الفرعون «تاخوس» «تيوس» أو «تاوس» باليونانية و«زحر» بالمصرية

أر-ماعت ني رع زحر ستب-ن-أنحور
أطلق الإغريقُ في معظم كتاباتهم على اسم «زحر» لفظة «تيوس» أو تاخوس، (راجع: Giod. XV. 90 ff. Plutarch, Life of Agesilas Cha p. 36 ff.).
وقد ظن الأثري «بركش» (راجع: Histoire d’Egypte, p. 283)، أن «تيوس» على حسب ما جاء على التابوت رقم ٧ السالف الذكر هو ابن «نقطانب» الثاني، ولكن ذلك رأيٌ خاطئٌ، على أن الحوليات الديموطيقية تقول: إن «تيوس» هو أحدُ أبناء «نقطانب» الأول على حسب الرأي القديم، و«نقطانب» الثاني على حسب الرأي الجديد، والواقعُ أن الكُتَّاب الإغريق لم يُقَدِّمُوا لنا أيَّةَ معلوماتٍ عن علاقته بالنسبة لسلفه، ولكن تقول: إنه ابن أخيه، أما الآثار المصرية — وهي نادرةٌ جدًّا — فلم تحدثْنا قَطُّ عن العلاقات الأُسرية التي كانت بين هؤلاء الملوك المختلفين في هذه الأسرة.
وقد حكم «تاخوس» مدة عامين من ٣٦١–٣٥٩ق.م (راجع: Unger Chron., des Manetho, p. 309).
وتَدُلُّ ما لدينا من معلومات على أن الملك «نقطانب» الأول لم يهاجمه ملك الفرس «منمون» بعد عام ٣٧٤-٣٧٣ق.م، والواقع أننا لم نجد من جهة أخرى أي أثر يُحدثنا أنه فكر حتى في القيام بالهجوم على قواد ملوك «مصر»، ولكن الملك «زحر» أو «تاخوس» الذي تولى عرش البلاد بعد «نقطانب» الأول، قد اتخذ لنفسه سياسة جديدة مع عاهل الفرس، فنجد أنه لم يتبع سياسة الدفاع عن نفسه وحسب، بل أخذ مهاجمة الفرس، واشترك معه في ذلك قائد أثيني، كما طوى تحت لوائه ملك «أسبرتا» وجلب إلى «مصر» عددًا عظيمًا من جنود الإغريق المرتزقين المشهورين بشجاعتهم؛ ولذلك نجد أنَّ «مصر» في عهد هذا الفرعون الجديد — خلافًا لِما سارتْ عليه في الماضي في عهود «نفريتس» و«أوكوديس» و«نقطانب» الأول، وحتى فيما بعد في عهد «نقطانب» الثاني — كانت هي البادية بالهجوم على أملاك الفرس، وقد ذكر لنا «ديودور» ذلك بوضوح وجلاء، (XV. 90, 2)، يُضاف إلى ذلك أن هذا الاتجاه المصري قد جاء ذكرُهُ في حياة «أجيسيلاس»، (راجع: Ps. Xen. Ages, II, 28).

ولا نِزاع في أنَّ هذا الموقفَ الذي اتخذه «تاخوس» إزاء الفُرس؛ كان أولَ دليلٍ على قوة شخصيته، فقد كان في الحق ملكًا لم تقفْ أطماعُهُ وآمالُهُ عند أفق «مصر» الضيق، ويُلحظ أنه في بحثه للوصول إلى الطُّرُق والوسائل لنيل مآربه لم يترددْ بوحيٍ من مستشاريه الأجانب في تحطيم بعض التقاليدِ الوطنية.

والآن يتساءلُ المرءُ عن الموارد التي ذهب «تاخوس» ليحصل عليها من بلاد الإغريق، والجوابُ على ذلك سهلٌ بسيطٌ؛ إذ نجد أنه نال أولًا معاضدة غير مباشرة من جزء من سكان «آسيا» من الإغريق القاطنين هناك، والظاهرُ أن كلًّا من الطرفين كان على استعدادٍ للاتحاد معًا لمحاربة عاهل الفرس الجبار، ولكن مما يؤسَف له جد الأسف أنه ليس لدينا أية معلومات محددة عن هذا الموضوع، وينحصر ما قاله «ديودور» في هذا الصدد في أن هذه المدن لم تقم بشيء إلا التحريض الذي حثها عليه شطاربة الفرس في «آسيا الصغرى»، وسنرى أن هذه المدن — على العكس — قد ساعدت الحملة التي قام بها «أوكوريس» عاهل الفرس على «مصر» في عهد الملك «نقطانب» الثاني حوالي عام ٣٤٣-٣٤٢ق.م.

وقد كان أول ما عمله «تاخوس» هو أنه ولى وجهه شطر «أوروبا» باحثًا عن حلفاء له، فأرسل حوالي شتاء عام ٣٦٠-٣٥٩ق.م إلى «أثينا» بعثة من أجل ذلك، وقد بقي لنا جزءٌ من نقش يدل على ذلك، (Ig. II 60)، وقد عرفنا منه اسم السكرتير السنوي وأسماء السفراء، وقد كان من بينهم إغريقيٌّ يُدعَى «أبولودوروس»، وهذا دليلٌ على أن «تاخوس» الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، كان له مستشارون إغريق، وكذلك كان له سفراء وقواد من الإغريق.
هذا، ولم يصل إلينا شيءٌ عن الأسباب التي قَدَّمَتْها هذه البعثةُ المصرية، كما لم يصل إلينا الخطب التي كان من الممكن أن تُلقى في الجمعية الشعبية في «أثينا»، وهي التي تُسَمَّى «إكليزيا Ecclesia»، وكذلك لم تقعْ في أيدينا النقوشُ أو ما قاله المؤرخون والخطباء الأثينيون، ولكن يحدثنا كلٌّ من المؤرخين «ديودور» و«بلوتارخ» عن النتائج الأساسية التي حصلتْ عليها هذه البعثة، وتدل الظواهرُ على أن «أثينا» كادتْ أن تتخذ موقفَ الحِياد في هذا الموضوع، فلم ترسل جنودًا أو بحارة أو قُوَّادًا بصورة رسمية إلى «مصر»، غير أنها لم تحرم على المتطوعين الذهاب إلى «مصر»، وكذلك سمحتْ للقائد «خابرياس» أن يُسافر إلى «مصر»، وذلك بعد أن عرف الفرعون كيف يُمكنُهُ أن يقربه إليه ويجعله يخدم في جيشه، (راجع: Diod. XV, 92, 3; Plutarch. Xgesilas 37–40).
ومن ثم نرى أن «أثينا» بهذه الكيفية لم تقطعْ علاقتَها صراحةً مع عاهل الفُرس، ولكنها في الوقت نفسه جندتْ بطريقة غير مباشرة جُنُودًا مرتزقين حاربوا في صف فرعون «مصر»، وقد ظَلَّ موقف «أثينا» هكذا إلى حَدٍّ يتفق مع موقف «لاسيدمون» التي كانت وقتئذٍ مناهضة لسياسة ولاية «طيبة»، والواقع أنَّ أهالي «أسبرتا» قد انحازوا إلى جانب الفِرْعون «تاخوس»، وكان قد طلب إليهم مساعدتَه على الفرس (Diod., XV, 90, 3).
ويرجع سبب انضمام «أسبرتا» إلى «مصر» إلى عدة أسباب، والسبب الأول — على حسب ما رواه «ديودور» (Diod., XV, 90, 2) — هو ما أظهره ملك الفرس من قبل الأهل «مسيني» بعد موقعة «مانتيني»، وقد كان ذلك صدمة لأهل «أسبرتا» (Diod., XV, 89, 1-2)، ولكن قبل ذلك ببضع سنين؛ أي في عام ٣٦٨-٣٦٧ق.م كان وفد «طيبة» الإغريقية الذي ذهب إلى «سوسا» طالبًا المساعدة الفارسية على الأسبرتيين، قد لاقي نجاحًا عظيمًا، ولَمَّا كانت «أسبرتا» قد فقدتْ صداقة ملك الفرس؛ فإنها انتهزتِ الفرصةَ السانحةَ بسرورٍ بالغٍ عام ٣٦٠-٣٥٩ق.م لتنتقم لنفسها بمساعدة فرعون «مصر» «تاخوس» على الفرس. هذا فضلًا عن أنها لم تكن غافلةً عن الفوائد المالية التي كانت ستجنيها من محالفتها مع فرعون «مصر» (راجع: Plutarch, Ages. 34–40).
وقد حققت الأيام فعلًا أمل ملك «أسبرتا» المسمى «أجيسيلاس»؛ إذ قد قدمت له «مصر» مساعدة مالية وفيرة، ومن ثم قررت «أسبرتا» أن تُرسل ألمع قائدٍ حربي لديها، وهو ملكها «أجيسيلاس»، وقد سافر يصحبه مجلسٌ مؤلفٌ من ثلاثين أسبرتيًّا وجيشًا صغيرًا، (راجع: Diod. XV, 92, 2; Plut. Ages. 36).

ويروي لنا «ديودور» أنَّ تدخل «أجيسيلاس» هذا بهذه الصورة، قد سبب قيامَ عاصفة عاتيةٍ من الشعب الإغريقي؛ فقد قالوا إن مثل هذا التصرُّف يُعَدُّ أمرًا لا يليق بمكانة أحسن قُوَّادِ الإغريق، فقد كانوا يَرَوْنَ أن ذهابَهُ ليحارب كجنديٍّ مرتزق تحت راية ملك أجنبيٍّ همجيٍّ خارجٍ على سيده ملك الفُرس؛ أمرًا مزريًا بكرامتهم. والواقع أن هذه الضجة لم تكن صادرةً عن إخلاص، بل كان المقصودُ منها أن أسبرتا كانتْ وقتئذٍ مكروهةً كُرْهًا شنيعًا مِن كثيرٍ من الإغريق، وبخاصة من أهل «طيبة» وحُلفائها، وإذا فحصنا تهمة ذهاب «أجيسيلاس» لمعاضدة همجي ثائر على مليكه، فلا يشك الإنسانُ في أن يد الفرس كانت تلعبُ مِن وراء الستار، وبخاصة عندما نعلم أن هذه التهمة كان مصدرها «طيبة» حليفة الفرس وقتئذٍ المتحمسة لمصالحها، وتحال عليها مع الفرعون «تاخوس» وأنصاره.

وفضلًا عن المحالفة التي عقدتْ بين «أسبرتا» و«مصر»، وما جنته «مصر» من انضمام «خابرباس» لها فإن الأخير قد جند لفرعون «مصر» «تاخوس» جيشًا عظيمًا من الجنود الإغريق المرتزقين (راجع: Diod. XV, 90, 2). هذا، ويقول «بلوتارخ» إن «أجيسيلاس» قد جمع في بلاد الإغريق نفسها جُنُودًا لمساعدة «مصر»، وذلك بفضل المدد المالي الذي أرسله إليه الفرعون، (Ages. p. 36).

هذا، ويحدثنا «ديودور» أن «أجيسيلاس»، قد أرسل من قبل «أسبرتا» مزودًا بألف مقاتل كلهم من أهل «لاسيدمونيا» التي كانت تُعَد منبعَ الجُنُود المرتزقين الأبطال، ومما يؤسَف له أن «ديودور» لم يقدم لنا معلوماتٍ محددةً عن هذا الموضوع، ومن المحتمل أن «أسبرتا» لم تُوفِدْ مِن قِبَلِها إلا «أجيسيلاس»، ويجوز كذلك أنها كانت قد أرادت أن تقوي تحالُفها مع «تاخوس» فرعون «مصر» بإرسالِ جيشٍ صغيرٍ وطنيٍّ يمثلها.

وعلى أية حال فإن أَلْفَ المقاتل الذين كانوا مع «أجيسيلاس» لم يكونوا يؤلفون إلا جزءًا من عشرة أو من أحد عشر من الجيش الإغريقي الذي كان قد جمعه ملك «مصر»، (راجع: Diod. XV, 92, 2)، أما الجيش المصري الذي أَعَدَّهُ الفرعون «تاخوس» من المصريين ليحارب جنبًا إلى جنب مع الجُنُود المرتزقين، فكان يبلغ ثمانين ألف مقاتل من المشاة (XV, 92, 2)، وإذا قُرن هذا الجيشُ بالذي جمعه فيما بعد خلفه الملك «نقطانب» الثاني، وهو مائة ألف محارب، من بينهم عشرون ألفًا من المرتزقين وعشرون ألفًا من اللوبيين، وستون ألفًا من المصريين (Diod. XVI, 47, 6)، فإن الإنسان يلحظ في الحال أن العنصر الإغريقي في جيش «تاخوس» كان قليلًا نسبيًّا، ويتساءل المرءُ الآن هل كان «تاخوس» يريد أن يؤلف لنفسه سلطانًا أكثر استقلالًا وأشد قوة؟ وهذا أمر جائز، ولكن لا يغيب عن الذهن أن الجنود المرتزقين كانوا يكلفونه مبالغَ باهظة من المال والعتاد، والظاهر أن «تاخوس» قد صرف — على ما يظهر — أموالًا أكثر من التي صرفها سلفُهُ؛ إذ كان لزامًا عليه أن يمون الحلف الذي كان مُعاديًا لملك الفرس، والظاهر أنه قد أعطاه مبلغ خمسمائة تلنت من الذهب دون نتيجة (Diod., XV, 92, 1).
يضاف إلى ذلك أن ما صرفه على أُسطوله كان أكثر جدًّا من المبالغ التي صرفها «نقطانب» الثاني، أو التي صرفها أيُّ فرعون ممن سبقوه من أُسرته؛ إذ قد أرسل إلى حلفائه خمسين سفينة حربية طويلة، هذا إلى أنه أنزل بوجه خاص في البحر مائتي سفينة حربية (Diod. XV, 92, 1-2).

والواقع أن مثل هذا المجهود الذي بذله «تاخوس» لم يكن مبالغًا في تقديره؛ لأنه كان قد أراد أن يضمن لبلاده مواصلات حرة مع «فنيقيا» و«سوريا»، وينتزع السيادة البحرية من عدوه ملك الفرس الذي كان في استطاعته أن يعبئ ثلاثمائة سفينة حربية، والظاهر — على ما يحتمل — أن الأهمية العددية في الجُنُود المرتزقين في الجيش المصري قد تأثرتْ بعض الشيء.

ولا يخامر المرء أيُّ شَكٍّ في أن جيشًا قويًّا وأُسطولًا عظيمًا يقود كلًّا منهما قائدٌ من أحسن قُوَّاد هذا العصر، كان في استطاعتهما أن يهددا السيادة الفارسية في آسيا الغربية، فقد كان الفرعون «تاخوس» يُساندُهُ القائد «خابرياس» بقوة بأسه، كما كان «أجيسيلاس» ملك «أسبرتا» ورعاياه يعاضدونه بكل قوة وحماس لتنفيذ مأربه ونيل أطماعه.

وقد كان نفوذ القائد «خابرياس» ذا حدين؛ فقد نصب أولًا على رأس الأسطول المصري، (راجع: Diod. XV, 92, 36; Plut. Ages. 37; Neos, Chabrias, 2).
وكذلك نجد أنه قد أدخل تحسينات جيدة في تسليح الجيش كما مرن بمهارة البحارة المصريين (Polyen. Strat. III 7, 13, 14). وثانيًا نجد أن «تاخوس» قد اتخذه مستشارَه المالي، فكانت سياسة البلاد المصرية المالية على حسب توجيهاته، والواقع أنها كانت شديدة الوطأة على المصريين؛ إذ كانت تعتبر نسبيًّا جديدة في بابها، ولكن بواسطتها فقط أمكن الفرعونَ أن يموت مشروعُهُ الضخم لمناهضة الفرس.
(Ps. Aristoteles, Economique II, 25, 37, Polyen. Strat. III 115; Maspero Hist. p p. 759-760; Baillet, Le Regime Pharaon. Dans ces Rapports avec l’evolution de la Morale en Egypte p p. 76, 280; Cavaignac. p. 321, Judeich, p. 321, Judeich p. 165).

وقد كان أول ما فعله «خابرياس» أنه فرض الضرائب على الكهنة، وكان في بادئ الأمر قد اقترح إلغاءَ وظائف الكهنة؛ حتى تضع الحكومةُ يدها على المبالغ التي كانت تُصرف على القربان وعلى تموين المعابد، ولكن لم يجسر أحدٌ على السير قُدُمًا لاتخاذ مثل هذه الإجراءات لتغطية الموقف، ولكن فضل على هذا المشروع الاستيلاءُ على تسعة أعشار الدخل المقدس خلال مدة الحرب، وفضلًا عن ذلك نصح «خابرياس» الفرعون بأن يزيد من الضرائب التي كانت تُجبى من البيوت، ومن المصانع ومن بيع الغلال والحرف والتجارة النهرية، هذا إلى زيادة في جزية الرءوس. وأخيرًا: أجبر الشعب المصري، ليضمن دفع أجور الجنود المرتزقين، على أن يورد للخزانة كل ما يملكه من ذهب وفضة على أن تُدفع لهم هذه الأموال تدريجًا، وذلك بشروط خاصة، وبالاختصار فإن أملاك المعابد ورءوس المال ودخل الصناعة والأرض والتجارة، وبوجه عام: كل المصادر الرئيسية للثورة المصرية كان لا بد أن تمد بسخاء الجيش والأُسطول ليقوما بأعبائهما.

ولا نزاع في أن هذه الظاهرة كانت أَهَمَّ الأحداث التي وقعت في عهد الملك «تاخوس»، وهذا الإجراءُ الماليُّ القاسي الذي اتُّخذ في عهد «تاخوس» كان يُعَدُّ — من بعض الوجوه — ثورةً في اقتصاد البلاد، ومع ذلك يجدر بنا ألا نبالغ في شيء بالنسبة لهذا الموضوع، فقد أظهر الأثري «بييه» (Baillet, Ibid., p. 280) ما في تأكيدات «ديودور» في هذا الصدد من مبالغة، والواقع أن الملوك كانوا يأخذون من دخل ضِياعِهِم المال الذي كان يُستعمل في حروبهم، ولإمداد قُصُورهم وبذخهم، وللهدايا التي كانوا يُغدقونها على عظماء الرجال الذين كانوا يشرفون بلادهم بأعمالهم العظيمة، هذا بالإضافة إلى ما كان للمُلُوك من دخل غزيرٍ خاصٍّ، ومن ثم كانوا لا يثقلون عبء الأفراد بالضرائب (Diod. I, 73, 6).
ولا نزاع في أنه كانت توجدُ فعلًا أمثلةٌ عن أملاكٍ خاصةٍ موقوفة على تموين المعابد، وكان عليها — بوجه خاص — أن تقدم لفراعنة مختلفين ضرائب نوعية وأموالًا، (Baillet, Ibid. 76)، ومن ثم استخلص «بييه» (p. 28) السياسة التي نصح بالسير على مُقتضاها «خابرياس» واتَّبَعَها الفرعونُ «تاخوس»، وهي التي كانت تُعَد تجديدًا وهذا أمرٌ مبالغٌ فيه؛ إذ لم تكن أكثرَ من وضع أساسي للضرائب، ولكن لا نزاع في أنه كان يوجدُ تجديدٌ عظيمٌ على الأقل بالنسبة للكمية التي كانت تُجبى، وكذلك في تنوُّع الدخل المفروض، أو في زيادة الضرائب، وفي الحق نجد أن الملك «تاخوس» قد نشر ونظم سياسةً ماليةً، كانت حتى زمنه غايةً في التردُّد وعدم التماسُك، هذا فضلًا عن أنها كانتْ محدودة.

ومما يدل تمامًا — على أية حال — على الصبغة الثورية للقوانين التي أصدرها «تاخوس»، هو أنها كانتْ مِن صُنع وبإيعاز مواطن أثيني غريب عن «مصر»، لا يربطه بها أيُّ تقليدٍ محلي، حقًّا كان لذلك التقليد سوابقُ، ولكنها كانت متواضعةً جدًّا، والسوابقُ على أية حال ليست بتقليد.

ويُلحظ هنا أن المقاومة التي أبداها أصحابُ الشأن، ويحتمل كذلك التي أظهرتْها الإدارةُ المصرية لم تكن عديمةَ المفعول، بل كان أثرُها ظاهرًا واضحًا، فمِن ذلك إيقافُ المنهج المجحف الذي قدمه «خابرياس» وكان يقضي بمحو كل طوائف الكهنة تقريبًا، والاستيلاء على كل أملاكهم، وعلى أية حال فإن النظام الذي اتبع — بفضل ما أظهره «تاخوس» من صلابة — كان يقرب كثيرًا من هذا المنهج ويبعد عن الامتيازات التي كانت قائمة وقتئذٍ.

وأخيرًا نجد أنه في حين كان بعضُ أسلافِ «تاخوس» مثل «أماسيس» يستعينون على دَفْعِ أُجُور جنودهم المرتزقين الكثيرين بالأخذ من دخل المعابد الرئيسية فقط (Baillet p. 76)؛ فإن «تاخوس» قد استعان في ذلك بما في أيدي الأفراد من ذهب، ومِنْ ثم نرى أن الخزانة العامة كانت تستمد مواردَها من مصادرَ أكثر تَنَوُّعًا وأكثر عددًا مما كانت عليه في عهد الفراعنة القُدَامى، على أن سياسة «تاخوس» المالية كانت في ذلك الوقت محدودةً بدرجةٍ عظيمة.
ومما يجدرُ الإشارةُ إليه هنا أن سياسة «تاوس» مع القائد «خابرياس» كانت ودية، في حين أنها كانت مع «أجيسيلاس» أَقَلَّ مودة، ويدل ما رواه لنا «بلوتارخ» (Ages. p. 36) مما جمعه من الروايات التي تصف الاستقبال الذي أَعَدَّهُ الملك «تاخوس» للملك «أجيسيلاس» المسن، على أنه كان استقبالًا رائعًا؛ فقد كان في استقباله عظماء رجال البلاط الذين أوفدوا خصيصًا لتشريف مقدمه، وكذلك حملة الهدايا الكثيرة القيمة، والجماهير العديدة الذين كانوا ينتظرون مقدمه بشغف بالغ، على أننا لم نلبث أنْ رَأَيْنَا القوم قد ظهرتْ عليهم أماراتُ دهشة ممزوجة باحتقار؛ وذلك لأن المصريين كانوا متعودين على أُبَّهَة الملك الفرعوني وجلاله، فقد استولى عليهمُ الذهولُ عندما رأوا ملكًا حقيرًا رث الملبس غاية في البساطة، وليس في منظره ما يَدُلُّ على أبهة الملك وعظمته.

ومن الجائز أن التناقُض الذي تجلى بين الترف المصري والبساطة الساذجة الإغريقية الصامتة؛ قد أثار غضبَ «أجيسيلاس».

والواقعُ أن اتصال «أجيسيلاس» المباشر مع الفرعون «تاخوس» كان أعمق من مظاهر الأبهة والفخفخة، فقد كان مجيئُهُ لأرض الكنانة ليبحث في موضوعات أكثر خطورة من إذكاء غضبه وحنقه، ويحدثنا في ذلك «بلوتارخ» فيقول: إنه لَمَّا كان «أجيسيلاس» معتزًّا بماضيه الفاخر وشاعرًا بقيمته الحربية العالية؛ فإنه كان يأمل أن يقود العمليات الحربية على الفُرس بوصفه السيد المسيطر عليها، غير أن «تاخوس» لم يمكنه من ذلك فكان مثلُهُ في هذا كمثل القائد الفارسي «فارنا بازوس»؛ إذ لم يرد أن ينزل عن سُلطانه الفرعوني ليضعه في يد رئيس جنود مرتزقين.

وهذا القرار الذي اتخذه «تاخوس» بالنسبة لقيادة الجيش، وهو قرارٌ يمكن مناقشتُهُ من الوجهة الحربية، ويمكن تفسيرُهُ إلى حَدٍّ ما من الوجهة السياسية، فنجد أنه بينما كان القائدُ «خابرياس» على رأس الأُسطول الذي دَرَّبَ جنوده على فنون الحرب كان «أجيسيلاس»، قد رأى أن وظيفته تنحصر في قيادة الجنود المرتزقين، أما «تاخوس» الفرعون فكان قد حفظ لنفسه القيادةَ الخاصة لجنوده الوطنيين، هذا بالإضافة إلى الإدارة لعامة للحرب كلها، (راجع: Diod. XV, 92, 3 cf; Plut. Ages, 37).

ومن ثم كانت المرارةُ التي أَحَسَّ بها ملك «أسبرتا» «أجيسيلاس»، وقد حاول أن يمحو تأثيرَ القرار الذي اتخذه «تاخوس»، وذلك بأنه نَصَحَ بأن ينظم العمليات الحربية كما يأتي:

لَمَّا كان الغرضُ الأولُ هو القيام بحرب هجومية، فإنه كان على الفرعون أن يبقى في «مصر»، وأن يدير قواده الحرب، ولكن هذا الاقتراح لم يلق أي نجاح في نظر «تاخوس» (Diod., XV, 92-3)، والواقعُ أنَّ الفرعون «تاخوس» كان يقصد أنْ يكون مثله كمثل الملك «أوكوس» فيما بعد؛ أي يكون القائد والملك في آنٍ واحد، ولَمَّا شعر «أجيسيلاس» بأنه قد خُدع لم ير بُدًّا من الخضوع أمام إرادة الفرعون، وعلى أية حال لم يكن هو البادئ بالثورة التي قامتْ فيما بعد.
وفي ربيع عام ٣٥٣ق.م بدأت الحرب بين «مصر» و«فارس»، وقد ابتعد الجيشُ الإغريقي المصري مسافة كبيرة عن الحدود المصرية، ووصل الأسطول إلى «فنيقيا» عن طريق البحر (Diod. XV, 92, 3) وبهذه الحركة قطعت الطريقُ البحرية عن الجيش الفارسي، غير أنَّ العمليات الحربية لم تقتصرْ على دائرة الشاطئ؛ إذ كان «تاخوس» قد أرسل ابن أخيه «نقطانب» على رأس جيش مصري، وقد بدأ هذا الجيش يُحاصر مُدُن هذا الإقليم (Diod. XV, 92, 4)، وقد امتدت الفُتُوحُ المصريةُ نحو الشرق، وكانت هذه المرحلة من الحُرُوب التي نشبتْ بين «مصر» المستقلَّة ألمع مرحلة في حروبها التي شنتها على ملك الفرس العظيم.
وفي غمرة هذا النصر انفجرتْ ثورةٌ على الملك «تاخوس»؛ وذلك أن «نقطانب» ابن أخيه قد استمال إليه ضُبَّاطَ الجيش، بما قَدَّمَه لهم مِن هدايا كما أغرى الجنودَ بالوعود الخلابة، وبذا كسب كُلَّ الجيش إلى جانبه بغية أنْ يساعده على تَوَلِّي عرش ملك «مصر» وطرد «تاخوس» (Diod. XV, 92–4; Plut. Ages, 37)، غير أن «نقطانب» — في واقع الأمر — لم يكن هو البادئ بالثورة، بل يرجع أصلها إلى مصر نفسها.
وتفسير ذلك أن والد القائد نقطانب الذي كان يقوم بإدارة البلاد باسم «تاخوس» في «مصر» قد نصح لابنه أن يثير جيش «سوريا» على الفرعون، وينتزع منه عرش مصر (Diod. XV, 93, 3)، ومن ثم نفهم أن الثورة على «تاخوس» يرجع منبعُها إلى «مصر» نفسها، ولا غرابة في ذلك؛ إذ لا بد أن الموقف العام في داخل البلاد المصرية عام ٣٥٩ق.م كان متأزمًا؛ بسبب ما أدت إليه الإجراءاتُ الماليةُ التي فَرَضَها «تاخوس» على الأهلين، مما أَدَّى إلى سخط كثيرٍ من طبقات الشعب عليه وغضبها، ونخص بالذكر هنا طبقةَ الكهنة والتجار والصناع وذوي اليسار والأغنياء.
هذا، ولا يفوتُنا أن نذكر هنا أن غياب ملك مكروه من شعب لا بد كان قد أيقظ نار الانتقام في قُلُوب الشعب المثقَل بالضرائب، يُضاف إلى ذلك أن «نقطانب» الذي قام بالثورة، كان من دم ملكي، وكان في الوقت نفسه هو الخلف المعروف لوراثة الملك بعد موت «تاخوس»، ومن ثم نرى أن ثورة قام بها الشعب قد وضعت «نقطانب» على العرش بيد المصريين أنفسهم (Plut. Ages, 37)، وتدل الدسائس التي كانت تتفشى في الجنود المرتزقين على أنها برهان غاية في الأهمية للدور الذي لعبوه في هذه الفتن المصرية، فقد بقي القائد «خابرياس» مخلصًا للملك «تاخوس»، بل والظاهر أنه دافع عنه أمام «أجيسيلاس» بحماس وحرارة (Ages, 37).
ويدلُّ ما كتبه لنا واضعُ حياة «أجيسيلاس» ملك «أسبرتا» على أن الثورة التي قامتْ على «تاخوس» كانت مصرية في أُصُولها، فقد ذكر لنا «أجيسيلاس» أن بلاده قد أوفدتْه لخدمة المصريين، غير أنه لم يدنس نفسه بإعلان الحرب على أولئك الذين أتى لمساعدتهم، اللهم إلا إذا كان أولئك الذين أرسلوه يعطونه أمرًا مخالفًا لذلك (Ages, 37)، وقد أرسل «أجيسيلاس» إلى بلاده «أسبرتا» بعض مستشاريه، وكلفهم — كما يقول المؤرخ «بلوتارخ» — أن يحقروا من شأن «تاخوس» ويمجدوا «نقطانب».

هذا، وقد أرسل كل من الملكين «ناخوس» و«نقطانب» رُسُلًا إلى «أسبرتا»، فكان على رسل «تاخوس» أن يتباهَوا بالإخلاص القديم الذي أظهره لمملكة «أسبرتا»، وكان على رسل «نقطانب» أن يقدموا أحسن العون من جانب مليكهم، غير أن أهل «أسبرتا» لبُعدهم عن الموقف وعدم معرفة حقيقة الحالة؛ وكلوا أمر الفصل في هذا الموضوع لملكهم العظيم المسن «أجيسيلاس»، وعلى ذلك لم تحر «أسبرتا» جوابًا لأحد الفريقين.

وقد أرسلت — فعلًا — «أسبرتا» سرًّا للملك «أجيسيلاس» بأنْ ينضم إلى الفريق الذي يكون الانضمامُ إليه أوفقَ لوطنه (Ages, 37)، ومن ثم نرى أن «أسبرتا» لم تكن تبحث إلا عن فائدتها فقط، وقد رأت الانحيازَ فعلًا إلى جانب «نقطانب» الذي كانت له الغلبة. والواقع أن «أجيسيلاس» لم يترددْ في الانضمام إلى «نقطانب»؛ وذلك لأنه أولًا: كان يحمل بين جنبيه حقدًا دفينًا للملك «تاخوس». وثانيًا: لأنه كان يطلب المزيد من المال لإشباع نهمه، وكانت الخزانة وقتئذٍ في يد الملك الجديد «نقطانب».
ولما رأى «تاخوس» أنه قد أصبح وليس لديه جيش وطني ينصره، ولا شعب يعطف عليه، ولا جنود مرتزقة يستنجد بهم؛ فر هاربًا، موليًا وجهه شطر ملك الفرس العظيم ليستجدي منه العفو، (Diod. XV, 92–5, Plut. Ages, 38).

وهكذا تَدَاعَى أضخمُ مشروعٍ قامت به «مصر» منذ استقلالها عن «فارس» للقضاء على عدوها ملك الفرس ودولته، وهذا المشروعُ على ضخامته وبعد مراميه، وتزويده بالطرق الدبلوماسية والحربية في البر والبحر وما أُنفق عليه من أموال وفيرة؛ قد قُضي عليه بالفشل، وذلك لأسباب مختلفة، فنرى أولًا أن ما نُسميه بالرأي العام المصري لم يكن وقتئذٍ قد ارتفع إلى مستوى الأحوال التي كانت جارية في هذه الفترة؛ إذ لم يكن الشعبُ وقتئذٍ يُظهر اهتمامًا خاصًّا إلا بأُمُوره الاقتصادية والمالية، وقد فهم ذلك بصورة ضيقة جدًّا، ولا أَدَلَّ على ذلك من مقاومة الكهنة لِما فرضه الفرعون «تاخوس» عليهم من الضرائب.

وتدل شواهدُ الأحوال على أن «تاخوس» قد اعتقد أنه قد عالج أَمْرَ إرضاء الرأي العام من هذه الناحية برفض اتباع كل نصائح «خابرياس» المتطرفة في مجموعها، ولكن الواقعَ أنه لم يعالج الموضوع بصورة تضمن له استمرارَ الأمن من هذه الناحية، يُضاف إلى ذلك ما أظهره الجيشُ المصريُّ من انحطاطٍ وتفاهة؛ إذ انقلب على مليكه الشرعي «تاخوس» بسبب بعض هدايا قُدِّمَتْ لقُوَّاده وبعض وعود خلابة لأفراد الجيش؛ ولذلك ولى الجيشُ وجهه من ميدان القتال في «سوريا» إلى الدلتا.

وعلى أية حال كانت الكلمةُ الحاسمةُ هي التي سيُدلي بها رئيسُ الجيش الإغريقي، ولكن مما يؤسَف له أَن نجد أن نفس عدم الوفاق الذي حدث بين الفُرس والأثينيين وهو الذي كان من نتائجه شَلُّ حركة استعمال الجنود المرتزقة ونجاة «مصر» في عهد «نقطانب» الأول، هو نفسُ ما حدث في عام ٣٥٩ق.م؛ إذ إن عدم التفاهُم بين الفرعون «تاخوس» وملك «أسبرتا» المسن «أجيسيلاس» لم يكن أَقَلَّ من الذي حدث بين «إفيكراتس» وبين «فارنابازوس» مِمَّا أدى إلى عودة الجنود المرتزقين من «فنيقيا» إلى «مصر»، وقد كان ذلك بمثابة إجهاضِ مشروع فتح عظيم لمصر، وغلبتها على الفرس، وكان قد بدأ هذا المشروعُ بصورة لامعة تُبشر بنجاح عظيم ونصر مبين.

الآثار التي خلفها «تاخوس» في «مصر»

(راجع: Friedrich, Karl Kienitz, p. 212–214.)

على الرغم من قِصر حكم هذا الفرعون؛ فإنه قد ترك لنا بعض آثارٍ تدلُّ على نشاطه العظيم في جميعِ أنحاء البلاد وخارجها، ونخص بالذكر منها ما يأتي:

(١) فنيقيا

جاء في تاريخ الأثري «فيدمان» (Gesch. Agypt, p. 290) أن اسم «تيوس» «تاخوس» كان قد وُجد على قطعة أثرية منقوشة عُثر عليها في «فنيقيا» عليها اسمه، وقد ذكر بعد الاسم بعض كلمات لم يفهم لها معنًى، كذلك (راجع: L.R. IV 181, A. I).

(٢) بلدة «قنتير» شمالي «فاقوس»

وُجدت قطعتان من الحجر عليهما اسم الملك، محفوظتان الآن بمتحف «ميونيخ» للفن، (راجع: Porter & Moss IV p. 10; Spiegelberg, A.Z. 65 p. 103-4 & pl. VI No. c-d).

وقد نُقش على القطعة الأولى: ملك الوجه القبلي والوجه البحري «أرماعت لي رع» ابن الشمس «زحر ستب-ن-أنحور».

ونُقش على القطعة الثانية: «زحر ستب-ن»، ومن ذلك يتضح أن القطعة الثانية لم يُذكر عليها إلا جزء من اسم الملك، أما الأُولى فقد نُقش عليها اسمُهُ ولقبُه.

(٣) المطرية

الواقعة بالقرب من بحيرة المنزلة.

وجد الأثري «ادخار» قطعة حجر مبنية في مدخل باب بقرية «المطرية»، الواقعة على بحيرة المنزلة، وقد نُقش عليها طغراء الملك «زحر» «زحر ستب-ن-أنحور»؟ (راجع: A. S. 13, p. 277).
(٤) هذا، ويقولُ الأثريُّ «بركش» إن اسم هذا الملك وُجِدَ في محاجر المقطم في «طرة»، (راجع: L.R. IV p. 183, IV Note 1).

(٥) أتريب (بنها الحالية)

وُجدت قطعة حجر ظهر عليها اسم الملك «تيوس» كتب عنها الأثري «شارب» (Sharpe Egyptian Inscripions Pl. 43)، غير أن ناقلها وهو «هاريس» قد أخطأ في رسم إشاراتها، وهاك المتنُ كما نقله «دارسي»: يظهر مثل «ماعت» مرشد الأرضين (أر ماعت-ني-رع).

(زحر ستب-ن-أنحور) كل الحياة والقوة.

(راجع: A. S. 17 p. 42.)

(٦) منف

عثر على طبق من الخزف الأخضر الغامق، محفوظٌ الآن بمتحف «ينفرستي كولدج» بلندن، ويقول «بتري» عن هذه القطعة من الطبق ما يأتي: إن قطعة الطبق ذات اللون الأزرق القاتم، قد عُثر عليها في الحفرة المقابلة للطريق القديمة العريضة، وهي للملك «زحر» واسمه بالإغريقية «تيوس» الذي لم يُعرف له من الآثار المنقوشة إلا نقشين، والنقشُ الذي على هذه القطعة جاء فيه: «ابن الشمس رب التيجان «زحر ستب-ن-أنحور» ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الشاطئين «أر ماعت-ن-رع» مُعطَى الحياة مثل الشمس المشرقة في السماء (محبوب؟) الآلهة»، (راجع: The Palace of Apries, (Memphis II) p. 11, 12; Fetrie, Scarabs and Cylinders, p. 33, 40 & Pl. LVII 30, 2).
ويقول «بتري» في هذا الصدد إن وُجُود هذا الطبق في «منف» يدل على أن مقر الملك كان في هذه المدينة حتى نهاية الأسرة، ومما يجدر ملاحظتُهُ هنا أنَّ نسبة قطعة الإستراكا التي عثر عليها الأثري «إميلينو» في العرابة المدفونة، (راجع: Amèlineau, Les Nouvelles Fouilles d’Abydos p. 241 Nr. 7, & p. 277; Com p., Gauthier L.R, IV p. 182 Nr, 3 & A. 5; Porter & Moss. V. p. 81) للملك تاخوس فيها شك كبير جدًّا.

(٧) الكرنك

ومن أهم النقوش التي عُثر عليها لهذا الفرعون نقشٌ خاصٌّ بالإصلاح الذي قام به في معبد «خنسو» بالكرنك، (راجع: Bouriant, Rec. Trav. 11, p. 153-4; Com p. L.D.T, III p. 70; L.R. IV p. 182 Nr 1).

ويقع هذا المتن على الوجه الخارجي للجدار الشرقي تحت قاعدة ممحوَّة جدًّا، وهي عبارة عن نقش أُفُقي دُون في سطر واحد بحروف يبلغُ طولُ الواحد منها حوالي نصف قدم، وهو يقصُّ علينا إصلاحاتٍ وتحسينات عُملت في معبد «خنسو»، والمهمُّ في هذا المتن هو اسم الملك الذي نَفذ الأعمال التي ذُكرت في صلب المتن وهو «زحر» المعروف عند الإغريق باسم «تيوس»، والواقعُ أننا لم نعثر على اسم هذا الملك بصورةٍ رسمية في المتون المصرية القديمة كثيرًا. هذا، وقد أشار «ليبسيوس» إلى وُجُود اسم هذا الملك كذلك على الجُزء الخلفي من هذا المعبد، وهاك النص:

يعيش «حور» بوصفه مُظهرًا للعدالة قائد الأرضين والممثل للسيدتين (المسمى) محبوب العدالة ومفخم بيوت الآلهة «حور» الذهبي «المسمى» حامي «مصر» وهازم البلاد الأجنبية ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) رب الأرضين «أر ماعت-ني-رع» ابن رع رب التيجان «زحر ستب-ن-أنحور»، لقد عمله بمثابة أثره لوالده «خنسو-م-واست نفر حتب» لقد جدد معبد والده بشكل ممتاز للأبدية من الحجر الأبيض الجميل الصنع … على حسب … إلخ.

(٨) الكرنك

جذع تمثال صغير للملك يُدْعَى «أوزير زحر» (أوزير-تاخوس)، وهو ابن ملكٍ يُدعَى «حورسا إزيس» عثر عليه «لجران» في الكرنك، (راجع: Rec. Trav. 28 (1906) p. 160; Archäol, Report for 1904-5; p. 24; com p. Gauthier, L.R. IV p. 182 Nr. 2 & A. 4).

وتَدُلُّ شواهدُ الأحوال على أنه ليس للملك «تاخوس»، بل فيه شك كبير، ومن المحتمل أنه كما يقول «جوتييه» لملك صغير من الملوك المتأخرين غير الملك الذي نحن بصدده.

(٩) الكرنك

قطعةٌ مِن ناووس بالمتحف المصري، لم يكن طغراء الملك «تيوس» معروفًا لدينا إلا بالنقش الذي حفر على خارج معبد «خنسو» بالكرنك، وهو الذي أشار إليه الأثري «بوريان Bouriant»، وقد حصل متحف الجيزة (متحف القاهرة الآن)، على حجر مستخرج من أثر كبير، وهو — بلا نزاعٍ — من ناووس نُقش عليها اسمُ هذا الفرعون هو «سيد المملكة … الذي يشرق بالعدل قائد الأرضين، ورب الأرضين «أرماعت-ني-رع» رب التيجان «زحر ستب-ن-أنحور».»

(١٠) أثينا

عملةٌ من الذهب الخالص باسم هذا الملك ووزنها وزن العملة التي ضربها الملك «دارا» الفارسي وقد صور عليها الإلهة «أثينا» بقبعتها وصورة بومة وكتب عليها «تاو»، وهي محفوظة بالمتحف البريطاني، (راجع: Hill. Num. Chron. (1926), p. 130-131; tarn. C.A.H. VI p. 21, A. 1; Fig in plate Vol. II of C.A.M. p. 4h).

(١١) أثينا

نقشٌ تذكاريٌّ خاصٌّ بسفير لشخص يُدعَى «تاخوس»، والظاهرُ أنه هو الفرعون «تاخوس» نفسه، (راجع: Inscripriones Graecae II2 1, 119).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤