَّى بها المقاطعة، والصقر هو الشكل العادي للإله «سبد» — غير أنه ليس أقدم صورة له — في عهد الملك «نقطانب»، وعلى ذلك فإنه يحمل ألقابه كاملة: «سبد» روح الشرق، والصقر أو «حور» الشرق، (pl. IV 6).
وقد مثل هذا الإله في هذا العصر بصورة قزم قبيح المنظر برأس كبير ولحية، ويتحلى بريش وبذراعين ممتدتين وجناحين، وفي كل يد من يديه سكينٌ، وهو في هذه الصورة يُشبهُ الإله «بس»، وهذا الشكل يُسمى «سبد» الذي يضرب الآسيويين (pl. II 6 & c)، وله صورة ثالثةٌ أخرى في هيئة رجل بجناحي ورأس صقر بدلًا من رأس إنسان، ويُلحظ أن جسمه قد اضطجع على مقعد وذراعه اليُسرى مرفوعةٌ مثل ذراع «آمون»، وفي يده اليُمنى قوسٌ وسهام، ويسمى هذا «سبدشو» بن «رع» (pl. II 6) وقد سُمي على أثر آخر في متحف «اللوفر» «رب الحرب».
ويُلحظ أن «سبد حور» لا يختلف إلا قليلًا عن «سبدشو» وذلك أن جزءه الأعلى مكونٌ في صورة صقر على جسم إنسان، (pl. V. 4).
والمقابلُ لهذه الصورة هي صورةُ إنسانٍ واقف، بذنب وجناحَي صقر وبيده اليُسرى سكين وفي يده اليمنى علامةُ الحياة، وهو يُسَمَّى هنا «سبد سيد للوجوه والمخيف والمخيف إلى أقصى حَدٍّ»، (راجع: Pl. II 5 & V. 4).
ويمكن أن يمثل الإله «سبد» كذلك في صورة إنسان يلبس ريشتيه، وفي إحدى يديه صولجان وفي الآخر رموزٌ أُخرى، وهو بهذه الصورة يُشبه الإله «أنحور»، وهذا التنوُّعُ قديمٌ جدًّا، ولدينا مثالٌ قديمٌ على لوحة عُثر عليها في «وادي جاسوس» على ساحل البحر الأحمر، وهي الآن موجودةٌ في قصر «النويك Alnwick Castie»، ويرجع تاريخها للملك «سنوسرت» الثاني (A. Z. 1882, p. 204) .
ولدينا صورةٌ أخرى في «وادي مغارة» ترجع إلى الأسرة الثامنة عشرة (L.D. III p. 204)، وثالثة من عهد «رعمسيس» الثاني (Ibid. III 144)، وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أن هذه الصورة هي أقدمُ شكلٍ لهذا الإله، وهو دائمًا كان يُسَمَّى من أجل ذلك «رب الشرق»، ولا نزاع في أنه إلهُ حرب، وإليه يُنسب الشرق (أي مقاطعات شرق الدلتا)، حتى تخوم «سوريا»، هذا بالإضافة إلى الإقليم الواقع بين النيل والبحر الأحمر وهو يُشرف على جبال «باخو» وهي مرادفٌ للشرق، وأنه هو الذي يحمي «مصر» من الغزاة الشرقيين، وهم «المنتو» أو «الفنخو» — كما يسمون هنا — ويعنى بذلك: الفُرس الذين كانوا أخطرَ أعداء الملك «نقطانب» الأول.
ويُلحظ أن الإله «سبد» تتبعه عدةُ آلهات تحمل اسم «خونست» (راجع: pI. V. 3 & 4).
هذا بالإضافة إلى أشكالٍ عدةٍ للإله «حور» «حورمر» أو «حور سا إزيس»، كما يتبعُهُ الإله «آمون» ممثلًا بأشكالٍ مختلفة، وغالبًا ما يكون في صورة طائر (Pl. II 5)، ومِن بين أتباعه الذين نراهم معه كثيرًا جدًّا الأسد «ماحس» الذي يمثل عادة وهو يأكل رأس أسير (راجع: Pl. III 3, Vl 6, VII 5)، وأحيانًا يُمثل بصورة إنسان برأس أسد (راجع: Pl. II 6, III 4).
هذا، ويمكنُ استخلاصُ معلوماتٍ أُسطورية كثيرة من ناووس «صفط الحناء» وغيره من الآثار المنقوشة التي عُثِرَ عليها من عهد الأسرة الثلاثين (راجع: مثلًا عن توحيد الإله «آمون» بالإله «حرمخيس» Pl. II 1, Pl. V. 1, 4) والواقع أنه لو فُحصت المتونُ المنسوبة للإله «سبد» فإن ذلك يؤدي إلى أنه ليس بالشمس المشرقة التي يمثلها، بل إلى أنه أحدُ النجوم السيارة، أو بعبارةٍ أُخرى الزهراء بوصفها نجم الصباح.

هذا، وقد مثل على الجانب الأيسر للناووس — بقدر ما يمكن استخلاصُهُ مما تَبَقَّى منه — عدةُ سفن كانت قد أُودعت في المعبد أمام الإله:

فنرى أولًا سفينتي الإلهة «باست» والإله «تحوت» (Ibid. p1. II 4)، وقد نقش مع كل سفينة، أنه أمام «سبد» وأسفل من ذلك يحتمل أنه كانتْ توجدُ سفينةُ «آمون» (٥، ١١)، وكذلك سفينة «سبدشو» ثم يأتي فلك «سبد» ضارب الآسيويين، (٦) وفي نفس الصف نجد أشكال «سبد» الأربعة الرئيسية يقدم لها الملك «نقطانب» القُربان، وكذلك للإلهين حورمر والآلهة «خونست».

هذا، ويُلحظ أن النقوش التي على اللوحة (٢) في السطر ٤، ٥ متشابهةٌ جدًّا، وهي تذكر لنا أن هذه السفن قد نُقشت على حسب إرادة «نقطانب» ومعه ألقابه العادية، وجاء في السطر السادس: أنها عملت بمثابة مكافأة حسب إرادة ابنهم (ابن الآلهة) الذين يحبهم وهو الملك «نقطانب» وقد أعطيت إياه رقعة «رع» … جب وأنه شجاعٌ مثل شجاعة الآلهة، وكل الأرض تقفز فرحًا، كما أن القلوب منشرحةٌ لرؤية جماله، وأن حبه يمتد على كل الدنيا مثل «رع» عندما يشرق في «باخو» (الشرق)، وذلك بسبب صلاحه العظيم نحو كل الأرض.

ويشاهد على ظهر الناووس (Pl. III & lv) مواكبُ طويلةٌ من الآلهة، فنجد هناك الأسماءَ الأربعةَ للمكان الذي نصب فيه الناووس، وقد كرر بعضها وهي: «سبد» بيت «سبد» ومأوى الجميزة وبيت الجميزة.
ويشاهد على ظهر الناووس (Pl. III 1-1)، مواكب طويلةٌ من الآلهة، أُمم مختلفة، أن الهمج قد وطأهم تحت قدميه، وأن ساعده قويٌّ بين رؤساء الإغريق.

ونجد في السطر الثاني من هذه اللوحة ذكر كتاب قد اقتبس فيما بعد، وهو الذي أخذت عنه الرسوم التي على الناووس على ما يظهر! هذه الصور التي عملت على هذا الناووس قد اختِيرت من الكتاب، وقد نقشت بإرادة الملك «نقطانب».

هذا، ونجد في السطر الثالث موضوعًا يكاد يكون طبق الأصل في اللوحة (Pl. VI 1–6)، وقد فسر بالطريقة الآتية: هؤلاء الآلهة الذين يأوون في محراب الإلهة «ونت» (إلهة في صورة ثعبان)، ويقفون على يمينها ويَسارها في مساكنهم في بيت الجميزة، وقد نقشوا بإرادة الملك «نقطانب» العائش أبديًّا وقد كوفئ على ذلك بمدائح كثيرة العدد، والجبال والرمل «السهل» قد نحت أمامه، وناووس الآلهة «ونت» الذي ذكر هنا يحتوي على نفس الآلهة يشاهد في اللوحة (Pl. Vl, 1–6)، وهناك إلهتان باسم «ونت» واحدةٌ للجنوب وأُخرى للشمال.

والسطر الرابع من نفس اللوحة يتحدث بنفس الطريقة عن آلهة ناووس الإله «سبد» ضارب الآسيويين: «إن هؤلاء الآلهة الذين يأوون في ناووس «سبد» ضارب الآسيويين على يمينه وعلى شماله، والذين يقفون في أماكنهم في «باسبد» قد نحتوا بإرادة الملك … إلخ، وهم نفس الآلهة الذين شاهدناهم (في اللوحة الثانية السطر السادس) مصاحبين الناووس الذي يأوون إليه.»

وفي اللوحة الثالثة السطر الرابع نشاهد الملك «نقطانب» يقدم قربانًا لأربعة حيوانات نقش فوقها: «إنك شجاع وبطل وإن ساعدك قد نما ليضرب أولئك الذين يعملون المتاعب (؟) لمصر»، والظاهرُ أنه أتى بعد ذلك تاريخ قد اختفى.

وفي اللوحة الرابعة (pl. IV 1–5) نقرأ: «هذه الآلهة التي تقف على مساكنها، وقد وجد لها مكان آخر سري في الساحة المقدسة في بيت النبقة، وقد صدرت على حسب إرادة الملك، وقد أراد جلالته أن يقدم احترامًا خاصًّا لآبائه مقدسًا صورهم وكل إله في مكانه وأشكالها على هذا الناووس أيضًا، والسطر السادس يبتدئ بالملك يتعبد لأربعة آلهة: مكان آخر وجد في داخل المعبد اختير لها وقد نحتت، إلخ.»

ونقرأ بعد ذلك: «منقوش من لفافة جلد خاصة بالمعبد وهي كتاب بالخط المقدس (هيروغليفي) وقد نحتت (الآلهة) على حسب الكتاب بإرادة الملك «نقطانب»، وقد أراد جلالتُه عمل هذه الأشياء المقدسة، وقد أقامها في بيت والده «سبد» رب الشرق، وعندما رفع الآلهة في مأواها حينما اختارت مسكنها في مدة حياته، وقد دعم عرش جلالته بين الأحياء كالسماء كل يوم.»

ويلاحظ أنه في نقوش التقدمة قد جاء ذكرُ لفافة جلد أُخرى، وهي الكتاب المقدس الذي يحتوي على القانون الذي على حسبه، كانت توضعُ الأحفال وعلى الجانب الأيمن (Pl. V. & vl.)، نجد الشجرة التي تُسمى «نبس» وهي التي منها اشتق الاسم الذي يطلق على «صفط الحناء» وهو «برنبس» كما يقول معظم الأثريين، ولكن «جوتييه» يقول: «يخيل إليَّ أنه من المحتمل كثيرًا أن اسم «آت نبس» أو «حات نبس» كان محرابًا أو حيًّا خاصًّا في هذه المدينة؛ أي «صفط الحناء».»

والغريب في الكلمة «نبس» أنه لم يحقق كنهها بعدُ، فمِن قائلٍ إنها شجرة الجميزة، ومِن قائل إنها شجرة النبق، ويحتمل أن المعنى الأخير يقرب من الحقيقة؛ لتقاربه من اللفظة العربية «نبق»، وفي السطر الثاني نقرأ من اللوحة رقم … لآبائه أسياد سكان الجميزة (؟) والجميزة الخضراء وأغصانها تخرج أوراقها الخضراء والأرض مخضرة في كل امتدادها ومقر هذه لإله مخضر كل يوم، وأنه ينبثق عن زهوره وكل الأشياء الطيبة، وأن أرض «كس» خضراء لأجل أن تكون لامعة في مدة حياته.

ويُلحظ أنه في هذا السطر قد مثلت شجرة «نبس» (الجميزة؟) مع الإله «حور» الذي اعتبر ساكنها، وكما نجد في السطر الرابع من نفس اللوحة الإله «شو» والإلهة «تفنت»، وفي السطر الثالث الإلهة «حتحور» قد مثلت بهذه الكيفية.

هذا، وتوجد صورة بيت «نبس» في السطر الثالث من نفس اللوحة، فهناك نجد الشجرة مسكونة بالإلهين «سبد» و«حرمخيس» وخلفها نشاهد ثلاثة أشكال مختلفة للإلهة «خنست» (وهي إلهة لم تظهر إلا في العهد المتأخر)، ويُشاهَد أمام الشجرة ثعبانان يلقبان بحارس باب القاعة، ويوجد أمام هذه القاعة دهليزٌ آخرُ يحتله ثعبانان ويلقبان حارس باب الدهليز المؤدي إلى بيت الشجرة «نبس» (؟).

والنقوش التي فوق هذه الأشكال هي:

عندما (أتى) الملك «خبر-كا-رع» صورة «رع» وسليل صقر الشرق و«سبد شو» المعابد والبناء العظيم — في هذه المقاطعة لأجل أن يقدم قربانًا لآبائه أرباب مأوى شجرة «نبس» مكملًا «مصر» في منظرها ومجددًا سكن شجرة «نبس» وجاعله كله جديدًا؛ فإن الأرض كلها كانت في سرور من أجل ذلك، وكل إنسان كان مبتهجًا؛ لأنه كان قد عمل على حسب كُتُب «رع»، وعندما اختلط «رع» بالشعب فإنهم جعلوا بيت شجرة «نبس» يزدهر.

ونجد كذلك في السطر الرابع من نفس اللوحة أشكالًا عدة للإله «سبد» والنقوش التي تتبع ذلك تتضرع للآلهة قائلة: تعالوا وانظروا كل ما قد عمل لكم على يد ابنكم الذي يحبكم الملك «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا، وكل الآلهة والإلهات … عندما ينضم إليهم «رع» والشعب يشم الأشياء الجميلة التي عملها في مسكن «باخو» «الشرق»، فقد جعل موائد قرابينكم تفيض بكل الأشياء الطيبة وجدد الحدائق؟ دون انقطاع، وجعل الحقل ممتازًا مزودًا موائد قربانك، أعطه مكافأة ليكون ملك الوجهين القبلي والبحري اللذين يخضعان لإرادته مثل «رع» أبديًّا.

وجاء في السطر الخامس من نفس اللوحة ما يأتي: إن جلالته قد وَجَّهَ عزمه على تنفيذ كُلِّ هذه الأشياء المقدسة، والآلهة يرون ما يفعل في بيوتهم على يد ابنهم الذي عَلَى عرشهم الملك «نقطانب» العائش أبديًّا، وقد نال مدائحَ مثل «تاتنن» مكافأة له على بِناء معابدهم، وقد توج ملكًا على الأرضين، وعلية القوم وعامتهم يحتفلون به، وكل الأرض قاطبة منحنيةٌ أمام جلالته بسبب سلطانه عليهم، والماء يعلو في فصله وإنه ممتازٌ بسبب فائدته؛ لأنه سر قلوبهم حقًّا، والأرض تعيش به (أي الماء كل يوم).

وجاء في السطر السادس: تعالوا وشاهدوا ما فعل جلالتُه نحوكم يا أسياد مأوى «نبس» (شجرة؟) كافئوه بعزة «آتوم» وبعمر «رع» بوصفه أميرَ الأحياء، إن كل قلوبهم متعلقةٌ به وكل الأراضي الأجنبية … بحربته وإن رؤساءهم حامِين «مصر» وحارسين عين «رع» من الذين يجلبون السوء لها.

والملك «خبر-كا-رع» نفسه طفلها الذي يحرس معابد كل الآلهة أبديًّا؛ لأنه ابنك الذي يحميك وإنه الباني القدير في بيت «نبس» بن «رع» «نقطانب» العائش أبديًّا مثل «رع».

وفي السطر السادس نُشاهد الإله «آتوم» في صورة دمس، ونجد نفس هذا الإله ثانية في اللوحة رقم ٧ (Pl. VII, 1). الصف الأول.
ويُلحظ أنه يسكن في (Pl. VI 1, 6)، واحد من ستة نواويس مختلفة، ويحتمل أنها كانت في المعبد مع بقية المحاريب، والآلهة الذين يُحيطون «ونت» نجدها كذلك للمرة الثانية، ومما تجدر ملاحظتُهُ أنه من أول السطر الثالث وما تحته تذكر النقوش المادة التي صنع منها تمثالُ الإله أو الرمز، كما تذكر ارتفاعَه، فنجد مثلًا في السطر الثالث (١) أنَّ تمثال «سبد» الواقف صُنع من الذهب، وارتفاعُهُ ذراعٌ في حين أن «حور» الواقف خلف «سبد» قد صنع من حجر موشًّى بالذهب، وارتفاعُهُ خمس قبضات أو في السطرين الخامس والسادس، نجد أن عددًا من الآلهة قد صنعت من حجر الجرانيت.
والجزءُ الداخليُّ من الناووس كان قد زين كله بالنقوش ومعظمها تكرارٌ لِما نقش خارج الناووس، وأول سطر يذكر اسم المخبأ (Cf. Pl. II 3)، وهو كما رأينا قد أُطلق على محراب الملك «نقطانب» بعد أنْ حدثت المعجزة.

ويوجد في متحف «اللوفر» قطعةٌ مِن ناووس، مثل عليها أسابيعُ السنة (كان الأسبوع يعد عشرةَ أيام)، وقد عثر على قطعة أُخرى من هذا الناووس في «الإسكندرية» ويُقال إن موضعه الأصليَّ كان في «صفط الحناء»، وقد تحدث مليًّا عن هذا الناووس الأثري «لبيب حبشي».

(راجع: Journal of Near Eastern Studies Vol. XI. p. 251–263 (1952).)

(٢٠) صفط الحناء

جذع تمثال من الجرانيت الرمادي للملك «نخت نبف» اشتراه «نافيل» من فلاح مصري، وتدل شواهد الأحوال على أن الرأس والقدمين قد كُسرت عمدًا وقد نُقش على العمود الذي يرتكز عليه التمثال صَفَّان من النقوش، (راجع: Naville. the Shrine of Saft El-Hennah and the Land Of Goshen p. 5, 1, VIII B; Guide to the Egyptian Galleries Sculpture p. 52).
والصف الذي على اليمين من النقوش جاء فيه أسماء الملك «نقطانب» الأول وألقابه، وجاء على السطر الذي على اليسار اسم الإله الذي أهداه «نقطانب» تمثاله هو، ومما يلفت النظر هنا أن لقب «قوي الساعد» كان من الألقاب التي كان يحملها غيره من الملوك القُدامى، ونخص بالذكر من بينهم «سنوسرت» الثاني، وذلك عندما نراه يظهر أمام الإله «سبد» في لوحة في «وادي جاسوس» (راجع: A.Z. 1882 p. 204)، وكذلك نجد أن الإمبراطور الروماني «تبيريوس» يحمل هذا اللقب، وهاك ترجمة ما جاء على ظهر هذا التمثال:
  • في السطر الأول من اليمين: «حور» صاحب الساعد الجبار، السيدتان (المسمى) منعش الأرضين، «حور» الذهبي (المسمى) الذي يعمل ما تحبه الآلهة ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) رب الأرضين، رب القربان «خبر-كا-رع».
  • السطر الذي على الجهة اليسرى: محبوب «سبد حور» رب الشرق، «حرمخيس» الإله العظيم سيد جبال «باخو» والأمير وحاكم التاسوع ليته يُعطَى الحياة كلها أبديًّا.

(٢١) تانيس

كشف الأثري «مونتيه» عن موقع معبد للملك «نقطانب» الأول في هذه البلدة في عام ١٩٤٦م، وكتب عنه في مجلة Ill ustrated London “News”.

(٢٢) تانيس

عُثر على لوحة صغيرة في ودائع أساس، وجدت في الزاوية الشمالية الشرقية من الجدار الذي يُحيط بالمعبد الكبير، وهذا يُبرهن على أنه قد أقام هذا الجدار أو على الأقل قد أصلحه نقطانب الأول، وقد كتب على هذه اللوحة الصغيرة ما يأتي: ابن الشمس «نخت نبف»؛ أي «نقطانب» الأول، (راجع: Montet, Le Drame d’Avaris p. 204).

(٢٣) بلدة «البقلية» الواقعة في جنوبي المنصورة

كشف في غربي المعبد الذي عُثر عليه في هذه المدينة على جذع تمثال للملك «نقطانب» الأول، وهو يمثله ماشيًا ومرتديًا قميصًا، ونقش على حزامه النقش التالي:

يعيش رب الأرضين «خبر-كا-رع» محبوب «تحوت» في بلدة «رحو» «البقلية».

الإله الكامل رب الأرضين «نخت نبف» «نقطانب» محبوب «نحوت» في «رحو».

ونُقش على ظهر التمثال: «حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف».

(راجع: A.S. VII p. 233.)

(٢٤) وعثر «نافيل» على قطعة حجر في أسكفة باب شيخ في قرية مجاورة «للبقلية»، وقد نُقش عليه اسم الملك «نقطانب» الأول ولقبه، ويدل ما تبقى من النقش الذي لا يزال مدفونًا تحت الأرض في الأسكفة على أن الإله «تحوت»، هو معبود بلدة «البقلية» «رحو» — كما سبق ذكره.

(راجع: Ahnas El Medineh, p. 22, pl. III B.)

(٢٥) وأخيرًا عُثر لهذا الفرعون على تمثالين في صورة أسد رابض، يبلغ طولُ الواحد منهما حوالي ١٫٨٥ متر، وقد وُجدا في معبد «تحوت» صاحب «رحو» («رحو» هي عاصمة المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطَعات الوجه البحري)، وهما الآن في «الفاتيكان» وقد عُثر عليهما في «روما»، وليس في نُقُوشهما شيءٌ جديد غير ألقاب هذا الفرعون وأسمائه.

(راجع: Wiedemann, Rec Trav. 6, p. 118; Marucchi il Museo Egizio Vaticano No. 16–18 p. 32، 36–39; Bissing; Denkmalër Pl. 74; Scharff، Bemerkungen Zur Kunst der 30 Dynasty, Vatikan Festschrift, 1941, (p. 195–203, Fig. p. 197).)

(٢٦) منديس

أهدى الفرعون «نقطانب» ناووسًا لكبش «منديس» وهو مصنوعٌ من الجرانيت المبرقش، وقد عُثر عليه في بيت من بيوت العصر الروماني، وهو محفوظٌ الآن بالمتحف المصري تحت رقم ٧٠٠٢٢، ويبلغ ارتفاعُهُ ١٫٤٧ مترًا وصناعتُهُ جيدةٌ، وكتابتُهُ محفورةٌ بعناية، وقد وجد في حالة سليمة تقريبًا إلا بعض قطع صغيرة كُسرت منه، وهو قطعةٌ واحدةٌ من الحجر — كما هي الحال في معظم نواويس هذا العصر — وقد نقش على عارضيته سطران، فالذي على اليَسَار جاء فيه: «حور» قوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» (المسمى) «نقطانب» عاش مخلدًا.

محبوب كبش «منديس» القاطن في «إيون» الإله العظيم رب «رس خاست» والاسم الأخير يُطلق على حَيٍّ من أحياء مدينة «منديس» عاصمة المقاطعة السادسة عشرة من مقاطعات الوجه البحري، ويقع في الجُزء الغربي من المدينة، وكان يعبد فيه كبش «منديس» والإلهة «حت محيت»، ويظن الأثري «دارسي» — بشيء من الصواب — أن المقصود هنا هو المكانُ الذي على حسب الأُسطورة التي رواها «بلوتارخ» كانت توجد فيه «إزيس» عندما علمت بموت زوجها «أوزير»، وحيث قطعت خصل الشعر علامة على الحزن — كما هو ممثل في كتابة الكلمة بالمصرية القديمة — (راجع: Gauthier, Dic., Geogr. IV p. 98).

ونقش على العارضة اليُمنى ما يأتي:

«حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» (= «نقطانب» الأول)، العائش مثل «رع» محبوب كبش «منديس» القاطن في «إيون» الإله العظيم خالق نفسه.

ونقش على الواجهة صورة الشمس المجنحة كما نقش: رب «مسن»، وعلى اليمين وعلى الشمال نقش في سطر أفقي وآخر عمودي «بحدتي» الإله العظيم رب السماء ذو الريش المبرقش الخارج من الأُفُق رب «مسن» (وهو اسم مكان لعبادة حور صاحب إدفو).

(راجع: Roeder, Cat. Gen. Naos p. 99-100 and pl. 65 b, c.)

(٢٧) «أبو ياسين» مركز كفر صقر شرقية

عثر في بلدة «أبو ياسين» في الحفائر التي عملت في عام ١٩٣٧-١٩٣٨م، على قطعة من تابُوت مصنوع من الجرانيت الوردي، وقد وُجد عليه اسم الملك «نقطانب» الأول (راجع: A.S. XXXV. III p. 611).

(٢٨) سمنود

جذع تمثال من الجرانيت الأسود للملك «نقطانب» الأول وهو محفوظ الآن في «باريس» (راجع: Descr. De l’Egypte Ant. V. pl. 69 (7, 8) cf, Texte. X. p p. 572-573; Naville. Mound of the Jews p. 27).

(٢٩) المحلة الكبرى

رأى الأثريُّ «إدجار» جذع تمثال لهذا الملك في «سمنود»، ولكنه يظن أن هذا الأثر قد نُقل من «المحلة الكبرى» إلى «سمنود».

(راجع: A.S. XI. p. 96.)

وقد نقش عليه: يعيش بن «رع» رب التيجان «نخت نبف».

يعيش ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» (أي «نقطانب» الأول)، وهذا المتن نقش على حزام هذا التمثال.

(٣٠) المحلة الكبرى

استولتْ مصلحةُ الآثار على جذع تمثال جميل الصنع من أحد أهالي قرية «دقميرة» مركز «كفر الشيخ» مديرية «كفر الشيخ»، وكان ذلك في عام ١٩٢٢؛ وقد نقل إلى المتحف المصري، وهو محفوظٌ هناك تحت رقم ٤٧٢٩١، ومما يؤسَف له أن المكان الأصليَّ الذي كان فيه هذا التمثالُ لم يعلم بعدُ، وقد قيل على لسان صاحبه: إنه عُثر عليه أثناء بناء السكة الحديد من «المحلة الكبرى» إلى «بلطيم».

والتمثال مصنوع من الحجر الأسود الصلب، ويُعتقد أنه من البازلت.

وقد نقش على العمود الذي يرتكز عليه التمثال أربعةُ أسطُر عمودية، غير أنها وُجدت مهشمة؛ ولذلك أصبح من الصعب ترجمةُ هذا النص، ولكن من السهل أن نَستخلص من المتن أنَّ الشخص الذي يمثله هذا التمثال، كان يشغل وظيفة من الدرجة الأولى في عهد آخر فراعنة العصر الساوي، واسم هذا الموظف هو «شدسومسو» وتدل شواهد الأحوال على أنه كان من سكان المقاطعة السابعة عشرة من مقاطعات الوجه البحري التي تقع عاصمتُها الآن في مكان «تل البلمون» الحالية مركز «شربين»، وأنه قد عاش في عهد الملك «نقطانب» الأول، (راجع: A.S. XXIII p. 173–5 & Ancient Egypt (1925) p. 124).

(٣١) «سايس» أو «دمنهور»

وجد فيها ناووس من الجرانيت الأسود للآلهة «نبت»، وهو محفوظٌ الآن بالمتحف المصري (راجع: Daressy, Rec. trav. 11, p. 80-81 No. XXII; Maspero-Quibell Guide p. 170, No. 650).

وهذا الناووسُ المصنوعُ من الجرانيت الأسود سقفُهُ مقببٌ، ومزينٌ من الأمام بقرص الشمس المجنح ونقش معه: «بحدتي» الإله العظيم رب السماء مُعطَى الحياة، ونقش على عارضتَي بابه ما يأتي: من اليمين: «حور رع» قوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» محبوب الإلهة «نيت» العظيمة أم الإله.

ونقش على اليسار: «حور رع» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» محبوب «نيت» ربة «آت خت».

وبلدة «آت خت» تقع في الدلتا، ومعناها بلدة العزلة في «دمنهور»، كما يقول «دارسي» وهي خاصةٌ بالإله «أوزير» الشمال فاتح الطرق، غير أنها في المتن الذي نحن بصدده تنسب للإلهة «نيت»، (راجع: Gauth, Dic. Geogr. Tom. 4, p. 31).

(٣٣) رشيد

قطعة حجر منزوعة من بين عمودين، مزينة بكرنيش رسم عليه صفٌّ من الصقور، وحفر عليها صورة «نخت نبف» «نقطانب» الأول، وقد مثل راكعًا وهو يقدم ربانًا لإله، وقد عُثِرَ على هذا الحجر في خرائب «رشيد»، وطولُهُ أربعةُ أقدام وعرضُهُ قدمان وست بوصات، وقد أَهْدَاهُ الملك «جورج» الثالث للمتحف البريطاني عام ١٧٦٦م.

(راجع: A Guide to the Egyptian Galleries (Seulpture) p. 250, Arundale-Bonomi, Gallery of Antiquities pl. 145 fig. 165, p. 110-111.)

(٣٤) الإسكندرية

قطعةٌ أخرى من حجر البازلت، منزوعةٌ من بين عمودين من معبد أُقيم بجوار مدينة «الإسكندرية» الحالية، أقامه «نخت نبف» «نقطانب الأول»، وقد نقش على واجهة هذه القطعة الملك راكعًا يقدم قُربانًا لإله، ونقش فوقه اسمه، وعلى ظهر الحجر نقش أسماء الملك وألقابه، (راجع: Ibid. p. 250).

وكذلك عُثر على رأس لهذا الملك في نفس المكان السابق ذكره.

(راجع: Guide, British Museum p. 394 fig. 217 & vol. of pls. II of Cambridge Ancient Hist, p. 14 B.)

(٣٥) «الإسكندرية»

قطعةٌ من عمود عليها اسمُ «نقطانب» الأول: ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» «نقطانب الأول»، وهذه القطعة كتبت من الوجهين ويشاهد فيها «نقطانب» الأول يقدم قربانًا.

(راجع: Porter & Moss IV p. 5; L. D.T.I. p. 1.)

(٣٦) كفر مناقر

(راجع: A.S. Tom. 19, p. 136–140.)

يوجدُ الآن في المتحف المصري جُزءٌ من تمثال للملك «نقطانب» الأول، والواقع أنه لم يَبْقَ من هذا التمثال إلا العمود الذي كان يستند عليه وأجزاءٌ أخرى بسيطة، وهو مصنوعٌ من الجرانيت الأسود المبرقش بالأبيض، ويبلغ طولُهُ ٢٫٢٢ مترًا وعرضه ١٣ سنتيمترًا، وقد نقش على هذا العمود متن في أعمدة.

والعمود الذي على اليمين جاء فيه أسماء الملك «نقطانب» الأول دون تغير ملحوظ، والعمود الذي على اليسار أكثر أهمية من سابقه، فنشاهد أن «حور» نقطانب يواجه «حوارًا» آخر يعلو رأسه قرص الشمس قابضًا على رمز مركب من علامة النبات وعلامة الحياة الواحدة فوق الأخرى، وهو يجعل «حور» الذي يقابله يشم رائحتها، وهاك الترجمة:

«حور رع» سيد «كم تاخنتي خاتي» الصقر المقدس الذي على قصره، أنه يعطي الحياة والقوة لملك الوجهين القبلي والبحري «خبر-كا-رع» والوارث الممتاز للمبعوث السليم (لقب أوزير) على عرشه «نقطانب» مُعطَى الحياة.

أما السطر الذي على اليمين فجاء فيه: «حور» ذو الساعد القوي ملك الوجهين القبلي والبحري، السيدتان (المسمى) الذي يثبت الأرضين، حور الذهبي الذي يعمل ما تحبه الآلهة «خبر-كا-رع» بن الشمس ومحبوبه «نقطانب» الأول.

(٣٧) «ليتوبوليس» (= أوسيم)

تدل الآثار التي كشف عنها حتى الآن في بلدة «أوسيم» الواقعة في مركز «إمبابة» مديرية الجيزة، على أنها كانت تحتوي على عدة آثار للملك «نخت نبف»؛ أي «نقطانب» الأول، فمنذ عام ١٩٠٤م أشار الأثري «شبيجلبرج» في رحلة كشفية مع الأثري «كويبل» إلى وجود أربع قطع من الحجر عليها اسم الملك «نخت نبف»، وبذلك أضاف هذه القطع إلى ما كشف عنه الأثريان المصريان «أحمد كمال» و«أحمد نجيب» في هذه الجهة باسم هذا الفرعون، (راجع: Rec. trav. XXVI, p. 147-48, A.S. XXIII, p. 171–3 & XXXII p. 78–80 Com p. Ancient Egypt 1925, p. 124).

هذا، وفي عام ١٩٢٣ عثر الأثري «جوتييه» خلال رحلة تفتيشية في داخل قرية «أوسيم» نفسها على قطع أُخرى من الحجر الأسود الصلب المائل إلى السمرة، تدل — بدون أي شك — على أنها بقايا تمثال أقامه الملك «نقطانب» الأول للإله «حور» رب «أوسيم» وهو الإله المحلي لهذه البلدة، وقد وجد على أحد هذه الأحجار قطعةٌ من موكب مقاطعات، وقد شاءت الصُّدَف أن تستولي مصلحة الآثار على أربع قطع باسم الملك «نقطانب» الأول أصلُها من «أوسيم»، وذلك أثناء عمل شارع في حي سوق الصالح «بأوسيم»، وهذه القطعُ من نفس الجرانيت الرمادي المائل إلى السواد الذي منه القطعُ السابقةُ التي شُوهدتْ في «أوسيم»، ويلفت النظر من بين هذه القطع اثنتان؛ وذلك لأنهما من أساس معبد مُزَيَّن بموكب أشخاص، يمثل كل منهم مقاطعة من مقاطعات «مصر».

ومما هو جديرٌ بالذكر هنا أنه قد ذكر مع كل مقاطعة أجزاؤها الثلاثة (راجع: كتاب أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني ص٢٠ للمؤلف)، وقد وُجد على القطعة الأولى اسم المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطَعات الوجه القبلي، ويرمز لها باسم الإله «تحوت»، هذا، ونجد جُزءًا من الكلام الخاص بالمقاطعة السادسة عشرة التي عاصمتها «منديس»، أما الحجر الثاني من هذه الأحجار فقد ذُكر عليها اسم مقاطعة لم يحدد اسمها بعدُ بالنسبة لِما جاء في القوائم الأُخرى بالمقاطعات وأجزائها، (راجع: Gauthier, A.S. XXXII 78–80).

(٣٨) «عين شمس»

قطعة منقوشة من الحجر الجيري من معبد هذه البلدة، وكذلك قطعة أخرى منقوش عليها لقب «نقطانب» الأول «خبر-كا-رع»؟

(راجع: Naville-Griffith, Mound of the Jews p. 66 & pl. XXI, No. 16.)

ومن المحتمل أن يكون هذا النقش للملك «سنوسرت» الأول؛ لأن الملك «نقطانب» الأول و«سنوسرت» الأول يحمل كل منهما هذا اللقب «خبر-كا-رع»، ومما يلحظ هنا أن الفن كان رفيعًا في كل من العصرين، فقد كان عصر سنوسرت يعتبر العصر الذهبي للفن والعلوم، كما كان عصر نقطانب يعتبر عصر نهضة جديدة في الفن.

(٤٠) القاهرة

ناووس للإلهة «نيت» من الجرانيت الرمادي المنقط.

(راجع: Roeder, Cat. Gen. Naos. p. 57-8 pl. 16 a.)

ناووس من الجرانيت الرمادي يبلغ ارتفاعُهُ ٩٣ سنتيمترًا، وهو قطعةٌ واحدةٌ، وقد وجد على عارضتيه المتن التالي:

الجانب الأيمن: «حور» ذو الساعد القوي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف» محبوب «نيت» العظيمة الأم الإلهية.

ونقش على الجانب الأيسر نفس النقش بإضافة محبوب «نيت» ربة «آت خت» (و«آت خت» مكانٌ بالدلتا خاصٌّ بالمعبود «أوزير» الشمال فاتح الطرق، ويحتمل أن يكون هذا الاسمُ له علاقةٌ بمقر القاضي الجنازي الثامن.

هذا، وقد نسبت الإلهة «نيت» إلى هذا المكان على الناووس الذي نحن بصدده)، (راجع: Gauth. Dic. Geogr. IV p. 31).

(٤١) القاهرة

وجدت قطعةٌ مِن تاج عمود عليها صورة «نقطانب» الأول قابضًا بيده على صورة «بولهول»، وقد عُثر عليها في قلعة «القاهرة».

(راجع: Porter & Moss IV p. 72.)

(٤٢) محاجر «طرة»

وجد نقش على صخور محاجر «طرة»، يتحدث عن فتح محاجر جديدة لأجل استخراج أحجار منها لبناء معبد الإله «تحوت» صاحب «هرموبوليس» الكبرى (= البقلية)، وقد جاء فيه المتن التالي: لقد فتح هذا المحجر الجميل في «طرة» لأجل إقامة البناء في معبد «تحوت» المزدوج العظمة، والذي يفصل بين المتخاصمين ورب الكلام المقدس، ومهدي الآلهة والعظيم في «بعح» (= وهو الاسم المدني لعاصمة المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطعات الوجه البحري، ومن المحتمل أن هذا الاسم هو «تل البقلية») الحالي، الواقع في مديرية الدقهلية مركز «أجا» على مسافة ستة كيلومترات من الجنوب الغربي من «تل البقلية»، (راجع: Gauth. Die. Geogr. IV p. 16).

مع آلهة «بعح» ليته يثبت ويبقى أبديًّا.

وقد ذكرنا من قبل شيئًا من محاجر «طرة» (انظر الأرقام ٧، ٤، ٦، ٩).

(٤٨) منف

ووجدت قطعة منقوشة عليها اسم الملك «نقطانب» الأول ولقبه (راجع: Gauth. Dic. Geogr IV p. 87) وقد عُثر عليها في سرابيوم «منف».

(٤٩) منف

قطع من تابوت الملك «نقطانب» المصنوع من حجر البرشيا الأخضر، وهي محفوظةٌ الآن بالمتحف المصري.

من المحتمل أن تابوت الملك «نقطانب» الأول قد جيء به إلى «القاهرة» في عهد الخلفاء، وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أنه كان تابوتًا فاخرًا مستطيلَ الشكل مصنوعًا من حجر البرشيا الصلب الأخضر، ويبلغ طوله ثلاثة أمتار واثني عشر سنتيمترًا، وكان غطاؤُهُ مقببًا، غير أنه مما يؤسف له جِد الأسف أن هذا التابوت كان قد هشم، وقد وجدت منه أجزاءٌ مختلفةٌ في أنحاء «القاهرة»، وقد جمع المتحف المصري منه خمس قطع، وقد مثل على قاع التابوت آلهة بذراعيها ممتدتين لتتسلم جسم المتوفى، وعلى خارج سطح التابوت مثلت بعض آلهة جنازية، كما وجد اسم الفرعون منقوشًا مرات عدة.

هذا، ولم يعثر من غطاء التابوت إلا على قطعتين، نقش عليهما اسم الملك ولقبه، (راجع: A.S. IV p. 105 ff.; Kienitz, Ibid. p. 206).

(٥٠) منف

تمثال للملك «نقطانب» عُثر عليه في «منف» وهو مصنوع من الديوريت وقد مثل راكعًا، (راجع: Ausf. Verz. p. 247, Mus. Berlin No. 1205).

(٥١) منف

عثر «بتري» على نقش دُون عليه لقب هذا الملك وهو «خبر-كا-رع» في قصر «إبريز» في «منف»، غير أن هذا اللقب، كان يحملُهُ كذلك الملك «سنوسرت» الأول؛ ولذلك فإن الأثر يمكن أن يكون لأحد هذين الفرعونين، (راجع: Petrié, Palace of Apries (Memphis II) p. 13 & Pls XXII & XXV).

(٥٢) منف

وفي «سقارة» وجدت قطعةٌ في مبنى دير «أباجرمايس» عليها اسمُ هذا الفرعون، (راجع: Quibell, Saqqara (1908–1910) p. 147 & pl. LXXXVI (5)).

(٥٣) منف

قطعة منقوش عليها اسم «نقطانب» الأول (راجع: Petrie, Riqqeh and Memphls VI p. 33 & pl. LVII NO 25).

(٥٤) منف

وجد لهذا الفرعون تمثال مجيب عُثر عليه في معبد الإله «بتاح»، وهو الآن بالمتحف المصري، وهذا التمثالُ مصنوعٌ من القاشاني الأخضر، وقد ظن بعض الأثريين أن وجود مثل هذا التمثال الجنازي الذي لا يوجد إلا في حجرة دفن المتوفى، يوحي بأن هذا الملك قد دُفن في «منف».

(راجع: Mariette Mon, div pl. 32, texte Maspero p. 8; Loret, Rec. Trav. Tome IV (1882) p. 110; Gauth, L.R. IV p. 191, No. 30.)

(٥٥) منف

ويوجد بالمتحف البريطاني تمثال باسم «خبر-كا-رع» وهو لقب يُطلق على كل من الملكين — كما ذكرنا من قبل — «سنوسرت» الأول و«نقطانب» الأول؛ وقد ظن البعض أن هذا التمثال هو للملك «نقطانب» غير أنه بالدرس والمقارنة وجد أنه للملك «سنوسرت» الأول.

(راجع: M.A. Murray, AncientEgypt, (1928) pp. 105–109.)

(٥٨) الأشمونين

عثر الأثري «ريدر» على تمثال أكبر من الحجم الطبيعي لهذا الفرعون، وقد مثل ماشيًا، وهو مصنوع من الحجر الجيري.

(راجع: Roeder, Hermopolis (1938-1939) Mitleilung D. Inst. p. 77-78.)

(٥٩) الأشمونين

أقام هذا الملك مبنى مدخل «بولهول» الموجود أمام بوابة «رعمسيس» الثاني بمعبد «الأشمونين».

(راجع: Roeder, Ibid. p. 79 ff. pl. 4 b, 5a, 12 b.)

(٦٠) الأشمونين

يوجد في متحف «جيميه» بباريس تمثال راكع للكاهن الأكبر لمعبد «الأشمونين» ويُدعَى «شبسس أرداس»، وكان ذلك كاهن تماثيل الملك «خبر-كا-رع» «نقطانب الأول»، (راجع: Roeder Ibid. p. 78).

(٦١) الأشمونين

عُثر في «الأشمونين» على مائدة قربان من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعها ١٫٢٠ مترًا، وهي مستطيلة الشكل ومتوجة بكرنيش ويُشاهَد فوقها شكلُ نصف أسطوانتين، ولم يَتَبَقَّ من النقوش التي على قاعدة هذه المائدة إلا نقشٌ واحدٌ يمكن قراءته جاء فيه: يعيش الإله الكامل رب الأرضين، «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نخت نبف» محبوب «آمون» الذي في الأرض العالية؟ القاطن في «الأشمونين» ورئيس أرض جبانة الأشمونين، (راجع: Rec. Trav. 20, p. 86).

(٦٢) الأشمونين

قطعة من تمثال للملك «نقطانب» الأول، والتمثال مصنوعٌ من الحجر الصلب، ومحفوظٌ بالمتحف المصري.

(راجع: Borchardt, Cat. Gen. Statuen Und Satuetten IV No. 1078 p. 47.)

وقد مثل هذا التمثال ماشيًا، ويبلغ ارتفاعُهُ ٥٩ سنتيمترًا.

وكل ما تبقى من النقوش على هذه القطعة هو اسم الملك «نقطانب» عاش أبديًّا «تحوت» رب «الأشمونين».

(٦٣) «وادي النخلة» (انظر رقم ٨)

وفي كفر أبو «بانوبوليس» توجد على أحد عضادتي باب مقصورة من المقاصير التي أهديت للإله «مين» (في مركز أخميم) نقوشٌ للملك «بطليموس» الثاني ولملكة بطلمية، ويفهم من هذه النقوش أنهما من سُلالة الملك «خبر-كا-رع» «نقطانب» الأول، (راجع: L.D.T. II p. 164, Sethe. Urk. II p. 27, No. 12, ComP. Gauthier L.R. IV p. 191, A. 4; Porter & Moss V p. 17).

(٦٤) العرابة المدفونة

معبد الملك «نقطانب» الأول الواقع في الجنوب الغربي من معبد «أوزير»، وقد وُجدت فيه قطعة من ودائع الأساس، وبعض قطع أُخرى من عهد «نقطانب» الثاني، (راجع: Petrie, Abydos. I p. 33 & pl. Lxx, No. 11; Vol. II p. 7 & pl. XLIX).

(٦٥) العرابة

وجد في العرابة ناووس من الجرانيت الأحمر المبرقش، وهو محفوظٌ الآن بالمتحف المصري، وقد وُجد عليه اسم كل من «نقطانب» الأول والثاني. عثر على هذا الناووس الأثري «دارسي» في العرابة المدفونة، حوالي عام ١٨٩٦-١٨٩٧م في المعبد الصغير الواقع غربي «شونة الزبيب»، وهو الآن بالمتحف المصري، وصناعة هذا الناووس دقيقة غير أن النقش الذي في داخله لم ينل عنايةً كافية.

هذا، ويُلحظ أن الجزء الأعلى من جانبه الأيمن قد هُشم، وكذلك الجزء المتصل بالسقف، هذا بالإضافة إلى بعض قطع صغيرة قد ضاعتْ منه، والناووس قطعةٌ واحدةٌ وسطحُهُ على هيئة السرج.

وأهم النقوش التي عليه ما يأتي:

(١) يُشاهَد على جداره الأيمن منظران الأول من جهة اليسار، مثل فيه الملك يحضر العدالة أمام الإله «تحوت»، وقد نقش فوق الملك: ملك الوجهين القبلي والبحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن «رع» رب التيجان «نخت-نيف» ليته يُعطَى الحياة والثبات والقوة مثل «رع» أبديًّا.

ونقش خلفه الحماية والحياكة كلها حوله مثل «رع»، ونقش أمامه: «إعطاء العدالة لوالده لأجل أن يجعله يعطيه الحياة»، وقد مثل «تحوت» في هذا المنظر في هيئة قرد على رأسه قرص القمر، وقد نقش معه: «تحوت» مرشد الآلهة والإله العظيم رب السماء.

المنظر الثاني يشاهد فيه الإله «أنوريس-شو» يحضر العدالة للإله «أوزير» رب جبانة «العرابة»، وقد نُقش فوقه: «أنوريس-شو» ابن «رع» رب السماء ونقش أمامه: «إعطاء العدالة إلى أنفك يا رب الحياة يقصد «أوزير».»

ويشاهد أمام «أنوريس-شو» الإله «أوزير» واقفًا على هيئة مومية وقد نقش فوقه: «أوزير» أول أهل الغرب، «وننفر» الإله العظيم رب الأرض المقدسة ونقش أمامه: «إني أعطيك كل الحياة والقوة وكل السلامة.»

النقوش التي على الجدار الأيمن في الحجرة الداخلية للناووس:

يشاهد أولًا الملك يقدم العدالة أمام «أوزير» والإلهة «حتحور»، وقد نقش اسم الملك فوقه غير أنه هنا كتب الملك «نقطانب» الثاني، وهاك النص:

رب الأرضين «سنزم أب-رع-ستب-ن-آمون» رب التيجان «نخت حور حبت» محبوب «آمون»، ونقش أمامه: «إعطاء العدالة لوالده.»

ومن جهة أُخرى يشاهد «أوزير» واقفًا في صورة مومية، وقد نقش فوقه «أوزير وننفر» رب الأرض المقدسة (الجبانة)؛ وكذلك يشاهد خلفه «حور» وقد نقش فوقه: «حور وننفر» رب «رستاو» كما نشاهد «إزيس»، وقد نقش فوقها: «إزيس» (ربة) البيت التي ولدت رب السماء وسيدة الآلهة. ويشاهد على الجدار الأيسر من الداخل الإله «أنوريس»، وكذلك نشاهد صورة الملك «نقطانب» الثاني مهشمة، وقد بقي من النقوش التي معه ما يأتي: رب الأرضين «سنزم أب-رع-ستب-ن-آمون». وتدل شواهدُ الأحوال على أن الملك «نقطانب» الأول هو الذي أقام هذا الناووس ونقشه من الخارج ثم جاء بعده: «نقطانب» الثاني ونقش جدرانه من الداخل.

(راجع: Mariette, Catalogue Abydos p. 552 No. 1424; Mariette Abydos II pl. 42 c.; Roeder Cat. Gen. Naos. pp. 53–5.)

(٦٦) دندرة

يوجد في بيت الولادة المبكر في مَعْبَد دندرة ثلاثة مناظر ولادة في ثلاثة صفوف في المحراب باسم الملك «نقطانب» الأول، وهذه المناظر لم تنشر بعد (راجع: Porter & Moss. VI p. 105)، وهذا هو الأثر الوحيد الذي عُثر عليه في «دندرة» من الأسر ٢٨ إلى ٣٠.

(٦٧) قفط

ناووس صنعة اللك «نقطانب» الأول للإله «مين» في «قفط»، صنع هذا الناووس من الأردواز الأخضر، ويبلغ ارتفاعُهُ ٢٫١٨ مترًا، عثر عليه «كارتر» في عام ١٩٠٨ في أكوام السباخ في خرائب «قفط»، وقد نحت في قطعة واحدة من الحجر وصناعتُهُ دقيقةٌ وملساء ونقوشُهُ الهيروغليفية نظيفةٌ، غير أنها نُقشت نقشًا سطحيًّا، وقد كسر منه قطعةٌ كبيرة، (راجع: Roeder, C.Gen. pl. 15).
وقد نقش على عضادتيه المتن التالي:
  • على الجهة اليمنى: «حور» صاحب الساعد القوي ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع»، لقد عمله بمثابة أثره لوالده «مين» صاحب «قفط» ورب «أبو» (كفر أبو) ورب «سنوت»، لقد عمل ناووسًا من صنع ممتاز للأبدية، ومصراعاه اللذان عليه من خشب «قد» (خشب لبنان) مصفح بالذهب، وقد عمله لأجل أن يُعطَى الحياة أبديًّا مثل «رع».
  • ونقش على المصراع الأيسر: «حور» صاحب الساعد القوي ابن «رع» «نقطانب» الأول صنعه بمثابة أثره لوالده «مين» «حور» صاحب الذراع المرفوع (صفة من صفات «مين»)، عمل له ناووسًا من حجر «بخن» اللامع (مستخرج من الحمامات) عمله ليُعطى كل الحياة والثبات والقوة وكل السلامة وكل الانشراح مثل «رع» أبديًّا (راجع: Roeder, Cat Gen., Naos p. 55–57 & Pl. 15 & pl. 49-a–c; A.S. 6, p. 122-123).

(٦٨) قفط

قطع مختلفة عليها اسم هذا الفرعون قد استعملت في المباني.

(راجع: Champollion Lettres, p. 75-6; wedemann Gesch. p. 717.)

(٦٩) قفط

وكذلك وجدت في «قفط» قطع باسم «خبر-كا-رع»؛ أي بقلب «نقطانب»، غير أن هذا اللقب يحملُهُ كذلك «سنوسرت» الأول؛ ولذلك يشك في أمر نسبتها إلى صاحبها الحقيقي، (راجع: L.D.T. II, p. 256).

(٧٠) قفط

ووجد في هذه البلدة لوحةٌ وتابوتٌ من الجرانيت الرمادي، لكاهن تمثال الملك «نقطانب» الأول، وهذا الكاهن يُدعى «نس مين»؛ وتفسير ذلك أنه قد عثر الأهالي على مقبرة في بلدة «القلعة»، وقد فتحها «حسن أفندي حسني» مفتش الآثار، وتحتوي هذه المقبرة على حجرة تحت الأرض مساحتها ٢٫٨٠ × ١٫٥٧ × ١٫٧٠ مترًا، وهي مبنية من الحجر الجيري وملونة باللون الأصفر ونقوشها باللون الأحمر، وكانت تحتوي على تابوتين غير أنهما وُجِدَا منهوبين قديمًا، وقد عُثر على لوحة موضوعة على التابوتين مصنوعة من الحجر الجيري، كما عُثر على جعران قلب خالٍ من النقوش، هذا بالإضافة إلى لوحة أُخرى مكتوبة بالديموطيقية غير أن كتابتها غيرُ واضحة.

والتابوت المنقوش مصنوعٌ من الجرانيت الرمادي، وهو على شكل مومية واسم صاحبه «نسن مين» ابن «أرت-ثي-ر-ثاي» الكاتب الملكي، وقد نقش عليها طغراء الملك «نقطانب» الأول، وقد مثل على اللوحة المتوفى يقدم قربانًا للآلهة الأربعة التالية:

«إزيس» و«أوزير» و«آتوم» و«حرمخيس» بالإضافة إلى ستة أسطر أفقية جاء فيها ذكر نفس الاسم، كما جاء على التابوت (راجع: A.S. IV p. 49-50) وهي محفوظةٌ الآن بالمتحف المصري.

(٧١) وادي حمامات

منظرٌ يمثل «آمون رع» جالسًا ومعه متنٌ مؤرخٌ بالسنة الثالثة من عهد «نقطانب» الأول، (راجع: Couyat & Montet, Pl. VIII, p. 43; L.D. III 286 h).

(٧٢) وادي حمامات

نقش على صخر لمحاربين «مين» و«حاربوخراتس»، ومعهما كبش مقدس، وُجد هذا النقش في محاجر الملك «نقطانب» الأول والثاني أيضًا، (راجع: Couyat & Montet, Pl. VII, Porter & Moss. VII p. 336).

(٧٢) المدمود

وجد في معبد «المدمود» تمثالان لبولهول واحد مهشم، (راجع: Bisson de la roque, rapports sur les fouilles de Medamoud. p. 116 bis 118, No. (2113–16) fig, 66–69)، وقد وجد اسم «نقطانب» الأول عليها.

(٧٤) الكرنك

وجدت طغراء «نقطانب» الأول على الجانب الشرقي لمعبد «آمون».

(راجع: Cham p. Not. Descr., II, 256 & M., IIp. 71.)

(٧٥) الكرنك

البوابة الشرقية، يشاهد الملك على الجانب الخارجي يقدم صورة الإلهة «ماعت» لإله «آمون» والإلهة «موت»، (راجع: L.D. III, p. 284 k; L.D.T. III p. 37-38; Cham p. Not. Descr., II, 261-2, Mon., IV 309 No. 2).

(٧٦) الكرنك

يُشاهَد على خارج الجدار الخلفي لمعبد الإله «خنسو» الملك «نقطانب» الأول يتعبد لعدة آلهة، (راجع: Cham p. Not. Descr. II, p. 240 Wiedemann, Gesch. p. 717; Kienitz Ibid p. 209).

(٧٧) الكرنك

معبد «منتو» وجد اسم الفرعون «نخت نبف» على البوابة التي أقامها «نقطانب» الأول التي توجد داخل السور المحيط.

(راجع: Cham p. Not. Descr. II 273, L.D.T. III p. 3.)

(٧٨) الكرنك

تمثال بولهول جاثم مصنوع من الحجر الرملي، قدمه الفرعون للإله «آمون» صاحب الكرنك ومحفوظٌ الآن بمتحف «برلين»، وقد نُقش عليه يعيش «حور» صاحب الساعد القوي، والسيدتان (المسمى)، مقوي الأرضين «حور» الذهبي العين «المسمى» محبوب الآلهة ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن الشمس رب التيجان «نخت نبف» «نقطانب» الأول … إلخ.

(راجع: L.D. III 286 d–g, Ausf Verz., p. 249: Gauth. L.R. IV p. 189 No. 23.)

(٧٩) الأقصر

أولًا يوجد تماثيل بولهول التي في طريق الكباش بالأقصر، وهي التي كشف عنها حديثًا بجوار معبد الأقصر، أربعة تماثيل بولهول يبلغ طول كل واحد منها ٢٫٧٥ مترًا، نقش عليها اسم الملك «نقطانب» الأول، (راجع: III ustrated London News No. 5736, 26; March 1949 p. 417, with three Photos).

(٨٠) مدينة هابو

في الردهة الأمامية من معبد الأسرة الثامنة عشرة الذي أقامه «تحتمس الثالث» يشاهد منظر للملك «شبكا» اغتصبه الملك «نقطانب» لنفسه، حيث نُشاهد فيه هذا الفرعون الأخير يضربُ عشرةً من الأعداء أمام الإله «آمون»، وبجوار هذا المنظر نقرأُ أسماءَ ثلاثة من الأقوام المهزومين. هذا، وقد أقام الفرعون «نقطانب» الأول بوابةً في الرُّدْهة الخارجية من معبد «مدينة هابو» الواقعة بين الكشك والمعبد الرئيسي، (راجع: L.D.T. III p. 151–3; Daressy Notice explicative des ruines de medinet Habu p. 5–8, Champolion Notice descr. I, 319–321; Mon-II 197, I (196. 1?), rosellini Mon, stor. I, 154, 2).

وقد مثل الفرعون على جانب بوابته أمام الإله «آمون» وهو يقدم ثلاثة من الأسرى في كلا المنظرين.

(٨١) طود

معبد الإله منتو، وجد اسم ملك يلقب «خبر كارع»، وهذا الاسم يطلق على «سنوسرت» الأول، وعلى الملك «نقطانب» الأول — كما ذكرنا من قبل — وقد نقش الاسم على ناووس، وعلى ذلك يمكن أن يكون لأحد الملكين (راجع: Cham p. Not. Descr. I, 292., 6 & 7.; Legrain B.I.F.A.O. 12 (1916) p. 104 No. 6). هذا، ويعتقد «لجران» أن هذه الطغراء هي للملك «سنوسرت» الأول.

(٨٢) الكاب

عثر الأثري «كابار» على قِطَع من الحجر متفرقة، عليها اسمُ الملك «نقطانب» ولقبه «خبر-كا-رع» «نخت نبف»، وهو يتعبد للآلهة «نخبت»، وذلك في معبد «الكاب» الذي قام بأعمال الحفر فيه، وهذا يدلُّ على أن هذا الفرعون قد قام بإنشاء مبانٍ في هذا المعبد، أو أضاف اسمه على جدرانه، (راجع: A.S. 37 (1937) p. 6, & p. 12).

(٨٣) إدفو

انظر رقم ١، ١٢ في قائمة آثار هذا الملك، الذي نحن بصددها الآن.

(٨٤) الفيلة

معبد «إزيس» أقام الملك «نقطانب» الأول لنفسه إيوانًا عند قاعة الدخول للمعبد، أهداه لوالدته «إزيس» المبجلة في «أباتون» (جزيرة سهيل) وسيدة الفيلة وإلى الإلهة «حتحور» صاحبة «سنموت». وتدل شواهدُ الأحوالِ على أن هذا المعبد كان قد اكتسحه ماءُ النيل بعد إتمامه بمدة قصيرة، ولكن «بطليموس» الثاني «فيلادلف» أصلح الإيوان ثانية، وهذا الإيوانُ الصغيرُ الأنيقُ المنظر كان مُقَامًا على أربعةَ عَشَرَ عمودًا ذات تيحان مختلفة من النباتات، وفوق كل عمود تاجٌ على هيئة صُناجة، ولم يبق قائمًا من هذه العمد إلا ستة، وقد اختفى السقف، وكان يوجد بين العمد ستائرُ من الحجر، يبلغُ ارتفاعُ كل منها أكثر من ستة أقدام، ومزينة بكرانيشَ مفرغة وصفوف من الأصلال، وقد اعترض هذه الستائر على الجانبين الشرقي والغربي، وكذلك على الجانب الشمالي؛ أبوابُ الخروج، وهذه الستائرُ قد مثل عليها مناظر يظهر فيها الملك «نقطانب» الأول يقدم قربانًا للآلهة.

ويوجد في متحف «برلين» الآن قطعة منقوشة من هذا الإيوان عليها اسم هذا الفرعون، (راجع: L.D. III 285 a–c, I.D.I. IV p. 130–135 Aust. Verz. p. 246).

(٨٦) الفيلة

أقام كذلك «نقطانب» الأول مدخلًا في البوابة الكبرى لمعبد «إزيس» الكبير، وقد ظهر فيه هذا الملك يتعبد لآلهة مختلفة، ويقدم لهم القربان ويتقبل منهم الحياة والأعياد الثلاثينية، ونخص بالذكر من بين هؤلاء الآلهة «إزيس» و«أوزير» و«ننفر» و«آمون رع» و«ددون» (إله النوبة)، و«رع حور أختي» و«خنوم» و«ساتيس» و«حتحور» … إلخ، (راجع: Weigall, Report on Lower Nubia, p. 37, 55).

(٨٧) الواحة الخارجة

تدلُّ النقوشُ التي وُجدت في معبد «آمون» صاحب «هيبيس» (هبت) على أن الملك «نقطانب» الأول قد أقام في هذا المعبد إيوانًا، ثم جاء بعده الملك «نقطانب» الثاني، وأضاف إليه أجزاءً.

هذا، وقد وجدت قطع أساس للملك «نقطانب» الأول في هذا المعبد، (راجع: Winlock, The Temple of Hebis in Kharga pl. III & pl. 69 left)، وفي داخل هذا الإيوان يشاهد «نقطانب» الأول بالأعلام وهو يغادر القصر، (Ibid. pl. 70 middle).

(٨٧) الواحة الخارجة

تمثال للملك «نقطانب» الأول بالفاتيكان — يوجد بمتحف الفاتيكان جزع تمثال من الجرانيت جميل الصنع، وقد نُقش على حزامه اسم الملك «نقطانب» الأول كما وجد على ظهر هذا التمثال اسمُ هذا الفرعون وألقابه: «حور» قوي الساعد، السيدتان (المسمى) منظم الأرضين «حور» الذهبي (المسمى) صانع حب الآلهة ملك الوجهين القبلي والبحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف» (راجع: Rec. Trav. 6 (1884) p. 118, Marucchi II, Museo egizio Vaticano No. 25 p. 48-49). هذا، ويوجد الجزء الأعلى من تمثال مصنوع من الجرانيت القاتم للملك «نقطانب» الأول، محفوظٌ الآن بالمتحف البريطاني (راجع: Guide British Museum 1909 Sculptures p. 249 No. 924)، كما يوجد تمثالٌ آخرُ في مجموعة «مندوي Manduit» في مدينة «نانت» من أعمال «فرنسا»، (راجع: Wiedemann, Gesch p. 718).

وفي «برلين» يوجد تمثالٌ راكعٌ لهذا الفرعون أصله من «منف».

(راجع: Ausfuhrliches Verzeichniss 1899 p. 247.)
وأخيرًا يوجدُ الجزءُ الأعلى من تمثالٍ ضمن مجموعة مهندس عمارة فرنسي يُدْعَى «فلاندران» (راجع: Gauthier L.R. p. 189, Note 2 b)، نقش عليه اسم هذا الفرعون.

(٨٩) تمثال بولهول

من الحجر الرملي، وهو محفوظٌ الآن بمتحف «اللوفر» (راجع: Louvre A. 29) وهو تمثالٌ جميلٌ برأسِ إنسانٍ، (راجع: De Rougé, Notice des Monuments p. 25, No. 29).

(٩٠) بومبي – تمثال مجيب

وجد للملك «نقطانب» الأول تمثال مجيب في مدينة «بومبي»، وهو محفوظٌ الآن بمدينة «نابولي»، (راجع: Champollion, Figeac, Egypte Ancienne p. 385).

(٩٠ب) رومه

تمثالان من الجرانيت يمثلان أسدين في «رومه»، نقش عليهما اسم «نقطانب» الأول، ومن المحتمل أنه جيء بهما من «عين شمس»، وقد نُصبا في «إزيوم Iseum»، وقد عُثر على واحدٍ منهما «يوجين» الرابع بالقرب من «بانتيون Pantheon»، وقد كشف عنه ثانية مع التمثال الثاني البابا «كلمنت» السابع، ثم نقلها «سكستس» الخامس إلى «فسقبة» بالقرب من حمامات الإمبراطور «دقلديانوس» ثم نقلها «جريجوري» السادس عشر إلى «الفاتيكان»، وهي الآن بمتحف «الفاتيكان» (راجع: Porter & Moss VII p. 414).

(٩١) جعارين «نقطانب» الأول

يوجد في متحف «اللوفر» جعرانان باسم «نقطانب» الأول، كما يوجد جعرانان باسمه في مجموعة «فريزر» (راجع: Petrie scarabs No. 2005-6; Fraser Scarabs p. 50, No. 422-3 & pl. XV).

ومما تَطيب الإشارةُ إليه هنا أن «نقطانب» الأول قد جمع في لقبه في نقوش جعران بين لقب «سنوسرت» الأول و«تحتمس» الثالث.

(راجع: L.R. IV p. 190, No. 27.)

ولا شك أنه كان يرمي بذلك إلى أنه أراد الجمعَ بين عظمتَي هذين الفرعونين اللذَين يُعَدَّان من أعظم فراعنة مصر من حيث السلطان.

(٩٢) اللوحات الصغيرة التي باسم «نقطانب» الأول

توجد لوحةٌ صغيرةٌ مصنوعةٌ من الخزف المطلي في مجموعة «لوفتي» باسم «نقطانب» الأول، وهي محفوظةٌ الآن بالمتحف البريطاني، (راجع: Hall, Catalogue of Egyptian Scarabs etc. iu the British Museum Vol. I p. 296, No. 2815).

وقد نقش عليها رب الأرضين «خبر-كا-رع» رب التيجان «نقطانب» الأول.

(٩٣) هذا، وقد وُجدت لوحة مشابهة للسابقة، ولكن باسم الملك «نقطانب» الأول فقط، وهي محفوظةٌ في مجموعة «هلتون بريس»، (راجع: Hilton Price, Catalogue p. 46 No. 366 et Planche entre les pages 24-25).

(٩٤) لوحة أساس صغيرة

في هيئة خاتم، عليها اسم الملك «نقطانب» الأول، (راجع: Berlin Ausfuhrliches Verzeichniss 1899 p. 453 No. 1966).

(٩٥) قبضة صناجة

توجد في مجموعة «بتري» قبضة صناجة عليها اسم الفرعون «نقطانب» الأول، محفوظةٌ في مجموعة «فلندرز بتري»، (راجع: Petrie History III p. 386).

(٩٦) قطعة من قبضة صناجة

محفوظة في مجموعة «ناش» عليها اسم «نقطانب» الأول، (راجع: Nash PSBA, 30 (1908), p. 293 No. 26, PL. II).

وقد نقش عليها «خبر-كا-رع» محبوب الإله «أنوريس» و«نقطانب» محبوب الإلهة «حقات».

(٩٧) ثقالة عقد منات

باسم هذا الملك موجودة في مجموعة «بتري»، (راجع: Petrie, Hist. III p. 386).

(٩٨) ختم من الخزف الأخضر

عليه اسم «نقطانب» الأول (Ibid) (انظر كذلك كتاب بتري عن الجعارين والأسطوانات حيث تجد فيها قطعًا صغيرة باسم هذا الفرعون) (راجع: Petrie, Scarabs and Cylinders, p. 33, 40 & pl. L. VII 30, 1 (1–5))، يَبلغ عددُها اثنتي عشرة قطعةً باسم هذا الفرعون، موجودة في متاحفَ مختلفة، خمسةٌ منها في ينيفرستي كولدج بلندن، وواحدة في المتحف البريطاني، واثنتان بمتحف القاهرة، وواحدة بمتحف ميونيخ.

(٩٩) نموذج باب من الخشب

سفح بالسام على هيئة ناووس محفوظ الآن بالمتحف البريطاني، (راجع: B. Mus. Guide (1909) p. 266 No. 38255).

(١٠٠) إفريز جميل من البازلت

مثل عليه الفرعون «نقطانب» الأول، وهو يقدم القربان لآلهة مختلفة ونقش عليه اسم الملك ولقبه، عُثر على هذا الإفريز في «روما» عام ١٧٠٩م، في خرائب «مونت أفنتن Mont Aventin» وهو محفوظ الآن في متحف «شيفيكو Civico» بمدينة «بولونيا Polonga»، (راجع: Young, Hierogliphic. pl. IX; Lucas Alan Rowe, A.S. 1938 p. 139 & Porter & Moss VII p. 415).
(١٠١) إفريزٌ من البازلت محفوظٌ بالمتحف البريطاني، (راجع: Petrie Hist. III p. 286).
(١٠٢) لوحةٌ صغيرةٌ مكتوبةٌ بالخط الديموطيقي، محفوظة بمتحف «برلين» وقد نُقش عليها اسم الملك «نقطانب» الأول، (راجع: Wiedemann Agyptische Geschichte p. 718).
(١٠٣) قطعة منقوشة من بوابة معبد بالمتحف البريطاني نُقش عليها اسم «جاديانو Gaddiano» بمدينة «فلورنسا» وقد نُقش عليها اسم الملك «نقطانب» الأول، (راجع: Kirscher Oedipus III p. 385; Gauthier L.R. IV p. 190 A. 2).
(١٠٤) قطعةٌ منقوشة من بوابة معبد بالمتحف البريطاني، نُقش عليها اسم «نقطانب» الأول، (راجع: Arundale-Bonomi, Gallery of Antiquities Pl. 45, fig. 167 above).
(١٠٥) تمثال القاضي الأعلى «حورسا إزيس» وكاهن تمثال الملك «نقطانب» الأول، هذا التمثال يوجد بمتحف «برلين» Berlin Museum No. 21596 وقد كتب عنه الأثري «مولر» بمناسبة علامة العدالة عند المصري القديم، (راجع: Möller A.Z. 56 (1920) p. 67, Bosse, Menschliche figur p. 40 No. 92 & Pl. Vc).
(١٠٦) جذع تمثال من البازلت لفرد يُدعَى «حورسا إزيس» الذي عاصر الملك «نقطانب» الأول، وهذا الأثر موجود الآن بمتحف «موسكو» (راجع: Turajeff University of moskau, Egypt, Coll. 1; Ancient Egypt,1920 p. 125).

وقد مثل هذا الرجل بصفته القائد الأعلى، ويحمل حول رقبته صورة العدالة، (راجع: ما كتب عن ذلك في الجزء التاسع مصر القديمة).

هذه هي بعضُ آثارِ الملك «نقطانب» الأول التي كُشف عنها حتى الآن، وفي اعتقادنا أن الجمَّ الغفير من آثار هذا الفرعون لا يزال مختبئًا تحت تربة أرض الكنانة، كآثارِ غيره مِن عظماء ملوك «مصر» الذين بنوا مجدها الغابر، ومهما يكن من أمر فإن ما استعرضناه من آثار هذا الفرعون يدل دلالة واضحة على أنه قد قام بنهضة جديدة في البلاد، بعد النكسة التي انتكستها على أثر دخول الفرس فيها.

ولا غرابة في ذلك؛ فإن ما لدينا من معلومات وصلت إلينا عن طريق الكُتَّاب الإغريق، وما لدينا من الآثار المكتشفة له يدل دلالة واضحة على أنه قام بنهضة جديدة في كل نواحي العمران، وبخاصة في العمارة والفن وإحياء معالم الدين، بعد أن كان قد أصابها الإهمال والعبث، ومن الآثار التي تركها لنا نفهم أنه وثب بالفن وثبة واسعة وضرب بسهم صائب في العمارة، وبخاصة إقامة المعابد التي عفا عليها الزمن.

وتدل شواهد الأحوال بما تركه لنا من آثار على أنه كان يريد مجاراة عظماء ملوك «مصر» الذين سبقوه، وبخاصة أولئك الذين وضعوا الأسس لإحياء مجد «مصر»، والسير بها في طريق بناء الإمبراطورية المصرية، وأكبر دليل على ذلك أنه تَلَقَّبَ بقلب «سنوسرت» الأول واضع أُسُس الإمبراطورية المصرية في عهد الأسرة الثانية عشرة، كما ضم إلى لقبه «تحتمس» الثالث الذي وصلت في عهده الدولة المصرية إلى أوج عظمتها وسؤددها.

والواقع أن «نقطانب» الأول قد جمع في صفاته وأخلاقه ما يجعله يتمثل بهذين الملكين العظيمين، وينحو نحوهما في إحياء مجد «مصر» وإقالتها من عثرتها، غير أنه كان كالقلب السليم في الجسم العليل الذي أضعفتْه الأمراضُ، وقد أراد بَثَّ الحياة في هذا الجسم المتداعي، فلم يكن له قبل بذلك إلا مدةٌ قصيرةٌ لم يلبثْ بعدها الجسمُ أنْ مات، ومعه مات القلبُ الفتي، وذلك على الرغم من مُحاولةٍ خليقةٍ بالسير في الطريق الذي رسمه لمجد بلاده. فقد كانت دولةُ الفرس لا تزالُ قوية، وكانت دولةُ اليونان آخذةً في الظهور بما لديه من قوة فنية، وبخاصة عندما أخذ بنظامها إسكندر الأكبر، الذي قضى على كل الممالك العظيمة في عهده، وأسس أعظم إمبراطورية في العالم القديم.

١  ومما هو جديرٌ بالملاحظة هنا أن كتابة اسم الملكين «نخت نبف» و«نخت-حر-حبت» اللذَين وُجدا على الآثار المصرية بهذه الصورة قد كتبهما المؤرخ «مانيتون» وغيره من كُتَّابِ الإغريق بلفظة «نقطانبيس Nektanibis» أو «نقطانبس» (٣٨٠–٣٦٢ق.م)، وذلك للاسم الأول، و«نقطانبوس» (٣٦٠–٣٤٣ق.م)، للاسم الثاني، وقد كان تحديد زمن هذين الملكين والتمييز بينهما في الأزمان السابقة أهم مسألة عند علماء الآثار المصرية بالنسبة للأسرة الثلاثين. وقد وضع في الأصل «نخت نبف» الملك «نقطانبيس» الأول، و«نخت-حر-حبت» للملك «نقطانبوس» الثاني، ولكن مُنذ عهد الأثري «مريت» قد عكس هذا الترتيب السابق على حسب ما استنبط من الترتيب الذي وُجد لعجول «أبيس» ومن ثم أصبح «نخت-حر-حبت» = «نقطانبيس» الأول، و«نخت نبف» = «نقطانبوس» الثاني.
ولكن الأثري «شبيجلبرج» برهن فيما كتبه عن الحوليات الديموقراطية منذ ١٩١٤ «نقطانب» الأول، و«نخت-حر-حبت» هو «نقطانب» الثاني. والبرهان الذي أوردتْه الحوليات الديموطيقية عن هذين الملكين كان عن مؤسس الأُسرة الثلاثين؛ أي «نخت نيف». أما عن الثاني؛ أي الذي حكم منذ ٣٤٣-٣٤٢، وهو الملك الذي فر أمام الفرس إلى بلاد «أثيوبيا» (كوش) فقد ذكر عنه الحاكم الذي أتى به (Spiegelberg Demotiche Chronik p. 6). وفضلًا عن ذلك نجد أساس معبد «هيبس» الذي أقامه «نخت-حر-حبت» اسم «نخت-نبف» في ودائع الأسرة، وهذا يدل على أنه أقدم الملكين، وقد جاء في قطعة حجر منقوشة بالديموطيقية ومستخرجة من «وادي حمامات» (راجع: L.D. XI 69 No. 162) أن موظفًا في عهد الملك «نخت-حر-حبت» قد خدم الميديين (أي الفرس) والأونيين (أي المقدونيين) (راجع: Spiegelberg Ibid, p. 694/No. 332) اقرنْ كذلك ما جاء في «ادورد مير». (Ed. Meyer kl. Schr. III, p. 74f)، عندما أشار إلى هذا الموضوع قائلًا إن كتابة اسم «نقطاتبيس» تعني أن الإغريق في بادئ الأمر كانوا يعلمون اسم «نخت نبف»؛ وعلى ذلك فإن كتابته «نقطانبيس» موافقة جدًّا، أما كتابة اسم «نخت-حر-حبت» بكلمة «نقطانيبوس»، فإن ذلك من باب القياس لكتابة اسم «نقطانيبيس»، اقرن فضلًا عن ذلك ما كتبه «أرنست مير» (راجع: A.Z. 67, (1931) pp. 68–70). والخلاصة أن هذه المسألة برمتها قد أصبحت واضحة منذ زمن الأثري «شبيجلبرج»، ومع ذلك يجب الاعتناء واليقظة البالغة للذين يشتغلون بالتاريخ المصري القديم في القرن الرابع قبل الميلاد؛ إذ قد خلط كثيرًا بين اسم «نخت نيف» و«نخت-حر-حبت». فقد استعمل الأول محل الثاني والعكس بالعكس، وبخاصة فيما كتبه المؤرخ «شور» في هذا الصدد عند كلامه عن المملكة البطلمية (راجع: Schur, Zur Vorgeschichte des ptolemäerreiches. Klio. 20/1926, p. 270–308).
٢  ولكن بعد سقوط «تاخوس» نرى أن جيشًا مؤلفًا من مائة ألف مقاتل كانوا سائرين لمحاربة «نقطانب» الثاني بقيادة مدع (راجع: Diod. XV, 92, 3, Piutarth Agisilas) ولكن هؤلاء الجنود لم يكونوا إلا جماعة غير منظمة لا جيشًا قائمًا، هذا فضلًا عن أن عددهم كان أَقَلَّ بكثيرٍ من الجيش الذي كان يقودُهُ «فارنا بازوس» في عام ٣٧٤ق.م.
٣  الواقعة جنوب البحر الأسود مباشرة.
٤  على شاطئ البحر الأبيض في آسيا الصغرى.
٥  مجاورة ﻟ «كاريا».
٦  في الجهة اليمنى من «كاريا».
٧  راجع: Xenophon, Cyro p. VIII, 8, 4, Aristoteles Pol. V, 8, 15 (1312a), Cornelius Nepos, Natames, X, XI; Polyan, VII 29, 1; Diodor. XV 91, 7.
٨  اسمُ قطرٍ زراعيٍّ في المقاطعة الثامنة من مقاطعات الوجه البحري التي عاصمتها «بتوم» (تل المسخوطة)، وفيها كانت تُعبد الآلهةُ «حتحور» (راجع: Dic. Geogr. I. p. 144).
٩  «تكن» الاسم المدني لعاصمة المقاطعة الثامنة من مقاطعات الوجه البحري، واسمُها المقدس هو «براتم» = «بتوم» وهي موحدةٌ مع «تكن»؛ أي تل المسخوطة الحالي (راجع: Dic. Geogr. VI p. 83).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤