الفصل التاسع

في تاريخ سورية الدنيوي في القرن الحادي عشر

(١) في الخلفاء الفاطميين الذين تولوا سورية بهذا القرن وما كان في أيامهم

وقد تغلب على سورية من أواسط القرن العاشر الخلفاء الفاطميون، وانحسرت ولاية الخلفاء العباسيين واقتصرت على الخلافة الدينية، فبعد وفاة العزيز بالله المار ذكره خلفه ابنه المنصور الملقب الحاكم بأمر الله سنة ٩٩٧، وكان عمره إحدى عشرة سنة فقام بتدبير الملك أرجوان خادم أبيه، ولما شب الحاكم قتل أرجوان المذكور واستبد بملكه، وفي سنة ١٠٠٣ استعمل على دمشق أبا محمد الأسود.

وفي سنة ١٠١٢ ملك صالح بن مرداس حلب، وذلك أن ولاية حلب كانت مدة لبني حمدان وكان منهم سيف الدولة ممدوح المتنبي، ثم ابنه سعد الدولة المكنى أبا المعالي المار ذكرهما، وخلف أبا المعالي ابنه المكنى أبا الفضائل، وقام بتدبير ملكه لؤلؤ أحد موالي أبيه، ثم أخذ نصر بن لؤلؤ حلب من مولاه أبي الفضائل وخطب فيها للحاكم بأمر الله، وكانت وحشة بين نصر المذكور وصالح بن مرداس الكلابي أدت بينهما إلى حرب، فسلم الحاكم بأمر الله حلب إلى نواب من قبله، وبقيت على ذلك إلى بعد مقتله حين ولي على حلب ابن تعبان، فقصده صالح بن مرداس المذكور، فولاه الحلبيون مدينتهم لاستيائهم من المصريين وملك معها من بعلبك إلى عانة، فكان أصلًا لدولة بني مرداس بحلب؛ ولكي لا نبسط الكلام فيهم في تاريخ السنين جمعناه هنا كلفًا بزيادة الوضوح، كما فعل أبو الفداء في تاريخه الذي نلخص كلامه:

إن صالح بن مرداس ولي حلب سنين متطاولة، وفي سنة ١٠٣٠ جهز الضاهر الفاطمي جيشًا لقتال ابن مرداس وحسان أمير بني طي والي الرملة، فاتفق صالح وحسان على قتال الجيش المصري، وكان بين الفريقين قتال هلك به صالح وابنه الأصغر، ونجا ولده نصر فسار إلى حلب وملك فيها مكان أبيه، ولقب شبل الدولة، وفي سنة ١٠٣٩ جهز المستنصر بالله الفاطمي العساكر لقتال شبل الدولة، فالتقوا عند حماة، فقُتل شبل الدولة، وملك الدزبري قائد هذا الجيش حلب والشام، وعظم أمره وتوفي سنة ١٠٤٤.

وكان لصالح بن مرداس ولد يكنى أبا علوان، ويلقب معز الدولة، فبعد وفاة الدزبري ملك حلب، وبقي على ملكها إلى سنة ١٠٤٩، وأرسل إليه المصريون جيشهم فهزمهم مرات، ثم نزل لهم عن حلب فأرسلوا إليها رجلًا يقال له: الحسن بن ملهم ولقبوه مكين الدولة، وسار معز الدولة إلى مصر وكان لشبل الدولة الذي قتله الدزبري ابن اسمه محمود اتفق معه أهل حلب، وحصروا ابن ملهم سنة ١٠٦١، فأرسل المصريون عسكرًا لنجدة ابن ملهم ففر محمود من حلب، وقبض ابن ملهم على جماعة من الحلبيين وأخذ أموالهم، وسار العسكر في أثر محمود فعاد عليهم وهزمهم، وحاصر حلب فملك المدينة والقلعة واستقر محمود مالكًا فيها، فجهز المصريون عسكرًا أمروا عليه معز الدولة لقتال ابن أخيه محمود، فهزمه وعاد معز الدولة إلى ملك حلب سنة ١٠٦٢.

ثم توفي معز الدولة سنة ١٠٦٣ وأوصى بملك حلب لأخيه عطية، فتسلمه فجمع محمود عسكرًا وهزم عطية من حلب واستمر محمود مالكًا في حلب إلى أن مات سنة ١٠٧٦، وخلفه ابنه نصر فقتله التركمان سنة ١٠٧٧، وملك بعده أخوه سابق بن محمود واستمر مالكًا إلى سنة ١٠٨٠، حين أخذ حلب منه شرف الدولة مسلم بن قريش صاحب الموصل (عن أبي الفداء جزء ٢ صفحة ١٤٧).

ولنعد إلى الكلام في الحاكم بأمر الله، فنقول: كانت سيرته في أموره وأحكامه من أعجب السير وأغربها، وأعماله متناقضة يأمر بشيء ثم ينهى عنه يجود على رجل بمال ثم يقطع رأسه، يولي حاكمًا ثم يقتله، وهدم كنيسة القيامة بأورشليم، ثم أعاد بناءها وأمر المسيحيين أن يلبسوا السواد شعار العباسيين احتقارًا لهم، قال القرماني قال ابن الجزري: «ادعى الحاكم بالربوبية، وكان قوم إذا رأوه قالوا: «يا واحدٌ يا أحد يا مُحيي يا مميت».» وصنف له بعض الباطنية كتابًا ذكر فيه أن روح آدم انتقلت إلى الحاكم، وقُرئ هذا الكتاب بجامع القاهرة، فقصد الناس قتل مصنفه، فسيره الحاكم إلى جبال الشام، فنزل بوادي التيم وناحية بانياس فاستمال قلوب الناس وأباح لهم الخمر … وأقام عندهم يدعوهم فأضل منهم خلقًا كثيرًا، وفي وادي التيم ونواحي الشوف إلى يومنا هذا قوم يدعون الدروز، يعتقدون خروج الحاكم ولهم كتب يتدارسونها في ما بينهم ويعتقدون أن لا بد أن يعود الحاكم ويمهد الأرض، وقال الجعفري: «قدم إلى مصر رجل يقال له: محمد بن إسماعيل الدرزي من دعاة الطائفة الباطنية، ودخل في خدمة الحاكم ووافقه على دعواه بالربوبية، وكتب كتابًا يقول فيه: إن نفس آدم جازت إلى علي ومنه إلى أسلاف الحاكم حتى انتهت إلى الحاكم، وهو خالق الكون، وقرئ كتابه في أحد الجوامع، فهجم الناس عليه؛ ليقتلوه ففر منهم فأرسله الحاكم إلى بر الشام فنزل بوادي التيم، ونادى بإلهية الحاكم وانقاد الأمراء التنوخيون لدعوة الدرزي.» وكان عند الحاكم رجل آخر اسمه حمزة وهو عجمي ادعى إثبات إلهية الحاكم، ويقال: إن الدروز يكرمون حمزة ويلعنون الدرزي، وأصبحت كتب الدروز كثيرة بين أيدي الناس لكنها غامضة، ورمزية لا يمكن القطع بالمعنى المقصود بها.

وفي سنة ١٠٢١ خرج الحاكم يطوف ليلًا على عادته، فقتل وكان قد أحرق بعض مصر، ونهب بعضها ونكل بأهلها، وأوحش أخته المسماة سيدة الملك وتهددها بالقتل، فكادت عليه وقتلته بواسطة ابن دواس أحد قادته وأقامت مكانه ابنه عليًّا، وقتلت ابن دواس قاتل أخيها.

إن عليًّا ابن الحاكم الذي بُويع بالخلافة بعد مقتل أبيه سُمي الظاهر لإعزاز دين الله، ودبرت عمته سيدة الملك شئون المملكة لصغره أربع سنين، ثم توفيت، ومما كان في أيامه بسورية أن رومانس الثالث ملك الروم جهز أسطولًا سنة ١٠٢٨، وسيره إلى أنطاكية التي كانت حينئذٍ بيد الروم؛ ليسطو على شواطئ سورية فأتلف المسلمون كثيرين من عساكر الأسطول، ومن حامية مدن سورية التي كان نيقوفر ويوحنا سمسق قد أخذاها من يدهم، فسار رومانس بنفسه لقتال المسلمين، فأراعت حملته الأمراء ولاة سورية، وأرسل أمير حلب من بني مرداس إليه وفدًا طالبًا الصفح عما مضى، وواعدًا أن يبقي الجزية السنوية المضروبة على إمارته، فأبى الملك قبول ما وعده أمير حلب، وتوغل بسورية إلى مسيرة يومين فالتقته جيوش من العرب كانت مشتتة بالسهول، وأحاطوا بجيشه وقتلوا منه كثيرين وهزموا الباقين، فارتاع الملك وعظمت شجاعة المسلمين، وكادوا يأسرون الملك فسار بمن بقي من جيشه إلى أنطاكية، وعاد منها كئيبًا خجلًا إلى القسطنطينية، وأبقى بعض عساكره بأنطاكية فكان لقادته بعض النصر، واستردوا بعض المدن التي كانت قد أخذت منهم وفي جملتها أفامية المسماة أباميا في جهة حماة، وتعرف الآن بقلعة المضيق وتوفي الظاهر لإعزاز دين الله سنة ١٠٣٧.

وخلفه ابنه أبو تميم سعد ولقب المستنصر بالله، وكان بدمشق الدزبري واسمه أقوش تكين، وصلحت البلاد على يده لعدله، وكان وزير المستنصر يبغضه فأثار الجند بدمشق عليه، فخرج إلى بعلبك سنة ١٠٤٢ فمنعه عاملها من الدخول إليها، فسار إلى حماة فمُنع أيضًا وقوتل، فاستدعى بعض أوليائه من كفر طاب فنجدوه وسار إلى حلب فدخلها وتوفي بها، وفسد بعده أمر الشام وطمع العرب بنواحيه فولى الوزير على دمشق الحسين بن حمدان، وملك حسان بن مفرج فلسطين وزحف معز الدولة بن صالح بن مرداس إلى حلب، فملك المدينة كما مر آنفًا، وفي سنة ١٠٦٤ كانت بسورية زلازل خرب بها كثير من البلاد، وانهدمت أسوار طرابلس، وفي هذه السنة ولى المستنصر أمير الجيش بدرًا على دمشق، وثار عليه الجند ففارقها، وفي سنة ١٠٦٩ كانت فتنة بين المغاربة والمشارقة بدمشق واحترق الجامع الأموي، وعجز الناس عن إطفاء النار فدثرت محاسنه، وفي سنة ١٠٧٠ سار بدر أمير الجيش إلى مدينة صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عين الدولة بن عقيل وحاصرها، فأرسل القاضي إلى مقدم الأتراك بدمشق يستنجده، فسار في اثني عشر ألف فارس فحصر صيدا فرحل بدر عن صور إلى أن رجع الأتراك عن صيدا، فعاود حصارها فلم ينل منها مأربًا.

(٢) في بعض ملوك دولة السلجوقيين وما كان في أيامهم بسورية

ظهرت في هذا العصر الدولة السلجوقية، وبعد أن استتب الملك لألب أرسلان أحد ملوكها في خراسان والعراق وغيرهما أخذ ينازع الخليفة الفاطمي سورية، وفي سنة ١٠٧١ نزل ألب أرسلان على حلب فبذل له صاحبها محمود بن مرداس الطاعة دون أن يطأ بساطه، فلم يرض ألب أرسلان ذلك وحاصر المدينة، فخرج محمود ليلًا ودخل على السلطان فأقره في ملك حلب، ثم قصد يوسف الخوارزمي أحد أمراء ملكشاه بن ألب أرسلان الرملة ففتحها ثم فتح القدس، وحصر دمشق وضيق على أهلها فلم يقو على فتحها، وقتل السلطان ألب أرسلان سنة ١٠٧٣، وخلفه ابنه ملكشاه وعاد الأمير يوسف المذكور سنة ١٠٧٥ إلى دمشق، وحاصرها وفيها والٍ من قبل المستنصر، فلم يقو على فتحها وعاد إليها في السنة التالية، فسلمها أهلها إليه بالأمان، وخُطب فيها للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي، وتغلب على أكثر سورية لملكشاه السلجوقي ابن ألب أرسلان، وسار من سورية إلى مصر وحاصرها، وضيق على أهلها ولم يبق إلا أن يملكها، ولكن قوي بعد ذلك المصريون عليه وهزموه، وقيل: عاد بلا قتال إلى دمشق فرأى أهلها استمروا على الانقياد إليه، لكنه رأى أهل بيت المقدس قبحوا على أصحابه، وحصروهم في محراب داود، فقاتلهم وفتح المدينة عنوة ونهبها، وقتل من أهلها حتى من التجئوا إلى المسجد الأقصى، وكف عمن كانوا عند الصخرة، وأرسل بدر الجمالي أمير الجيوش بمصر عسكرًا لطرد الخوارزمي من دمشق، وكان السلطان ملكشاه أقطع أخاه تتش سورية، وما يفتحه فسار إلى حلب وحاصرها، فأرسل الخوارزمي يستمده على عسكر مصر، فسار تتش إلى دمشق فرحل عنها عسكر المصريين والتقاه الخوارزمي، فقبض عليه تتش وقتله وملك دمشق مكانه سنة ١٠٧٩ أو سنة ١٠٨٠.

ويظهر أن ملك السلجوقية لسورية لم يكن حينئذٍ ثابتًا، فإن مسلم بن قريش الملقب شرف الدولة صاحب الموصل حاصر حلب سنة ١٠٨٠، فسلمها أهله إليه، فأرسل ملكشاه إليه العساكر سنة ١٠٨٥، وهزمه من الموصل فعاد إلى حلب وسار سليمان بن قطامش السلجوقي صاحب قونية إلى سورية، فملك أنطاكية وكانت بيد ملوك الروم من سنة ٩٧٠، إذ فتحها نيقوفر فوقا وأرسل يبشر السلطان ملكشاه بفتح أنطاكية، وطلب شرف الدولة صاحب حلب من سليمان فاتح أنطاكية أن يحمل إليه ما كان يحمله إليه والي أنطاكية من الروم فأنكره عليه سليمان، فنهب شرف الدولة بلاد أنطاكية ونهب سليمان بلاد حلب، فانتشبت حرب بينهما انهزم فيها شرف الدولة والي حلب وقُتلن فولى الحلبيون أخاه إبراهيم أمرهم، فحاصر سليمان حلب ولم يبلغ منها مأربًا وما برح يحاول أخذها، فاستدعى بعض الحلبيين تتش صاحب دمشق أخا السلطان ملكشاه، فسار إليهم فتسعرت نار الحرب بينه وبين سليمان ابن عمه المذكور، فانهزم عسكر سليمان وقُتل هو، فأرسل تتش جثته ملفوفة بإزار إلى حلب ليسلمها أهلها إليه، فطاولوه إلى أن يرد مرسوم السلطان في أمرها، فحاصرها تتش وملكها، ولما بلغه خبر وصول جيش أخيه السلطان ملكشاه إلى حلب رحل عنها، وتوجه إلى دمشق فتسلم السلطان حلب، ودخل الأمير نصر بن منقذ الكناني صاحب شيزر في طاعته، وسلم إليه اللاذقية، وكفر طاب وأباميا، فأجابه السلطان إلى ما رغب وأضرب عن أن يملك هذه البلاد عنوةً، وأقر الأمير نصر المذكور على شيزر وسلم حلب إلى قسيم الدولة أقسنقر.

وفي سنة ١٠٨٩ جمع أقسنقر والي حلب عساكره، فضيق على الأمير نصر صاحب شيزر المذكور ثم صالح الأمير وعاد إلى حلب، وفي سنة ١٠٩٠ عمرت مأذنة جامع حلب وفيها خرجت عساكر مصر إلى الشام فحصروا مدينة صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عين الدولة بن أبي عقيل وتوفي القاضي المذكور وخلفه أولاده، فلم يقووا على مقاومة العسكر المصري، فسلموا المدينة إليه ثم سلمت إليه صيدا وافتتحوا عكا عنوة، وقصدوا جبيل فملكوها وأقاموا عمالًا في هذه المدن، وعادوا إلى مصر.

وفي سنة ١٠٩٢ أمر السلطان ملكشاه أقسنقر والي حلب أن يساعد أخاه تتش والي دمشق على انتزاع ما بقي بسورية في يد الخليفة الفاطمي، فنزلا على حمص فملكاها وسار تتش إلى عرقا ففتحها، ثم ملك أباميا وسار إلى طرابلس فامتنعت عليه، وفي سنة ١٠٩٣ توفي السلطان ملكشاه ثم توفي المستنصر الخليفة الفاطمي سنة ١٠٩٥.

ففي سنة ١٠٩٤ عزم تتش والي دمشق أن يطلب السلطنة بعد موت أخيه ملكشاه، ووافقه أقسنقر والي حلب وخطب له باغي سيان والي أنطاكية، وافتتح تتش الموصل وبغداد وديار بكر، وسار إلى أذربيجان وكان فيه بركيارق ابن أخيه، وخانه أقسنقر والي حلب فعاد تتش إلى سورية، وأخذ يجمع العساكر ويعد العدد وخاف أقسنقر والي حلب فطفق يحشد الجنود وأمده بركيارق، فالتقى الفريقان على مقربةٍ من حلب، فأخذ أقسنقر أسيرًا ثم قتله تتش وملك حلب، وتوغل في البلاد إلى أذربيجان وهمذان، وخطب له ببغداد المستظهر بالله الخليفة العباسي، وهرب ابن أخيه بركيارق إلى أصفهان، ثم جمع العساكر وعاد إلى محاربة عمه تتش فظهر عليه وقتله.

وكان لتتش ابنان رضوان ودقاق، فنودي برضوان ملكًا بحلب، وكان بدمشق سادتكين خادم تتش فاستدعى دقاق بن تتش وسلمه دمشق، فقتل دقاق خادم أبيه والمحسن إليه، واستبد بولاية دمشق سنة ١٠٩٨، وسار إليه أخوه رضوان ليأخذ دمشق منه، فلم ينل منها مأربًا وسار إلى القدس فلم يتيسر له فتحها فعاد إلى حلب، وقصده أخوه دقاق فالتقى الأخوان على قنسرين فانهزم دقاق وعسكره، ثم اتفقا على أن يخطب لرضوان بدمشق قبل دقاق، وفي سنة ١٠٩٩ كان وصول عساكر الإفرنج إلى سورية، كما سترى في تاريخ القرن الثاني عشر.

(٣) في بعض المشاهير السوريين في القرن الحادي عشر

أبو العلاء المعري

هو أحمد بن عبد الله أبي قضاعة التنوخي، وكنيته أبو العلاء، ولد بالمعرة سنة ٩٧٤، وكان أعمى لكنه كان علامة عصره، وله التصانيف الكثيرة المشهورة، وله من النظم لزوم ما لا يلزم في خمسة أجزاء طبع منها جزءان بمصر من عهدٍ قريب، وله كتاب سماه الزند وشرحه بنفسه، وسمي الشرح ضو السقط، وتأليف آخر سماه الأيك والغصون، وهو المعروف بالهمزة والردف في أجزاء كثيرة، وشرح ديوان المتنبي واختصر ديوان أبي تمام وشرحه، وشرح ديوان البحتري، وكثر الطلبة عنده من الآفاق وكاتبه العلماء والوزراء، وعزا بعضهم إليه فسادًا في عقيدته لبعض أشعاره المجونية، وبرأ بعضهم ساحته من الكفر وتوفي سنة ١٠٥٨.

عبد المحسن الصوري

هو أبو محمد عبد المحسن بن غلبون الصوري الشاعر المشهور شعره بديع الألفاظ حسن المعاني وله ديوان شعر أحسن فيه كل الإحسان، وقد توفي سنة ١٠٢٩.

العسقلاني

هو الشيخ أبو علي الحسن بن عبد الصمد العسقلاني صاحب الخطب المشهورة والرسائل المحبرة، وكان من فرسان النثر وله فيه اليد الطولى وله نظمٌ جيد، وقيل: إنه توفي مقتولًا بسجن في القاهرة سنة ١٠٩٠.

ابن حيوس الدمشقي

هو أبو الفتيان محمد بن سلطا … بن حيوس الملقب مصطفى الدولة الشاعر المشهور، وكان يدعى بالأمير؛ لأن أباه كان من أمراء المغرب وهو أحد الشعراء الشاميين المحسنين وفحولهم المجيدين، له ديوان شعر كبير وكان منقطعًا إلى بني مرداس أصحاب حلب وله فيهم القصائد الأنيقة، وحصلت له منهم نعمة ضخمة، فبنى دارًا بحلب وقد ولد بدمشق سنة ١٠٠٢، وتوفي سنة ١٠٨١ وهو غير ابن حيوس الشاعر المغربي.

ابن الخياط الدمشقي

هو أبو عبد الله بن محمد التغلبي المعروف بابن الخياط، ولد بدمشق سنة ١٠٥٩ وتوفي ١١٢٤، وهو شاعر مجيد وكاتب مبرز وكان تلميذًا لابن حيوس، وكان في هذا القرن في غير سورية الرئيس ابن سينا فيلسوف المسلمين الشهير، وأول من تعمق بدرس كتب أرسطو وعرف الناس بها، وله كتب كثيرة في الفلسفة والرياضيات وفي الطب خاصة حتى بلغ بعضهم تآليفه إلى مائة مؤلف، وولد ببلخ وانتقل منها إلى بخارة وتوفي سنة ١٠٣٨، ثم الثعالبي النيسابوري صاحب اليتيمة وغيرها من التآليف النفيسة وتُوفي سنة ١٠٣٨، ثم أبو إسحق الشيرازي صاحب التصانيف المفيدة منها المهذب والتنبيه واللمع، وشرحها في الفقه والنكث في الخلاف والمعونة والتلخيص في الجدل، وله شعرٌ حسن وُلِدَ سنة ١٠٠٣ وتُوفِّي سنة ١٠٨٤ وغيرهم.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤