مقدمة المؤلف

أقول أنا الحقير المفتقر إلى عفو ربي يوسف الدبس مطران بيروت الماروني، لما كان الله دعاني بنعمته إلى خدمته ونفع عباده، رأيت متحتمًا عليَّ أن أصرف ما منَّ عليَّ به من القوة والعمر لاكتساب مرضاته بإفادة أبناء جلدتي، والاتجار بالوزرات التي عهد إليَّ بها؛ فعكفت على تأليف عدة كتب ووضع بعض ترجمات، وكان أهمها وأنفعها عندي إنشاء تاريخ لسورية موطننا العزيز، فصرفت في تأليفه نحوًا من عشر سنين، وقد نُجز بعون الله وطُبع في ثمانية مجلدات ضخمة؛ لأني بسطت الكلام وتطرقت فيه إلى ما يلتحم معه أو يعود بالنفع على قارئيه، على أنه كان لا بد من إيجازه ليتيسر اقتناؤه ومطالعته، ولا سيما ليكون هذا الموجز صالحًا لتعليم طلبة المدارس تاريخ بلادهم، فتراهم حتى الآن يفقهون تاريخ أمريكا وأوروبا وإفريقيا وهم عن تاريخ بلادهم غافلون.

وقسمت هذا الموجز إلى ستة مقالات أتكلم في كل منها على دورٍ من الأدوار الستة، التي تعاقبت على سورية من قبيل الولاية عليها، فكان كلامي في المقال الأول في تاريخ سورية وسكانها منقسمون إلى قبائل مستقلة مع تعاقب سلطات المصريين والآشوريين والفرس على تلك القبائل أو بعضها، والمقال الثاني في تاريخ سورية في أيام ولاية إسكندر الكبير وخلفائه، والثالث في تاريخها في أيام القياصرة الرومانيين، والرابع في تاريخها على عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والفاطميين، والخامس في تاريخها في أيام الأيوبيين والمماليك البحرية والجراكسة، والسادس في تاريخها على عهد العثمانيين العظام — أدام الله ملكهم ما كرت الأعوام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤