الملك «سيعأ سبيقا» (٤٧٨–٤٥٨ق.م)

سيعأ سبيقا سجرح-تاوي رع

لم يعرف للملك «سيعأ سبيقا» صلةُ نسب بالملك الذي سبقه.

أقام هذا الملكُ لنفسه هرمًا في نوري رقم ٤ من الحجر الرملي، ويتألفُ مِن مَدَامِيكَ مدرجة، على قاعدة مكونة من مدماك واحد، وكذلك أقام حرم هرمه من نفس الحجر السابق، وقد هدم ولم يَبْقَ منه إلا الأساسُ، وحجمُ هذا الهرم يبلغ ٢٦٫٩٥ مترًا مربعًا.

وقد أقام له مقصورة من الحجر الرملي لها مدخلٌ ذو قنوات وبوابة، وقد هُدم هذا المبنى ولم يبق من مبانيه إلا مدماكان، ويدلُّ ما بقي منه على أنه كان مزينًا بالنقوش المكتوبة على ملاط أبيض مُذَهَّب ومُلَوَّن، وعثر في هذه المقصورة على لوحة من الجرانيت ساقطة على الأرض من كوتها وجزؤها الأعلى مُذَهَّبٌ. وتدل شواهدُ الأحوال على أنه كان يوجد أمام هذه اللوحة مائدة قربان من الجرانيت، هذا بالإضافة إلى قاعدتين من الجرانيت للقربان أيضًا.

ودائع الأساس

وجد في أركان هرم هذا الملك — كما هي العادة في معظم أهرام هذه المنطقة — ودائعُ أساس تحتوي على عظام عجل، وجِرَار من الفخار وأقداح وأطباق وهاون ومدقة من الحجر الرملي، وطاحونة من الحجر ومدلاك، ولويحات من المعدن والحجر عارية عن النقش، وطغراء من الخزف المطلي منقوشةٌ باسم الملك، ولوحةٌ من حجر الدم (همتيت)، وكتلةٌ من الراتنج.

ويؤدي إلى المبنى السفلي لهذا الهرم سلمٌ مؤلفٌ من تسعة وأربعين درجة، ويشمل هذا الجُزْءُ السفلي ثلاث حجرات، الأولى مساحتها ٤٫٩٠ × ٤ مترًا، وهي مسقوفةٌ ورقعتها مكسوة، والثانية مساحتها ٥٫٨٠ × ٥٫٩ مترًا، وهي مسقوفةٌ أيضًا؛ والثالثةُ مساحتها ٦٫٥٠ × ٦٫٦٥ مترًا، وكل هذه الحجراتُ عاريةٌ عن النقوش.

هذا، وقد عُثر في حجرة الدفن على قِطَع مرصعة من غطاء مومية المتوفَّى، والظاهرُ مما لدينا مِن بقايا الدفن أن تابوت المومية كان على شكل إنسان ومرصع بالأحجار، أما اللوحةُ المصنوعةُ من الجرانيت التي وُجدت ملقاةً على الأرض في المقصورة فيُشاهَد في جزئها الأعلى قرصُ الشمس المجنح الذي يَتَدَلَّى من أسفله طغراء الملك وصلان، وفي أسفل من هذا منظرٌ مثل فيه أوزير على عرشه تحرسه «إزيس» و«أنوبيس»، وأمامه مائدةُ قربان، ويشاهد على اليمين وعلى اليسار الملك «سيعأ سبيقا» يتعبد إلى «أوزير»، وفي أسفل المنظر متن مؤلف من ٢٧ سطرًا تتحدث عن القربان التي قدمها هذا الملك للآلهة المختلفين، ويبلغُ ارتفاعُ هذه اللوحة ١٣٠ سنتيمترًا، (راجع: Nuri, Ibid, Pl. LXIX. Inscription fig. 212).

واللوحةُ محفوظةٌ الآن بمتحف «الخرطوم»، تحت رقم ١٨٥٨.

وقد عُثِرَ في هذا الهرم على بقايا مما نهبه اللصوصُ، وتنحصرُ في أشياء جنازية تدل على أن هذا القبر كان مُجَهَّزًا بجهازٍ فخم، مِمَّا يوحي بأن بلاد «كوش» كانت وقتئذٍ غنية، ونذكر من الأشياء التي بقيت لنا ما يأتي:

حوالي ٢٨٣ قطعة مطعم بعضها باليشم، وجزءٌ منها من اللازورد، وآخرُ من الزبرجد والأردواز، وكذلك وُجدتْ بعضُ عيونٍ مصنوعة من المرمر وحجر الأبسديان، كما عُثر على تعويذةٍ من الذهب الخالص، وجعران قلب من حجر الثعبان نقش عليه أحد عشر سطرًا بالمصرية القديمة، وهي عبارةٌ عن الفصل الثلاثين من كِتَاب الموتى، هذا بالإضافة إلى أَحَدَ عَشَرَ تمثالًا مجيبًا باسم الملك صاحب الهرم.

وقد وجدتْ مائدةُ قُربان مبنيةٌ في الجدار الشمالي الغربي للكنيسة القبطية، هذا إلى قاعدتي مائدتي قربان في المقصورة، وقد نُقش على كل منهما طغراء الملك.

(راجع: Ibid. Nuri 4, p p. 176–180; J.E.A. Vol. 35, p. 147.)
ومن المحتمل أن الملكة (؟) «بيعنخي قوقا» صاحبة الهرم رقم ٢٩ في «نوري» هي زوج هذا الملك، (راجع: Nuri. Ibid. Fig. 137, Pl. XLVII & p. 180–182).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤